بَاب فَضْلِ العِلْمِ
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ واللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [المجادلة:11]، وقَوْلِهِ : رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114].
بَابُ مَنْ سُئِلَ عِلْمًا، وهُوَ مُشْتَغِلٌ فِي حَدِيثِهِ، فَأَتَمَّ الحَدِيثَ ثُمَّ أَجَابَ السَّائِلَ
59 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، ح، وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ المُنْذِرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي هِلاَلُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه، قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ ﷺ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ القَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟ فَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحَدِّثُ، فَقَالَ بَعْضُ القَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ فَكَرِهَ مَا قَالَ. وقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ، حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ قَالَ: أَيْنَ - أُرَاهُ - السَّائِلُ عَنِ السَّاعَةِ قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِذَا ضُيِّعَتِ الأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ، قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟ قَالَ: إِذَا وسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ.
الشيخ: وهذا يدل على أن المسؤول إذا كان مشغولًا بحديث مهم له أن يستمر ثم يجيب السائل بعد ذلك، وإن شاء قطعه، والنبي فعل هذا وهذا، سئل فقطع الحديث، وسئل واستمر، فالمسؤول محل الاجتهاد، إذا رأى قطع الكلام وإجابة السائل قطعه، وإن رأى إكمال البحث الذي هو فيه ثم إجابة السائل فلا بأس؛ لأن النبي فعل الأمرين جميعًا عليه الصلاة والسلام.
وفي هذا تحذير من تولية الأمور من ليس بكفء، وأن من أشراط الساعة وسد الأمور إلى من ليس بأهل، ليس بكفء؛ لأن في آخر الزمان تتغير الأحوال حتى يتولى الأمور من ليس أهلًا لها فتختل الأمور، ويختل نظام الأمر بسبب ولاية الأشرار ومن ليس أهلًا للولاية، وقد وقع هذا من زمن طويل، والله المستعان.
60 - حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ عَارِمُ بْنُ الفَضْلِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله تعالى عنهما قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ ﷺ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا - وقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ -، ونَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلاَثًا.
الشيخ:
يعني الواجب الغسل مثلما كان النبي يغسله قدميه عليه الصلاة والسلام، فالواجب غسلها، وعدم التساهل في هذا.
وفي هذا من الفوائد: أن ولي الأمر لا مانع أن يتأخر، الأمير يتأخر خلف الجيش لمصلحةٍ؛ حتى يرى الضعيف، والمتأخر، فيلاحظه، ويعتني به، أو يحمله إذا كان يحتاج إلى حمل.
وفيه من الفوائد: أن الناصح قد يرفع صوته إذا دعت الحاجة، الناصح المبلّغ إذا دعت الحاجة يرفع صوته حتى يبلّغ الناس ما يريد وعظهم، وتذكيرهم به حتى يسمعوه.
وَقَالَ لَنَا الحُمَيْدِيُّ: كَانَ عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا وأَخْبَرَنَا وأَنْبَأَنَا وسَمِعْتُ واحِدًا، وقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وهُوَ الصَّادِقُ المَصْدُوقُ، وقَالَ شَقِيقٌ: عَنْ عَبْدِاللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ كَلِمَةً، وقَالَ حُذَيْفَةُ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَدِيثَيْنِ، وقَالَ أَبُو العَالِيَةِ: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ، وقَالَ أَنَسٌ: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ ، وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: عَنِ النَّبِيِّ ﷺ يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ .
الشيخ: والمعنى أن قول المؤلف: حدثنا، أو سمعت، أو أخبرنا، أو ما أشبه ذلك مما يدل على أنه سمع الحديث من شيخه يكفي، ما يشترط عبارة معينة، العبارة التي تدل على أنه سمعه من شيخه هذه كافية، أخبرني، أو حدثني، أو سمعت، أو رويته عنه، أو رواه لي عن فلان.
س: المعروف أن مسلم بن الحجاج يفرّق بينهما، وجه التفريق بين حدثنا، وأخبرنا؟
الشيخ: بعض المتأخرين، وإلا المتقدمين ما يفرقون بينهما، بعض المتأخرين يخص أخبرنا وأنبأنا بالإجازة.
الشيخ: وما ذاك إلا لأن هذه الشجرة، وهي النخلة كلها خير فهي مثل المؤمن: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [إبراهيم:24-25]، فهي شجرة طيبة ثمرها نافع، وخشبها نافع، وعشبها نافع، وليفها نافع، كلها نافع، والمؤمن كله نافع، كلامه طيب، وفعله طيب.
62 - حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ ورَقُهَا، وإِنَّهَا مَثَلُ المُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ قَالَ: فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ البَوَادِي قَالَ عَبْدُاللَّهِ: فَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ، ثُمَّ قَالُوا: حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هِيَ النَّخْلَةُ.
الشيخ: وفي هذا الحث على كون المدرس والأستاذ والمعلم يمتحن أصحابه حتى يختبر ما عندهم من الفهم حتى يعوّدهم على التفكير والنظر وتفهّم المسائل، ولهذا ألقى عليهم ﷺ هذه المسألة: حدثوني ما هي؟ قال ابن عمر: فوقع في نفسي أنها النخلة، فلما حدث أباه بذلك قال له عمر: لئن كنت قلت ذلك لأحب إليّ من كذا وكذا، يعني أن الإنسان لا يحقر نفسه إذا كان في مجمع وألقي السؤال، وإن كان من أصغرهم، وعنده علم؛ يتكلم بما عنده حتى يشجّع غيره.
س: ما هي الأغلوطات التي نهى الرسول ﷺ عنها؟
الشيخ: إن صح حديثها فمعناه: الشيء يشتبه على الناس ولا يُفهم، يحدّث بأشياء ما يوضحها للناس يقع فيها مشاكل تُلبس عليهم الأمور.
القِرَاءَةُ، والعَرْضُ عَلَى المُحَدِّثِ، ورَأَى الحَسَنُ، والثَّوْرِيُّ، ومَالِكٌ: "القِرَاءَةَ جَائِزَةً"، واحْتَجَّ بَعْضُهُمْ فِي القِرَاءَةِ عَلَى العَالِمِ بِحَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ رضي الله تعالى عنه: قَالَ لِلنَّبِيِّ ﷺ: آللَّهُ أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَهَذِهِ قِرَاءَةٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أَخْبَرَ ضِمَامٌ قَوْمَهُ بِذَلِكَ فَأَجَازُوهُ، واحْتَجَّ مَالِكٌ: بِالصَّكِّ يُقْرَأُ عَلَى القَوْمِ، فَيَقُولُونَ أَشْهَدَنَا فُلاَنٌ، ويُقْرَأُ ذَلِكَ قِرَاءَةً عَلَيْهِمْ، ويُقْرَأُ عَلَى المُقْرِئِ، فَيَقُولُ القَارِئُ: أَقْرَأَنِي فُلاَنٌ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الحَسَنِ الوَاسِطِيُّ، عَنْ عَوْفٍ، عَنِ الحَسَنِ، قَالَ: "لاَ بَأْسَ بِالقِرَاءَةِ عَلَى العَالِمِ"، وأَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الفَرَبْرِيُّ، وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ البُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: إِذَا قُرِئَ عَلَى المُحَدِّثِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ تَقُولَ: حَدَّثَنِي، قَالَ: وسَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ، وسُفْيَانَ: القِرَاءَةُ عَلَى العَالِمِ، وقِرَاءَتُهُ سَوَاءٌ.
الشيخ: وهذا واضح فإذا قرأ على شيخه حدثه فلان عن فلان عن فلان عن النبي ﷺ قال كذا، أو عن فلان أنه قال كذا، ثم قال شيخه: نعم حدث عني، مثل ما لو قال الشيخ حدثنا حدثنا القراءة عليه، وقراءته كلها سماع، والتحديث بذلك صحيح، سواء قال حدثني، وسرد الحديث، أو التلميذ قال: حدثكم فلان عن فلان عن فلان، قال نعم، فالمعنى واحد.
