7/464- وعن جابرٍ : أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ مَرَّ بِالسُّوقِ وَالنَّاسُ كنفتيه، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ، فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟ فَقالوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟! ثُمَّ قَالَ: أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟ قَالُوا: وَاللَّه لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْبًا أنَّه أَسَكّ، فكَيْفَ وَهو مَيِّتٌ؟! فقال: فَوَاللَّه للدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلى اللَّه مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ رواه مسلم.
9/465- وعن أَبي ذرٍّ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في حَرَّةٍ بِالمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبلَنَا أَحُدٌ، فقال: يَا أَبَا ذَرٍّ، قلت: لَبَّيْكَ يَا رسولَ اللَّه، فقال: مَا يَسُرُّني أَنَّ عِنْدِي مِثلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهبًا تَمْضِي عَلَيَّ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ وعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا شَيْءٌ أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ في عِبَاد اللَّه هكَذَا وَهَكَذا وَهَكَذا عن يَمِينهِ، وعن شِمَالِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ سَارَ فقال: إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَومَ القيامةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ بالمَالِ هكذَا وَهكَذَا وَهَكَذا عن يمينهِ، وعن شمالهِ، ومِنْ خَلفه، وَقَليلٌ مَا هُمْ.
ثُمَّ قَالَ لي: مَكَانَك لا تَبْرَحْ حَتَّى آتيَكَ، ثُمَّ انْطَلَقَ في سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى، فسَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ، فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ عَرَضَ للنَّبِيِّ ﷺ، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْله: لا تَبْرَحْ حَتَّى آتيَكَ، فلم أَبْرَحْ حَتَّى أَتَاني، فَقُلْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوتًا تَخَوَّفْتُ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فقال: وَهَلْ سَمِعْتَهُ؟ قلت: نَعَم، قَالَ: ذَاكَ جِبريلُ أَتاني فقال: مَن ماتَ مِنْ أُمَّتِكَ لا يُشرِكُ باللَّه شَيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، قلتُ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ متفقٌ عليه، وهذا لفظ البخاري.
10/466- وعن أبي هريرة ، عَنْ رسولِ اللَّه ﷺ قَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِثلُ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسرَّني أَنْ لا تَمُرَّ علَيَّ ثَلاثُ لَيَالٍ وَعِندِي مِنْهُ شَيءٌ، إلَّا شَيءٌ أَرْصُدُه لِدَينٍ متفقٌ عليه.
9/465- وعن أَبي ذرٍّ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ في حَرَّةٍ بِالمَدِينَةِ، فَاسْتَقْبلَنَا أَحُدٌ، فقال: يَا أَبَا ذَرٍّ، قلت: لَبَّيْكَ يَا رسولَ اللَّه، فقال: مَا يَسُرُّني أَنَّ عِنْدِي مِثلَ أُحُدٍ هَذَا ذَهبًا تَمْضِي عَلَيَّ ثَلاثَةُ أَيَّامٍ وعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا شَيْءٌ أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، إِلَّا أَنْ أَقُولَ بِهِ في عِبَاد اللَّه هكَذَا وَهَكَذا وَهَكَذا عن يَمِينهِ، وعن شِمَالِهِ، وَمِنْ خَلْفِهِ، ثُمَّ سَارَ فقال: إِنَّ الأَكْثَرِينَ هُمُ الأَقَلُّونَ يَومَ القيامةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ بالمَالِ هكذَا وَهكَذَا وَهَكَذا عن يمينهِ، وعن شمالهِ، ومِنْ خَلفه، وَقَليلٌ مَا هُمْ.
