188 من: (باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقةً بالله تعالى..)

 
60- باب الكرم والجود والإنفاق في وجوه الخير ثقةً بالله تعالى قَالَ الله تَعَالَى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ [سبأ:39].
وقال تَعَالَى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ [البقرة:272].
وقال تَعَالَى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ [البقرة:273].
1/544- وعَنِ ابنِ مسعودٍ ، عن النَّبيِّ ﷺم قَالَ: لا حَسَدَ إِلَّا في اثنتينِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّه مَالًا فَسَلَّطَه عَلَى هَلَكَتِهِ في الحَقِّ، وَرَجُلٌ آتَاه اللَّه حِكْمَةً، فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُها متفقٌ عليه.
2/545- وعنه قالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِليه مِن مَالهِ؟ قالُوا: يَا رَسولَ اللَّه، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِليه، قَالَ: فَإِنَّ مَالَه مَا قَدَّمَ، وَمَالَ وَارِثهِ ما أَخَّرَ رواه البخاري.
3/546- وعَن عَدِيِّ بنِ حَاتِمٍ : أَن رسولَ اللَّه ﷺ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ متفقٌ عليه.
4/547- وعن جابرٍ قَالَ: مَا سُئِل رسولُ اللَّه ﷺ شَيئًا قَطُّ فقالَ: لا. متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث مع الآيات الكريمات فيها الحثّ على الإنفاق والجود والكرم، وأنه ينبغي للمؤمن أن يُحْسِن، وأن يُنْفِق مما أعطاه الله، قال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ، وقال تَعَالَى: وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ، وقال تعالى: آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ [الحديد:7]، وقال تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [التغابن:16]، وقال تعالى: الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة:274].
والنبي ﷺ حثَّ الناسَ على الصدقة، ورغَّب في الصدقة، فقال ﷺ: أيُّكم ماله أحبّ إليه من مال وارثه؟ فقالوا: يا رسول الله، كلنا ماله أحبّ إليه من مال وارثه، فقال: فإنَّ مال أحدِكم ما أنفق وقدَّم، ومال وارثه ما أخَّر، ويقول عليه الصلاة والسلام: اليد العُليا خيرٌ من اليد السُّفلى، وابدأ بمَن تعول، ويقول ﷺ: اتَّقوا النارَ ولو بشِقِّ تمرةٍ، ويقول في حديث عدي بن حاتم: ما منكم من أحدٍ إلا سيُكلِّمه ربُّه، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتَّقوا النارَ ولو بشِقِّ تمرةٍ.
فالجدير بالمؤمن أن يُنفق ويُحسن يرجو ما عند الله من المثوبة، لا رياء، ولا سمعة، بل يريد وجهَ الله والدار الآخرة.
كذلك ما سُئِلَ ﷺ عن شيءٍ إلا أعطاه، فقد كان أجود الأجودين عليه الصلاة والسلام، وأكرم الأكرمين، فكان يُعطي السَّائلين، وربما أعطى قومًا وغيرهم أحبّ إليه منهم، قال عليه الصلاة والسلام: وأَدَعُ أقوامًا لما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، منهم: عمرو بن تغلب كما تقدّم.
فالمقصود أنَّه ﷺ كان أجود الناس، وكان يُعطي عطاء مَن لا يخشى الفقر، إن تيسر شيءٌ أعطى، وإلا وعد خيرًا عليه الصلاة والسّلام.

الأسئلة:
س: لو أخذ إنسانٌ له عائلة بهذا الحديث الأخير، وكانت له نفقة العائلة، فسأله سائلٌ، فأراد هذه السّنة من نفقة العائلة الضَّرورية، فيكون ..؟
ج: لا، العائلة أحقّ، النَّفقة الواجبة أحقّ.
س: لو قال: "أثق بالله أنَّه سيُخلف عليَّ" ما يكون محمودًا؟
ج: الذي يظهر أنه يجب أن يُقدِّم النَّفقة الواجبة، وهذا يَعِدُه خيرًا: إن شاء الله في وقتٍ آخر.
س : ما معنى قوله: سلَّطَه على هَلَكَتِه في الحقِّ؟
ج: يعني: أنفقه في الحقِّ.