س: في بعض المسابقات والألغاز يطرح بعضهم ألغازًا فيها إيهام عقدي كأن يقول: إن لي في الأرض ما ليس لله في السماء، ويعني بذلك الولد، أو الزوجة، أو أن يقول: أنا أكره الحق، وقصده بالحق الموت، وكأن يقول: أنا أكبر من الله، وأنا أقوى من الله، ومعناه أن القوة لي من الله؟
الشيخ: المزح ينبغي أن يكون بغير إيهام، يجب أن يكون المازح يمزح بحق، ويوضح لا يوهم الناس، هذه إيهامات قبيحة؛ فالواجب يوضح للناس، نسأل الله العافية.
وَقَالَ أَنَسُ : نَسَخَ عُثْمَانُ المَصَاحِفَ فَبَعَثَ بِهَا إِلَى الآفَاقِ، ورَأَى عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ويَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، ومَالِكٌ ذَلِكَ جَائِزًا، واحْتَجَّ بَعْضُ أَهْلِ الحِجَازِ فِي المُنَاوَلَةِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ ﷺ حَيْثُ كَتَبَ لِأَمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا، وقَالَ: لاَ تَقْرَأْهُ حَتَّى تَبْلُغَ مَكَانَ كَذَا، وكَذَا. فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ المَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وأَخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ ﷺ.
64 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَعَثَ بِكِتَابِهِ رَجُلًا وأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ البَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ البَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ المُسَيِّبِ قَالَ: «فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ».
الشيخ: وقد مُزِّقوا على عهد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، وصارت بلادهم إلى المسلمين، كما مزق كتاب النبيﷺ مزق الله ملكه، أما الروم فعظم الكتاب، وكاد أن يسلم، ولكن حمله حب الرياسة على البقاء، وبقي لهم ملكه.
الشيخ: وهذا يدل على جواز مناولة الكتاب إذا كتب العالم للتلميذ أحاديث، وناوله إياها يرويه عنه، ناولني هذا حدثني مناولة يبيّن الواقع، مثل ما كتب النبي للروم، وكتب لكسرى، وكتب لغيرهم عليه الصلاة والسلام.
س:.............................
الشيخ: لا، كافر، قال: إنما فعلت هذا لأختبر ما عندكم.
س: الكتابة، والمناولة شيء آخر، أم شيء واحد؟
الشيخ: لا الكتاب أبلغ، إذا كتب له أبلغ، مثلما كتب لأبي شاه، وكتب لقيصر، وغيره.. المناولة إذا ناوله إياها لا بأس قال: اروه عني، وإلا هذا روايتي يعني شيء يبين له أنه روى هذه الأحاديث.
س: يقول بعض المحدثين: أن محمد في السطر السفلي، ورسول في السطر الأوسط، ولفظ الجلالة في السطر العلوي هل ثبت هذا؟
الشيخ: جاء في بعض الروايات لكن ما أدري عنه ما أذكر الآن من قاله، قال أنس، أو غيره.
66 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، أَنَّ أَبَا مُرَّةَ، مَوْلَى عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ عَنْ أَبِي واقِدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ فِي المَسْجِدِ والنَّاسُ مَعَهُ إِذْ أَقْبَلَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ، فَأَقْبَلَ اثْنَانِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وذَهَبَ واحِدٌ، قَالَ: فَوَقَفَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا: فَرَأَى فُرْجَةً فِي الحَلْقَةِ فَجَلَسَ فِيهَا، وأَمَّا الآخَرُ: فَجَلَسَ خَلْفَهُمْ، وأَمَّا الثَّالِثُ: فَأَدْبَرَ ذَاهِبًا، فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ عَنِ النَّفَرِ الثَّلاَثَةِ؟ أَمَّا أَحَدُهُمْ فَأَوَى إِلَى اللَّهِ فَآوَاهُ اللَّهُ، وأَمَّا الآخَرُ فَاسْتَحْيَا فَاسْتَحْيَا اللَّهُ مِنْهُ، وأَمَّا الآخَرُ فَأَعْرَضَ فَأَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ.
الشيخ: وهذا حديث أبي واقد، يدل على فوائد، منها: أنه ﷺ كان يجلس لأصحابه، ويحلقون حوله، يعظهم، ويذكرهم، ويأمرهم، وينهاهم كما في هذا الحديث، وكما في حديث ابن عمر أنهم كانوا يجلسون حول النبي ﷺ، ويقرأ القرآن وهم حوله فيمرون إلى السجدة فيسجد، ويسجدون معه حتى ما يجد أحد منهم مكانًا لجبهته من كثرتهم ، وهذا يدل على أن العالم يشرع له، ويكون له حلقات في المسجد ينفع بها الناس، ويعظ بها الناس، ويعلم بها الناس، كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام في حلقات العلم بين أصحابه في المسجد؛ حتى يستفيدوا، ويستفيد الناس الحاضرون، ومن يجيء.
وفي هذا أيضًا فضل من دخل في الحلقة، وأن الطالب لا يستحيي، يدخل في الحلقة، لا يتأخر إذا وجد مكانًا يدخل، ولهذا لما دخل أولئك إلى المسجد، ورأوا الحلقة واحد جاء وجد فرجة ودخل الحلقة، والثاني الذي جلس خلف الحلقة، والثالث خرج، فلما فرغ النبي من حديثه عليه الصلاة والسلام قال: ألا أنبئكم بشأن الثلاثة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أما أحدهم: فأوى فآواه الله أوى إلى الله فآواه الله الذي دخل في الحلقة وأما الثاني: فاستحيا فاستحيا الله منه الذي صار خلف الحلقة، وأما الثالث: فأعرض فأعرض الله عنه هذا يفيد شرعية حضور مجالس الذكر إذا مر بها، ويحرص على حضورها، والمشاركة فيها، والاستفادة منها، وإذا وجد فرجة شرع له الدخول فيها، والقرب من المحدث حتى تكون الفائدة أكمل.
وفي هذا بيان شيء من سيرته ﷺ، وأن من سيرته الجلوس مع أصحابه، وأنهم يتحلّقون حوله، ويحدثهم عليه الصلاة والسلام.
س: بعض من الناس يدخل الحلقة فيجد جدارًا أو عمودًا يبتعد بعيدًا ليرتاح ويسمع، فهل يقال الأوْلى له...............؟
الشيخ: هذا الأوْلى؛ الدخول في الحلقة لأنه قد يفوته بعض الشيء، وقد ينعس.
67 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، ذَكَرَ النَّبِيَّ ﷺ قَعَدَ عَلَى بَعِيرِهِ، وأَمْسَكَ إِنْسَانٌ بِخِطَامِهِ - أَوْ بِزِمَامِهِ - قَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا، فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ سِوَى اسْمِهِ، قَالَ: أَلَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا فَسَكَتْنَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ بِذِي الحِجَّةِ قُلْنَا: بَلَى، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ، وأَمْوَالَكُمْ، وأَعْرَاضَكُمْ، بَيْنَكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَإِنَّ الشَّاهِدَ عَسَى أَنْ يُبَلِّغَ مَنْ هُوَ أَوْعَى لَهُ مِنْهُ.
