55 باب من هزل بشيء فيه ذكر الله والقرآن والرسول

باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول

وقول الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ [التوبة:65].

عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة -دخل حديث بعضهم في بعض- أنه قال رجل في غزوة تبوك: «ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا، ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء -يعني رسول الله ﷺ وأصحابه القراء-. فقال له عوف بن مالك: كذبت، ولكنك منافق، لأخبرن رسول الله ﷺ، فذهب عوف إلى رسول الله ﷺ ليخبره، فوجد القرآن قد سبقه. فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله ﷺ وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق، قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقا بنسعة ناقة رسول الله ﷺ، وإن الحجارة تنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول له رسول الله ﷺ: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة:65] ما يلتفت إليه وما يزيده عليه».

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد:

فالمؤلف عقد هذا الباب، المؤلف هو الإمام العلامة شيخ الإسلام في زمانه محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي رحمه الله، الإمام الذي قام بالدعوة إلى الله في زمانه وإرشاد الناس إلى ما خلقوا له من توحيد الله وطاعته، وبيان ما عليه كثير من الناس من الشرك والتعلق بالقبور وأصحاب القبور وبالجن وبغير ذلك، وذلك في منتصف القرن الثاني عشر الهجري إلى أن توفي رحمه الله سنة 1206 من الهجرة.

يقول رحمه الله: باب من هزل بشيء فيه ذكر الله، أو الرسول، أو القرآن، الجواب: أنه كافر، من استهزأ بالدين، بالله، أو بالرسول، أو بالقرآن، أو بالإسلام، فهو كافر بإجماع المسلمين، قد ذكر أهل العلم في كل مذهب هذا المعنى في باب حكم المرتد، وهو المسلم يكفر بعد إسلامه، ذكروا الاستهزاء، وذكروا الأشياء الأخرى المكفرة في باب حكم المرتد، ومن ذلك الاستهزاء بالله، أو بالرسول، أو بالقرآن، أو بأصحاب النبي ﷺ.

وقد صنف أبو العباس ابن تيمية رحمه الله كتابًا سماه الصارم المسلول في حكم شاتم الرسول، ذكر فيه الأدلة وكلام أهل العلم في هذه المسائل، قال الله تعالى في المنافقين: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66] وهي نزلت في قوم خاضوا في غزوة تبوك، وقالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء؛ يعنون الرسول ﷺ وأصحابه أنهم جبناء، ما هم إلا بطونهم كذبة، وهذا شر عظيم نعوذ بالله، وفساد كبير، وتهمة عظيمة للرسول ﷺ وأصحابه؛ ولهذا أنزل الله فيهم وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66] فجاء الرجل المتكلم وقد ركب الرسول ﷺ ناقته، فجعل يتعلق بنسعتها -يعني بالحبل الذي في بطنها- ويقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به عنا الطريق، ما قصدنا الحقيقة، والرسول ﷺ يرد عليه بقوله: أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [التوبة:65] ما يزيده على ذلك.

هذا فيه دليل على وجوب الحذر من هذا الكلام السيئ والاستهزاء الفاضح، وأن الواجب على المسلم أن يحذر شر لسانه، وألا يستهزئ بالله أو برسوله أو كتابه أو عباده المؤمنين، بل يحذر أن تعمه هذه الآية: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ۝ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:65-66]، نسأل الله العافية والسلامة.

المقصود أن الاستهزاء بالقرآن، أو بالرسول عليه الصلاة والسلام، أو بالدين، كله كفر وضلال، وهو من أنواع الردة.

الأسئلة:

س: الاستهزاء بالصحابة؟

الشيخ: نعم لأنهم حملة السنة، هم حملة السنة والقرآن، يعني بعمومهم عمومًا.

س: ما حكم في زماننا هذا من يستهزأ من تمسك بالسنة؟

الشيخ: حكمه أنه ظالم، ويجب أن يؤدب ويمنع، وإذا كان استهزاؤه القصد بالدين كفر، أما إن كان استهزاؤه بالإنسان نفسه، أو في مشيته، أو في كلامه، أو في أشباه ذلك، هذا يكون محرمًا.

س: كتاب القول المفيد للشيخ ابن عثيمين حفظه الله يقول: إن سابّ الرسول ﷺ تقبل توبته ويجب قتله، بخلاف من سب الله فإنه تقبل توبته ولا يقتل لأن حق الله دون حق الرسول ﷺ، بل لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد بأنه يغفر الذنوب جميعًا، أما سب الرسول ﷺ فإنه يتعلق به أمران؟

الشيخ: مسألة خلاف بين العلماء؛ أحد الأقوال: أنه تقبل توبة الساب إذا ندم وجاء تائبًا نادمًا تقبل، والقول الثاني: أنه يقتل سواء ساب الرسول أو ساب الله ، الخلاف مشهور، والمعروف عند العلماء: أن الساب لا تقبل توبته يقتل، حق الله أعظم، لكن مقصود من قال سب الرسول لأنه حق مخلوق هذا مقصوده.

س: يقام عليه الحد؟

الشيخ: حده القتل، هذا حده لكن لو جاءنا تائبًا نادمًا قبل أن نقدر عليه فالصواب أنه يقبل مثل بقية الكفار الذين أسلموا بعد السب.

س: ما يعذر بجهله؟

الشيخ: لا ما هو بهذا يجهل، هذا ما يجهله حتى الأطفال، ما يجهلون أن السب منكر، لو تقول للطفل الذي يسب أباه أو أخاه ... ما هو بطيب ...

س: الجهر بصلاة الضحى بدعة؟

الشيخ: نعم.

الطالب: الجهر بالقراءة؟

الشيخ: السنة لا، السر، كل النهار سر إلا الفجر.

س: تعتبر بدعة؟

الشيخ: ... مكروه، له أن يجهر، لكن يكون مكروهًا، السنة الإخفات في صلاة النهار إلا صلاة الفجر، وصلاة العيد، وصلاة الاستسقاء، كلها جهر، صلاة الجمعة.