الشيخ: نعم في هذا دلالة عدم تكثير الأسئلة؛ لأن تكثير الأسئلة قد تفضي إلى أشياء لا تُحمد عقباها، يسأل الإنسان ولا يُكثر.
93 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عن الزهري قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ، فَقَامَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ فَقَالَ: مَنْ أَبِي؟ فَقَالَ: أَبُوكَ حُذَافَةُ ثُمَّ أَكْثَرَ أَنْ يَقُولَ: سَلُونِي فَبَرَكَ عُمَرُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وبِمُحَمَّدٍ ﷺ نَبِيًّا. فَسَكَتَ.
بَاب مَنْ أَعَادَ الحَدِيثَ ثَلاَثًا لِيُفْهَمَ عَنْهُ
فَقَالَ: أَلاَ وقَوْلُ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا، وقَالَ: ابْنُ عُمَرَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هَلْ بَلَّغْتُ ثَلاَثًا؟.
94 - حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا ثُمَامَةُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله تعالى عنه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاَثًا، وإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثًا.
الشيخ: ومن هذا الحديث الذي أشار إليه أنه خطب الناس ذات يوم فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟! ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟! ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟! ثلاث مرات، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت.
الطالب: هذا السند الذي قبله بينه شعيب وأنس عن الزهري؟
الشيخ: إيش؟
الطالب: الأول حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، قال: أخبرني أنس بن مالك.
الشيخ: لا، لا، ساقط الزهري.
الطالب: سوده في نسخة ثانية.
الشيخ: صلح.
س: سؤال عبدالله عن أبيه؟
الشيخ: كانوا ينسبون إلى غير......... النبي صلى الله عليه وسلم، منسوب لخلافه.
الشيخ:.................... حتى يبلغهم السلام، الظاهر إذا كانوا كثيرين قد لا يبلغ بعضهم، أما قليلون يسمعون؛ تكفي الأولى.
الشيخ: يعني اغسلوا الأعقاب...
97 - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ، حَدَّثَنَا المُحَارِبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: قَالَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ثَلاَثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بِنَبِيِّهِ، وآمَنَ بِمُحَمَّدٍ ﷺ، والعَبْدُ المَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وحَقَّ مَوَالِيهِ، ورَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ، ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ: أَعْطَيْنَاكَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، قَدْ كَانَ يُرْكَبُ فِيمَا دُونَهَا إِلَى المَدِينَةِ.
بَاب عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وتَعْلِيمِهِنَّ
98 - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَيُّوبَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ - أو قَالَ عَطَاءٌ: أَشْهَدُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ - «خَرَجَ ومَعَهُ بِلاَلٌ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعْ فَوَعَظَهُنَّ، وأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ المَرْأَةُ تُلْقِي القُرْطَ والخَاتَمَ، وبِلاَلٌ يَأْخُذُ فِي طَرَفِ ثَوْبِهِ».
الشيخ: وهذا هو السُّنة، إذا النبي ﷺ... النساء يأتيهن فيعظهن ويذكّرهن.
س: خطبة العيد، واحدة، أو اثنتين؟
الشيخ: المعروف عند أهل العلم خطبتان.
وقَالَ: إِسْمَاعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَطَاءٍ، وقَالَ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَشْهَدُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ.
99 - حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ، أو نَفْسِهِ.
الشيخ: وهذا فيه فوائد: منقبة لأبي هريرة، وحرصه على العلم، ............. أعظم وأكبر أن الشفاعة إنما تكون لأهل التوحيد، لا لأهل الشرك كما قال جل وعلا: وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى [الأنبياء:28]، وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ [الزمر:7] فهو يشفع لأهل التوحيد لا لأهل الكفر، فشفاعته الخاصة لأهل التوحيد، أما الشفاعة العامة لأهل الموقف فهذا يعم الجميع، لكن الشفاعة في الإخراج من النار ودخول الجنة هذا خاص بأهل التوحيد.
س: وأهل البدع هل يدخلون في الشفاعة؟
الشيخ: إذا لم تكن بدعتهم مكفّرة، إذا كانوا داخلين في أهل التوحيد تنالهم الشفاعة.
الطالب: أحسن الله إليكم، في النسخة عن أبي هريرة أنه قال: قيل يا رسول الله، قيل هذه لها محل؟
الشيخ: كيف..؟
الطالب: أنه قال قيل يا رسول الله.
الشيخ: ياء؟
الطالب: نعم. يقول في الفتح أنه قال: "قيل يا رسول" كذا لأبي ذر، وكريمة، وسقطت قيل في الباقين، وهو الصواب، ولعلها كانت "قلت" فتصحفت فقد أخرجه المصنف في الرقاق كذلك، ولأبي إسماعيل أنه سأل، ولأبي نعيم.
............
وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِالعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ: "انْظُرْ مَا كَانَ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَاكْتُبْهُ، فَإِنِّي خِفْتُ دُرُوسَ العِلْمِ، وذَهَابَ العُلَمَاءِ، ولاَ تَقْبَلْ إِلَّا حَدِيثَ النَّبِيِّ ﷺ، وَلْتُفْشُوا العِلْمَ، ولْتَجْلِسُوا حَتَّى يُعَلَّمَ مَنْ لاَ يَعْلَمُ، فَإِنَّ العِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا" حَدَّثَنَا العَلاَءُ بْنُ عَبْدِ الجَبَّارِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ دِينَارٍ: بِذَلِكَ، يَعْنِي حَدِيثَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالعَزِيزِ، إِلَى قَوْلِهِ: ذَهَابَ العُلَمَاءِ.
الشيخ: وهذا من مناقبه العظيمة رضي الله عنه ورحمه، حيث أمر بكتب الحديث، وضبط الحديث، وأمر بإفشاء العلم، والجلوس إلى أهل العلم؛ لئلا يذهب العلم، كل هذا من نصحه للأمة رضي الله عنه ورحمه.
الشيخ: وهذا يفيد الحث على طلب العلم، والتفقه في الدين، وأنه لا يقبضه انتزاعًا من صدور العباد، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، وهذا يوجب على طلبة العلم الجد، والنشاط، والحرص على تحصيل العلم قبل أن يقبض؛ لأن قبضه ذهاب أهله.
101 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الأَصْبَهَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله تعالى عنه قال: قَالَتِ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ ﷺ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ، فَوَعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ، وأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ ولَدِهَا، إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: واثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: وَاثْنَتَيْنِ.
الشيخ: أيش قال الشارح؟
الطالب: إلا كان لها أي التقديم حجابًا.. حجاب بالرفع، وتعرب "كان" تامة، أي حصل لها حجاب.
الشيخ: إلا كان حجابًا يعني كان التقديم، إن كان ما قدمته.
مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ ولَدِهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: واثْنَيْنِ؟ فَقَالَ: وَاثْنيْنِ.
الشيخ: وهذا فضل الأفراط، وأن والديهم على خير عظيم، وأن تقديم الأفراط من أسباب سلامة الوالدين من النار.
س: الروايات: وواحد؟
الشيخ: لا ما سألوه عن الواحد، لكن في الحديث الصحيح ما من عبد أخذت صفيه من أهل الدنيا فصبر إلا عوضته به الجنة يعني يعم الولد، وغيره.
الشيخ: وهذا فيه الحث على الصبر والاحتساب، وأن موت الأطفال وإن كان مصيبة لكن على الوالد أن يصبر ويحتسب إذا تذكر أنهم يكونون حجابًا له من النار، ولأمهم، هذا فضل عظيم ثلاثة، أو أكثر، أو اثنين، كل ذلك فيه خير لهم، وإن كانت مصيبة لكن مع الصبر والاحتساب لهم هذا الأجر العظيم.
............................
س: أحسن الله إليكم، المقصود بقبل الحنث يعني لم يبلغوا الحنث؟
الشيخ: نعم يعني قبل بلوغ الحلم، قبل أن يكلّفوا، أما إذا كلفوا صاروا مسؤولين عن أعمالهم هم.
س: لكن الصبر عليهم، عفا الله عنك؟
الشيخ: الصبر يكون عليهم كسائر المصائب؛ لأنهم مسؤولون عن أعمالهم صاروا مكلّفين لهم حسنات وسيئات ولهم خير، أما الأطفال فلهم الجنة، أطفال المسلمين في الجنة، أجمع العلماء على أن أطفال المسلمين في الجنة تبع أهليهم، وإنما الخوف إذا بلغ الحنث، واكتسب السيئات هذا الخوف عليه.
س: قوله ﷺ لابنه إبراهيم: إن له مرضعًا في الجنة يدل على أن الأطفال في الجنة...؟
الشيخ: الله أعلم.
103 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ: كَانَتْ لاَ تَسْمَعُ شَيْئًا لاَ تَعْرِفُهُ، إِلَّا رَاجَعَتْ فِيهِ حَتَّى تَعْرِفَهُ، وأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ حُوسِبَ عُذِّبَ قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ أَوَلَيْسَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:8] قَالَتْ: فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكِ العَرْضُ، ولَكِنْ: مَنْ نُوقِشَ الحِسَابَ يَهْلِكْ.
الشيخ: عرض الأعمال عليه، هذا الحساب اليسير، وأما من نوقش فلا حول ولا قوة إلا بالله، وحديث إن له مرضعًا في الجنة يمكن أن يقال، والله أعلم، في البرزخ؛ لأن الأرواح تنقلب، أرواح المؤمنين في الجنة، والأجساد في الأرض، في البرزخ ..........، الصغر لهم مراضع في الجنة، ولكن جاءت الأحاديث بأن الأطفال يبعثون كبارًا يوم القيامة أبناء ثلاث وثلاثين، أبناء الجنة أبناء ثلاث وثلاثين كلهم على سن واحدة..
