بَابُ افْتِتَاحِ الثَّانِيَةِ بِالْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَوُّذٍ وَلَا سَكْتَةٍ
765- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذا نَهَضَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، وَلَمْ يَسْكُتْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
بَابُ الْأَمْرِ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَسُقُوطِهِ بِالسَّهْوِ
766- عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: إنَّ مُحَمَّدًا ﷺ قَالَ: إذَا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَقُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ لِيَتَخَيَّرَ أَحَدُكُمْ مِن الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إلَيْهِ فَلْيَدْعُ بِهِ رَبَّهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ.
767- وعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إذَا قُمْتَ فِي صَلَاتك فَكَبِّرْ ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ معك مِنَ الْقُرْآنِ، فَإِذَا جَلَسْتَ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَاطْمَئِنَّ وَافْتَرِشْ فَخِذَكَ الْيُسْرَى، ثُمَّ تَشَهَّدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
768- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَامَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهَا النَّاسُ مَعَهُ مَكَانَ مَا نَسِيَ مِن الْجُلُوسِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
بَابُ صِفَةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمَا جَاءَ فِي التَّوَرُّكِ وَالْإِقْعَاءِ
769- عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ : أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي فَسَجَدَ، ثُمَّ قَعَدَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي لَفْظٍ لِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: "صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلمَّا قَعَدَ وَتَشَهَّدَ فَرَشَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى عَلَى الْأَرْضِ وَجَلَسَ عَلَيْهَا".
770- وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: إذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ، فَإِذَا جَلَسْتَ فَاجْلِسْ عَلَى رِجْلِكَ الْيُسْرَى رَوَاهُ أَحْمَدُ.
771- وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ : أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رَأَيْتُهُ إذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ سَبَقَ لِغَيْرِهِ بِلَفْظٍ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا.
الشيخ: هذه الأحاديث: [في] الحديث الأول الدلالة على أنَّ الإنسان إذا قام إلى الثانية يبدأ بالقراءة، وليس فيها سكوت، إنما السكوت في الأولى في الاستفتاح؛ لهذا روى أبو هريرة أنه كان إذا قام إلى الثانية قرأ ولم يسكت، هذا يدل على أنه ليس هناك شيء، واحتجَّ به بعضُهم على عدم الاستعاذة، ولكن ليس بصريحٍ؛ لأن المجيء بالاستعاذة والتَّسمية لا يتحمل سكتةً طويلةً، ولكن يكفيه التَّسمية، إذا سمَّى يُسمِّي ثم يقرأ الفاتحة، وإن تعوَّذ فلا حرج.
وقد تقدم أنَّ العلماء تنازعوا: منهم مَن استحبَّ إعادة الاستعاذة في الثانية وما بعدها، ومنهم مَن اكتفى بالأولى وقال: إن القراءة كالشيء الواحد، أن قراءة الصلاة كالشيء الواحد، فإذا تعوَّذ في أول ركعةٍ كفى. وهذا أظهر وأقرب، ويدل عليه أنَّ هذا الحديث أنه لم يسكت، وكان يتعوَّذ ويُسمِّي إذا ظهر شيء من السكوت ولو قليلًا.
فالحاصل أنه في الثانية وما بعدها يكفيه التَّسمية والتَّعوذ الذي حصل في الأولى، يكون للجميع، وإن أعاد الاستعاذة فالأمر في هذا واسع.
والأحاديث الثلاثة تدل على شرعية التشهد الأول، وأنه مأمورٌ به؛ ولهذا أمر النبيُّ ﷺ بالقعدة بعد الثانية، وأن يتشهد فيها، فدلَّ ذلك على وجوب التشهد الأول، وأن الواجب على المسلمين في المغرب والعشاء والظهر والعصر تشهدان بعد الثنتين: التشهد الأول -وهو خفيف- يقرأ فيه إلى الشهادتين، ويُصلي على النبي ﷺ على الأرجح، وهو الأفضل، ثم ينهض إلى الثالثة.
وقال بعضُ أهل العلم: إن الصلاة تُؤخَّر إلى الأخير، لكن ظاهر الأحاديث العموم، وأنه يُصلي على النبي ﷺ؛ لأنه أمر بالصلاة والسلام عليه جميعًا ..... ويُسلم عليه يقول: "السلام عليك أيها النبي"، وتجوز الصلاة؛ لعموم الأحاديث، فإنه سُئل عليه الصلاة والسلام قالوا: يا رسول الله، أمرنا الله أن نُصلي عليك، فكيف نُصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ، ثم قال بعدها: والسلام كما علمتُم، دلَّ على أن الجمع بينهما في الأول والثاني أنه يُصلي على النبي في الأول، وهذا بلا شكٍّ مُستحبّ؛ لظاهر العموم، وإذا ترك هذا التَّشهد سهوًا سجد له؛ ولهذا في حديث ابن بحينة أنه لما تركه سجد له عليه الصلاة والسلام، فدلَّ ذلك على أن ترك التشهد الأول يُسجد له، وأنه ينجبر هذا الواجب بالسجود كما رواه ابن بحينة ورواه الجماعة.
وهكذا مثله لو ترك التكبير -تكبيرات النقل- سهوًا، أو التَّسبيح، أو "ربنا ولك الحمد"، أو "ربي اغفر لي"؛ سجد لها على قول مَن قال بوجوبها، كما قال أحمد وإسحاق وجماعة، يسجد للتشهد الأول؛ لأنه فرض خفيف، فينجبر بسجود السهو، بخلاف الأركان، وهي الفرائض المؤكدة، فلا تنجبر به، لا بدّ منها، فلو ترك الركوع لا بدّ منه، أو السجود لا بدّ منه، وهكذا التكبيرة الأولى لأنها ركن لا بدّ منها، فلا تنعقد الصلاة بدونها، فلو تركها سهوًا أو جهلًا لم تنعقد الصلاةُ، فهكذا الركوع والسجود والجلسة بين السجدتين والاعتدال، وهكذا الاعتدال بعد الركوع لا بدّ منه، ومنه تركه سهوًا أو جهلًا لم تصحّ الصلاة؛ ولهذا أمر النبي المسيء أن يُعيد الصلاة.
وأما الواجبات الخفيفة وتكبيرات النقل والتسميع يقول: "ربنا ولك الحمد، رب اغفر لي"، والتشهد الأول، هذه عند مَن أوجبها تُجبر بسجود السهو، والجمهور يقولون أنها لا تجب، أنها مُستحبَّة متأكدة، ولا تجب، كما قال الأكثرون، ولكن ذهب بعضُ أهل العلم -كأحمد وإسحاق وجماعة- إلى وجوبها؛ للأمر بها، ومحافظة النبي عليها عليه الصلاة والسلام، وقوله: صلوا كما رأيتُموني أُصلي، فإذا سجد لها عند الترك سهوًا يكون هذا هو الموافق للسنة، وبكل حالٍ سواء قلنا بالوجوب أو بالسنية فالسجود لها مشروع إذا تركها سهوًا، كما سجد النبيُّ في حديث ابن بُحينة.
س: إذا قمتُ من التشهد الأول؟
ج: السنة: يرفع يديه عند القيام.
س: وأنا جالس؟
ج: لا، يرفع عند ......
س: .............؟
ج: ...... كان إذا نهض رفع يديه عليه الصلاة والسلام، كما في حديث ابن عمر.
س: عند الجمهور السنة السجود إذا التَّكبير؟
ج: لا، لا، التكبير سنة عندهم، ما هو بالسجود التكبير، أما السجود لعلهم يقولون ذلك كما فعل النبي ﷺ في سجود التشهد الأول ..... سنة، فيكون مثله.
س: ظاهر الحديث أنه إذا .....، ظاهره أنه لا يُسمِّي تسميةً؟
ج: لا بد، التسمية لا بد، مشروعة مع كل سورةٍ، مع الفاتحة، وهذا لا يتضمن سكوتًا بيِّنًا؛ لأنها خفيفة، المشروع أنه قرأ، يُسمِّي إذا قرأ سورةً، يقرأ معها البسملة ما عدا براءة.
س: إذا نهض إلى الركعة الثالثة .....؟
ج: إذا استتمَّ قائمًا فإنه يسجد للسهو، فإن ذكر في الأثناء أو نبَّهوه في ..... جلس للتَّشهد الأول .....، فالأولى أن يستمرَّ، ولو رجع صحَّ، لكن الأولى أن يستمر ويسجد للسَّهو.
س: ...... سجود السهو؟
ج: صحَّت صلاته إن ذكر قريبًا ..... فالأقرب أنه يسقط.
س: لو رجع عامدًا ..؟
ج: إذا كان ..... إن رجع فلا بأس، لكن تركه أفضل.
س: ............؟
ج: ..... الصلاة ويأتي به فيسجد للسهو، التشهد الثاني ..... فإن طال الفصلُ يُعيدها كلها.
س: التشهد الأول والأخير كلاهما سواء؟
ج: لا، لا، التشهد الأول أخفّ، من الواجبات الخفيفة، بخلاف التشهد الأخير فإنه من الأركان، من الفرائض.
س: إذا شرع في القراءة ما يرجع؟
ج: المشهور عند العلماء أنه لا يجوز له الرجوع إلى .....، لا يرجع ..... لم يرجع عليه الصلاة والسلام، استمرَّ، لكن إذا كان لم يشرع في القراءة لو رجع لا حرج إن شاء الله .....، والصواب أنه يمضي، ولكن يسجد سجود السهو.
س: بالنسبة لعموم الأحاديث ما تُوجب الصلاة على النبي في التشهد الأول؟
ج: حمله العلماء على التشهد الأخير، وإلا فظاهره العموم، لكن حملوه على التشهد الأخير.
