35 من حديث: (أَنَّهُ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا)

بَابُ نَحْرِ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى

2125- قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ [الحج:36]، قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَوَافَّ: قِيَامًا.

وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ أَتَى عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَنَاخَ بَدَنَتَهُ يَنْحَرُهَا، فَقَالَ: "ابْعَثْهَا قِيَامًا مُقَيَّدَةً، سُنَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2126- وَعَن عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَنْحَرُونَ الْبَدَنَةَ مَعْقُولَةَ الْيُسْرَى قَائِمَةً عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ قَوَائِمِهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَهُوَ مُرْسَلٌ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.

هذه الأحاديث وما جاء في معناها تدل على شرعية نحر الإبل وهي قائمة، هذه السنة، في الضَّحايا والهدايا وغير ذلك تُنحر وهي قائمة على ثلاثٍ، معقولة يدها اليسرى، كما فعل النبيُّ ﷺ، هذا هو السنة، أما البقر والغنم فتُذبح وهي مطروحة على جنبها الأيسر، يضع رجله على صفاحها ويذبحها، وأما الإبل فإنها تُنحر قائمة، باللبة وهي قائمة على ثلاثٍ، هذه السنة في الضحايا وغيرها: "بسم الله، والله أكبر".

بَابُ بَيَانِ وَقْتِ الذَّبْحِ

2127- عَنْ جُنْدُبِ بْنِ سُفْيَانَ الْبَجَلِيِّ : أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ أَضْحَى، قَالَ: فَانْصَرَفَ فَإِذَا هُوَ بِاللَّحْمِ، وَذَبَائِحُ الْأَضْحَى تُعْرَفُ، فَعَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنَّهَا ذُبِحَتْ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَقَالَ: مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ ذَبَحَ حَتَّى صَلَّيْنَا فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2128- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمَدِينَةِ، فَتَقَدَّمَ رِجَالٌ فَنَحَرُوا، وَظَنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ نَحَرَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ مَنْ كَانَ نَحَرَ قَبْلَهُ أَنْ يُعِيدَ بِنَحْرٍ آخَرَ، وَلَا يَنْحَرُوا حَتَّى يَنْحَرَ النَّبِيُّ ﷺ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

2129- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ: مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَلْيُعِدْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِلْبُخَارِيِّ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ، وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسْلِمِينَ.

2130- وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: كُلُّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَهُوَ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَن النَّبِيِّ ﷺ نَحْوُهُ.

هذه الطرق التي روى بها كلها منقطعات، ولكن رواه ابنُ حبان في "صحيحه" موصولًا بنحو هذا المتن.

الشيخ: هذه الأحاديث تدل على أنَّ الواجب الذبح بعد الصلاة -صلاة العيد- وأن مَن ذبح قبل الصلاة فلا نسك له، فالسنة أن تكون الضحية بعد الصلاة، يبدؤون بالصلاة ثم الضحية، وإذا كان الإمام لم ينحر أمام الناس بعد الصلاة فينحرون بعده، كما فعل النبي ﷺ؛ كان ينحر بعد الصلاة في المصلَّى ليعلم الناس ويتأسّوا به ويقتدوا به ويتعلَّموا، فإذا كان الإمامُ لم ينحر قدام الناس فينحرون بعده.

والحكم مُناط بالصلاة، فمَن ذبح قبل الصلاة فلا نسك له، ومَن ذبح بعد الصلاة فقد أصاب النُّسك، هذا هو الواجب.

وهذا في غير أيام منى، أما في منًى فإن الذبح يكون بعد طلوع الشمس؛ لأنهم ليس لهم صلاة في منًى، ليس لهم صلاة عيد، ورمي الجمرة يقوم مقام صلاة العيد في منى، فينحر في منى بعد طلوع الشمس وارتفاعها، أما في المدن والقرى فيكون بعد الصلاة، والبوادي، يكون بعد الصلاة في المدن والقرى، وبعد ارتفاع الشمس في البوادي وفي يوم النحر لأنهم ليس عندهم صلاة.

والمقصود من هذا كله أنَّ الذبح يكون بعد الصلاة، لا يستعجل، يُصلي أولًا ثم ينحر أضحيته.

وجندب بن سفيان هو جندب بن عبدالله البجلي، نُسب إلى جده، وهو جندب بن عبدالله بن سفيان.

