15 من حديث: (خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ)

بَابُ الْحُجَّةِ فِي الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيٍّ رضي الله عنهما وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ أُثني عَلَى قِرَاءَتِهِ

721- عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ: مِنِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ -فَبَدَأَ بِهِ- وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَسَالِمٍ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

722- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ غَضًّا كَمَا أُنْزِلَ فَلْيَقْرَأْهُ عَلَى قِرَاءَةِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

723- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِأُبِيٍّ: إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة]، وَفِي رِوَايَةٍ: أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: وَسَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَبَكَى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّكْتَتَيْنِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَبَعْدَهَا

724- عَن الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ كَانَ يَسْكُتُ سَكْتَتَيْنِ: إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ، وَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْقِرَاءَةِ كُلِّهَا.

وَفِي رِوَايَةٍ: سَكْتَةً إذَا كَبَّرَ، وَسَكْتَةً إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]. رَوَى ذَلِكَ أَبُو دَاوُد، وَكَذَلِكَ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ بِمَعْنَاهُ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ على محمدٍ.

الأحاديث الأُول فيما يتعلق بقراءة القرآن إذا ثبتت عن بعض الصحابة، وأنه لا مانع من الأخذ بها: كأُبي، وابن مسعود، ومعاذ، وغيرهم؛ لأنها قرآن، إذا نقلوها عن النبي ﷺ وثبتت، وأنه لا مانع من القراءة بها، وأنها حجة، وهذا واضح ظاهر.

وجاء عن ابن مسعودٍ : لما جمع عثمانُ المصحف امتنع من أن يسلم مصحفه وقال: "إنَّ الله يقول: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161]، ومنها غلول المصحف".

فالمقصود من هذا كله أنه إذا ثبت أن هذه القراءة ثابتة عن رسول الله ﷺ جاز القراءة بها؛ لثبوتها من جهة السند، وهذا ما يُنافي أنه ينبغي للمؤمن أن يقتصر على ما جمعه الصحابةُ في عهد عثمان رضي الله عنه وأرضاه؛ حذرًا من النزاع والفتنة التي من أجلها جمع عثمانُ المصحف، حتى لا يتنازع الناس، فالأخذ بالقراءة الثابتة لا مانع منها في الاحتجاج والعمل، لكن في القراءة ينبغي أن يقتصر على المصحف الذي جمعه عثمان وأرسله إلى المدن، واستقرَّ عليه العملُ؛ حتى لا يكون النزاع بين الناس.

وجاء أنه اعتمد فيه العرضة الأخيرة في رمضان سنة عشر من الهجرة، وقد تكون بعض الحروف التي في بعض المصاحف -كابن مسعود- كان قبل العرضة الأخيرة، فالاحتياط للمؤمن في هذا أن تكون قراءة هذا المصحف الذي رُسم في عهد عثمان واجتمع عليه الصحابةُ لمصلحةٍ عظيمةٍ؛ وهي درء النزاع والاختلاف في بعض القراءات كما قد وقع في عهد النبي ﷺ بين عمر وأُبي، وبين عمر وهشام بن حكيم، وبين أُبي وغيره، المقصود أن هذا وقع وحصل بسببه شيء من التَّكدر حتى حلّها النبيُّ ﷺ وقال: كلٌّ حسنٌ، وقال: إنَّ القرآن نزل على سبعة أحرفٍ.

فالمقصود أن وجود قراءات متعددة قد يُسبب شيئًا من الاختلاف والنزاع، فينبغي لأهل الإسلام أن يقتصروا على ما رسمه عثمان وجمع الناس عليه في عهد الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

وإن كان ما يُروى بإسنادٍ جيدٍ يُعتبر حجةً في بيان معنى الآية، أو في بيان معنى آخر زائد مُستنبط من الآية، لكن لا ينبغي أن يقرأ به بعد ذلك؛ لما فيه من فتح باب النزاع والخلاف.

