53 من حديث: ( ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة..)

19/135- [الحديث التَّاسع عشر:] وعنْ جابر قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه ﷺ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلاَّ كانَ مَا أُكِلَ مِنْهُ لهُ صَدَقَةً، وَمَا سُرِقَ مِنْه لَه صدقَةً، وَلاَ يرْزؤه أَحَدٌ إلاَّ كَانَ لَهُ صَدَقَةً رواه مسلم.
وفي رواية لَهُ: فَلا يغْرِس الْمُسْلِم غَرْساً، فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنسانٌ وَلاَ دابةٌ وَلاَ طَيرٌ إلاَّ كانَ لَهُ صدقَةً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامة.
وفي رواية لَهُ: لَا يغْرِس مُسلِم غرْساً، وَلاَ يزْرعُ زرْعاً، فيأْكُل مِنْه إِنْسانٌ وَلا دابَّةٌ وَلاَ شَيْءٌ إلاَّ كَانَتْ لَه صَدَقَةً، ورويَاه جميعاً مِنْ رواية أَنَسٍ .
20/136-[الحديث العْشْرُونَ:] وعنْهُ قالَ: أَراد بنُو سَلِمَة أَن ينْتَقِلوا قُرْبَ المَسْجِدِ فبلَغَ ذلِكَ رسولَ اللَّه ﷺ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّه قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُربَ الْمَسْجِدِ؟ "فَقَالُوا: نَعَمْ يَا رسولَ اللَّهِ قَدْ أَرَدْنَا ذلكَ، فَقالَ: بَنِي سَلِمةَ ديارَكُمْ، تكْتبْ آثَارُكُمْ، دِياركُم، تُكْتَبْ آثارُكُمْ رواه مسلم.
وفي روايةٍ: إِنَّ بِكُلِّ خَطْوةٍ دَرَجَةً رواه مسلم. ورواه البخاري أيضاً بِمعنَاهُ مِنْ روايةِ أَنَسٍ .
21/137- [الحديث الْحَادي والْعِشْرُونَ:] وعنْ أَبِي الْمُنْذِر أُبيِّ بنِ كَعبٍ قَالَ: كَان رجُلٌ لا أَعْلمُ رجُلا أَبْعَدَ مِنَ الْمَسْجِدِ مِنْهُ، وكَانَ لاَ تُخْطِئُهُ صلاةٌ فَقِيل لَه، أَوْ فقُلْتُ لهُ: لَوْ اشْتَريْتَ حِماراً ترْكَبُهُ في الظَّلْماءِ، وفي الرَّمْضَاءِ فَقَالَ: مَا يسُرُّنِي أَن منْزِلِي إِلَى جنْب الْمسْجِدِ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَب لِي ممْشَايَ إِلَى الْمَسْجد، ورُجُوعِي إِذَا رجعْتُ إِلَى أَهْلِي، فقالَ رَسُولَ اللَّه ﷺ: قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لكَ ذلِكَ كُلَّهُ رواه مسلم.
وفي روايةٍ: إِنَّ لَكَ مَا احْتسَبْت.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث من جملة الأحاديث التي تدل على أنه ينبغي للمؤمن أن تكون له همة عالية وأن يستكثر من الخيرات والأعمال الصالحات، وأن لا يرغب بالأقل بل يجتهد في الاستكثار من الخيرات ومسارعة إلى الطاعات؛ لأن ذلك يزيد في ثوابه وأجره ورفعة درجاته؛ فينبغي له الاستكثار من كل خير؛ ولهذا بين النبي ﷺ للأمة هذا المعنى وأرشدهم  إلى أسباب الخير حتى لا يضعفوا ويكسلوا، ومن ذلك قوله ﷺ: ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا فتأكل منه دابة أو طير أو إنسان إلا كان له صدقة وفي اللفظ الآخر: فيرزأ بشيء أو يسرق منه شيء إلا كان له صدقة فينبغي للمؤمن أن تكون له همة عالية ونية طيبة في كل أعماله؛ زراعة غراسة سقي ماء أي شيء ينفع الناس تكون له فيه نية صالحة يرجو فيها ثواب الله؛ كالزرع والغرس وإيجاد مصانع الماء للناس ومحل ورد للناس وتسهيل الطريق وإزالة الأذى من الطرق إلى غير هذا من وجوه الخير، والصدقة بالقليل اتقوا النار ولو بشق تمرة.

