24 من حديث: (أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ الْأَرْبَعِ فِي رَكَعَاتٍ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْقِيَامِ)

بَاب مَوْقِف الصِّبْيَان وَالنِّسَاء مِنَ الرِّجَال

1120- عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: أَنَّهُ كَانَ يُسَوِّي بَيْنَ الْأَرْبَعِ فِي رَكَعَاتٍ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْقِيَامِ، وَيَجْعَلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى هِيَ أَطْوَلُهُنَّ؛ لِكَيْ يَثُوبَ النَّاسُ، وَيَجْعَلُ الرِّجَالَ قُدَّامَ الْغِلْمَانِ، وَالْغِلْمَانَ خَلْفَهُمْ، وَالنِّسَاءَ خَلْفَ الْغِلْمَانِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَلِأَبِي دَاوُد عَنْهُ قَالَ: "أَلَا أُحَدِّثُكُمْ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ؟" قَالَ: فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَفَّ الرِّجَالَ، وَصَفَّ خَلْفَهُم الْغِلْمَانَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ. فَذَكَر صَلَاتَهُ.

1121- وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ دَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ، فَأَكَلَ ثُمَّ قَالَ: قُومُوا فَلَأُصَلِّيَ لَكُمْ، فَقُمْتُ إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ سُوِّدَ مِنْ طُولِ مَا لبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَقُمْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ، وَقَامَت الْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ انْصَرَفَ. رَوَاهُ الْجَمَاعَة إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

1122- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: "صَلَّيْتُ أَنَا وَالْيَتِيمُ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ، وَأُمِّي خَلْفَنَا -أُمُّ سُلَيْمٍ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

1123- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا رَوَاهُ الْجَمَاعَة إلَّا الْبُخَارِيَّ.

بَاب مَا جَاءَ فِي صَلَاة الرَّجُل فَذًّا وَمَنْ رَكَعَ أَوْ أَحْرَمَ دُون الصَّفِّ ثُمَّ دَخَلَهُ

1124- عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ، فَوَقَفَ حَتَّى انْصَرَفَ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ: اسْتَقْبِلْ صَلَاتَكَ؛ فَلَا صَلَاةَ لفردٍ خَلْفَ الصَّفِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ.

1125- وَعَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ، فَأَمَرَهُ أَنْ يُعِيدَ صَلَاتَهُ. رَوَاهُ الْخَمْسَة إلَّا النَّسَائِيَّ.

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى خَلْفَ الصُّفُوفِ وَحْدَهُ، فَقَالَ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

1126- وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ: أَنَّهُ انْتَهَى إلَى النَّبِيِّ ﷺ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: زَادَك اللَّهُ حِرْصًا، وَلَا تَعُدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

1127- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَصَلَّيْتُ خَلْفَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَجَرَّنِي حَتَّى جَعَلَنِي حِذَاءَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

الشيخ: الأحاديث الأول فيما يتعلق بموقف المأمومين إذا كانوا صبيانًا ونساءً من الإمام، وتقدم أن موقف المأمومين يكون خلف الإمام إذا كانوا اثنين فأكثر، أما إذا كان واحدًا فإنه يقف عن يمين الإمام، كما تقدم في حديث جابر وابن عباس، وإذا كانوا اثنين ولو أنَّ أحدهم كان صبيًّا أو كانوا صبيانًا يكونون خلف الإمام، والنساء من خلفهم.

وفي حديث أبي مالكٍ الأشعري: أنه ذكر صلاة النبي ﷺ، وأنه صفَّ الرجال ثم الصبيان ثم النساء، وفي رواية أحمد أنه قرأ في الأربع سواء، يعني أن ...... في الأربع ركعات سواء، ولكنه طوَّل في الأولى ليثوب الناسُ، يعني: ليتلاحق الناس.

الحديث هذا رواه أحمد وأبو داود من رواية شهر بن حوشب، عن عبدالرحمن بن غنم، عن أبي مالك، وشهر اختلف فيه أهلُ العلم: فمنهم مَن وثَّقه، ومنهم مَن ضعَّفه، فضعَّفه جماعةٌ من أهل العلم ...... رحمه الله، وقد انفرد بهذه الرواية، وفيها نكارة من جهتين: من جهة تسوية الأربع الركعات إلا الأولى، ومن جهة تقديم الرجال على الصبيان، ولو صحَّ لكان محمولًا على أنهم جاءوا جميعًا، إذا حضروا جميعًا تقدم الرجال ثم الصبيان، وإلا فالسنة أنَّ مَن تقدَّم فهو أولى، فالصبي قد يكون هو الأول، يكون الثاني، يكون الثالث، يكون الرابع، .....، فالحديث فيه ضعف ...... يُوجب التَّوقف فيه؛ لمخالفته الأدلة الشرعية، ولضعف شهر في نفسه وما يقع له من الأوهام، قال الحافظ رحمه الله في "التقريب": كثير الإرسال والأوهام. وضعَّفه جماعة.

فالحاصل أنَّ هذا من انفراده، فيه ضعف، ولا يُعتمد عليه ...... أن الصبيان إذا ..... يصفُّون مع الناس، يُصلون في الصف الأول، أو في الثاني، أو في الثالث، ولا يخصّون بصفٍّ، هذا هو معتمد الأحاديث، وهذا هو المحفوظ فيه صلاتهم مع النبي ﷺ، أو مع الخلفاء وغيرهم، لم يُؤثر عنهم أنهم كانوا يجعلون لهم صفًّا لحالهم، أما النساء فإنهنَّ يصففن خلف الرجال، النساء موقفهن خلف الرجال، ويدل على هذا حديثُ أنسٍ أنه صلَّى مع النبي ﷺ وأمُّه، فوقف أنسٌ واليتيم خلف النبي صفًّا واحدًا، وأم سليم خلفهم، فلم يجعل الرجلَ وحده، بل جعلها صفًّا واحدًا.

كذلك في حديث ابن عباسٍ لما وقف عن يسار النبي ﷺ، وجعله النبيُّ عن يمينه، أما روايته الأخرى التي ذكرها هنا: أنه وقف خلفه، ففيها نظر؛ لأنَّ المحفوظ في "الصحيحين" أنه وقف عن يساره، فجعله عن يمينه عليه الصلاة والسلام، ولو صحَّ لكان قصةً أخرى، صفَّ خلفه فأقامه عن يمينه، وهذا هو موقع الرجل الواحد؛ يكون عن يمين الإمام، فإذا كانا اثنين فالمشروع أن يكونا خلفه، والمرأة خلفهم.

والأحاديث الأخرى في صلاة المنفرد خلف الصفِّ:

دلَّ حديثُ علي بن شيبان وحديث وابصة على أنَّ الفذَّ خلف الصفِّ لا تصحّ صلاته؛ ولهذا أمره النبيُّ بالإعادة، ولم يستفصله، ولم يقل له: هل وجدتَ فرجةً أو ما وجدتَ فرجةً، فدلَّ على سدِّ الباب حسمًا للمادة، وأنه لا يُصلِّي وحده، وقال النبيُّ لأبي بكرة: زادك الله حرصًا ولا تعد لما ركع دون الصفِّ.

فالواجب على الفرد أن ينتظر حتى يجد فرجةً، أو يقف عن يمين الإمام، وأما أن يُصلي وحده فالأحاديث الصحيحة تدل على أنَّ صلاته غير صحيحةٍ، بل باطلة.

وحديث أبي هريرة يدل على أنَّ خيرَ صفوف الرجال أولها، وشرَّها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرّها أولها، هذا هو المشروع؛ أن النساء يكنَّ خلف الرجال، وكلما بعدن عن الرجال كان أفضل في حقهنَّ؛ لأنَّ الفتنة قد تكون في الصفِّ الأول مع الصفِّ الأخير من الرجال، فشرع لهن أن يكنَّ بعيدات عن صفوف الرجال، وأن آخرهن أبعد عن الفتنة.

ويظهر من هذا والله أعلم أنهن إذا كن مستورات فصفوفهن كالرجال؛ خيرها أوَّلها إذا كن مستورات؛ لبُعدهن عن الفتنة، أما إذا كن مع الرجال فكلما بعدن فهو أفضل: الثاني أفضل من الأول، والثالث أفضل من الثاني، وهكذا؛ لبُعدهن عن أسباب الفتنة، والله أعلم.