س: سجود السهو قبل السلام أو بعد السلام؟
ج: الأفضل قبل السلام في جميع الصور إلا ما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام ..... مثلما سلَّم عن نقص ركعةٍ أو أكثر يكون بعد السلام أفضل، وهكذا إذا بنى على غالب ظنِّه كما في حديث ابن مسعود: إذا بنى على غالب ظنِّه وتحرَّى الصواب يُسلِّم ثم يسجد للسهو بعد السلام، يعني في حالتين: إحداهما: إذا سلَّم عن ..... أو أكثر، يكون الأفضل بعد السلام، والحالة الثانية: إذا بنى على غالب ظنِّه كما في حديث ابن مسعودٍ ..... إذا تحرى الصواب فيُتم عليه، ثم يُسلِّم، ثم يسجد سجدتين .....
س: المسبوق إذا سلَّم مع إمامه ساهيًا ما يكون بعد السلام أيضًا؟
ج: يسجد للسهو بعد السلام أفضل، وإن سجد قبل السلام أجزأه؛ لأنه سلَّم عن نقصٍ.
س: ...... التشهد الأول وهو جالس يعتقد أن .....؟
ج: ......، لكن نحفظ حديث ابن عمر وعلي ومَن جاء ..... إذا قام رفع مثلما يرفع عند ..... الركوع، ومثلما يرفع عند هويِّه من الركوع، وكذلك نهوضه من التَّشهد، يكون ناهضًا مُكبِّرًا رافعًا يديه، فإن ..... رفع وهو قاعد فالسنة حاكية ..... حاكية إذا صحَّت.
بَابُ صِفَةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمَا جَاءَ فِي التَّوَرُّكِ وَالْإِقْعَاءِ
769- عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ : أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي فَسَجَدَ، ثُمَّ قَعَدَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي لَفْظٍ لِسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: "صَلَّيْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَلمَّا قَعَدَ وَتَشَهَّدَ فَرَشَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى عَلَى الْأَرْضِ وَجَلَسَ عَلَيْهَا".
770- وَعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: إذَا سَجَدْتَ فَمَكِّنْ لِسُجُودِكَ، فَإِذَا جَلَسْتَ فَاجْلِسْ عَلَى رِجْلِكَ الْيُسْرَى رَوَاهُ أَحْمَدُ.
771- وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ : أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "كُنْتُ أَحْفَظَكُمْ لِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، رَأَيْتُهُ إذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ مَكَّنَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى، فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَدْ سَبَقَ لِغَيْرِهِ بِلَفْظٍ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا.
772- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ بِـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَلكن بَيْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، فإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن السُّجُودِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا، وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقبة الشَّيْطَانِ، وَكَانَ يَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد.
773- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ، وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ، وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ الثَّعْلَبِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد: هذه الأحاديث المتعددة تدل على مسائل أشار إليها المؤلف في الترجمة: منها شرعية الافتراش بين السجدتين والتشهد الأول، وأن هذا هو السنة، وقد جاء هذا عن النبي ﷺ في عدة أحاديث، ذكر المؤلفُ بعض الأدلة لعائشة، وحديث أبي حميد، وحديث أبي هريرة، وغيرها، كلها دالة على شرعية الافتراش بين السجدتين، أو في التشهد الأول، وأن هذا هو السنة، وهكذا التشهد في الجمعة والفجر؛ لأنها ركعتان، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى في كل ركعتين عليه الصلاة والسلام ...... والتشهد الأول، قد يفرِش بكسر الراء، ويفرُش بضم الراء، من باب ضرب ونصر.
أما في الأخير في ذات التَّشهدين فالأفضل فيه التَّورك: كالمغرب والظهر والعصر والعشاء، وحديث أبي حميدٍ هذا واضح ومفصل، فهو الأفضل، وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى التَّورك في الجميع، أو الافتراش في الجميع، ولكن التفصيل هو السنة، وهو المعتمد، وهو الذي دلَّ عليه حديث أبي حميدٍ، الافتراش في التشهد الأول وبين السجدتين، والتورك في التشهد الأخير، والتورك أن يُخرج رجلَه اليسرى من جانبه الأيمن ويقعد على مقعدته، فهذا هو الصريح في حديث أبي حميد.
وفي حديث عائشة وأبي حميدٍ مسائل كثيرة في الدلالة على أنه يعتدل بعد الركوع حتى يرجع كل فقارٍ إلى مكانه، وهكذا بين السجدتين يعتدل ويطمئن ولا يعجل، وهكذا في الركوع أن يكون رأسه محاذيًا ظهره كما في حديث أبي حميدٍ وحديث عائشة، لا يرفعه هكذا، ولا يُصوبه، لكن السنة أن يكون مُحاذيًا ظهره، كان النبيُّ ﷺ يحصر ظهره ويستوي عليه الصلاة والسلام، هذا هو الكمال.
كذلك يضع يديه على ركبتيه مُفرَّجة الأصابع يعتمد عليهما، هذا من تمام الركوع، وكذا في مُجافاة عضديه عن جنبيه في ركوعه، وهكذا في سجوده واعتداله في السجود.
وهكذا كونه يبتعد عن عقبة الشيطان؛ وهو الإقعاء كما في حديث عبادة الأخير، الإقعاء هو عقبة الشيطان كما هو مشهور عند أهل العلم، ومعناه أنه ينصب ساقيه وفخذيه، ويعتمد على يديه على الأرض كإقعاء الكلب، إذا أقعى ينظر هاهنا وهاهنا، أو الذئب ينصب ساقيه وفخذيه، ويعتمد على يديه، هذا مكروه في الصلاة؛ لأنه تشبه بالبهائم، الرسول ﷺ نهى عن التَّشبه بالبهائم في مسائل كثيرة: منها هذا الإقعاء كإقعاء الكلب، ومنها التفات كالتفات الثعلب، ومنها تحريك الأيدي عند السلام كأذناب الخيل الشمس، ومنها نقر كنقر الغراب أو الديك، وما أشبه ذلك، هذا يدل على أنَّ المؤمن لا ينبغي له أن يتشبه بالبهائم، وهكذا النَّهي عن بروك كبروك البعير، فالمؤمن أكرمه الله بالعقل والتَّكليف، ورفعه عن مُشابهة البهائم، فلا ينبغي له أن يتشبَّه بالبهائم، لا في جلوسٍ، ولا في غيره.
وفيه الحثُّ على الطمأنينة في الصلاة، والسكون فيها وعدم العجلة، وكراهة الالتفات في الصلاة إلا من حاجةٍ، ولا ينبغي التفاتًا خفيفًا كالثعلب، ينبغي له أن يكون هادئًا مُطمئنًّا خاشعًا، إلا إذا دعت الحاجةُ؛ ولهذا في حديث عائشة عند البخاري لما سألته عن الالتفات عليه الصلاة والسلام قال: هو اختلاس يختلسه الشيطانُ من صلاة العبد ونقص مكروه ينبغي للمؤمن توقيه إلا من حاجةٍ، إذا كانت هناك حاجة كما أمر النبيُّ ﷺ في حديث سهل بن سعد وفي غيره: التسبيح للرجال، والتصفيق للنساء، فإنَّ أحدكم إذا سبَّح التفت إليه، وحديث أنه ﷺ التفت لما بعث الربيعة في بعض الشعاب، وقصة الصديق لما التفت لما رأى النبيَّ ﷺ، ولم يُنكر عليه ﷺ، فالمقصود أن الالتفات عند الحاجة بالرأس لا بأس، وإلا فالسنة عدم الالتفات والخشوع في الصلاة.
وأيضًا في حديث عائشة رضي الله عنها الدلالة على أنه قال: الصلاة تُختم بالتسليم، وهذا يُوافق حديث عليٍّ : تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، فالصلاة تُختم بالسلام، أما ما جاء في بعض الروايات في حديث ابن مسعودٍ: أنك إذا فعلتَ التحيات فإن شئتَ ..... فافعل .....، وإن شئتَ فاجلس، فقد انتهت صلاتُك، فهذا عند أهل العلم ضعيف، ليس بصحيح، وإنما موقوف على ابن مسعودٍ، والصحيح أنه لا يخرج من الصلاة ولا يكمل الصلاة إلا بالتسليم، وهذا هو الذي عليه جمهورُ أهل العلم، خلافًا للحنفية، الصواب أنه لا بدَّ من التسليم، وأنه ركنٌ من أركانها، فلا يخرج منها إلا بالتسليم ولو كمل التشهد، هذا الذي عليه جمهورُ أهل العلم، وهو الموافق للأحاديث الصحيحة الدالة على أنها تُختم بالتسليم.
وفَّق الله الجميع.
س: بالنسبة لقضية التَّورك: ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنه يُدخل قدمَه بين ساقه وفخذه؟
ج: تقدم الكلام على هذا؛ أن رواية ابن الزبير فيها نظر، والظاهر أنها وهم من بعض الرواة، والمعروف من عمل النبي ﷺ أنه الافتراش، وأن التورك يُخرج رجلَه من جهة اليمين تحت فخذه وساقه، أما إدخالها بين الفخذ والساق فهذا فيه صعوبة ومشقة، وأيضًا عدم خشوع في الصلاة، فلعل بعض الرواة وهم أنه يُدخلها تحت فخذه وساقه، فجعلها بين فخذه وساقه، وإنما الصواب جعلها تحت فخذه وساقه، والأحاديث المشتبهة تُفسَّر بالأحاديث الواضحة.
س: نهى رسول الله ﷺ عن ثلاثٍ: عن نقرة ..؟
ج: ..... ما تقدم، وهو عقبة الشيطان من حديث عائشة ..... فخذيه وساقيه ..... على الأرض، أما [أن] يضعهما هكذا على فخذيه هذا السنة، إذا تفترش وضعت يديها على فخذيها ..... ركبتيها، ما هو على الأرض وهو جالس، إذا جلس ما ..... فخذيه وساقيه كالكلب والذئب، لا، يفترش يساره وينصب اليمنى.
