كتَاب الفَضَائِل
180- باب فضل قراءة القرآن
1/991- عن أَبي أُمامَةَ قَالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ: اقْرَؤوا القُرْآنَ، فإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القيامةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ رواه مسلم.
2/992- وعَن النَّوَّاسِ بنِ سَمْعانَ قالَ: سمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ: يُؤْتَى يوْمَ القِيامةِ بالْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ الذِين كانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنيَا، تَقْدُمهُ سورَةُ البَقَرَةِ وَآل عِمْرَانَ، تُحَاجَّانِ عَنْ صاحِبِهِمَا رواه مسلم.
3/993- وعن عثمانَ بن عفَّانَ رضيَ اللَّه عنهُ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: خَيرُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعلَّمَهُ رواه البخاري.
180- باب فضل قراءة القرآن
1/991- عن أَبي أُمامَةَ قَالَ: سمِعتُ رسولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ: اقْرَؤوا القُرْآنَ، فإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ القيامةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ رواه مسلم.
2/992- وعَن النَّوَّاسِ بنِ سَمْعانَ قالَ: سمِعتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقولُ: يُؤْتَى يوْمَ القِيامةِ بالْقُرْآنِ وَأَهْلِهِ الذِين كانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ في الدُّنيَا، تَقْدُمهُ سورَةُ البَقَرَةِ وَآل عِمْرَانَ، تُحَاجَّانِ عَنْ صاحِبِهِمَا رواه مسلم.
3/993- وعن عثمانَ بن عفَّانَ رضيَ اللَّه عنهُ قَالَ: قالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: خَيرُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعلَّمَهُ رواه البخاري.
الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بفضل القرآن وعظيم شأنه، فالقرآن هو كلام الله سبحانه، منزل غير مخلوق بإجماع أهل السنة والجماعة، فيه الهدى والنور، هو سبيل الله، وهو الصراط المستقيم، وهو ذكره الحكيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا يَخْلَقُ من كثرة الردِّ، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي قال الله فيه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، وقال سبحانه: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89]، وقال جلَّ وعلا فيه: وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155].
فهو كتاب الله يجب اتّباعه، والأخذ بما فيه، والاستقامة عليه، والإيمان بأنَّه كلام الله حقًّا، مُنَزَّل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، يجب على الأمة كلها -جنّها وإنسها- الأخذ به، والاستقامة على تعاليمه، والحذر مما يُخالفه، مع الأخذ بالسنة -سنة الرسول ﷺ- والاستقامة عليها؛ لأنها الوحي الثاني، والمفسرة لكتاب الله، والدالة عليه، كما قال الله : وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44]، وقال تعالى: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ [النحل:64]، فالرسول هو المبين والدال والمرشد إلى ما قد يخفى من القرآن الكريم، وهو المبين لمعانيه وأحكامه.
يقول عليه الصلاة والسلام: اقرؤوا القرآنَ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، شفيعًا لأصحابه الذين يعملون به، كما في حديث النَّواس: فإنَّ القرآن حُجَّةٌ لك أو عليك، كما في حديث مالكٍ الأشعري، حُجَّة لك إن عملتَ به واستقَمْتَ عليه، وحُجَّة عليك إن أضعتَه ولم تستقم عليه.
وفي حديث النَّواس يقول ﷺ: يُؤْتَى بالقرآن يوم القيامة -يُدعى القرآن- وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا يعني: إظهارًا لشرفهم وعظم شأنهم بين الخلائق، تقدمه سورة البقرة وآل عمران، كأنَّهما غمامتان -أو قال: غَيَايَتان، أو فرقان من طيرٍ صَوَافٍّ- تُحاجَّان عن أصحابهما.
فالمقصود أنَّ هذا القرآن هو كتاب الله، وأهله هم الذين يعملون به، وهو حُجَّة لهم يوم القيامة، ينادون على رؤوس الخلائق، في إظهار شأنهم وفضلهم، فالقرآن يشهد لهم، ويحتجّ لهم، وتقدمه سورة البقرة وآل عمران.
فالواجب على أهل الإسلام العناية بهذا الكتاب العظيم: تدبُّرًا، وتعقُّلًا، وعملًا، كما قال سبحانه: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29]، وقال تعالى: هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [إبراهيم:52]، وقال سبحانه: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام:19]، ويقول : أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].
وفي حديث عثمان يقول ﷺ: خيرُكم مَن تعلَّم القرآنَ وعلَّمه يعني: خيار الناس أهل القرآن، الذين يتعلَّمونه، ويعملون به، ويُعلِّمونه الناس، هم خير الناس، وليس المقصود أن تقرأه، أو تُجيد تلاوته، أو تكون من أقرأ الناس، لا ........، لكن إنما ينفعك إذا عملتَ به، أما مجرد التلاوة فالخوارج -وهم شرّ الخلق والخليقة- يقرؤون القرآن، يَحْقِر أحدُنا قراءَته عند قراءتهم؛ من عِظم إقامتهم للقراءة، وهم خوارج كفَّار، يمرقون من الإسلام ثم لا يعودون إليه، يقول ﷺ: يحقر أحدُكم صلاتَه مع صلاتهم، وقراءَته مع قراءتهم، يمرقون من الإسلام مروق السَّهم من الرَّميَّة؛ لخُبْثِهم ونفاقهم ومعاصيهم وشرّهم.
