الحديث الحادي عشر
عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب - سبط رسول الله ﷺ وريحانته - رضي الله عنهما قال: حفظتُ من رسول الله ﷺ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك. رواه الترمذي والنَّسائي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والحديث الثاني عشر
عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه. حديث حسن، رواه الترمذي وغيره وهكذا.
الشيخ: يقول المؤلفُ - رحمه الله -: الحديث الحادي عشر: عن الحسن بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهما - وهو ابن فاطمة بنت الرسول ﷺ، يقال له: سبط رسول الله وريحانته، ويقال للحسن والحسين: السبطان، جاء في الحديث الصحيح: أنهما سيدا شباب أهل الجنة.
أنه سمع النبيَّ يقول ﷺ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، والحسن حين مات النبيُّ كان في الثامنة، والحسين في السابعة، وهذا يدل على ذكائهما؛ كونهما حفظا بعض الأحاديث مع صغر سنِّهما يدل على ذكاءٍ كبيرٍ جيدٍ رضي الله عنهما.
يقول ﷺ: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، ويجوز الرفع: يريبك إلى ما لا يريبك، رابه يريبه، ثلاثي، "يريبه" بفتح الياء، وتُضم الياء؛ لأنه من أرابه يُريبه من الرباعي، يعني: دع الذي تشك فيه إلى الشيء الواضح الذي ليس فيه شك، وهذا معنى الحديث الصحيح: حديث النعمان بن بشير: مَن اتَّقى الشُّبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه الذي تقدم لكم في الحديث السادس: مَن اتَّقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه.
فإذا حصل عندك أمران: أحدهما واضح حلّه، والآخر فيه شبهة، فاترك الذي فيه الشبهة احتياطًا، واعمل بالواضح الذي ليس فيه شبهة من مالٍ أو لباسٍ أو صحبةٍ أو غير ذلك: دع ما يريبك أو كلمات، دع ما يريبك إلى ما لا يريبك كلمة جامعة من جوامع الكلم، فالشيء الذي فيه شبهة تخشى أن يكون حرامًا دعه، واستعمل الواضح الذي ما فيه شبهة، سواء مأكل أو مشرب أو لباس أو كلام أو غير ذلك، وهذا يُعتبر من جوامع الكلم؛ ولهذا ذكره المؤلفُ في الأربعين.
والحديث الثاني عشر: يقول ﷺ: من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، من حُسن إسلامه - يعني: وإيمانه - اجتناب ما لا يعنيه، ما لا يهمه ولا تتعلق به مصلحته، هذا من حسن إسلام المرء؛ لا يدخل فيما لا يعنيه، يشتغل بما يعنيه، أما الذي لا يعنيه ولا يتعلق بمصلحته فلا يليق به الدخول فيه، بل يكف عنه؛ فلا يدخل في مال فلانٍ، أو أيش عند فلانٍ، أو أيش ماله من أصحابه بغير حاجةٍ، بل يعتني بما يعنيه، ويكفيه ما يعنيه في ماله، في أولاده، في بيعه وشرائه، ويكفيه عمَّا لا يهمه فيها شغل شاغل، فمن حُسن إسلامه وكمال إسلامه وكمال إيمانه أن يشتغل بما يعنيه دون ما لا يعنيه، وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
عمدة الدين عندنا كلمات | أربع من كلام خير البريه |
اتَّقِ الشبهات وازهد ودع | ما ليس يعنيك واعملن بنيَّه |
دع ما لا يعنيك، من هذا الحديث: اتَّقِ الشُّبهات، حديث: دع ما يريبك وحديث النعمان أيضًا.
فمن كمال الإيمان ومن حُسن الإسلام أن الإنسان لا يُدخل نفسَه في شيءٍ ما له تعلق به، ولا مصلحة فيه، بل يكفيه ما يتعلق بمصلحته ومنفعته، وأما الشيء الذي ما له فيه مصلحة ولا منفعة يترك الدخول فيه، يكون عبثًا. وفَّق الله الجميع.
س: ...........؟
ج: إذا اشتبه الأمرُ نعم، إذا كان ما اتَّضح الدليلُ يدخل في هذا، أما إذا اتَّضح الدليلُ ما في شبهة.
س: .............؟
ج: للاستحباب، المشتبه ما هو بمحرم.