الشيخ: وهذا كان يوم النحر، خطبهم يوم النحر وقال: أي بلد هذا؟ أي شهر هذا؟ أي يوم هذا؟ توطئة لبيان شدة التحريم، قال: إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا يوم النحر في بلدكم هذا مكة في شهركم هذا شهر ذي الحجة إلى أن تلقوا ربكم فليبلغ الشاهد الغائب، وقال معنى هذا في خطبة يوم عرفة لما ركب راحلته، ووقف في عُرَنة قبل الظهر، خطب الناس، وذكّرهم، وذكر أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، هذا يبيّن لنا شدة الوعيد، وشدة التحذير في مال المرء، ودمه، وعِرضه، وأن الواجب على كل مؤمن الحذر من أخذ مال أخيه بغير حق، أو التعدّي عليه بغير حق، أو غِيبته، العِرْض يعني الغيبة، وما أسهلها اليوم على الناس، ما أسهلها اليوم على الناس إلا من رحم الله، النبي ﷺ ينادي يوم النحر يوم عرفة بهذا الأمر العظيم: إن دماءكم، وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، والقرآن ينص على هذا يقول: ولَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12]، والغيبة ذكرك أخاك بما يكره، وما ذاك إلا لأنها تسبب العداوة والشحناء؛ الغيبة تسبب الشحناء، والعداوة، ونشر المفاسد، نشر المعاصي، نشر الفواحش، يترتب عليها شر كثير، الغيبة: فلان يتعاطى الزنا، فلان يشرب الخمر، فلان عاق لوالديه، فلان قاطع للرحم، فلان يشرب الدخان، فلان يحلق لحيته، فلان فلان هذه تسبب الشر، تسبب البغضاء له، والعداوة له، فالواجب على المؤمن أن يحذر هذه الغيبة، إذا كان عنده خير ينصحه، ينصح أخاه، ويقول له يا أخي إنك تفعل كذا، وتفعل كذا ؛حتى يهديه الله بأسبابه، الدين النصيحة، أما فضيحته بين الناس، وذكره بما يكره بين الناس؛ فهذا يترتب عليه من الشحناء والعداوة ما لا يعلمه إلا الله، ولاسيما إذا كانت المعصية لم يجاهر بها، أما المجاهر فلا غيبة له فيما جاهر به بين الناس، نسأل الله العافية.
س: يحتج بعض الناس بحديث: لا غيبة لفاسق؟
الشيخ: لا، الحديث ما أعرف صحته، لكن معروف من أدلة أخرى يقول النبي ﷺ في الرجل الذي دخل عليه بئس أخو العشيرة احتجوا به على أن من أظهر المعاصي لا غيبة له، لكن المؤمن يتحرى، قد يكون في غيبته وهو مظهر فساد يترتب عليه شر، كونه ينصحه ويوجهه أحسن من كونه يغتابه مهما أمكن، لكن إثم الغيبة إنما يحصل فيمن لم يعلن المعاصي، أما من كان يعلن المعاصي ويظهرها بين الناس، يشرب الخمر بين الناس، لا يصلي مع الجماعة، هذا لا غيبة له فيما أظهر، يدخن في الأسواق عند الناس لا غيبة له، حالق لحيته الناس يرونها لا غيبة له، لكن إذا رأى من المصلحة أن ينصحه سرًّا، وأن لا يتكلم في عرضه؛ لعله يهتدي، قد يكون هذا خير، وقد يترتب عليه خير عظيم.
س: أربى الربا أن يستطيل الرجل في عِرض أخيه؟
الشيخ: يعني يبالغ في الغيبة، نسأل الله العافية.
س: صحيح هذا؟
الشيخ: ما أتذكر حاله لكن في الغالب حاله أن سنده ماش مقارب. وأعظم من هذا نص القرآن ولَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12].
إذا كان هذا المغتاب في المجلس لا يعرفه إلا المتكلم؟
الشيخ: ولو، لا يسمّي أحدًا، يقول: الغيبة حرام، وحلق اللحية حرام، وأكل الربا، ولا يقول: فلان الفلان، ما هو بلزوم.
س: بعض رواة الحديث كابن علية يقول: من سمّاني ابن علية فقد اغتابني؟
الشيخ: ولو ولو، إذا كان ما يعرف إلا بذلك لا حرج، مثلما يقال الأعور، والأعمى؛ للتعريف، ما هو بقصد الغيبة، ولو قال هذا من باب التعريف، ولهذا جرّح العلماء الرواة الضعفاء والمجروحين إذا كان في جرحه مصلحة مثلما ضبطه بعضهم في البيتين: الذنب ليس بغيبة في ستة..؛ لأن الغيبة يحتاج إليها للمصلحة الشرعية.
س: طيب النووي يا شيخ يقول: لا أجعل أحدًا في حِلٍّ سماني أو لقبني محيي الدين، فهل يُعرض عنه؟
الشيخ: ما أدري والله عن صحة هذا عن النووي، لكن هذه ما هي بغيبة هذه مصلحة.
س: إذا كان يترتب على غيبة الفاسد مفاسد؟
الشيخ: لا يفعل، ينصحه، ولا يغتابه، لكن المعلن إذا رأى أن في تركه مفاسد لا يتكلم فيه؛ لأن المؤمن يراعي المصالح والمفاسد، ما هو يهجم وبس.
س: البيتان التي تجمع الحالات التي تجوز فيها الغيبة ما ذكر فيها كله صحيح؟
الشيخ: والله هو الظاهر.
الذنب ليس بغيبةٍ في ستة | متظلمٍ، ومعرّفٍ، ومُحَذِّر |
ولمظهر فسقًا، ومستفتٍ، ومَنْ | طلب الإعانة في إزالة منكر |
كلها واضحة: المعرّف: الأئمة عرفوا المجروحين، والمحذّر من أهل البدع، كذلك، والناصح معروف، كذلك المظهر لفسق، والمستفت كالمرأة قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح، تستفتي، ومن طلب الإعانة في إزالة منكر، والتعاون ليزيل المنكر الموجود في المحل الفلاني.
س: إذا اغتاب قبيلة معينة، أو قضية معينة؟
الشيخ: محل نظر.
س: المستشير هل هو يجوز غيبة إنسان في زواج ؟
الشيخ: المستشير مستنصح.
س: يعني ما هو بغيبة؟
الشيخ: لا.
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] فَبَدَأَ بِالعِلْمِ وَأَنَّ العُلَمَاءَ هُمْ، ورَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، ورَّثُوا العِلْمَ، مَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وافِرٍ، ومَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ بِهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ [فاطر:28]، وقَالَ: وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا العَالِمُونَ [العنكبوت:43]، وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ [الملك:10]، وقَالَ: هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ [الزمر:9]، وقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ، وإِنَّمَا العِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وقَالَ أَبُو ذَرٍّ رضي الله تعالى عنه: "لَوْ وضَعْتُمُ الصَّمْصَامَةَ عَلَى هَذِهِ -وأَشَارَ إِلَى قَفَاهُ- ثُمَّ ظَنَنْتُ أَنِّي أُنْفِذُ كَلِمَةً سَمِعْتُهَا مِنَ النَّبِيِّ ﷺ قَبْلَ أَنْ تُجِيزُوا عَلَيَّ لَأَنْفَذْتُهَا"، وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما: "كُونُوا رَبَّانِيِّينَ حُلَمَاءَ فُقَهَاءَ، ويُقَالُ: الرَّبَّانِيُّ الَّذِي يُرَبِّي النَّاسَ بِصِغَارِ العِلْمِ قَبْلَ كِبَارِهِ".
الطالب: عندنا كونوا ربانيين حكماء.
الشيخ: إيش عندك؟
الطالب: حلماء.
الشيخ: حكماء علماء؟
الطالب: عندي حلماء فقهاء.
الشيخ: الشارح نبه عليه؟
الطالب: لا.
الشيخ: المعنى متقارب، في نسخة.
الطالب: ذكر منها نسخة.
الشيخ: كلما طلب الحكمة، والحلم، كلها مطلب.
68 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَوَّلُنَا بِالْمَوْعِظَةِ فِي الأَيَّامِ، كَرَاهَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.
الشيخ: وكان ابن مسعود يعظ أصحابه كل أسبوع فقالوا: لو زدتنا؟ فقال: إني أخشى أن أملكم؛ لأن الرسول ﷺ كان يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا، يعني متابعة الوعظ الكثير كل يوم، وكل يوم قد يملون، فالعالم يتخوّل من لديه بالموعظة بين وقت وآخر، يتحرّى الأوقات المناسبة.
س: وإذا علم أنهم يرغبون في الإكثار؟
الشيخ: لا مانع، لكن ما فيه مضرة، ولا ملل.
69 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنا أَبُو التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: يَسِّرُوا، ولاَ تُعَسِّرُوا، وبَشِّرُوا، ولاَ تُنَفِّرُوا.
الشيخ: والمعنى: يسّروا ولا تعسّروا حسب الأدلة الشرعية، وبشّروا ولا تنفّروا كذلك بالأدلة الشرعية.
70 - حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي وائِلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُاللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِالرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالَ: "أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا".
س: معلوم أن العلماء كانوا يرغبون فيه، ومع ذلك؟
الشيخ: يقول: وهذا خوفي، ولهذا خاف عليهم.