أما السكتتان: دلَّ حديثُ عمران بن حصين وسمرة بن جندب وأُبي بن كعب على أنَّ له سكتتين عليه الصلاة والسلام: إحداهما بعد التكبيرة الأولى للاستفتاح، وهي ثابتة في "الصحيحين" من حديث أبي هريرة، وجاءت من أحاديث أخرى، فهي محل وفاقٍ، وليست محل اختلافٍ لثبوتها، ويقول فيها ما شرع الله من الاستفتاح، وقد صحَّ عنه ﷺ في ذلك استفتاحات كثيرة، أصحّها وأثبتها ما رواه أبو هريرة : أن النبي ﷺ كان يقول بين السكتتين: اللهم باعد بيني وبين خطاياي .. إلى آخره، وهكذا ما ثبت في حديث ابن عباس أنه كان يقول إذا تهجَّد: اللهم أنت نور السماوات .. إلى آخره، ولكن اختلف في حديث ابن عباس: هل كان يقوله في حال الاستفتاح أو يقوله في معرض الثناء على الله في تهجده؟ ولكن جاء في عدة روايات ما يدل على أنه يستفتح به.

وهكذا ما ثبت في حديث عليٍّ أنه كان يقول: وجَّهْتُ وجهي .. إلى آخره في صلاة الليل، كما رواه مسلم في "الصحيح".

المقصود أنَّ أدعية الاستفتاح كلها تدل على شرعية هذه السكتة، وأنها في السكتة قبل الفاتحة في أول ركعةٍ بعد التَّحريم.

أما السكتة الثانية فاختلف فيها، وأرجح ما جاء في الروايات أنها بعد النهاية عند الركوع، هذا هو أرجح ما جاء في الروايات؛ أنها عند انتهاء القراءة سكتة لطيفة يفصل بها بين القراءة وبين الركوع.

وجاء في بعض الروايات من طريق قتادة: أنها بعد الفاتحة، بعد قوله: وَلَا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7]، ولكن معظم الروايات وأكثرها على أنها هي السكتة الأخيرة بعد انتهاء القراءة، أما بعد وَلَا الضَّالِّينَ فليس هناك حديث ثابت صحيح يدل عليها، ولكنها قال بها بعضُ أهل العلم، فالأمر فيها واسع إن شاء الله، ولكن تركها أفضل، كونه يقرأ بعد الفاتحة هذا هو الأظهر والأفضل؛ لورود الأحاديث في ذلك، وإنما السكتتان بعد الإحرام وبعد انتهاء القراءة، ومَن سكت بعد الفاتحة أخذًا ببعض الروايات التي جاءت في هذا الباب، وعملًا بما قاله بعضُ أهل العلم، فلا حرج في هذا إن شاء الله، والأمر في هذا واسع، إلا أن الأفضل من حيث الرواية هو الاقتصار على السكتتين: الأولى بعد التحريم، والثانية عند النهاية، هذا هو الأفضل والأرجح للروايات، والله أعلم.

س: ..... ابن مسعود وهي قراءة شاذَّة تُحمل على أنها تفسير .....؟

ج: هذا ينبني على مراجعة الروايات، قد تكون تفسيرًا للآية، قد تكون تفسيرًا ..... متتابعة ..... كفَّارة اليمين.

س: والمؤلف بإطلاق الحجَّة في الصلاة بقراءة ابن مسعودٍ؟

ج: ..... ثبت عنه أنه رواها عن النبي ﷺ ..... رواها هكذا، إن ثبت هذا وإلا فالأصل تفسير، يكون تفسير ابن مسعود ومن غيره من باب التفسير، لكن كلامه إذا ثبت أنه صرح وقال: سمعتُ النبي يقول: كذا وكذا.

س: القراءة في الصلاة بالتلفيق بين القراءات السبع في سورةٍ واحدةٍ؟

ج: الذي يظهر لي أنه لا ينبغي هذا، أنه يقرأ بقراءةٍ واحدةٍ فقط: إما كذا، وإلا كذا، ولكن ما دام المصحف الآن بين أيدي الناس فينبغي أن يقرأ بما بين أيدي الناس؛ حتى لا يقع المحذور من النزاع والخلاف، أما إذا كان من باب التعليم يُعلِّمهم القراءات السبع، القراءات العشر، ما في بأس من باب التعليم، باب واسع.

س: ..........؟

ج: هذا معنى ما قاله بعضُ أهل العلم، ولكن الحديث ضعيف في هذا، الرواية ضعيفة، وإنما المحفوظ سكتة بعد الإحرام، والسكتة عند النهاية، سكتة خفيفة عند النهاية قبل أن يركع.

س: إذا سكت بعد الفاتحة؟

ج: الأمر واسع إن شاء الله، يقرأ المأموم، يقرأ المأموم الفاتحة يعني.

