31 من حديث: (اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ)

بَابُ الْمُحْرِمِ يَتَقَلَّدُ بِالسَّيْفِ لِلْحَاجَةِ

1888- عَن الْبَرَاءِ قَالَ: "اعْتَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، فَأَبَى أَهْلُ مَكَّةَ أَنْ يَدَعُوهُ يَدْخُلُ مَكَّةَ حَتَّى قَاضَاهُمْ: لَا يُدْخِلُ مَكَّةَ سِلَاحًا إلَّا فِي الْقِرَابِ".

1889- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ مُعْتَمِرًا، فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَنَحَرَ هَدْيَهُ، وَحَلَقَ رَأْسَهُ بِالْحُدَيْبِيَةِ، وَقَاضَاهُمْ عَلَى أَنْ يَعْتَمِرَ الْعَامَ الْمُقْبِلَ وَلَا يَحْمِلَ سِلَاحًا عَلَيْهِمْ إلَّا سُيُوفًا، وَلَا يُقِيمَ إلَّا مَا أَحَبُّوا، فَاعْتَمَرَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَدَخَلَهَا كَمَا كَانَ صَالَحَهُمْ، فَلَمَّا أَنْ أَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَرُوهُ أَنْ يَخْرُجَ فَخَرَجَ. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُحْصَر يَنْحَر هَدْيَه حَيْثُ أُحْصِرَ.

الشيخ: وهذا يدل على أنَّ الإنسان إذا أتى مكة لعمرةٍ أو لحجٍّ ومُنع فإنه ينحر هديه ويحلق رأسه أو يُقصر ويحلّ، كما فعل النبيُّ ﷺ، فإنه توجَّه إلى مكة في ذي القعدة سنة ستٍّ من الهجرة مُعتمرًا، فحالت قريش بينه وبين مكة ومنعوه من الدخول وقالوا: لا تدخل عامك هذا؛ لئلا يتحدث العربُ عنا أنَّك أخذتنا ضغطةً. فنحر هديه وحلق وحلَّ عليه الصلاة والسلام، وأمر الناس بذلك، فدل على أن هذا حكم من مُنِعَ مكة وقد أحرم، فإنه يتحلل: ينحر هديه ويحلق ويقصر، فإن كان ما عنده هدي يصوم عشرة أيام ويحلق أو يُقصر ويحل.

وقد قاضاهم في هذا العام –يعني: صالحهم- على أنه يأتي في العام القادم سنة سبعٍ ويأخذ عمرةً، وصالحهم على وضع الحرب عشر سنين، يكفُّ فيها الناس بعضهم عن بعضٍ، ويأمن فيها الناس، وصالحهم على أنه يدخل مكة في عام سبعٍ والسيوف في قرابها مستورة، ويُقيم ثلاثة أيامٍ، وتم الصلح على هذا، واعتمر في عام سبعٍ، فلما مضت الأيام طلبوا منه الخروج وفاءً بالشرط، فخرج عليه الصلاة والسلام.

وفي هذا جواز الصلح مع الكفرة إذا دعت الحاجةُ إليه، فإنه صالحهم وهم أعداء قد أخرجوه وأذوه وأذوا أصحابه، لكنه صالحهم للمصلحة؛ لأنَّ في ذلك أمن الناس وكفَّ بعضهم عن بعضٍ في القتال والفتن؛ حتى يتيسر للناس الهجرة والذهاب إلى النبي ﷺ والسماع منه؛ ولهذا نفع الله بهذا الصلح، وهاجر الكثير من الناس إلى المدينة، وسمعوا من النبي ﷺ، وأمنت الطرق، وحصل بهذا فتح، وسمَّاه الله فتحًا: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1]، ووفَّى لهم بالشروط، مع أنَّ فيها غضاضةً، شروط شديدة ثقيلة، لكن للمصلحة قبلها ﷺ ووفَّى لهم بها.

ومن صُلحهم أنه مَن جاءه منهم مسلمًا لا يقبله، يرده إليهم، ومَن جاء من النبي ﷺ مُرتدًّا لا يرد إليه، وصبر على ذلك وقال: مَن ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومَن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجًا ومخرجًا، وصالحهم على أنه يدخل مكة العام القادم ثلاثة أيام لأداء العُمرة.

بَابُ مَنْعِ الْمُحْرِمِ مِن ابْتِدَاءِ الطِّيبِ دُونَ اسْتِدَامَتِه

1890- فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: وَلَا ثَوْبٌ مَسَّهُ وَرْسٌ وَلَا زَعْفَرَانٌ، وَقَالَ فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي مَاتَ: لَا تُحَنِّطُوهُ.

1891- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بَعْدَ أَيَّامٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُد: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَى وَبِيصِ الْمِسْكِ فِي مَفْرِقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُحْرِمٌ".

1892- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كُنَّا نَخْرُجُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ إلَى مَكَّةَ، فَنُضَمِّدُ جِبَاهَنَا بِالسُّكِّ الْمُطَيَّبِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ، فَإِذَا عَرِقَتْ إحْدَانَا سَالَ عَلَى وَجْهِهَا، فَيَرَاهُ النَّبِيُّ ﷺ فلَا يَنْهَانَا". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

1893- وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ ادَّهَنَ بِزَيْتٍ غَيْرِ مُقَتَّتٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ فَرْقَدٍ السبخي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ فِي فَرْقَدٍ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ النَّاسُ.

الشيخ: هذا فيه الدلالة على أنه لا بأس بالتَّطيب عند الإحرام، وأنه يُمنع بعد ذلك، لكن لا بأس باستدامته، النبي قال: ولا تُحنِّطوه يعني بعد إحرامه لا يُطيَّب، لكن قبل الإحرام عند الإحرام يتطيَّب، كان النبي يتطيب عند الإحرام عليه الصلاة والسلام، وكانت تبقى عليه آثار الطيب بعد الإحرام، فدلَّ على أن استدامته لا بأس بها، وأن الممنوع هو ابتداؤه بعد الإحرام؛ ولهذا قالت: أنها ترى وبيص المسك في مفارق رسول الله بعد إحرامه، وكان يرى الطيبَ على النساء بعد الإحرام فلا ينهاهن، يسيل، إذا عرقت سال على وجهها، فدلَّ على أنَّ استدامته لا بأس بذلك.

وحديث عائشة صحيح؛ رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ: أنها كانت يسيل المسكُ من رأسها على وجهها ويراها النبيُّ ﷺ ولا يُنكر، فدلَّ على أن الاستدامة لا بأس بها، لكن لا يبتدئ، لا يتطيب بعد الإحرام ابتداءً، أما كونه يبقى الطيبُ في رأسه أو في بدنه فلا حرج في ذلك.

س: حديث صاحب الجُبَّة الذي أمره ﷺ أن يغسل الطِّيب؟

ج: هذا كانت له صورة، الزعفران له خلوق، فأمر بإزالته، أما إذا كان زيتًا -مثل حديث أنه استعمل زيتًا غير مُقتت- فلا بأس، المقتت: الطيب الذي فيه الطيب، فإذا كان زيتًا أو سمنًا أو شحمًا أو فزلين ما فيه شيء يستعمله المحرم، ما يُسمَّى: طيبًا، إذا كان خالٍ من الطيب لا بأس.

س: حديث فرقد السّبخي؟

ج: حديث فرقد ضعيف، وهو صدوقٌ، لكنه ليِّن الحديث، لكن الأصل أنه لا بأس بهذا، كون المحرم يستعمل الشحم أو الزيت يدَّهن به وهو مُحرم لا بأس؛ لأنه لا يُسمَّى: طيبًا، ذكر ابنُ المنذر الإجماعَ على ذلك، حكى ابنُ المنذر الإجماعَ على أنه لا بأس بذلك.

س: قول المؤلف: وقد روى عنه الناس؟

ج: للاستشهاد يعني، لا للاحتجاج.

س: الحكمة من عدم تطييب الإحرام؟

ج: الله أعلم.

س: كيف الجمع بين تطيب عائشة مع أنَّ النساء منهيات عن الطِّيب؟

ج: طيب ما يضرّ، رائحته ما هي ظاهرة، الشيء الذي لا تكون رائحته بارزة للناس؛ لأنهن وحدهن، ما هن مع الرجال، والطيب الذي يُنهى عنه في الأسواق مع الناس أو بين الرِّجال.

س: لو عرق الطيب يمسحه بإحرامه؟

ج: لو مسحه لا بأس، يمسحه بغير الإحرام، يمسحه بيده أو بخرقةٍ، لا بنفس الرداء.

س: بعض الصابون فيه مُعطرات؟

ج: تركه أحوط، المعطر تركه أحوط، وهو ما يُسمَّى: طيبًا الصابون، لكن تركه من باب الاحتياط حسن.

س: ولو كُفِّن الميتُ المُحرم في الثياب المُعتادة؟

ج: غطوا رأسه يعني؟

س: نعم، غطّوا رأسه بالكفن المُعتاد، ليس بالإحرام؟

ج: ما هو ببعيدٍ، لو كان قريبًا في الحال يُنبش ويُؤخَّر عن رأسه لا بأس، أما إذا تأخَّر ما يحتاج، لكن ما دام في الحال ما بعد تغير، في الحال لا مانع، إن قيل بجوازه لا بأس؛ لإزالته عن رأسه.

س: مَن أُحصر ولم يجد الهديَ فهل يحلّ؟

ج: يصوم عشرة أيام ثم يحلّ، أو يقصر ويحل، إذا كان ما عنده هدي يصوم عشرة أيام ثم يحلق أو يُقصر ويحلّ.

س: يكون الصوم قبل الإحلال؟

ج: نعم بدل الذَّبيحة.