س: إذا كن يُصلين وحدهن صفوفًا؟

ج: يُصلين وحدهن أو مستورات فالظاهر أنَّ صفهن الأول مثل الرجال أفضل؛ لأنَّ العلة زالت، فلو صلَّى جماعةٌ من النساء وحدهن، أو كنَّ خلف الرجال في خلوةٍ أو مستورات عن الرجال فالمحذور زال.

س: يدل على جواز صلاة الضُّحى جماعة؟

ج: نعم إذا صادف، ما هو شيئًا مُؤكَّدًا يعني، إذا زار قومًا وصلَّى بهم الضحى جماعةً فلا بأس، مثلما صلَّى النبي ﷺ بأنسٍ وأمه واليتيم، وهكذا في الليل لما زار سلمانُ أبا الدرداء صليا جماعةً في الليل، وهكذا عتبان لما زاره النبيُّ صلّوا جماعةً في الضحى.

س: .............؟

ج: ........... على حسب التيسير يعني.

س: رواية أبي داود ..... قبل رواية أحمد في صفِّ الغلمان خلف الرجال؟

ج: كلها من رواية شهر.

س: المرأة إذا صلَّت مع زوجها؟

ج: تصلي خلفه، المرأة خلف الرجل.

س: ما تصلي على يمينه؟

ج: ولو مع زوجها خلفه، فأم سليم ما صلَّت مع عيالها، فهي أم أنس وجدة اليتيم.

س: ............؟

ج: نعم، إذا كانا اثنين فأكثر.

س: تقدم النساء على صفوف الرجال لا سيما في الحرمين؟

ج: على كل حالٍ، ينبغي أن يكن في جانبٍ، ينبغي في المسجد الحرام أن يجعلوهنَّ في جانبٍ؛ حتى لا يكون خلفهن الرجال.

س: لكن هل للرجل أن يصفَّ وراءها إذا ما وجد؟

ج: ينبغي أن لا يكون خلفها، والصلاة صحيحة، لكن لا ينبغي هذا، ينبغي فعل السنة والحذر من الصلاة خلفها.

س: ...........؟

ج: إذا بلغ سبع سنين فهو من أهل الصلاة، يُصلي في الصفِّ الأول والثاني والحمد لله.

س: وخلف الإمام؟

ج: ولو خلف الإمام، الحقُّ لمن سبق.

س: بعض الرجال في الحرم يُصلون بين النساء، ما حكم ذلك؟

ج: لا ينبغي، .......، لكن فرد ما تصحّ صلاته، إذا كان فردًا ليس معه رجلٌ آخر ...... حتى لا يَفْتِنَّ ولا يُفْتَنَّ.

س: ما يحتاج مُصحح صلاة الرجال وراء النساء إلى دليل؟ الرسول ﷺ جعل شرَّ صفوف النساء أولها!

ج: إذا كان مُنفردًا لا تصح، يحتاج اثنين فأكثر.

س: ..........؟

ج: لا تصح الصلاة، قال: لا صلاةَ لمنفردٍ خلف الصفِّ ......، فسدَّ الباب عليه الصلاة والسلام.

س: ............؟

ج: النبي ﷺ أفصح الناس، وأعلم الناس، وأنصح الناس، ولم يستثنِ.

س: مفهوم حديث خير صفوف النساء آخرها يدل على أنه لم يكن بين النساء والرجال؟

ج: يُصلون والنساء ينظرن للرجال، ليس بينهم حاجز.

س: .........؟

ج: ..........

س: سحب واحدٍ من الصف الأول.

ج: لا تسحب، الحديث ضعيف، لا تسحب أحدًا، ابحث عن مكانٍ، أو اصبر حتى يجيء أحدٌ، أو صفَّ مع الإمام، ولو فاتت الصلاةُ يُصلي وحده.

س: الآن بعض المساجد فيها دور ...... للنساء، ويصير النساء محاذيات للرجال تحت؟

ج: إذا كانوا خلف الإمام ما يضرّ ......

س: ............؟

ج: الأظهر والله أعلم ترك ذلك .......

بَاب الْحَثِّ عَلَى تَسْوِيَة الصُّفُوف وَرَصِّهَا وَسَدِّ خَلَلهَا

1128- عَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ.

1129- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُول اللَّه ﷺ يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ فَيَقُولُ: تَرَاصُّوا وَاعْتَدِلُوا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.

1130- وَعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُسَوِّي صُفُوفَنَا كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِها الْقِدَاحَ، حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا فَقَالَ: عِبَادَ اللَّهِ، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ، فَإِنَّ لَهُ مِنْهُ: لَتُسَوُّنَّ بين صُفُوفِكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ.

وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد فِي رِوَايَةٍ قَالَ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يُلْزِقُ كَعْبَهُ بِكَعْبِ صَاحِبِهِ، وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَتِهِ، وَمَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِهِ.

1131- وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، وَحَاذُوا بَيْنَ مَنَاكِبِكُمْ، وَلِينُوا فِي أَيْدِي إخْوَانِكُمْ، وَسُدُّوا الْخَلَلَ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ فِيمَا بَيْنَكُمْ بِمَنْزِلَةِ الْحَذَفِ يَعْنِي: أَوْلَاد الضَّأْن الصِّغَار. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

1132- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ قَالَ: يُتِمُّونَ الصَّفَّ الْأَوَّلَ، وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.

1133- وَعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَتِمُّوا الصَّفَّ الْأَوَّلَ، ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ فَلْيَكُنْ فِي الصَّفِّ الْمُؤَخَّرِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

1134- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى مَيَامِنِ الصُّفُوفِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

1135- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا فَقَالَ لَهُمْ: تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ وَرَاءَكُمْ، لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُم اللَّهُ  رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.

الشيخ: هذه الأحاديث الثَّمانية كلها تتعلق بالصفوف والتَّقدم من الإمام، وهي تدل دلالة ظاهرةً على شرعية الصفوف واستقامتها وتسويتها واعتدالها، وأن الواجب على المؤمنين أن يكونوا هكذا؛ ولهذا قال: سوُّوا صفوفَكم، والأمر للوجوب، فينبغي للمسلمين أن يعتدلوا في الصفوف، وأن يُسوُّوها فتكون مستقيمةً؛ ولهذا قال: سوُّوا صفوفَكم؛ فإنَّ تسوية الصفِّ من تمام الصلاة، وفي لفظٍ: من إقامة الصلاة، وكان ﷺ إذا وقف في مُصلاه يأمرهم بذلك؛ بأن يُسووا صفوفهم، وأن يعتدلوا، وربما مرَّ عليهم ومسح مناكبَهم كما في حديث أبي مسعودٍ، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، فهذا يدل على أنَّ الاختلاف في تسوية الصفوف من أسباب اختلاف الوجوه، واختلاف الوجوه من أسباب اختلاف القلوب، فإنَّ الناس إذا اختلفوا يكون لكل واحدٍ وجهة، وله رأي، فينبغي لأهل الإسلام أن يعتنوا بالصفوف.

وقال أيضًا في هذه الأحاديث: ألا تصفون كما تصفُّ الملائكةُ عند ربها؟ قالوا: كيف تصفُّ عند ربها؟ قال: يُتمُّون الصفَّ الأول، وفي لفظٍ: يُتمُّون الصفوف الأول ويتراصُّون، فأمر الصحابة أن يتأسَّوا بالملائكة عليهم الصلاة والسلام؛ بتأدبهم بين يدي ربهم، وأن يُتموا الصفوف الأول، ويتراصوا فيها، هكذا ينبغي للمؤمنين في صلاتهم؛ أن يُتمُّوا الصفوف الأول ويتراصُّوا.

والصفُّ الأول هو الذي يلي الإمام وإن فصله فاصل، وإن فصله منبر وغيره هو الصف الأول،  قال .....: الصف الأول هو ما ...... متصل، والمفصول ليس من الصفِّ الأول، لكن هذا مرجوح ضعيف، والصواب أنَّ الصفَّ الأول هو ما يلي القبلة من غير الإمام، ولو فصله فاصلٌ من منبرٍ وغيره، هذا هو الصفُّ الأول، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه.

وفي حديث أبي أُمامة: سوُّوا صفوفكم، وحاذوا بين الأعناق، ولينوا بأيدي إخوانكم، وسدُّوا الخلل، فإنَّ الشيطان يدخل فيما بينكم كالحذف، والحذف بفتحتين جمع حذفة، كخرزٍ: خرزة، وقصب: قصبة، وهم أولاد الغنم ....... وفي الحجاز، يعني: أن الشياطين يتخللون صفوفَ الناس من الفُرَج للتشويش.

