41 من حديث: (حجبت النار بالشهوات، وحجبت الجنة بالمكاره..)

 
7/101- الحديث السابع: عَنْ أبي هريرة أَنَّ رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: حُجِبتِ النَّارُ بِالشَّهَواتِ، وحُجِبتْ الْجَنَّةُ بَالمكَارِهِ متفقٌ عَلَيهِ.
8/102-الحديث الثامن: عن أبي عبد اللَّه حُذَيْفةَ بنِ اليمانِ، رضي اللَّهُ عنهما، قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ ذَاتَ ليْلَةٍ، فَافَتَتَحَ الْبقرة، فقُلْت يرْكَعُ عِندَ المائة، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْت يُصلِّي بِهَا في رَكْعةٍ، فَمَضَى فَقُلْت يَرْكَع بهَا، ثمَّ افْتتَح النِّسَاءَ، فَقَرأَهَا، ثمَّ افْتتح آلَ عِمْرانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرُأُ مُتَرَسِّلاً إذَا مرَّ بِآيَةٍ فِيها تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وإِذَا مَرَّ بِسْؤالٍ سَأل، وإذَا مَرَّ بِتَعَوذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ فَجعل يقُول: سُبحانَ رَبِّيَ الْعظِيمِ فَكَانَ ركُوعُه نحْوا مِنْ قِيامِهِ ثُمَّ قَالَ: سمِع اللَّهُ لِمن حمِدَه، ربَّنا لك الْحمدُ ثُم قَام قِياماً طوِيلاً قَريباً مِمَّا ركَع، ثُمَّ سَجَدَ فَقالَ: سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعلَى فَكَانَ سُجُوده قَرِيباً مِنْ قِيامِهِ". رواه مسلم.
9/103-الحديث التاسع: عن ابن مسعودٍ قَالَ: صلَّيْت مَعَ النَبِيِّ ﷺ لَيلَةً، فَأَطَالَ الْقِيامَ حتَّى هَمَمْتُ بأمرٍ سوءٍ، قيل: وما هَمَمْتَ به؟ قال: هَمَمْتُ أَنْ أجْلِسَ وَأدعَهُ. متفقٌ عليه.

الشيخ:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة تدل على فضل مجاهدة النفس والاجتهاد في العبادة تأسيًا بالنبي عليه الصلاة والسلام كما قال الله جل وعلا: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [الإسراء:79]، وقال تعالى يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ۝ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ۝ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ۝ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا  [المزمل:1-4]، وقال تعالى: إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ [المزمل:20]، وقال في عباد الرحمن: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64]، وذكر من صفات المتقين في سورة الذاريات: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ۝ وبالأسحار هم يستغفرون [الذاريات:17-18]، هذا يدل على شرعية المجاهدة للنفس والعناية بقيام الليل وإطالة الركوع والسجود والقراءة حسب الطاقة، يقول ﷺ: حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره وفي اللفظ الآخر: حُجبت حُفت وحُجبت المعنى متقارب يعني جعل بين الناس وبين الجنة المكاره وحفت النار بالشهوات من أقدم على الشهوات صار إلى النار، ومن جاهد نفسه وأكرهها حتى تستقيم على الحق صار إلى الجنة، فالواجب على المؤمن أن يجاهد نفسه حتى تستقيم على الحق وإن كرهت وإن ضعفت يجاهدها حتى تدع ما حرم الله، حتى تستقيم على أمر الله، حتى تقف عند حدود الله، ويحذر أن يتبع الهوى يحذر اتباع الشهوات، فإن اتباع الشهوات يردي كما قال تعالى: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] وقال جل وعلا: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ [القصص:50]، وقال سبحانه: وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [ص:26].
فالواجب على المؤمن المجاهدة لهذا الهوى لهذه النفس حتى تستقيم على الحق وحتى تسارع إليه وحتى تصبر عليه، ومن هذا عمله ﷺ مع كونه مغفورًا له.