س: المرأة التي تخاف على نفسها العادة هل تشترط عند إحرامها؟

ج: ما أعلم مانعًا، أما في الحجِّ لا؛ لأنها تنتظر؛ لأنَّ الحجَّ لا بد من الطواف، فيه محل نظر الحيض، لكن ليس ببعيدٍ؛ لأنه قد يُعطلها كثيرًا، قد يُقال بالحج أيضًا إذا كانت جاءت مُتأخرةً أو متقدمةً، يمديها تطهر، لكن قد تأتي متأخرةً وتخشى من التَّعطيل، وتفوت عليها أشياء، المقصود إذا دعت حاجةٌ إلى الاشتراط لا بأس، الأصل الجواز، النبي قال لضباعة وهي مريضة: حُجِّي واشترطي.

س: أخذتُ عمرةً ومعي طفلان صغار، فأحرموا من الميقات، ويوم جاء السعي تعبوا من السعي، هل عليه شيء؟

ج: تسعى بهما فوق سيارة محمولين، الأطفال إذا عجزوا يطوف بهم وليُّهم أو غيره ويسعى بهم والحمد لله، يُكمل بهم.

س: ما سعيتُ بهم، أنا الآن عليَّ شيء؟

ج: الظاهر أنه يلزمك أن تعود وتسعى بهما؛ لأنك أنت الذي ألزمت نفسك بهم، وأحرمت عنهم، عليك أن تُكمل وتسعى بهم وتُقصر عنهم، قال الله جلَّ وعلا: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، أنت الذي أدخلتهم.

س: ............؟

ج: هذا يدل على تحريم العبث بالإنسان، ما يجوز لإنسانٍ أن يقطع عضوًا منه، يعبث بقطع يده أو أصابعه، ما يجوز له، وهذا وعيدٌ شديدٌ يفيد أنَّ كون الإنسان يمثل بنفسه متوعد بالنار والعياذ بالله، هذا من باب الوعيد، نسأل الله العافية.

س: قوله: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ يشمل حتى الصغار؟

ج: يشمل الذين أدخلهم أولياؤهم، أما هم فلا، ما يلزمهم شيء إذا كانوا بأنفسهم، لكن إذا أدخلهم وليُّهم هو محلّ كلام أهل العلم، إذا أدخلهم لزمه أن يُتمم بهم الذين دون السبع، أما إذا أحرموا بأنفسهم فلهم التَّحلل، لكن ينبغي له أن يُعلِّمه حتى يُكمل؛ لأنهم ليس عليهم فريضة، وقد يقال بوجوب الإتمام؛ لأنهم دخلوا فيه: كالحاج المتنفل، والمعتمر المتنفل، لو أنَّ الإنسان حجَّ مُتنفلًا أو اعتمر مُتنفلًا لزمه الإتمام، وقد يُقال في حقِّ الصبيان: إنَّ على وليهم أن يُلزمهم بالإتمام؛ لأنهم هم الذين أدخلوا، وإن كانوا غير مُكلَّفين، لكن بشيء عارض، مثلما يُمنعون من المعاصي وإن كانوا غير مُكلَّفين؛ لئلا يتلاعبون، فالقول بهذا قول وجيه، لكن الأصل أنه لا يلزمهم، غير مُكلَّفين، لكن إذا دخلوا عُقلاء قد بلغوا السبعَ -هم من جهتهم دخلوا- ينبغي لوليِّهم أن يُؤكِّد عليهم أن يُكملوا، وإذا أدخلهم هو وهم دون السبع يلزمه، هو الذي يُكمل بهم؛ لأنه مسؤولٌ عنهم، كما يكفُّهم عن المحارم.

بَابُ النَّهْيِ عَنْ أَخْذِ الشَّعْرِ إلَّا لِعُذْرٍ وَبَيَان فِدْيَتِهِ

1894- عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: كَانَ بِي أَذًى مِنْ رَأْسِي، فَحُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَالْقَمْلُ يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي، فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَرَى أَنَّ الْجَهْدَ قَدْ بَلَغَ مِنْكَ مَا أَرَى، أَتَجِدُ شَاةً؟ قُلْتُ: لَا، فَنَزَلَت الْآيَةُ: فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196]، قَالَ: هُوَ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ نِصْفَ صَاعٍ، نِصْف صَاعٍ طَعَامًا لِكُلِّ مِسْكِينٍ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: أَتَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَقَالَ: كَأَنَّ هَوَامَّ رَأْسِك تُؤْذِيكَ؟ فَقُلْتُ: أَجَلْ، قَالَ: فَاحْلِقْهُ وَاذْبَحْ شَاةً، أَوْ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ بِثَلَاثَةِ آصُعٍ مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتَّةِ مَسَاكِينَ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

وَلِأَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةٍ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ لِي: احْلِقْ رَأْسَكَ وَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ فَرَقًا مِنْ زَبِيبٍ، أَو انْسُكْ شَاةً، فَحَلَقْتُ رَأْسِي ثُمَّ نَسَكْتُ.

الشيخ: هذه الأبواب فيما يتعلق بما يجوز للمُحرم وما يحرم عليه وما يلزمه إذا تعاطى بعض ما يحرم عليه، جاءت النصوص في بيان ما يجب على المحرم وما يحرم عليه إذا عقد إحرامه للحجِّ أو العمرة، وأن الواجب عليه عدم لبس المخيط، وعدم تغطية الرأس، وعدم الطيب، وعدم الجماع، إلى آخره.

وليس له نتف الشعر؛ ولهذا لما احتاج كعب بن عجرة إلى الحلق أذن بسبب المرض، وأن يفدي، هذا من رحمة الله؛ أن العبد إذا احتاج إلى بعض المحظورات جاز له ذلك مع فعل الكفَّارة إن كانت فيه كفَّارة على حسب النصوص، مؤيد بالنصوص، فالمضطر إذا اضطر إلى الأكل من الميتة أكل ولا كفَّارة عليه، وإذا اضطر إلى حلق الرأس فعليه فدية على ما جاءت به الشريعة، يكون التفصيل على ما جاءت به الشريعة.

فهذا كعب اشتدَّ به مرض الرأس، فأمره بالحلق، وأن يفدي بأحد ثلاثة أشياء: إما صوم ثلاثة أيام، وإما إطعام ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصف صاع، أو ذبح شاة، فالنصوص يُفسر بعضها بعضًا، ويُبين بعضها بعضًا، والضرورة تختلف وتتنوع: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119].

والجاهل له حكم غير حكم العالم؛ ولهذا لما جاءه الرجلُ الذي أحرم في الجبَّة متضمخ بالطيب جاهلًا أمره النبيُّ أن ينزع الجبَّة، وأن يغسل أثر الخلوق، وأن يصنع في عمرته ما هو صانع في حجَّته، ولم يأمره بالفدية للجهل.

وهذا أصح دليلٍ في تفسير إطعام ستة مساكين، وأنه نصف صاع، واختلف الناسُ في ذلك: فقال بعضهم: صاع، وبعضهم: نصف صاع، وبعضهم: مُدٌّ من البرِّ، ونصف صاع من غيره، لكن هذا فاصل، حديث كعب بن عجرة أن الإطعام يكون نصف صاع، فإذا فسَّره النبيُّ بالتمر فغير التمر مثل التمر؛ لأن الرسول ﷺ هو المفسر للقرآن، وهو المبين لمعاني القرآن، والله قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ [البقرة:196]، فسَّر النبيُّ الصدقة بنصف الصاع، والصيام فسَّره بثلاثة أيام، والنُّسك فسَّره بالذبيحة، فلكل واحدٍ نصف صاع من تمرٍ كما في "الصحيحين"، ومثله من حنطة، أو من زبيب، أو من غيره، كما في رواية أبي داود.

س: بعض العسكريين يُمنعون من الحج، فيُحرمون ببدلهم العسكرية؟

ج: كذلك عليهم مثل ما على مَن حلق رأسه، مَن اضطر إلى اللبس يلتزم بهذه الكفَّارة: إطعام ستة مساكين، أو ذبح شاة، أو يصوم ثلاثة أيام.

س: الحزام الذي يكون على الإحرام يكون من المخيط؟

ج: ما يضرُّ، الحزام ما يضرُّ، الحزام للإزار ما فيه شيء.

س: العسكريون يُغطُّون الرأس ....... ويلبسون البدلة؟

ج: إذا أُلزموا بهذا وهم مُحرمون عليهم الكفَّارة؛ كفَّارة عن الرأس، وكفَّارة عن البدن: إطعام ستة مساكين عن ذا، وستة مساكين عن ذا، أو ذبح شاة عن ذا، وذبح شاة عن ذا، أو صيام ثلاثة أيام عن ذا، وثلاثة أيام عن ذا، الرأس غير البدن.

س: البدلة فيها فنيلة وفيها سراويل؟

ج: ولو، البدن شيء واحد، والرأس شيء واحد، سواء طاقية أو عمامة.

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْحِجَامَةِ وَغَسْلِ الرَّأْسِ لِلْمُحْرِمِ

1895- عَنْ عبدالله بْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ: "احْتَجَمَ النَّبِيُّ ﷺ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِلَحْيِ جَمَلٍ مِنْ طَرِيقِ مَكَّةَ فِي وَسَطِ رَأْسِهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1896- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِلْبُخَارِيِّ: احْتَجَمَ فِي رَأْسِهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ مِنْ وَجَعٍ كَانَ بِهِ بِمَاءٍ يُقَالُ لَهُ: لَحْيُ الْجَمَلِ.