س: الإقعاء المشروع عفا الله عنك؟
ج: الإقعاء الذي ورد عن ابن عباس أنه من السنة؛ فذاك جلوسه على عقبيه مفروشتين أو منصوبتين، على العقبين منصوبتان –القدمان- أو مفروشتان، ويجلس على عقبيه، هذا جاء عن ابن عباس، لكن المعروف في الأحاديث الصحيحة الافتراش، أحاديث الافتراش أكثر، ورواية ابن عباس في مسلم ذكر أنها من السنة، ولعلَّ النبيَّ فعلها بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام.
س: ...........؟
ج: السنة الافتراش أفضل، أولى؛ لأنها ليست ذات تشهدين.
س: ..........؟
ج: نوع من ..... من باب اختلاف التنوع ..... يجلس على عقبيه، أو يفرشهما ويجلس على عقبيه جميعًا، ولكن الأفضل ..... حديث عائشة وحديث أبي حميد وغيرهما من الأحاديث، حديث ..... أكثر؛ ولأنه أيّد .....
س: ...... ورد التَّفصيل؟
ج: ما أعرف فيه شيئًا، لكن يحتمل هذا وهذا، يحتمل أنه ينصبهما ويقعد عليهما، ويحتمل ..... ما رأيت حتى الآن ..... مَن يلتزم بهذا ....؟
طالب: إن شاء الله.
الشيخ: مَن؟
الطالب: عبدالله العتيبي.
الشيخ: اليوم الأحد، متى نُطالبك: يوم الخميس أو يوم الأربعاء؟
الطالب: الأربعاء.
الشيخ: يسَّر الله أمرك ..... المقصود –يعني- الرواية تفسير الإقعاء، هل فسَّره بالجلوس؛ بسط القدمين والجلوس عليهما، أو نصبهما والجلوس عليهما، مع مُراعاة كتب اللغة .....
س: ..........؟
ج: هذا وهذا، كله طيب، جاء هذا وهذا ..... الركبتين، كله سنة، كله سنة والحمد لله، واسع.
بَابُ ذِكْرِ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ
774- عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ التَّشَهُّدَ كَفِّي بَيْنَ كَفَّيْهِ، كَمَا يُعَلِّمُنِي السُّورَةَ مِن الْقُرْآنِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ، وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.
وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُل التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ .. وَذَكَرَهُ، وَفِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ فَقَدْ سَلَّمْتُمْ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ ليَتَخَيَّر مِن الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: عَلَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ التَّشَهُّدَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُعَلِّمَهُ النَّاسَ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ .. وَذَكَرَهُ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ أَصَحُّ حَدِيثٍ فِي التَّشَهُّدِ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِن الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ.
775- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِن الْقُرْآنِ، فَكَانَ يَقُولُ: التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ كَذَلِكَ، لَكِنَّهُ ذَكَرَ السَّلَامَ مُنْكَرًا، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ كَمُسْلِمٍ، لَكِن قَالَ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ والشَّافِعِيُّ بِتَنْكِيرِ السَّلَامِ، وَقَالَا فِيهِ: وَأَنَّ مُحَمَّدًا، لَمْ يَذْكُرَا: أَشْهَدُ، وَالْبَاقِي كَمُسْلِمٍ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ كَذَلِكَ، لَكِنْ بِتَعْرِيفِ السَّلَامِ، وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ كَمُسْلِمٍ، لَكِنَّهُ نَكَّرَ السَّلَامَ وَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
بَابٌ فِي أَنَّ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ فَرْضٌ
776- عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نَقُولُ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْنَا التَّشَهُّدُ: السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَقُولُوا هَكَذَا، وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ .. وَذَكَرَهُ. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ. وهذا يدل على أنه فرض عندهم.
777- وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: "لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ إلَّا بِتَشَهُّدٍ" رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي "سُنَنِهِ"، وَالْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ".
الشيخ: هذه الأحاديث في التَّشهد: حديث ابن مسعود هو أصحّها وأكملها، وقد علَّمهم النبيُّ ﷺ التَّشهد كما يُعلِّمهم القرآن، كما في حديث ابن عباس، وحديث ابن مسعود: "كفِّي بين كفَّيه"؛ للمُبالغة في التعليم، وقد جاء في ألفاظه شيء من الاختلاف لا يضرُّ: في بعضها "سلام" تنكير سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام على عباد الله الصَّالحين، في بعض روايات حديث ابن عباس بالتنكير، وفي حديث ابن مسعود بالتعريف: السلام عليك أيها النبي، وهو أكمل وأفضل، وفي بعضها: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، كما في حديث ابن مسعودٍ وبعض روايات حديث ابن عباس، وفي بعضها: وأن محمدًا رسول الله، فلا بأس، كله صحيح.
فمَن قال: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنَّ محمدًا رسول الله" كذلك صحيح، وإذا قال: "وأن محمدًا عبده ورسوله" كان أكمل كما في حديث ابن مسعودٍ وبعض روايات حديث ابن عباس؛ لأنَّ الجمع بين العبودية والرسالة أكمل في الرد على الخصوم من الغُلاة والجفاة، فإنَّ الغلاة ردَّ عليهم بأنه عبدالله، ليس بإلهٍ كما يفعله الوثنيون والصُّوفيون الذين يعبدونه، ويسألونه قضاء الحاجات، ويستغيثون به، ويجعلون له إلهًا، نسأل الله العافية، وهكذا يفعلون مع شيوخهم، ومع ناسٍ كثيرين: كعلي والحسين والبدوي وفلان وفلان، ونحو ذلك، هؤلاء ألَّهُوهم وأفرطوا وغلوا، وما جعلوهم عبيدًا، جعلوهم آلهةً.
وفي شهادة أنه رسول الله ردّ على المفرطين الجُفاة الذين أعرضوا عن شريعته ولم يحكموها، ولم ينقادوا لأمره، فهم جافون مُعرضون بين كافرٍ، وبين ناقص الإيمان، والحق جاء بين الأمرين: أنه عبدالله، وأنه رسول الله، عبدالله لا يُعبَد، وعبدالله من عبيد الله، ليس بإلهٍ، وقد وصفه الله بهذا في آيات كثيرات من كتابه العظيم؛ ليعلم الناس أنه ليس بإلهٍ، وأنه عبد كما قال جلَّ وعلا: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ [الإسراء:1] يعني: محمدًا عليه الصلاة والسلام، وقال في سورة الكهف: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ [الكهف:1] يعني: محمدًا، قال في سورة البقرة: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا [البقرة:23]، وقال في سورة الجن: وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ [الجن:19]، فهو عبدالله ليس بإلهٍ، بل خلقه الله من أنثى وذكر، من عبدالله أبيه، ومن أمه آمنة، كما خلق الناس من ذكرٍ وأنثى، فلا يجوز لأحدٍ أن يعبده، ولا أن يغلو فيه، أو يعتقد أنه يعلم الغيب، أو أنه يسأل قضاء الحاجات وتفريج الكروب وما أشبه مما يفعله عبادُ الأوثان، وهم الغُلاة المفرِّطون.
وليس أيضًا كسائر الناس، بل هو رسول يحمل وصف الرسالة، فيجب أن يُعظَّم التعظيم الذي يليق به: من اتِّباع شرعه، ومحبته، والانقياد لأمره، وتقديم هديه على هدي الناس؛ لأنه رسول مرسل إلى الناس، فيجب اتِّباعه والانقياد لما جاء به عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا قال تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]، فالعلامة على صدق محبَّة الله والإيمان بالله اتِّباع الرسول عليه الصلاة والسلام، وفي الحديث: إذا قلتَ: السلام على عباد الله الصالحين، فقد أصابت كلَّ عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض يعني أنَّ هذه الدعوة تعمّ الصالحين من الملائكة ومن بني آدم ومن الجن: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" دعاء للجميع، تُسلِّم على نفسك وعلى كل عبدٍ صالحٍ في السماء والأرض، من جنٍّ وإنسٍ وملائكةٍ.
والسلام دعاء، "السلام عليك أيها النبي" تدعو للنبي بالسلامة والرحمة والبركة؛ لأن السلام معناه السلامة، وقال آخرون: معنى السلام: حلَّت عليكم بركة السلام من الله .
ومَن قال: تدعو له بالسلامة والرحمة والبركة معناها: أنك قلت السلام، يعني سلامًا، يعني السلام المعروف الذي هو ضد العطب، وضد الهلاك، عليك أيها النبي معه الرحمة ومعه البركة، تدعو للنبي ﷺ بالرحمة والبركة والسلامة، ثم تدعو لعباد الله الصالحين، وتدعو لنفسك: "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" يعني: السلامة علينا، أو السلام كله الذي هو العافية من كل سوءٍ علينا وعلى عباد الله الصالحين، وهذا قوله: فقد أصابت يُبين هو أنَّ المراد منها أنها دعاء، أن هذا الكلام دعاء بالسلامة والرحمة والبركة والعافية.
ومَن قال أنه اسم الله، معناه: حلَّت بركة هذا الاسم عليكم أيها الصالحون، وعليك أيها النبي.
ثم قوله: "أشهد" الإيذان الجازم، "أشهد" يعني شهادة تكون عن علمٍ، وعن يقينٍ، وعن صدقٍ، فإذا قال: "أشهد" معناه: أني أعلم أنك رسول الله، وأعلم أنَّ الله لا معبودَ بحقٍّ سواه، و"أشهد أن لا إله إلا الله" يعني: أعلم وأتيقن عن صدقٍ وإيمانٍ أنه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله، وأعلم عن يقينٍ وصدقٍ أنَّ محمدًا عبدالله ورسوله.
وفي بعض الروايات -رواية ابن عباس- زيادة "المباركات"، حديث ابن مسعود: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله هذا أصح حديث في التَّشهد، رواه الجماعة وغيرهم، وعليه أكثر أهل العلم؛ لكونه أثبت الأحاديث في ذلك، وزاد في رواية ابن عباس: "المباركات"، "التحيات المباركات"، وهي ثابتة، فإذا قالها الإنسانُ بعض الأحيان فلا بأس، حسن؛ جمعًا بين الروايات، وفي بعض روايات أبي موسى: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، فإذا زاد بعض الأحيان قال: "وحده لا شريك له" فحسن، وإذا قال: "وأنَّ محمدًا رسول الله" فلا بأس، لكن "أنَّ محمدًا عبده ورسوله" أكمل.
