178 من حديث: (يا ابن آدم إنك أن تبذل الفضل خير لك وأن تمسكه شرّ لك..)

 
20/510- وعن أَبي أُمامة قَالَ: قالَ رسولُ اللَّه ﷺ: يَا ابْنَ آدمَ، إِنَّكَ أَنْ تَبْذُل الفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَن تُمْسِكَهُ شرٌّ لَكَ، ولا تُلامُ عَلى كفَافٍ، وَابدأ بِمَنْ تَعُولُ رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
21/511- وعن عُبَيداللَّه بِن مِحْصَنٍ الأَنْصارِيِّ الخَطْمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: مَنْ أَصبح مِنكُمْ آمِنًا في سِرْبِهِ، مُعَافًى في جَسدِه، عِندهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحذافِيرِها رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
22/512- وعن عبدِاللَّه بن عمرو بنِ العاصِ رضي اللَّه عنهما: أَن رَسُولَ اللَّه ﷺ قَالَ: قَدْ أَفْلَحَ مَن أَسْلَمَ، وكَانَ رِزْقُهُ كَفَافًا، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ رواه مسلم.
23/513- وعن أَبي مُحَمَّد فَضَالَةَ بنِ عُبَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ : أَنَّهُ سَمِعَ رسول اللَّه ﷺ يَقُولُ: طُوبَى لِمَنْ هُدِيَ إِلى الإِسلام، وَكَانَ عَيْشهُ كفَافًا، وَقَنِعَ رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كالتي قبلها في الحثِّ على عدم التَّكلف في الدنيا، وعدم التطلع إلى زينتها وشهواتها؛ لأنَّ هذا قد يصدّه عن الآخرة، ولكن ينبغي للمؤمن أن تكون همته عاليةً في طلب الآخرة والاستعداد لها، والاكتفاء بما يسَّر الله من أمر الدنيا.
ولهذا جاء في هذا الحديث: يا ابن آدم، إنَّك أن تبذل الفضلَ خيرٌ لك، وأن تُمْسِكه شرٌّ لك، الفضل: المال، وكونه يُنْفِق ويُحْسِن من الفضل خيرٌ له، والإمساك شرٌّ له، ولهذا جاء في الحديث الصحيح: اليد العُليا خيرٌ من اليد السُّفلى، وابدأ بمَن تعول.
ولا تُلام على كفافٍ: ما يُلام على كفافٍ إذا طلب الرزقَ واجتهد فيما يكفيه ويُغنيه عن الناس.
وابدأ بمَن تعول يعني: في الصَّدقة والإحسان والنَّفقة ابدأ بمَن تعول، فالمؤمن يُلاحِظ أنَّ الإنفاق والإحسان من الفضل خيرٌ له، وأنَّ الإمساك والبخل شرٌّ له، وأنه لا يُلام على كفافٍ، كما قال ﷺ: قد أفلح مَن أسلم، ورُزِقَ كفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه، وتقدم قوله ﷺ: اللهم اجعل رزقَ آل محمدٍ قوتًا.
فالمؤمن يجتهد فيما يُغنيه عن الناس، ويسدّ حاجته: بالبيع والشراء، بالاحتشاش، بالاحتطاب، بالتجارة، أو بغير هذا، ولا يُلام على كفافٍ، ولكن يُستحب له ويُشرع له الإنفاق من الفضل، والحرص على الإحسان والجود والكرم.
وفي الحديث يقول ﷺ: مَن أصبح مُعافًى في سِرْبِه يعني: في منزله وسكنه، مُعافًى في بدنه، عنده قوت يومه، وفي اللفظ الآخر: قوت يومه وليلته، فكأنما حِيزَت له الدنيا بحذافيرها.
ويقول ﷺ: قد أفلح مَن أسلم، ورُزِقَ كفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه، فكون الإنسان يُرزق الكفاف حتى لا يحتاج إلى الناس، ويُرزق القناعة حتى لا يطلب المزيد الذي يشغله عن الآخرة؛ فله فوز وظفر.
فالمقصود من هذا كله الحثّ على عدم التطلع إلى المزيد من الدنيا، والجمع لها، والمباهاة فيها، والحرص على التجارة فيها التي قد تصدّه عن الآخرة، أمَّا ما يحصل به الكفاية والغنية عمَّا في أيدي الناس فهو مطلوبٌ.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:
س: ما معنى: وكان عيشُه كفافًا؟
ج: يعني: يكفيه ولا يحتاج معه إلى الناس.
س: قول الإمام أحمد: "مَن ترك الوترَ باستمرار فهو رجلٌ فاسقٌ"؟
ج: "رجل سوء"، هذا اجتهادٌ منه، فالوتر ليس بواجبٍ، بل هو سنة مؤكدة ولازم، ولكن كلامه غير صحيح من جهة الأدلة الشرعية.
س: إذا تركه يكون آثمًا؟
ج: لا، ليس آثمًا، فالرسول لما علَّم الرجلَ الصَّلوات الخمس قال له الرجل: هل عليَّ غيرها يا رسول الله؟ قال: لا، إلا أن تطوع.
س: ما معنى: طُوبى لمَن هُدِيَ إلى الإسلام؟
ج: مثلما تقدم: ...............، مَن رُزِقَ كفافًا، وقنَّعه الله بما آتاه، وطوبى يعني: الجنة.
س: كيف نعرف الفقير والمسكين؟ وكيف نُفَرِّق بينهما؟
ج: مَن ظاهره الفقر تُعْطِه.
س: كلٌّ يدَّعي اليوم الفقر؟
ج: ولو، تسأل عنه إذا كانت عندك زكاة، فتسأل الذين يعرفون حاله، وإذا لم يكن فيه شيءٌ يدل على غناه تُعطه، فالرسول ﷺ لما تقدَّم إليه شخصان قويَّان قال: إن شئتُما أعطيتُكما، ولا حظَّ فيها لغنيٍّ، ولا لقويٍّ مُكْتَسِبٍ، فعليك أن تُعلمه وأنت تعطيه الزكاة وتقول: إن كنتَ من أهلها فلا بأس، إذا كنت تشكّ.
س: ما تعريف الفقير؟ وما تعريف المسكين؟
ج: الفقير: شديد الحاجة، والمسكين: الذي عنده بعض الشيء.
س: عنده بعض الشيء في خلال العام أم اليوم؟
ج: لا، العام، فعنده كسبٌ ولكن لا يكفيه.
س: قد يكون قويًّا ولكن لا يجد عملًا؟
ج: يُعْطَى من الزكاة، لا بدّ أن يكون قويًّا وعنده كسبٌ، والذي ما عنده كسبٌ يُعْطَى.
س: رجل دخل المسجد والإمام في التّحيات في الركعة الأخيرة والصف قد اكتمل، هل يجلس ويُصلي وحده؟
ج: يُصلي وحده.
س: هل يصفّ في الصف؟
ج: لا، يُصلي وحده.
س: يعني: ما يدخل مع الجماعة؟
ج: لا، ما يدخل مع الجماعة ما دام أنه لم يجد فرجةً.
س: طيب وإن صلَّى هل تلزمه الإعادة؟
ج: نعم، فالرسول ﷺ أمر بالإعادة مَن صلَّى وحده.
س: قوله: إنَّك أن تُمْسِك الفضل شرٌّ لك من أن تنفقه ما زاد عن حاجته؟
ج: نعم، فكون الإنسان عنده مال وسعة ولا يُنْفِق شرًّا له، والإنفاق خيرٌ له.