س: له أن يسكت ..... الفاتحة؟

ج: نعم، سكتة خفيفة عند ..... سنة ..... القراءة في الركوع ..... الله أكبر له أن يسكت سكتة خفيفة ثم يُكبِّر.

س: ينبغي أن يُواصل .....؟

ج: هذا هو الأظهر في الروايات؛ أنه ثبت عن النبي ﷺ أنه كان يسكت بعد الفاتحة، يقرأ فيها المأموم ..... الأحاديث الصحيحة.

طالب: الاستسقاء غدًا.

الشيخ: الاستسقاء غدًا، الصبح ما في قراءة، أقول: الصبح ما في دروس ......

س: ..... أنه كان إذا مرَّ عليه لا إله إلا الله يُحرِّك أصبعه؟

ج: ما أعلم شيئًا.

س: هل يُنكر على مَن كان يُحرِّكها دائمًا عند لا إله إلا الله؟

ج: يُعلَّم، إن قال: لا ينبغي إلا بدليلٍ .....

س: لكن يا شيخ هذا ليس من السنة؟

ج: ما أعلم ....... الصواب ما تبطل.

س: ..........؟

ج: ..... يستخلفه ويُكملوا.

س: يُكملوا ولو من بداية السورة؟

ج: ولو، إذا ذكر يستخلفه، هذا الصواب.

س: ما دليلهم ..... تبطل .....؟

ج: قول بعض العلماء: لأنَّ الصلاة صارت باطلةً، أصلها يعني ..... محدث، صارت باطلةً، لكن لما لم يعلموا ما عليهم حرج، مثل .....

س: دليلهم هو الرسول قال .....؟

ج: نعم، في مسألة النَّجاسة، ومن دليلهم قصة عمر لما طُعن استخلف.

س: ............؟

ج: من قال باستخلافه يعني.

س: حبوب منع الحمل؟

ج: فيها تفصيل: إذا كانت لضرورةٍ فلا بأس، وإلا ينبغي تركها.

س: ما الضَّرورة؟

ج: مرض، أو تربية الأولاد الصغار إن كثروا عليها، أو ..... يعني هناك آلام.

س: إذا كان عندها طفلٌ واحدٌ؟

ج: الظاهر ما يُكلّف، ما ينبغي تعاطي الحبوب، يعني إذا كثر الأولاد عليها وتقاربوا فصارت –يعني- تربيتهم تشقّ عليها.

س: كم؟

ج: الله أعلم، ما في حدّ محدود، لكن المراد يعني مُراعاة .....، ومدته سنة أو سنتين، مدة الرضاع إذا كان ما فيه ضرر، إذا قرر الطبُّ أنَّ ما فيه ضرر.

بَابُ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ

725- عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: "رَأَيْتُ رسول الله ﷺ يُكَبِّرُ فِي كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ، وَقِيَامٍ وَقُعُودٍ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

726- وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: صَلَّيْتُ الظُّهْرَ بِالْبَطْحَاءِ خَلْفَ شَيْخٍ أَحْمَقَ، فَكَبَّرَ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ تَكْبِيرَةً، يُكَبِّرُ إذَا سَجَدَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ؟! فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "تِلْكَ صَلَاةُ أَبِي الْقَاسِمِ ﷺ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.

727- وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صَلَاتَنَا، فَقَالَ: إذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، فإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا، وَإِذَا قَالَ: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7] فَقُولُوا: آمِينَ، يُجِبْكُم اللَّهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ ﷺ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، وَإِذَا كَبَّرَ وَسَجَدَ فَكَبِّرُوا وَاسْجُدُوا، فَإِنَّ الْإِمَامَ يَسْجُدُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا كَانَ عِنْدَ الْقَعْدَةِ فَلْيَكُنْ مِنْ أَوَّلِ قَوْلِ أَحَدِكُمْ: التَّحِيَّاتُ الطَّيِّبَاتُ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَفِي رِوَايَةِ بَعْضِهِمْ: وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا.

بَابُ جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّكْبِيرِ لِيُسْمِعَ مَنْ خَلْفَهُ وَتَبْلِيغِ الْغَيْرِ لَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ

728- عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: صَلَّى بِنَا أَبُو سَعِيدٍ فَجَهَرَ بِالتَّكْبِيرِ حِينَ رَفَعَ رَأْسَهُ مِن السُّجُودِ، وَحِينَ سَجَدَ، وَحِينَ رَفَعَ، وَحِينَ قَامَ مِن الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَالَ: "هَكَذَا رَأَيْتُ النبيَّ ﷺ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَهُوَ لِأَحْمَدَ بِلَفْظٍ أَبْسَطَ مِنْ هَذَا.

729- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: "اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

وَلِمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ قَالَ: "صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الظُّهْرَ، وَأَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ، فَإِذَا كَبَّرَ كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُنَا".

الشيخ: هذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها دالة على أنه ﷺ كان يُكبِّر في كل خفضٍ ورفعٍ، ويقول عند الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده، ثم يقول: ربنا ولك الحمد، فالواجب على المأمومين وعلى المنفرد التأسي به ﷺ في ذلك، قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، وقال عليه الصلاة والسلام: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي، وقد اختلف العلماء في ذلك: هل هذا واجب أو سنة مؤكدة؟

فذهب الأكثرون إلى أنها سنة، وذهب أحمد وإسحاق بن راهويه وجماعة إلى أنها واجبة، وأنه واجب أن يُكبِّر في كل خفضٍ ورفعٍ، وأن يقول عند الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده إذا كان إمامًا أو منفردًا، ويقول بعد الرفع: ربنا ولك الحمد، والمأموم يقول ذلك عند الرفع: ربنا لك الحمد، أو ربنا ولك الحمد بدون تسميعٍ؛ لأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام قال: إذا قال الإمامُ: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، فعلَّمهم أن يقولوا: ربنا ولك الحمد، وهذا القول أصح؛ لأنها واجبة -أعني التكبيرات والتسميع "ربنا ولك الحمد"- لأنَّ الرسول ﷺ حافظ عليها، وأمر بها في بعض الروايات، مثل: قولوا: ربنا ولك الحمد، قولوا كذا يسمع الله لكم، وقال: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي، فقول أحمد وإسحاق ومَن وافقهما أرجح وأصح، وإذا تركها عمدًا بطلت صلاته، إلا أن يكون جاهلًا أو ناسيًا، إن كان جاهلًا فلا، وإن كان ناسيًا عليه سجود السَّهو.

وهي في الفجر إحدى عشرة تكبيرة، تكبيرة الإحرام ركن عند الجميع، وإنما الخلاف في التكبيرات الأخرى، وكل ركعةٍ فيها خمس تكبيرات: عند الركوع، وعند السجود والرفع منه، وعند السجدة الثانية والرفع منها، هذه عشر تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام.

والمغرب سبع عشرة تكبيرة: خمس عشرة في الركعات الثلاث، والسادسة عشر عند قيامه من التشهد الأول، والسابعة عشر تكبيرة الإحرام، وهي ركن عند الجميع، ليس فيها خلاف.

وفي الرباعية اثنان وعشرين تكبيرة: تكبيرة الإحرام، وتكبيرة التشهد الأول، وعشرين في الركعات الأربع، هذه كلها فرض على الصحيح، أما تكبيرة الإحرام فهي فرض عند الجميع، ولا تصح الصلاة إلا بها، ومَن تركها عمدًا أو سهوًا أو جهلًا فلا صلاةَ له.

وفيه من الفوائد: أن الإمام يقول: "سمع الله لمن حمده" ...... يقول ذلك، وأن الله أجرى هذا على لسان نبيه، وأن معناه: استجاب، سمع: استجاب له، سمع الله أي: استجاب لمن حمده.

وفيه أن الإمام يركع قبل المأموم، ويسجد قبله، ويرفع قبله، فتلك بتلك، معناه أنه كما أنه يركع قبلكم ويسجد قبلكم فأنتم تتأخَّرون بعده في الرفع من السجود والركوع، فهذه بهذه، سبقه في الركوع والسجود ..... وتأخّركم بعده، فصار هذا بهذا، وكل منكما حصل له المقصود من الركوع والسجود.

وفيه أنَّ الواجب على المأموم الاقتداء، وعدم العجلة، وعدم المسابقة، وأن يكون بعد الإمام، الإمام يركع قبلهم، ويرفع قبلهم، ويسجد قبلهم، ويرفع قبلهم، ويُكبِّر قبلهم، فعليهم التأسي والمتابعة.

