175 من حديث: (عن سعد بن أبي وقاص رضي اللَّه عنه قال: "إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله،..)

 
10/500- وعَنْ سَعد بن أَبي وَقَّاصٍ قَالَ: "إِنِّي لأَوَّلُ العَربِ رَمَى بِسَهْمٍ في سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُو مَعَ رسولِ اللَّهِ ﷺ مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ الحُبْلَةِ وَهذا السَّمُرُ، حَتى إِنْ كانَ أَحَدُنا لَيَضَعُ كما تَضَعُ الشَّاةُ ما لَهُ خَلْطٌ" متفقٌ عَلَيْهِ.
11/501- وعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قالَ رسول اللَّه ﷺ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا متفقٌ عليه.
12/502- وعن أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: واللَّه الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ، إِنْ كُنْتُ لأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الجُوعِ، وإِنْ كُنْتُ لأَشُدُّ الحَجَرَ عَلَى بَطْني منَ الجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يوْمًا على طَرِيقهِمُ الذي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ بي النَّبِيُّ ﷺ، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وعَرَفَ مَا فِي وَجْهي ومَا فِي نَفْسِي، ثُمَّ قال: أَبا هِرٍّ، قلتُ: لَبَّيْكَ يَا رسولَ اللَّه، قَالَ: الْحَقْ ومَضَى، فَاتَّبَعْتُهُ، فدَخَلَ فَاسْتَأْذَنَ، فَأذنَ لِي فدَخَلْتُ، فوَجَدَ لَبَنًا في قَدحٍ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هذَا اللَّبَنُ؟ قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلانٌ أَو فُلانة، قَالَ: أَبا هِرٍّ، قلتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول اللَّه، قَالَ: الْحَقْ إِلى أَهْلِ الصُّفَّةِ فادْعُهُمْ لِي، قَالَ: وأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلام، لا يَأْوُون عَلى أَهْلٍ، وَلا مَالٍ، وَلا عَلَى أَحَدٍ، وكانَ إِذَا أَتَتْهُ صدقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ، ولَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وإِذَا أَتَتْهُ هديَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ، وأَصَابَ مِنْهَا، وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فسَاءَني ذلكَ فَقُلْتُ: وَمَا هذَا اللَّبَنُ في أَهْلِ الصُّفَّةِ؟ كُنْتُ أَحَقَّ أَن أُصِيبَ منْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذا جاءُوا وأَمَرنِي فكُنْتُ أَنا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَن يَبْلُغَني منْ هَذَا اللَّبَنِ، ولَمْ يَكُنْ منْ طَاعَةِ اللَّه وطَاعَةِ رسوله ﷺ بُدٌّ، فأَتيتُهُم فدَعَوْتُهُمْ، فأَقْبَلُوا واسْتَأْذَنوا، فَأَذِنَ لهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ الْبَيْتِ، قَالَ: يَا أَبا هِرٍّ، قلتُ: لَبَّيْكَ يَا رسولَ اللَّه، قَالَ: خُذْ فَأَعْطِهِمْ، قَالَ: فَأَخَذْتُ الْقَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ، فيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يردُّ عليَّ الْقَدَحَ، فَأُعطيهِ الرجلَ، فَيَشْرَبُ حَتَّى يروَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَليَّ الْقَدحَ، فيشربُ حتى يروى، ثم يردُّ عليَّ القَدَحَ، حتَّى انْتَهَيتُ إِلى النَّبِيِّ ﷺ، وَقَدْ رَوِيَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ الْقَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِليَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: أَبا هِرٍّ، قلتُ: لَبَّيْكَ يَا رسول اللَّه، قَالَ: بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ، قلتُ: صَدَقْتَ يَا رسولَ اللَّه، قَالَ: اقْعُدْ فَاشْرَبْ، فَقَعَدْتُ فَشَربْتُ، فَقَالَ: اشْرَبْ، فشَربْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: اشْرَبْ حَتَّى قُلْتُ: لا وَالَّذِي بعثكَ بالحَقِّ، ما أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: فَأَرِني، فأَعْطَيْتُهُ الْقَدَحَ، فحَمِدَ اللَّه تَعَالَى وَسمَّى وَشَرِبَ الفَضلَةَ. رواه البخاري.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحثِّ على الصبر والاكتفاء بالقُوت وعدم التَّكلف في جمع الدنيا حتى لا تشغله عن الآخرة، وبيان حال المهاجرين ذاك الوقت في عهده ﷺ، وما أصابهم من الشدة، وما أصاب النبيَّ عليه الصلاة والسلام من الشدة والجوع، وتقدم أنه ربما خرج من الجوع، وربما ربط على بطنه الحجر، وتقدم خروجه مع الصديق وعمر من بيوتهم، ما أخرجهم إلا الجوع، حتى ذهبوا إلى بعض الأنصار فأضافهم.