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما عَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
104 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدٌ عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ رضي الله تعالى عنه، أَنَّهُ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ: -وهُوَ يَبْعَثُ البُعُوثَ إِلَى مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ، أُحَدِّثْكَ قَوْلًا قَامَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ الغَدَ مِنْ يَوْمِ الفَتْحِ، سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، ووَعَاهُ قَلْبِي، وأَبْصَرَتْهُ عَيْنَايَ حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: حَمِدَ اللَّهَ، وأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ، ولَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ، فَلاَ يَحِلُّ لِامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَمًا، ولاَ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً، فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ لِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِيهَا، فَقُولُوا: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ لِرَسُولِهِ، ولَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ، وإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهَا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، ثُمَّ عَادَتْ حُرْمَتُهَا اليَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ، ولْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ فَقِيلَ لِأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ عَمْرٌو؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، لاَ يُعِيذُ عَاصِيًا، ولاَ فَارًّا بِدَمٍ، ولاَ فَارًّا بِخَرْبَةٍ.
الشيخ: خربة يعني جناية. وهذا رد من عمرو، رد قبيح، فما كان لعمرو أن يقول هذا........... ضد ابن الزبير.
المقصود أن قوله: فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ يدل على أن الواجب على أهل العلم أن يبلّغوا، على طالب العلم أن يبلّغ ما أعطاه الله من العلم، يبلغ أهله يبلغ جيرانه يبلغ جلساءه وزملاءه ما عنده من العلم؛ حتى يعم الخير، وينتشر الخير، ويحصل التعاون على البر والتقوى فليبلغ الشاهد الغائب، فمن شهد العلم، شهد الإفتاء، شهد الحديث، شهد النبي ﷺ حين حدّث؛ يبلّغ، وهكذا مجالس العلم من حفظ العلم، وتأكد من العلم، وصار على بصيرة؛ يبلغ ما حمّله الله، ويرشد الناس، وينهى عن المنكر، ويأمر بالمعروف، مع أهل بيته مع جيرانه مع جلسائه مع غيرهم، وبهذا ينتشر العلم، وبهذا تحصل الفائدة، وبهذا يُنكر المنكر، ويُؤمر بالمعروف، هذه كلمة جامعة فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ هذه من جوامع الكلم التي أوتيها النبي عليه الصلاة والسلام.
س:........................
.............................
س: حتى ولو حصل الضرر..؟
الشيخ: يتحرى الإنسان الطريقة التي كان ما فيها ضرر، والضرر الخفيف يتحمله.
الشيخ: وأحسبه في الرواية الأخرى (الجزم) في خطبته ﷺ في منى يوم النحر إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، وهكذا في الصحيحين عن أبي هريرة كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه فالواجب على المسلمين الحذر من هذا؛ فدماؤهم حرام عليهم، وأموالهم حرام عليهم، وأعراضهم كذلك؛ فالواجب على المسلم أن يحذر ظلم أخيه في نفسه، أو في ماله، أو في عرضه، وظلم أخته في الله، وظلم غيرهم، حتى الكافر المستأمن، والكافر المعاهَد، لا يظلمهم، فالواجب أداء الأمانة، ولهذا تقدم قول النبي ﷺ في المعاهَد............ فالمسلم يحذر الظلم للمسلم ولغير المسلم من المعصومين.
106 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الجَعْدِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ، قَالَ: سَمِعْتُ رِبْعِيَّ بْنَ حِرَاشٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عَلِيًّا رضي الله تعالى عنه، يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لاَ تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ.
107 - حَدَّثَنَا أَبُو الوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ: إِنِّي لاَ أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كَمَا يُحَدِّثُ فُلاَنٌ، وفُلاَنٌ؟ قَالَ: أَمَا إِنِّي لَمْ أُفَارِقْهُ، ولَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ.
الشيخ: وذلك لأن الكذب عليه مثل ما قال ليس ككذب على غيره؛ يترتب عليه شرائع وأحكام، يضر الناس، ويرتّب عليهم أحكامًا ما شرعها الله لهم؛ فالكذب عليه يسبب شرًّا كثيرًّا على الأمة؛ فلهذا جاء فيه الوعيد الشديد، نسأل الله العافية.
الشيخ: لا ما وقع في الكذب عن اجتهاد فلا يقتضي الكذب.
س: هو يعلم أن الحديث ضعيف؟
الشيخ: يجب التنبيه عليه، ولا يكون كاذبًا، يجب التنبيه أنه ضعيف، ولا يجوز السكوت.
س: ما يقول: قال رسول الله ﷺ؟
الشيخ: لا، يقول: روي عن رسول الله، يتأدّب مثل ما بيّن العلماء، يقولون: روي، ما يقولون: "قال"، رُوي، أو يُذكر، وإذا تساهل يكون ظالمًا يكون عاصيًا فينبّه، ويعلّم.......