وفيه من الفوائد: أن المأموم لا يقول: "سمع الله لمن حمده"، بل يقول: "ربنا ولك الحمد"، وقد ذهب بعضُ أهل العلم إلى أنه يقول ذلك عملًا بقوله: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي، والجواب عن هذا أن يُقال: هذا عام، وأحاديث أمر النبي ﷺ المأموم أن يقول: "ربنا ولك الحمد" خاص، فهو يدل على أن المأموم لا يقول: "سمع الله لمن حمده"، وإنما يقول: "ربنا ولك الحمد"؛ ولهذا في "الصحيحين": إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا، وفي اللفظ الآخر: فقولوا: اللهم ربنا، ولو كانوا يقولون: "سمع الله" لقال: قولوا: سمع الله، فهذا هو الأفضل؛ ألا يقولها المأموم، وإنما يقول: "ربنا ولك الحمد".

وقد جاء في هذا أربع روايات: ربنا لك الحمد بدون واو، ربنا ولك الحمد بالواو، و اللهم ربنا لك الحمد بلا واو، و اللهم ربنا ولك الحمد بالواو، وكلها جائزة، وكلها .....، فإذا قال هذا أو هذا أو هذا كله سواء، إمامًا أو مأمومًا أو مُنفردًا، كله حسن، وكله جاءت به السنة.

وفيه الجهر بالتكبير، وأنه يجهر المأموم والإمام والمنفرد ..... بالتكبير ليُسمع الناس، أما المأموم والمنفرد فلا حاجةَ إلى جهره، يُكبِّر وليس بحاجةٍ إلى الجهر؛ لأنه ليس هناك مَن يقتدي به، فالإمام يجهر بالتكبير حتى يُقتدى به، وإذا كان هناك حاجة للتبليغ جعل مُبلِّغًا، ولهذا لما ضعف النبيُّ ﷺ في مرضه وصلَّى بالناس وهو مريض عليه الصلاة والسلام وصلَّى معه أبو بكر عن يمينه، وصار النبيُّ ﷺ يُكبِّر وأبو بكر يُبلِّغ الناسَ عنه؛ لأنَّ صوته ضعيف عليه الصلاة والسلام بسبب المرض، فكان أبو بكر يُبلِّغ الناس، وجاء في الرواية الأخيرة: "خلفه"، والصواب "عن يمينه"، ما هو خلفه، ما ثبت في "الصحيحين" أنه وقف عن يمينه، أبو بكر والنبي ﷺ .....، وهكذا في قصة ابن عباس حين وقف عن يساره فجعله عن يمينه.

فإذا وقف المبلِّغ عن يمين الإمام فلا بأس، وإن وقف مع الصفوف فلا بأس، والذي في قصة حديث عائشة أنه وقف عن يمينه عليه الصلاة والسلام، وكان يُبلِّغ الناسَ، فالواحد إذا وقف عن يمينه فلا حرج؛ للتبليغ، أو لأنه مأمومٌ واحدٌ فيقف عن يمينه، أما إذا كانوا أكثر فإنهم يكونون خلف الإمام؛ لما روى مسلم في "الصحيح" من حديث جابر: أنه أتى النبيَّ ﷺ وهو يُصلي وحده ......، فوقفا عن يمينه وشماله، فجعلهما خلفه عليه الصلاة والسلام وصلَّى بهما.

س: الإمام يُكبر أول الانتقال أو آخر الانتقال؟

ج: عند الانتقال، هذا هو الأفضل.

س: .............؟

ج: ...... عند الرفع، ما في تكبير عند الرفع ..... على الصحيح، بعض أهل العلم قاس الفريضة على النافلة وقال: يُكبِّر عند الركوع، وعند السجود، وعند الرفع، ويُسلِّم، ولكن ليس عليه دليل، إنما ورد التكبير عند سجود التلاوة.

س: ............؟

ج: بل واجبة مرة واحدة، والباقي سنة، ما زاد على الواحدة سنة .....

وهذه من آيات الله ..... ويشق صدره ولم يتأثر بذلك عليه الصلاة والسلام، هذه من آيات الله.

س: صوت المأمومين؟

ج: السنة عدم الرفع، ولا يُشوشون على الناس، يُعلَّمون السنة: خفض الصوت.

س: إذا نسي [أن] يُكبِّر أثناء السجود وهو مأموم؟

ج: تسقط عنه، تبع الإمام.

س: يلزم من التَّكبيرات رفع اليدين؟

ج: عند الإحرام، والركوع، والرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، في المواضع الأربعة.

س: ..... خمس دقائق ......؟

ج: إذا صلَّى قبل الصبح لا بأس.

س: ..........؟

ج: ..... ركعة واحدة أو ركعتين تخفيف .....

