37 من حديث: (أن رجلا قال للنبي صلّى الله عليه وسلم يوم أحد: أرأيتَ إن قتلت فأين أنا؟ قال: في الجنة..)

 
3/89-الثَّالث: عن جابر قَالَ: قَالَ رجلٌ للنبيِّ ﷺ يومَ أُحُدٍ: أرأيتَ إنْ قُتلتُ فأينَ أَنَا؟ قَالَ: في الْجنَّةِ فألْقى تَمراتٍ كنَّ في يَدِهِ، ثُمَّ قَاتَلَ حتَّى قُتلَ. متفقٌ عَلَيهِ.
4/90-الرابع: عن أبي هُريرةَ قَالَ: جاءَ رجلٌ إِلَى النبيِّ ﷺ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللَّهِ، أيُّ الصَّدقةِ أعْظمُ أجْراً؟ قَالَ: أنْ تَصَدَّقَ وأنْت صحيحٌ شَحيحٌ تَخْشى الْفقرَ، وتأْمُلُ الْغنى، وَلاَ تُمْهِلْ حتَّى إِذَا بلَغتِ الْحلُقُومَ. قُلت: لفُلانٍ كذا ولفلانٍ كَذَا، وقَدْ كَانَ لفُلان متفقٌ عَلَيهِ.
5/91-الخامس: عن أنس ، أَنَّ رسولَ اللَّه ﷺ أَخذَ سيْفاً يَومَ أُحدٍ فقَالَ: مَنْ يأْخُذُ منِّي هَذا؟ فبسطُوا أَيدِيهُم، كُلُّ إنْسانٍ منهمْ يقُول: أَنا أَنا. قَالَ: فمنْ يأَخُذُهُ بحقِه؟ فَأَحْجمِ الْقومُ، فَقَالَ أَبُو دُجَانَةَ : أَنا آخُذه بحقِّهِ، فأَخَذهُ ففَلق بِهِ هَام الْمُشْرِكينَ". رواه مسلم.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في الحث على المسابقة إلى الخيرات والمسارعة إلى الطاعات والعزم في كل خير والجد في كل خير وعدم التردد؛ لأن سلعة الله غالية وهي الجنة لا تدرك إلا بالأعمال الصالحة والجد في الطاعة والحذر من ضدها، هكذا ينبغي للمؤمن أن يكون جادًا في الخير راغبًا فيه حريصًا عليه لا يتردد، ومن هذا هذا الحديث الصحيح أن رجلاً قال: يا رسول الله، إن قتلت أين أنا؟ قال: في الجنة، وكان بيده تمرات فقال: لئن حييت إلى أن آكلها إنها لحياة طويلة! ثم ألقاها وقاتل حتى قتل يوم أحد لشدة الرغبة فيما عند الله من الجنة لما قال: إن قتلت فلك الجنة، فالشهيد في سبيل الله موعود بالجنة، فأقدم في قتال المشركين ولم يكمل أكل التمرات من حرصه على الشهادة ومجابهة المشركين بالقتال.
الحديث الثاني
والحديث الثاني: يقول ﷺ في الصحيح لما سئل أي الصدقة أفضل؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح. صحيح البدن شحيح بالمال ما هو برخيص عند المال ترجو الغنى وتخشى الفقر، أفضل الصدقة في هذه الحال يكون الإنسان صحيحًا شحيحًا يخشى الفقر ويرجو الغنى.
ولا تمهل حتى إذا بلغت الروح الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا يعني إذا حضر الأجل قلت لفلان كذا ولفلان كذا لما يئست من الحياة، وقد كان لفلان يعني قد انعقدت الأسباب أنه لفلان من الورثة؛ ولهذا شرع الله في الوصية أنها تكون الثلث فأقل؛ لأن الإنسان عند الموت ترخص عنده الدنيا، وقد يوصي بماله كله ويحرم الورثة، فحجر الله عليه أن لا يوصي إلا بالثلث فأقل والبقية يكون للورثة.
والمقصود من هذا الحث بالصدقة والمسارعة إليها في حال الصحة وحال محبة المال ورجاء الغنى وخوف الفقر، هذا أفضل من الصدقة في حال المرض، وما ذاك إلا لأنه حال المرض قد يغلب عليه الموت وقد ييأس من الحياة وترخص عنده الدنيا، لكن في حال الصحة الدنيا غالية فإذا صدق بها بما يحب كان فيه خير عظيم أن تصدق وأنت صحيح شحيح.
الحديث الثالث
الحديث الثالث: عن أنس أن النبي ﷺ يوم أحد قال: من يأخذ هذا السيف بيده؟ قال: من يأخذ هذا؟ فقام الناس كلهم يقول: أنا، كلهم يبي يأخذ السيف محبوب للجهاد فقال: من يأخذه بحقه؟ يعني للقتال يعني يقاتل به بحقه، فأحجم الناس ليس هذا عن جبن وخور لا، هم أشجع الناس رضي الله عنهم، لكن كل إنسان أخاف آخذه بحقه ولا أوفي، يخاف من نفسه يخاف يقول آخذه بحقه ولا يؤدي الحق ويكون وعد النبي وعدًا ما أوفى به، هذا وجه الإحجام خوفًا أن يقول نعم أنا ثم لا يتيسر له؛ فلهذا أحجموا. فتقدم أبو دجانة من الأنصار سماك بن خرشة وكان معروفًا بالشجاعة والإقدام وكان إذا حضر الحرب عصب رأسه بعمامة حمراء علامة الجد في القتال، فقال له أبو دجانة: أنا آخذه بحقه يا رسول الله، وفلق به هام المشركين، يعني قاتل به قتالاً عظيمًا يوم أحد ، وسماك هذا هو الذي قتل مسيلمة الخبيث الكذاب الحنفي المدعي النبوة، وشاركه في قتله وحشي بن حرب.
فالمقصود من هذا الحث على الجد والقوة، وعدم الكسل وعدم الضعف وأن المؤمن يعود نفسه الجد والنشاط في العمل الصالح والمسارعة إليه. وفق الله الجميع.