الشيخ: وهذا وعيد شديد يوجب الحذر من الكذب على الرسول عليه الصلاة والسلام مَن يَقُلْ عَلَيَّ ما لَمْ أقُلْ هذا يوجب التثبت، وأنه إذا شك فيه لا يجزم، يقول: "رُوي"، أو يترك.
الشيخ: هذا في حياته، وبعد وفاته يجوز التكنّي بكنيته كما رخص بذلك عليه الصلاة والسلام.
111 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا، وكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: "قُلْتُ لِعَلِيِّ: هَلْ عِنْدَكُمْ كِتَابٌ؟ قَالَ: لاَ، إِلَّا كِتَابُ اللَّهِ، أو فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ، أو مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قَالَ: قُلْتُ: فَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: العَقْلُ، وفَكَاكُ الأَسِيرِ، ولاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ".
الشيخ: وهذا يدل على جواز الكتابة، ولهذا رخص لهم النبي ﷺ قال: اكتبوا لأبي شاه، كان نهى عن الكتابة عنه عليه الصلاة والسلام؛ لئلا يختلط كلامه بالقرآن، ثم رخص في ذلك لما استقر الأمر وعرف الناس القرآن وتبصّروا، أذِن في كتابة الحديث عنه عليه الصلاة والسلام.
وفي هذا من الفوائد: الرد على الرافضة؛ لأن الرافضة يقولون: إن أهل البيت خُصوا بشيء، يعني عندهم علم، وعندهم قرآن آخر! فهذا يبطل ما يقول الشيعة قبّحهم الله، وأن أهل البيت لم يُخصوا بشيء، هم كسائر الناس عليهم ما يجب على الناس، ويحرم عليهم ما يحرم على الناس، إلا ما خصهم الدليل من جهة تحريم الصدقة الزكاة، ولهذا قال: ما خصنا بشيء، إلا فهم يعطيه الله رجلًا، رضي الله عنه وأرضاه.
الشيخ: يدل على كتابة الحديث، نعم.
الشيخ: وهذان الصحابيان هما أكثر الناس حديثًا عن النبي ﷺ: أبو هريرة، وعبدالله بن عمرو ، قد حفظوا عن النبي سنة عظيمة وكثيرة، فجزاهم الله خيرًا، ورضي الله عنهم، والله المستعان.
الشيخ: لله الحكمة، لله الحكمة الذي ما أراد كان، وقد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة عليه الصلاة والسلام، وانتهى الأمر، وكان فيما أشار به عمر، وتم عليه الأمر رحمة الله جل وعلا، وحكمة عظيمة، فقد استقرت الأمور، وتم كل شيء.
س: بعض الناس يقول: يا ليت النبي ﷺ كتب هذا الكتاب؟
الشيخ: الحمد لله هذا واقع، هذا الذي قاله تأثر بابن عباس.
س: بعض المفسرين يقولون كان سيكتب الخلافة لأبي بكر الصديق؟
الشيخ: الله أعلم، رضينا بما كتب الله ... لو شاء ربك لتم كل شيء، فله الحكمة البالغة في عدم الكتابة.
س: في بعض الروايات: اكتب لأبي بكر كتابًا؟
الشيخ: .....................
115 - حَدَّثَنَا صَدَقَةُ، قال أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، وعَمْرٍو، ويَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هِنْدٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله تعالى عنها قَالَتْ: اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ، ومَاذَا فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ، أَيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ، فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ.
بَاب السَّمَرِ فِي العِلْمِ
116 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمٍ، وأَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ ﷺ العِشَاءَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لاَ يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ.
الشيخ: هذا دليل على التحدث بعد العشاء فيما يتعلق بالعلم، وأن من هو حي سيموت، وأن على رأس المائة يموت ذلك القرن.
الشيخ: تنام عيناه، ولا ينام قلبه، عليه الصلاة والسلام، وهذا فيه دليل على أنه بعض الأحيان لا يوتر بإحدى عشر، الغالب كان يوتر بإحدى عشر، وربما أوتر بأقل من ذلك عليه الصلاة والسلام.
118 - حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: "إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، ولَوْلاَ آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُ حَدِيثًا، ثُمَّ يَتْلُو إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ والهُدَى [البقرة:159] إِلَى قَوْلِهِ الرَّحِيمُ [البقرة:160] إِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ المُهَاجِرِينَ كَانَ يَشْغَلُهُمُ الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ، وإِنَّ إِخْوَانَنَا مِنَ الأَنْصَارِ كَانَ يَشْغَلُهُمُ العَمَلُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَلْزَمُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بِشِبَعِ بَطْنِهِ، ويَحْضُرُ مَا لاَ يَحْضُرُونَ، ويَحْفَظُ مَا لاَ يَحْفَظُونَ".