س: في بعض الأحاديث أنَّ بعض الصحابة لم يكونوا صلّوا العيد؛ لأنهم ذبحوا قبل الصلاة؟

ج: لا، ما يلزم، ذبحوا ثم راحوا صلّوا، ما يلزم.

س: ذبح الإمام سنة أمام الناس؟

ج: إذا كان للتعليم، مثلما فعل النبيُّ ﷺ.

س: أهل البوادي ليس عليهم صلاة عيد كالجمعة؟

ج: نعم، يذبحون بعد ارتفاع الشمس.

س: مَن تعجَّل بالرمي هل ينحر مبكرًا أم ينتظر طلوع الشمس؟

ج: الظاهر أنه ينتظر حتى تطلع الشمس، وإن كان قد عجَّل الرمي كالضُّعفاء والمرضى والنِّساء، ولكن قد يُؤخذ من قوله ﷺ لما سُئل، قال رجلٌ: يا رسول الله، نحرتُ قبل أن أرمي، قال: لا حرج، قد يُفهم من هذا أنه ولو رمى قبل الشمس بهذا الرمي قد يكون قبل الشمس، لكن المجمل يُفسر بالمفسر، المجملات ترجع إلى المفسر، فالذي ينبغي أن يكون نحره بعد طلوع الشمس؛ لأنه هو وقت الذبح بالنسبة إليه وأشباهه، صاحب منى.

س: لفظ حديث جندب: فعرف أنها ذُبحت قبل أن يُصلي؟

ج: أمرهم بالإعادة.

س: لكن لا يُفهم منه هذا الذي سبق سُئل عنه أنَّهم لم يكونوا صلّوا العيد؟

ج: ما هو بلازم، قد يذبحون ويأتون للصلاة، ولا يُظنُّ بهم هذا.

س: الضُّعفاء في منًى إذا تعجَّلوا ما يذبحون إلا بعد الشمس؟

ج: هذا الظاهر، بعد ارتفاع الشمس، الضُّحى، النبي ذبح ضُحًى وقال: خذوا عني مناسككم، ما ذبح إلا بعد رمي الجمرة عليه الصلاة والسلام، وهو رماها بعد ارتفاع الشمس.

بَابُ الْأَكْلِ وَالْإِطْعَامِ مِنَ الْأُضْحِيَّةِ وَجَوَاز ادِّخَارِ لَحْمِهَا وَنَسْخِ النَّهْيِ عَنْهُ

2131- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى زَمَانَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: ادَّخِرُوا ثَلَاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ، وَيُجْمِلُونَ فِيهَا الْوَدَكَ، فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ: إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2132- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى، فَرَخَّصَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: كُلُوا وَتَزَوَّدُوا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي لَفْظٍ: كُنَّا نَتَزَوَّدُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلَى الْمَدِينَةِ. أَخْرَجَاهُ.

وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الأضاحي بَعْدَ ثَلَاثٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ: كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

2133- وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَفِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا فِي الْعَامِ الْمَاضِي؟ قَالَ: كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا؛ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2134- وَعَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: ذَبَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أُضْحِيَّتَهُ ثُمَّ قَالَ: يَا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لِي لَحْمَ هَذِهِ، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ مِنْهُ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

2135- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ، لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَشَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا وَحَشَمًا وَخَدَمًا، فَقَالَ: كُلُوا وأطعموا وَاحْبِسُوا وَادَّخِرُوا رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

2136- وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ لِيَتَّسِعَ ذَوُو الطَّوْلِ عَلَى مَنْ لَا طَوْلَ لَهُ، فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ، وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها تدل على شرعية الأكل من لحوم الأضاحي والتوزيع والصدقة والهدية، هذه السنة: يأكل ويُطعم ويتزود ويدَّخر ما شاء، إلا إذا كانت هناك حاجة لأهل البلد فإنَّهم لا يدَّخرون بعد ثلاثٍ، يُوزِّعون على الفقراء والمحاويج ويُواسونهم؛ ولهذا في بعض السنوات دفَّت دافَّةٌ في المدينة، وكثر الفقراء في المدينة، فأمرهم النبيُّ ﷺ أن لا يدَّخروا بعد ثلاثٍ، وأن يُوزِّعوا على الفقراء ويُواسوهم، فلما كان العام الآخر قال: كلوا وادَّخروا، إنما نهيتكم من أجل الدافة من أجل الفقراء، فيُفهم من هذا أنه إذا وُجد في قريةٍ أو مدينةٍ في بعض السنوات كثرة الفقراء فينبغي لأهل الضَّحايا أن يُواسوهم، وأن لا يدَّخروا، بل يُواسونهم ويُعطونهم من ضحاياهم؛ رحمةً لهم، وإحسانًا إليهم.