فالحاصل أن السنة التَّراص والتَّقارب وعدم وجود الفُرَج، وهذا الذي رواه أبو أمامة رواه ابن عمر أيضًا وأنس، رواه أبو داود من حديث ابن عمر بإسنادٍ جيدٍ، ورواية أبي أمامة قال فيها المنذري: لا بأس بها. وفيها فرج بن فضالة، وهو مضعف، ولكن وثَّقه جماعة، قال أحمد: إنَّ روايته عن أهل الشام لا بأس بها. وهذه روايته عن أهل الشام: عن لقمان بن عامر، عن أبي أُمامة، والحديث له شواهد، وهو جيد، وهو يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يلين في يد أخيه، بعض الناس إذا دعوته إلى أن ....... يأبى عليه ويثقل، فلا ينبغي له هذا، ينبغي للمؤمن أن يلين إذا التزمه أخوه حتى يسدَّ الفرجة، وأنت تجذبه بالرفق حتى تسدَّ الفرجة، وهو عليه أن يلين.

وهكذا في المسائل الأخرى؛ إذا دعوته إلى شيءٍ، أو عرضتَ عليه شيئًا معروفًا مشروعًا لا يستكبر، ينبغي له أن يلين بين يدي أخيه، لا يتكبَّر، ولا يُشدد فيما يثير الحزن بينه وبين أخيه.

وكذلك المحاذاة بين الأعناق، يعني: تسوية المناكب والأكعب في الصلاة، فيكون كل واحدٍ مُساويًا لأخيه، مُوازيًا له، لا يتقدم ولا يتأخَّر؛ ولهذا في رواية النعمان لما رأى رجلًا باديًا صدره قال: عباد الله، لتُسوون الصفوفَ أو ليُخالفنَّ الله بين وجوهكم، في حديث كعب، وفي حديث أبي أمامة، وفي حديث أنسٍ كان أحدُهم يلزق قدمه بقدم صاحبه، ومنكبه بمنكب صاحبه؛ للتَّراصِّ والتَّقارب وعدم إيجاد الخلل في الصفوف، هكذا السنة، لكن من دون إيذاء، لا يُؤذي أخاه بالمحاكاة والأذى، لكن يقرب، لا يترك فرجةً، يكون القدمُ لصيقًا بالقدم من دون فُرَجٍ، من دون إيذاءٍ، ولا من (تفشُّحٍ)، بعضهم (يفشح) حتى يؤذي مَن حوله، لا، تجذبه إليك، ولا يجذبك إليه، الذي يكون في الأيمان يجذب مَن كان عن يمينه إذا كان في يمين الصفِّ، والذي عن يسار يجذب مَن عن يساره، حتى يقربوا منه، حتى يسدُّوا الفرجة، كل واحدٍ يلين في يد أخيه، لا يتشدد، يلين حتى يسدَّ الفرجة.

كذلك حديث أنسٍ أيضًا في إتمام الصفِّ الأول فالأول: أتمُّوا الصفَّ الأول، ثم الذي يليه، وما كان من نقصٍ فليكن في المؤَخَّر، هكذا، وإذا  كانت الصفوفُ كثيرةً فالصف يكمل: الأول، ثم الثاني، ثم الثالث، ثم الرابع، ثم الخامس، وهكذا، لا تكون فُرَجٌ ولا نقصٌ، النقص يكون في الصفِّ الأخير .......

النبي ﷺ استغفر للصفِّ الأول ثلاثًا، وللثاني ثنتين، وللثالث واحدة، وفي بعضها: أنَّ الله صلَّى على الصفِّ الأول، قيل: يا رسول الله، والثاني؟ قال: إنَّ الله وملائكته يُصلون على الصفِّ الأول، قالوا: والثاني؟ قال: والثاني، وفي حديث أبي هريرة: لو يعلم الناسُ ما في النِّداء والصفِّ الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، فيه المسارعة إلى الصفِّ الأول والصفِّ الثاني، وهكذا أفضل؛ لما فيه من المسابقة إلى الخيرات.

وهكذا حديث عائشة: أنَّ الله وملائكته يُصلون على ميامن الصفوف، يدل على أنَّ اليمين أفضل من اليسار، وقد جاء في هذا المعنى عدَّة أخبار: من حديث البراء: "كنتُ إذا صلَّيتُ مع النبي أحبّ أن أكون عن يمينه"، المقصود أنَّ اليمين أفضل، حتى ولو كان الأيسر أقرب، ظاهر الحديث ولو كان الأيسرُ أقرب فاليمين أفضل حتى يسدّ، ثم يُكمل الأيسر.

وفي حديث أبي سعيدٍ: تقدَّموا فَأْتَمُّوا بي، لما رأى من أصحابه تأخُّرًا قال: تقدَّموا فأتمُّوا بي، وليأتمَّ بكم مَن بعدكم، ولا يزال أناسٌ يتأخَّرون عن الصلاة حتى يُؤخِّرهم الله، هذا وعيد. رواه مسلم وغيره. هذا وعيد، وفي رواية عائشة عند أبي داود: حتى يُؤخِّرهم الله في النار، هذا وعيد.

فينبغي للمؤمن أن يُسارع؛ لأنَّ هذا التأخر وسيلة إلى ترك الجماعة، إذا اعتاد التأخُّر صار هذا وسيلة إلى أن تفوته الجماعة ويتشبه بأهل النِّفاق في الكسل والتَّأخُّر: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى [النساء:142]، فلا يجوز للمؤمن أن يتشبَّه بأعداء الله، بل ينبغي له أن يحرص على المسابقة والمسارعة إلى الصلاة حتى يكون في الصفِّ الأول أو الثاني إذا كانت الصفوفُ كثيرة، أو الثالث، يُجاهد نفسه في المسابقة.

وفَّق الله الجميع.

س: ............؟

ج: الصف الأول مما يلي الكعبة.

س: ............؟

ج: ....... لا يجوز لأحدٍ أن يتقدم عليه أبدًا.

س: ...........؟

ج: .........

س: في حديث أبي سعيدٍ حفظك الله: وليأتمَّ بكم مَن وراءكم عند مسلم وغيره، ما معناه؟ أيضًا منع النساء من التَّقدم على كل حالٍ؛ لأنَّ الرجال يكونون مُؤْتَمِّين بهم بعد ذلك.

ج: هذا تقدم، لكن قد يقع ذلك من غير اختيار الناس في الحرم، قد يقع قهرًا وقت الزحمة يقع النساء بين الرجال قهرًا، لا يستطيع لا المراقبون ولا غيرهم، وإلا فالواجب منعهن حتى يكن خلف الناس، لكن في أيام الزحام المراقبون لا يستطيعون، قد تكون بين الرجال ولا تُبالي.

س: ............؟

ج: .......... إلا أن يُقال حيث يسمع الصوت، يعني يكون قريبًا منه حتى يسمع صوته ........

س: ...........؟

ج: ...........

س: تسوية الصفوف واجبة؟

ج: هذا ظاهر، يلزمه أن يأمرهم حتى يُسووا صفوفهم، من باب الأمر بالمعروف، والنَّهي عن المنكر؛ ولهذا كان النبيُّ يأمرهم ويحثُّهم.

س: إذا كان الصفُّ مُعتدلًا؟

ج: ولو، كان النبيُّ إذا وقف يقول هكذا: سوُّوا صفوفَكم حتى يتنبَّهوا.

س: هل يلزمه تلزيق الرِّجلين؟

ج: يجب سدّ الخلل.

س: ...........؟

ج: هذه السنة، يلزق قدمه بقدم الثاني، لكن من دون ......

س: ...........؟

ج: إذا (هاوشك) لا (تُهاوشه) قل له: الله يهديك، الله يهديك، الله يرضى عليك.

س: قبل الإقامة يقول: "استووا"؟

ج: ولو، ولو ..........

س: إذا دعت الحاجةُ في المسجد الحرام أن يُصلي أمام الإمام؟

ج: لا يُصلي أمامه، يبحث عن مكانٍ ولا يُصلي أمامه.

س: زحام شديد؟

ج: يبحث عن مكانٍ ولا يُصلي أمامه.

س: إذا كان المكانُ ضيقًا تكون الصلاة بجانب الإمام فيها فضيلة الصفّ الأول؟

ج: نرجو ...... إذا اضطروا أن يكونوا عن يمينه وشماله.

