541 من: (باب كراهة أنْ يسأل الإِنسانُ بوجه الله عز وجل غير الجنَّة..)

 
باب كراهة أنْ يسأل الإِنسانُ بوجه الله عز وجل غير الجنَّة وكراهة منع مَن سأل بالله تعالى وتشفَّع به
1/1722- عَنْ جابرٍ قَال: قالَ رسُولُ اللَّهِ ﷺ: لا يُسْأَلُ بوَجْهِ اللَّهِ إِلَّا الجَنَّةُ رواه أَبُو داود.
2/1723- وَعَن ابْن عُمَرَ رضِيَ اللَّه عنْهُما قَالَ: قَال رسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنِ اسْتَعَاذَ بِاللَّهِ فأَعِيذُوهُ، ومَنْ سَأَل باللَّهِ فَأَعْطُوهُ، وَمَنْ دَعَاكُمْ فَأَجِيبُوه، ومَنْ صنَع إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُموهُ حديثٌ صَحِيحٌ، رواهُ أَبُو داود والنسائي بأسانيد الصَّحيحين.

باب تحريم قوله: "شاهٍ شاه" للسلطان وغيره؛ لأن معناه: ملك الملوك ولا يُوصَف بذلك غير الله سبحانه وتعالى
1/1724- عَنْ أَبي هُريْرَةَ ، عن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ أَخْنَعَ اسمٍ عندَ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ رَجُلٌ تَسَمَّى: مَلِكَ الأَملاكِ متفق عَلَيه.
قال سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ: "مَلِكُ الأَمْلاكِ" مِثْلُ "شاهٍ شَاه".