119 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَسْمَعُ مِنْكَ حَدِيثًا كَثِيرًا أَنْسَاهُ؟ قَالَ: ابْسُطْ رِدَاءَكَ فَبَسَطْتُهُ، قَالَ: فَغَرَفَ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: ضُمَّهُ فَضَمَمْتُهُ، فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَهُ.
الشيخ: هذه من آيات الله، ومن معجزاته عليه الصلاة والسلام.
120 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنا أَخِي، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قَالَ: "حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وعَاءَيْنِ: فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ، وأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ قُطِعَ هَذَا البُلْعُومُ".
الشيخ: وهذا -والله أعلم- لهذه، تقع الفتن، وما الفتن، والأمراء، وما الأمراء، الشيء الذي لا يتعلق به مصلحة العباد، ولا يتعلق به أحكام، خشي من بث بعضه.
س: حكم تبليغ مثل هذا؟
الشيخ: على اجتهاد الحافظ: إن كان فيه مصلحة، وإلا يتركه، إنما الذي يهم ما يتعلق بالأحكام ما أوجب الله، وما حرم الله، أما ما وقع من الفتن والقتال بين الناس ما هو بلازم.
س:..................
الشيخ: إذا كان ما فيه مصلحة مثل ما قال ﷺ: لا تبشرهم فيتكلوا.
س: والذي يقول إنها أحاديث في بني أمية؟
الشيخ: الله أعلم، المقصود: ما ليس فيها مصلحة للناس تركها أبو هريرة.
121 - حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنا عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ جَرِير رضي الله تعالى عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ: اسْتَنْصِتِ النَّاسَ فَقَالَ: لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.
بَاب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَيَكِلُ العِلْمَ إِلَى اللَّهِ
122 - حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا البَكَالِيَّ يَزْعُمُ أَنَّ مُوسَى لَيْسَ بِمُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِنَّمَا هُوَ مُوسَى آخَرُ؟ فَقَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: قال قَامَ مُوسَى النَّبِيُّ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَسُئِلَ أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا أَعْلَمُ، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ، إِذْ لَمْ يَرُدَّ العِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ، هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ. قَالَ: يَا رَبِّ، وكَيْفَ بِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: احْمِلْ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، فَإِذَا فَقَدْتَهُ فَهُوَ ثَمَّ، فَانْطَلَقَ، وانْطَلَقَ بِفَتَاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ، وحَمَلاَ حُوتًا فِي مِكْتَلٍ، حَتَّى كَانَا عِنْدَ الصَّخْرَةِ، وضَعَا رُءُوسَهُمَا، ونَامَا، فَانْسَلَّ الحُوتُ مِنَ المِكْتَلِ فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحْرِ سَرَبًا، وكَانَ لِمُوسَى وفَتَاهُ عَجَبًا، فَانْطَلَقَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِمَا ويَوْمَهُمَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ: آتِنَا غَدَاءَنَا، لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا، ولَمْ يَجِدْ مُوسَى مَسًّا مِنَ النَّصَبِ حَتَّى جَاوَزَ المَكَانَ الَّذِي أُمِرَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ [الكهف:63] قَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا [الكهف:64] فَلَمَّا انْتَهَيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، إِذَا رَجُلٌ مُسَجًّى بِثَوْبٍ، أو قَالَ تَسَجَّى بِثَوْبِهِ، فَسَلَّمَ مُوسَى، فَقَالَ الخَضِرُ: وأَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلاَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا مُوسَى، فَقَالَ: مُوسَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا [الكهف:66-67]، يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لاَ تَعْلَمُهُ أَنْتَ، وأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لاَ أَعْلَمُهُ، قَالَ: قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا [الكهف:69] فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ البَحْرِ، لَيْسَ لَهُمَا سَفِينَةٌ، فَمَرَّتْ بِهِمَا سَفِينَةٌ، فَكَلَّمُوهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهُمَا، فَعُرِفَ الخَضِرُ فَحَمَلُوهُمَا بِغَيْرِ نَوْلٍ، فَجَاءَ عُصْفُورٌ، فَوَقَعَ عَلَى حَرْفِ السَّفِينَةِ، فَنَقَرَ نَقْرَةً، أو نَقْرَتَيْنِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ الخَضِرُ: يَا مُوسَى مَا نَقَصَ عِلْمِي، وعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ إِلَّا كَنَقْرَةِ هَذَا العُصْفُورِ فِي البَحْرِ،
الشيخ: الله أكبر! المعنى أن علم الله واسع، وعلم الأنبياء وعلم غيرهم لا شيء بالنسبة إلى علمه سبحانه: ومَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85].
س: قوله: وأنى بأرضك السلام؟
الشيخ: كأن أرضه بلاد شر، كأنها بلاد شر، ما هي سلام.
س: قول ابن عباس "عدو الله" يعني نوفًا؟
الشيخ: هذا غضب لله، من باب الغضب.