وفي هذا يقول سعد بن أبي وقّاص أنَّهم كانوا يغزون مع النبي ﷺ في بعض الأحيان وليس لهم قوتٌ إلَّا ورق الشجر؛ من شدة الحاجة، حتى يضعون كما تضع الدَّابة؛ مما يأكلون من ورق الشجر، فهذا يدل على صبرهم رضي الله عنهم، وأنهم أصابتهم الشدةُ فصبروا حتى نصر الله بهم الحقَّ، وأقام بهم الدين، وكان يقول ﷺ: اللهم اجعل رزقَ آل محمدٍ قوتًا يعني: كفافًا، يكفيهم من غير توسُّعٍ.
وفي قصة أبي هريرة مع أهل الصُّفَّة دلالة على صدق نبوته ﷺ، وما جعل الله على يده من البركة والخير عليه الصلاة والسلام، فكان أبو هريرة قد أصابته الشدةُ والجوع، وربما ربط الحجرَ على بطنه، واتَّكأ على بطنه من شدة الجوع.
فخرج ذات يوم على الطريق، فصادفه النبيُّ ﷺ، فتبسَّم لما رآه وقال: امشِ معنا، فتوجَّه به إلى البيت، فلما جاء إلى البيت إذا هو بهديةٍ من لبنٍ، فقال لأبي هريرة: ادع أهل الصُّفة، وكان يقول له في بعض الأحيان: أبا هرٍّ وأبا هريرة؛ لهرَّةٍ كانت عنده، فذهب إليهم، وكانوا ضيوفَ الإسلام في المسجد، ما لهم مالٌ يأوون إليه، فهم غرباء ضعفاء، وكان النبي ﷺ يُرسِل الصدقةَ إليهم، ويُعطيهم من الهدايا التي ترد إليه عليه الصلاة والسلام، فدعاهم، وعظم على أبي هريرة أن يدعو أهل الصُّفة واللبن قليل: وماذا يكون اللبنُ مع أهل الصفة وأنا محتاج؟! وأنا أريد أن أشرب كثيرًا! فاشتدَّ عليه الأمر.
فلما جاءوا وأخذوا مجالسَهم -وكانوا سبعين- أمر النبيُّ ﷺ أبا هريرة أن يطوف عليهم بالقدح، فطاف عليهم وشربوا ورووا، هذا يشرب، وهذا يشرب، والقدح يزيد فيه اللبن ولا ينقص، قد جعل الله فيه البركة، فكلما شربوا درَّ اللبنُ وزاد، حتى رووا جميعًا من هذا القدح.
ثم أتى أبو هريرة بالقدح وفيه بقية اللبن، فقال له النبيُّ ﷺ: يا أبا هريرة، بقيتُ أنا وأنت يعني: شرب الناسُ وما بقي إلا أنا وأنت، فقال أبو هريرة: صدقتَ يا رسول الله، ثم قال: اجلس، وكان واقفًا، فجلس، ثم قال له: اشرب، فشرب، ثم قال له: اشرب، فشرب، ثم قال له: اشرب، فشرب، حتى قال: والذي بعثك بالحقِّ، لا أجد له مسلكًا، يعني: روي، فقد أنزل الله البركة في هذا اللبن، ثم أخذ النبيُّ ﷺ الفضلةَ، فحمد الله وسمَّى وشرب عليه الصلاة والسلام.
ففي هذا دلالة على كرم أخلاقه ﷺ وصبره، فقد بدَّى المهاجرين، وبدَّى أبا هريرة، ثم شرب الفضلة عليه الصلاة والسلام.
وفيه دلالة على صدق نبوته، وأنه رسول الله حقًّا، فهذا القدح الذي فيه القليل من اللبن كفى الأمة الكبيرة، وكفى أبا هريرة وكان في غايةٍ من الجوع والظَّمأ، ثم بقيت فضلةٌ شربها عليه الصلاة والسلام، وهذا من علامات النبوة، ومن دلائل الرسالة، وأنه رسول الله حقًّا، وأن الله يجعل البركةَ فيما يُباشره ﷺ من الطعام والشراب، آية على نبوته وصدق رسالته، وأنه رسول الله حقًّا.
وقد وقع له هذا كثيرًا مع الصَّحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في أطعمتهم، ووقع له ذلك أيضًا في غزوة تبوك؛ لما جمعوا ما عندهم من فضل الأزواد -كسر الخبز، والشيء القليل من الشعير وغيره- ودعا فيه بالبركة، فصار شيئًا عظيمًا، حتى ملؤوا منه أوعيتهم، وهكذا قصة أبي دُجانة، وغير ذلك، اللهم صلِّ وسلِّم على محمدٍ.

الأسئلة:
س: قوله ﷺ لأبي هريرة: اقعد؟
ج: يدل على أنَّ الشُّرب قاعدًا أفضل كما تقدم.
س: كيف يكون خلاف ..؟
ج: جائز، ولكن القعود أفضل.