ويدل على جواز الادخار من الضَّحايا والتزود إلى البلد، إذا كان في مكة ذبحها في مكة، في منى، الضحية أو الهدية لا بأس أن يتزود منها في الطريق وإلى بلده، كما فعل النبيُّ ﷺ، وكما فعل الصحابةُ؛ تزوَّدوا إلى بلادهم -إلى المدينة- من لحوم هداياهم وضحاياهم، وهكذا في حديث ثوبان، والمؤمن أخو المؤمن، فإذا دفَّت دافة -وجود فقراء- فينبغي لأهل البلد أن يُواسوهم ويحرصوا عليهم من الضَّحايا وغير الضَّحايا: المسلم أخو المسلم.

س: الحاج يجمع بين الهدي والأضحية؟

ج: لا بأس، ضحَّى النبيُّ ﷺ وهو حاجٌّ.

س: حديث عائشة في بعض النُّسخ: "ويحملون فيها الودك"، وعندنا "ويجملون" بالجيم؟

ج: محتمل، هذا الجمل الإذابة، والحمل الأقرب، الجمل الذوب.

س: لو كانت الدَّافة في بلدٍ ليست بلد المُضحِّي، ويمكن نقله إليها، هل يُقال: لا يدَّخرون؟

ج: إذا دفوا يُعطون من غير الضَّحايا، حتى ولو في ذي القعدة، أو في شوال، أو في رمضان، يُواسون، على المسلمين أن يُواسوهم، إذا عرفوا حالهم يجب عليهم إذا اضطروا إليهم أن يُواسوهم من الزكاة وغير الزكاة: المسلم أخو المسلم.

س: لكن إذا كان في بلدٍ آخر أحسن الله إليك؟

ج: على أهل البلد الآخر.

س: إذا جمع الحاجُّ بين الأضحية والهدي؟

ج: لا بأس.

س: يلزمه أن يترك الأخذ من شعره كما يفعله المُضحِّي؟

ج: نعم، إلا الحلق المأمور به، الحلق والتقصير هذا ما يمنعه الضحية، سواء في مكة وإلا غيرها.

س: النهي عن الادِّخار بعد الثلاث يدور مع العلة، فإن انتفت العلَّة انتفى؟

ج: هذا هو الأقرب؛ أن المسلمين مثلما لاحظهم النبيُّ في وقته، ينبغي للمسلمين أن يُلاحظوا، فإذا ابتلوا بفُقراء دفوا عليهم، ونزلوا بهم، حتى ولو من غير الضحية، حتى ولو في غير وقت الضحية، يُواسونهم، ويرحمونهم، ويعطفون عليهم، ويتقون الله فيهم.

س: الذبح ليلًا؟

ج: لا بأس به، الذبح في الليل والنهار لا بأس به في أيام الذبح، وهي يوم العيد وثلاثة أيام بعده، ليلًا ونهارًا، إلا ليلة أربع عشرة، ما هي من الذبح، ينتهي الذبح بغروب الشمس يوم ثلاثة عشر.

س: حجاج قدموا من اليمن، وتعدوا يلملم، وأحرموا من جدة جهلًا؟

ج: عليهم دم، والعمرة صحيحة، وعليهم دم، مَن تجاوز الميقات فالعمرة صحيحة.

س: يعني ما يُعيدوا؟

ج: لا، ما عليهم شيء، عليهم دم، ذبيحة واحدة، والعاجز يصوم عشرة أيام مثلما قال ابنُ عباس: مَن ترك النُّسك ....... أو فليرق دمًا.

س: ولو كان جهلًا؟

ج: النسيان أعظم.

س: قول بعض الفقهاء أنَّ العقيقة يُفعل بها مثل الأضحية؟

ج: العقيقة أمرها أوسع، ما عليه دليل، يأكل ويتصدق ويجمع مَن شاء من أهله –قراباته- لأنه شكر لله على ما أنعم به من الولد.

س: الأصل في العقيقة الوليمة أو التَّوزيع؟

ج: الأمر فيها واسع، الرسول أطلق، ما حدد فيها شيئًا ﷺ.

س: امرأة مرض ابنها فنذرت أن تذبح ذبيحتين إن شفاه الله وتأكل منها، فذبحت وتصدَّقت ولم تأكل، فهل عليها شيء؟

ج: لا، ما عليها شيء، تركت، فعلت الأفضل وهو الصَّدقة.