1897- وَعَنْ عبدالله بْنِ حُنَيْن: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ اخْتَلَفَا بِالْأَبْوَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ، وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لَا يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ. قَالَ: فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ، وَهُوَ يَسْتُرُ بِثَوْبٍ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: أَنَا عبدالله بْنُ حُنَيْن، أَرْسَلَنِي إلَيْكَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْأَلُكَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَغْتَسِلُ وَهُوَ مُحْرِمٌ، قَالَ: فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى الثَّوْبِ فَطَأْطَأَهُ حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ، ثُمَّ قَالَ لِإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ: اصْبُبْ، فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، فَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ ﷺ يَفْعَلُ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

الشيخ: وهذه الأحاديث فيها الدلالة على جواز الحجامة إذا دعت الحاجةُ إليها؛ لأنَّ النبي احتجم وهو محرم في رأسه، فدلَّ على جواز ذلك للمُحرم، وإذا دعت الحاجةُ إلى أخذ شيءٍ من الرأس أخذ للحجامة، وأن يُكفِّر بإحدى ثلاث: صيام ثلاثة أيام، أو ذبح شاة، أو إطعام ستة مساكين، وكونه لم يذكر في الحديث يدل عليه الحديث الآخر؛ لأنَّ الأحاديث يُفسر بعضُها بعضًا، أما الغسل فلا حرج عليه، كونه يغتسل المحرم لا حرج فيه، فقد اغتسل النبيُّ ﷺ يوم دخل مكة ولم يكن في ذلك بأس، فإنه نزل بذي طوى واغتسل ثم دخل مكة، المقصود أنَّ المحرم إذا اغتسل حال إحرامه لا شيء عليه، ولا حرج عليه، لكن ينظر عند غسل الرأس يكون رفيقًا.

س: ويُعفى عن الشّعرات؟

ج: ما يقع من الشّعرات لا يضرّ، شعر ميت.

س: الشّعرات التي تُؤخذ من الحجامة ما يُعفى عنها إن كانت قليلة؟

ج: محتمل، لكن الأحوط أنه يفدي؛ لأنها قد تكون كثيرةً.

بَابُ مَا جَاءَ فِي نِكَاحِ الْمُحْرِمِ وَحُكْمِ وَطْئِهِ

1898- عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ، وَلَا يُنْكَحُ، وَلَا يَخْطُبُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ، وَلَيْسَ لِلتِّرْمِذِيِّ فِيهِ: وَلَا يَخْطُبُ.

1899- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّهُ سُئِلَ عَن امْرَأَةٍ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ مَكَّةَ، فَأَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ أَوْ يَحُجَّ، فَقَالَ: لَا تَتَزَوَّجْهَا وَأَنْتَ مُحْرِمٌ، نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

الشيخ: وهذا يدل على أنَّ المحرم ما يتزوج ولا يطأ؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197]، الرفث يعني الجماع.

يقول ﷺ: لا ينكح المحرم، ولا ينكح، ولا يخطب، لا ينكح لا يتزوج، لا يُنكح لا يُزوِّج غيره، ولا يخطب لأنَّ الخطبة وسيلة للزواج، فهو في حال الإحرام يُمسك: لا يخطب هو، ولا يتزوج، ولا يُزوج موليته وهو محرم، وهكذا المحرمة: لا تتزوج، لا يأتيها زوجها، ولا تتزوج إن كانت ليست ذات زوجٍ حتى تحلَّ.

وأما حديث أنه تزوَّج ميمونة وهو محرم فهو وهمٌ عند الحفاظ، وهم ابن عباسٍ ، فإن الراوي عن ميمونة -وهو أبو رافع، وهو السفير بينهما- أخبر أنه تزوَّجها وهو حلال، تزوج ميمونة وهو حلال.

1900- وَعَنْ أَبِي غَطَفَانَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، يَعْنِي: رَجُلًا تَزَوَّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّأ" وَالدَّارَقُطْنِيُّ.

1901- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

وَلِلْبُخَارِيِّ: تَزَوَّجَ النَّبِيُّ ﷺ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَبَنَى بِهَا وَهُوَ حَلَالٌ، وَمَاتَتْ بِسَرِف.

1902- وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ، عَنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَهَا حَلَالًا، وَبَنَى بِهَا حَلَالًا، وَمَاتَتْ بِسَرِف، فَدَفَنَّاهَا فِي الظُّلَّةِ الَّتِي بَنَى بِهَا فِيهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ وَلَفْظُهُمَا: تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ، قَالَ: وَكَانَتْ خَالَتِي وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ.

وَأَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ قَالَتْ: "تَزَوَّجَنِي وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِف".

1903- وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا، وَبَنَى بِهَا حَلَالًا، وَكُنْتُ الرَّسُولَ بَيْنَهُمَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ.

وَرِوَايَةُ صَاحِبِ الْقِصَّةِ وَالسَّفِيرِ فِيهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرُ وَأَعْرَفُ بِهَا.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: وَهِمَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: "تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ".

1904- وَعَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُمْ سُئِلُوا عَنْ رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْحَجِّ، فَقَالُوا: "يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا، ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ"، قَالَ عَلِيٌّ: "فَإِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ عَنْ عَامٍ قَابِلٍ تَفَرَّقَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا".

1905- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَقَعَ بِأَهْلِهِ وَهُوَ بِمِنًى قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْحَرَ بَدَنَةً.

وَالْجَمِيعُ لِمَالِكٍ فِي "الموطأ".

الشيخ: هذا يدل على أنَّ الصواب أنه تزوَّجها وهو حلال كما أخبرت هي عن نفسها، وأبو رافع كذلك، وهو أيضًا مقتضى الأدلة الشرعية؛ لأنه ﷺ لا ينهى عن شيءٍ ثم يفعله، ولا يُحرِّم شيئًا ويرتكبه، وهو أسرع الناس إلى الخير وأبعدهم، إلا ما خصَّه الله به، وجاء النص بالخصوصية، وإلا فهو كأمَّته؛ ما حرَّم الله عليهم فهو حرام عليه، وما أوجب الله على الأمة فهو عليه كذلك واجب، هذا هو الأصل؛ ولهذا قال سعيدُ بن المسيب أنه وهم ابن عباس في قوله: أنه تزوَّجها وهو محرم، والصواب أنه تزوَّجها وهو حلال، وهي أيضًا حلال، هذا هو الصواب، وكل يجري على الخطأ، ما في أحدٍ يسلم من الخطأ إلا الرسل عليهم الصلاة والسلام فيما يُبلِّغون عن الله؛ لأنهم معصومون في البلاغ: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۝ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3- 4].

وأما أثر ابن عباس في الجماع: فالجماع يختلف: إن كان قبل التَّحلل فإنه يُفسد الحجَّة ويمضيان فيه، يُكملانه، وعلى كل واحدٍ بدنة كما أفتى الصحابةُ ويقضيان، وأما إذا كان بعد التَّحلل؛ بعد رمي الجمرة وبعد الطواف، أو بعد الرمي والتقصير قبل الطواف، فالحج صحيح، وعليه فدية، قال ابنُ عباس: بدنة، وقال آخرون: شاة؛ لأنه قد خفَّ الإحرام، وسهل بالتحلل الأول، فإذا نحر بدنةً احتياطًا فحسن كما أفتى ابن عباس، وإلا فيكفيه دم، وهو الشاة؛ لأنَّ الإحرام قد سهل وخفَّ بالتحلل الأول، بخلاف مَن كان قبل التَّحلل الأول، فإنَّ الواجب بدنة.

س: رجل جامع قبل الإفاضة، وحجَّ بعدها عدَّة حجج، لكنه لم ينوها قضاءً؟

ج: حجه باقٍ إن كان قبل التَّحلل الأول، وقد رمى الجمرة، لكن عليه فدية.

س: قبل الإفاضة؟

ج: ولو، إن كان قد رمى وحلق وتحلل التَّحلل الأول فحجه صحيح، إنما يفسد حجه إذا كان قبل التحلل الأول، يعني وطأ بعرفة أو بعد عرفة لكن قبل أن يطوف، قبل أن يرمي، قبل أن يحلق، قبل أن يفعل شيئًا من التَّحلل، أما إن كان بعد رمي الجمرة أو بعد الطواف فحصل التَّحلل الأول، ويكون الحج صحيحًا، وعليه فدية عن الجماع قبل كمال التَّحلل.

س: وهل من شرطه نية القضاء لو حجَّ بعده عدة حجج؟

ج: حجه صحيح، وعليه الفدية، والحج الثاني صحيح، والعمرة الثانية صحيحة.

س: مَن جامع بعد التَّحلل الأول هل يلزمه أن يُحرم من الحلِّ؟

ج: رُوي عن ابن عباسٍ أنه يُحرم من الحلِّ، والأقرب والله أعلم أنه لا يلزمه؛ لأنَّ الحجَّ قد حصل، والعمرة قد حصلت، والإحرام قد حصل، فيلزمه التكميل فقط، يُكمل ويلزمه الدم، وإن خرج للحلِّ وأحرم من جديدٍ من باب الخروج من الخلاف فلا بأس.

س: فتوى ابن عباس في إيجاب البدنة بدون تفصيلٍ على مَن وقع على أهله وهو في منًى قبل أن يفيض؟

ج: ظاهره أنه يلزمه ....... ما دام ما تحلل التَّحلل الكامل، ولكن الأقرب والله أعلم التفصيل كما قاله جماعةٌ من أهل العلم، يحتاج إلى مزيد عنايةٍ في الدرس الآخر إن شاء الله، يحتاج إلى مزيد جمع كلام أهل العلم في هذا، ويكون التكميل في الدرس الآتي إن شاء الله.

س: فتوى عمر وعلي وأبي هريرة: يَنْفُذَانِ لِوَجْهِهِمَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا، ثُمَّ عَلَيْهِمَا حَجٌّ قَابِلٌ وَالْهَدْيُ، قَالَ عَلِيٌّ: فَإِذَا أَهَلَّا بِالْحَجِّ عَنْ عَامٍ قَابِلٍ تَفَرَّقَا حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا؟

ج: هذا مجمل هنا، ما فيه بيان بدنة أو شاة، يحتاج إلى .......

س: التَّفرق أحسن الله إليك؟

ج: من العقوبة؛ لئلا يقع منهما شيء، حتى لا تقع الكارثةُ مرةً أخرى.

س: التَّفرق على سبيل الاستحباب؟

ج: ظاهر الفتوى على سبيل الوجوب سدًّا للذريعة، وعقوبةً على ما جرى منهما سابقًا.