س: هل الخضر نبي؟
الشيخ: هذا الصواب؛ أنه نبي ومَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [الكهف:82] يعني عن علم الله.
123 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وائِلٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا القِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا، ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ، قَالَ: ومَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا، فَقَالَ: مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
الشيخ: وهذا لا حرج فيه، كون السائل واقفًا والمسؤول جالسًا لا بأس، والمقصود قوله عليه الصلاة والسلام: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله فالقتال الشرعي الذي يؤجر عليه أن يقاتل لله لتكون كلمة الله هي العليا، أما إذا قاتل رياء، أو سمعة، أو لأسباب أخرى؛ فلا.
124 - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله تعالى عنهما قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ عِنْدَ الجَمْرَةِ، وهُوَ يُسْأَلُ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: ارْمِ، ولاَ حَرَجَ، قَالَ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَنْحَرَ؟ قَالَ: انْحَرْ، ولاَ حَرَجَ. فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ، ولاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: افْعَلْ، ولاَ حَرَجَ.
الشيخ: وهذا يظهر منه أن أعمال يوم النحر فيها التوسعة والتخفيف والحمد لله، فإذا قدم بعضها على بعض فلا حرج، نحر قبل أن يرمي، وطاف قبل أن يرمي، حلق قبل أن يرمي؛ كلها واسعة إلا أن الأفضل أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق ثم يطوف، كما فعله النبي ﷺ، الرمي أولًا، ثم ينحر هديه إن كان عنده هدي، ثم يحلق، أو يقصر، ويتحلل التحلل الأول، ثم يطوف يذهب إلى الطواف والسعي، ومقتضى هذا أنه لو سعى قبل ذلك أجزأه؛ لقوله في الراوية الأخرى: وما سئل عن شيء يومئذ قدم ولا أوخر إلا قال افعل ولا حرج إلا أن السنة أن يكون السعي بعد الطواف.
125 - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَاحِدِ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ سُلَيْمَانُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ رضي الله تعالى عنه قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي خَرِبِ المَدِينَةِ، وهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنَ اليَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: سَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ؟، وقَالَ بَعْضُهُمْ: لاَ تَسْأَلُوهُ، لاَ يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَنَسْأَلَنَّهُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَالَ يَا أَبَا القَاسِمِ مَا الرُّوحُ؟ فَسَكَتَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ، فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ، فقَالَ: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ومَا أُوتُوا مِنَ العِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا. قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا.
الشيخ: يعني أوتوا بني إسرائيل على هذه القرية، وما أتيتم هذه الأمة، وغيرها.
126 - حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ الزُّبَيْرِ، كَانَتْ عَائِشَةُ تُسِرُّ إِلَيْكَ كَثِيرًا فَمَا حَدَّثَتْكَ فِي الكَعْبَةِ؟ قُلْتُ: قَالَتْ لِي: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: يَا عَائِشَةُ لَوْلاَ قَوْمُكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ - قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ - بِكُفْرٍ، لَنَقَضْتُ الكَعْبَةَ فَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابٌ يَدْخُلُ النَّاسُ، وبَابٌ يَخْرُجُونَ، فَفَعَلَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ.
الشيخ: هذا فيه تفصيل إذا كان فيه مصلحة إذا رأى ولي الأمر فلا بأس للمصلحة، النبي ﷺ كان يحب أن يغير من الجاهلية، وأن يجعل للكعبة بابين: أحدهما للدخول، والثاني للخروج، وأن يلصقها بالأرض حتى لا يتكلف الناس في الدخول، لكنه ترك ذلك؛ لأن قريشًا حديث عهدهم بكفر، وإسلامهم قريب في حجة الوداع في السنة العاشرة، وفتح مكة في آخر السنة الثامنة؛ فالعهد قريب فخاف أن تنكره قلوبهم، وترك التغيير هذا يدل على أن ولي الأمر ينظر في المصالح: فإذا كان يخشى في بعض الأمور التي هي أفضل إن فعلها يترتب عليها شر أكبر يترك، يترك الشيء الذي ما هو بلازم، وإن كان أفضل، إذا كان تركه أصلح للأمة، وأبعد عن الشر؛ لأن الرسول ترك تغيير الكعبة، وتركها على حالها في بناء الجاهلية مخافة أن تنكر قلوب قريش هذا العمل وهذا الأمر، ويحصل لهم شك أو ردة فلما تولى ابن الزبير، وصارت له الخلافة قال: أنا ما أخاف أحدًا، والإسلام قد استقر، والناس قد عرفوا فلا مانع من هدمها فهدمها، وأقامها على قواعد إبراهيم، ورأى الناس القواعد ما حفر فيها في أطراف الحجر، ورأوا الناس القواعد، وأقامها على قواعد إبراهيم، وجعل لها بابين، وألصق بابها في الأرض على ما قالت عائشة له عن النبي ﷺ فلما قتل ابن الزبير على يد الحجاج، وفي ولاية عبدالملك، أعادها عبدالملك على بنائها الأول فلما أخبر عبدالملك بما روت عائشة تأسّف على هذا، وقال: وددنا أنا تركنا ابن الزبير وما فعل. ثم استفتى العلماء بعد هذا فأفتوا بالترك، وقالوا: تترك على حالها لئلا يتخذها الناس ملعبة؛ هذا ملك يهدم، وهذا ملك يبني، وسئل مالك رحمه الله، وغيره عن ذلك فرأوا الكف عنها، وأن تبقى على حالها في عهد النبي ﷺ كما قال النبي ﷺ: لولا أن قومك....