س: بعض الفقهاء يقول بأفضلية توزيع العقيقة تشبيهًا بالنُّسك؟

ج: ما عليه دليل واضح، يأكل ويُطعم والحمد لله، يتصدَّق أو يعزم جماعةً: أصحابه وجيرانه، أو على بعضها، ويتصدق ببعضها، الأمر فيها واسع، ما حدد النبيُّ فيها حدًّا عليه الصلاة والسلام.

بَابُ الصَّدَقَةِ بِالْجُلُودِ وَالْجِلَالِ وَالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِهَا

2137- عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ، وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

2138- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ فَقَالَ: إنِّي كُنْتُ أَمَرْتُكُمْ أَنْ لَا تَأْكُلُوا لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِيَسَعَكُمْ، وَإِنِّي أُحِلُّهُ لَكُمْ، فَكُلُوا مَا شِئْتُمْ، وَلَا تَبِيعُوا لُحُومَ الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ، وَكُلُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَاسْتَمْتِعُوا بِجُلُودِهَا، وَلَا تَبِيعُوهَا، وَإِنْ أَطْعَمْتُمْ مِنْ لُحُومِهَا شَيْئًا فَكُلُوا أَنَّى شِئْتُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

الشيخ: اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث وما جاء في معناها فيما يتعلق بلحوم الأضاحي والهدايا، وأنها لا تُباع، ولكن تُقسم على الفقراء، يأكل ويتصدق ويُهدي، ولا يبيع؛ ولهذا أمر النبيُّ ﷺ عليًّا أن يقوم على بدنه، وأن يتصدَّق بلحومها وجلودها وأجلَّتها، ولا يُعطي الجازر منها شيئًا، وقال: نحن نُعطيه من عندنا، وأمرهم أن يتصدَّقوا بلحوم الأضاحي، وأن لا يدَّخروا منها شيئًا لما دفَّت الدافة كما تقدم، لما دفت الدافّة -وهم الفقراء- أمرهم أن يُعطوا الفقراء، فلما زالت المصيبة قال: كلوا وادَّخروا، وكانوا يدَّخرون منها، ويأخذون معهم في أسفارهم، فلا حرج، مثلما قال جلَّ وعلا: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28].

فالهدي -هدي التمتع وهدي القران- والضَّحايا هذه يأكل ويُطعم ويتصدق، لكن لا يبيع شيئًا، لا جلدًا ولا غيره، حتى الجلال إذا تصدَّق به، إذا كانت نواها صدقة، مثلما نواه مؤقتًا، إنما نوى الصدقة به كذلك يتصدق به، ولكن لا مانع أن يدَّخر في بيته لحاجته، ولا مانع أن يأخذ معه في طريقه إلى رجوعه إلى بلده من هديه، أما ما يكون عن واجبٍ فهذا يُعطى الفقراء، لا يأخذ منه شيئًا، الذبيحة التي تُذبح عن واجبٍ أو فعل محرمٍ فهذه يتصدق بها، أو هدي التمتع وهدي القران، فمثل الأضاحي يأكل ويُطعم.

س: إذا لم يجد مَن يأخذ الجلود؟

ج: له أن يستخدم الجلود، ما في بأس، يدبغها ويستخدمها.

س: لو كان الجزار فقيرًا، وأُعطي من غير أُجرته لم تُحتسب من أجرته؟

ج: إذا أُعطي بغير أجرته لا بأس.

بَابُ مَنْ أَذِنَ فِي انْتِهَابِ أُضْحِيَّتِهِ

2139- عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ قُرْطٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ، وَقُرِّبَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَمْسُ بَدَنَاتٍ أَوْ سِتٌّ يَنْحَرُهُنَّ، فَطَفِقْنَ يَزْدَلِفْنَ إلَيْهِ أَيَّتُهُنَّ يَبْدَأُ بِهَا، فَلَمَّا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا قَالَ كَلِمَةً خَفِيَّةً لَمْ أَفْهَمْهَا، فَسَأَلْتُ بَعْضَ مَنْ يَلِينِي: مَا قَالَ؟ قَالُوا: قَالَ: مَنْ شَاءَ اقْتَطَعَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

وقد احتجَّ به مَن رخَّص في نثار العرس ونحوه.