وفي حديث ابن مسعودٍ الثاني أن هذا فرض، قال: "كنا نقول قبل أن يُفرض علينا التَّشهد"، دلَّ على أنه مفروض، وقوله: فليقل أحدُكم فليقل إذا قال ..... يُفيد الفرض؛ لأنَّ هذا أمر، والأمر أصله للوجوب، وفي حديث عمر: لا تُجزئ صلاة بغير تشهدٍ يعني يدل على فرضيَّته.
فالحاصل أن أحاديث التشهد كلها تدل على فرضية التشهد، وأنه لازم، وأنه لا بدّ منه، ولكنه في الركعتين الأوليين أخفّ، في الركعتين الأوليين واجب يسقط بالسهو، أما التشهد الأخير فلا بدّ منه، فرض لا بدَّ منه، مَن تركه لا تصحّ صلاته، فلا بدَّ أن يأتي به، وإذا تركه سهوًا وسلَّم يعود ويأتي به ثم يسجد للسهو.
وجاء في بعض روايات عمر: "الزاكيات"، "التحيات لله ..... والزاكيات".
والقاعدة في مثل هذا وغيره أنه من باب اختلاف التنوع، فأي لفظٍ صحَّ عن النبي ﷺ وثبت جاز للمؤمن أن يقوله، فالاعتماد على الثبوت، فإذا ثبت فهو من اختلاف التنوع، مثل: الأذان والإقامة والاستفتاحات من باب اختلاف التنوع، فما صحَّ عن النبي ﷺ شُرع للمؤمن أن يقوله، وأن يعمله، ويستعمل أكثر ما صحَّ عنه أكثر، وما كان أثبت كان هو الأولى باللزوم أو بالاستمرار أكثر.
س: ............؟
ج: "سيدنا" ما وردت، لا، تركها أفضل، هو سيد ولد آدم، لكن لا يقال في التشهد، ولا في الأذان، فلم يرد، لا يقول المؤذنُ: أشهد أنَّ سيدنا محمدًا رسول الله؛ لأنه لم يرد، ولا في الإقامة، وإن كان هو سيد ولد آدم، لكن العبادات توقيفية، وهكذا في التشهد لم يرد في شيء من الروايات قوله: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد"، بل يقول: "اللهم صلِّ على محمدٍ .." إلى آخره، ولو قال: "سيدنا محمد" لا حرج، لو قالها ما يضرُّ، لكن تركها أفضل؛ لأن الأفضل لزوم الرواية.
س: قول ابن مسعودٍ رضي الله عنه يقول: حينما كنا على عهد النبي ﷺ كنا نقول: "السلام عليك أيها النبي"، وحينما توفي كنا نقول: "السلام على النبي"؟
ج: لا، هذا من اجتهاد ابن مسعود، والنبي علَّمهم ولم يقل لهم هذا، النبي علَّمهم أنهم يقولون: السلام عليك أيها النبي، وهو يعلم أنه يموت عليه الصلاة والسلام، وهم يقولونه وهم غائبون: الذين في العراق، والذين في الشام، والذين في اليمن يقولون هذا وهم غائبون عنه، وهم في مكة وغيرها، فالأفضل أن يقول كما علَّم النبيُّ ﷺ: السلام عليك أيها النبي، هكذا، وإذا قال: "السلام على النبي" كما قال ابنُ مسعودٍ فلا بأس، لكن السنة الألفاظ التي علَّمها النبيُّ أصحابه أولى، أولى من اجتهاد ابن مسعودٍ.
س: ...............؟
ج: "سلام" من دون ألف ولام، "سلام" يُسمَّى: نكرة، "سلام" نكرة، "السلام" بالتعريف هذا معرف، رجل منكر، الرجل معرف.
س: في العالمين إنك حميد مجيد أو ..؟
ج: هذه في الصلاة على النبي ﷺ، هذه ما هي في التشهد، في الصلاة على النبي ﷺ، إذا قال: "في العالمين" لا بأس، جاء في رواية أبي مسعود: "اللهم صلِّ محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما صليتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركتَ على آل إبراهيم في العالمين ..".
س: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له؟
ج: جاءت الرواية إذا قالها بعض الأحيان، تارةً يقولها ..... مثلما جاء في الأحاديث الصحيحة، جاء ذكرها، وجاء تركها، كله جائز.
س: .............؟
ج: ...... يتعلَّمها، إذا ما عرفها يقولها بلغته حتى يتعلَّمها بعد ذلك، لا زال يتعلَّمها كما يتعلَّم الفاتحة وغيرها.
س: البركة "وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ"؟
ج: البركة عامَّة: بركة في أعماله، وفي أقواله، وفي ثوابه، وفي كل شيءٍ، البركة عامَّة.
بَابُ الْإِشَارَةِ بِالسَّبَّابَةِ وَصِفَةُ وَضْعِ الْيَدَيْنِ
778- عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَنَّهُ قَالَ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "ثُمَّ قَعَدَ فَافْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ وَرُكْبَتِهِ الْيُسْرَى، وَجَعَلَ حَدَّ مِرْفَقِهِ الْأَيْمَنِ عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ قَبَضَ ثِنْتَيْنِ مِنْ أَصَابِعِهِ، وَحَلَّقَ حَلْقَةً، ثُمَّ رَفَعَ أُصْبُعَهُ، فَرَأَيْتُهُ يُحَرِّكُهَا يَدْعُو بِهَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد.
779- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَفَعَ إصبعه الْيُمْنَى الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ فَدَعَا بِهَا، وَيَدُهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ، بَاسِطُهَا عَلَيْهَا".
وَفِي لَفْظٍ: "كَانَ إذَا جَلَسَ فِي الصَّلَاةِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَقَبَضَ أَصَابِعَهُ كُلَّهَا، وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ، وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى". رَوَاهُمَا أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ
780- عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَنَحْنُ فِي مَجْلِسِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ : أَمَرَنَا اللَّهُ أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك؟ قَالَ: فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى تَمَنَّيْنَا أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَالسَّلَامُ كَمَا قَدْ عَلِمْتُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَلِأَحْمَدَ فِي لَفْظٍ آخَرَ نَحْوُهُ، وَفِيهِ: فَكَيْف نُصَلِّي عَلَيْك إذَا نَحْنُ صَلَّيْنَا فِي صَلَاتِنَا؟
781- وَعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِمْنَا -أَوْ عَرَفْنَا- كَيْفَ السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عليك؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، إلَّا أَنَّ التِّرْمِذِيَّ قَالَ فِيه عَلَى إبْرَاهِيمَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: وَلَمْ يَذْكُر آلَهُ.
782- وَعَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: عَجِلَ هَذَا، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، ثُمَّ لِيَدْعُ بَعْدُ مَا شَاءَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وفيه حُجَّة لمَن لا يرى الصلاةَ عليه فرضًا؛ حيث لم يأمر تاركها بالإعادة، ويعضده قوله في خبر ابن مسعودٍ بعد ذكر التَّشهد: ثم يتخيَّر من المسألة ما شاء.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.
في هذه الأحاديث الدلالة على شرعية الإشارة بالإصبع في التَّحيات إذا جلس، ومن السنة أن يُشير بإصبعه السبَّاحة، وهي التي تلي الإبهام، كان النبيُّ ﷺ إذا جلس في التَّشهد فرش رجله اليسرى، ونصب اليمنى، ووضع يمينه على فخذه اليمنى، ويساره على فخذه اليسرى، وربما وضعها على الركبة ..... عليه الصلاة والسلام، وكان يُشير بإصبعه السباحة ويقبض أصابعه كلها، كما في حديث ابن عمر، وربما حلَّق الإبهام مع الوسطى، وقبض الخنصر والبنصر، وأشار بالسبابة، كما في حديث وائل، وكان يُشير بها للتوحيد؛ ولهذا لما أشار سعد بالثنتين قال: أحِّدْ، أحِّدْ، لما أشار سعد بن أبي وقاص بالثنتين قال: أحِّدْ، أحِّدْ؛ لأنها إشارة إلى توحيد الله، وأنه الواحد الأحد المستحق للعبادة ، فيقول هكذا قابضًا لأصابعه، مُشيرًا بالسباحة، وفي حديث وائل هكذا: يُحلِّق الإبهام مع الوسطى، ويقبض الخنصر والبنصر، ويُشير بالسبابة، فالسبابة واقفة في التشهد الأول والأخير.
وجاء في حديث وائل تحريكها، وفي حديث ابن عمر ليس فيه تحريك، وهكذا في الأحاديث الأخرى: كحديث ابن الزبير ليس فيه تحريك، قال وائل: "ورأيتُه يُحرِّكها يدعو بها"، فإن حرَّكها عند الدعاء كما في حديث وائل فلا بأس؛ لأنَّ حديث وائل لا بأس به، حسن، وإن كان حديثُ ابن عمر أصحَّ منه، ولكنه لا بأس به، فإذا حرَّكها بعض الأحيان عند الدعاء؛ عملًا بحديث وائل، جمعًا بين النصوص كلها.
أما كونها واقفة ويُشير بها بالتوحيد فهذا من حين يجلس إلى التَّشهد إلى أن يُسلِّم وهي واقفة وقوفًا ليس بكاملٍ، هكذا فيه شيء من الانحناء، كما في رواية النَّسائي.