71 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ رضي الله تعالى عنه خَطِيبًا يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ، واللَّهُ يُعْطِي، ولَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ.
الشيخ: وهذا حديث عظيم يدل على فضل التفقه في الدين، لكن ينبغي للمؤمن أن يتفقه في الدين، وأن يتعلم، والتفقه في الدين تعلم كتاب الله وسنة رسوله ﷺ حتى يعرف أحكام الله التي خلق لها وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] هذه العبادة هي التفقه في الدين، والعلم بما شرع الله، وما نهى الله عنه حتى تعبد الله على بصيرة يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21] لا بدّ من الفقه في الدين، كيف تعرف هذه العبادة إلا بالشرع، ومن أراد الله به خيرًا فقّهه في الدين وعلّمه، ومن استمر في الجهالة والإعراض فهذه علامة على أن الله ما أراد به خيرًا، نسأل الله العافية.
المقصود أن هذا الحديث يدل على أنه ينبغي للمؤمن بل يجب أن يتفقه، ويتعلم ما لا يسعه جهله، خلق ليعبد ربه، كيف يعبد ربه؟ لا بدّ من التعلم.
وفيه بشارة أن .............. لا يزال مستقيمًا على أمر الله حتى يأتي أمر الله، لا يزال هذا الأمر قائمًا على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله، وفي اللفظ الآخر: لاتزال طائفة على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله والمقصود لا تزال طائفة على الحق لا يزال أمر الحق موجودًا حتى تأتي الريح التي أخبر النبي ﷺ أنها تأتي فيقبض الله بها أرواح المؤمنين، والمؤمنات، فلا يبقى إلا الأشرار فعليهم تقوم الساعة.
وفيه أن النبي قاسم، وهو الذي يقسم بين الناس ما يسر الله من النفل، والزكوات، وغير ذلك، والله هو المعطي ، هو الذي شرع لعباده قسم الأموال، فالواجب تحري قسمة الله، وأن يُعطى من أباح الله إعطاءه، ويُمنع من أراد الله منعه، فالوالي، والعالم، والقاضي، وغيرهم ليس لهم أن يقسموا إلا على شرع الله، فليس لهم أن يعطوا الزكاة من لا تصلح له، وليس لهم أن يعطوا الفيء من لا يصلح له، إلى غير ذلك، فالواجب القسمة كما شرع الله، توزيع المال كما شرع الله. (إنما أنا قاسم، والله المعطي) يعني ينفذ أمر الله.
72 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ، قال حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عُمَرَ إِلَى المَدِينَةِ فَلَمْ أَسْمَعْهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَّا حَدِيثًا واحِدًا، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَأُتِيَ بِجُمَّارٍ، فَقَالَ: إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً، مَثَلُهَا كَمَثَلِ المُسْلِمِ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَقُولَ: هِيَ النَّخْلَةُ، فَإِذَا أَنَا أَصْغَرُ القَوْمِ، فَسَكَتُّ، قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: هِيَ النَّخْلَةُ.
الشيخ: في هذا الحث على الفهم، النبي امتحنهم ليعرف فهمهم، وليعتادوا التفهم والنظر، أخبرهم أن من الشجر شجرة كمثل المؤمن، فما هي؟ تحداهم أن يقولوا ما هي، وهذا فيه امتحان العالم للتلاميذ حتى يختبر علمهم وفهمهم، وحتى يعودهم على النظر والفهم والتعقل حتى يستفيدوا، قال ابن عمر: وقع في نفسي أنها النخلة، ولكنه كان أصغر القوم فاستحى أن يتكلم، وفي رواية قال عمر: لأن كنت قلتها أحب إليّ من كذا وكذا، وهي المرادة بقوله: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ [إبراهيم:24] يعني النخلة هي مثل المؤمن.
س:....................................
الشيخ: لا، السنة أنه يتكلم، إذا كان عنده علم يتكلم، لا يحقر نفسه، ولهذا أشار عمر بهذا عليه، قال: لأن كنت قلتها أحب إليّ من كذا وكذا، اللهم ارض عنهم، ينبغي أن لا يحقر نفسه إذا كان عنده علم يقول: يظهر لي كذا وكذا، والمعنى كذا وكذا، ولو كان معه شيوخ.
س: ........................
الشيخ: يعني هم الأساس، هم الفقهاء في الدين، هم أساس أهل السنة.
وَقَالَ عُمَرُ: "تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا"، قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: "وَبَعْدَ أَنْ تُسَوَّدُوا"، وقَدْ تَعَلَّمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ فِي كِبَرِ سِنِّهِمْ.
73 - حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَسُلِّطَ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، ورَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقْضِي بِهَا، ويُعَلِّمُهَا".
الشيخ: وهذا فيه الحث على طلب العلم، والتفقه في الدين قبل المشاغل، الإنسان قد يشغل بإمارة، أو بعائلة، أو بغير هذا من المشاغل، فلا يحصل له التفقه في الدين والفائدة الكاملة، فينبغي للمؤمن أن يجتهد في طلب العلم، والتفقه في الدين حال فراغه، وحال شبابه، قبل أن يُشغل، قبل أن يُسَوَّد، قبل أن يُؤمَّر، أو يكون رئيسًا لعائلة، أو كبيرًا لقوم، أو ما أشبه ذلك من المشاغل، ومن هذا أنه يروى عن عمر أنه قال: "تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا" يعني قبل أن يكون لكم رياسة، وسيادة، قال أبو عبدالله: "وَبَعْدَ أَنْ تُسَوَّدُوا"، يعني قبل، وبعد، طلب العلم مطلوب دائمًا دائمًا، ولهذا في الحديث الصحيح يقول ﷺ: من يرد الله به خيرًا يفقّهه في الدين، ويقول ﷺ: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله له به طريقًا إلى الجنة، وفيه الحث على الاغتباط بالعلم، والرغبة فيه، والحرص عليه، والأنس به، والرضا به، والسرور به، ولهذا يقول ﷺ: لا حسد -يعني: لا غبطة، هذا يقال له: حسد الغبطة- لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق يعني على إنفاقه فهنيئًا له بهذا، يُحسد عليه يعني يُغبط، ورجل آتاه الله الحكمة -يعني العلم- فهو يقضي بها، ويعلمها الحكمة العلم يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ ومَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا [البقرة:269]، والحكمة أيضًا: وضع الأمور في مواضعها، فمن رزقه الله العلم والبصيرة حتى يضع الأمور في مواضعها فهو على خير عظيم، يُغبط بهذا، فينبغي للمؤمن أن يحرص على إنفاق المال في وجوهه بسرور وإخلاص لله، وينبغي له أيضًا أن يحرص على التفقه في الدين، والبصيرة حتى ينفع نفسه، وينفع الناس، ويوجههم إلى الخير، ويرشدهم إلى الهدى، فهذان الطريقان من طرق النجاة، تعليم العلم، وتوجيه الناس إلى الخير، والإنفاق في وجوه الخير، والصدقة على المحتاجين، ومساعدة المنكوبين، وقضاء الدين عن المعسرين كل هذه من طرق الخير، ومن أسباب النجاة، والسعادة.
أيش قال الشارح على: قبل أن تسودوا، ضبطه؟
الشيخ: قوله، وقال عمر: تفقهوا قبل أن تسودوا، هو بضم المثناة، وفتح المهملة، وتشديد الواو، أي تجعلوا سادة؟
الشيخ: هذا هو الأظهر، يعني تسودوا تؤمروا، وتكونوا سادة، يعني إما أمير، وإلا رئيس قبيلة، وإلا رئيس عائلة، يعني قبل المشاغل.
س: هل لطالب العلم أن يعصي أبويه في طلب العلم يا شيخ؟
الشيخ: فيه تفصيل هذا: إذا كان فيما يجب عليه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، أما في مزيد من العلم والتوسع في العلم: يجمع بين الأمرين؛ لا يعصي والديه في حاجاتهما، ويطلب العلم حسب الطاقة، يجمع بين الأمرين، أما في تعلم دينه، وما لا يسعه جهله؛ يلزمه، ويجب، وليس له طاعة أحد في ذلك، إنما الطاعة في المعروف.