الشيخ: المقصود أنه لا بأس، مثلما تقدم أنه ﷺ أهدى مئةً من الإبل، ونحر بيده ثلاثًا وستين، ونحر عليًّا الباقي، وأمر من كل بدنةٍ ببضعةٍ، ذُبحت وأكل من لحمها، وشرب من مرقها، وأمر بتقسيم اللحوم على الناس، هكذا إذا ذبح الذبيحة وقال للفقراء: خذوها، تقاسموها، ما في بأس، ذبيحة واحدة أو أكثر، أو بدنة أو أكثر إذا تركها وقال للفقراء: خذوها لا بأس، لكن كونه يُقسم بينهم إذا خُشي التنازع والفتنة، كونه يُقسمها أو يأمر مَن يُقسمها أولى، أما إذا كانوا فقراء محدودين ولا يخشى شيئًا فلا بأس أن يقول: خذوها وتقاسموها، إذا كانت أمورهم على السداد، ما يخشى فتنةً، أما إذا كان يخشى أن يتنازعوا أو يتضاربوا فيكون هو الذي يقسم أو وكيله؛ حتى لا تقع فتنة.

س: نثار العرس قد تحصل به فتنة؟

ج: النثار مثله إذا أعطى الحاضرات أو الحاضرين شيئًا من النقود بينهم، إذا ما يخشى فتنة، أما إذا خشي شرًّا فلا، يتوقَّى الشر، أما إذا كان شيئًا قليلًا والناس قليل ولا يخشى فتنةً فلا بأس، يُعطيهم إياه ويقول: هو بينكم، هو لكم.

س: هل يدل هذا الحديث على أنَّ يوم النحر أفضل من يوم عرفة؟

ج: نعم هو يوم النحر، هو يوم الحج الأكبر، ولا يُصام، أما يوم عرفة فيوم عظيم يُصام، يعدل السنة التي قبله والتي بعده، يُكفِّر الله به السنة التي قبله والتي بعده، وأما يوم النحر فهو يوم الحج الأكبر: وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأكبر [التوبة:3] هو يوم العيد.

س: وأفضل من يوم النحر، من يوم عرفة؟

ج: ............

كتاب العقيقة وسنة الولادة

2140- عَنْ سَلْمَان بْنِ عَامِرٍ الضَّبِّيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَعَ الْغُلَامِ عَقِيقَته، فَأَهْرِيقُوا عَنْهُ دَمًا، وَأَمِيطُوا عَنْهُ الْأَذَى رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا.

2141- وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كُلُّ غُلَامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ، تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَيُسَمَّى فِيهِ، وَيُحْلَقُ رَأْسُهُ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

2142- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَن الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَن الْجَارِيَةِ شَاةٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَفِي لَفْظٍ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نَعُقَّ عَن الْجَارِيَةِ شَاةً، وَعَن الْغُلَامِ شَاتَيْنِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

2143- وَعَنْ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ رضي الله عنها: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَن الْعَقِيقَةِ فَقَالَ: نَعَمْ، عَن الْغُلَامِ شَاتَانِ، وَعَن الْأُنْثَى وَاحِدَةٌ، لَا يَضُرُّكُمْ ذُكْرَانًا كُنَّ أَوْ إنَاثًا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

2144- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَن الْعَقِيقَةِ، فَقَالَ: لَا أُحِبُّ الْعُقُوقَ وَكَأَنَّهُ كَرِهَ الِاسْمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّمَا نَسْأَلُكَ عَنْ أَحَدِنَا يُولَدُ لَهُ، قَالَ: مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَنْسُكَ عَنْ وَلَدِهِ فَلْيَفْعَلْ، عَن الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافَأَتَانِ، وَعَن الْجَارِيَةِ شَاةٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

2145- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِتَسْمِيَةِ الْمَوْلُودِ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَوَضْعِ الْأَذَى عَنْهُ، وَالْعَقِّ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

2146- وَعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ: "كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً، وَلَطَّخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

2147- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَقَّ عَن الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ كَبْشًا كَبْشًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ: "بِكَبْشَيْنِ كَبْشَيْنِ".

2148- وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رضي الله عنه: أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لَمَا وُلِدَ أَرَادَتْ أُمُّهُ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنْ تَعُقَّ عَنْهُ بِكَبْشَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَعُقِّي عَنْهُ، وَلَكِن احْلِقِي شَعْرَ رَأْسِهِ فَتَصَدَّقِي بِوَزْنِهِ مِن الْوَرِقِ، ثُمَّ وُلِدَ حُسَيْنٌ فَصَنَعَتْ مِثْلَ ذَلِكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

2149- وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَذَّنَ فِي أُذُنِ الْحُسَيْنِ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَكَذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَقَالَا: الْحَسَنُ.