س: يضم القدمين عند السجود؟

ج: الصواب: لا، ينصبهما ويُفرِّقهما، هذا المحفوظ، أما رواية ابن خزيمة والحاكم ففيها نظر، فيها ضعف ..... منصوبتان، هذا هو الأفضل، كما في رواية مسلم.

س: يُفرِّق بينهما؟

ج: نعم، ينصبهما ويُفرِّق بينهما.

بَابُ هَيْئَاتِ الرُّكُوعِ

730- عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو : أَنَّهُ رَكَعَ فَجَافَى يَدَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ مِنْ وَرَاءِ رُكْبَتَيْهِ، وَقَالَ: "هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺيُصَلِّي". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.

731- وَفِي حَدِيثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ: وَإِذَا رَكَعْتَ فَضَعْ رَاحَتَيْكَ عَلَى رُكْبَتَيْكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

732- وَعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: صَلَّيْتُ إلَى جَنْبِ أَبِي ، فَطَبَقْتُ بَيْنَ كَفَّيَّ، ثُمَّ وَضَعْتُهُمَا بَيْنَ فَخِذَيَّ، فَنَهَانِي عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: "كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا فأُمِرْنَا أَنْ نَضَعَ أَيْدِيَنَا عَلَى الرُّكَبِ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

بَابُ الذِّكْرِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

733- عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: "صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، فَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ، وَفِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى، وَمَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ إلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا يَسْأَلُ، وَلَا آيَةُ عَذَابٍ إلَّا تَعَوَّذَ مِنْهَا". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

734- وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: "لَمَّا نَزَلَتْ: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74] قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى:1] قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.

735- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.

736- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَتَأَوَّلُ الْقُرْآنَ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

737- وَعَنْ عَوْنِ بن عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَن ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ، فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَدْ تَمَّ رُكُوعُهُ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ، وَإِذَا سَجَدَ فَقَالَ فِي سُجُودِهِ: سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَدْ تَمَّ سُجُودُهُ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَهُوَ مُرْسَلٌ؛ عَوْنٌ لَمْ يَلْقَ ابْنَ مَسْعُودٍ.

738- وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "مَا صَلَّيْتُ وَرَاءَ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَشْبَهَ صَلَاةً بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ هَذَا الْفَتَى" يَعْنِي: عُمَرَ بْنَ عَبْدِالْعَزِيزِ، قَالَ: فَحَزَرْنَا فِي رُكُوعِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ، وَفِي سُجُودِهِ عَشْرَ تَسْبِيحَاتٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأولى تدل على أن السنة للمؤمن في ركوعه في النافلة والفريضة أن يعتدل في الركوع، وأن يضع يديه على ركبتيه، وأن يُجافي عضديه عن جنبيه، ويُمكِّن يديه من ركبتيه كما فعل النبيُّ ﷺ.

وجاء في حديث أبي حميدٍ الساعدي: كان النبيُّ ﷺ إذا ركع حصر ظهره واستوى، وجعل يديه على ركبتيه، واستقرَّ حتى يرجع كلُّ فقارٍ إلى مكانه.

وكانوا في معرض الإسلام يُطبِّقون كما ذكر مصعبُ عن أبيه سعد، كان يضع يديه هكذا بين فخذيه ...... بالركب، فهذا هو الذي استقرَّت عليه السنة، فكان ابن مسعودٍ يظن أنها ناقلة للسنة، ممكن يطبق، ولكن علم سعد وغيره: كأبي حميد الساعدي وعقبة بن عمرو وغيرهم ورفاعة بن رافع أنه استقرَّ الأمرُ على وضع اليدين على الركبتين، وهذا هو السنة كما صحَّت به الأخبار عن رسول الله ﷺ.

والسنة في ذلك أيضًا أن يُسوي ظهره، أن يستقرَّ، يجعل رأسه حياله، لا يُشخصه، ولا يُخفضه كما في حديث أبي حميد وعائشة وغيرهما، ويستوي في ذلك ويطمئن، ولا يعجل حتى يرجع كل فقارٍ إلى مكانه.

