99 من حديث: (كافِل اليتيم -له أو لغيره- أنا وهو كهاتين في الجنة..)

 
4/263- وعن أَبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: كَافِل الْيتيمِ -لَهُ أَوْ لِغَيرِهِ- أَنَا وهُوَ كهَاتَيْنِ في الجَنَّةِ وَأَشَارَ الرَّاوي -وهُو مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ- بِالسَّبَّابةِ والْوُسْطى. رواه مسلم.
5/264- وعنه قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّه ﷺ: لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرةُ وَالتَّمْرتَانِ، وَلا اللُّقْمةُ واللُّقْمتانِ، إِنَّمَا المِسْكِينُ الذي يتَعَفَّفُ متفقٌ عليه.
وفي روايةٍ في "الصحيحين": لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي يطُوفُ علَى النَّاسِ، تَرُدُّهُ اللُّقْمةُ واللُّقْمتَان، وَالتَّمْرةُ وَالتَّمْرتَانِ، ولَكِنَّ المِسْكِينَ الَّذِي لا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيه، وَلا يُفْطَنُ بِهِ فيُتصدَّقَ عَلَيهِ، وَلا يَقُومُ فَيسْأَلَ النَّاسَ.
6/265- وعنه ، عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: السَّاعِي علَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ كَالمُجاهِدِ في سبيلِ اللَّه، وأَحْسبهُ قَالَ: وَكَالْقائِمِ الذي لا يَفْتُرُ، وَكَالصَّائِمِ لا يُفْطِر متفقٌ عَلَيهِ.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث كالتي قبلها في الحثِّ على رحمة الفقراء والمساكين والأيتام والإحسان إليهم، وهكذا المتعففون الذين لا يسألون الناس شيئًا، فالسنة للمؤمن أن يعطف على إخوانه الفقراء مطلقًا، ويُحسن إليهم، وأن يتواضع لهم، ولا يتكبر، ولا سيَّما الأيتام الذين قد فقدوا آباءهم، وهم فقراء، فإنهم في حاجة إلى الرحمة والعطف والإحسان، ولهذا قال الله سبحانه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ [النساء:36]، فذكر الوالدين، ثم القربى، ثم اليتامى من جميع الناس.
وفي الحديث يقول ﷺ: أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار إلى السبابة والوسطى، فهذا يدل على فضل كفالة اليتيم، وأن صاحبها له أجر عظيم، وأنه قريب من منزلة الرسول عليه الصلاة والسلام في الجنة، سواء كان اليتيم من أقاربه أو من غير أقاربه، فله أجر عظيم.

ويقول ﷺ: ليس المسكينُ هذا الطَّواف الذي ترده اللقمةُ واللقمتان، والتمرةُ والتمرتان يعني: ليس هو أحق بالمسكنة، هو يُسمَّى مسكينًا، لكن أحق بالمسكنة وأولى بالمسكنة المتعفف الذي لا يجد غنًى يُغنيه، ولا يُفطن له فيُتصدق عليه، ولا يقوم بسؤال الناس؛ لعفته وحيائه، فهذا أشد في اسم المسكنة، مثلما قال ﷺ: ليس الشديد بالصُّرْعَة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب الصُّرعة: الذي يصرع الناس لقوته يُسمَّى صرعة، فأولى بهذا الاسم وأحق منه به الذي يملك نفسه عند الغضب، وهكذا قوله: ليس المسكين بهذا الطَّواف الطواف مسكين وفقير، لكن ما عنده شيء، لكن أحق بهذا الاسم وأولى منه بالعطف المتعفف الذي لا يطوف، وليس عنده ما يقوم بحاله، ولا يُفطن له فيتصدق عليه، فينبغي أن يُراعى، ينبغي لأهل الغنى والثروة أن يُراعوا المتعففين، وأن يُحسنوا إليهم أكثر من الطوافين، فالطواف يجد هذا يُعطيه تمرة، وهذا يعطيه تمرتين، وهذا يرده، وهذا يعطيه درهمًا، فيشبع، لكن المتعفف يبقى في بيته في تعبٍ كبيرٍ؛ لأنه لا يستطيع أن يطوف، يستحي من الطواف، ولا يُفطن له، فينبغي للمؤمن أن يجتهد في الإحسان إلى اليتامى، ولا سيَّما المتعففون من الفقراء والمساكين.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