بَابُ تَحْرِيمِ قَتْلِ الصَّيْدِ وَضَمَانِهِ بِنَظِيرِهِ

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ الْآيَة [المائدة:95].

1906- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: "جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الضَّبُعِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ كَبْشًا، وَجَعَلَهُ مِن الصَّيْدِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

1907- وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَقَالَ: إنِّي أَجْرَيْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي فَرَسَيْنِ نَسْتَبِقُ إلَى ثَغْرَةِ -ثَنِيَّةٍ- فَأَصَبْنَا ظَبْيًا وَنَحْنُ مُحْرِمَانِ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَقَالَ عُمَرُ لِرَجُلٍ بِجَنْبِهِ: تَعَالَ حَتَّى نَحْكُمَ أَنَا وَأَنْتَ، قَالَ: فَحَكَمَا عَلَيْهِ بِعَنْزٍ، فَوَلَّى الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: هَذَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَحْكُمَ فِي ظَبْيٍ حَتَّى دَعَا رَجُلًا فَحَكَمَ مَعَهُ! فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ الرَّجُلِ فَدَعَاهُ فَسَأَلَهُ: هَلْ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُ هَذَا الرَّجُلَ الَّذِي حَكَمَ مَعِي؟ فَقَالَ: لَا، فَقَالَ: لَوْ أَخْبَرْتَنِي أَنَّكَ تَقْرَأُ سُورَةَ الْمَائِدَةِ لَأَوْجَعْتُكَ ضَرْبًا، ثُمَّ قَالَ: إنَّ اللَّهَ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ، وَهَذَا عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الموطأ".

1908- وَعَنْ جَابِرٍ : أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الضَّبُعِ بِكَبْشٍ، وَفِي الْغَزَالِ بِعَنْزٍ، وَفِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ، وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ. رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الموطأ".

1909- وَعَن الْأَجْلَحِ بْنِ عبدالله، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: فِي الضَّبُعِ إذَا أَصَابَهُ الْمُحْرِمُ كَبْشٌ، وَفِي الظَّبْيِ شَاةٌ، وَفِي الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ، وَفِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ، قَالَ: وَالْجَفْرَةُ: الَّتِي قَدْ أَرْتَعَتْ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: الْأَجْلَحُ ثِقَةٌ. وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: صَدُوقٌ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ.

الشيخ: هذه الأحاديث والآثار فيما يتعلق بالصيد، الله جلَّ وعلا قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ [المائدة:95]، فلا يجوز قتل الصيد في حقِّ المحرم حتى يحلَّ، وإذا كان في الحرم حرم لأمرين: للحرم وللإحرام جميعًا، وإذا كان خارج الحرم حرم من أجل الإحرام فقط، وإذا وقع منه ذلك فعليه الجزاء؛ لقوله تعالى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا، وهذا لله فيه الحكمة البالغة جلَّ وعلا، حيث نهى المحرم عن قتل الصيد، ونهى عن صيد الحرم، ولله الحكمة البالغة ، فإذا وقع من أحدٍ فعليه الجزاء.

وفيه الدلالة على أن الضبع صيد كما جاءت به قصة جابر: أنه سمَّاه صيدًا، وقضى فيها الصحابة كعمر بأن في ذلك كبشًا؛ لأنها أشبه شيء بذلك، وفي الظبي عنز؛ لأنها أشبه شيء بذلك، وفي الأرنب عناق، الجفرة الصغيرة: العناق الصغيرة، المقصود أن العدلين ينظران ويتأملان ما هو الأشبه بالصيد من الأنعام التي أباحها الله للعباد يكون جزاءً كما فعل عمر وعبدالرحمن بن عوف وغيرهما من الصحابة، وبيَّن ذلك أهل العلم في جزاء الصيد؛ تنفيذًا لقوله تعالى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة:95]، ولا يجوز له ولو قال: إني أفتي، لا يجوز له القتل بالصيد، لا يجوز له أن يتعرض لذلك؛ لأن الله قال: لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ، لكن متى وقع فعليه التوبة إلى الله، وعليه الفدية متى وقع ذلك، وليس له أن يتعمد ذلك.

ولكن هل يجب مطلقًا أو في حال التعمد؟

الله قال: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ، والمشهور عند أهل العلم أن التعمد فيه الإثم، وأما الجزاء فيشمل التعمد وغير التعمد، وظاهر القرآن أنه لا يلزمه إذا كان متعمدًا، وهو قول جمع من أهل العلم؛ لأن الله قال: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ، والأظهر أنه لا يجب على المخطئ إلا أن توجد سنة صحيحة تدل على ذلك، وإلا فالأصل اعتبار القيد الذي بيَّنه الرب جل وعلا: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا هذا هو الإثم، فمَن دهسته السيارة من حمامةٍ وغيرها من غير عمدٍ أو ما أشبه ذلك فظاهر النص أنه لا شيء عليه؛ لأنه غير آثم، غير متعمد.

وقال قومٌ المشهور عند أهل العلم أنه يلزم جزاء المتعمد بالقرآن، والمخطئ بالسنة، ولكن ليس فيه سنة واضحة، فإذا وجد في السنة حديث صحيح يدل على ضمان المخطئ وإلا فالأصل البراءة في حقِّ المخطئ.

س: الجمهور على الوجوب مطلقًا؟

ج: نعم.

س: الجراد؟

ج: الجراد من صيد البر، فيه القيمة.

س: الضبع أليست من ذوات الأنياب؟

ج: لكن مُستثناة، يقولون ضروس، ما هو بذاك، هي شيء مستدير تطحن طحنًا.

س: وعلى هذا يجوز قتلها؟

ج: نعم، هي صيد.

س: الفداء يكون في الحرم؟

ج: في محلِّه الذي جنى فيه؛ إن كان في الحرم في الحرم، لكن في الآية الكريمة: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة:95]، ظاهره أنه يُساق إلى فقراء الحرم.

س: ما له أنياب الضبع؟

ج: بلغني أنها ما لها أنياب، وأنه يكون لها ضرس كبير مُستدير تطحن عليه طحنًا .......

س: سبب التحريم له حكمة واضحة أو تعبدية؟

ج: الله أعلم، سمعنا وأطعنا.

س: الخطأ والنسيان سواء؟

ج: أي نعم.

س: الضبع يأكل السباع المُفترسة؟

ج: مُستثنى بالنص.

بَابُ مَنْعِ الْمُحْرِمِ مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الصَّيْدِ

إلَّا إذَا لَمْ يُصَدْ لِأَجْلِهِ وَلَا أَعَانَ عَلَيْه

1910- عَن الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ : أَنَّهُ أَهْدَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ، أَوْ بِوَدَّانَ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إلَّا أَنَّا حُرُمٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ: لَحْمَ حِمَارِ وَحْشٍ.

1911- وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ، وَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَذْكِرُهُ: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ أُهْدِيَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ حَرَامٌ؟ فَقَالَ: أُهْدِيَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ فَرَدَّهُ وَقَالَ: إنَّا لَا نَأْكُلُهُ، إنَّا حُرُمٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

1912- وَعَنْ عَلِيٍّ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ بِبَيْضِ النَّعَامِ فَقَالَ: إنَّا قَوْمٌ حُرُمٌ، أَطْعِمُوهُ أَهْلَ الْحِلِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

1913- وَعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عبدالله التَّيْمِيِّ -وَهُوَ ابْنُ أَخِي طَلْحَةَ- قَالَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ وَنَحْنُ حُرُمٌ، فَأُهْدِيَ لَنَا طَيْرٌ وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ، فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ، وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ فَلَمْ يَأْكُلْ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ وَفَّقَ مَنْ أَكَلَهُ، وَقَالَ: "أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

1914- وَعَنْ عُمَيْرِ بْنِ سَلَمَةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَهْزٍ: أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يُرِيدُ مَكَّةَ، حَتَّى إذَا كَانُوا فِي بَعْضِ وَادِي الرَّوْحَاءِ وَجَدَ النَّاسُ حِمَارَ وَحْشٍ عَقِيرًا، فَذَكَرُوهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: أَقِرُّوهُ حَتَّى يَأْتِيَ صَاحِبُهُ، فَأَتَى الْبَهْزِيُّ وَكَانَ صَاحِبَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَأْنَكُمْ بهَذَا الْحِمَارَ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ فَقَسَّمَهُ فِي الرِّفَاقِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ، قَالَ: ثُمَّ مَرَرْنَا حَتَّى إذَا كُنَّا بِالْأُثَايَةِ إذَا نَحْنُ بِظَبْيٍ حَاقِفٍ فِي ظِلٍّ فِيهِ سَهْمٌ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رَجُلًا أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ حَتَّى يُخْبِرَ النَّاسَ عَنْهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَمَالِكٌ فِي "الموطأ".

1915- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: "كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَمَامَنَا، وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ، وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا، وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي، فَلَمْ يُؤْذِنُونِي، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ، فَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ، فَقُمْتُ إلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ، قَالُوا: وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ، فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا، ثُمَّ رَكِبْتُ، فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ، ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ، ثُمَّ إنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا وَخَبَّأْتُ الْعَضُدَ مَعِي، فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ، فَأَكَلَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.

وَلَهُمْ فِي رِوَايَةٍ: هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ.

وَلِمُسْلِمٍ: هَلْ أَشَارَ إلَيْهِ إنْسَانٌ أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكُلُوهُ.

وَلِلْبُخَارِيِّ: قَالَ: مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا.

1916- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: "خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابِي وَلَمْ أُحْرِمْ، فَرَأَيْتُ حِمَارًا، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ فَاصْطَدْتُهُ، فَذَكَرْتُ شَأْنَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَذَكَرْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَحْرَمْتُ، وَأَنِّي إنَّمَا اصْطَدْتُهُ لَكَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ أَصْحَابَهُ فَأَكَلُوا، وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ حِينَ أَخْبَرْتُهُ أَنِّي اصْطَدْتُهُ لَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ: قَوْلُهُ: "إنِّي اصْطَدْتُهُ لَكَ" وَأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ، لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ مَعْمَرٍ.