ثُمَّ قَالَ لي: مَكَانَك لا تَبْرَحْ حَتَّى آتيَكَ، ثُمَّ انْطَلَقَ في سَوَادِ اللَّيْلِ حَتَّى تَوَارَى، فسَمِعْتُ صَوْتًا قَدِ ارْتَفَعَ، فَتَخَوَّفْتُ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ عَرَضَ للنَّبِيِّ ﷺ، فَأَرَدْتُ أَنْ آتِيَهُ فَذَكَرْتُ قَوْله: لا تَبْرَحْ حَتَّى آتيَكَ، فلم أَبْرَحْ حَتَّى أَتَاني، فَقُلْتُ: لَقَدْ سَمِعْتُ صَوتًا تَخَوَّفْتُ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ لَهُ، فقال: وَهَلْ سَمِعْتَهُ؟ قلت: نَعَم، قَالَ: ذَاكَ جِبريلُ أَتاني فقال: مَن ماتَ مِنْ أُمَّتِكَ لا يُشرِكُ باللَّه شَيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، قلتُ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ متفقٌ عليه، وهذا لفظ البخاري.
10/466- وعن أبي هريرة ، عَنْ رسولِ اللَّه ﷺ قَالَ: لَوْ كَانَ لِي مِثلُ أُحُدٍ ذَهَبًا لَسرَّني أَنْ لا تَمُرَّ علَيَّ ثَلاثُ لَيَالٍ وَعِندِي مِنْهُ شَيءٌ، إلَّا شَيءٌ أَرْصُدُه لِدَينٍ متفقٌ عليه.
الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها، فيها الدلالة على حقارة الدنيا، وأنها لا قيمة لها عند الله جلَّ وعلا، كما تقدَّم في قوله ﷺ: ما الدنيا في الآخرة إلا كما يُدْخِل أحدُكم أُصْبُعَه في اليَمِّ، فلينظر بما ترجع؟، وهكذا لما مرَّ بالجدي الأسك قال لأصحابه: هل يُحب أحدُكم أن يكون هذا له؟ فقالوا كلهم: لا قيمةَ له، قال: لدنيا عند الله أهون عليه من هذا عليكم، فهذا يدل على حقارتها، وأنها لا قيمةَ لها، بل هي زائلة: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185]، وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ [الرعد:26] متاع يتمتع به المسافر، فهذه الدار متاع يتزوَّد منها المؤمن لآخرته بالأعمال الصالحات وتقوى الله، ولا قيمةَ لها مهما طالت، ولو عُمِّر ألف عامٍ -عمر نوح- أو أكثر من ذلك فهو زائلٌ، فالواجب والحزم والكيس أن يعدَّ للآخرة، وأن يتزوَّد من هذه الدنيا للآخرة، وأن يحرص على تقديم ما ينفعه في الآخرة من مالٍ وعملٍ صالحٍ.
وهكذا قوله ﷺ حينما رأى أُحُدًا: ما أُحِبُّ أن يكون لي مثل أُحُدٍ ذهبًا، لو كان لي مثل أُحُدٍ ذهبًا لأنفقتُه في سبيل الله، ما تمر عليه ثلاثة أيام وعندي منه دينارٌ، إلا دينارٌ أرصده لدينٍ، فهذا فيه الحثُّ على النفقة، وأن المال إنما ينفع إذا أُنْفِق، ولهذا يقول ﷺ: لو كان له مثل أُحُدٍ ذهبًا ما مرَّت عليه ثلاثةُ أيام إلا وقد أنفقه، إلا دينارٌ يرصده لدينٍ، فهذا فيه الحث على الإنفاق.
ويقول ﷺ: إنَّ الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة، الأكثرون أموالًا في الدنيا هم الأقلون يوم القيامة، إلَّا مَن قال هكذا وهكذا وهكذا مَن تصدَّق وأنفق وأحسن.
فينبغي للمؤمن أن يكون ذا جودٍ وكرمٍ وإنفاقٍ وإحسانٍ، وألا يبخل: وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ [محمد:38]، فينبغي له أن يجود ويُحسِن إلى عباد الله، فالله جلَّ وعلا يقول: أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التوبة:38]، فالجود ينفع أصحابه في الدنيا والآخرة.
فجديرٌ بالمؤمن ألا يبخل بالدنيا، وأن يُنْفِق ويُحسِن مما أعطاه الله، يرجو ثوابَ الله، كلٌّ على قدره.
