538 من: (باب تغليظ اليمين الكاذبة عمدا)

 
315- باب تغليظ اليمين الكاذبة عمدًا
1/1712- عَنِ ابْنِ مسْعُودٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ حلفَ علَى مَالِ امرئٍ مُسْلِمٍ بغيْرِ حقِّهِ لقِيَ اللَّه وهُو علَيْهِ غَضْبانُ، قَالَ: ثُمَّ قرأَ عليْنَا رسُولُ اللَّه ﷺ مِصَداقَه منْ كِتَابِ اللَّهِ : إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا [آل عمران:77] إلى آخِرِ الآيةِ. مُتَّفَقٌ عليْه.
2/1713- وعَنْ أَبي أُمامةَ إِياسِ بْنِ ثَعْلبَةَ الحَارِثِيِّ : أَنَّ رسُول اللَّه ﷺ قالَ: مَنِ اقْتَطعَ حَقَّ امرئٍ مُسْلِمٍ بِيمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَب اللَّه لَهُ النَّارَ، وحرَّم عَلَيْهِ الْجنَّةَ، فَقالَ لَهُ رَجُلٌ: وإِنْ كَانَ شَيْئًا يسِيرًا يَا رسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَراكٍ رواهُ مُسْلِمٌ.
3/1714- وعنْ عبْدِاللَّهِ بْنِ عمرِو بْنِ الْعاصِ رضِي اللَّه عَنْهُمَا، عن النبيِّ ﷺ قالَ: الْكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْن، وَقَتْلُ النَّفْسِ، والْيَمِينُ الْغَمُوسُ رواه البخاري.
وفي روايةٍ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا جاءَ إِلى النَّبِيِّ ﷺ فَقال: يَا رَسُول اللَّه، مَا الْكَبَائِرُ؟ قالَ: الإِشْراكُ بِاللَّهِ، قَالَ: ثُمَّ مَاذا؟ قالَ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ، قُلْتُ: وَمَا الْيَمِينُ الْغَمُوسُ؟ قَالَ: الَّذِي يَقْتَطِعُ مَالَ امرئٍ مسلمٍ يَعْنِي: بِيمِينٍ هُوَ فِيها كاذِبٌ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث فيما يتعلَّق باليمين الكاذبة، لا يجوز للمسلم أن يحلف وهو كاذب في الخصومات والدعاوى، ولا في غير ذلك، بل يجب أن يتحرَّى الصدق في أيمانه وفي كلامه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]، وقال الله: هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ [المائدة:119]، وقال ﷺ: عليكم بالصدق، فإنَّ الصدقَ يهدي إلى البر، وإن البرَّ يهدي إلى الجنة .. الحديث.
فالواجب على كل مؤمنٍ ومؤمنةٍ أن يتحرَّى الصدقَ في خصوماته ودعاويه وأيمانه وغير ذلك.
ومن ذلك يقول ﷺ: مَن حلف على يمين صبرٍ يقتطع بها مال امرئٍ مسلمٍ بغير حقٍّ لقي الله وهو عليه غضبان، صبر يعني: حبس، يعني: مَن حبس نفسه على اليمين، يعني: تكلَّف اليمين لطمع الدنيا أو لعداوته أو نحو ذلك، وهو فيها كاذب لقي الله وهو عليه غضبان.
وفي اللفظ الآخر يقول ﷺ: مَن اقتطع حقَّ امرئٍ مسلمٍ بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرَّم عليه الجنة، قالوا: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: وإن كان قضيبًا من أراكٍ يعني: عودًا من أراكٍ، هذا من باب التحذير والتَّخويف والتَّرهيب من الظلم.
ويقول ﷺ: كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وماله، وعرضه، وسُئل عن الكبائر عليه الصلاة والسلام فقال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس بغير حقٍّ، واليمين الغموس، قيل: يا رسول الله، ما اليمين الغموس؟ قال: الذي يقتطع بها مال امرئٍ مسلم بغير حقٍّ، سُمِّيت غموسًا لأنها تغمس صاحبها في الإثم، ثم تغمسه في النار.
فالواجب على الإنسان في الدَّعاوى وغيرها أن يتحرَّى الصدق، وألا يُؤثر الدنيا على الآخرة، فعليه أن يتحرى الصدق في أيمانه وشهاداته وغير ذلك، يرجو ثواب الله، ويخشى عقابه .
والكبائر أنواعٌ، لكن منها اليمين الغموس، وهي من الكبائر، وهكذا قتل النفس بغير حقٍّ، وهكذا العقوق، وهكذا الربا، وهكذا الغيبة والنميمة، كل هذه من كبائر الذنوب، والمؤمن يحذر كبائرها وصغائرها، يحذر الكبائر والصَّغائر؛ لأن فعل الصغير يجرّ إلى الكبائر، نسأل الله العافية والسلامة.

الأسئلة:

س: قول الرسول ﷺ في الحديث: وحرَّم الله الجنةَ عليه يدل على خلوده في النار؟
ج: هذا من باب الوعيد عند أهل العلم، مَن لقي الله وهو عليه غضبان فقد أوجب الله له النار، وحرَّم عليه الجنة كله من باب الوعيد والتحذير، والوعيد قد يعفو الله عن الموعود بسبب حسناته الكثيرة، وبسبب شفاعة الشفعاء؛ لأنه مُوحِّد، فقد يُعفى عنه، ولهذا قال : إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] يعني: ما دون الشرك، يدخل في هذا جميع الذنوب.
س: عند عوام الناس أحاديث الوعيد تُذْكَر بدون تفصيلٍ أفضل وأولى؟
ج: نعم، عند الاستفتاء والحاجة يُوضّح، أطلقها النبي وأطلقها القرآن للتَّحذير والزَّجر.
س: بعض الناس يقول: "مَن يحلف وهو كاذب ينقطع ظهره" هل هذا تخويفٌ له؟
ج: ما بلغني هذا، كلام النبي ﷺ: مَن اقتطع حقَّ امرئٍ مسلمٍ فقد أوجب الله له النار، وحرَّم عليه الجنة، وفي اللفظ الآخر: مَن حلف على يمينٍ يقتطع بها مال أخيه بغير حقٍّ لقي الله وهو عليه غضبان.
س: هل يُؤخِّرها الله في الآخرة؟
ج: هذه من عقوباتها، وقد تُعجّل له العقوبة في الدنيا، نسأل الله العافية.
س: إذا حلف وهو يغلب على ظنه أنَّ ذلك الشيء وقع وهو لم يقع، فهل عليه كفَّارة؟
ج: يعني: حلف أنَّ هذا الشيء وقع؟
س: حلف أن شيئًا وقع وهو لم يقع.
ج: يعني: ناسيًا؟
س: غلبة ظنٍّ.
ج: والله إنَّ فلانًا جاء، والله إنَّ فلانًا وصل، والله إنَّ الشهر دخل، يظن هذا؟
س: نعم.
ج: الصواب أنَّه ليس عليه كفَّارة؛ لأنه يظن صدق نفسه.
س: الحج واجب على الفور؟
ج: هذا الصواب، هذا الراجح، فيه خلاف، لكن الراجح أنه على الفور إذا توافرت الشروط، إذا وُجِدَ الماء يعني.
س: الكبائر تختلف ..............؟
ج: بعضها أشد من بعضٍ، تختلف، مثلما قال ابن عباس: "هي إلى سبعين أقرب منها إلى سبعٍ".