1917- وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: هَذَا أَحْسَنُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَقْيَسُ.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها مدارها على أمرين: أحدهما: أن يُصاد لأجل المحرم، أو يُساعده المحرم، فلا يأكل منه شيئًا إذا صاده الحلالُ، أما إذا صاده الحلالُ ولم يُساعده المحرم ولم يصده لأجله فلا حرج، وعلى هذا تنزل الأحاديث: حديث أبي قتادة وما جاء في معناه في صيدٍ صاده الحلالُ ولم يُعِنْه المحرم، ولم يُصد لأجل المحرم، فلهذا أكله الصحابةُ وأقرَّهم النبيُّ ﷺ.

وأما حديث الصعب بن جثامة وما جاء في معناه: فهذا فيما صيد لأجل المحرم، فهذا لا يأكله؛ ولهذا قال: إنَّا لم نَردّه عليك إلا أنَّا حرم، حملوه على أنه صاده لأجل النبي ﷺ، لأجل أن يُهديه للنبي ﷺ، فامتنع منه وردَّه عليه، هذا إذا كان جزء حمارٍ كما في الرواية الأخرى: "عجز حمار"، أما إذا كان الحمار حيًّا فالمحرم لا يأخذ الصيدَ، لا يشتريه، ولا يقبل هبته وهو محرم، وحديث جابر صريح في هذا المقام: صيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يُصد لكم، فهو مثلما قال الشافعي رحمه الله فاصل، وهو لا بأس به، جيد، وله طريق، وهو حديث جيد، وهو فاصل في المقام.

فما جاء من النهي عن أكل المحرم لصيد الحلال فهو فيما إذا ساعد فيه المحرم بإشارةٍ أو آلةٍ أو دلالةٍ أو غير ذلك، أو نواه الحلالُ للمُحرم، وما جاء من الإباحة كما في حديث أبي قتادة وحديث طلحة فهذا فيما إذا كان الحلالُ صاده لا للمُحرم، ولم يُعنه المحرم.

س: هل يحرم على البقية؟

ج: إذا كان عالمًا أنهم محرمون ما يصلح .......

س: خمس فرق فرقوا، كل فريق ألف ريـال، وجعلوه للفائز فيما بينهم، صارت خمسة آلاف، إذا فاز أحدهم بالكورة يأخذ هذا الفريق؟

ج: ما يجوز، اللعب بالعوض ما يجوز في الكرة، جميع اللعب ما يجوز فيه العوض إلا في ثلاثٍ فقط: المسابقة بالرمي، والخيل، والإبل فقط، وما سواه ما يجوز العوض، لا بأس أن يتسابقوا بالأقدام، لكن بدون عوضٍ، يقول النبيُّ ﷺ: لا سبق إلا في نصلٍ أو خفٍّ أو حافرٍ، النَّصل: الرمي، والخف: الإبل، والحافر: الخيل.

س: لماذا أبو قتادة لم يُحرم مع أنَّ أساس النبي ﷺ والصحابة العُمرة؟

ج: لعلَّ له أسبابًا ما ندري عنها.

س: الحمار الوحشي المقصود به الضبي؟

ج: لا، نوع آخر يُشبه الحمر، لكن صفة أخرى، جميل، وله صورة جيدة، والضبي غير.

س: سباق الرجال يُعطى عليهم جوائز؟

ج: لا، الجوائز في الرمي والإبل والخيل فقط.

س: ............؟

ج: لا، الجراد لا يُقتل، لا يُتعرض له؛ لأنه صيد.

س: هو يكثر في المسجد الحرام، فلو داسه وهو يمشي فهل عليه شيء؟

ج: إذا تعمَّد قيمته يتصدَّق به.

بَابُ صَيْدِ الْحَرَمِ وَشَجَرِهِ

1918- عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَامٌ، لَا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهُ إلَّا لِمُعَرِّفٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إلَّا الْإِذْخِرَ؛ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ لِلْقُبور وَالْبُيُوتِ، فَقَالَ: إلَّا الْإِذْخِرَ.

1919- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ قَالَ: لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا، وَلَا تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلَّا لِمُنْشِدٍ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ: إلَّا الْإِذْخِرَ؛ فَإِنَّا نَجْعَلُهُ لِقُبُورِنَا وَبُيُوتِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إلَّا الْإِذْخِرَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

وَفِي لَفْظٍ لَهُمْ: لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، بَدَلَ قَوْلِهِ: لَا يُخْتَلَى شَوْكُهَا.

1920- وَعَنْ عَطَاءٍ: أَنَّ غُلَامًا مِنْ قُرَيْشٍ قَتَلَ حَمَامَةً مِنْ حَمَامِ مَكَّةَ، فَأَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنْ يُفْدَى عَنْهُ بِشَاةٍ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.

الشيخ: يقول رحمه الله: (باب صيد الحرم وشجره)، الأحاديث دلَّت على تحريم صيد الحرم، وعلى تحريم قطع شجره، فقد خطب النبيُّ ﷺ الناس يوم فتح مكة وبيَّن لهم الحكم، وأنه لا يجوز لأحدٍ قطع شجر الحرم، ولا ...... يبقى لمصلحةٍ الحجاج ...... شجرها ..... ولا يقطع الشجر، ولا يُحشُّ الحشيش، ولا يُصاد الصيد، ولا يُنفر، وقد خطب النبي بهذا، وكرر هذا، وحذَّر منه، وهكذا اللُّقطة لا تُؤخذ للتَّملك، وإنما للتعريف: إلا لِمُعَرِّفٍ يُعرِّفها حتى يجدها ربُّها.

وقول العباس: "فإنا نتَّخذه لبيوتنا وقبورنا" يعني الإذخر، فالإذخر استثناه النبيُّ ﷺ، وهو نبتٌ طيب الرائحة معروف، لا بأس باحتشاشه؛ لأنهم يحتاجون إليه في بيوتهم وقبورهم، وفي حدادتهم، يحتاجه الحدَّاد القين كما في الحديث: "لقينهم وبيوتهم"؛ لأنها أرض رديئة، يحتاجون لهذا الحشيش، يجعلونه على الميت دونه ودون التراب، على القبور يقيه التراب؛ لأنَّ تراب مكة ضعيف، وهكذا القين يحتاجه للحدادة؛ في إيقاد النار للحدادة، فاستثناه النبيُّ ﷺ، قال: إلا الإذخر، وأما ما سواه من الشجر فالواجب تركه، والحشيش كذلك، حتى الشوك، فإذا احتاج الإنسانُ لشيءٍ يفرش عليه التراب أو غيره ويجلس عليه، ولا يقطعه، يفرش الفراش الذي يقيه الشوك ويكفي.

س: المراد غير ما أنبته الآدميون؟

ج: غير ما أنبته، ما أنبته الآدمي وزرعه هذا له ملكه يأخذه، هذا المقصود؛ ما أنبته الله من دون عمل المخلوق، أما شجر يغرسه المخلوق فله، أو زرع يزرعه فله.

س: الذي يقطع شيئًا من الشجر جاهلًا هل عليه شيء؟

ج: والأقرب والله أعلم أنه ما عليه شيء، ويُروى عن بعض الصحابة أنَّ عليه فديةً، لكن ما عليه دليل واضح، فالنبي ﷺ حذَّر ولم يجعل فديةً.

س: ............؟

ج: ترعى الدواب لا بأس.

س: الإذخر ما زاد عن الخلل بين اللبن في القبور؟

ج: يشبوه ويستعملونه لحاجاتهم، مباحًا لهم، لقينهم وبيوتهم، القين: الحداد، يشبه الحداد، وإذا شبَّوه في بيوتهم ما في بأس.

س: لكن ما زاد عن الخلل في اللبن في القبور؟

ج: يستعملونه كيف شاءوا، مباحًا لهم.

س: لكن أقصد ما يُجعل فوق اللبن زيادة؟

ج: نعم؟

س: يكون اللبنُ ضعيفًا فيجعل فوق اللبن زيادة على الخلل؟

ج: يُستعمل ما يُحتاج إليه، والباقي ينتفعون به في شيء آخر، لكن يجعل في القبور ما يحتاج إليه فقط.

س: من قطع الشجر؟

ج: يستغفر الله ويتوب إليه، وإن تصدَّق فجزاه الله خيرًا، إن تصدَّق حسن، يُروى عن ابن عباس وجماعة أنه قال: في الشجرة الكبيرة بدنة، وفي الصغيرة شاة، وفي الحشيش قيمته، فإذا فعل ذلك احتياطًا فحسن.

س: قتل الحمام أو العصافير؟

ج: ما يجوز، كلها صيد.

س: فديتها؟

ج: الحمامة فيها شاة إذا تعمَّد، والعصفور فيه قيمته.

س: ما صحَّ في الفدية شيء مرفوع؟

ج: ما أعرف شيئًا مرفوعًا.

بَابُ مَا يُقْتَلُ مِنَ الدَّوَابِّ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ

1921- عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِقَتْلِ خَمْسِ فَوَاسِقَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ: الْغُرَابِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1922- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ لَيْسَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الْغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

وَفِي لَفْظٍ: خَمْسٌ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ: الْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْغُرَابُ، وَالْحدَأة، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.