س: إذا كان الصفُّ الأول تقدَّم إلى الجوانب؟

ج: ما هو ببعيدٍ أن يُقال: يتقدم، ويكون عن يمينه وشماله لضيقٍ، ما هو ببعيدٍ، قد يضيق المسجدُ ويضطر الناسُ إلى أن يتقدَّموا.

س: ويكون بجانب الإمام، ويكون بينه وبينهم فراغ؟

ج: لا، يلصقوا بالإمام.

س: .............؟

ج: ............

بَاب هَلْ يَأْخُذ الْقَوْمُ مَصَافَّهُمْ قَبْل الْإِمَام أَمْ لَا

1136- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ تُقَامُ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ النَّبِيُّ ﷺ مُقَامَهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

1137- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، وَعُدِّلَتِ الصُّفُوفُ قِيَامًا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إلَيْنَا النَّبِيُّ ﷺ، فَخَرَجَ إلَيْنَا، فَلَمَّا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ ذَكَرَ أَنَّهُ جُنُبٌ، وَقَالَ لَنَا: مَكَانَكُمْ، فَمَكَثْنَا عَلَى هَيْئَتِنَا -يَعْنِي قِيَامًا- ثُمَّ رَجَعَ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ، فَكَبَّرَ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيِّ: "حَتَّى إذَا قَامَ فِي مُصَلَّاهُ وَانْتَظَرْنَا أَنْ يُكَبِّرَ انْصَرَفَ". وَذَكَرَ نَحْوه.

1138- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي قَدْ خَرَجْتُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ، وَلَمْ يَذْكُر الْبُخَارِيُّ فِيهِ: قَدْ خَرَجْتُ.

بَاب كَرَاهَة الصَّفِّ بَيْن السَّوَارِي لِلْمَأْمُومِ

1139- عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بْنِ مَحْمُودٍ قَالَ: صَلَّيْنَا خَلْفَ أَمِيرٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ، فَاضْطَرَّنَا النَّاسُ فَصَلَّيْنَا بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "كُنَّا نَتَّقِي هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

1140- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كُنَّا نُنْهَى أَنْ نَصُفَّ بَيْنَ السَّوَارِي عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَنُطْرَدُ عَنْهَا طَرْدًا". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الْكَعْبَةَ صَلَّى بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ.

الشيخ: في الأحاديث الأول الثلاثة ما يتعلق بإقامة الصفوف قبل أن يُكبِّر الإمامُ، وأنه لا مانع من أن يقوم الناسُ حين سماع الإقامة، وتعدل الصفوف وتستقيم قبل أن يُكبِّر، وكان الصحابةُ يقومون وعدَّلوا الصفوفَ قبل أن يقوم النبيُّ مكانه للتَّكبير، لكن ثبت عنه كما في حديث أبي قتادة في النَّهي عن قيامهم إذا أُقيمت قبل أن يخرج، والحكمة في ذلك والله أعلم لئلا يشقَّ عليهم القيام، وكأنَّ بلالًا عنده علامة منه أو أمر منه أن يُقيم الصلاة في وقت كذا، وربما أقامها قبل أن يخرج عليه الصلاة والسلام، فنهاهم أن يقوموا حتى يخرج؛ لئلا يشقَّ عليهم قيامهم، وربما أقام بعد خروجه ﷺ، فيصفُّون مصافَّهم وهو لم يصل إلى محلِّه: إما لتكليم أحدٍ له، أو إيقاف أحدٍ له، أو لأسبابٍ أخرى.

فهذا يدل على الجواز، وأنهم إذا قاموا واصطفُّوا جميعًا وعدَّلوا الصفوفَ وسدُّوا الخلل واستقاموا قبل أن يأخذ مكانه لا بأس بذلك، بل هذا مطلوب؛ لأن في ذلك تهيّؤهم للتَّكبير معه إذا كبَّر، فالأولى بهم أن ينهضوا للصلاة إذا شرع في الإقامة؛ حتى تُعدَّل الصفوف، وحتى تسدّ الفُرج قبل أن يُكبِّر.

وكان يلتفت إليهم كما تقدَّم ويقول: استووا، اعتدلوا، وربما مرَّ عليهم ولاحظ مناكبهم حتى تعتدل، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبُكم، وكان الخلفاء بعده كذلك يعتنون بهذا.

فالواجب على الأئمة أن يعتنوا بهذا بالكلام، وبالفعل إذا كان ما نفع الكلام، يتقدم: استووا، كذا يمسح منكبه: تقدم يا فلان، تأخَّر يا فلان، بالكلام حتى ينتبهوا، ولو دعت الحاجةُ إلى أن يصل إليهم ويُعدِّلهم بنفسه كما فعل النبيُّ ﷺ في بعض الأحيان، وفعله عمر بعض الأحيان فلا بأس.

الحاصل أنَّ المقصود إقامة الصفوف، وأن تُعدل وتستقيم قبل أن يُكبر الإمامُ، فيُلاحظهم ويعتني بهم ويقول: تقدَّم يا فلان، تأخَّر يا فلان، سدُّوا الفُرج، حتى يعتدلوا، لكن لا يُقيمون إذا كان ما هو موجودًا حتى يروه، لو أقام المؤذنُ يجعل بينه وبينه علامة يُقيم عندها فأقام قبل أن يخرج، فالأفضل لهم أن لا يقوموا حتى يخرج، والحكمة في هذا والله أعلم لئلا يشقَّ عليهم ذلك؛ ولئلا يتعبوا.

وفي حديث أبي هريرة أيضًا -أنهم وقفوا، ثم ظهر له أنه جنب- الدلالة على أنهم يقفون إذا قاموا واستعدُّوا للتَّكبير، ثم عرض عارضٌ للإمام؛ أنهم يقفون ويبقون على حالهم، معدلةً صفوفهم إذا ما كانت هناك مشقة؛ لأن بيته قريب ﷺ، فذهب واغتسل بسرعةٍ، ثم جاء وصلَّى بهم وهم على حالهم، هذا يدل على أنَّ الأولى أن يقفوا على حالهم، وألا يجلسوا، وهذا والله أعلم محمول على أنه إذا كان المقام لا يشقّ عليهم، أما لو كان بيته بعيدًا وقد يشقّ عليهم، فالأصل عدم المشقَّة، فليجلسوا ولا حرج؛ لأنهم ما كبَّروا حتى الآن، أما إن كانوا كبَّروا فتقدم البحثُ أنه يستخلف، إن كبَّروا ثم بدا له أنه ليس على طهارةٍ يستخلف؛ حتى لا يشقَّ عليهم، ويُصلي بهم الخليفة ويُكمل بهم.

وفي حديث أنسٍ ومعاوية بن قرة الدلالة على أنه لا ينبغي الصفّ بين السواري إلا عند الحاجة، في بعض الروايات: "إلا أن نضطرَّ إلى ذلك"، فإذا كانت هناك حاجة اصطفُّوا بين السواري؛ لضيق المسجد في صلاة الجماعة، وإلا فالأولى أن تكون السواري خلفهم؛ حتى لا تقطع الصفوف.

ولما صلَّى في الكعبة ﷺ صلَّى بين السواري؛ لأنَّ الواحد ما عليه مشقَّة، لو صلَّى بين السواري ما يضرُّه، وهكذا لو كانوا جماعةً قليلين وصلوا بين السواري لا يضرّ، إنما الذي يُنهى عنه أن يكونوا بين السواري وليس هناك حاجة، فإنهم يتقدَّمون، وتكون السواري خلفهم؛ حتى يكون الصفُّ متَّصلًا لا منقطعًا، والله أعلم.

س: الجمع بين حديث أبي قتادة في النَّهي عن الخروج، وحديث أبي هريرة: أخذوا مصافَّهم قيامًا؟

ج: هذا قبل النَّهي، يُحمل على أنه كان قبل أن ينهى عنه عليه الصلاة والسلام.

س: أوما يُحمل هذا على الجواز، النَّهي للتنزيه، وهذا على الجواز؟

ج: يحتمل، ولكن الأقرب والله أعلم أنه قبل أن ينهاهم؛ لأنهم أكثر الناس امتثالًا رضي الله عنهم وأرضاهم.

س: .............؟

ج: ما في بأس، ما في حرج، لكن المقصود الصفوف لا تُقطع إلا عند الحاجة.