فالمقصود أنَّ مجرد التلاوة والعناية بالتلاوة وكونه يُجيدها لا يكفي، وإن كان هذا مطلوبًا وطيبًا وفيه خيرٌ لمن أخلص نيته، لكن لا يكفي، فلا بدّ من العمل، لا بد من طاعة الله ورسوله، لا بدّ من تنفيذ أوامر الله، وترك نواهيه، في الصلاة وغيرها.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ذكرتَ بعض ألفاظ حديث عليٍّ عند الترمذي، فهل يصحّ؟
ج: الأشبه أنه موقوف على عليٍّ، وقال بعض ..........: "سنده فيه ضعف"، لكن ابن كثير رحمه الله قال: "الأشبه أن يكون موقوفًا"، الأشبه أنه من كلام عليٍّ استنبطه من الأحاديث ومن القرآن: تكون فِتَنٌ، قيل: ما المخرج منها يا رسول الله؟ المعروف به عليّ، قال: كتاب الله، فيه نبأ مَن قبلكم .. إلى آخره، والذي فيه كلام حقّ.
س: ما يُضَعَّف الحديثُ بالحارث الأعور؟
ج: بلى، هو راويه، وهو ضعيف، لكن المعنى صحيح.
س: ذُكر اليوم في درس الجمعة بعد الصلاة أنَّ ابن تيمية يقول: بفناء النار؟
ج: ما هو بصحيح، فالذي أعرفه أنه ذكر القولين، وإن قاله فهو خطأ، إن نُسِبَ إليه فهو خطأ، والصواب عند أهل السنة أنَّها باقية دائمة، وأهلها دائمون فيها -نسأل الله العافية- فالكفَّار عذابهم مُؤَبَّد، وهي باقية أبدًا: كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا [الإسراء:97]، فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا [النبأ:30] نسأل الله العافية.
الطالب: هناك كلام لابن تيمية يقول ببقاء النار، أقرأه؟
ج: بقاؤها، طيب.
الطالب: نعم، في "الفتاوى" المجلد الثامن عشر.
ج: أيش عندك؟ صفحة كم؟
الطالب: صفحة 307، وأيضًا في "درء تعارض العقل والنقل" لابن تيمية، المجلد الثاني، 358.
ج: هذا هو الظن به.
الطالب: أقرأه يا شيخ؟
ج: نعم.
الطالب: سُئل شيخ الإسلام عن حديث أنسٍ مرفوعًا: "سبعة لا تموت، ولا تفنى، ولا تذوق الفناء: النار وساكنها، واللوح، والقلم، والكرسي، والعرش"، فهل هذا الحديث صحيح؟ فأجاب بما نصه: هَذَا الْخَبَرُ بِهَذَا اللَّفْظِ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ ﷺ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ، وَقَد اتَّفَقَ سَلَفُ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتُهَا وَسَائِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ عَلَى أَنَّ مِن الْمَخْلُوقَاتِ مَا لَا يعْدَمُ وَلَا يَفْنَى بِالْكُلِّيَّةِ: كَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، وَالْعَرْشِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَلَمْ يَقُلْ بِفَنَاءِ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ إلَّا طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُبْتَدِعِينَ: كَالْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِن الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ، يُخَالِفُ كِتَابَ اللَّهِ، وَسُنَّةَ رَسُولِهِ، وَإِجْمَاعَ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا.
ج: صفحة كم؟
الطالب: هذه الفتاوى، المجلد الثامن عشر، صفحة 307.
ج: طيب، هذا هو اللائق به.
الطالب: هناك أيضًا موضع آخر في "درء تعارض العقل والنقل"، فهل أقرأه؟
ج: نعم.
الطالب: وقال أهلُ الإسلام جميعًا: ليس للجنة والنار آخر، وإنهما لا تزالان باقيتين، وكذلك أهل الجنة لا يزالون في الجنة يتنعَّمون، وأهل النار في النار يُعَذَّبون، ليس لذلك آخر.
ج: هذا هو الحق، صفحة كم؟
الطالب: هذا "درء التعارض"، المجلد الثاني، صفحة 358.
أيضًا معي رسالة "كشف الأستار لإبطال ادِّعاء فناء النار" المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، للدكتور علي بن علي جابر الحربي، مدرس في جامعة أم القرى.
ج: جزاه الله خيرًا، هل طبعه؟
الطالب: نعم.
ج: ................
الطالب: نعم.
ج: عندك منه نُسخ؟
الطالب: هذا هو يا شيخ، تفضَّل؟
ج: عندك غيرَه؟
الطالب: نعم.
ج: جزاك الله خيرًا.