باب لا يقول: عبدي، وأمتي
في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: لا يقل أحدكم: أطعم ربك، وضئ ربك؛ وليقل: سيدي، ومولاي. ولا يقل أحدكم: عبدي، وأمتي، وليقل: فتاي، وفتاتي، وغلامي.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، أما بعد:
يقول المؤلف رحمه الله باب: "لا يقول عبدي، وأمتي"، المؤلف في كتابه "كتاب التوحيد" ذكر التوحيد، وذكر ما يكون من كماله وتمامه، وذكر ما ينافيه فهو كتاب جامع، ذكر التوحيد، وضده، وذكر ما يكمله، وذكر ما ينافي كماله، وهذا الباب مما ينافي كمال التوحيد؛ فلهذا ذكره، قال لا يقول: عبدي وأمتي، يعني لا يقول العبد عندما يخاطب جاريته، أو غلامه جاء عبدي، وأمتي تأدبًا مع الله ، بل يقول فتاي، وفتاتي، وغلامي، خادمي، ونحو ذلك؛ لأن العبيد عبيد الله، والإماء إماء الله، هذا من باب الكمال، والتأدب مع الله ، والاعتراف بأنه سبحانه هو المالك لكل شيء، وهو رب كل شيء سبحانه وتعالى، بخلاف ذات العبد فلان، أو إماء فلان، فهذا ليس من باب الإضافة إلى نفسه، بل من باب الإخبار ..
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي ﷺ أنه قال: لا يقلن أحدكم أطعم ربك، ووضئ ربك، وفي اللفظ الآخر: اسق ربك، وليقل سيدي، ومولاي، وهذا من باب -أيضًا- التأدب؛ لأن رب الجميع هو الله ، فلا يليق هذا الإطلاق أطعم ربك، والله جل وعلا لا يطعم فهو الغني عن كل ما سواه سبحانه وتعالى، وهكذا الوضوء، وهكذا السقي كله لا يليق في حقه سبحانه؛ لأنه له الكمال المطلق، فليس في حاجة إلى طعام، وشراب وغير ذلك، هو الغني عن كل ما سواه فلا يناسب هذا التعبير أطعم ربك، ووضئ ربك، الله رب الجميع، وهو يريد سيدك، يجعل أمره الذي هو مالك، ولكن يقول عبارتها: أطعم سيدك أطعم مولاك، عمك؛ لأن هذه العبارات المعروفة لا تشتبه بالربوبية.
والسيد هو المالك، والرئيس فإذا قال: أطعم سيدك؛ يعني: مالكك، رئيسك، وهكذا المولى له معان كثيرة، ومنها: السيد، والمالك، والقريب، والناصر، وجاء في بعض الروايات الأخرى: لا يقولن مولاي؛ فإن مولاكم الله لكن المحفوظ عند أهل العلم رواية الإذن؛ لأن كلمة مولى مشتركة فقوله جل وعلا: وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ [محمد:11]؛ يعني: لا ناصر لهم، بل هم مخذولون بالنسبة إلى من استقام على دين الله، ونصر دين الله، فلا حرج أن يقول: مولاي، قريبي، أو عتيقي، أو معتقي، أو سيدي كما في الحديث هذا، وليقل: سيدي، ومولاي ....................... فيقال: عمي، ويقال: سيدي، ويقال: مولاي، ويقال ما أشبه ذلك مما اصطلحوا عليه، وتراضوا به، بدلًا من ربي، وليقل: فتاي، وفتاي، وغلامي، ولا يقل: عبدي، وأمتي، كما تقدم كل هذا من باب الأدب مع الله في عدم إطلاق الرب على السيد، وفي عدم قوله عبدي، وأمتي، وليستعمل الألفاظ البعيدة عن المشابهة، والبعيدة عن سوء الأدب فيقول: غلامي، فتاي، جاريتي، ولا يقل عبدي، وأمتي، وكذلك لا يقل أطعم ربك، وضئ ربك، أطع ربك، ويقصد به السيد، ولكن يقول: سيدي، مولاي، عمي، رئيسي، العبارات التي يصطلحون عليها، غير هذه العبارات.
وفق الله الجميع، وصلى الله على نبينا محمد، وآله، وصحبه.