ولما بلغ النبي ﷺ أن بني سلمة قد أرادوا القرب من المسجد نصحهم وقال: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب آثاركم يعني الزموها الزموا دياركم تكتب آثاركم، خطواتكم إلى المسجد ذهابًا وإيابًا، وجاء في الحديث الصحيح يقول ﷺ: ما من عبد يخرج من بيته إلى  المسجد إلا كتب الله له بكل خطوة درجة وكتب له بها حسنة ومحا عنه سيئة فالإنسان إذا عمد إلى المسجد يريد الصلاة فهو على خير عظيم خطواته تكتب له بها حسنات وترفع له بها درجات وتحط عنه بها خطيئات حتى يصل المسجد، فإذا وصل المسجد لم يزل في صلاة ما دام ينتظر الصلاة، وهكذا بعدها ما لم يؤذ أو يحدث فهو في صلاة، والملائكة تصلي عليه وتستغفر له تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم صل عليه، وكان الرجل من أبعد [الناس] مشيًا إلى مسجد النبي ﷺ فقال له أبي: لو اشتريت حمارًا تركبه في الرمضاء وفي الظلماء. قال: ما أحب أن يكون بيتي بقرب المسجد إني أحب أن يكتب ممشاي ذاهبًا وراجعًا، فأخبر النبي ﷺ بذلك فقال له: إن الله قد جمع لك ذلك كله إن الله قد جمع له أجر خطاه يعني ذاهبًا وآيبًا.
وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: أعظم الناس في الصلاة أجرًا أبعدهم فأبعدهم ممشى كلما كثرت الخطا صار أعظم في الأجر، في ذهابه إلى المساجد، في ذهابه إلى طلب العلم، في عيادة المرضى، في تشييع الجنازة، في غير هذا، كلما زاد التعب زاد الأجر. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بالنسبة للأجر المترتب  على الذهاب إلى المسجد هل هو خاص بالمشي أم يعم الراكب وغيره؟
ج: يعم الراكب وغيره.
س: يكتب له أجر الخطوة كذلك؟
ج: الله أعلم المقصود مسابقته وسيره إلى المسجد سواء بقدر الخطا التي لو مشى عدت له أو على وجه آخر، ربنا أعلم .
س: وفي بضع أحدكم صدقة هل يشترط لهذا النية؟
ج: لا، ما هو بظاهر مأجور على جماع لأهله لأنه من أسباب غض البصر وإحصان الفرج له ولها. قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فهكذا إذا وضعها في الحلال كان له أجر.
س: من كان بجنبه مسجد ويتخطى إلى مسجد أبعد؟
ج: ما في بأس إذا كان يقصد الأجر، وإذا كان المسجد القريب لا يترتب عليه شيء لذهابه منه لا يتهم بشيء ولا يترتب عليه تخلف ناس، أما إذا كان وجوده فيه يجمعهم ويعينهم على المحافظة؛ فالصلاة في المسجد القريب الذي يحصل به جمع الناس وحرصهم على الصلاة بأسبابه أولى، أما إذا كان ذهابه لمسجد بعيد لا يترتب عليه شيء فلا بأس، مثل ما قال ﷺ: أعظم الناس في الصلاة أجرًا أبعدهم فأبعدهم ممشى لكن بعض الناس وجوده في المسجد من أسباب جمع الناس ومن أسباب حرصهم على الحضور، وقد يتهم لو رأوه وقالوا ما صلى وإلا كذا ويرمى عرضه.
س: هل تشترط الموالاة في الغسل أم يجوز تفريقه؟
ج: السنة الموالاة كما كان النبي ﷺ يوالي، لكن لو أخل بشيء وغسله بعد ذلك لا بأس، لو أخل بشيء من جسمه من رأسه أو من صدره أو كذا وغسله فالحمد لله.
س: لو فرق تفريقًا طويلاً يعني غسل بعض أجزائه؟
ج: السنة الموالاة، المشروع الموالاة، لا يتعمد الترك، لكن لو وجد شيء أخل به ثم تنبه غسله مثل نسي المضمضة نسي الاستنشاق ثم تنبه يتمضمض ويستنشق بنية الغسل والحمد لله.
س: أراد أن يصلي على جنازة في مسجد فتذكر أن له شيء آخر في مسجد آخر فاستقبل الجنازة قبل الصلاة وصلى عليها ثم خرج إلى المسجد الثاني وحده يقول: ما حكم صلاتي، وهل يشترط لصلاة الجنازة وضوء أم لا؟
ج: لا بدّ من الوضوء لصلاة الجنازة مثل غيرها من الصلوات.
س: وصلاته التي صلاها؟
ج: لو صلى وحده ما يضر، ما يشترط لها الجماعة.
س: بعض الناس في المحادة على زوجها أنها إذا انتهت يقام لها مأدبة وبعض العزائم؟
ج: ما هو بمشروع ولكنه مباح من باب المباحات؛ لأنها منحبسة مدة طويلة وإذا عزمها أقاربها لا بأس، وإلا ما هو بشرع عبادة هي أمور عادية مثل القدوم من السفر والشفاء من المرض وأشباه ذلك، شكرًا لله.