فالسنة أن يُشير بالسباحة دائمًا حتى يُسلِّم، وإذا حرَّكها عند الدعاء فحسن، وفي رواية وائل: "وضع مرفقه على فخذه"، والظاهر أنه تصحيف، والمراد كفّه: "وضع كفَّه على فخذه" كما في رواية ابن عمر وغيره، فالكفُّ يُوضَع على الفخذ، ليس المرفق، ويحتمل أنَّ وائلًا سمَّى الكفَّ مِرْفَقًا؛ لأنه يرتفق به هكذا، وهو نوع من الارتفاق؛ ولهذا جاءت الأحاديثُ الكثيرة كلها دالة على أنه يضع كفَّه على فخذه، لا مرفقه، الصواب أن قوله "مرفقه" إما أنه يُراد به الكفّ كما يُوافق الأحاديث الأخرى، وإما [أن] يكون تصحيفًا من بعض الروايات لمن أطلق المرفق على الكفِّ، والمحفوظ أنه يضع كفَّه لا مرفقه، كفَّه على فخذه اليمنى هكذا، ويُشير بالسبابة، واليسرى يبسطها على ركبته، أو على فخذه، وجاء عنه في ذلك ثلاث حالات: إحداها: على فخذه، الثانية: على ركبته، والثالثة: على فخذه، وأطراف الأصابع على ركبته، وكلها سنة إذا فعل، أو هذا كله ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام، أما السنة في اليمين فهو أن يقبض أصابعه كلها، ويُشير بالسبابة، أو يُحلِّق الإبهام مع الوسطى ويُشير بالسبابة، وإذا فعل هذا تارةً وهذا تارةً عملًا بالأحاديث كلها كان حسنًا.
وفي الأحاديث الأخيرة -حديث أبي حميد وكعب وفضالة- الدلالة على شرعية الصلاة على النبي ﷺ في التَّشهد، وأنه يُشرع له أن يُصلي على النبي ﷺ في التَّشهدين الأول والآخر؛ لأنه ﷺ لم يفصل لما سألوه قالوا: قد علمنا كيف نُسلم عليك، فكيف نُصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ .. إلى آخره، فلم يقل في التَّشهد الأول ولا في الأخير، فدلَّ ذلك على شرعيته في التَّشهدين جميعًا بعدما يقول: "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله"، وهو في الأخير آكد؛ لأنه محل الدعاء، والسنة أن يُصلي على النبي ﷺ بعد الثناء حتى يكون هذا من أسباب إجابة الدعاء، والدعاء يكون في الأخير، فدلَّ على تأكُّده في الأخير؛ لأنه يكون بعده الدعاء.
وفي حديث فضالة بن عبيد الأمر بذلك، وأنه يُصلي على النبي ﷺ بعد الثناء، ثم يدعو، وأن هذا من أسباب الإجابة، فدلَّ ذلك على تأكده في التشهد الأخير، أما في الأول فهو مُستحبٌّ.
وذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنه لا يُستحب في الأول، إنما يقوم عند الفراغ من الشَّهادتين، والأول أولى، وهو أنه يُستحب له أن يُصلي على النبي ﷺ في التَّشهد الأول؛ لعموم الأخبار عن النبي ﷺ، ولكنه في التشهد الأخير يتأكَّد.
وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنه واجب التشهد الأخير، ويجبره بسجود السهو إذا تركه ناسيًا.
وذهب آخرون من أهل العلم إلى أنه ركن، الصلاة على النبي ﷺ ركن، كما هو معروف في مذهب الحنابلة: أنه ركن؛ لأن الرسول ﷺ أمر بذلك، فدلَّ ذلك على وجوب الصلاة على النبي ﷺ في التشهد الأخير.
وبكل حالٍ هو موضع خلافٍ، أقوال ثلاثة: السنية، والوجوب، والركنية -التشهد الأخير- فينبغي للمؤمن ألا يدع الصلاةَ على النبي ﷺ في التشهد الأخير؛ خروجًا من الخلاف، وحفاظًا على السنة، وعملًا بأمره عليه الصلاة والسلام في ذلك.
ويُصلي على النبي ﷺ بإحدى الصفات الواردة، وقد وردت صفات في الصلاة على النبي ﷺ متعددة، فأيّها فعلها المؤمن حصل به المطلوب، فثبت عنه ﷺ أنه قال: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على آل إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.
وثبت عنه ﷺ أنه ذكر الآلَ في الموضعين جميعًا، كما رواه البخاري ومسلم: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، هذا ثابتٌ من حديث كعب بن عجرة.
وثبت عنه ذكر إبراهيم بدون آل، كل ذلك صحيح وثابت، فإذا أتى بواحدةٍ من هذه الصِّفات فقد فعل المشروع، ولكن الأكمل أن يأتي بها كاملةً، هذا هو الأكمل: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما باركتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، هذا أكمل ما ورد، وأتم ما ورد في هذا من رواية كعب بن عجرة رضي الله عنه.
وفي حديث أبي حميدٍ: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى أزواجه وذُريته، كما صليتَ على آل إبراهيم، وبارك على محمدٍ وعلى أزواجه وذريته، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد رواه الشيخان من حديث أبي حميدٍ الساعدي، وكلها ألفاظ ثابتة صحيحة، فأي واحدةٍ منها أتى بها المؤمنُ في صلاته فقد فعل المشروع. والله ولي التوفيق.
س: إذا كانت السبابة مقطوعةً، إذا كان الأصبع هنا أصبعًا مقطوعًا ..؟
ج: الظاهر والله أعلم أنه إذا أشار بالوسطى أو بالإبهام فكله خير إن شاء الله، المقصود الإشارة إلى التوحيد، فإذا أشار بما بقي منها كفى، إذا كان بقي منها شيء وأشار بالباقي كفى.
س: "في العالمين" واردة؟
ج: ثابتة في الصحيح "صحيح مسلم".
س: قوله: أحِّدْ، أحِّدْ؟
ج: يعني يُشير بواحدةٍ، ما يقول هكذا، يعني إشارة إلى الوحدانية.
س: ما هو ..... أشهد أن لا إله إلا الله؟
ج: المقصود وحدانية ..... كثيرون، صار ربًّا جلَّ وعلا واحدًا: أشهد أن لا إله إلا الله وحدانية.
س: .............؟
ج: ..... على الفخذ، والأطراف على الركبة.
س: .............؟
ج: ما بلغني فيه شيء.
س: قول مَن قال: وحد مرفقه الأيمن على اليمنى، قال: المعنى أنه لا يُجافي؟
ج: الظاهر أنَّ المراد به الكفّ، أراد به الكف؛ لأنه يُوافق الأحاديث الصحيحة؛ ولأن وضعه هكذا يحصل فيه بعض الانحناء، ويحصل خروج اليد عن وضعها على الفخذ، ترتفع، ما يُوافق الأحاديث الصحيحة، والظاهر أنه وهم من بعض الرواة، أو أراد به الكفّ؛ لأنه نوع ارتفاع، وضع الكفّ نوع ارتفاق.
س: ما يقال: إنه شاذّ؟
ج: يحتمل، قد يُقال هذا، لكن كونه يحمل على المحمل الحسن أولى من الشُّذوذ.
س: مَن لبس الشراب بعد العصر وأحدث بعد العشاء وأول مسح في الفجر؟
ج: يبدأ المسح من الفجر.
س: الحساب من الفجر؟
ج: نعم، مبدأه من الفجر حين .....
بَابُ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تَفْسِيرِ آلِهِ الْمُصَلَّى عَلَيْهِمْ
783- عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
784- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْتَالَ بِالْمِكْيَالِ الْأَوْفَى إذَا صَلَّى عَلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ، وَأَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَذُرِّيَّتِهِ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
باب ما يدعو به في آخر الصَّلاة
785- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا فَرَغَ أَحَدُكُمْ مِن التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ فَلْيَتَعَوَّذ اللَّهَ مِنْ أَرْبَعٍ: مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالتِّرْمِذِيَّ.
786- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا، وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِن الْمَغْرَمِ وَالْمَأْثَمِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.
بَابُ جَامِعِ أَدْعِيَةٍ مَنْصُوصٍ عَلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ
787- عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : أَنَّهُ قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ: عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ فِي صَلَاتِي، قَالَ: قُل: اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وَلَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدك، وَارْحَمْنِي إنَّك أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
788- وَعَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْقَعْقَاعِ قَالَ: رَمَقَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ يُصَلِّي، فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، وَوَسِّعْ لِي فِي دَارِي، وَبَارِكْ لِي فِيمَا رَزَقْتَنِي رَوَاهُ أَحْمَدُ.
789- وَعَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُك شُكْرَ نِعْمَتِك، وَحُسْنَ عِبَادَتِك، وَأَسْأَلُك قَلْبًا سَلِيمًا، وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُك مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُك لِمَا تَعْلَمُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
790- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد.
791- وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ : أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً فَأَوْجَزَ فِيهَا، فَأَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَالَ: أَلَمْ أُتِمَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَمَا إنِّي دَعَوْتُ فِيهَا بِدُعَاءٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَدْعُو بِهِ: اللَّهُمَّ بِعِلْمِك الْغَيْبَ، وَقُدْرَتِك عَلَى الْخَلْقِ، أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي، أَسْأَلُك خَشْيَتَك فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَلَذَّةَ النَّظَرِ إلَى وَجْهِك، وَالشَّوْقَ إلَى لِقَائِك، وَأَعُوذُ بِك مِنْ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَمِنْ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ.
792- وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: لَقِيَنِي النَّبِيُّ ﷺ فَقَالَ: إنِّي أُوصِيكَ بِكَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ فِي كُلِّ صَلَاةٍ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِك وَشُكْرِك وَحُسْنِ عِبَادَتِك رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد.
793- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَنَّهَا فَقَدَتِ النَّبِيَّ ﷺ مِنْ مَضْجَعِهَا، فَلَمَسَتْهُ بِيَدِهَا، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ سَاجِدٌ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهمَّ أَعْطِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، زَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ.
794- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا، وَفِي سَمْعِي نُورًا، وَفِي بَصَرِي نُورًا، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا، وَعَنْ شِمَالِي نُورًا، وَأَمَامِي نُورًا، وَخَلْفِي نُورًا، وَفَوْقِي نُورًا، وَتَحْتِي نُورًا، وَاجْعَلْ لِي نُورًا أَوْ قَالَ: وَاجْعَلْنِي نُورًا مُخْتَصَرٌ مِنْ مُسْلِمٍ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلِّم على رسول الله.
هذه الأبواب الثلاثة فيما يتعلق بتفسير آل النبي ﷺ وما يدعو به في آخر الصلاة، وما جاء من الأحاديث في الدَّعوات في الصلاة بعضها مطلق، وبعضها مُقيَّد في آخر الصلاة، أو في السجود، فينبغي للمؤمن أن يتحرى هذه الأدعية، وأن يحرص عليها، ويحفظ ما تيسر منها؛ حتى يستعملها كما استعملها النبيُّ عليه الصلاة والسلام؛ تأسيًا به عليه الصلاة والسلام.
في الحديث الأول -حديث أبي حميد- الدلالة على أن آل النبي هم أزواجه وذريته، والحديث متفق على صحَّته، بيَّن فيه ﷺ أن أزواجه وذريته: قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ، وعلى أزواجه، وذريته، ودلَّ على أن المراد بالآل الأزواج والذرية؛ لأنه في حديث أبي هريرة وفي حديث كعب بن عجرة وفي الأحاديث الكثيرة: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ.
واختلف الناس في معنى "آل": فقال قومٌ: معناه الأتباع، كما قال تعالى: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]. وقال بعضهم: معنى "الآل" الأصحاب، وصرح في حديث أبي حميدٍ بأنهم الأزواج والذرية، ولكنه لا يُنافي القول الآخر، فإن الأزواج والذرية هم خواصّ الآل، وهم الأتباع، فالمراد بالذرية يعني: الذرية المؤمنة التابعة للنبي ﷺ، وليس المراد كل مَن نسب إلى النبي ﷺ وإن خالف دينه، المراد مَن تابعه واتَّبع ما جاء به عليه الصلاة والسلام من ذريته وأزواجه، كلهن داخلات في ذلك، كلهن تقيَّات رضي الله عنهن وأرضاهن، ولكن لا يمنع ذلك من دخول الأتباع أيضًا، ويكون "آل" أعم وأشمل؛ ولهذا عبَّر النبيُّ ﷺ بهذا تارةً، وبهذا تارةً: قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما في حديث كعب بن عجرة وحديث ابن مسعودٍ وغيرهما، وفي حديث أبي حميد: قولوا: اللهم صلِّ على محمدٍ، وعلى أزواجه، وذريته، فلا منافاة، يكون نصَّ على أنَّ الأزواج والذرية من الآل، ولا يمنع دخول غيرهم من أتباعه ﷺ من بقية الصحابة؛ ولهذا قال في قصة فرعون: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ يعني: أتباعه.
وفيه من الفوائد: الحثُّ على الدعاء في آخر الصلاة، وأن الأخص في ذلك التَّعوذ بالله من أربعٍ: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال، كان النبيُّ يفعل ذلك، يدعو بهنَّ، ويأمر بذلك، كما في رواية مسلم: فليستعذ بالله من أربعٍ، فأمره بذلك، واعتياده هذا ومحافظته عليه يدل على تأكُّده، فينبغي للمؤمن في الصلاة أن يختمها بهذا الدعاء في التشهد الأخير، كان طاووس التابعي الجليل يأمر ولده إذا تركها أن يُعيد، وهذا يظهر منه أنه يرى وجوبها، والجمهور من أهل العلم كالأئمة الأربعة وغيرهم على أنها سنة مؤكدة هذه الدَّعوات في آخر الصلاة.
هكذا الدعاء الذي علَّمه النبيُّ ﷺ مُعاذًا: اللهم أعنِّي على ذكرك وشُكرك وحُسن عبادتك، وفي بعض الروايات أنه قال: لا تدعن دبر كل صلاةٍ.
وهكذا: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقَّه وجلَّه، وأوله وآخره في السجود، يدعو في السجود عليه الصلاة والسلام.
أما رواية الصديق: اللهم إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا هذا عام في الصلاة كلها، يدعو به في السجود في آخر التَّحيات في بيته، كما في رواية مسلم: في صلاتي، وفي بيتي، يدعو به وهو واقف، يمشي، في مجالسه، في أي حالٍ، دعاء عام.
هكذا الدَّعوات الأخرى التي جاء فيها إطلاق في الصلاة دعاء عام، فإذا دعا بها في الصلاة وهي مطلقة كذلك في السجود، أو في آخر التَّحيات، حديث شداد: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد .. إلى آخره، حديث عمار: اللهم بعلمك الغيب .. إلى آخره، دعوات عظيمة.
فطالب العلم وكل مؤمن يحرص على أن يحفظ ما تيسر من هذه الدَّعوات التي يرجو الله أن يتقبَّلها منه.
وفَّق الله الجميع.
بَابُ الْخُرُوجِ مِن الصَّلَاةِ بِالسَّلَامِ
795- عَن ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
796- وَعَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "كُنْتُ أَرَى النَّبِيَّ ﷺ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ خَدِّهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.
797- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قُلْنَا: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى الْجَانِبَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عَلَامَ تُومِئُونَ بِأَيْدِيكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟! إنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ، ثم يُسَلِّم عَلَى أَخِيهِ مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ.
وَفِي رِوَايَةٍ: كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ يُسَلِّمُونَ بِأَيْدِيهِمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ؟! إنَّمَا يَكْفِي أَحَدَكُمْ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ ثُمَّ يَقُول: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
وهو دليل على أنه إذا لم يقل: "ورحمة الله" أجزأه.
798- وَعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ: "أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ نُسَلِّمَ عَلَى أَئِمَّتِنَا، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ". رَوَاهُ ابن ماجه، وَأَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ: "أُمِرْنَا أَنْ نَرُدَّ عَلَى الْإِمَامِ، وَأَنْ نَتَحَابَّ، وَأَنْ يُسَلِّمَ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ".
799- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: حَذْفُ السلام سُنَّةٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مَوْقُوفًا وَصَحَّحَهُ.
قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَعْنَاهُ أَنْ لَا يُمَدَّ مَدًّا.
بَابُ مَن اجْتَزَأَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ
800- عَنْ هِشَامٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَبِي أَوْفَى وسَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا أَوْتَرَ بِتِسْعِ رَكَعَاتٍ لَمْ يَقْعُدْ إلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَحْمَدُ اللَّهَ، وَيَذْكُرُهُ، وَيَدْعُو، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يُصَلِّي التَّاسِعَةَ فَيَجْلِسُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَدْعُو، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَلَمَّا كَبُرَ وَضَعُفَ أَوْتَرَ بِسَبْعِ رَكَعَاتٍ، لَا يَقْعُدُ إلَّا فِي السَّادِسَةِ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلِّمُ فَيُصَلِّي السَّابِعَةَ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ: "ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، ويَرْفَعُ بِهَا صَوْتَهُ حَتَّى يُوقِظَنَا".
801- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَفْصِلُ بَيْنَ الشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِتَسْلِيمَةٍ يُسْمِعُنَاهَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ.
الشيخ: الحمد لله، اللهم صلِّ على رسول الله.
أما بعد: فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالسلام، وقد استقرت السنةُ بذلك، بأن السلام فرض في الصلاة؛ لأنَّ النبي ﷺ حافظ عليه وقال: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي، وكان يبدأها بالتكبير، ويختمها بالتسليم كما في حديث عائشة، فالواجب أن يُسلِّم، وقال: لا يخرج منها إلا بالسلام، والسلام أن يقول: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، كما في حديث ابن مسعودٍ وسعد وجابر بن سمرة.
أما الرواية الأخرى: السلام عليكم، السلام عليكم رواية أحمد، فلا تدل كما قال المؤلفُ على الاكتفاء؛ لأنها إشارة، والأحاديث الصريحة مقدَّمة على الأحاديث التي فيها الاختصار والإجمال، والزيادة من الثقة يجب الأخذ بها واعتمادها، لا سيما وهم جماعة.
فالحاصل أن الثابت أن السلام يكون بلفظ "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، كما هو العمل؛ لثبوته عن النبي ﷺ في الأحاديث الصحيحة، أما تسليمة واحدة فقد روتها عائشة في الوتر، ورواها ابن عمر أيضًا، ولكنها أحاديث مضطربة، فيها اختلاف كثير بين أهل العلم، والراجح عند أهل العلم شذوذها وعدم صحَّتها، وأن الثابت تسليمتان، هذه هي الأحاديث الثابتة، وما سوى ذلك فهو شاذٌّ لا يُعوَّل عليه؛ لعدم صحَّته، ولو صحَّ فهذا في الوتر خاصة، ويُحمل على أنه كان يُسمعهم التَّسمية الأولى لينتبهوا، ويُخفي الثانية، لو صحَّ -كما ذكر- ما جاء عن عائشة وابن عمر فهو محمول على أنه كان يُسمعهم واحدةً، ولا يرفع صوته بالأخرى، مع أن الأحاديث الصحيحة كلها دالة على أنه لا بدّ من تسليمتين، ويقول فيهما: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، وهذا هو المعتمد عند أهل العلم، والاقتصار على واحدةٍ ليس بثابتٍ، بل هو شاذٌّ ضعيفٌ غير صحيحٍ، ولو صحَّ لكان محمولًا على أنه كان يُسمعهم إياها، ولا يقتصر عليها، ثم هو في الوتر لا في الفريضة؛ لأنه جاء في الوتر خاصة، لا في الفريضة.
وذكر مسلم رحمه الله من حديث عائشة: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يبدأ الصلاة بالتكبير، ويختمها بالتسليم.