1923- وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ مُحْرِمًا بِقَتْلِ حَيَّةٍ بِمِنًى. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

1924- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما وَسُئِلَ: مَا يَقْتُلُ الرَّجُلُ مِنَ الدَّوَابِّ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي إحْدَى نِسْوَةِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْعَقُورِ، وَالْفَأْرَةِ، وَالْعَقْرَبِ، وَالْحِدَأَةِ، وَالْغُرَابِ، وَالْحَيَّةِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

1925- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: خَمْسٌ كُلُّهُنَّ فَاسِقَةٌ، يَقْتُلُهُنَّ الْمُحْرِمُ، وَيُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْفَأْرَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْحَيَّةُ، وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ، وَالْغُرَابُ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

الشيخ: هذه الأحاديث فيما يتعلق بما يُقتل في الحرم، المؤذيات تُقتل في الحرم، ومنها الخمس المذكورة: الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور، تُقتل في الحلِّ والحرم، يقتلها المحرم والحلال؛ لأنها مؤذية فاسقة، سُميت: فاسقة لأذاها، الفاسق سُمي: فاسقًا لخروجه عن طبيعة غيره بالأذى، فهكذا هذه الفواسق تُؤذي: الغراب والحدأة تأكل الطيور، والغراب يُؤذي؛ يأكل الزرع، وينقب دبر الدواب حتى يتسبب في تعاظم الجروح، وربما أفضى إلى الموت، والعقرب معروف، والحية كذلك، والفأرة معروف أذاها وفسقها، والكلب العقور كذلك معروف.

ومثل هذا ما كان أشدّ أذًى مثل: الأسد، مثل: الذئب، وما أشبه ذلك فمن باب أولى.

كذلك مَن جنى في الحرم: زنا أو سرق، يُقام عليه الحدُّ لأذاه، وقد أمر النبيُّ بقتل الحيَّة، كانوا في منى فخرجت حيَّة، فأمرهم بقتلها، فغلبتهم ودخلت جُحرها ولم يستطيعوا قتلها، فقال: وُقيت شرَّكم، كما وُقيتُم شرَّها، وقال: اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحيَّة والعقرب، فهذه كلها تُقتل لأذاها، سواء كان في الحرم أو في الحلِّ.

س: الوزغ يُقتل؟

ج: في الحلِّ والحرم مثله، الوزغ من أقبحها، يُقتل في الحلِّ والحرم.

س: ولو عدَّى عليه ضبع؟

ج: والضبع كذلك؛ لأنه وإن كان صيدًا لكن إذا آذى يُقتل، من جنس المؤذيات الأخرى.

س: كونه عليه الصلاة والسلام أمر بقتل الأسودين: الحية والعقرب في الصلاة، ولو كانت من حيات البيوت ....... الإنذار، أو مخصوص بمَن أُنذرت؟

ج: يحتمل أنَّ هذا ناسخ لحديث ......، إطلاق النبي ﷺ في هذه الخمس وما جاء في معناها يحتمل أنه ناسخ ...... البيوت، وأنها تُقتل مطلقًا، وأن ذلك منسوخ، ويحتمل أنه محكم، وأن مُراده ﷺ الحيَّات التي هي غير جنان البيوت: كالتي توجد في المساجد، في الطرقات، في البرية، تُقتل، أما الحية في المسكن فتُنذر ثلاثًا، فإن عادت تُقتل كما جاء في الحديث: إنَّ لهذه البيوت جنانًا من الجنِّ، وقد تبرز بصورة الحية، فلا تُقتل حتى تُنذر ثلاث مرات.

س: ثلاث مرات ولو في يومٍ واحدٍ؟

ج: ولو في يومٍ واحدٍ، إذا أُنذرت ثلاثًا في بعضها: ثلاث مرات، وفي بعضها: ثلاثة أيام، وفي بعضها: ثلاثًا، والحاصل أنَّ الإنذار ثلاث مرات، سواء في يومٍ واحدٍ أو في أيام.

س: الأقرب التَّخصيص وأنَّ هذه مخصوصة من عموم الحديث؟ أن جنان البيوت مُستثناة؟

ج: الأقرب على القاعدة: الخاص يقضي على العام، هذه قاعدة.

بَابُ تَفْضِيلِ مَكَّةَ عَلَى سَائِرِ الْبِلَادِ

1926- عَنْ عبدالله بْنِ عَدِيِّ ابْنِ الْحَمْرَاءِ: أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: وَاللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

1927- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِمَكَّةَ: مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ إلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

الشيخ: هذا في بيان فضل مكة، وأنها خير البلاد وأفضلها؛ ولهذا قال فيها النبيُّ ما قال: إنكِ لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أُخرجتُ منك ما خرجتُ، وقال: ما أطيبك وأحبَّك إليَّ، لولا أني أُخرجتُ منك، كل هذا يدل على فضلها، وأنها أفضل البلاد، ويدل على هذا قوله ﷺ في الحديث الصحيح: صلاة في مسجدي هذا خيرٌ من ألف صلاةٍ فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام خير من الصلاة في مسجدي هذا بمئة صلاة، فالصلاة فيها بمئة ألف، والحسنات فيها مُضاعفة، وفيها بيت الله، وفيها مجمع الحجيج والعُمَّار، فهي أفضل بقاع الله، ثم تليها المدينة، ثم بيت المقدس، الأرض المباركة، فيها المسجد الأقصى، هذه أفضل المساجد، وأفضل البلاد، ولكن إذا تغيرت الأحوال وصار فيها ما يضرُّ المسلمين ينتقل عنها، مثلما انتقل النبيُّ ﷺ وهاجر منها إلى المدينة، وهكذا لو كان في المدينة وظهر شرٌّ فينتقل عنها، فإنَّ الدين مُقدَّم على البقعة، يبقى في البُقعة إذا كان هذا أصلح لدينه، فلو وجد في وقتٍ من الأوقات أن انتقاله من مكة أصلح أو من المدينة أو من بيت المقدس فعل؛ حرصًا على دينه، مثل حالة الشام الآن؛ فيها النصيرية، وهم باطنية، والبقاء بينهم خطر عظيم على دين الإسلام، فإذا تيسر له البقاء مع إظهار دينه بقي لا بأس، ومع عدم إظهار الدين ينتقل ولو إلى الصحراء، حفظ الدين مُقدَّم على البلاد، لكن إذا وجد في البلاد ما يحصل به الأمن على دينه وإظهار دينه فلا بأس؛ ولهذا خرج منها المسلمون وهاجروا إلى الحبشة والمدينة بسبب ظلم أهلها وكفرهم، وهكذا جميع البلاد، كل بلدٍ يكون فيها خطر على دينك تُفارقها وتلتمس أرضًا أصلح منها.

س: ..........؟

ج: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

س: قول ابن عباس أنَّ في الحمامة شاةً؟

ج: لأنها تُشبهها من بعض الوجوه، ويُروى عن جماعةٍ من الصحابة أنهم جعلوا فيها شاةً.

س: الإنذار الذي يكون للحية قبل الاعتداء أو بعد الاعتداء؟

ج: إذا رآها.

س: إذا حصل منها اعتداء قبل أن تُنذر؟

ج: الظاهر أنها إذا اعتدت تُقتل، قد ظلمت هي، لكن هذا كله قبل الاعتداء يُقال لها: كفي عنا، لا تخرجي، وإلا قتلناكِ.

س: الأمر بقتل الحية في الصلاة هل الأمر للوجوب أو للاستحباب؟

ج: الله أعلم، الأمر يدل على المشروعية، أما الوجوب فمحل نظرٍ، لكن يدل على المشروعية.

س: بالنسبة للبلد الحرام هل تُضاعف فيه السيئات؟

ج: السيئات ما تُضاعف إلا من جهة الكيفية، السيئة بواحدةٍ كما قال الله جلَّ وعلا: فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا [الأنعام:160]، لكن سيئة في الحرم أعظم، يعني من جهة الإثم، لا تعدد، لا تكون عشرًا ولا غيرها، لكن أعظم، سيئة الحرم وسيئة المدينة وسيئة الشام وسيئة رمضان أعظم، يعني أشد في الإثم، ولكن لا تتعدد، فكل سيئةٍ بواحدةٍ، لكن السيئة من جهة الكيفية -من جهة عظم الإثم- تختلف.

بَابُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَتَحْرِيمِ صَيْدِهِ وَشَجَرِهِ

1928- عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ عيرٍ إلَى ثَوْرٍ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ.

1929- وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَن النَّبِيِّ ﷺ فِي الْمَدِينَةِ: لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إلَّا لِمَنْ أَشَادَ بِهَا، وَلَا يَصْلُحُ لِرَجُلٍ أَنْ يَحْمِلَ فِيهَا السِّلَاحَ لِقِتَالٍ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ تُقْطَعَ فِيهَا شَجَرَةٌ إلَّا أَنْ يَعْلِفَ رَجُلٌ بَعِيرَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

1930- وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1931- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا بَيْنَ لَابَتَي الْمَدِينَةِ، وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1932- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَدِينَةِ قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُحَرِّمُ شَجَرَهَا أَنْ يُخْبَطَ أَوْ يُعْضَدَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

1933- وَعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِلْبُخَارِيِّ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا، لَا يُقْطَعُ شَجَرُهَا، وَلَا يُحْدَثُ فِيهَا حَدَثٌ، مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا أَحَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ؟ قَالَ: "نَعَمْ، هِيَ حَرَامٌ، وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ".

1934- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ، حَرَامٌ مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا؛ أَنْ لَا يُهْرَاقَ فِيهَا دَمٌ، وَلَا يُحْمَلَ فِيهَا سِلَاحٌ، وَلَا يُخْبَطَ فِيهَا شَجَرٌ إلَّا لِعَلَفٍ.

1935- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا، لَا يُقْطَعُ عِضَاهُهَا، وَلَا يُصَادُ صَيْدُهَا رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ.

1936- وَعَنْ جَابِرٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي الْمَدِينَةِ: حَرَامٌ مَا بَيْنَ حَرَّتَيْهَا، وَحِمَاهَا كُلّهَا لَا يُقْطَعُ شَجَرُهُ إلَّا أَنْ يُعْلَفَ مِنْهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ.

1937- وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَي الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهُهَا، أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا.