بَاب وُقُوف الْإِمَام أَعْلَى مِنَ الْمَأْمُوم وَبِالْعَكْسِ

1141- عَنْ هَمَّامٍ: أَنَّ حُذَيْفَةَ أَمَّ النَّاسَ بِالْمَدَائِنِ عَلَى دُكَّانٍ، فَأَخَذَ أَبُو مَسْعُودٍ بِقَمِيصِهِ فَجَبَذَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: "أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ؟" قَالَ: "بَلَى، قَدْ ذَكَرْتُ حِينَ مَدَدْتَنِي". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

1142- وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فَوْقَ شَيْءٍ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ"، يَعْنِي: أَسْفَلَ مِنْهُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

1143- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ وُضِعَ، فَكَبَّرَ وَهُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ نَزَلَ الْقَهْقَرَى فَسَجَدَ، وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ، ثُمَّ عَادَ حَتَّى فَرَغَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا بِي، وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَمَنْ ذَهَبَ إلَى الْكَرَاهَة حَمَلَ هَذَا عَلَى الْعُلُوِّ الْيَسِير وَرَخَّصَ فِيهِ.

1144- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّهُ صَلَّى عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْإِمَامِ.

1145- وَعَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ كَانَ يَجْمَعُ فِي دَارِ أَبِي نَافِعٍ عَنْ يَمِينِ الْمَسْجِدِ فِي غُرْفَةٍ قَدْرَ قَامَةٍ فيها، لَهَا بَابٌ مُشْرِفٌ عَلَى الْمَسْجِدِ بِالْبَصْرَةِ، فَكَانَ أَنَسٌ يَجْمَعُ فِيهِ وَيَأْتَمُّ بِالْإِمَامِ. رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي "سُنَنه".

بَاب مَا جَاءَ فِي الْحَائِل بَيْن الْإِمَام وَالْمَأْمُوم

1146- عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ لَنَا حَصِيرَةٌ نَبْسُطُهَا بِالنَّهَارِ، وَنَحْتَجرها بِاللَّيْلِ، فَصَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ قِرَاءَته فَصَلَّوْا بِصَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ كَثُرُوا، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا رَوَاهُ أَحْمَدُ.

الشيخ: الأحاديث الأولى فيما يتعلق بعلو الإمام على المأمومين، هذه الأحاديث -حديث حذيفة، وأبي مسعود، وحديث سهل بن سعد، وأثر أنس، وأثر أبي هريرة- كلها تدل على أنه يُكره العلو الكثير من الإمام على المأمومين، ويجوز العلو الذي ليس بكثيرٍ؛ لأنَّ الرسول ﷺ صلَّى بهم ذات يوم على المنبر فقرأ وركع على المنبر، ثم نزل فسجد في أصل المنبر، وقال: إنما فعلتُ هذا لتأتموا بي، ولتعلَّموا صلاتي، يعني: لأنه لكي تروني وتتأسَّوا بأعمالي، وقد قال ﷺ: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي، فكونه على شيءٍ مرتفعٍ يراه البعيدون، يرون أعماله وحركاته عليه الصلاة والسلام.

واحتجَّ بهذا أحمد وجماعة على أنه يجوز العلو اليسير، وقد ناقش هذا ابنُ دقيق العيد وقال: إنما يُحتج به إن كان للتعليم، إذا فعله للتعليم، أما أن يُحتج به مطلقًا -العلو مطلقًا- فهو محل نظرٍ.

وهو بكل حالٍ حديث حذيفة يدل على كراهة العلو إذا كانت له أهمية.

ومن هذا ما جاء أيضًا من حديث عمار عند أبي داود أيضًا: أنه صلَّى على دكةٍ، فجبذه حُذيفة وقال: "ألم تعلم أنَّ الرسول نهى عن هذا؟!".

وحديث حذيفة وحديث عمار وحديث أبي مسعودٍ كلها تدل على أنه لا ينبغي أن يعلو الإمامُ على المأمومين، وأقل أحوال هذا الكراهة، فلا يرتفع عليهم، بل يكون مُساويًا لهم، ولعلَّ الحكمة في ذلك والله أعلم أنه قد يُؤثر في قلبه شيئًا، ويُسبب شيئًا من التَّعاظم والتَّكبر، أو الإذلال للمأمومين، فكان من الحكمة ومن الأخلاق الإيمانية ومن التَّواضع أن يكون معهم في المصلَّى، لا عاليًا عليهم، والدكة: ما ارتفع.

وحديث حذيفة رواه أبو داود بإسنادٍ جيدٍ، فإن كان من رواية الأعمش وعنعنه، لكن الغالب على عنعنته الاتصال، ثم يشهد له حديثُ عمار وحديثُ أبي مسعود، وهو واضح في كراهة العلو، إلا أنَّ بعض أهل العلم -كأحمد وجماعة- قالوا: يُغتفر الشيء اليسير، وهذا إذا ما كان له حاجة، أما إذا كانت زحمة وحاجة وارتفع عليهم للحاجة فلا حرج في ذلك للضَّرورة والحاجة، وإذا كانت معه بعضُ الصفوف زالت الكراهة، إذا ارتفعت معه بعضُ الصفوف زالت الكراهة، إنما يُكره إذا كان وحده، أما إذا كانت معه الصفوف؛ صلَّى مع بعض الصفوف، وصلَّت صفوفٌ أسفل في الصرحة فلا كراهةَ في ذلك؛ لأنَّ الحاجة تدعو إلى هذا كثيرًا.

وأما المأموم فلا كراهةَ إذا صلَّى في مكانٍ أرفع؛ لأنَّ الحاجة قد تدعو إلى هذا أيضًا، فلا حرج في ذلك كما فعل أنس، وفعل أبو هريرة، والمأموم قد يكون أرفع فلا يضرّ؛ لأنَّ الحاجة قد تدعو إلى هذا كما يفعل الناسُ في أيام الجمع، تدعو الحاجةُ إلى أن يُصلوا في السطح الذي في المسجد، والإمام في الأسفل، وقد تدعو الحاجة إلى أن يُصلي في الخلوة، أو يُصلي الناسُ فوق عند الضيق، فالحاجة قد تدعو إلى هذا، ولا حرج في هذا، إنما جاءت الكراهةُ في علو الإمام، وإذا كان العلو للتعليم والتَّوجيه والمصلحة زالت الكراهةُ؛ لأنها قد تدعو الحاجةُ إلى العلو: إما للتعليم، وإما للضيق، إذا دعت الحاجةُ فلا كراهةَ حينئذٍ.

وأما صلاته وبينه وبين الناس حائلٌ: فهذا إذا كان الحائلُ لا يمنع رؤية الإمام فلا بأس، كما صلّوا مع النبي ﷺ في المسجد عدّة ليالٍ وهم يرونه، وفي روايةٍ: أنه كانت هناك حجرة محصبة، كانوا يرونه إذا قام، فصلّوا خلفه، وفي الليلة الرابعة تأخَّر، وقال: إني خشيتُ أن تُفرض عليكم صلاة الليل، وهو ثابت في "الصحيحين" من غير هذا الطريق الذي ذكر المؤلفُ عن عائشة ........

هذا جاء في الحديث الصحيح من حديث عائشة أيضًا: أن امرأةً دخلت عليها، فجاء النبيُّ ﷺ وقالت: "هذه فلانة لا تنام الليل"، تتعبَّد، قال: مه، اكلفوا من العمل ما تُطيقون، فإنَّ الله لا يملُّ حتى تملُّوا، فنهى عن التَّكلف.

ونهى عبدالله بن عمر أن يُصلي الليل كله، قال: نم وقم، فإنَّ لنفسك عليك حقًّا، ولجسدك عليك حقًّا، ولزوجك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأَعْطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه.

فلا ينبغي أن يسهر الليل، بل يُصلي ما تيسر، وينام ما تيسر، فلما استخلف عمرُ اجتمع الناسُ على إمامٍ واحدٍ، فصلوا في رمضان جماعةً؛ لأنَّ الفرض أُمِنَ، ...... وفي حديث: صلاة المرء في بيته أفضل إلا المكتوبة يدل على أنَّ النافلة في البيت أفضل، إلا ما شُرعت له الجماعة: كالتراويح، والاستسقاء، والكسوف، فإنه يُصلى جماعةً في المساجد أو في المصليات، وإلا فالأصل أن النافلة تكون في البيت أفضل: كالرواتب، وصلاة الضحى، والتهجد في الليل، كلما كان في البيت فهو أفضل؛ ولهذا قال ﷺ: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم، ولا تتَّخذوها قبورًا.