2150- وَعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ غُلَامًا، قَالَ: فَقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: احْفَظْهُ حَتَّى تَأْتِيَ بِهِ النَّبِيَّ ﷺ، فَأَتَاهُ بِهِ، وَأَرْسَلَتْ مَعَهُ بِتَمَرَاتٍ، فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ ﷺ فَمَضَغَهَا، ثُمَّ أَخَذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا فِي فِي الصَّبِيِّ وَحَنَّكَهُ بِهِ، وَسَمَّاهُ عبدالله.

2151- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: أُتِيَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أَسِيد إلَى النَّبِيِّ ﷺ حِينَ وُلِدَ، فَوَضَعَهُ عَلَى فَخِذِهِ، وَأَبُو أَسِيد جَالِسٌ، فَلَهِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِشَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَمَرَ أَبُو أَسِيد بِابْنِهِ فَاحْتُمِلَ مِنْ فَخِذِهِ، فَاسْتَفَاقَ النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: أَيْنَ الصَّبِيُّ؟ فَقَالَ أَبُو أَسِيد: قَلَبْنَاهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: فُلَانٌ، قَالَ: لا، وَلَكِن اسْمُهُ الْمُنْذِرُ، فَسَمَّاهُ يَوْمَئِذٍ الْمُنْذِرَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بالعقيقة والتَّسمية وإزالة الأذى عن الصبي، فهي تدل على أنه يُسنُّ لأهل المولود أن يعقُّوا عنه، يُسنُّ لأبيه أن يعقَّ عنه، إذا كان ذكرًا بشاتين، وإن كانت أنثى بشاةٍ، هذا هو السنة، تُوزَّع أو يأكل منها أو يدعون عليها مَن شاءوا، لم يحد فيها حدًّا عليه الصلاة والسلام، هذه الذبيحة إن شاءوا دعوا إليها جيرانهم وأقاربهم ومَن شاءوا، وإن شاءوا وزَّعوها، وإن شاءوا وزَّعوا بعضًا وأكلوا بعضًا، الأمر فيها واسع.

وقال بعضُ أهل العلم: إنها كالضحية، يأكلون ثلثًا، ويتصدَّقون بثلثٍ، ويهدون ثلثًا، ولكن ليس عليه دليل، قياسًا على الضحية، ليس فيها أمر واضح، والرسول ﷺ أطلق، فما أطلقه الله ورسوله يُطلَق.

فالسنة أن يذبح عن الرجل شاتين، وعن الأنثى واحدة، سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، ذكرين كبشين، أو أنثيين من الضأن أو المعز، هذا هو السنة.

والسنة أن يحلق رأسه إذا كان ذكرًا في اليوم السابع ويُسمَّى، والسنة اختيار الأسماء الطيبة، الوالد يختار الأسماء الحسنة، أما الأنثى فلا يُحلق رأسها، ولكن يحلق رأس الذكر، وكانوا في الجاهلية يلطخونه بالدم، فجعل الله في الإسلام هو الحلق لإزالة الأذى بعد ....... الولادة في اليوم السابع، وإن عقَّ بعد ذلك؛ بعدها بأيام، بعد سنة، بعد سنتين، الأمر واسع، لكن الأفضل اليوم السابع، هذا هو الأفضل، والحلق في اليوم السابع هذا هو الأفضل، والتسمية.

ويُستحب أن يُؤذن باليمنى، ويُقيم باليسرى عند التسمية؛ لما ورد في ذلك من الأحاديث، وإن كان في سندها بعض المقال، لكن سنة، مَن فعلها فلا بأس، ومَن ترك فلا بأس، وهكذا التَّحنيك؛ كونه يُحنك بتمرةٍ تُوضع في حنكه، كما فعل أبو طلحة لما أتى بولده للنبي ﷺ ومعه تمرة، فمضغها النبيُّ وجعلها في فيه وحنَّكه وسمَّاه عبدالله، فالتحنيك لا بأس به لمصلحة الطفل.

وفي هذا جواز التسمية بالمنذر وأشباهه، كما سمى النبيُّ ولد أبي أسيد.

وفَّق الله الجميع.

س: وقت الأذان في أذنه؟

ج: في اليوم السابع.

س: والتحنيك في أول الأمر؟

ج: التحنيك ما فيه شيء محدود، يوم الولادة أو بعده، وهكذا يُسمَّى في يوم الولادة، النبي سمَّى ابنه إبراهيم يوم الولادة: وُلِدَ لي الليلة ولدًا وسمّيتُه إبراهيم، لو سمَّاه يوم الولادة لا بأس، وإن أخَّره حتى سمَّاه اليوم السابع كله طيب.

س: التحنيك؟

ج: التحنيك أول ما يُولد هذا أفضل.

س: الأذان يكون مع الإقامة أو أذان فقط؟

ج: الأذان في الأذن اليمنى، والإقامة في اليسرى، هذا الأفضل.

س: الإقامة الحديث فيها فيه ضعف؟

ج: لكن له شواهد من جهة العمل.

س: العقيقة هل يُشترط فيها ما يُشترط في الأضحية؟

ج: لا بدَّ أن تكون سليمةً من العيوب مثل الضحية.

س: بالنسبة للتَّحنيك هل هو خاصٌّ بمَن يظن فيهم الصلاح؟

ج: أبدًا، يُحنِّكه أبوه أو غيره، ما هو خاص بأحدٍ، التحنيك يُحنكه أبوه أو أمه.

س: قول بريدة: لما جاء الله بالإسلام؟

ج: ما يحتاج إلى دليلٍ بالعمل، ما قال المحشي عليه؟

الطالب: قال: أخرجه أيضًا أحمد والنسائي، قال في "التلخيص": إسناده صحيح. ولكن في تصحيح الحافظ له نظر؛ لأنَّ في إسناده علي بن الحسين بن واقد، وفيه مقال.

ج: نُنبه عليه إن شاء الله في درسنا القادم.

س: كره تسمية العقوق؟

ج: فقط الاسم، وإلا هي تُسمَّى: العقيقة، ما هي من العقوق، اسم لها مشهور عند الجاهلية.

س: التَّصدق بوزن الشعر؟

ج: هذا لم يثبت فيه شيء.

س: مَن قال أن التَّحنيك خاصٌّ بالنبي ﷺ؟

ج: ما له أصل، ما هو بخاصٍّ، ليس بخاص، والتَّحنيك رفع لهاته بالأصبع.

س: مَن قال أنَّ الأذان بعد الولادة مباشرةً؟

ج: الأفضل يوم السابع، وفي أي وقت فعله، لكن يوم السابع أفضل، التسمية والأذان يوم السابع أفضل، وإن جعلها قبل ذلك فلا بأس، مثلما سمَّى النبيُّ ﷺ عبدالله ابن أبي طلحة يوم وُلد، وسمَّى ابنه إبراهيم يوم وُلد، الأمر واسع في هذا، ليس بالتَّكلف.

س: الجمع بين حديث أبي رافع وحديث ابن عباس: أن رسول الله عقَّ عن الحسن، وفي حديث أبي رافعٍ: لا تعقِّي عنه؟

ج: حديث أبي رافع ضعيف، لا تعقِّي عنه ضعيف.

س: وزن شعر المولود؟

ج: ضعيف.

س: مَن قال أنَّ العقيقة لا يُكسَر بها عظم؟

ج: هذا يُروى عن عائشة رضي الله عنها، لكن الأمر واسع فيها، لو كسر ما في شيء، يُروى عن عائشة من باب التَّفاؤل، ولا بأس أن يقطعها ويُوزعها، لا بأس.

س: مَن لم يُعقّ عنه وهو صغير، فهل يعقّ عن نفسه وهو كبير؟

ج: إذا عقَّ عن نفسه ما في بأس، فإذا لم يعقّ أهلُه عنه وعقَّ عن نفسه جزاه الله خيرًا، طيب.

س: الختان في اليوم السابع؟

ج: الختان في الوقت المناسب، وكانوا لا يختنون إلا بعدما يكبر (شوي)، ولكن إذا عرف أنه في اليوم السابع أو في الصغر أنه أهون عليه لا بأس، الختان في أي وقت، وكانوا في الجاهلية والإسلام ما يختنونه إلا بعدما يكبر ويرتفع قبل أن يحتلم.

س: مَن لم يذبح إلا شاةً للذكر فهل يُقال أنه فعل نصف السنة؟

ج: نصف السنة؛ لأنَّ هذا شاة واحدة، يُستحب له أن يذبح الثانية.