س: رواه البخاري أم مسلم؟
ج: المؤلف عزاه للبخاري.
س: .................؟
ج: دلائل النبوة كثيرة عليه الصلاة والسلام.
س: إذا دخل رسول الله ﷺ على أصحابه وهم جلوسٌ هل كان يُصافحهم أم يُسَلِّم عليهم ثم يجلس حيث ينتهي به المجلس؟
ج: يجلس حيث ينتهي به المجلس عليه الصلاة والسلام.
س: والمُصافحة؟
ج: ما بلغنا، كان الصحابةُ إذا تلاقوا تصافحوا، وإذا دخل لم يقوموا له، ويجلس حيث ينتهي به المجلس عليه الصلاة والسلام.
س: حديث المُصافحة؟
ج: سنة، إذا تصافحوا سنة، لكن ما بلغنا أنهم كانوا يقومون ويُصافحونه؛ لأنه قد يُكلِّف هذا كثيرًا.
الكرامات كلها خوارق عادات، لكنها إذا كانت مع الأنبياء تُسَمَّى: معجزة، ومع الصالحين تُسَمَّى: كرامة.
س: الدَّبابة سريعة جدًّا، تقريبًا ثلاثمئة كيلو في الساعة، يعني: من باب المُخاطرة، فهل يجوز ركوبها؟
ج: إذا لم يكن فيها خطرٌ فلا بأس.
س: فيها خطر: ثلاثمئة كيلو في الساعة؟
ج: ما نعرف هذا، وأهل الخبرة بها أدرى في هذا.
س: إذا كان الرجلُ على جنابةٍ: هل يجوز له أن يسمع القرآن؟
ج: له أن يسمع القرآن، لكن لا يقرأ حتى يغتسل، أما السماع فلا بأس، لكن لا يمس المصحفَ ولا يقرأ حتى يغتسل.
س: ولو كان له وِرْدٌ؟
ج: الورد ما يُخالِف، لكن ما هو بقرآنٍ، فالورد من التَّسبيح والتَّهليل.
س: كثير من أهل السّبالات من كبار السن يسبلون البيوت –يوقفون البيوت في الوصايا- ويترضى الأبناء في حال الحياة، فهل يجوز لهم؟
ج: لهم وقف البيوت إذا نجَّزوا ولا بأس، أمَّا إذا علَّقوا بالموت فلا يكون لهم إلا الثلث.
س: أقصد إذا كان الورثةُ مُتراضين في حال حياته؟
ج: حتى لو ما رضوا، فلا بأس أن يُوقِف ما شاء من ملكه، وليس رضاهم شرطًا في ذلك، وإنما هو شرط في الوصية، ففي الوصية له الثلث، إلا أن يرغبوا في الزيادة، أمَّا إذا كان صحيحًا ووقف وقال: هذا البيت وقفٌ لي، أو أوقفه لغيره وهو صحيح؛ فإنه يمضي كله، ولو ما رضي الورثة.
س: لو أوقف كلَّ ماله هل يجوز له؟
ج: نعم يجوز، لكن الأفضل له ألا يفعل ذلك مثلما قال النبيُّ ﷺ لسعدٍ ولأبي لبابة ............. قال النبي: أمسك عليك بعضَ مالك فهو خيرٌ لك، فكونه يترك بعضَ المال أفضل، حتى لا يحتاج.
س: ألم يأمر رسولُ الله ﷺ أهل الصُّفة الموجودين في المسجد بالعمل؟
ج: كل الناس مأمورون بالعمل، لكن قد يكون فيهم أناس ما يستطيعون العمل، وقد لا يجد آخرون عملًا، فليس كل الناس يجد عملًا.
س: بالنسبة لقراءة القرآن: هل لا بد من الوضوء؟
ج: إذا لم يكن جنبًا لا بأس أن يقرأ من غير مصحف -عن ظهر قلب- إن لم يكن على طهارةٍ، يعني: يقرأ حفظًا.
س: مس المصحف لا بد فيه من الوضوء؟
ج: نعم لا بد من الوضوء.
س: نهي الرسول ﷺ للصحابة عن قولهم: أنت سيدنا، بأن قال: إنما السيد الله، كيف نجمع بينه وبين قوله ﷺ: أنا سيد ولد آدم ولا فخر؟
ج: قال لهم هذا لئلا يجرّهم إلى الغلو، فقد خاف عليهم الغلو، قال: قولوا بقولكم أو ببعض قولكم، ولا يَسْتَهْوِيَنَّكم الشيطان، أما بعد موته ما عاد ..............
س: التَّأجير المُنتهي بالتَّمليك؟
ج: ما صدرت فيه فتوى بعد.
س: أيضًا لم يكن يُخبر بأنه سيد ولد آدم؟
ج: هو سيد ولد آدم، لكن كره أن يُشافهوا بهذا في حياته ﷺ، خاف عليهم من الغلو.