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رَشَدًا [الكهف:66].
74 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ غُرَيْرٍ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَ أَنَّ عُبَيْدَاللَّهِ بْنَ عَبْدِاللَّهِ أَخْبَرَهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ والحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ خَضِرٌ، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله تعالى عنه، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا، وصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ النَّبِيَّ ﷺ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، وكَانَ يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ لِمُوسَى فَتَاهُ: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف:63] قَالَ: قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا [الكهف:64] فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا الَّذِي قَصَّ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ فِي كِتَابِهِ.
الشيخ: وهذا من الأدلة على شرعية السفر في طلب العلم والرحلة، هذا موسى نبي الله وكليمه طلب الرحلة إلى الخضر ليزداد علمًا لما أخبره الله أن الخضر أعلم، لما سئل موسى: هل تعلم أحدًا أعلم منك؟ قال: لا؛ فأوحى الله إليه أن عبدنا خضرًا أعلم، يعني عنده معلومات أعلم منك، فطلب الرحيل إليه، والسفر إليه؛ ليزداد علمًا. هذا فيه الحث على طلب العلم، والتفقه في الدين، والرحلة إلى أهل العلم لطلب العلم، والخضر الصحيح أنه نبي أيضًا، فالقصة تدل على أنه نبي؛ لأنه قال: وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي [الكهف:82] يعني من أمر الله، عليهما الصلاة والسلام جميعًا.
75 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وقَالَ: اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ.
الشيخ: الله أجاب دعوة نبيه، وصار ابن عباس من آيات الله في علم الكتاب، في التفسير، والفقه، والعلم، رضي الله عنهما.
76 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: «أَقْبَلْتُ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ أَتَانٍ، وأَنَا يَوْمَئِذٍ قَدْ نَاهَزْتُ الِاحْتِلاَمَ، ورَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِمِنًى إِلَى غَيْرِ جِدَارٍ، فَمَرَرْتُ بَيْنَ يَدَيْ بَعْضِ الصَّفِّ، وأَرْسَلْتُ الأَتَانَ تَرْتَعُ، فَدَخَلْتُ فِي الصَّفِّ، فَلَمْ يُنْكَرْ ذَلِكَ عَلَيَّ».
الشيخ: وهذا يدل على أن ما حفظ الصبي قبل الاحتلام يقبل، ويحتج به، ابن عباس سمع أحاديث النبي ﷺ قبل أن يحتلم، وكان حين وفاة النبي ﷺ ابن عشر سنين كما تقدم فدل على أن الصبي إذا حفظ معلومات، وأداها بعد بلوغه فهو معتمد، وكذلك ما حفظه الصحابة الصغار عن النبي ﷺ كابن الزبير، وابن العباس، والحسن بن علي، والحسين بن علي، والسائب بن يزيد، وجماعة، حجة إذا قالوا: سمعنا النبي ﷺ، فإن ما سمعوا فروايتهم حجة أيضًا؛ لأنها من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة حجة أيضًا.
س: مرور ابن عباس رضي الله عنهما أمام الرسول ﷺ، أو أما الصفوف فقط؟
الشيخ: في الصف.
الطالب: ليس أمام الرسول؟
الشيخ: من أمام بعض الصف.
س: يؤخذ من هذا عدم قطع الصلاة..؟
الشيخ: هذا من حجة أن المأموم سُترة إمامه سُترة له.
س: في الحديث أنه صلى إلى غير جدار، وفي لفظ كما ذكر الشارح..؟
الشيخ: قد يكون إلى سترة أخرى، ما هو بلازم ليس بقطع أنه ما له سترة، قد تكون له سترة عنزة، ونحوها.
س: ذكر الحافظ رواية البزار أنه إلى غير شيء يستره؟
الشيخ: يحتمل؛ لأنه فعل هذا لما زار محل العباس فدل على أن السترة ما هي بواجبة، سُنة، ليست بواجبة، فالحاصل أنه مر بين يدي بعض الصف، والمرور بين يدي الصف لا يقطع الصلاة، حتى ولو كان الإمام ما له سترة.
الشيخ: دل على أن ابن خمس، وابن ست، وابن سبع، إذا عقل تُقبل منه الرواية.
س: مج الماء هذا؟
الشيخ: كأنه من باب المداعبة، الظاهر، عليه الصلاة والسلام، من باب المداعبة مع محمود.
وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ رضي الله تعالى عنهما مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِاللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ رضي الله تعالى عنه فِي حَدِيثٍ واحِدٍ.
78 - حَدَّثَنَا أَبُو القَاسِمِ خَالِدُ بْنُ خَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، قال قَالَ: الأَوْزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا الزُّهْرِيُّ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ، والحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الفَزَارِيُّ فِي صَاحِبِ مُوسَى، فَمَرَّ بِهِمَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رضي الله تعالى عنه، فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّي تَمَارَيْتُ أَنَا، وصَاحِبِي هَذَا فِي صَاحِبِ مُوسَى الَّذِي سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ فَقَالَ أُبَيٌّ: نَعَمْ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَذْكُرُ شَأْنَهُ يَقُولُ: بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: أَتَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ قَالَ مُوسَى: لاَ، فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ إِلَى مُوسَى: بَلَى، عَبْدُنَا خَضِرٌ، فَسَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الحُوتَ آيَةً، وقِيلَ لَهُ: إِذَا فَقَدْتَ الحُوتَ فَارْجِعْ، فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مُوسَى ﷺ يَتَّبِعُ أَثَرَ الحُوتِ فِي البَحْرِ، فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف:63] قَالَ مُوسَى: ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا [الكهف:64] فَوَجَدَا خَضِرًا، فَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ.
الشيخ: تقدم هذا، وأعاده المؤلف للدلالة على الرحلة في طلب العلم، وهكذا فعل جابر سافر شهرًا في طلب العلم يدل على فضل الرحلة في طلب العلم، وأن المؤمن يجتهد في طلب العلم، ولو بالرحلة، ولو شد الرحال مسيرة شهر، أو أكثر، أو أقل، لأهل العلم ليستفيد ويتعلم، هكذا شأن العلماء قد ارتحلوا المسافات الطويلة في طلب العلم، الصحابة وغير الصحابة وأرضاهم.
أيش قال عندك على عبدالله بن أنيس؟
الطالب: نعم، ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبدالله بن أنيس.
الشيخ: أيش قال عليه؟
الطالب: يقول المصنف في الأدب المفرد، وأحمد، وأبو يعلى في مسنديهما من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما يقول: بلغني عن رجل حديث سمعه من رسول الله ﷺ فاشتريت بعيرًا ثم شددت رحلي فسرت إليه شهرًا حتى قدمت الشام فإذا عبدالله بن أنيس فقلت للبواب: قل له جابر..
الشيخ: يكفي.
79 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ العَلاَءِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله تعالى عنه، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدَى والعِلْمِ كَمَثَلِ الغَيْثِ الكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ المَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الكَلَأَ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ المَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا، وسَقَوْا، وزَرَعُوا، وأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، ولاَ تُنْبِتُ كَلًَا، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ ونَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا ولَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: قَالَ إِسْحَاقُ: وكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَيَّلَتِ المَاءَ،
الشيخ: بالياء، وإلا قبلت بالباء، قيلت؟
الطالب: قيلت!
الشيخ: تصحيف.
