315 من حديث: (أن رجلًا قال: يا رسول الله إني أرِيد أن أسافر فأوصني، قال: «عليك بتقوى الله والتكبير على كل شرف»..)

4/978- وعن أَبي هُريرةَ : أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رسول اللَّه، إنِّي أُرِيدُ أَن أُسافِر فَأَوْصِنِي، قَالَ: عَلَيْكَ بِتقوى اللَّهِ، وَالتَّكبير عَلى كلِّ شَرَفٍ، فَلَمَّا ولَّى الرَّجُلُ قَالَ: اللَّهمَّ اطْوِ لهُ البُعْدَ، وَهَوِّنْ عَليهِ السَّفَر رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.
5/979- وعن أَبي موسى الأَشعَريِّ قَالَ: كنَّا مَع النبيِّ ﷺ في سَفَرٍ، فكنَّا إِذَا أَشْرَفْنَا عَلَى وادٍ هَلَّلْنَا وكَبَّرْنَا وَارْتَفَعَتْ أَصوَاتُنا، فقالَ النبيُّ ﷺ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلى أَنْفُسِكم، فَإنَّكم لا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلا غَائِبًا، إنَّهُ مَعَكُمْ، إنَّهُ سَمِيعٌ قَريبٌ متفقٌ عَلَيْهِ.
172- باب استحباب الدّعاء في السفر
1/980- عن أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رسولُ الله ﷺ: ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهنَّ: دَعْوَةُ المَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ المُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلى وَلدِهِ رواه أَبُو داود والترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ. وليس في رواية أَبي داود: على ولدِه.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد: فهذه الأحاديث في معنى الأحاديث السابقة، كلها تدل على شرعية التكبير عند صعود الرَّوابي والجبال والمرتفعات، والتَّسبيح والتَّهليل عند نزول الأودية والمطامن من الأرض في الأسفار، وكان النبي أوصاهم بهذا، وكان يفعله ﷺ، فكانوا إذا نزلوا واديًا أو ما يُشبه ذلك من السّفول سبَّحوا الله وقدَّسوه وذكروه، وإذا صعِدوا الرَّوابي والمرتفعات كبَّروا، وهذا هو الأفضل.
والإنسان مأمورٌ بذكر الله، ومشروعٌ له ذكر الله في كل وقتٍ: في بيته، وعلى فراشه، وفي طريقه، وفي مسجده، وفي كل مكانٍ، وهكذا في السفر يُشرع له التَّكبير والتّهليل والتَّسبيح، فيُكبّر عند الصّعود، هذا أفضل، وعند النزول يُسبّح ويُهلل، وكيفما فعل فهذا كله طيب.
والسنة أن تكون الأصوات وسطًا، لا يُبالغ في الرفع، ولهذا لما كانوا يُبالغون في الرفع قال لهم ﷺ: اربعوا على أنفسكم يعني: ارفقوا بأنفسكم، فإنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، وهو سبحانه سميع قريب، قال جلَّ وعلا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ [البقرة:186]، فهو سبحانه سميع قريب.
فالسنة للمؤمن في ذكره أن يكون صوته متوسطًا، إذا صعِد الرَّوابي كبَّر، وإذا هبط الأودية سبَّح، بأصواتٍ مُقاربةٍ متوسطةٍ، ليس فيها تكلّف.
وسأله بعضُ الصحابة أن يُوصيه عند السفر فقال: اتَّقِ الله، وكبِّر على كل شَرَفٍ يعني: كبِّر عند صعود المرتفعات، وأوصى الآخر فقال: اتَّقِ الله حيثما كنتَ، وأمر بالتَّقوى، فقال: زِدْنِي، قال: غفر الله لك ذنبَك، ويسَّر لك الخير أينما توجَّهْتَ.
فالمقصود أنَّ الإنسان إذا أوصى أخاه عند السفر يقول له: اتَّقِ الله، وأكثر من التَّكبير والتَّهليل، ويدعو له أن يُعينه الله ويُسهّل أمره، يُزوده من التقوى، ويُعينه على الخير، ويغفر له ذنوبه، ويُسهّل سفره وإيابه، فالإنسان يدعو لأخيه بما يناسب.
وفي الحديث الثالث الدلالة على أنَّ المظلوم والمسافر والوالد له دعوة مُستجابة، وهكذا الصائم، فينبغي تحرّي هذه الأوقات: المظلوم، والصَّائم، والمسافر، والوالد، دعوة هؤلاء تُرجى إجابتها، فليتحرّوا الدّعوات الطيبة التي تنفعهم، أما المظلوم فيدعو بقدر المظلمة أنَّ الله يُخلّصه من الظلم، ويرد عليه حقَّه، وينتصر له من الظالم، والوالد يحرص أن تكون دعواته طيبةً لأولاده، وأن يحذر الدّعاء عليهم بما يضرّهم، يدعو لهم بالهداية والتَّوفيق والصَّلاح والاستقامة؛ لأن دعوته تُرْجَى إجابتها.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: الصبر للمظلوم أفضل؟
ج: أفضل.
س: بالنسبة للنَّهي عن رفع الصوت: هل هو مخصوص بالتكبير والتَّسبيح دون التلبية أو مع التلبية كذلك؟
ج: كلها وسط.
س: قول الرسول ﷺ: أفضل الحجِّ: العَجّ، والثَّجّ؟
ج: يرفع الصوت، لكن ما هو بصوتٍ يُتْعِب، لكنَّه وسطٌ، يسمعه الناس ويتأسَّى بعضُهم ببعضٍ من دون تَعَبٍ.
س: كون الصحابة كانوا يصرخون بها صُراخًا؟
ج: ليس معناه الصّراخ الزائد، لكنه الصّراخ الذي يحصل به المطلوب؛ لأنَّ الأحاديث الثلاثة يُفسِّر بعضُها بعضًا، لا يُضْرَب بعضُها ببعضٍ.
س: يعني هذا ليس خاصًّا بالتَّكبير والتَّسبيح؟
ج: لا، عام.
س: المظلوم يدعو على الظالم أو ..؟
ج: له أن يدعو على الظالم بقدر مظلمته، قال الله: لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النساء:148]، لكن يُروى أنه قال لعائشة: لا تُسبِّخِي عليه لا تُخفّفي، تطلب النَّصر على الظالم، وأنَّ الله يُعطيها حقَّها، وكذا يقول: اللهم أعطني حقِّي، اللهم انصرني عليه، اللهم اكفني شرَّه، هذا خيرٌ له.
س: حديث أبي داود في الثلاثة صحيح؟
ج: ما وقفتُ على سنده، والمؤلف سكت عنه.
س: ..............؟
ج: .............. في الحاشية أيش قال المحشي؟
طالب: قال أنَّ له شاهدًا في ..
ج: ما تكلم عليه المحشي؟
الطالب: نعم، يقول: رواه أبو داود، والترمذي، وأخرجه ابن ماجه، وابن حبان، والإمام أحمد في "مسنده".
ج: تُراجع الأسانيد، فبعض المُعَلِّقين ما عندهم بصيرة.