1938- وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ سَعْدًا رَكِبَ إلَى قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ، فَوَجَدَ عَبْدًا يَقْطَعُ شَجَرًا أَوْ يَخْبِطُهُ، فَسَلَبَهُ، فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ جَاءَهُ أَهْلُ الْعَبْدِ فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى غُلَامِهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ، فَقَالَ: "مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ"، وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ. رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.

1939- وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي عبدالله قَالَ: رَأَيْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ أَخَذَ رَجُلًا يَصِيدُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ الَّذِي حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَسَلَبَهُ ثِيَابَهُ، فَجَاءَ مَوَالِيهِ، فَقَالَ: "إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حَرَّمَ هَذَا الْحَرَمَ وَقَالَ: مَنْ رَأَيْتُمُوهُ يَصِيدُ فِيهِ شَيْئًا فَلَكُمْ سَلَبُهُ، فَلَا أَرُدُّ عَلَيْكُمْ طُعْمَةً أَطْعَمَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَلَكِنْ إنْ شِئْتُمْ أُعْطِيكُمْ ثَمَنَهُ أَعْطَيْتُكُمْ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ فِيهِ: مَنْ أَخَذَ أَحَدًا يَصِيدُ فِيهِ فَلْيَسْلُبْهُ ثِيَابَهُ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله.

أما بعد: فهذه الأحاديث الكثيرة كلها تدل على تحريم المدينة، وهي ثابتة في "الصحيحين" وغيرها، وقد خطب ﷺ الناس يوم الفتح وبيَّن لهم حُرمة مكة، وخطب الناس في المدينة وبيَّن لهم حُرمة المدينة، وأنها حرم ما بين عير إلى ثور، ما بين لابتيها، أنه حرَّمها كما حرَّم إبراهيمُ مكة، إبراهيم حرَّم مكة، يعني: أظهر تحريمها؛ لأنَّ الله حرَّمها يوم خلق السماوات والأرض، ولكن إبراهيم عليه الصلاة والسلام أظهر ذلك وبيَّنه للناس؛ فلا يُعضد شجرها، ولا يُختلى خلاها، ولا يُنفر صيدها، فهكذا المدينة حرَّمها النبي ﷺ كما حرَّم إبراهيم مكة؛ لا يُعضد شجرها، ولا يُختلى خلاها، ولا يُنفر صيدها، وهي بريد في بريد، اثنا عشر ميلًا، حرَّمها، وأظنه الآن قد حدد بحدودٍ واضحةٍ، وحين كنت في المدينة والعمل جارٍ في إيجاد حدودٍ واضحةٍ، وأغلب ظني أنها وُضع لها حدود الآن.

وعير معروف، وكان بعضُ أئمة اللغة يقول: ما يُعرف عير ولا ثور. ولكن عند التحقيق عُرف عير وثور، فهما جبلان معروفان هناك، وثور جبل صغير تحت أحد.

والمقصود أنَّ حدودها معروفة، فالحرم لا يُعضد شجره، ولا يُختلى خلاه، يعني حشيشه، ولا يُنفر صيده مثلما بيَّن الله جلَّ وعلا على ....... رسوله في حرم مكة، إلا العلف، وهذا أخفّ ما في مكة، في مكة أذن لهم فيما طلبه العباسُ: الإذخر، ولم يُؤذن لهم في خبط العلف إلا الرعي فقط، وهنا هذه النقطة أخفّ من مكة؛ لأنه أباح لهم أن يأخذوا العلفَ ويحتشُّوا العلفَ لدوابهم، أو الشجر لدوابهم.

فالمقصود أنها حرم ما بين عير إلى ثور مثلما حرَّمها النبيُّ ﷺ، فالواجب على أهل الإسلام أن يحترموها ويحذروا ما حرَّمه الله ورسوله ﷺ.

ودعا لهم في صاعهم ومُدِّهم، وفي الرواية الأخرى: "بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة"، الله جعل لهم في طعامهم بركةً وخيرًا كما جعل لأهل مكة في طعامهم.

وفيه أيضًا من الفوائد: أنَّ مَن وُجد يصيد أو يقطع الشجر يُسلب، يعني: سلب متاعه الذي معه؛ ثيابه، فرسه، مطيته، سلاحه يستلب: فله سلبه؛ ولهذا أخذ سعد سلبَ مَن يعضد الشجر وقال لأهله: "إن شئتُم أعطيتُكم قيمته"، هو ما هو بحاجةٍ، هو من أغنياء الناس رضي الله عنه، لكن أخذه لأجل تنفيذ أمر النبي ﷺ: فله سلبه، وقال: ما أُعطيكم النَّفل، ولكن إن أردتُم أن تأخذوا القيمة أعطيتُكم القيمة؛ فضلًا منه، وإلا ما له حاجة، لكن فضلًا منه قال: إن أردتُم القيمة أعطيتُكم القيمة، ما لي حاجة إلى السلب، لكنه غنيمة من الرسول ﷺ، أرى تنفيذ ما قاله الرسول، وبيان الحكم الشرعي للناس.

وفَّق الله الجميع.

س: حكم أخذ السلب في مكة والمدينة أو في المدينة وحدها؟

ج: في المدينة فقط، في مكة الجزاء، أما في المدينة فالسلب فقط.

س: إذا كان لا يستطيع أخذ السلب إلا بمقاومةٍ؟

ج: ما هو بلزوم، إن تيسر وإلا فما هو بلازم، لكن سعدًا أحبَّ أن يأخذه، قال: غنيمة، وإلا لو تركه فحقٌّ له إذا سمحه.

س: الأمر للاستحباب؟

ج: للإباحة والعقوبة، إباحة للآخذ، وعقوبة للجاني.

س: تُقاس عليه السيارة؟

ج: محل نظرٍ، الأقرب عدم القياس؛ لأنها أشد وأخطر.

س: .............؟

ج: يبلغ المسؤولين حتى يمنعوا مَن يتعدى، يبلغ الإمارة والمسؤولين عن هذا.

س: ............؟

ج: فيها فضائل، لكن مكة أفضل، والسيئة عظيمة في مكة والمدينة، لكن مكة أعظم؛ ولهذا الصلاة في مكة بمئة ألف صلاةٍ، في المسجد النبوي خير من ألف صلاةٍ، وفي مكة بمئة ألف.

س: ولو أراد أن ....... عن أرضه الشجر؟

ج: لا، لا يتعرض له، لا يتعرض للشجر، لكن لأهل العلم نظر في هذا إذا دعت الضَّرورة هل يقطع أو ما يقطع؟ محل نظرٍ إذا دعت الضَّرورة للسَّكن.

س: ............؟

ج: ...........

بَابُ مَا جَاءَ فِي صَيْدِ وَجٍّ

1940- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبدالله بْنِ إنسان، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَن الزُّبَيْرِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إنَّ صَيْدَ وَجٍّ وَعِضَاهَهُ حَرَمٌ مُحَرَّمٌ لِلَّهِ  رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَالْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ"، وَلَفْظُهُ: إنَّ صَيْدَ وَجٍّ حَرَامٌ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَلَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ.

الشيخ: الحديث ضعيف، وصيد الوجِّ ليس بحرامٍ، والصواب أنه من جنس بقية البلدان، ليس هناك حرم إلا مكة والمدينة فقط، أما صيد الوج فهو حلال، والحديث ضعيف لا يُعوَّل عليه، ومحمد بن عبدالله بن إنسان لا يُعتمد عليه، كذلك المسجد الأقصى ليس حرمًا كما يقول بعضُ العامَّة: ثالث الحرمين، هو ثالث المسجدين، وليس بحرامٍ، ما هناك حرم إلا حرمان: مكة والمدينة فقط، أما الشام وغير الشام فليس بحرام، وكذلك وادي وجّ ضعيف، حديث ضعيف.

س: شبهة حرم وجّ الحديث هذا يعني؟

ج: ضعيف، الذي قاله ما يدري، تمسَّك بالحديث.

س: ......... المصلحة في منع قتل الصيد في مكانٍ ما، ومنع قطع الشجر في مكانٍ ما؟

ج: إذا رأى فيه مصلحةً للمسلمين لا بأس، إذا رأى فيه مصلحةً للمسلمين: هو وليُّهم -ولي أمرهم- ينظر لمصلحتهم، إذا رأى في ذلك مصلحةً يُسمع ويُطاع؛ لأنَّ هذه يدخل فيها الاجتهاد في مصلحة المسلمين.

س: إذا ساق الإنسانُ الهديَ من مكة هل يمنع بهائمه من العلف؟

ج: لا، ما في بأس، العلف تأكل، ترعى، لكن لا يحتشُّ هو.

س: تفضيل عليٍّ على أبي بكرٍ؟

ج: قول باطل، هذا من كلام الشيعة، قول باطل، بخلاف قول أهل السنة والجماعة.

س: ...........؟

ج: الخلاف فيما بين عليٍّ وعثمان، هذا الخلاف بين أهل السنة، وجمهور أهل السنة على تقديم عثمان ثم علي، أما تقديم علي على الصديق فهذا من قول الشيعة، وهو قول باطل.

س: ............؟

ج: على كل حالٍ، غلط وخطأ.

أَبْوَابُ دُخُولِ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ

بَابُ مِنْ أَيْنَ يَدْخُلُ إلَيْهَا

1941- عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي بِالْبَطْحَاءِ، وَإِذَا خَرَجَ خَرَجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

1942- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا جَاءَ مَكَّةَ دَخَلَ مِنْ أَعْلَاهَا، وَخَرَجَ مِنْ أَسْفَلِهَا.

وَفِي رِوَايَةٍ: دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ مِنْ كَدَاءَ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ.

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا، وَرَوَى الثَّانِيَ أَبُو دَاوُد، وَزَادَ: وَدَخَلَ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ كُدًى.