يقول ﷺ: اليد العُليا خيرٌ من اليد السُّفْلَى، واليد العليا هي المعطية المنفقة، والسُّفْلَى: الآخذة السَّائلة، اليد العليا خيرٌ من اليد السُّفلى، وابدأ بمَن تعول، وخير الصَّدقة ما كان عن ظهر غنًى، ومَن يستعفف يُعفَّه الله، ومَن يستغني يُغنه الله.
فالمشروع للمؤمن أينما كان أن يجود على إخوانه، وأقاربه، والفقراء، وغيرهم، وفي وجوه الخير: كتعمير المساجد، والمدارس، والرُّبُط للفقراء، وأشباه ذلك، فالمقصود أنه يتحرَّى النفقة في وجوه الخير متى أمكن، ولا يبخل، ولا يهمه المال، بل يهمه الإنفاق في وجوه الخير، كما قال ﷺ: لو كان لي مثل أحدٍ ذهبًا لأنفقتُه في سبيل الله، ما يسرني أن تمرَّ عليه ثلاثة أيام وعندي منه دينارٌ، إلا دينارٌ أرصده لدينٍ، فالدَّين مُقَدَّمٌ، فيجب أن يُعطي الدَّائنين حقَّهم، يعني: إلا شيء أحفظه حتى أُسَدِّد به الدَّائنين.
كذلك هذا يدل على فضل التوحيد، وأن مَن مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة، وإن كانت له ذنوبٌ وسيئات، لكن إن كانت له ذنوبٌ فهو تحت المشيئة؛ فقد يدخلها من أول وهلةٍ ويُعْفَى عنه، وقد يُعَذَّب ثم يُخرجه الله من النار، إذا مات على الذُّنوب ولم يتب، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فمَن مات على التوحيد فهو من أهل الجنة، ولو عُذِّبَ، ولو جرى عليه عذابٌ قبل ذلك؛ لذنوبه التي أَصَرَّ عليها، لكن مآله ومُنتهاه الجنة.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: قول الرسول ﷺ: أعظم الشرك أن يزني الرجلُ بحليلة جاره، هل يكون الزِّنى من الشرك؟
ج: هذا أعظم الزنى: أن يُزاني بحليلة جاره، وليس أعظم الشرك.
س: ولا يكون الزِّنى شركًا؟
ج: لا، هذا قرين، فالشرك أولًا، ثم القتل، ثم الزنى بزوجة الجار –نسأل الله العافية- لما قيل: أيُّ الذَّنب أعظم؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك، قال: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قال: ثم أي؟ قال: أن تُزاني بحليلة جارك، وفي اللفظ الآخر: قال: أكبر الكبائر: الإشراك بالله، ثم عقوق الوالدين، ثم شهادة الزور -نسأل الله العافية.
س: سنة إقامة الطواف: خاصَّة بطواف القُدوم؟
ج: نعم، طواف القدوم في الأشواط الثلاثة الأُوَل فقط، سواء كان طواف عمرةٍ أو حجٍّ.
س: الذي يحضُّ على زيادة القهوة والعزائم ونحو ذلك وهو لا يعزم ولا شيء؟
ج: جزاه الله خيرًا، ويُنْصَح أن يعمل بما قال، ولكن نصيحته للناس تنفع ولو بخل هو، فقد يجود البخيل، فإذا نصح ولو كان بخيلًا ينفع، لكن يُنْصَح ويُقال له: اعمل بما تقول.
س: الإعلان عن حلقات الذكر، والإعلان عن جوائز أو رحلات عليها؟
ج: الإعلان عن حلقات العلم حتى يحضرها الناسُ هذا طيب، يقال: في المسجد الفلاني حلقة علم أو دروس، ما فيها شيء، هذا طيب، من باب الدلالة على الخير، يقول النبيُّ ﷺ: مَن دلَّ على خيرٍ فله مثل أجر فاعله.
س: هل تُقْبَل الجوائز؟
ج: إذا لم يكن فيها ربا ولا قمار، وإذا لم تدفع لها أموالًا، بل تُعطاها دون أن تدفع أموالًا، مثل: مَن نجح يُعْطَى؛ فهذا لا بأس به، أمَّا أن يدفع أموالًا لعله ينجح فلا؛ هذا قمار.