314 من: (باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأودية ونحوها..)

 
171- باب تكبير المسافر إِذَا صعِد الثَّنايا وشبهها وتسبيحه إذا هبط الأودية ونحوها والنّهي عن المبالغة برفع الصوتِ بالتكبير ونحوه
1/975- عن جابرٍ قَالَ: كُنَّا إِذا صعِدْنَا كَبَّرْنَا، وإِذا نَزَلْنَا سبَّحْنا. رواه البخاري.
2/976- وعن ابن عُمر رضي اللَّه عنهما قال: كانَ النبيُّ ﷺ وجيُوشُهُ إِذا علَوُا الثَّنَايَا كَبَّرُوا، وَإذا هَبَطُوا سَبَّحوا. رواه أَبُو داود بإسنادٍ صحيحٍ.
3/977- وعنهُ قَالَ: كانَ النَّبِيُّ ﷺ إِذَا قَفَل مِنَ الحجِّ أَو العُمْرَةِ كُلَّما أَوْفَى عَلى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَد كَبَّر ثَلاثًا، ثُمَّ قَالَ: لا إلهَ إلَّا اللَّه، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْك، ولَهُ الحَمْدُ، وَهُو عَلَى كلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عابِدُونَ، ساجِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صدقَ اللَّه وَعْدَهُ، وَنَصَر عَبْده، وَهَزَمَ الأَحزَابَ وحْدَه متفقٌ عَلَيْهِ.
وفي روايةٍ لمسلمٍ: إِذا قَفَل مِنَ الجيُوشِ أَو السَّرَايا أَو الحجِّ أَو العُمْرةِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة وما جاء في معناها فيما تقدَّم كلها تدل على شرعية التَّكبير عند صعود الثنايا والجبال والرَّوابي في الأسفار، والتسبيح عند هبوط الأودية والسّفل من الأرض، تنزيهًا لله عن السّفول، وتعظيمًا لله وتقديسًا له؛ لأنه العالي فوق خلقه جل وعلا.
هكذا السّنة للغُزاة والحجاج والسّفّار: أن يُكبِّروا إذا علَوا روابي أو جبال أو غير ذلك، ويُسبِّحوا عند نزول الأودية، ...... وأن تكون أصواتهم وسطًا، ولهذا لما رفعوا أصواتهم قال: اربعوا على أنفسكم، فإنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا قريبًا، أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، فالسنة الرفع، لكن ليس بالجهر الشديد.
وهكذا عند القفول من الحج أو العمرة أو المغازي أو السرايا: يُكبِّرون، ويُسبِّحون، ويقولون أيضًا زيادةً: آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون الآيب: الراجع، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ويذكر الله: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير.
المقصود أنَّ المشروع للمؤمن عمارة أوقاته بالذكر: في الحضر والسفر، وفي كل وقتٍ يذكر الله كثيرًا: في بيته، وفي طريقه، وفي أسفاره، ولكن في الأسفار تكون لها خصوصية: إذا ارتفعوا كبَّروا، وإذا نزلوا الأودية سبَّحوا، ويكون للقدوم مزية إذا قفلوا من حجٍّ، أو عمرةٍ، أو في السرايا والمغازي، فيزيد مع ذلك: آيبون، تائبون، عابدون، ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، في كل مكان، في المدن، وفي البيوت، يُكثر من ذكر الله قائمًا، وقاعدًا، ومضطجعًا، وجالسًا، مثلما قال جلَّ وعلا في كتابه العزيز: الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191].
فالمؤمن في جميع حالاته يُستحب له ذكر الله: بالتكبير، بالذكر، بالاستغفار، بلا حول ولا قوة إلا بالله، بأنواع الذكر، سواء كان مضطجعًا، أو ماشيًا في بيته، أو في حوشه، أو في بستانه، أو جالسًا، على كل حالٍ، فالسنة للمؤمن أن يعمر أوقاته بذكر الله جل وعلا.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: التَّسبيح عند النزول، والتَّكبير عند الصعود، هل يكون في الحضر أم أنه خاصٌّ بالسفر؟
ج: المعروف في السفر، أما في الحضر فإنَّه يُسبّح ويُكبّر في الصعود والنزول، يُكثر من الذكر، سواء في الحوش، أو في السطح، أو غير ذلك.
س: هل يُكبِّر جماعيًّا؟
ج: لا، كلٌّ يُكبِّر لنفسه، ما يُراعي صوتَ غيره، الجماعي ما له أصلٌ، فهو بدعة، فكلٌّ يُكبِّر ويذكر الله على حسب حاله، ما يُراعي صوتَ غيره.
س: مَن صعِد درجًا فكبَّر؟
ج: يُكبِّر صاعدًا أو نازلًا، كله واحد.
س: وإذا نزل من درجٍ سبَّح؟
ج: كله طيب، أو يذكر الله وهو نازل: يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ [آل عمران:191]، لكن هذا الذي فيه مراعاة الأودية يكون في الأسفار.
س: بعض الناس إذا عمل أحدُهم محاضرةً في مكانٍ ما وتكلَّم بكلامٍ يخصّ الدعوة أو يخصّ الإسلام يُكبّر الحضور بصوتٍ عالٍ: الله أكبر، الله أكبر؟
ج: كان النبي إذا رأى شيئًا يُعجبه أو شيئًا مُنكرًا كبَّر وسبَّح، لما قال لهم ﷺ: ألا ترضون أن تكونوا ربعَ أهل الجنة؟ كبَّروا، قال: ألا تَرْضَون أن تكونوا نصفَ أهل الجنة؟ كبَّروا، أما إذا سمع شيئًا ما يُناسب قال: سبحان الله، سبحان الله، فلها أصلٌ، فالإنسان إذا رأى شيئًا يُعجبه أو يستنكره سبَّح أو ذكر الله وكبَّر لا بأس.
س: إذا كان المُستمعون يُكبِّرون بصوتٍ جماعيٍّ وعالٍ، وربما يُكبِّر واحدٌ في مُكبّر الصوت ويُردد الباقون معه؟
ج: إذا حدث شيءٌ له أهمية، كأن يُخبرهم الخطيبُ بأن المسلمين فتحوا كذا، أو حصل للمسلمين كذا -يعني: شيئًا يُلفت النّظر- وكبَّروا ما فيه شيء، لكن لا يكون بصوتٍ جماعيٍّ، كلٌّ يُكبِّر وحده، ولو سبق أخاه، ما هو بشرطٍ أن يكون صوتي مع صوتك.
س: تركيب مجالس الحمامات داخل المباني مستقبلةً للقبلة أو مُستدبرةً لها؟
ج: ............. إذا تيسر له ألا يستقبل، إذا أعدّ لها ..
س: سواء مستقبلة أو مستدبرة هل في ذلك شيء؟
ج: في الصحراء ما يجوز.
س: لا، داخل المباني؟
ج: يُعفى عنها، لكن إذا تيسر أن تُجْعَل في المباني إلى غير القبلة يكون أفضل وأحسن.
س: وإذا كانت قد رُكِّبَتْ؟
ج: ما فيها شيء، النبي ﷺ قضى حاجته في البيت إلى القبلة.