​​​​​​​س: الأصناف الثمانية الذين ذكرهم الله يُبدأ بالأول فالأول في الزكاة والصَّدقات؟
ج: أحقهم الفقراء، بدأ بهم الربّ جل وعلا، والمساكين تبعهم؛ لأن المسكين الذي يجد بعض الشيء، والفقير أشد حاجة، والعامل عليها، العمال الذين يبعثهم ولي الأمر ليقبضونها من الناس؛ لأنها أجرة لهم، والمؤلفة قلوبهم لهم أحوال: قد تشتد الحاجة إليهم، وقد لا تشتد الحاجة إليهم، فالمؤمن يتحرى بصدقته الأحوج فالأحوج، والأصلح فالأصلح.
س: إذا وجد فقيرًا ومسكينًا ذا قربى فمَن يُقدِّم؟
ج: كلهم ذا قربى؟
س: الفقير غير قريب، والمسكين هو ذو القربى؟
ج: يقول النبي ﷺ: الصدقة على الفقير صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان: صدقة وصلة، فالقريب الفقير والمسكين أولى من غيره؛ لأنه في حقِّه اثنتان، يكون للمؤمن فيها اثنتان: صدقة وصلة رحم.
س: متى يُطلق على الشخص أنه يتيم؟
ج: قبل البلوغ، فإذا بلغ زال عنه اليُتم، إذا كان أبوه غير موجودٍ.
س: الأشد فالأشد في الآية أو أي واحدٍ يُجزئ؟
ج: على كل حال أي واحدٍ يجزئ من الفقراء، لكن إذا تحرى الإنسانُ المتعففَ وتحرَّى الأشدَّ فاقة يكون أحسن وأفضل، فالمتصدِّق يتحرى الأشد حاجة، ويتحرى المتعفف، لكن لا شك أن هذا أفضل.
س: ينتشر بين الناس الآن ما يُسمَّى بالحقوق، فإذا حصلت بين شخصين مغاضبةٌ فيقول أحدهما: إن كان الخطأ مني فعلي حقّ، وإن كان الخطأ منك فعليك حق، فيتحاكمان إلى شخصٍ ثالثٍ، فيقول: الخطأ على هذا، أو الخطأ على هذا، ثم يُقام الحقُّ على الشخص المُخطئ؟
ج: إذا اصطلحوا اصطلاحًا بدون إلزامٍ فلا بأس، أما الإلزام فلا يلزم إلا الشرع، أما إذا قال: يا فلان، إنا رضينا بك فأصلح بيننا، فلا بأس.
س: إذا كان الشخص يُصلي ركعتين في الحرم المكي، فهل يجب عليه أن يأخذ سترةً؟
ج: لا، ما يجب في وسط الحرام؛ لكثرة الزحمة، وهناك حديثٌ ضعيفٌ في عدم السترة، لكن العمدة على الزحمة والمشقة في السترة.
س: امرأة دخلت في الإسلام وهي كبيرة في السن، فشهدت الشهادتين، وتركت الصليب، ولكن أصيبت بمرضٍ، وهذا المرض يُفقدها العقل أحيانًا، فأولادها يقولون: ماذا عليها؟
ج: هي على إسلامها الحمد لله، ويُحسَن إليها، وإن ماتت تُغسَّل ويُصلَّى عليها؛ لأنها أسلمت قبل أن يزول عقلها.
س: وكذلك يقولون: إنَّ والدتهم كافرة، فإذا توفت يأخذوها مع الكافرين، ويدفنوها مع الكافرين، فماذا يفعلون؟
ج: يجب على المسلمين هناك أن يتولوها، فينبغي أن تُنَبَّه المراكز الإسلامية والجماعة الإسلامية التي حولها، يُنَبَّهون عليها حتى يتولوها.
س: هم اثنان إخوة في هذه المنطقة دخلوا في الإسلام، وبإذن الله أخذوا جدتهم؟
ج: المسلمون يتولونها، ينبغي للمسلمين الذين هناك أن يسعوا في تولي أختهم في الله هذه، يتولونها بدل أقاربها الكفار بالإحسان إليها، وتغسيلها، والصلاة عليها، ودفنها في مقابر المسلمين، يتولاها إخوانها في الله، لكن باللطف والكلام الطيب وبالشيء الذي لا يكون فيه نزاع.
س: وإذا ما استطاعوا؟
ج: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
س: يتيم -ابن أو ابنة- هل يكون له أجر الكفالة وهو تجب عليه نفقته؟
ج: اليتيم مَن لا أبّ له، هذا اليتيم، وهو صغير فاقد الأب، فاليُتم له شرطان: أن يفقد الأب، وأن يكون دون البلوغ، هذا يُسمَّى يتيمًا، فيُحْسَن إليه إذا كان فقيرًا، فإذا لم يكن فقيرًا فليس هو في حاجة للناس، ويكون في حاجة إلى التربية الشرعية فقط.
س: الصدقة التي تشمل أجرين، هذه في الفرض والنفل أم في التطوع فقط؟
ج: ظاهر الحديث يعم الجميع.
س: إذا كان الثوبُ على الكعبين مباشرةً وليس تحت الكعبين؟
ج: النبي يقول: ما أسفل من الكعبين، لكن كونه يرفعه أزين له وأبعد عن الشبهة.
س: إذا لمس الكعبين لا حرج؟
ج: لا حرج، الرسول ﷺ يقول: ما أسفل من الكعبين.
س: بالنسبة لكفالة اليتيم: أحيانًا تصير هناك قسيمة لمدة سنة ولمدة سنوات، فهل لو كفله لمدة سنة يشمله الحديث؟
ج: يُرجى له الخير إن شاء الله، لو ساهم في هذا الشيء يُرجى له الخير.
س: أصبتُ بمرضٍ في أول رمضان العام، وفقدتُ شعوري، وما شعرتُ بالدنيا إلا بعد رمضان؟
ج: يعني: غيبوبة؟
س: نعم تقريبًا حول الغيبوبة.
ج: إذا ذهب عقلُك فلا شيءَ عليك، وإن كان عقلك معك تقضي، هل لم تكن تعقل شيئًا؟
س: نعم.
ج: ما عليك شيء.
س: لا إطعام ولا صيام؟
ج: لا إطعام ولا صيام؛ لأنه كالمجنون وكالمعتوه، وقد رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ.