523 من: (باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخدِّ وشقِّ الجيب ونتف الشعر وحلقه والدعاء بالويل والثّبور)

 
302- باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخدِّ وشقِّ الجيب ونتف الشعر وحلقه والدعاء بالويل والثّبور
1/1657- عَنْ عُمَر بْنِ الخَطَّابِ قَالَ: قَال النبيُّ ﷺ: الميِّتُ يُعذَّبُ فِي قَبرِهِ بِما نِيحَ علَيْهِ وَفِي روايةٍ: مَا نِيحَ علَيْهِ متفقٌ عليه.
2/1658- وعن ابْنِ مسعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الخُدُودَ، وشَقَّ الجُيُوبَ، ودَعا بِدَعْوَى الجَاهِليةِ متفقٌ عليه.
3/1659- وَعَنْ أبي بُرْدةَ قَالَ: وَجِعَ أبُو مُوسَى فَغُشِيَ علَيْهِ، وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ امْرأَةٍ مِنْ أهْلِهِ، فَأَقْبلَتْ تَصِيحُ بِرنَّةٍ، فَلَمْ يَسْتَطِع أنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا شَيْئًا، فَلَمَّا أفَاقَ قَال: "أنَا بَرِيءٌ مِمَّنْ بَرِئَ مِنْهُ رسُولُ اللَّه ﷺ, إنَّ رسُول اللَّه ﷺ بَرِئَ مِنَ الصَّالِقَةِ والحَالقةِ والشَّاقَّة" متفقٌ عليه.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث فيما يتعلق بتحريم النياحة على الميت، وشقّ الثياب، ولطم الخدود، والدعاء بدعوة الجاهلية، كل هذا محرَّم يجب الحذر منه، فالواجب عند المصيبة الصبر والاحتساب، وقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها"، هذا هو المشروع، قال الله جل وعلا: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ۝ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ [البقرة:155- 157]، هذا هو المشروع عند المصيبة: الصبر والاحتساب، وأن يقول المؤمن: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها".
يقول ﷺ في الحديث الصحيح: ما من عبدٍ يُصاب بمصيبةٍ فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، إلا آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها هذا فضل عظيم.
يقول ﷺ في حديث عمر: الميت يُعذَّب بما نِيح عليه، وجاء فيه أحاديث أيضًا، فالميت يُعذَّب بنياحة أهله عليه، فالنائح يضرّ قريبه، وهذا فيه التحذير من النياحة، فإذا علموا أنه يضرّ قريبهم كان أدعى لتركها والحذر منها، ويقول ﷺ: أربعٌ في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهنَّ: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة، وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تُقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب.
ولما بايع النبيُّ ﷺ النساء بايعهن على ألا يَنُحْنَ، وقال ﷺ: أنا بريءٌ من الصَّالقة، والحالقة، والشَّاقَّة، وقال: ليس منا من ضرب الخدود، أو شقَّ الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية، كل هذا منكر: شقّ الثياب، لطم الخدود، نتف الشعر، حلق الشعر من أجل المصيبة، هذا جزعٌ منكر، والصالقة: التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة: التي تحلق شعرها عند المصيبة، ومثله النتف، والشاقة: التي تشق ثوبها عند المصيبة، كل هذا من عمل الجاهلية، أما دمع العين وحزن القلب فلا حرج فيه، يقول النبيُّ ﷺ لما مات ابنه إبراهيم: العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يُرضي الربَّ، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزنون، وقال ﷺ: إنَّ الله لا يُعَذِّب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يُعذِّب بهذا أو يرحم وأشار إلى لسانه عليه الصلاة والسلام.
فالواجب هو الصبر والاحتساب، ولا بأس بالبكاء بدمع العين وحزن القلب، أما ضرب الخدود وشق الجيوب ودعوى الجاهلية ورفع الصوت فهذا هو الذي لا يجوز.
نسأل الله للجميع السلامة والعافية.

الأسئلة:

س: حديث عمر: الميت يُعذَّب بما نِيحَ عليه ما أصحّ ما قيل في معناه؟
جأي: أنه يُعذَّب بما يعلمه الله، هذا من باب التحذير، هذه أمور غيبية، وهذا مستثنى من قوله جل وعلا: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء:15]، والغالب أنَّهم إذا علموا أن الميت لا يرضى بهذا فإنه يُؤثِّر فيهم ويكفّهم بعض الشيء.
س: مَن قال أنه يحمل على مَن كان يعلم من أهله النياحة، ولم ينههم عنها؟
ج: الحديث عام، وهو مستثنى من: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء:15].
س: يعني يُقال: الله أعلم به؟
ج: نعم، عذاب الله أعلم بصفته.
س: هل للمُبَلِّغ بنقل الوفاة تأثير على أهل الميت؟ فعليه أن يُبَلِّغهم مثلًا بتدريج وكذا؛ لأنهم يمكن أن ينصدموا، ثم هو يُسبب النياحة بانصدامهم بسماع الخبر بالوفاة وكذا؟
ج: لا بد أن يسمعوه، لو ما سمعوه اليوم سمعوه غدًا، لكن يُسمعهم إياه ويُعزيهم والحمد لله، أما أنه يكذب لا يكذب.
س: يُخفف مثلًا فيقول: هو مريض، أو في حالةٍ خطرةٍ، يعني تدريجيًّا.
ج: وهم ما عندهم خبر أنه مريض؟
س: ما عندهم خبر، مثلًا: حصل له حادثٌ فمات فيُخبرهم بالتَّدريج، فيقول مثلًا أنه في حالةٍ خطرةٍ وكذا، ويحتمل أنه في سكرات الموت وكذا؟
ج: الله أعلم.
س: البراءة في الحديث ماذا تقتضي؟
ج: من باب الوعيد، وبعضهم يُلحقها بالكبائر، قوله أنا بريءٌ بعضُ أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة يقولون: هذا يُلحق بالكبائر، إذا قال فيها: أنا بريء أو ليس منا.
س: ما ذنب الميت أنه يُعذَّب بسبب نياحة قريبه؟
ج: الله أعلم، هذا إلى الله، مثلما قلتُ لك: هذا مُستثنى من: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء:15]، هذا أمره إلى الله.
س: بعض الناس يتطير من إخبار أهل الميت ولا يُخبرهم؟
ج: لا، النبي لما جاء خبر جعفر وصاحبيه أعلنه على المنبر، قال: أصاب هذا فلان وأصيب، وأخذها فلان وأصيب، وأخذها فلان وأصيب، إن لم يعلموا اليوم علموا غدًا.
س: يُعلنها مباشرةً ولا يتدرج؟
ج: يُعلمهم ويُعزيهم: أحسن الله عزاءكم في فلان، وإذا بدأ قال: حدث في السيارة كذا، ثم يُبين، ما فيه شيء.
س: هل كفارة الظهار تسقط بطلاق الزوجة؟
ج: كفارة الظهار ما تجب عليه إلا إذا كان يُجامعها، وإذا طلَّقها ما عنده كفارة ظهار، لكن لو عادت إليه لا يطأها حتى يُكفِّر.