08 من حديث ( إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل..)

 
4/16- وعن أبي مُوسى عَبْدِاللَّهِ بنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ، رضِي الله عنه، عن النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِن الله تَعَالَى يبْسُطُ يدهُ بِاللَّيْلِ ليتُوب مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها رواه مسلم.
5/17- وعَنْ أبي هُريْرةَ قَالَ: قالَ رَسُول اللهِ ﷺ: مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تطلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مغْرِبِهَا تَابَ الله علَيْه رواه مسلم.
6/18- وعَنْ أبي عَبْدِالرَّحْمن عَبْدِاللَّهِ بنِ عُمرَ بن الخطَّاب رضيَ اللهُ عنهما عن النَّبيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الله يقْبَلُ توْبة العبْدِ مَالَم يُغرْغرِ رواه الترمذي وقال: حديث حسنٌ.

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالتوبة، يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح من حديث أبي موسى: إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها هذا من فضله وجوده وقد حث على هذا ورغب فيه، فقال سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] وقال: أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [المائدة:74] وقال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8] فالمؤمن مأمور بالتوبة وكل إنسان مأمور بالتوبة، الكافر والمسلم والعاصي كلهم مأمورون بالتوبة، وكل عاص وكافر عليه أن يتوب إلى الله من معصيته وكفره قبل أن يموت قبل أن يغرغر، وهذا من رحمة الله ومن إحسانه إلى عباده أن شرع لهم التوبة وفتح لهم أبوابها، ولو كان كل إنسان إذا أذنب ليس له توبة، لكان الأمر عظيمًا والمصيبة كبيرة ولكن من فضل الله أنه يقبل توبة العبد، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25] .
فالواجب على كل مكلف أن يبادر بالتوبة وأن يلزمها أبدًا حتى الموت، وبسط اليدين على الوجه الذي يليق به يبسط يده كما يشاء لا يعلم كيف ذلك إلا هو جل وعلا كما قال جل وعلا: وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64] سبحانه وتعالى فهو موصوف باليدين وبالبسط على الوجه اللائق بجلاله لا يشابه خلقه في شيء من صفاته جل وعلا.
وهكذا قوله ﷺ في الحديث الآخر: إن الله يقبل توبة العبد ما لم تطلع الشمس من مغربها  هذا مثل قوله جل وعلا: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158] وبعض آيات ربك يعني طلوع الشمس من مغربها، إذا طلعت من المغرب انتهى كل شيء وختم على الأعمال فلا تقبل توبة العبد بعد ذلك إنما تقبل قبل طلوع الشمس من مغربها، فإذا طلعت من مغربها فالكافر يبقى على كفره، والمؤمن على إيمانه ولا تقبل توبة الكافر ولا العاصي بعد ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وفي الحديث الثالث: الدلالة على أن العبد متى تاب ولو أنه مريض ما لم يغرغر، ما لم تبلغ الروح الحلقوم، يعني ما دام يعقل ويفهم، فالتوبة مقبولة، فإذا بلغت الروح الحلقوم حينئذ تغيرت الأحوال وصار ليس ممن لا يعقل ما يقوله ولا يفهم ما يقوله، ولكن ينبغي على المؤمن، بل يجب عليه أن يسارع وأن يبادر بالتوبة متى وقع الذنب، فالواجب البدار بالتوبة والاستغفار والندم والإقلاع، وتقدم شروط التوبة وهي ثلاثة: الندم على الماضي، والإقلاع من الذنب، والعزم الصادق ألا يعود فيه رغبة فيما عند الله وتعظيمًا له ، وهناك شرط رابع فيما يتعلق بحق المخلوق لا بدّ من استحلاله أو بإعطائه حقه، فلا تتم التوبة إلا أن يعطى حقه أو يستبيحه فيسمح إذا كان مكلفًا رشيدًا وسمح من مال أو ضرب أو جرح أو غيبة، لا بدّ من استسماحه، فإن لم يتيسر من أجل غيبة ولم يقدر على استسماحه يدعو له ويذكره في المواضع التي اغتابه فيها يذكره فيها بمحاسن أعماله تكون هذه بهذه. ولا حول ولا قوة إلا بالله، وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: من أثبت أن لله يدًا لكنه أول هذا الحديث؟
ج: المبتدعة يؤولونها بالنعمة والقوة وهذا غلط وخلاف قول أهل السنة والجماعة، القوة صفة غير والقدرة صفة أخرى واليد صفة خاصة، اليد والقدم والعين والسمع كل هذا صفات خاصة مستقلة غير القوة والنظرة.
س: البسط الله عز وجل يده من الصفات الذاتية أو الفعلية؟
ج: من الصفات الفعلية والأخذ والعطاء والضحك والرضا والغضب من الصفات الفعلية.
س: العقيقة عن الولد لها توقيت؟
ج: الأفضل في اليوم السابع وإذا ذبح بعد ذلك فلا بأس، لكن الأفضل مثلما قال ﷺ: تذبح عنه في اليوم السابع العقيقة هذا هو الأفضل، تقول عائشة رضي الله عنها: إن فاتت ففي أربعة عشر، فإن فاتت ففي إحدى وعشرين ثم لا توقيت لها، ولكن بكل حال بعد السابع لا توقيت لها.
س: مثلا يحط ذبيحة عن الحريم وذبيحة عن الرجال؟
ج: يوزعها كما يشاء يتصدق بها كلها أو يأكل منها ويطعم منها أو واحدة للرجال وواحدة للنساء أو واحدة للجيران يوزعها وواحدة يأكلونها الأمر في هذا واسع النبي ما حدد فيها حد عليه الصلاة والسلام.
س: إذا تاب عن معصية ولم يتب عن معصية أخرى هل تقبل توبته؟
ج: تقبل نعم لو تاب من الزنا ولم يتب من الخمر قبلت توبته إذا كانت توبته استوفت الشروط، وهكذا إذا تاب من العقوق للوالدين تقبل توبته وإن كان عنده ذنوب أخرى، لكن الواجب عليه أن يتوب منها كلها، الواجب عليه أن يتوب من جميع الذنوب، قال الله جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ [النور:31].
س: بعض الناس يقول : هذا الابن صغير إن شاء الله يكبر ويتوب إلى الله أو يعقل أو كذا؟
ج: لا، ما يصلح هذا الواجب جهاده ونصيحته، من يقول له أنه يكبر قد يموت وهو ابن ستة عشر سنة أو سبعة عشر، لا هذا غلط هذا تسويف من طاعة الشيطان، الواجب البدار بالتوبة ولو هو ابن سبعة عشر أو ثمانية عشر أو ستة عشر، المقصود أنه متى بلغ الحلم وجب عليه، حتى أنه قبل بلوغ الحلم يؤدب حتى يعتاد الخير ما يترك على المعاصي ولو أنه ثمان ولا تسع، ما يسمح له يشرب الخمر، ولا يسمح له يسب والديه، ولا يسمح له يعبث بشيء يضر الناس، يمنع ولو أنه صغير.
س: بعض الناس ينوي التوبة ثم يوسوس له الشيطان؟
ج: هذا من طاعة الشيطان، الواجب يبادر، وأن يكون كيس قوي ما يغلبه الشيطان.