وجاء في بعض الروايات: وبركاته من حديث وائل، ولكن في سندها مقال ..... علقمة بن وائل، قال بعضهم: لم يسمع من أبيه. وقال بعضهم: سمع من أبيه. وجزم جماعةٌ أنه لم يسمع من أبيه، وجاء في "صحيح مسلم" في بعض المواضع أنه سمع من أبيه، فروايته عن أبيه زيادة: وبركاته محل نظرٍ، سمعها أو لم يسمعها، فتُقدم عليها الأحاديث الصحيحة التي فيها الاقتصار على ورحمة الله؛ لأنَّ هذا هو الشيء الثابت المعتمد، والأفضل الاقتصار على ما جاءت به الأحاديث الصحيحة من ورحمة الله.
س: ..... إذا اقتصر على ..... هل تصحُّ؟
ج: ..... عند الجمهور صحَّت الصلاة، ولكن ينبغي على المؤمن ألا يقتصر عليها، على المؤمن أن يعتمد .....، فإذا اقتصر عليها ولم يأتِ بها فالإعادة أولى وأحوط من باب الأخذ بالحيطة للدين، وإلا فالأحاديث صحيحة في التَّسليمتين، فينبغي له ألا يتساهل في هذا، فهي أحاديث ضعيفة لإعادة الوتر فقط.
س: الجمهور اعتمدوا على الروايات هذه؟
ج: كأنه ..... إطلاق التَّسليم كما في حديث عائشة وما جاء في معناه من إطلاق التسليم، ولعلهم –يعني- اعتضدوا أيضًا برواية عائشة هذه، وإن كان فيها ضعف، ..... ضعيفة.
س: الالتفاف هل يجب أو سنة؟
ج: نعم؟
س: الالتفاف عند السلام؟
ج: سنة مستحبَّة، إذا سلَّم ولم يلتفت أجزأه.
س: مَن يفصل يقول: يُسلم أمامه، ثم يقول: وعليكم ورحمة الله ..؟
ج: لا، السنة [أن] يلتفت للسلام كله، السنة أن يلتفت له، السلام عن يمينه، وعن شماله، هذا هو الثابت في الأحاديث الصَّحيحة.
س: حذف الذي فسره ابنُ المبارك بأنه ..؟
ج: نعم؟
س: أقول: حذف السلام سنة؟
ج: وحذف السلام كذلك من رواية أبي هريرة معناه عدم تطويله، وهو حديث لا بأس به، قال فيه الترمذي رحمه الله: حسن صحيح، رواه أبو داود والترمذي وأحمد، قال الترمذي: حسن صحيح، وفي إسناده قرة بن عبدالرحمن المعافري، ضعَّفه بعضهم، قال في "التقريب": صدوق له مناكير. ولكن روايته هذه قال فيها الترمذي رحمه الله أن العمل عليها عند أهل العلم، وعدم تطويل السلام، بل يحذفه: "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"، لا يمد، قال ابن سيد الناس: إنه إجماع أهل العلم، لا نعلم فيه خلافًا بين أهل العلم أن السنة عدم التطويل، وهكذا في التكبير يجزم: "الله أكبر، الله أكبر"، لا يمد: اللاااااه أكبر، لا، يحذف، يُخفف، وهكذا جاء عن إبراهيم النخعي رحمه الله، وهو قول أهل العلم: عدم المدّ في هذه الأمور، بل يحذفها حذفًا ويُخفف.
وأما قول ابن تيمية: وقفه. يعني: حذف السلام سنة؛ لأن في رواية أبي داود قال: قال رسول الله ﷺ. والمحفوظ أنه قال: "حذف السلام سنة" عن أبي هريرة، سنة، موقوفًا في اللفظ، ولكن في المعنى مرفوع؛ لأنَّ قول الصحابي: "من السنة" الصحيح عند الجمهور أنها سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
س: الالتفات في التَّسليم هل يكون يسيرًا أو يكون ..؟
ج: حتى يُرى خدّه كما قال سعد: يلتفت حتى يُرى خدّه من خلفه، هكذا، يعني: يُبالغ في التَّسليم.
س: زيادة وبركاته؟
ج: شاذَّة، شاذَّة؛ لأن الرواية فيها نظر، فيها ضعف، والمحفوظ ورحمة الله كما في حديث ابن مسعودٍ، وسمرة بن جندب، وسعد بن أبي وقاص، الحاكم رحمه الله صحَّحها، ولكن في صحَّتها نظر؛ لأنها من رواية علقمة .....، رواية علقمة بالعنعنة عن أبيه، لم يسمعها؛ ولهذا قال ابنُ معين وجماعة: لم يسمع من أبيه. وقال آخرون: سمع من أبيه بعض الشيء . وجاء في بعض رواية مسلم أنه سمع من أبيه.
س: مُقتضى رواية علقمة هذه أن تكون وبركاته في التسليمة الأولى دون الثانية؟
ج: المحفوظ في الروايات وبركاته ..... فقط، لا يُزاد، لا في الأولى، ولا في الثانية، هذا هو الأفضل، هذا هو الأحوط.
س: بعضهم يحذف الألف واللام في "السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله"؟
ج: لا، السنة في التعريف السلام.
س: .............؟
ج: ما أعرف في رواية التوكيد، إنما جاءها التوكيد في قراءة التَّحيات: السلام عليك يا أيها النبي، السلام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، أما في التسليم من الصلاة ما أعرف أنه جاء فيها التوكيد، ولكن جاء فيها التعريف: السلام.
س: ...........؟
ج: فيه الحثُّ على إفشاء السلام والتَّحاب بين المسلمين وعدم التَّهاجر.
س: ............؟
ج: كذلك من السنة ألا يُشار بالأيدي عند السلام هكذا، يُسلم مع كون يديه على فخذيه، هذه السنة؛ ولهذا أنكر عليهم الإشارة بالأيدي وقال: كأنها أذناب خيل شُمْسٍ! يعني: يكفي المؤمن أن يضع يده على فخذه ويُسلِّم باللسان فقط، لا بالإشارة.
س: .............؟
ج: ما عليه .......
س: ...... وأراد أن يُسلِّم على الإمام؟
ج: يعني "السلام عليكم ورحمة" عام يعمّ الإمام والمأمومين جميعًا.
س: ............؟
ج: ..... يعني السلام أمر، مأمور بالسلام ..... فيُسلِّم على أخيه، وعلى إمامه، وعلى عباد الله الصالحين: السلام عليكم، السلام عليكم على الجميع.
بَابٌ فِي كَوْنِ السَّلَامِ فَرضًا
802- قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ.
وَعَنْ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَن الْحَسَنِ بْنِ الْحُرِّ، عَن الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ قَالَ: أَخَذَ عَلْقَمَةُ بِيَدِي فَحَدَّثَنِي أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ أَخَذَ بِيَدِهِ: وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِاللَّهِ فَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ فِي الصَّلَاةِ، ثُمَّ قَالَ: إذَا قُلْتَ هَذَا أو قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَك، إنْ شِئْتَ أَنْ تَقُومَ فَقُمْ، وَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ: الصَّحِيحُ أَنَّ قَوْلَهُ: "إذَا قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ قَضَيْتَ صَلَاتَك" مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَصَلَهُ شَبَابَةُ عَنْ زُهَيْرٍ، وَجَعَلَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَقَوْلُهُ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ مِمَّنْ أَدْرَجَهُ، وَقَدِ اتَّفَقَ مَنْ رَوَى تَشَهُّدَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى حَذْفِهِ.
الشيخ: وهذا يُبين لنا أنَّ السلام فرضٌ، وأنه لا بدّ منه في الصلاة، وأنه يخرج منها بالتسليم كما في حديث عليٍّ عند أهل السنن وأحمد: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، وكما تقدم في حديث سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وجابر بن سمرة وغيرهم أنه كان يختمها بالتسليم –تسليمتين- عليه الصلاة والسلام، وكما في حديث عائشة: "كان يختم الصلاة بالتسليم" رواه مسلم.
كل هذا يدل على أنها تُختم بالتسليم، أما ما وقع في بعض روايات ابن مسعود: إذا قلتَ هذا فإن شئتَ فقم، وإن شئتَ فاجلس هذا مثلما تقدم، مثلما ذكر الدارقطني وغيره مدرج، وليس من كلام النبي ﷺ، بل هو من كلام ابن مسعودٍ، وليس من كلام النبي ﷺ، والصواب أنه لا بدَّ من السلام كما صحَّت به الأخبار عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لا تنتهي الصلاة إلا بالسلام، وقد قال: صلوا كما رأيتُموني أُصلِّي عليه الصلاة والسلام، فلو خرج من الصلاة بغير السلام -بالكلام أو بالريح أو بغير ذلك- بطلت صلاته، فلا بدَّ من السلام.
والجمهور على أنه تسليمة واحدة تكفي، والتسليمتان سنة، والصواب أنهما فرض؛ لأنَّ الرسول ﷺ سلَّم تسليمتين وقال: خذوا عني مناسككم، فالواجب أن يُسلِّم تسليمتين، وقد تقدم لنا أن الروايات التي فيها تسليمة واحدة ضعيفة، كلها ضعيفة، ولو صحَّت فإنها لم ترد إلا في النافلة في صلاة الليل، ولكنها ضعيفة عند أهل العلم، شاذَّة، مخالفة للأحاديث الصَّحيحة.
بَابٌ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ
803- عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاتِهِ اسْتَغْفَرَ ثَلَاثًا وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْك السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.
804- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ، وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، قَالَ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُهِلُّ بِهِنَّ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.
805- وَعَنِ الْمُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الشيخ: وهذا يُبين لنا شرعية هذا الذكر، وأنه يُستحب للمؤمن إذا سلَّم من صلاة الفريضة أن يقول: "أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركتَ يا ذا الجلال والإكرام"، كما رواه ثوبان، وروت عائشة أيضًا أنه كان يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركتَ يا ذا الجلال والإكرام كما يأتي، وفي روايةٍ: تباركتَ ذا الجلال بدون ياء، وفي بعض الروايات الأخرى: يا ذا الجلال والإكرام.