واختلف الناسُ فيما إذا كان المأمومُ لا يرى الإمامَ، أو بعضُ المأمومين لا يرون الإمام، ولا يرون المأمومين، هل يجوز أم لا؟

أقوال أهل العلم: منهم مَن يقول أنه لا يجوز حتى يرى الإمامَ أو المأمومين، ولو في المسجد، لا بدَّ أن يرى الإمام أو المأمومين، ولو سمع الصوت؛ لأنه قد ينقطع الصوت.

وهناك قولٌ آخر: أنه إذا كان في المسجد فلا بأس؛ لأنه محل التَّعبد؛ ولأن في الغالب لا ينقطع الصوت عنه، هذا كما يكون في خلوةٍ والناس فوق. اختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة.

وقال آخرون: لا يصحّ الاقتداء وهم لا يرون الإمام، حتى ولو كانوا في المسجد، لا بدَّ أن يروا الإمام أو المأمومين؛ حتى إذا انقطع الصوتُ أمكنهم الاقتداء برؤية الإمام أو المأمومين الذين خلفه.

ولعلَّ الأقرب أنه لا حرج إذا كان في المسجد؛ لأنه في الغالب لا ينقطع الصوت، وبالإمكان أن يُنبه مَن كان في وسط المسجد على عمل الإمام إذا انقطع الصوتُ، بخلاف خارج المسجد؛ فالبيوت من حوله والطرقات، فلا.

وبكل حالٍ، فلا ينبغي أن يقتدي بالإمام إن كان خارج المسجد، إلا إذا كان يراه، أو يرى المأموم، هذا الذي ينبغي، وفيه الحيطة لهذه الصلاة التي هي أعظم شعائر الدين، فلا يُصلِّي خلف الإمام إلا إذا كان يراه أو يرى المأمومين، ولو سمع الصوت؛ لأنَّ الصوت قد ينقطع، والله أعلم.

س: خارج المسجد إذا كانت الصفوف متَّصلةً؟

ج: لا بأس، إذا اتَّصلت الصفوفُ يرون المأمومين.

س: الحديث الثاني -حديث أبي مسعود- قال: نهى رسولُ الله ........؟

ج: ......... أبو مسعود الذي أنكر على حذيفة.

س: ...........؟

ج: لا، ما يكفي، لكن يصحّ اقتداؤهم إذا كانوا يرون مَن أمامهم في المسجد من عند أبواب المسجد.

س: ...........؟

ج: يُتمُّوا لأنفسهم، إذا انقطع الصوتُ يُتمُّون لأنفسهم، إذا كانوا قد صلَّوا ركعةً يُتمُّونها جمعةً، وإن كانوا ما صلَّوا ركعةً -انقطع الصوتُ عنهم قبل أن يُصلُّوا ركعةً- صلّوا ظهرًا.

س: ...........؟

ج: إن قدَّموا واحدًا فطيب، إن قدَّموا لهم مَن يُصلي بهم فطيب، إذا كانوا صلّوا ركعةً قدَّموا مَن يُصلي بهم الركعة الثانية، وإن أتمَّ كلُّ واحدٍ لنفسه صحَّت، إذا كان أدرك ركعةً يُتمّها جمعة، وإذا ما أدرك ركعةً وانقطع الصوتُ قبل الركوع في الأولى يُصلِّي ظهرًا.

س: إذا قدَّم واحدًا تُصلَّى ظهرًا؟

ج: نعم، إن فاتته المجموعة.

بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يُلَازِم بُقْعَةً بِعَيْنِهَا مِنَ الْمَسْجِد

1147- عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى فِي الصَّلَاةِ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ نَقْرَةِ الْغُرَابِ، وَافْتِرَاشِ السَّبُعِ، وَأَنْ يُوَطِّنَ الرَّجُلُ الْمُقَامَ الْوَاحِدَ كَإِيطَانِ الْبَعِيرِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

1148- وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: أَنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَ الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي عِنْدَ الْمُصْحَفِ، وَقَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ عِنْدَهَا". مُتَّفَق عَلَيْهِ.

وَلِمُسْلِمٍ: أَنَّ سَلَمَةَ كَانَ يَتَحَرَّى مَوْضِعَ الْمُصْحَف يُسَبِّح فِيهِ، وَذَكَر أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَتَحَرَّى ذَلِكَ الْمَكَانَ.

قلت: وهذا محمولٌ على النَّفل، ويُحمل النَّهي على مَن لازمه مُطلقًا للفرض والنَّفل.

بَاب اسْتِحْبَاب التَّطَوُّع فِي غَيْر مَوْضِع الْمَكْتُوبَة

1149- عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يُصَلِّي الْإِمَامُ فِي مُقَامِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْمَكْتُوبَة حَتَّى يَتَنَحَّى عَنْهُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد.

1150- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ إذَا صَلَّى أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ، أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ؟ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ: يَعْنِي فِي السُّبْحَة.

كِتَاب صَلَاة الْمَرِيض

1151- عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ ﷺ عَن الصَّلَاةِ فَقَالَ: صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِكَ رَوَاهُ الْجَمَاعَة إلَّا مُسْلِمًا. وَزَادَ النَّسَائِيُّ: فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا.

1152- وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا إنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى قَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ بِرَأْسِهِ، وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا، رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

الشيخ: ذكر المؤلفُ رحمه الله هنا ثلاثة أبواب:

الباب الأول فيمَن يُلازم بقعةً لا يُصلي إلا فيها.

والثاني فيما يتعلق بالتَّنفل في مكان الفريضة.

والثالث: صلاة المريض.

الأول: حديث عبدالرحمن بن شبل: أن النبي ﷺ نهى عن ثلاثة: نقرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يُوطن الرجلُ كإيطان البعير. هذا رواه أحمد وأبو داود والنَّسائي وابن ماجه .....، هذا ضعفه جماعة، وذكر الحافظُ أنَّ في سنده لينًا ..... لهما شاهد في الأحاديث الصحيحة: نقرة الغراب وافتراش السبع ورد في أحاديث النَّهي عنهما، من ذلك حديث المسيء: أن الرسول ﷺ نهى المسيء عن عمله، وأمره أن يُعيد الصلاة لما نقرها، والأحاديث في هذا كثيرة في وجوب الطُّمأنينة.

وهكذا النهي عن افتراش السبع ثبت في الأحاديث الصحيحة: من حديث أنس وعائشة وغيرهما، فلا يجوز للمؤمن أن يفترش بذراعيه افتراش السبع؛ لأن الأحاديث الصحيحة صريحة في النهي عن ذلك، من ذلك حديث البراء: وضع كفيه ورفع مرفقيه، تشبه بالحيوانات ..... القبيح، وظاهر النهي تحريم ذلك.

أما إيطان كإيطان البعير: معناه أنه يأتي المسجد ولا يُصلي إلا في محل معين، وإن كان الحديث ضعيفًا لكن معناه التقدم إلى الخير، ولا ينبغي للمؤمن أن يلزم مكانًا معينًا، بل متى جاء يُصلي أينما تيسر، إذا تيسر له قرب الإمام صلَّى قرب الإمام، وإذا ما تيسر يُصلي في أي مكانٍ يقرب ...... أو محلًّا معينًا لا يُصلي إلا فيه، ...... القرب من الإمام والتقدم من الصف الأول أو نحو ذلك هذا تدل الأحاديث على أنه لا ينبغي ذلك؛ لأنَّ هذا زهد في الخير، وإنما السنة أن يُبادر وأن يقرب من الإمام، ويكمل الصفَّ الأول فالأول، وهكذا في الصفِّ الثاني.

وهكذا لا يصفّ فيما هو بعيد عن الإمام إلا عند ......، ولا يصف الثاني إلا عند اكتمال الأول، ولا الثالث إلا باكتمال الثاني، ولا في الرابع إلا باكتمال الثالث، فما كان من نقصٍ فيكون في الآخر، وعادة البعير إذا أتى ..... لزمه، فلا ينبغي للمؤمن أن يتشبَّه بالبعير، بل يتقدم خلف الإمام، ما أمكنه من التقدم يفعل، ولا يصطفُّون مؤخر الصف، أو في أطراف الصفِّ .....، فإذا أمكنه التقدم إلى الصف الأول وإلى قرب الإمام فليفعل، هذا هو السنة.

