45- باب زيارة أهل الخير ومُجالستهم وصُحبتهم ومحبّتهم وطلب زيارتهم والدّعاء منهم وزيارة المواضع الفاضلة
قَالَ الله تَعَالَى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا إِلَى قوله تَعَالَى: قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا [الكهف:60- 66]، وَقالَ تَعَالَى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف:28].
1/360- وعن أَنسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بكر لِعمرَ رضي اللَّهُ عنهما بَعْدَ وَفَاةِ رسولِ اللَّه ﷺ: "انْطَلِقْ بِنَا إِلى أُمِّ أَيْمَنَ رضي اللَّه عنها نَزُورُهَا كَما كانَ رسولُ اللَّه ﷺ يزُورُهَا"، فلَمَّا انْتَهَيا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالا لَهَا: "مَا يُبْكِيكِ؟! أَما تَعْلَمِينَ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خيرٌ لرسولِ اللَّه ﷺ؟" فقالت: "إِنِّي لا أَبْكِي أَنِّي لا أَعْلمُ أَنَّ مَا عِندَ اللَّهِ تعالَى خَيرٌ لرسُولِ اللَّه ﷺ، ولَكنْ أَبْكي أَنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ"، فَهَيَّجَتْهُما عَلَى البُكَاءِ، فَجعلا يَبْكِيانِ معهَا. رواه مسلم.
2/361- وعن أَبي هريرة ، عن النَّبيِّ ﷺ: أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ في قَريَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَد اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْن تُريدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لي في هذِهِ الْقَرْيةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ علَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: لا، غَيْر أَنِّي أَحْبَبْتُهُ في اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: فَإِنِّي رَسُول اللَّهِ إِلَيْكَ بأَنَّ اللَّه قَدْ أَحبَّكَ كَما أَحْبَبْتَهُ فِيهِ رواه مسلم.
3/362- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: مَنْ عَادَ مَريضًا أَوْ زَار أَخًا لَهُ في اللَّه، نَادَاهُ مُنَادٍ: بِأَنْ طِبْتَ وطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الجنَّةِ مَنْزِلًا رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ. وفي بعض النُّسخ: غريبٌ.
قَالَ الله تَعَالَى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا إِلَى قوله تَعَالَى: قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا [الكهف:60- 66]، وَقالَ تَعَالَى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف:28].
1/360- وعن أَنسٍ قَالَ: قَالَ أَبُو بكر لِعمرَ رضي اللَّهُ عنهما بَعْدَ وَفَاةِ رسولِ اللَّه ﷺ: "انْطَلِقْ بِنَا إِلى أُمِّ أَيْمَنَ رضي اللَّه عنها نَزُورُهَا كَما كانَ رسولُ اللَّه ﷺ يزُورُهَا"، فلَمَّا انْتَهَيا إِلَيْهَا بَكَتْ، فَقَالا لَهَا: "مَا يُبْكِيكِ؟! أَما تَعْلَمِينَ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خيرٌ لرسولِ اللَّه ﷺ؟" فقالت: "إِنِّي لا أَبْكِي أَنِّي لا أَعْلمُ أَنَّ مَا عِندَ اللَّهِ تعالَى خَيرٌ لرسُولِ اللَّه ﷺ، ولَكنْ أَبْكي أَنَّ الوَحْيَ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ"، فَهَيَّجَتْهُما عَلَى البُكَاءِ، فَجعلا يَبْكِيانِ معهَا. رواه مسلم.
2/361- وعن أَبي هريرة ، عن النَّبيِّ ﷺ: أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ في قَريَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَد اللَّهُ تَعَالَى عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْن تُريدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لي في هذِهِ الْقَرْيةِ، قَالَ: هَلْ لَكَ علَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: لا، غَيْر أَنِّي أَحْبَبْتُهُ في اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: فَإِنِّي رَسُول اللَّهِ إِلَيْكَ بأَنَّ اللَّه قَدْ أَحبَّكَ كَما أَحْبَبْتَهُ فِيهِ رواه مسلم.