الشيخ: وهذا الحديث يدل على فضل ما بعث الله به من الهدى، وأنه على هذه الأقسام الثلاثة ما بعث الله به نبيه ﷺ من العلم والهدى على هذه الأقسام الثلاثة، كمثل غيث أصاب أرضًا، يعني مطرًا، أصاب أرضًا متنوعة ثلاثة أنواع:
فكان من هذه الأرض: أرض طيبة تصلح للنبات قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، هذا مثل أهل الفقه والعلم الذين قبلوا العلم وتفقهوا في الدين ونفع الله بهم الناس وفَقَّهوا الناس، مثل الأرض الطيبة التي قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، هذه مثال العلماء والفقهاء في الدين كغالب الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
وأصاب طائفة، وكانت منها أجادب يعني أرضًا طيبة لكن ما تنبت، أمسكت الماء أرضًا طيبة لكن ما هي بأرض نبات فأمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا، وسقوا، وزرعوا، هذا مثل بعض الصحابة، وبعض أهل العلم يغلب عليهم الحفظ والنقل، نقل العلوم إلى المحتاجين إليها، وحِفْظُهم أكثر من فِقْههم فيها، فهؤلاء مثل الأرض الطيبة التي أمسكت الماء حتى نفع الله به الناس، وشربوا، وسقوا، وزرعوا، كغالب المحدثين، ومن غيرهم، وممن عداهم ممن نقل العلم، وصارت عنايتهم بالحفظ والنقل، لا بالتفقه، وتفجير أنهار النصوص، إنما همته نقل الرواية، وتبليغ الحديث، وتبليغ العلم للناس.
وقسم ثالث من الناس يشبه الأرض التي هي قيعان ما تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، فهذا مثل من أعرض عن دين الله، ولم يقبل الحق، ولم يقبل الهدى؛ فهذا مثل القيعان التي لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ.
فالناس مع العلم كالغيث مع هذه الأراضي: أرض طيبة قبلت الماء فنفع الله به الناس فشربوا، وسقوا، وزرعوا، هذا القسم الأول؛ أهل العلم، والعمل، والبصيرة، والحفظ، والتفقه في الدين، ونفع الناس، ودعوتهم، وتوجيههم، والقسم الثاني: حفظوا العلم، ونقلوه، وتفقوا أيضًا، ونفعوا، لكن الطائفة الأولى أكثر فقهًا منهم، وأكثر توسعًا في العلم، والطائفة الثالثة: ما أمسكت مثل الأرض القاع اليابسة، ما تقبل الماء ولا تنبت، كالحجارة وأشباهها، هذه مثل أغلب الناس يسمعون العلم ولكن لا ينتفعون به، لا ينتفعون به ولا يبلغونه للناس إنما هي قيعان لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، قال عليه الصلاة والسلام: فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ ونَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وعَلَّمَ، وهما الطائفتان، تفقهوا، وعلموا، وتبصّروا، ودلوا، وحفظوا، وبيّنوا للناس، ونقلوا.
والطائفة الأخرى مثل من لم يرفع به رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به، هؤلاء هم مثل القيعان التي لا تمسك ماء، ولا تنبت كلأ، نسأل الله العافية.
وهذا يوجب على طالب العلم التفقه والعناية والحرص، وأن يستفيد من العلم، وأن يحرص على التفقه والتعلم ونفع الناس بما عنده من العلم في بلده وغير بلده، عن طريق التعليم، عن طريق المكاتبة، عن طريق الدعوة والنصيحة، إلى غير هذا، وفق الله الجميع.
أسئلة
س: بارك الله فيك، على هذا ............ قد يكونون أفضل من القسم الأول؟
الشيخ: القسم الأول أفضل، وهم الذين حفظوا، وعلموا الناس.
س: أحسن الله إليك، سبب تعريف الخضر، عندي في الروايتين خضر؟
الشيخ: يقال خضر، ويقال الخضر، سهل، يقال الخضر بالتعريف، ويقال خضر بغير تعريف.
س: هل هو نبي؟
الشيخ: نعم هذا هو الصواب.
وقَالَ رَبِيعَةُ: «لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ العِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ».
80 - حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُالوَارِثِ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَسِ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، ويَثْبُتَ الجَهْلُ، ويُشْرَبَ الخَمْرُ، ويَظْهَرَ الزِّنَا.
الشيخ: وما أكثر هذا، الله المستعان، الله أكبر، اشتدت الغربة، وصارت الأقاليم العظيمة قل أن يوجد فيها عالم بشرع الله، والله المستعان.
الطالب: وقال ربيعة: "لاَ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنَ العِلْمِ أَنْ يُضَيِّعَ نَفْسَهُ".
الشيخ: يعني يبلّغ، يعلم الناس، ويرشد الناس، ويوجه الناس إلى الخير، ويعمل لا يغفل؛ فإن سكوته ضياع لنفسه، وهلاك.
الشيخ: وإنما قال أنس هذا؛ لأن أنسًا طالت حياته، وعُمّر فهو من آخر الصحابة موتًا ، كان علم أنه ليس الحديث عند غيره من الموجودين؛ فإنه مات سنة 92 أو 93 من الهجرة، وكان مولده قبل الهجرة بعشر سنين، فهو مات فوق المائة .
82 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ، أُتِيتُ بِقَدَحِ لَبَنٍ، فَشَرِبْتُ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى الرِّيَّ يَخْرُجُ فِي أَظْفَارِي، ثُمَّ أَعْطَيْتُ فَضْلِي عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ قَالُوا: فَمَا أَوَّلْتَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: العِلْمَ.
بَاب الفُتْيَا، وهُوَ واقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ، وغَيْرِهَا
83 - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله تعالى عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وقَفَ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَقَالَ: «اذْبَحْ، ولاَ حَرَجَ» فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: «ارْمِ، ولاَ حَرَجَ» فَمَا سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ، ولاَ أُخِّرَ إِلَّا قَالَ: افْعَلْ، ولاَ حَرَجَ.
الشيخ: وهذا يوم العيد بعدما رمى الجمرة، وقف للناس عليه الصلاة والسلام فأفتاهم فيمن قدّم وأخّر: لا حرج لا حرج، فالسنة أن يرمي ثم ينحر ثم يحلق، أو يقصر، والحلق أفضل، ثم يطوف، هذا هو الأفضل في الترتيب كما فعله النبي ﷺ، لكن الناس منهم من قدّم ومنهم من أخّر فسألوه عليه الصلاة والسلام فقال: لا حرج لا حرج.
أسئلة
س: لكن لو فعله متعمدًا؟
الشيخ: لا حرج، قد يحتاج إلى هذا، قد يتأخر النحر ما يكون جاهزًا، قد يقدم الحلق، قد يتيسر له الحلق قبل الرمي؛ لا بأس.
س: لا يكون هذا معلقًا بالنسك فمن كان نسكه الإفراد يحلق؟
الشيخ: لا، عام يا ولدي، الرسول ما فصّل، ما فصّل، الناس في يوم العيد، وفيه القارن، وفيه المتمتع؛ فالأمر بحمد الله ميسر.
س: وإن كان مفرِدا يا شيخ؟
الشيخ: مفردًا، أو متمتعًا، أو قارنًا، هذا حكمه الرمي، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف، ومن قدم شيئًا على شيء فلا حرج.
س: تقديم السعي على الطواف؟
الشيخ: الصواب لا حرج فيه، لكن الأفضل يقدّم الطواف، هذا هو السنة كما فعل النبي ﷺ طاف ثم سعى.
س: الدابة تساوي السيارة، أم أنها تختلف عنها؟
الشيخ: أي نعم، والسيارة كذلك من باب أوْلى، والسيارة، والباخرة، والقطار، والطائرة، حتى الذي في الطائرة يفتي.
84 - حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا وهَيْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ سُئِلَ فِي حَجَّتِهِ فَقَالَ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ، قَالَ: وَلاَ حَرَجَ قَالَ: حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ: وَلاَ حَرَجَ.
85 - حَدَّثَنَا المَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ سَالِمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: يُقْبَضُ العِلْمُ، ويَظْهَرُ الجَهْلُ، والفِتَنُ، ويَكْثُرُ الهَرْجُ، قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ومَا الهَرْجُ؟ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ القَتْلَ.
الشيخ: كل هذا وقع، قبض العلم، وظهر الجهل، والفتن، وظهر القتال، كله وقع، لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، عليه الصلاة والسلام.
المقصود من هذا تحريض الناس على الاستعداد لهذه الأمور، والحذر من التساهل، وأن يظهر أهل العلم ما عندهم من العلم، وأن يحذروا من الفتن، وأن يحثوا الناس على الاستقامة، والصبر، ولهذا بيّن لهم ﷺ حتى يعدوا العدة لهذا الأمر.