وأما أثر سلمة بن الأكوع: أنه كان يُصلي عند ساريةٍ، فهذا رأى النبيَّ ﷺ يُصلي عند السارية ...... كان يُسبِّح فيها، والرواية الأخرى ..... لما رأى النبيّ يخصها صار يتنفَّل فيها، فسلمة إنما خصَّها لأنه رأى النبيَّ يخصَّها، فهذا لا بأس به، وهذا في النافلة، وهي السبحة، أما في الفريضة فيتقدم حيث أمكنه، إذا جاء والصفّ الأول ما كمل يصفّ في الصف الأول: في وسطه أو في آخره حسب التيسير، وإذا عجز عن إتمام الصفّ الأول يصفّ الصف الثاني، ولا يصفّ الثاني إلا بعد أن يُكمل الصف الأول يمينًا وشمالًا، ولا يصفُ الثالث إلا بعدما يكمل الصف الثاني، كما في الحديث الصحيح أن النبي أمر بإتمام الصف الأول فالأول، وما كان من نقصٍ فليكن في الآخر.

وأما الصلاة في مكان الإمام: كونه ينهى عن الصلاة في مكانه في حديث أبي هريرة فهو حديث ضعيف، لكن معناه صحيح؛ ولهذا ثبت عن عليٍّ قال: "من السنة أن لا يُصلي الإمامُ في مكانه"، بل يقوم من مكانه؛ لأنه يوهم أنها فريضة، وقد ..... أنها فريضة فيرفع صوته أو يجده بعضُ الناس فيحسبه في فريضةٍ، فإن صلَّى في مكانٍ آخر أولى، وهو السنة حتى لا يظنَّ أنه في الفريضة.

وأما حديث أبي هريرة: أيعجز أحدُكم أن يتقدم أو يتأخَّر عن يمينه أو عن شماله فهو حديث ضعيف، لكن بعض السلف كان يفعل هذا، كان بعض السلف يتحول عن مكانه إذا فرغ وأراد أن يُصلي النافلة أو الراتبة، من باب الحرص على كثرة البقاع وتعدد البقاع، وكان ابنُ عمر يُصلي في مكانه إذا سلَّم من الفريضة، ولا حرج في ذلك، إن صلَّى في مكانه فلا بأس، وإن تحوَّل فلا بأس.

وجاء عن ابن عمر من حديثٍ آخر رواه أبو داود: أنه كان يتحول عن مكانه إلى مكانٍ آخر يوم الجمعة يُصلي النافلة أو الراتبة ..... لو صلَّى في مكانه فلا بأس، ولو تحوَّل فلا بأس كما فعل بعض السلف، والحديث هذا ضعيف، لكن فعل السلف يشهد له ..... والأمر في هذا واسع، فمَن تحوَّل عن يمينه أو شماله بعد الفريضة أو في النافلة فلا بأس، ومَن ترك فلا بأس، الأمر واسع.

س: حديث المُغيرة؟

ج: حديث المغيرة ضعيف، فيه انقطاع كما ذكر البخاري وغيره ...... فيه ضعف؛ لأنه من رواية الليث ابن أبي سليم، ومع هذا مضطرب، لكن فعل بعض السلف مع الأحاديث الضَّعيفة يشهد بعضها لبعضٍ، فإذا تحوَّل فلا بأس، وإن ترك فلا بأس.

وأما حديث عمران بن حصين فهو يدل على أنَّ المريض يُصلي على حسب حاله: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، مَن عجز عن القيام صلَّى قاعدًا، ومَن عجز عن القعود صلَّى على جنبه، ومَن عجز عن الجنب صلَّى مُستلقيًا، والأفضل على جنبه الأيمن لحديث عليٍّ، وإن كان حديث عليٍّ ضعيفًا، لكن اليمين أفضل في الجملة، فإذا عجز عن اليمين والشمال صلَّى مُستلقيًا، ورجلاه إلى القبلة، ورواية النسائي صحيحة، وهكذا يشهد لها رواية عليٍّ وإن كانت ضعيفةً.

والأصل في هذا قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ويُومئ بالسجود والركوع، إذا عجز عن السجود يُومئ، وإن ما استطاع سجد في الأرض، وركع في الهواء .....، ولا يأخذ وسادةً ويرفعها، لا، كما في حديث جابر أنه رأى رجلًا يُصلي على وسادةٍ فطرحها وأمره أن يُومئ بالركوع،كما ذكر الحافظُ في "البلوغ" في صلاة المريض.

فالحاصل أن المريض لا يرفع وسادةً ولا شيئًا، بل يُومئ بالهواء، الركوع في الهواء، والسجود في الأرض إن قدر، فإن عجز أومأ بالسجود والركوع جميعًا في الهواء، لكن يكون السجود أخفض من الركوع: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ.

وفَّق الله الجميع.

س: إذا كان حديثُ المغيرة ضعيفًا فكيف نقول: ينبغي للإمام أن يتحوَّل؟

ج: يتحول لأجل رواية عليٍّ بإسنادٍ جيدٍ، قال: "من السنة أن لا يُصلي الإمامُ في مكانه"؛ لأنَّ هذا قد يُوهم أنه يُصلي بالناس إمامًا ..... يحسبون أنه في الصلاة في الفريضة .....، لكن بكل حالٍ كونه يُصلي في مكانٍ آخر أولى ......

س: الحكمة من التَّحول من مُصلاه إلى مكانٍ آخر؟

ج: .......

س: ألا تعتضد أحاديث التَّحول بفعل رسول الله ﷺ والتَّأسي به في أنه لم يكن يُصلي في موضعه؟

ج: ...........

بَاب الصَّلَاة فِي السَّفِينَة

1153- عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ ﷺ: كَيْفَ أُصَلِّي فِي السَّفِينَةِ؟ قَالَ: صَلِّ فِيهَا قَائِمًا إلَّا أَنْ تَخَافَ الْغَرَقَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَأَبُو عَبْدِاللَّهِ الْحَاكِمُ في "المُستدرك" عَلَى شَرْط "الصَّحِيحَيْنِ".

1154- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي عُتْبَةُ قَالَ: صَحِبْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَأَبَا هُرَيْرَةَ فِي سَفِينَةٍ، فَصَلَّوْا قِيَامًا فِي جَمَاعَةٍ، أَمَّهُمْ بعضُهم وهم يقدرون على الْجُدِّ. رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي "سُنَنِهِ".

أَبْوَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ

بَابُ اخْتِيَارِ الْقَصْرِ وَجَوَازِ الْإِتْمَامِ

1155- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "صَحِبْتُ النَّبِيَّ ﷺ، وَكَانَ لَا يَزِيدُ فِي السَّفَرِ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَذَلِكَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1156- وَعَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء:101] فَقَدْ أَمِنَ النَّاسُ، قَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.

1157- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي عُمْرَةِ رَمَضَانَ، فَأَفْطَرَ وَصُمْتُ، وَقَصَرَ وَأَتْمَمْتُ، فَقُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، أَفْطَرْتَ وَصُمْتُ، وَقَصَرْتَ وَأَتْمَمْتُ، فَقَالَ: أَحْسَنْتِ يَا عَائِشَةُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: هَذَا إسْنَادٌ حَسَنٌ.

1158- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقْصُرُ فِي السَّفَرِ وَيُتِمُّ، وَيُفْطِرُ وَيَصُومُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: إسْنَادٌ صَحِيحٌ.

1159- وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: "صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ مِنْ غَيْرِ قَصْرٍ، عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ ﷺ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ.

1160- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: "إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَتَانَا وَنَحْنُ ضُلَّالٌ فَعَلَّمَنَا، فَكَانَ فِيمَا عَلَّمَنَا أَنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا أَنْ نُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي السَّفَرِ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

1161- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

بَابُ الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إذَا خَرَجَ نَهَارًا لَمْ يَقْصُر إلَى اللَّيْل

1162- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا، وَصَلَّيْتُ مَعَهُ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

1163- وَعَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَزِيدَ الْهُنَائِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا عَنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ فَقَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إذَا خَرَجَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ" شُعْبَةُ الشَّاكُّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.