الشيخ: هذا الباب فيما يتعلق بدخول مكة، والسنة دخولها من أعلاها من كُداء، الثنية العليا، كما دخلها النبيُّ ﷺ، وكيفما دخل أجزأ ولا حرج، من أي جهةٍ دخل لا حرج، لكن الأفضل تأسيًا بالنبي ﷺ دخولها من أعلاها من كُداء، والخروج من أسفلها، إلا إذا كان الطريقُ لا يُناسب ذلك.

فالمقصود أنَّ هذا هو الأفضل إذا تيسر ذلك؛ لدخول النبي ﷺ مكة كما في حديث عائشة وحديث ابن عباس.

بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ إذَا رَأَى الْبَيْتَ وَمَا يُقَالُ عِنْدَ ذَلِكَ

1943- عَنْ جَابِرٍ وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَرَى الْبَيْتَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَقَالَ: "قَدْ حَجَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَلَمْ يَكُنْ يَفْعَلُهُ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ.

1944- وَعَن ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثْتُ عَنْ مِقْسَمٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي الصَّلَاةِ، وَإِذَا رَأَى الْبَيْتَ، وَعَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَعَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَبِجَمْعٍ، وَعِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ، وَعَلَى الْمَيِّتِ.

1945- وَعَن ابْنِ جُرَيْجٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا رَأَى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً، وَزِدْ مِنْ شَرَفِهِ وَكَرَمِهِ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَبِرًّا رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ فِي "مُسْنَدِهِ".

الشيخ: هذه الآثار كلها ضعيفة، ولم يثبت في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء، فكلها ضعيفة، ولم يفعله النبيُّ ﷺ حين قدم، لم يزل يُلبي حتى شرع في الطواف عليه الصلاة والسلام، وما يُروى أنه رفع يديه حين رأى البيت عند الدخول فليس بصحيحٍ كما بيَّنه أهلُ العلم، وفعل ابن جريج وغيره لا يكون حجةً، فابن جريج من أتباع التابعين.

فالحاصل أنه لم يثبت في هذا شيء عند رؤية البيت إذا دخله في حجٍّ أو عمرةٍ، وإنما يُلبي ويشتغل بالتلبية، فإذا وصل المسجد قدَّم رجله اليمنى ودخل، وقال ما يقوله عند دخول المساجد: "بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم"، مثل بقية المساجد، ويُلبي حتى يشرع في الطواف، هذا هو السنة.

س: رفع اليدين للتَّكبير في الصلاة على الميت؟

ج: التكبير مشروعٌ فيه رفع اليدين، في يوم عرفة رفع يديه ﷺ، وبعد الصفا والمروة، وبعد الجمرة الأولى والثانية يوم التشريق رفع يديه، كذلك رفع اليدين عند تكبيرات الجنازة، الصلاة على الجنازة، كل هذا مشروعٌ، رفع اليدين عند الإحرام، وعند الركوع، وعن الرفع منه، وعند القيام للتشهد الأول.

س: الضَّعف في أحاديث الرَّفع؟

ج: كلها غير صحيحةٍ .......

س: يعني حديث ابن عباس كل ما ورد فيه ثابت سوى هذا الموضع: رفع اليدين عند رؤية البيت؟

ج: نعم، الصحيح من حديث جابرٍ أنه لم يزل يُلبي حتى شرع في الطواف عليه الصلاة والسلام.

بَابُ طَوَافِ الْقُدُومِ وَالرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ فِيهِ

1946- عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا طَافَ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ الْأَوَّلَ خَبَّ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا، وَكَانَ يَسْعَى بِبَطْنِ الْمَسِيلِ إذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الْحِجْرِ إلَى الْحِجْرِ ثَلَاثًا، وَمَشَى أَرْبَعًا.

وَفِي رِوَايَةٍ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إذَا طَافَ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوَّلَ مَا يَقْدُمُ فَإِنَّهُ يَسْعَى ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ بِالْبَيْتِ وَيَمْشِي أَرْبَعَةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ.

1947- وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ طَافَ مُضْطَبِعًا وَعَلَيْهِ بُرْدٌ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ: بِبُرْدٍ لَهُ أَخْضَرَ. وَأَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: لَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ مُضْطَبِعٌ بِبُرْدٍ لَهُ حَضْرَمِيٍّ.

1948- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنْ جِعْرَانَةَ، فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ، وَجَعَلُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ، ثُمَّ قَذَفُوهَا عَلَى عَوَاتِقِهِم الْيُسْرَى. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.

1949- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدَمُ عَلَيْكُمْ قَوْمٌ قَدْ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ، فَأَمَرَهُم النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ، وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1950- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "رَمَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي حَجَّتِهِ وَفِي عُمَرِهِ كُلِّهَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَالْخُلَفَاءُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

1951- وَعَنْ عُمَرَ قَالَ: "فِيمَ الرَّمَلَانُ الْآنَ وَالْكَشْفُ عَن الْمَنَاكِبِ وَقَدْ أَطَأ اللَّهُ الْإِسْلَامَ، وَنَفَى الْكُفْرَ وَأَهْلَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَدَعُ شَيْئًا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

1952- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمْ يَرْمُلْ فِي السَّبْعِ الَّذِي أَفَاضَ فِيهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

الشيخ: هذه الأحاديث كلها تتعلق بالرمل والاضطباع، السنة في طواف القدوم الرمل، ويقال له: الرملان، وهو السرعة في الأشواط الثلاثة، لا يركض، ولا يمشي بينهما، يُهرول، يرمل في الأشواط الثلاثة، ويمشي في الأربعة، هذا هو السنة لطواف القدوم في الحجِّ والعمرة؛ لأن الرسول ﷺ فعله وأصحابه في عمره وفي حجَّة الوداع عليه الصلاة والسلام.

والسنة أيضًا الاضطباع: كونه يجعل رداءه على عاتقه الأيسر، أطرافه ووسطه تحت إبطه الأيمن، يكشف ضبعه ومنكبه الأيمن في طواف القدوم، وهذا الاضطباع في جميع الطواف، الرمل في الأشواط الثلاثة الأول، وأما الاضطباع ففي جميع الطواف حتى يُكمل السبع وهو كاشف عضده الأيمن، وجعل طرف الرداء على عاتقه الأيسر هذا هو الأفضل كما فعله النبيُّ ﷺ، فإذا فرغ من الطواف سوَّى رداءه وجعله على عاتقيه قبل أن يُصلي، سوَّى رداءه قبل أن يُصلي ركعتي الطواف.

وهكذا في السعي: يرمل في بطن الوادي: إذا صبت قدمه في بطن الوادي، رمل: سعى، فإذا ارتفعت قدماه وخرج من الوادي مشى في الأشواط السبعة كلها، الرجل دون المرأة.

وكانوا في عمرة القضاء أمرهم أن يمشوا بين الركنين عليه الصلاة والسلام، وكان المشركون من جهة قيقعان من جهة الحجر، فإذا كانوا بين الركنين غابوا عنهم، فأمرهم أن يمشوا بين الركنين رفقًا بهم؛ لأنَّ عندهم بعض الضَّعف، وكان المشركون يقولون: قد وهنتهم حُمَّى يثرب، فأمرهم النبيُّ ﷺ أن يرملوا، وأن يُظهروا النشاط والقوة لأعداء الله، فلما حجَّ حجة الوداع رمل عليه الصلاة والسلام من الحجر إلى الحجر، المشي نسخ، المشي بين الركنين نسخ، واستمرت السنة من الحجر إلى الحجر، يعني: يرمل في الأشواط الثلاثة كلها من أولها إلى آخرها، من الحجر إلى الحجر.

وفي حديث يعلى بن أمية الدلالة على جواز لبس الأخضر، كما يجوز لبس الأحمر والأسود وغيرهما، فألوان اللباس جائز: أبيض، أسود، أحمر، أخضر، لا بأس، لكن مع تجنب التَّشبه بالنساء والكفرة، يكون لباسهم ليس فيه تشبّه بالكفرة ولا بالنساء، وتجوز له جميع الألوان، النبي لبس الأحمر والأبيض والأخضر والأسود، وفي الحديث الصحيح: أنه دخل مكة عام الفتح وعليه عمامة سوداء، وطاف ببرد أخضر كما ذكر يعلى، فالأمر في هذا واسع، إلا أن البياض أفضل؛ لحديث: البسوا من ثيابكم البياض، وكفِّنوا فيها موتاكم، فإنها أطهر وأطيب، فالأبيض أفضل في كل شيءٍ.

س: في السعي هل يُقارب الخُطى أم يسعى سعيًا شديدًا؟

ج: السنة السعي الشديد مع مُقاربة الخُطى، كثرة الحسنات.

س: البُرد..........؟

ج: البُرد ما فيه شيء، البُرد: قطعة ثوب يجعلها على عاتقيه، على ظهره، وأطرافها على عاتقيه، لكن في طواف القدوم يجعلها وسط إبطه الأيمن، ويكشف كتفه الأيمن، ويجعل أطراف.... على عاتقه اليسرى.

س:.........؟

ج: الطيب في بدن المحرم...... مسَّه زعفران، ولا ورس، يتطيب في بدنه: في وجهه، في لحيته، في رأسه لا بأس.

س:..........؟

ج: يُغيره أو يغسله.

س: بالنسبة للسعي عند الطواف: الهرولة ثلاثة أشواط، وبالنسبة للسعي عند الصفا والمروة إن كان إنسان في رُفقته حرمة، هل يسقط عنه؟

ج: يمشي معها، إذا دعت الحاجةُ للمشي معها يمشي معها، وإن كانت جيدةً وتُكمل طوافها بنفسها فالحمد لله، يُهرول هو والحمد لله.

س: بقاء أثر الطيب في اليد بعد التَّطيب؟

ج: ما يضرُّ، مثل بقائه في الرأس، وبقائه في اللحية.

س:...........؟

ج: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، مُستحبٌّ هو، ما هو بلازم، مستحب إن تيسر، إذا تيسر رمل وإلا مشى.