54 من حديث: ( أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز..)

22/138- [الحديث الثَّاني والْعشْرُونَ:] عنْ أَبِي محمدٍ عبدِاللَّهِ بنِ عمرو بن العاص رضي اللَّه عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: أَرْبعُونَ خَصْلةً أَعلاها منِيحةُ الْعَنْزِ، مَا مِنْ عامَلٍ يعملَ بِخَصْلَةٍ مِنْها رجاءَ ثَوَابِهَا وتَصْدِيقَ موْعُودِهَا إِلاَّ أَدْخلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجنَّةَ رواه البخاري.
23/139-الثَّالثُ والْعشْرونَ: عَنْ عدِيِّ بنِ حاتِمٍ قَالَ: سمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يقول: اتَّقُوا النَّارَ وَلوْ بِشقِّ تَمْرةٍ متفقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية لهما عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه ﷺ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ سيُكَلِّمُه ربُّه لَيْس بَيْنَهُ وبَينَهُ تَرْجُمَان، فَينْظُرَ أَيْمنَ مِنْهُ فَلا يَرى إِلاَّ مَا قَدَّم، وينْظُر أشأمَ مِنْهُ فَلاَ يَرَى إلاَّ مَا قَدَّمَ، وَينْظُر بَيْنَ يدَيْهِ فَلا يَرى إلاَّ النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فاتَّقُوا النَّارَ ولوْ بِشِقِّ تَمْرةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجدْ فَبِكَلِمَة طيِّبَةٍ.
24/140-الرَّابِعِ والْعشرونَ: عنْ أَنَسٍ  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: إِنَّ اللَّه لَيرْضَى  عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الأَكْلَةَ فيحْمدَهُ عليْهَا، أَوْ يشْربَ الشَّرْبَةَ فيحْمدَهُ عليْهَا رواه مسلم.
25/141-الْخَامِسُ والْعشْرُونَ: عن أَبِي موسى ، عن النَّبيّ ﷺ قَالَ: عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صدقةٌ قَالَ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَجدْ؟ قالَ: يعْمَل بِيَديِهِ فَينْفَعُ نَفْسَه وَيَتَصدَّقُ: قَال: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يسْتطِعْ؟ قَالَ: يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْملْهوفَ قالَ: أَرأَيْت إِنْ لَمْ يسْتَطِعْ قالَ: يَأْمُرُ بِالمَعْرُوفِ أَوِ الْخَيْرِ قالَ: أَرأَيْتَ إِنْ لَمْ يفْعلْ؟ قالْ: يُمْسِكُ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا صدَقةٌ متفقٌ عليه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الأربعة كالتي قبلها في بيان كثرة طرق الخير وأنه ينبغي للمؤمن أن يجتهد في أنواع الخير وألا يحقر شيئا من المعروف ولو قليلا ويكفيه في هذا قوله جل وعلا: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [الزلزلة:7] ويقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، ويقول جل وعلا: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47]
فهذا يدل على أن الله جل وعلا يحصي على العباد ما لهم وما عليهم، ثم يعفو عمن يشاء بعد السلامة من الشرك، لكنه لا يضيع عمل عامل بل جميع أعمال العاملين من الخير وإن دقت تجمع لهم ويجدون ثوابها، ولهذا يقول ﷺ: أربعون خصلة أعلاها منيحة العنز الإنسان يمنح أخاه عنزًا أو شاة أو بقرة أو غيرها يأخذ لبنها ثم يعيدها من أتى بواحدة منها رجاء ثوابها وتصديقًا لموعودها أدخله الله بها الجنة، هذا فضل عظيم يتحرى الخير ويتحرى طرق الخير ويقول عليه الصلاة والسلام: ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا ما يقدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة من لم يجد شق تمرة يتصدق بشيء قليل ولو بالكلمة الطيبة: جزاك الله خيرًا، بارك الله فيك، أحسنت، غفر الله لك، كلمة طيبة عند المناسبة، وهكذا في الحديث الآخر أن النبي ﷺ أمر بالصدقة قالوا: يا رسول الله فإن لم يجد؟ قال: يعمل بنفسه، يعمل ويتصدق قالوا: فإن لم يستطع قال: يعين ذا الحاجة الملهوف، قالوا: فإن لم يستطيع؟ قال: يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قالوا: فإن لم يستطع؟ قال: يكف شره عن الناس يمسك شره عن الناس، يتصدق فالمؤمن هكذا يلاحظ وجوه الخير وأسباب الخير حسب الطاقة ويحذر أسباب الشر كما تقدم في الأحاديث الكثيرة، ومن قوله ﷺ: وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم وفي اللفظ الآخر: من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة فالمؤمن يحفظ لسانه ويحفظ جوارحه ويجتهد في أعمال الخير ولو قلت لا يحتقر شيئًا، وتقدم قوله ﷺ: لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: لو مات الشخص سواء كان نصرانيًا أو يهوديًا وله أعمال خيرية هل تنفع؟
ج: يقول النبي ﷺ: إن الكافر إذا عمل حسنة أطعم بها طعمة في الدنيا حسناته يجزى بها في الدنيا، فإذا أفضى للآخرة ماله شيء كما قال تعالى: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23] أما المؤمن فيجزى بعمله في الدنيا والآخرة. إذا عمل حسنة تدخر له في الآخرة  مع ما يعيطه الله من الرزق الحسن ، فالمؤمن يجزى في الدنيا والآخرة، والكافر أعماله الطيبة من صلة رحم أو صدقات أو ما أشبه ذلك يجازى بها في الدنيا.
س: بعضهم يقول يرجى له في الخير؟
ج: في الدنيا يجزى بها في الدنيا بنص النبي ﷺ وبنص القرآن وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23] يعني الكفار، ويقول سبحانه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] وقال سبحانه مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ [التوبة:17]، ويقول : وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5] وروى مسلم في الصحيح: إن الكافر إذا عمل حسنة في الدنيا أطعم بها طعمة في الدنيا، ولا يبقى له في الآخرة شيء؛ لأنه كفره يحبط عمله نسأل الله السلامة.
س:.....؟
ج: يتتبعها المؤمن، هو ذكر أعلاها، فالمؤمن يتتبع يجتهد بما يسر الله له لعلها ولعلها، لعل هذه من الأربعين الخصلة حتى يجتهد ويتحرى، لله الحكمة في عدم بيانها؛ حتى المؤمن يلتمس الخصلة الطيبة يقول لعلها من الأربعين.