س: بعض القبائل عندما يبلغ الشابُّ ويريد أن يتزوج يجمعون أهل القرية ثم يأتون به في وسط الناس فيكشفون عن عورته، ثم يبدأ الذي يريد أن يختنه بالختان؟

ج: هذا جهل، غلط، يُنَبَّهون عليه، لا يجوز، هذا إبداء لعورته، أعوذ بالله ......

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ وَنَسخهما

2152- عَنْ مِخْنَفِ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ: كُنَّا وُقُوفًا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ بِعَرَفَاتٍ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ فِي كُلِّ عَامٍ أُضْحِيَّةٌ وَعَتِيرَةٌ، هَلْ تَدْرُونَ مَا الْعَتِيرَةُ؟ هِيَ الَّتِي تُسَمُّونَهَا الرَّجَبِيَّةُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.

2153- وَعَنْ أَبِي رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ: أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنْ كُنَّا نَذْبَحُ فِي رَجَبٍ ذَبَائِحَ فَنَأْكُلُ مِنْهَا وَنُطْعِمُ مَنْ جَاءَنَا، فَقَالَ لَهُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

2154- وَعَن الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو: أَنَّهُ لَقِيَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْفَرَائِعُ وَالْعَتَائِرُ؟ فَقَالَ: مَنْ شَاءَ فَرَّعَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يُفَرِّعْ، وَمَنْ شَاءَ عَتَرَ، وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَعْتِرْ، فِي الْغَنَمِ أُضْحِيَّةٌ رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

2155- وَعَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: اذْبَحُوا لِلَّهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ، وَبَرُّوا للَّه وَأَطْعِمُوا، قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّا كُنَّا نَفْرَعُ فَرَعًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فِي كُلِّ سَائِمَةٍ مِنَ الْغَنَمِ فَرَعٌ تَغْذُوهُ غَنَمُكَ، حَتَّى إذَا اسْتَحْمَلَ ذَبَحْتَه فَتَصَدَّقْتَ بِلَحْمِهِ عَلَى ابْنِ السَّبِيلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ خَيْرٌ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

2156- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ، وَالْفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ، كَانَ يُنْتَجُ لَهُمْ فَيَذْبَحُونَهُ، وَالْعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي لَفْظٍ: لَا عَتِيرَةَ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا فَرَعَ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَفِي لَفْظٍ: أَنَّهُ نَهَى عَن الْفَرَعِ وَالْعَتِيرَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

2157- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ رواه ابن ماجه.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث فيما يتعلق بالفرع والعتيرة، كانوا في الجاهلية يعترون ويذبحون أول نتاج إبلهم، يُسمونه: الفرع، فلما جاء الله بالإسلام نُسخ ذلك، فالأحاديث التي فيها الفرع والعتيرة قبل النَّسخ؛ ولهذا قال ﷺ: لا فرعَ ولا عتيرة في الإسلام رواه الشيخان: البخاري ومسلم في "الصحيحين"، وقال ابنُ المنذر رحمه الله: إلى هذا ذهب أكثرُ أهل العلم؛ أن هذا منسوخ، وأن الأحاديث الواردة في ذلك ما بين ضعيف: كحديث مخنف ضعيف، وما بين منسوخ.

أما إذا أراد أن يتصدق في أي شهرٍ لا بأس، يتصدق بغنمٍ أو إبلٍ أو بقرٍ، يذبح ويتصدَّق على الفقراء لا حرج، أما إحياء سنة الجاهلية بالعتر والفرع فلا، كل هذا نُسخ، وما كان قبل ذلك فهو قبل أن يأتي النسخ، قبل أن يُبَلَّغ عليه الصلاة والسلام بالنَّسخ.

والفرع: هو أول النتاج؛ نتاج الإبل أو البقر أو الغنم، يُغذونه ثم يذبحونه، أول نتاج ناقته، أول نتاج بقرته، أو غنمه.

والعتيرة: ذبيحة رجب، يذبحونها في رجب، فهذه كانت من أمر الجاهلية، ثم نسخها الله في الإسلام، وجاء قوله ﷺ: لا فرع ولا عتيرة في الإسلام أخرجه البخاري ومسلم في "الصحيحين"، واستقرت الشريعةُ على هذا، لكن مَن أراد أن يتصدق بغير سنة الجاهلية في رجب أو شعبان، أو في أي وقتٍ يذبح ناقةً، أو يشتري لحمًا، أو يتصدق بطعامٍ أو غيره، فالأمر واسع ومفتوح الباب: وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280] في أي وقت: في رمضان أو في غيره، في رجب وفي غيره، لكن على غير طريقة الجاهلية.