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث تتعلق بالسؤال بوجه الله، والسؤال بالله، وقول فلان: "ملك الملوك"، والسؤال بوجه الله لا ينبغي إلا إذا كان يسأل الجنة وما يُقرِّب إليها؛ لقوله ﷺ: لا يُسأل بوجه الله إلا الجنة، والحديث في إسناده بعض الشيء، لكنه مُقاربٌ، تعظيمًا لله جل وعلا، وأنه لا يُسأل بوجهه إلا الشيء العظيم، وهو الجنة وما يُقرِّب إليها، كسؤال الثبات على الحق، والاستقامة على الهدى، وحُسن الختام، وأشباه ذلك؛ لأن هذا سؤال يؤدي إلى الجنة.
ومن هذا ما جاء في الحديث: أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظّلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة لما خرج من الطائف عليه الصلاة والسلام.
فالمقصود أنَّ سؤال الله بوجهه أو بنور وجهه إذا كان في الجنة وما يُقرِّب إليها فلا بأس.
وفي الحديث الثاني -حديث ابن عمر- الدلالة على أنه ينبغي مساعدة مَن سأل بالله، ومَن استعاذ بالله، ومَن دعا يُجاب الدعوة، قال النبي ﷺ: مَن سأل بالله فأعطوه يعني: تعظيمًا لهذا الأمر، إذا كان يستحق، فقير، أو مَن يطلب من الزكاة، أما إذا كان لا يستحق فيُمنع من السؤال، لكن مراده ﷺ إذا سأل بالله فهو أهلٌ للعطاء فيُعْطَى، إمَّا من الزكاة إن كان من أهلها، أو من غير الزكاة، يقول الله: وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ [الذاريات:19]، ويقول سبحانه: وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ [الضحى:10].
ومَن استعاذ بالله فأعيذوه إذا قال: "أنا عائذٌ بوجه الله أن تجبروني بكذا"، أو "أنا أعوذ بالله أن تُلزموني بكذا" يُعاذ، إلا إذا استعاذ بشيءٍ يلزمه، فإنه يُلزم بذلك، كأن يستعيذ بالله أن يُلزم بالصلاة، أو يُلزم بقضاء الدين، هذا ما يُطاع، يُلزم بالحق، لكن إذا استعاذ بالله في شيءٍ لا يلزمه يُعاذ، كأن يستعيذ بالله أن يُلزم بالسفر، أو بالزواج من فلانة، أو ما أشبه ذلك.
ومن هذا ما جاء عن ابن عمر : لما أراده عثمانُ على القضاء قال: "أعوذ بالله من ذلك"، فأعاذه عثمان ولم يُلزمه.
ومَن دعاكم فأجيبوه: إذا دعا إلى وليمةٍ يُجاب الدعوة، فالنبي ﷺ أمر بإجابة الدعوة، قال البراء: "أمرنا الرسولُ بسبعٍ"، وذكر منها إجابة الدعوة، وفي الحديث الصحيح: مَن لم يُجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله أخرجه مسلم.
فإذا دعا أخاه إلى وليمة عُرْسٍ أو عقيقةٍ أو إكرامٍ له بدعوةٍ خاصَّةٍ يُجيب الدعوة، إذا كان الدَّاعي ليس ممن يستحق الهجر، أما إذا كان الداعي يستحقّ الهجر لكونه قد أعلن المعاصي أو ما أشبه ذلك فلا بأس، لا يُجيب، ما يستحق الإجابة، ويكون ذلك عذرًا، أو كان الإنسانُ لا يستطيع لمرضه، أو لأنَّ الدعوة فيها منكر؛ لا يحضرها، فهذا عذرٌ له.
ومَن صنع إليكم معروفًا فكافئوه هذا من مكارم الأخلاق، إذا صنع إليك معروفًا تُكافئه: أنجاك من مظلمةٍ، حماك من عدوٍّ، قضى دَيْنَك، إذا تيسر لك مكافأته ولو بالدعاء فطيب، فإن لم تجدوا ما تُكافئوه فادعوا له: إذا ما تيسرت المكافأة المالية فالدعاء، وبعض الناس ما يحتاج إلى مكافأةٍ ماليةٍ، يحتاج إلى مكافأةٍ بالدعاء؛ لكونه صنع معروفًا: قضى دَيْنَك، فرَّج كُربتَك، منعك من ظالمٍ، أعانك على الزواج، إلى غير هذا من المعروف، فإن لم تجدوا ما تُكافئوه فادعوا له حتى تَرَوا يعني: حتى تعلموا، وفي الرواية الأخرى: حتى تُرَوا يعني: حتى تظنّوا أنَّكم قد كافأتموه، يعني: حتى يغلب على الظن أنَّك قد كافأتَه بالدعوات الطيبة.
وفي قوله ﷺ: إن أخنع اسمٍ عند الله رجلٌ تَسَمَّى ملك الأملاك، لا مالكَ إلا الله، هذا من الأسماء المنكرة، ولهذا قال ﷺ: إن أخنع اسمٍ أخنع يعني: أوضع وأردأ اسمٍ، مَن يتسمَّى ملك الأملاك، لا مالكَ إلا الله.
فالذي يقول: "ملك الملوك" أو "ملك الأملاك" أو "حاكم الحُكَّام" ما يجوز، ولهذا قال سفيان بن عيينة: "مثل شاهٍ شاه" بلسان العجم، ففي لسان العجم يقولون: "شاهٍ شاه" يعني: ملك الملوك، فلا يجوز هذا التَّسمِّي، لا يجوز التَّسمي بأسماء الله التي لا يُسمَّى بها غيره: كالله، والرحمن، وملك الملوك، ورحمن الدنيا والآخرة، والرحمن الرحيم، وغير هذا من الأسماء التي هي خاصّة بالله جل وعلا.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: أحيانًا يقول الإنسانُ مثلًا: "بوجه الله ما تفعل كذا"؟
ج: ظاهر الحديث يعمّه، إلا فيما يتعلق بالجنة، ترك هذا.
س: يعني: مثلًا إذا صار بين شخصين ..؟
ج: يقول: "أنا أستجير بالله وأستعيذ بالله"، أو: "أعوذ بالله"، ما يقول: "بوجه الله"، وإنما "بالله".
س: أحيانًا في حال التَّعجب يقول: "وجه الله"؟
ج: وأحيانًا يقول: "يا وجه الله"، هذا ما يجوز له، هذه الصّفات ما تُدْعَى، ما يُقال: "يا علم الله"، و"يا كلام الله"، و"يا وجه الله"، و"يا يد الله"، و"يا أصبع الله"، لا، "يا الله، يا رحمن، يا رحيم"، الدعاء لله وحده بأسمائه سبحانه وتعالى.
س: الأوامر للوجوب في حديث ابن عمر؟
ج: هذا الأصل، الأصل في الشريعة الوجوب.
س: صفات الفاسق؟
ج: الفاسق الذي يُعلن المعاصي: يعلن الزنا، يعلن الخمر، هذا الفاسق يعلن المعاصي ويُجاهر بها.
س: إذا سأل الإنسانُ بالله، وفي نفس الوقت هو إنسانٌ مُستطيع، فشأنه دائمًا أنه يمد يديه إلى الناس، فمثل هذه الحال هل يُعطيه الإنسانُ أم يمنعه؟
ج: إذا كان فقيرًا يُعْطَى، وإن كان غنيًّا يُزجر ويُعلَّم، لا يجوز له السؤال، يُعلَّم أنَّ هذا ما يجوز.
س: ................
ج: هذا بين أمرين: إن كان يُعاونه هو فهذا منكر، ما يجوز، يحنث به، وإن كان بعون الله فمعناه: بصفة الله، بعون الله وبعلم الله لا بأس؛ لأن كلمة "عون" مُجملة ينبغي تركها.
س: هل الموسيقى من صفات الفسوق؟
ج: من المعاصي الظاهرة، مثل: عقوق الوالدين، شرب الخمر، الغيبة الظاهرة، إذا كان يتساهل فيها ويُعلنها.