الأسئلة:
............... أسئلة غير، واضحة الصوت، وكلام الشيخ غير واضح.
س: بالنسبة للخضر عليه السلام هناك جواب لشيخ الإسلام في الفتاوى يتشبث به بعض المبتدعة المعاصرين، والجواب فيه بأنه يقول بأنه حي؟
الشيخ: الخضر لا، الخضر الصواب أنه ميت، الذي هو حي المسيح الدجال كما قصة تميم. أما الخضر فقد توفي، النبي عليه الصلاة والسلام أخبر في آخر حياته أنه لا يبقى بعد المائة عام على وجه الأرض عين تطرف، ولو كان حيًّا لقابل النبي ﷺ، واتصل به، ولا شك أنه قد توفي، هذا هو الصواب والحق، وإن كان بعضهم يحكي عن الجمهور أنه حي، وفي الفتاوى نسبتها للشيخ -لا أدري عن صحتها عنه- أنه حي، ولكن الصواب أن الخضر قد مات.
س: ... يقولون بأنه حي، ويقولون بأنه ميت؟
الشيخ: لو أنه رجح الحياة، أو سكت، فيها نظر، والمسألة فيها نظر، والصواب أنه قد توفي.
س: المسيح الدجال حي؟
الشيخ: المعروف أنه حي في بعض الجُزُر.
127 - وقَالَ عَلِيٌّ رضي الله تعالى عنه: "حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ ورَسُولُهُ".
128 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ، ومُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وسَعْدَيْكَ، قَالَ: يَا مُعَاذُ، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وسَعْدَيْكَ ثَلاَثًا، قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ، قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا؟ قَالَ: إِذًا يَتَّكِلُوا، وأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا.
الشيخ: وهذا في الرواية الأخرى لما قال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا قاله مثل هذا أيضًا.
وهذا فيه الدلالة على أنه ينبغي للعالم أن يضع العلم في أهله، وألا يضعه في غير أهله، وألا يحدث الناس إلا بالشيء الذي يناسبهم، وينفعهم، ولا يحصل به الشك؛ لأن الناس أقسام وطبقات، فالواعظ والمذكّر يحدّث الناس بما يفهمون وينفعهم ولا يكون فيه شبهة عليهم، وبعض الناس قد يفهم من هذا أنه إذا قالها وشهد بها أنه يُسْلِم وإنْ فعل ما فعل؛ فالمقصود أنه إذا قالها صدقًا من قلبه دخل الجنة، والصادق لا يأتي المعاصي، ولا يصر عليها، والصادق لا يدع الواجبات.. صدقًا من قلبه، الصدق يحمله على أداء الفرائض، وترك المحارم. فإذا صدق دخل الجنة من أول وهلة، أما إذا أتى المعاصي أو ترك بعض الفرائض فهذا دليل على ضعف الصدق وضعف الإيمان، ولهذا استحق دخول النار إلا من عفا الله عنه.
الشيخ: ثم أخبر بهذا عليه الصلاة والسلام في آخر حياته، وأمر الناس أن يبلغوه حتى يعلموا حقيقة الدين، وأن من مات على التوحيد وترك الشرك فهو من أهل الجنة، وإن جرى عليه الخطوب، وأن عوقب فمصيره إلى الجنة، إنما المصيبة العظيمة إذا مات على الكفر، نسأل الله العافية.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: «لاَ يَتَعَلَّمُ العِلْمَ مُسْتَحْيٍ، ولاَ مُسْتَكْبِرٌ»، وقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله تعالى عنها: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الأَنْصَارِ لَمْ يَمْنَعْهُنَّ الحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ».
الشيخ: الحياء الذي يمنع من التعلم هذا خور، ضعف، ليس بحياء، الحياء من الإيمان، الحياء الذي يحمل على طاعة الله ورسوله، وعلى التفقه في الدين، أما الحياء الذي يمنع من العلم فهذا خور وضعف، وليس بحياء، ولهذا قال مجاهد: لا يتعلم مستحي، ولا مستكبر، فالحياء ذكر بحياء الذي يمنع من العلم، ولكنه العجز والضعف، والمستكبر يمنعه أن يجلس مع الناس للتعلم لكبره؛ فلهذا لا يُوفّق للعلم، نسأل الله العافية.
