503 من: (باب النَّهي عن تناجي اثنين دونَ الثالث بغير إذنه إِلَّا لحاجة..)

 
باب النَّهي عن تناجي اثنين دونَ الثالث بغير إذنه إِلَّا لحاجةٍ وَهُوَ أن يتحدثا سرًّا بحيث لا يسمعهما، وفي معناه مَا إِذَا تحدثا بلسانٍ لا يفهمه
قَالَ الله تَعَالَى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ [المجادلة:10].
1/1598- وعن ابْنِ عُمَرَ رضي اللَّه عَنْهُمَا: أنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قَال: إِذَا كَانُوا ثَلاثَةً فَلا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ متفقٌ عليه.
ورواه أَبُو داود، وَزاد: قَالَ أبُو صالح: قُلْتُ لابْنِ عُمرَ: فَأرْبَعَة؟ قَالَ: لا يضرُّكَ.
ورواه مالك في "المُوطأ": عَنْ عَبْدِاللَّهِ بنِ دِينَارٍ قَالَ: كُنْتُ أنَا وَابْنُ عُمرَ عِند دارِ خالِدِ بن عُقبَةَ الَّتي في السُّوقِ، فَجاءَ رجُلٌ يُريدُ أنْ يُنَاجِيَهُ، ولَيْس مَعَ ابنِ عُمر أحَدٌ غَيْري، فَدعا ابنُ عُمرَ رجُلًا آخَرَ حتَّى كُنَّا أرْبَعَةً، فَقَالَ لِي وللرَّجُلِ الثَّالِثِ الَّذي دَعا: اسْتَأخِرا شَيْئًا، فإنِّي سَمِعْتُ رسُولَ اللَّه ﷺ يَقُولُ: لا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دونَ وَاحدٍ.
2/1599- وَعن ابنِ مَسْعُودٍ : أنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا كُنْتُمْ ثَلاثةً فَلا يَتَنَاجى اثْنَانِ دُونَ الآخَرِ حتَّى تَخْتَلِطُوا بالنَّاسِ؛ مِنْ أجْلِ أنَّ ذَلكَ يُحزِنُهُ متفقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث مع الآية الكريمة في النَّجوى، والنَّجوى هي: التَّسارّ بالحديث، وهي من الشيطان إذا كانت في شَرٍّ، إذا كانت النجوى في شرٍّ وإرادة سوءٍ فهي من الشيطان، كما قال تعالى: إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ [المجادلة:10]، أما النجوى في حقٍّ وفي حاجةٍ فلا بأس بها، إذا لم يكن بينهما أحدٌ أو عندهما أكثر من واحدٍ فلا بأس، أما إذا كانوا ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الثالث، أو أربعة لا يتناجى ثلاثة دون الرابع، وهكذا، أما إذا كان الباقي الذي ما دخل في النجوى أكثر من واحدٍ فلا بأس؛ لأنَّهم إذا تناجوا والواحد معهم لا يعلم ما يقولون؛ قد يظن أنهم يتناجون فيه، ويتهمهم، ويُحزنه ذلك، ولهذا قال ﷺ: إذا كنتم ثلاثةً فلا يتناجى اثنان دون الثالث؛ من أجل أن ذلك يُحزنه، وفي اللفظ الآخر: حتى تختلطوا بالناس.
فإذا كانوا ثلاثةً ليس لاثنين أن يتناجيا دون الثالث، وإذا كانوا أربعةً ليس لثلاثةٍ أن يتناجوا دون الرابع، وإذا كانوا خمسةً ليس لأربعةٍ أن يتناجوا دون الخامس، فإذا كان الباقي واحدًا فليس لهم التناجي دونه، أما إذا كان الباقي أكثر من واحدٍ فلا حرج.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: اثنان فما فوق لا يُطلق عليهما جماعة عند الحنفية؟
ج: هذا ما له تعلُّقٌ بالجمع، له تعلُّقٌ بإيذاء السامع الذي معهم، ولو كانوا ثلاثة، ولو كانوا أربعة، إذا كان الباقي واحدًا ما يفهم ما يقولون فإنه يحزن؛ لأنه يظن أنهم يتناجون فيه، وكذلك إذا تكلَّموا بلغةٍ لا يفهمها، كأن يتكلَّموا بالإنجليزية أو الفرنسية أو الأردية وهو لا يفهمها، وهو واحدٌ فقط، لا يجوز لهم ذلك؛ لأنه قد يظن أنهم يتناجون فيه، أو يتكلمون فيه بهذه اللغة.