الشيخ: اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأولان منها يتعلَّقان بالصلاة في السَّفينة وفي الباخرة والطائرة وأشباه ذلك من المراكب التي يمكن أن يكون فيها الإنسان، تقدَّم أنَّ له أن يُصلي على الدابة وهو جالس؛ لأنَّ الدابة يصعب الوقوف عليها وهو يُصلي، فلهذا شرع الله الصلاةَ على ظهرها تحديدًا في النافلة، كان النبيُّ ﷺ يفعل ذلك؛ يُصلي على دابته في الليل، ويُوتر عليها في الطريق كما تقدَّم.

وفي هذا فضل من الله؛ أنَّ العبد يتعبَّد حتى على الدابة، كما يتعبد بالذكر والتَّسبيح والقراءة يتعبَّد بالصلاة حتى على ظهر الدابة، ولا يتعطل في السفر، لكن في الفريضة لا بدَّ أن ينزل، من هذا حديث: إلا الفرائض كما تقدَّم، لا بدّ أن يُصلي على الأرض، ويستقبل القبلة في الفريضة؛ لأنَّ الفريضة أهم، لا بدَّ أن يُصليها صلاةً كاملةً، لكن لو دعت الضَّرورة إلى أن يُصلي على ظهر الدابة الفريضة صحَّت، مثل: لو كان قاعدًا لا يستطيع أن ينزل ..... صلَّى على ظهرها: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] بالإيماء، أو مثلًا المطر الشديد والأرض فيها السيل الكثير، ولا يستطيع أن ينزل فيها؛ صلَّى على ظهر الدابة، أوقفها وصلَّى على ظهرها بالإيماء.

أما السفينة والباخرة وأشباهها فهذه مثل في الحديثين: يقف ويُصلي قائمًا؛ لأنه يستطيع أن يقوم؛ ولهذا في الحديث الأول أنه ﷺ أمر بالقيام في السفينة، حتى أن الصحابة صلّوا قائمين في السفينة، فهذا يدل على أنه يلزمه القيام إن استطاع؛ لأنَّ الله قال: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، إذا استطاع أن يقوم صلَّى قائمًا في السفينة في الفريضة .......، لكن يستقبل القبلة في الفريضة كما في الدابة، وإنما الخلاف في القيام: على الدابة لا يستطيع، وفي السفينة يستطيع، في السفينة، في الطائرة، في السيارة، في القطار، فإن عجز لأنَّ الطائرة تتقلب أو السيارة .......، أو في السفينة البحر مُضطرب، جلس: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، ثم السجود ..... كذلك، إن استطاع أن يسجد في أرض السيارة أو الباخرة سجد، وإن لم يستطع للزحمة أو الكراسي غير مناسبةٍ، الكراسي التي يجلسون عليها ما يتيسر معها السجود: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، هذه قاعدة: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ .

وأما الأحاديث الباقية الأخيرة فكلها تتعلق بصلاة المسافر، المسافر السنة له أن يقصر الرباعية ركعتين، كما في حديث أنسٍ وابن عمر: أنهم صلّوا مع النبي ﷺ ركعتين، وهكذا مع الصديق، ومع عمر، ومع عثمان صلّوا ركعتين، هذا هو المشروع.

وفي حديث يعلى لما سأل أمير المؤمنين عمر قال: إن الله يقول: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء:101] قد أمنَّا، فقال عمر: لقد عجبتُ مما عجبتَ منه، فسألتُ النبيَّ ﷺ فقال: هي صدقة من الله، فاقبلوا صدقته، فإنه قد تصدَّق على الناس بالقصر ولو في الأمن، صلَّى النبيُّ ﷺ قصرًا في حجة وداعه وهو آمن، فدلَّ على أنَّ القصر في الخوف والأمن جميعًا، يُصلي الأربع ركعتين في السفر: الظهر والعصر والعشاء ركعتين، عملًا بالسنة عند جميع أهل العلم، وقال بعضُهم: يجب القصر، حكاه بعضُهم من قول الجمهور، والصواب أنه لا يجب، بل هو سنة كما فعل النبيُّ ﷺ؛ أمر بأن نقبل هذه الصَّدقة، وأخبر أنَّ الله يُحب أن تُؤتى رخصه، كما يكره أن تُؤتى معصيته، فهي سنة مؤكدة، والقول بالوجوب ليس بجيدٍ.

وفي حديث عائشة الثالث والرابع الدلالة على أن القصر ليس بواجبٍ ..... في الحديث الأول أنها كانت تُتم ويقصر، وتصوم ويُفطر، فقال: أحسنتِ.

الحديث الثاني: قالت: كان النبيُّ ﷺ يقصر في السفر ويتم، ويصوم ويفطر ...... يدل على جواز الإتمام، ولكن أعلَّ هذين الحديثين بعضُ أهل العلم، وقالوا: إن ..... وقال أبو العباس: بل هما ..... أبو العباس ابن تيمية أنه غير صحيح، بل كذب، ولا يمكن أن تكون أم المؤمنين تُخالفه، النبي ﷺ يقصر وهي تُتم فتُخالفه، ولم يثبت عنه ﷺ أنه كان يُتم في السفر، والأحاديث الصحيحة كلها دالة على أنه كان يقصر في السفر، هكذا قاله ابن عباس وابن عمر وأنس وأبو سعيد وأمة كثيرة من الصحابة، كلهم ذكروا القصر في السفر، ولم يذكر واحد منهم أنه أتمَّ، فدلَّ ذلك على أنَّ هذا الأثر المروي عن عائشة غلط، وبكل حالٍ فالصواب أنَّ القصر هو السنة، وأن الإتمام لم يثبت عن النبي ﷺ، وإنما ثبت عن عثمان، عثمان أتم في آخر حياته في منى، بعد أن مضت ستُّ سنوات من خلافته أتم في منى.

وكذلك عائشة رضي الله عنها أتمت وقالت: إنه لا يشقّ عليَّ، وهو صدقة، فمَن أخذ بها فهو الأفضل، ومَن أتمَّ فلا حرج، ولكن الأخذ بها هو السنة.

كذلك قوله: كما يُحبُّ أن تُؤتى عزائمه، فهو يُحب أن تُؤتى رخصه، كما يُحب أن تُؤتى فرائضه: الصوم، الصلاة، والحج، وغير ذلك، كما يُحب أن تُؤتى رخصه من القصر والجمع، والقصر في السفر، وغير ذلك، صدقة من الله وإحسانًا منه، والله ولي التوفيق.

الأسئلة:

س: الرد على مَن قال: إذا خرج نهارًا لم يقصر إلى الليل؟

ج: ..........

س: حجة القائل؟

ج: ..........

س: ...........؟

ج: لأنه قد يشتغل داخل البلد، قد .....

س: ...........؟

ج: المعروف عند العلماء أنه لا يقصر حتى يُغادر البلد، ولو اتَّسع البُنيان.

س: .............؟

ج: هو كالإجماع من أهل العلم: أن المرأة تُصلي أربعًا، تُصلي ظهرًا، ما تُصلي جمعةً إلا إذا صلَّت مع الناس، إذا صلَّت مع الناس صلَّت جمعةً، وهكذا مَن فاتته الجمعة يُصلي أربعًا، هو كالإجماع من أهل العلم، هناك قول شاذٌّ لابن حزم، ولكن القول الشَّاذ لا يُعوَّل عليه، الذي عليه أهلُ العلم وهو كالإجماع أن المريض يُصلي أربعًا إذا ما حضر الجمعة، والمرأة تُصلي أربعًا، ومَن فاتته الركعة الأخيرة من الجمعة صلَّى أربعًا، ولا عبرة بالشَّواذ.

س: ...........؟

ج: هذا غلط من بعض الرواة .....

س: ..........؟

ج: يُشرع القصر، تهجد الليل، صلاة الضحى .....، فالفضل ترك سنة الظهر والمغرب والعشاء، لكن كونه يُصلي في الليل يتهجد، يُصلي الضُّحى، يُصلي سنة الفجر، المحفوظ عن النبي ﷺ أنه ترك سنة المغرب والعشاء والظهر فقط في السفر.

س: وصيام التطوع؟

ج: إن شاء صام، وإن شاء أفطر، والأفضل الفطر، وإن شاء صام، النبي صام في السفر، وصام الصحابة .......

س: ..............؟

ج: سنة، سنة، ما هو بواجبٍ.

س: ترك سنة العشاء يُوتر أو ما يُوتر؟

ج: يُوتر، يُصلي السنة، ويُصلي الوتر.

س: إذا ترك السنة يُوتر ولو بركعةٍ واحدةٍ؟

ج: يُوتر ولو بركعةٍ.

س: مسافة السفر في حديث أنسٍ ......

ج: .............