يقول حذيفة إنه صلى معه في بعض الليالي فقرأ بالبقرة فقال: يسجد بها في الركعة فمضى ثم قرأ بالنساء ثم بآل عمران، خمسة أجزاء وزيادة، ثلاث سور طويلة يقف عند كل آية فيها رحمة يسأل، وكل آية فيها تعويذة تعوذ، وكل آية فيها تسبيح يسبح. قال في الرواية المشهورة: فما صلى ركعتين حتى طلع الفجر، يطول الركوع والسجود مع تطويل القراءة، وفي حديث ابن مسعود أنه صلى مع النبي ﷺ ذات ليلة فقام قياماً طويلاً حتى هم ابن مسعود أن يجلس من شدة ما أطال، وقد تقدم قوله ﷺ لما قال بعض الناس: أصوم ولا أفطر، وقال آخر: أصلي  ولا أنام، وقال آخر: لا أتزوج النساء، قال ﷺ: لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فهو ﷺ في الغالب يجتهد في الصوم والتطوع والتهجد باليل إلى غير ذلك؛ لكنه لا يسهر الليل، ينام بعض الشيء يصلي ويرقد ويصوم ويفطر لا يصوم الدهر بل تارة يصوم وتارة يفطر وربما سرد الصوم إذا حصل له فرصة وربما سرد الإفطار إذا لم يحصل له فطرة وربما صام يوم الاثنين والخميس، وربما صام ثلاثة أيام من كل شهر فأنت يا عبد الله كذلك عليك أن تجاهد النفس وأن تتحرى الأوقات المناسبة حتى تعمل ما تستطيع من الخير.
وفيه دلالة على استحباب السؤال عند آية الرحمة والتعوذ عند آية الوعيد والتسبيح عند آية التعظيم والتسبيح في التهجد بالليل كما فعل النبي ﷺ.
وفيه: أنه لا مانع من الإطالة في بعض الأحيان وأن يطول الركعات في بعض الأحيان لا بأس، لكن الأفضل أن يراعي نشاطه وقوته مثل ما أمر النبي ﷺ الإنسان يراعي نشاطه وقوته فلا يكلف نفسه ما يملها ولا يطاوعها بترك ما ينبغي، لكن بين بين يطيعها في الخير ولكن لا يملها. وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: لكل يوم يموت للناس ميت ويجتهد الوعاظ في وعظ الناس عند دفنهم حول القبر ثم يأتي يجتهد شباب هداهم الله أو مشيب وينكرون عليهم ويقولون هذه بدعة فأصل مشروعيتها ما هو؟
ج: التذكير عند القبور فعله النبي ﷺ لحديث علي في الصحيحين كان جالسًا عند قبر فوعظ الناس وقال: ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: يا رسول الله ففيم العمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسروا لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسروا لعمل أهل الشقاوة، ثم تلا قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ۝ وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ۝ فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى [الليل:5-7] الآيات من سورة والليل إذا يغشى، ذكره ابن كثير عند تفسير هذه الآية، كذلك من حديث البراء بإسناد صحيح عند الترمذي وغيره أنه ﷺ كان جالسا عند قبر فذكر الناس وذكر موت الإنسان وخروج روحه وصعوده إلى عليين إن كان مؤمنًا وروحه طيبة، وردها من السماء إذا كان روحها خبيثة ولأن الناس عند القبر قلوبهم فيها رقة تتأثر بالوعظ والتذكير عند ذكر الموت وتكون صالحة لقبول الذكرى ذلك الوقت.
س: الأمر بقيام الرسول خاص بالرسول أو للأمة عامة؟
ج: سنة، للأمة عامة يقول الله: وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا [الفرقان:64]، ويقول عن المتقين: كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ۝ وبالأسحار هم يستغفرون [الذاريات:17-18].
س: بعد أداء السنة عند مقام إبراهيم في العمرة هل له أن ينزل إلى البئر من بئر زمزم أو يشرب من الترمس؟
ج: ما تيسر والحمد لله. يشرب من الماء الموجود ولا يتكلف الأمر واسع.
س: هل هناك دعاء عند ماء زمزم؟
ج: يروى عن ابن عمر وابن عباس أنهم كانوا يدعون: اللهم اجعله لي علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وريًا وشبعًا. يروى عن ابن عباس هذا، أو يدعو بما أحب والحمد لله. اللهم اشف به قلبي من كل سوء، اللهم اجعله شفاء من كل سوء، اللهم اجزني به علمًا وهكذا. يقول النبي ﷺ في زمزم: إنها مباركة، إنها طعام طعم وشفاء سقم.
س: وكذلك إذا أخذ من مكة وذهب به إلى مكان آخر، هل تبقى به البركة.
ج: يبقى فيه، ولو نقل إلى أمريكا. فبركتها فيها.
س: يقول بعض إخواننا أن طعمه تغير؟
ج: .... أو جهل.
س: ماء زمزم لما شرب له ما صحته؟
ج: فيه ضعف، جاء له طرق ولكنه لا يخلو من ضعف.