3/362- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: مَنْ عَادَ مَريضًا أَوْ زَار أَخًا لَهُ في اللَّه، نَادَاهُ مُنَادٍ: بِأَنْ طِبْتَ وطَابَ مَمْشَاكَ، وَتَبَوَّأْتَ مِنَ الجنَّةِ مَنْزِلًا رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ. وفي بعض النُّسخ: غريبٌ.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الآيات والأحاديث فيها الدّلالة على شرعية زيارة الإخوان في الله، والمحبين في الله؛ لمزيد من العلم، وللتأسِّي بأفعالهم الطيبة، ولحبهم في الله ، فالتَّزاور في الله فيه خيرٌ كثيرٌ، يقول الله جلَّ وعلا في قصة موسى لما خطب الناسَ وسأله سائلٌ فقال: هل تعلم أحدًا في الأرض أعلم منك؟ قال: «لا»، فقال الله له: «بلى، عبدي فلان» يعني: الخضر، وطلب الطريق إليه، فالله جلَّ وعلا أمره أن يذهب إليه ليتعلم منه ويستفيد، فدلَّ ذلك على أنَّ صحبة أهل العلم والخيار مطلوبة؛ لمزيد العلم والفائدة، وقال جلَّ وعلا: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف:28] يعني: احبس نفسك مع الأخيار، مع أهل التقوى والإيمان؛ لما في ذلك من الخير العظيم، والفائدة الكبيرة، والتَّأسي بهم في طاعة الله جلَّ وعلا، والحبّ في الله والبُغض في الله من أفضل الدَّرجات، ومن أعلى المنازل، وجاء في الحديث: يقول الله جلَّ وعلا: وجبتْ محبَّتي للمُتحابّين فيَّ، والمتجالسين فيَّ، والمُتباذلين فيَّ، والمُتزاورين فيَّ رواه مالك رحمه الله بسندٍ جيدٍ عن النبي ﷺ، يقول عن الله .
وفي هذا قصة الرجل الذي ذهب إلى أخٍ له في الله، فأرصد الله على طريقه مَلَكًا يسأله: هل لك من نِعمةٍ تَرُبُّها عليه؟ قال: لا، إلا أني أُحبه في الله، قال: إنِّي رسول الله إليك بأنَّ الله قد أحبَّك كما أحببتَه.
وكذلك قصة أم أيمن لما زارها الصديقُ وعمرُ رضي الله عنهما، وأم أيمن كانت حاضنةَ النبي ﷺ، وكان يزورها ﷺ، ويحترمها، ويُكرمها، فزارها الصديقُ وعمرُ بعد ذلك تأسِّيًا بالنبي ﷺ في زيارتها، فلمَّا زاراها بكت، فسألاها: لماذا بكيتِ؟! ألا تعلمين أنَّ ما عند الله خيرٌ لرسول الله ﷺ؟ قالت: بلى، ولكني أبكي لانقطاع الوحي، فهَيَّجَتْهُما على البكاء؛ لأنَّ الوحي كان ينزل بأخبار الناس والأمر والنَّهي، وبموت النبي ﷺ انقطع الوحيُ، واستقرت الشريعةُ.
فهذا فيه زيارة الأحبَّة في الله من الرجال والنساء، وأنَّ المقصود من ذلك التذكير بالله، والاستفادة من علم أهل العلم، والتأسِّي بأعمال أهل الخير، هكذا يتزاور الناسُ: لطلب العلم، وطلب الخير، وطلب الفائدة من أهل العلم، ومحبة الإخوان في الله جلَّ وعلا.
كذلك حديث: مَن عاد مريضًا، أو زار أخًا له في الله، ناداه مُنادٍ من السماء: أن طِبْتَ وطاب ممشاك، وتبوأتَ من الجنة منزلًا.
وعلى كل حالٍ، التَّحاب في الله والتَّزاور في الله من أفضل القُربات كما تقدَّم، فالمستحب للمؤمن أن يزور إخوته في الله، وأحبابه في الله، لا لطمعٍ في الدنيا، ولكن للتَّعاون على البرِّ والتَّقوى، وللتَّأسِّي بالخير، وللتذكير بالخير، وللتَّثبيت على الخير، هكذا يتزاور المؤمنون.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: هل يُشرع للزائر أن يُخْبِر المزور أنه زاره في الله؟
ج: نعم، يُشرع له، يقول: زرتُك لأني أُحبّك في الله.
س: المُتحابون في الله في نفس الدرجة في الجنة أم يختلفون؟
ج: يقول الله جلَّ وعلا يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي؟ اليوم أُظِلُّهم في ظِلِّي يوم لا ظِلَّ إلا ظِلِّي، والحديث الآخر: سبعةٌ يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّه وذكر منهم: المتحابين في الله.
س: هل زيارة أهل الخير هم العلماء والدُّعاة؟
ج: نعم، وأهل الصلاح، فهذا عام.
س: إذا كنتُ أُحبه في الله هل من السنة أن أذهب إليه في بيته وأطرق بابه وأُبلغه هذا الشيء؟
ج: في بيته، أو في الطريق، أو في المسجد، ولا يلزم أن يكون في البيت، إذا بلغته يكون حسنًا، تقول: إني أحبك في الله.
س: ..................