س: من فعل واحدة من هذه الثلاث، مثلًا الرمي، أو النحر، أو الحلق، يحل له، أو لا بدّ يفعل اثنتين من ثلاث؟
الشيخ: الأكثرون على أنه يضيف إليها ثانية، بعض أهل العلم يبيح بالرمي وحده، ولكن الأحوط أن يضيف إليه الحلق، أو التقصير، أو الطواف، اثنين من ثلاث.
س: لو تحلل بالرمي فقط لا حرج؟
الشيخ: محل شبهة.
س: إذا وقع ؟
الشيخ: الظاهر لا حرج إن شاء الله؛ لأن القول بهذا قول قوي، لكن كونه يضيف إليه أحد الأمرين أحوط.
الشيخ: يعني صلاة الكسوف، في خطبة الكسوف.
وقَالَ مَالِكُ بْنُ الحُوَيْرِثِ رضي الله تعالى عنه: قَالَ لَنَا النَّبِيُّ ﷺ: ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ فَعَلِّمُوهُمْ.
87 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، وبَيْنَ النَّاسِ، فَقَالَ: إِنَّ وفْدَ عَبْدِ القَيْسِ أَتَوُا النَّبِيَّ ﷺ فَقَالَ: مَنِ الوَفْدُ؟ -أَوْ مَنِ القَوْمُ؟- قَالُوا: رَبِيعَةُ، قَالَ: مَرْحَبًا بِالقَوْمِ، أَوْ بِالوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا، ولاَ نَدَامَى قَالُوا: إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وبَيْنَنَا وبَيْنَكَ هَذَا الحَيُّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، ولاَ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ إِلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ ورَاءَنَا، نَدْخُلُ بِهِ الجَنَّةَ. فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، ونَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: أَمَرَهُمْ بِالإِيمَانِ بِاللَّهِ وحْدَهُ، قَالَ: هَلْ تَدْرُونَ مَا الإِيمَانُ بِاللَّهِ وحْدَهُ؟ قَالُوا: اللَّهُ ورَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وإِقَامُ الصَّلاَةِ، وإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وصَوْمُ رَمَضَانَ، وتُعْطُوا الخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ، ونَهَاهُمْ عَنِ الدُّبَّاءِ، والحَنْتَمِ، والمُزَفَّتِ، قَالَ شُعْبَةُ: رُبَّمَا قَالَ: النَّقِيرِ، ورُبَّمَا قَالَ: المُقَيَّرِ قَالَ: احْفَظُوهُ، وأَخْبِرُوهُ مَنْ ورَاءَكُمْ.
الشيخ: وهذا يبين ما قاله أهل السنة من أن الإسلام يسمى إيمانًا كما يسمى إسلامًا، يسمى إيمانًا في حديث جبرائيل لما سأل النبي ﷺ عن الإسلام قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤدي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، وفي وفد هؤلاء قال لهم: آمركم بالإيمان أتدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان فكان وفدهم قبل فرض الحج، ولهذا لم يذكر لهم الحج؛ فدل ذلك على أن الإيمان يطلق على الإسلام إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ [آل عمران:19] يعني هو الإيمان، إذا أطلق الإسلام دخل فيه الإيمان، وإذا أطلق الإيمان دخل فيه الإسلام، ولهذا الإسلام لا ينفع إلا بالإيمان لو شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ولم يؤمن، وصلى ولم يؤمن، وزكى ولم يؤمن؛ لم ينفعه ذلك؛ فلا بدّ من الإيمان، والشهادة بأن الله واحد لا شريك له، والإيمان بأنه المستحق للعبادة، فلا بدّ الإيمان بأن محمدًا رسول الله بالقلب مع النطق باللسان فالمنافق لا ينفعه ذلك، ولو قال ذلك مائة مرة؛ لعدم الإيمان بالقلب، فلا بدّ من الإيمان، ولا بدّ من الإسلام، لا بدّ من أداء أحكام الإسلام الظاهرة، ولا بدّ من الإيمان بالقلب بأن الله واحد لا شريك له، وأن معنى لا إله حق، وأنه المعبود بالحق، وأن محمدًا رسول الله حق، ولا بدّ من الإيمان بأن الصلاة فرض، والزكاة فرض، والصيام فرض، والحج فرض، إلى آخره، مع العمل، هذا قول أهل السنة والجماعة، الإيمان قول وعمل يعني: قول بالقلب واللسان، وعمل بالقلب والجوارح، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وأمرهم بأداء الخمس أيضًا، وهو من الإيمان ومن الإسلام، ونهاهم عن النبيذ، والدباء، والحنتم إلى آخره هذا بعدما حرم الله الخمر؛ لأن النبذ فيها قد يفضي إلى الإسكار، ثم رخص لهم بعد ذلك، قال: كنت نهيتكم عن الانتباذ إلا في إناء يوكأ عليه فانتبذوا في كل وعاء، ولا تشربوا مسكرًا، فأباح النبيذ في كل شيء لكن لا يشربوا مسكرًا، فما أسكر يجب تركه مطلقًا سواء كان منتبذًا في دباء، أو في قربة، أو في أي شيء، كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام.
س: إذا اجتمع الإسلام، والإيمان افترقا؟
الشيخ: نعم عند أهل السنة إذا اجتمعا افترقا، كما في حديث جبرائيل، إذا اجتمع الإسلام والإيمان: فالإسلام من الأعمال الظاهرة، والإيمان ما يتعلق بالقلوب، وإذا انفرد أحدهما دخل فيه الآخر كما في حديث وفد عبد القيس، وأشباهه، وكما في قوله جل علا: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ولَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا [الحجرات:14] يعني أظهرنا دين الإسلام.
س: ما معنى قول: يترجم بين ابن عباس وبين ..؟
الشيخ: يعني يبلّغ الناس، يرفع صوته يبلّغ الناس؛ لأنهم كثير يأتي إليه وفود ألوف، رضي الله عنهما، ورحمه.
س: من قال: أن عدم إدخال العمل في مسمى الإيمان من باب الخلاف اللفظي، لأن الثمرة..؟
الشيخ: لا غلط هذا، ما هو بلفظي بل حقيقي.
س: ما المقصود بالنبيذ؟
الشيخ: ما يُنبذ من التمر، والعسل، ونحوه؛ لأنه قد يشتد ويُسْكر وصاحبه لا يشعر؛ لأنه في الدباء، والحنتم، لكن إذا كان في قربة في السقاء إذا اشتد انشق السقاء واتضح الزبد.
س: حقيقة الإرجاء في الإيمان؟
الشيخ: بعض أهل العلم يقولون: العمل لا يدخل في مسمى الإيمان، الإيمان قول فقط، أو قول مع معرفة، وهذا قول ضعيف يقوله المرجئة.
س: هنا سؤال يقول: انتشرت إشاعة، وبخاصة عند النساء، وبالأخص في مدارس النساء، والجامعات، والإشاعة هي أنه يوجد في المسعى بعض التشققات، وأنك أمرت المسؤولين ألا يدفنوا أو يصلحوا هذه التشققات لأجل أن هذا المكان هو مكان خروج الدابة التي تخرج في آخر الزمان، ثم يقول: أرجو توضيح ذلك، وإخراج فتوى توضح ذلك لبعض الجهال سواء في الجرايد أو المجالات؟
الشيخ: هذا لا أصل له، هذا باطل، لم يقع منا شيء، ولم يصدر منا شيء، والدابة ما بعد جاء وقتها، الدابة وقتها بعدين بعد خروج الدجال، وبعد نزول عيسى ابن مريم، ولم يتيقن خروجها من عند الصفا ولا غيره، الله أعلم متى تخرج، والله أعلم من أين مكان تخرج، المقصود أن هذا القول أنا قلنا لهم اتركوا الشقوق أو أنها ستخرج؛ كل هذا باطل ما حصل، الدابة ما يعلم متى خروجها إلا الله، ولا يعلم مكان خروجها إلا الله سبحانه، ولكن جاءت الأحاديث تدل على أنها متأخرة، وأنها بعد الدجال بعد نزول عيسى ابن مريم، وأنها خروجها قرب طلوع الشمس من مغربها، إما قبلها بقليل، أو بعدها بقليل.
88 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ أَبُو الحَسَنِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ الحَارِثِ رضي الله تعالى عنه، أَنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لِأَبِي إِهَابِ بْنِ عُزَيْزٍ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ أَرْضَعْتُ عُقْبَةَ، والَّتِي تَزَوَّجَ، فَقَالَ لَهَا عُقْبَةُ: مَا أَعْلَمُ أَنَّكِ أَرْضَعْتِنِي، ولاَ أَخْبَرْتِنِي، فَرَكِبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالْمَدِينَةِ فَسَأَلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ وقَدْ قِيلَ؟ فَفَارَقَهَا عُقْبَةُ، ونَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ.
الشيخ: وهذا فيه الرحلة، الذي ارتحل من مكة إلى المدينة لأجل طلب العلم، وسؤال النبي ﷺ، وفي هذا أن شهادة المرأة تقبل في الرضاع المرأة الواحدة، ولهذا في اللفظ الآخر كيف وقد قيل؟ دعها عنك ففارقها.
89 - حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، ح قَالَ أَبُو عَبْدِاللَّهِ: وقَالَ ابْنُ وهْبٍ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، عَنْ عُمَر رضي الله تعالى عنه قَالَ: كُنْتُ أَنَا وجَارٌ لِي مِنَ الأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ، وهِيَ مِنْ عَوَالِي المَدِينَةِ، وكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، يَنْزِلُ يَوْمًا، وأَنْزِلُ يَوْمًا، فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ بِخَبَرِ ذَلِكَ اليَوْمِ مِنَ الوَحْيِ، وغَيْرِهِ، وإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنَزَلَ صَاحِبِي الأَنْصَارِيُّ يَوْمَ نَوْبَتِهِ، فَضَرَبَ بَابِي ضَرْبًا شَدِيدًا، فَقَالَ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَفَزِعْتُ فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ عَظِيمٌ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ فَإِذَا هِيَ تَبْكِي، فَقُلْتُ: طَلَّقَكُنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَتْ: لاَ أَدْرِي، ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقُلْتُ وأَنَا قَائِمٌ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: لاَ فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ.
بَاب الغَضَبِ فِي المَوْعِظَةِ، والتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ
90 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله تعالى عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، والضَّعِيفَ، وذَا الحَاجَةِ.
س:..........................
الشيخ: التخفيف مع مراعاة الطمأنينة، والتأسي بالنبي ﷺ.
س: أحسن الله إليكم، هنا قال رجل: يا رسول الله لا أكاد أدرك الصلاة مما يطوِّل بنا فلان، المعنى؟
الشيخ: يعني أنه يطوِّل، وما يكاد يدرك الصلاة معه؛ لأنه يشق عليه الحضور والمقام معه مما يطوِّل، يعني يشق علينا حتى أني يشق علي أني أصلي معه.
س: بعض الناس يقول من المشقة أن تقرأ الإنسان والسجدة في يوم الجمعة، هل يُقبل كلامه؟
الشيخ: لا، المقصود بالتخفيف تخفيف النبي ﷺـ هو القدوة كان يقول أنس: أتم صلاة، وأخف صلاة (ما رأيت إمامًا أخف صلاة، ولا أتم صلاة من النبي ﷺ) يتأسى به في هذا عليه الصلاة والسلام، هو الذي يعلم الناس عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: وهذا فيه الغضب عند النصيحة، إذا سأل السائل عما ينبغي الغضب فيه مثل ما غضب عند السؤال عن ضالة الإبل، ومثل ما قال له الرجل: ما أستطيع أن أصلي من أجل فلان مما يطيل؛ غضب عند الموعظة من أجل تحذير الناس مما لا ينبغي، الغضب هنا من أجل التحذير، والتنفير من الباطل؛ لأن أخذ الضالة من الإبل منكر، وهكذا التطويل على الناس بما يشق عليهم منكر؛ فلهذا غضب حتى يكون أردع للناس.
الأسئلة:
س: بالنسبة لضالة الغنم بعد مضي الوقت وتعريفها: هل الأوْلى يتصدق بها، أم يأخذها، ويأكلها؟
الشيخ: لا، له، ملك له لك أو لأخيك أو للذئب لكن بعد أن يعرّفها، يقول ﷺ: من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها رواه مسلم، يعرفها سنة فإن شق عليه بقاؤها؛ باعها وحفظ ثمنها وصفاتها، وإن تيسر أنها ترعى مع غنمه يخليها ترعى.
س: لكن هل يقال: يتصدق بها، أم يمتلكها؟
،الشيخ: لا ملك له، إذا تمت السنة فهي ملك له، حتى إذا جاء صاحبها يومًا من الدهر أداها إليه إذا عرفه.
س: هل يقسم السجدة في صلاة الفجر بين الركعتين؟
الشيخ: لا، السنة أن يقرأ السجدة في الأولى، والإنسان في الثانية.
س: هل يقال: إنه مبتدع؟
الشيخ: لا، يقال خالف السنة، لكن البدعة ما لها لزوم، يُقال خالف السنة.
س: في الحديث الأول: فدخلت على حفصة فإذا هي تبكي؟
الشيخ: لما أشيع أنه طلق نساءه أشاع الناس أنه طلق نساءه فبكت خوفًا من الطلاق، فلما جاء عمر سأل النبي ﷺ قال: ما طلقت نسائي فقال عمر: الله أكبر.
س: هل كان إيلاء؟
الشيخ: نعم... هجرهن شهرًا، آلى منهن شهرًا، وليس بطلاق.
س: تعريف السَّنة في جميع اللقطة يا شيخ؟
الشيخ: نعم لا بد من سَنة.
س: ما عدا: ما لا تتبعه...؟
الشيخ: الشيء الحقير لا، ما له شيء، مثل النبي ﷺ قال: لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها لما وجد تمرة في الطريق، قال: لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها دل على أن الشيء الحقير يُعفى عنه كالحبل، والتمرة، والتمرتين، والأشياء الحقيرة كالريال، والعشرة، والخمسة، في وقت ما لها قيمة.
س:....................
.......................
س: ورد أن الإمام يقرأ بسورة من هذه السور: الأعراف..؟
الشيخ: والله الأفضل ترك هذا؛ لأن هذا يشق على الناس، ولعل الذي يقرأ هذا لأسباب، النبي ﷺ ...... الأوْلى تركها لا شك؛ لئلا يشق على الناس، ولم يرو أنه كررها ﷺ، إنما يُروى مرة واحدة.
س: لسبب؟
الشيخ: لعله لسبب.
س: وبعد تعريفها سَنة؟
الشيخ: له، يملكها، فإن جاء صاحبها يومًا من الدهر وعرّفها يعطيه إياها، ولو بعد سنتين.
س: بالنسبة للتعريف لا بد في.....؟
الشيخ: في مجامع الناس، حول المساجد، في الأسواق التي فيها يتجمع الناس: من له اللقطة؟ من له الدراهم؟ من له الشاة.
س: ما تكفي الجرائد..؟
الشيخ: لا ما تكفي الجرائد، النداء في الأسواق أبلغ، ما الكل يقرأ الجرائد، وإن جعل في الجرائد زود ما يخالف، لكن لا بدّ من التعريف في مجامع الناس.
س: وإذا تركها، إذا ترك ضالة الغنم؟
الشيخ: ما عليه، لكن أخذها أفضل، النبي قال: خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب، وإذا تركها ما بده يتكلف يتعب، لا بأس.
س: إذا كانت تصل مثلا إلى عشرة ريالات أو عشرين ريالًا؟
الشيخ: هذه حقيرة، ما لها قيمة، ما تحتاج تعريف.
س: ما يقال في السُّنة قراءة سورة الأعراف في المغرب؟
الشيخ: لا ما هو بظاهر؛ لأن الرسول ﷺ استقرت سنته التقصير في المغرب.
س: بارك الله فيك، إذا كان تزوج رجل امرأة ثم قضي بينهما نسل، وبعد ذلك علم أن بينهما رضاع فماذا يكون مصير الأولاد؟
الشيخ: أولاد له، أولاده، وهي محرمٌ له، تبين أنها أخته، أو خالته، محرمٌ له، والأولاد له؛ للشبهة.