الشيخ: وهذا واقع، وأن المرأة قد تحتلم، بعض النساء يقلن أنهن لا يحتلمن كما قالت أم سلمة، ولكن الواقع منهن كما قالت أم سليم، فهي كالرجل فإذا احتلمت ورأت الماء عليها الغسل، أما مجرد الاحتلام من دون ماء فلا غسل، وهكذا الرجل لو رأى أنه يجامع فلما استيقظ ما رأى ماءً؛ لا غسل عليه، وهكذا المرأة إذا رأت أنها تجامع ثم استيقظت ولا ماء؛ فلا غسل.
الشيخ: عن زينب عن أم سلمة، ساقط أم سلمة، ما عندك أم سلمة؟
الطالب: لا ما عندي.
الشيخ: عندك سقط، وزينب صحابية صغيرة تروي عن أمها.
الشيخ: وهذا فيه فائدة: أن العالم يمتحن، ويختبر الطلبة، ويسألهم عن بعض الأشياء، ويمتحن فهمهم، ويحثهم على التدبر، والتعقل، والفهم، ولهذا ألقى النبي هذه المسألة على الصحابة إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها، وهي مثل المؤمن فخاضوا في شجر البادية، وبَعُد عنهم النخلة التي بين أيديهم، فوقع في نفس عبدالله بن عمر أنها النخلة، ولكن استحيا لأنه كان أصغر القوم؛ فهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن ألا يحقر نفسه، ولهذا قال عمر: لئن كنت قلتها لكان أحب إليّ من كذا، وكذا فإن الإنسان إذا ظهر له العلم ولو كان أصغر القوم يتكلم بما ظهر له من العلم، وفي هذا فضل النخلة، وأنها مثل المؤمن؛ لما فيها من الخير، تمرها، وجذعها، وورقها، كلها نافعة، والمؤمن كذلك كله نفع.
س: "تربت يمينك" هل هي صيغة مدح؟
الشيخ: "تربت يمينك" مما يجري على اللسان كـ"ثكلتك أمك" و"تربت يداك" مما جرى على اللسان من غير قصد...
س: يقول شاب إن الشيخ يقع في خطأ في العقيدة يا شيخ؟
الشيخ: يُوَجَّه.
الطالب: أنا أخاف إذا نُبه يعني يتأثر طلبته..
الشيخ: لا، يُنَبَّه على سبيل السؤال..
132 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ الحَنَفِيَّةِ، عَنْ عَلِيِّ رضي الله تعالى عنه قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ المِقْدَادَ أَنْ يَسْأَلَ النَّبِيَّ ﷺ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: فِيهِ الوُضُوءُ.
الشيخ: واستحيا لأن زوجته بنت النبي فاطمة، فاستحيا من أجل فاطمة عنده، فسأل المقداد، وفيه جواز الاستنابة في السؤال، وأنه لا بأس أن يستنيب من يسأل له لأي شأن، وفي هذا أن المذي ينقض الوضوء، وجاء في الرواية الأخرى غسل الذكر والأنثيين، يغسل ذكره وأنثييه، ويتوضأ، وضوءه للصلاة فالمذي الماء اللزج الذي يخرج عند تحرك الشهوة، يخرج من أطراف الذكر ماء لزج يسمي المذي، وهو نجس فإذا أصاب الثوب يرش، ونجاسته مخففة، ويستنجي منه المؤمن والمؤمنة كذلك، ويتوضأ وضوءه للصلاة.
الشيخ: ومحمد ابن الحنفية هو محمد بن علي، وأمه من بني حنيفة تنسب إلى بني حنيفة، المقصود أن المذي ينقض الوضوء، ويوجب غسل الذكر والأنثيين، الاستنجاء يعني.
133 - حَدَّثَنِي قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعٌ، مَوْلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رضي الله تعالى عنهما عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَجُلًا، قَامَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يُهِلُّ أَهْلُ المَدِينَةِ مِنْ ذِي الحُلَيْفَةِ، ويُهِلُّ أَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الجُحْفَةِ، ويُهِلُّ أَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ، وقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ويَزْعُمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: وَيُهِلُّ أَهْلُ اليَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ، وكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما يَقُولُ: لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
الشيخ: لكن سمعها ابن عباس وغيره، ثبتت في الصحيحين ويهل أهل اليمن من يلملم، ويزعمون: يعني يقولون، ما هي بالكذب، المعنى ما لا يقولون.
134 - حَدَّثَنَا آدَمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَر رضي الله تعالى عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، وعَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ: مَا يَلْبَسُ المُحْرِمُ؟ فَقَالَ: لاَ يَلْبَسُ القَمِيصَ، ولاَ العِمَامَةَ، ولاَ السَّرَاوِيلَ، ولاَ البُرْنُسَ، ولاَ ثَوْبًا مَسَّهُ الوَرْسُ، أو الزَّعْفَرَانُ،