539 من: (باب ندب من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها أن يفعل ذلك..)

 
باب ندب مَن حلف عَلَى يَمينٍ فرأى غيرَها خيرًا منها أن يفعل ذَلِكَ المحلوف عَلَيْهِ ثُمَّ يُكفِّر عن يمينه
1/1715- عَنْ عبْدِالرَّحْمنِ بْنِ سَمُرةَ قَالَ: قَالَ لي رسُولُ اللَّه ﷺ: .. وَإِذَا حَلَفْتَ علَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَها خَيْرًا مِنهَا، فأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وكفِّرْ عَنْ يَمِينك متفقٌ عَلَيْهِ.
2/1716- وعَنْ أَبي هُريْرَةَ : أَنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: مَنْ حلَف عَلَى يَمِينٍ فَرأَى غَيْرَها خَيْرًا مِنْهَا، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، ولْيَفْعَل الَّذِي هُوَ خَيْرٌ رواهُ مسلم.
3/1717- وَعَنْ أَبي مُوسَى : أَنَّ رسُول اللَّه ﷺ قَالَ: إِنِّي واللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّه لا أَحلِفُ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ أَرَى خَيْرًا مِنهَا إِلَّا كَفَّرْتُ عَنْ يَمِيني، وأَتيْتُ الَّذِي هُوَ خَيرٌ متفقٌ عليه.
4/1718- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لأَنْ يَلَجَّ أَحَدُكُمْ في يَمِينِهِ في أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالى مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتي فَرَض اللَّه عَلَيْهِ متفقٌ عليه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كلها تتعلق بكفَّارة اليمين والمضي فيما هو خير وأفضل إذا حلف الإنسانُ على شيءٍ ثم تبين له أنَّ فعله أولى، وهذا من محاسن الشريعة: أنَّ الله جل وعلا شرع للعبد إذا حلف على يمينٍ فرأى أن إمضاء اليمين لا خيرَ فيه، وأنَّ الخير في عدم إمضائها؛ فإنَّه لا يُمضيها، ويُكفِّر عنها.
ولهذا قال ﷺ لعبدالرحمن بن سمرة: إذا حلفتَ على يمينٍ فرأيتَ غيرها خيرًا منها فكفِّر عن يمينك، وائتِ الذي هو خير.
وفي حديث أبي هريرة: مَن حلف على يمينٍ فرأى غيرَها خيرًا منها فليُكَفِّر عن يمينه، وليَأْتِ الذي هو خير.
كما يقول ﷺ: والله إني إن شاء الله لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرَها خيرًا منها إلا أتيتُ الذي هو خير، وكفَّرْتُ عن يميني.
وهكذا قوله: لأن يَلَجَّ أحدُكم في يمينه آثمُ له عند الله من أن يُكفِّرها.
فالحاصل أنَّ الإنسان إذا حلف على يمينٍ وتبين له بعد ذلك أن تركها أصلح وعدم المضي فيها أصلح فإنَّه يُكفِّر عن يمينه، مثل: حلفه "والله ما أزور فلانًا"، ثم تبين له أن زيارته أنسب، فيها مصالح، فيها تعلّم علمٍ، فيها دعوة إلى الله؛ يُكفِّر عن يمينه ثم يزوره، أو "والله ما أتكلم مع فلانٍ" فيهجره، ثم تبين له أنه غَلِطَ، وأنه لا يستحق الهجر؛ يُكفِّر عن يمينه، أو قال: "والله ما أتزوج"، ثم رأى أن الزواج أصلح؛ يتزوج ويُكفِّر عن يمينه، أو قال: "والله ما أحج هذه السنة"، ثم تبين له أنَّ الحج هذه السنة مناسب؛ يُكفِّر عن يمينه ويحج، أو قال: "والله ما أسافر اليوم"، ثم رأى أنَّ سفره اليوم أنسب؛ يُسافر ويُكفِّر عن يمينه، وهكذا.
المقصود أنَّه إذا حلف على شيءٍ -فعل أو ترك- ثم تبين له أن الأصلح عدم ما حلف عليه؛ يُكفِّر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، فإن عجز يصوم ثلاثة أيام، ولا يلجَّ في يمينه؛ لأنَّه اتَّضح له أنَّ اللجاج في يمينه ليس بأصلح، بل غلط، فيأخذ بالصواب ويترك الخطأ.
وهذا من رحمة الله، ومن إحسان الله جل وعلا، ومن محاسن هذه الشريعة: أنَّ الله جل وعلا شرع لهم ما هو الأرفق، وما هو الأحب إليه، وما هو الأنفع، قال جل وعلا: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185].
وهكذا النذر: قال: "نذر لله عليه أنه ما يُسافر"، "نذر لله أنه ما يُكلِّم فلانًا"، مثل اليمين، حكمه حكم اليمين، إذا رأى المصلحة في عدمه يُكفِّر عن النذر كفَّارة يمينٍ، إلا إذا كان نذر طاعةٍ، قال: "نذر لله أني أصوم يوم الإثنين"، "نذر لله أني أحج هذا العام"، يحج ويصوم؛ لقوله ﷺ: مَن نذر أن يُطيع الله فليُطِعْهُ، ومَن نذر أن يعصي الله فلا يعصه، أما إذا كان في أمور دنيا فيعمل بالأصلح، فأمور الدنيا ما هي بعبادة، نذر مثل اليمين، قال: "نذر عليَّ لله أني ما أسافر اليوم"، فرأى المصلحة في السفر؛ يُسافر ويُكفِّر عن نذره كفَّارة يمين، أو "نذر لله عليَّ ما أُكلم فلانًا"، ثم اتَّضح له أن تكليم فلانٍ أنسب، وأنه ما يستحق الهجر؛ يُكفِّر عن نذره كفَّارة يمينٍ.

الأسئلة:

س: قول: "وعهد الله" هل هو حلف؟
ج: بعض أهل العلم يراه ......... يُكفِّر كفَّارة يمينٍ، ولا سيما إذا نوى بـ"عهد الله" ما يصدر منه جل وعلا، العهود التي تصدر من الله سبحانه وتعالى، مثل: "وعلم الله"، "وعزة الله".
س: نذر المعصية؟
ج: الصواب فيه كفَّارة يمينٍ، لو نذر أنه يشرب الدخان يُكفِّر كفَّارة يمينٍ ولا يشرب الدّخان.
س: الرجوع عن اليمين؟
ج: يستمر.
س: يستمر فيه؟
ج: آثم له، إذا كانت المصلحةُ في عدم اللجاج فيها يتركها ويُكفِّر عن يمينه، بعض الناس يقول: .......... انقضها ما دامت المصلحةُ فيها.
س: البَيّعان بالخيار يشترط استلام النقود، أم أنه لو قال مثلًا: "غدًا أُعطيك الفلوس" وتفارقوا، فهل البيع تم دون استلام النقود؟
ج: يختلف: إن كان ربويًّا ما يتم، وإن لم يكن ربويًّا يتم، فلو قال: تمت المبايعةُ بينه وبينه على سيارةٍ، أو على كتابٍ، أو على ثوبٍ، أو ما أشبه ذلك؛ وتفرَّقوا، فالبيع يتم، والثمن على ما أجَّله.
س: لو رجع هل يأثم البائع؟
ج: لا، إذا تفرَّقوا لزم البيع، إلا إذا تسامحوا ورضوا بالفسخ، ما يُخالف، الحق لهم.