فهذه سنة بعد كل فريضةٍ أن يقول هذا الإمامُ والمأمومُ والمنفردُ: "أستغفر الله" ثلاثًا، "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركتَ يا ذا الجلال والإكرام"، وكانوا يقولون: "السلام على الله من عباده" في التَّحيات، فنبَّههم النبيُّ على أنه لا يُقال: "السلام على الله"؛ لأنه هو السلام ، فيُقال: اللهم أنت السلام يعني: السالم من كل نقصٍ وعيبٍ، والمسلم لعباده، ومنك السلام يعني: السلام يُطلب منه جلَّ وعلا، هو الذي يُعطي السلام ، تباركت يا ذا الجلال والإكرام يعني: بلغتَ في البركة النهاية، ثم ينصرف الإمامُ كما يأتي إلى المأمومين بعد ذلك، إذا كان إمامًا ينصرف بعد هذا إلى المأمومين.
أما الاستغفار ثلاثًا وقوله: اللهم أنت السلام .. يأتي به وهو مُستقبل القبلة –الإمام- فإذا أتى بذلك انصرف قائلًا: "لا إله إلا الله" إلى جهة المأمومين على ما في حديث الزبير: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون بعد الفريضة، يقول النبيُّ هذا بعد الفريضة في كل صلاةٍ، هكذا رواه ابنُ الزبير كما في مسلم، كما عندكم هنا، والواو هنا غير موجودة في "صحيح مسلم" التي قبل "لا حول ولا قوة إلا بالله" ليس بالواو في نسخ مفردة، وفي نسخة الشرح أيضًا "لا حول ولا قوة" بدون ذكر الواو ..... وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة الواو عندك كأنها غلط من بعض الطُّبَّاع أو النُّسَّاخ.
كذلك قوله: "كان يُهِلُّ بهن" في مسلم باللامين: "يُهلل"، وهو غلط، هنا "يُهلل" باللامين، "يُهلل بهن" وهو الصواب؛ لأنه ما هو من باب الإهلال، من باب التَّهليل، من باب الذكر، والإهلال يُستعمل في التلبية، وهنا قال: "يُهلل بهن".
وفي حديث المغيرة مع حديث ابن الزبير زيادة: اللهم لا مانع لما أعطيتَ، ولا مُعطيَ لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدّ، ووافق ابن الزبير في لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، وزاد على ابن الزبير: اللهم لا مانع لما أعطيتَ، ولا معطي لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجد، منك الجد، فيُستحب أن يقول هذا أيضًا كما في حديث المغيرة، وحديث المغيرة متفق عليه، وحديث ابن الزبير في "صحيح مسلم".
فالسنة للمؤمن أن يقول هذا، للذكر والأنثى، في السفر والحضر، في الفرائض الخمس، يُستحب له أن يقول هذا في جميع الفرائض الخمس، سفرًا وحضرًا، ذكرًا وأنثى.
ويزيد في الفجر والمغرب: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يُحيي ويُميت، وهو على كل شيء قدير" عشر مرات، هذه تقال في المغرب والفجر كما صحَّت بهذا الأخبار في "السنن" وفي "مسند أحمد" عن عدة من الصحابة: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يُحيي ويُميت، وهو على كل شيء قدير" عشر مرات مع هذا، مع ما في حديث المغيرة وابن الزبير، ويكون ذلك بعد السلام، ويأتي بما يتعلق بالتَّسبيح.
أما اللهم لا مانع لما أعطيتَ فمعناه ظاهر: لا مانع لما أعطى الله ، ولا مُعطي لما منع الله، ولا ينفع ذا الجد، الجد: الغنى، هنا ...... والغنى والحظّ، وقال بعضهم: الجد بالكسر، والصواب الجد بالفتح، ولا ينفع ذا الغنى والحظّ غناه، بل الجميع فقراء إلى الله، كلهم فُقراء إلى الله ، وهذا معنى قوله تعالى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر:2]، فالأمر بيده جلَّ وعلا، وهو المتصرف بعباده كيف يشاء سبحانه.
س: يُكررها أكثر من مرة ..؟
ج: جاء مرة، وجاء ثلاث مرات كما في رواية النَّسائي وابن حميد وجماعة: ثلاث مرات لا إله إلا الله وحده .. ثلاث مرات، هذا أكثر ما جاء في الظهر والعصر والعشاء، أما الفجر والمغرب فجاء عشر مرات، زيادة حديث أبي أيوب وغيره عشر مرات، سوى ما قاله ابن الزبير والمغيرة.
س: الثلاث والعشر؟
ج: نعم؟
س: بعد قوله: "لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم لا مانع لما أعطيتَ"؟
ج: ماذا؟
س: يقول بعدها يعني؟
ج: عشر مرات: لا إله .....
س: ما تحسب الأولى؟
ج: لا، ما تُحسب ..... طمعًا في الخير.
س: وكذلك الثلاث في الظهر والعصر؟
ج: نعم.
س: العشر مرات ..؟
ج: إذا كان ..... الأخيرة.
س: جاء في التَّعاريف: "ولا رادَّ لما قضيتَ"؟
ج: هذا لا بأس به، لكن في بعض الروايات يسقط بعض "لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت"، مع إسقاط بعض الكلمات، فإذا زادها جاءت في بعض الروايات، لا بأس بها: "لا رادَّ لما قضيتَ" في غير الصحيحين.
س: وتعاليتَ؟
ج: ما أعرفها إلا في الاستفتاح ..... فيه "تباركت وتعاليت" معناها صحيح، لو جاء مع اعتراض لا بأس، لكن لم ترد، لا أعلم ..... ولا في رواية عائشة بعد السلام، إنما جاءت في رواية علي في ذكر الاستفتاح قال: "لبيك وسعديك ..... تباركتَ وتعاليتَ".
س: الواو في "ولا حول ولا قوة إلا بالله" ما جاءت ..؟
ج: في "صحيح مسلم" ما فيها واو، راجعناها في البارحة، ليس فيها واو، لا في المتن المفرد، ولا في متن الشرح.
س: ..... أحمد أو عند أبي داود والنَّسائي؟
ج: ما راجعتُه، الذي عندك رواه مسلم .....
الطالب: رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنَّسائي؟
الشيخ: قد يكون، يُراجع قد يكون، أما مسلم ما فيه.
س: التكبير بعد الصلاة؟
ج: جاء مطلقًا في حديث ابن عباس: "كنا نعرف انقضاء الصلاة بالتكبير"، ما جاء من فعل النبي ﷺ، إنما جاء في التسبيح: "سبّح الله ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين"، جاء فيها، جاء: "كنا نعرف انقضاء الصلاة بالتكبير"، كان الصحابة إذا رفعوا أصواتهم سمعهم مَن كان حول أبواب المساجد، أما المحفوظ عن النبي ﷺ فهو ما سمعتُم الآن.
س: حديث المغيرة وحديث الزبير قول .....؟
ج: ..... ثابتة من طرقٍ أخرى فعله صحيح من النسائي، وأحمد، وابن حميد، وفي بعضها: "يُحيي ويُميتُ"، كذلك كلها.
س: قبل أن ينصرف الإمامُ؟
ج: لا، بعد الانصراف.
س: ..............؟
ج: ما سمعتَ الكلام؟! يكون عند استقبال القبلة: "أستغفر الله" ثلاثًا، "اللهم أنت السلام" فقط، ثم ينصرف إلى الناس، ثم يقول: "أستغفر الله" ثلاثًا، "اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركتَ يا ذا الجلال"، فحين ..... يستقبل القبلة -الإمام يعني- ثم ينصرف إلى الناس ويقول: "لا إله إلا الله" بعد انصرافه إلى الناس.
س: يُحيي ويُميت؟
ج: جاءت ثابتةً، إذا قالها تارةً وتركها كله طيب حسن إن شاء الله، أقول: إذا قالها تارةً، وتركها تارةً، أما في العشر زيادة "يُحيي ويُميت"، العشر بعد المغرب والفجر ثابتة "يُحيي ويميت" من روايات ..... كلها.
س: .............؟
ج: ما أعرف شيئًا من الروايات، فإن صمتَ فلا بأس.
س: "اللهم أجرني من النار" قاله البعض؟
ج: فيه بعض الضعف، رواه أبو داود بإسنادٍ فيه لين عن ..... كان يقول في المغرب والفجر: اللهم أجرني سبع مرات، فيه لين، وإذا فعله الإنسانُ فلا بأس.
س: .............؟
ج: المسافر الأفضل له ألا يتنفَّل إلا سنة الفجر والتَّهجد بالليل وصلاة الضُّحى، أما سنة الظهر والمغرب والعشاء فالأفضل حذفها في السفر، يتنفَّل ..... التي بعد الظهر والعصر والمغرب والعشاء، أما [أن] يتنفل في الليل، يتهجد بالليل، يُصلي الضُّحى، سنة الفجر، طيب.
س: ............؟
ج: السنة في ..... خاصة، والمغرب والعشاء هذه تركها أفضل، ومَن رآه مطلقًا يتنفَّل، مَن رآه مطلقًا يتنفَّل مثل: الضحى، مثل: سنة الوضوء، مثل: التهجد بالليل، كان ...... عليه الصلاة والسلام.
س: أربع ركعات قبل العصر؟
ج: ما أعرف، هذا الظاهر أنه ما كان يفعلها في السفر عليه الصلاة والسلام.
س: ..... عشر في غير الفجر والمغرب يكون بدعةً؟
ج: الله أعلم، لكن تركها أفضل، اعتيادها أن تركها أفضل؛ لأنه تركها ﷺ، والقول بالبدعة ليس ببعيدٍ.
س: "ربِّ قني عذابك" بعد الصلاة؟
ج: جاء، ثبت من حديث البراء.
س: التَّسبيح باليمين؟
ج: أفضل، وإن سبَّح بشماله فلا بأس، وإن سبَّح باليمين فهو أفضل.