وجاء في حديث حذيفة في تهجده أنه جعل ركوعه نحوًا من قيامه وسجوده كذلك، وجاء في حديث البراء بن عازب في "الصحيحين" قال: "رمقتُ الصلاة مع محمدٍ ﷺ، فوجدتُ قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته وجلسته بين السجدتين قريبًا من السواء"، وهذا يدل على تقارب هذه الأعمال، وأنه كان يطمئن في ركوعه وسجوده واعتداله وبين السجدتين، حتى كانت هذه الأعمال متقاربة مع القيام. زاد في روايةٍ: "ما خلا القيام والقعود، فإنَّهما أطول"، القيام للقراءة والجلوس للتشهد أطول بعض الشيء، وفي رواية: "أطول"، وقال: "قريب من السواء؛ لأنَّ الفرق ليس بكثيرٍ".

وفي الأحاديث الأخيرة الدلالة على ما ينبغي في الركوع والسجود من الطُّمأنينة والذكر، وأنه يقول في الركوع: "سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم"، وفي السجود: "سبحان ربي الأعلى"، وقد ثبت هذا من فعله ﷺ من حديث حذيفة في الصحيح، رواه مسلم في "الصحيح"، كما رواه الخمسة كما ذكر المؤلف هنا و..... مسلم أيضًا كما تقدَّم.

ودلَّ حديث حذيفة على معنى ما دلَّ عليه حديث البراء من الاعتدال في الصلاة وتقاربها، وأنه ركع لهم من قيامه، وسجد لهم من ركوعه، دلَّ على التقارب في الصلاة، في أفعالها.

وفيه أنه يقول في السجود: "سبحان ربي الأعلى"، وفي الركوع: "سبحان ربي العظيم"، كما في حديث حذيفة وحديث عقبة لما نزل قوله تعالى: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74] قال: اجعلوها في ركوعكم، ولما نزل قوله تعالى: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى:1] قال: اجعلوها في سجودكم، ومناسبة ذلك أنَّ السجود حالة انخفاض وذلّ وانكسار، فناسب أن يقول فيه: "سبحان ربي الأعلى"؛ لأنه سبحانه فوق العرش ..... فوق جميع خلقه، فهو أليق بالمقام بذكر الأعلى، وفي الركوع ..... أيضًا وانكسار، لكنه ليس مثل السجود، فناسب فيه العظيم المتقدس عن الدُّنو وعن خلاف العزِّ، وهو العظيم، وهو العزيز، وهو القاهر، فليس بحاجةٍ إلى عباده، ولا أحد يُغالبه، فله وصف العظمة، وله وصف العلو ، فجاء هذا في الركوع والسجود في غاية المناسبة؛ لأنَّ كلًّا منهما فيه انكسار، وفيه ذل، لكن الذلَّ في السجود أكثر، فناسب في الركوع: العظيم، وفي السجود: الأعلى.

والسنة تكرار ذلك في الركوع والسجود؛ جاء في حديث أنسٍ أنه صلَّى مع عمر، وأخبر أنه أشبه الناس بصلاة النبي ﷺ، كانوا يعدون له عشر تسبيحات في الركوع والسجود، هذا يدل على أنه ينبغي عدم العجلة، وعلى المؤمن الطمأنينة وتكرار هذا الذكر.

ومن تأمَّل صلاته عليه الصلاة والسلام عرف ذلك، فإنه كان يقول: سبحان ربي العظيم، ويقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، وربما زاد: سبُّوح قدُّوس ربّ الملائكة والروح، سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء، كما روى ذلك حذيفة، فالذي أتى بهذا أو بعض هذا لا شكَّ أنه يكون في الركوع طول يُقارب العشر تسبيحات فما حولها.

كذلك في السجود كان يُكرر تسبيح الربّ: سبحان ربي الأعلى، وكان يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، كما قالت عائشةُ رضي الله عنها: كان يُكثر أن يقول في الركوع والسجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، وهذا عام في الفرض والنفل، مع "سبحان ربي الأعلى"، ومع "سبحان ربي العظيم".

أما حديث ابن مسعودٍ فهو منقطع كما قال المؤلف، مرسل؛ لأنَّ عونًا ما أدرك ابن مسعودٍ، وليست الثلاثة واجبة، كما هو ظاهر أثر ابن مسعود: أنه أدناه، وأنه يُتمُّ ركوعه بثلاث، وسجوده، لكن ليس عليه دليل، شرط وليس بفرضٍ، بل الواجب مرة واحدة كما قال بذلك أحمد وإسحاق وجماعة، وقال الأكثرون ..... سنة، التَّسبيح كله سنة، والدعاء كله سنة، ولا يجب شيء من ذلك، وإنما هو مُستحبٌّ، والأرجح والأظهر وجوب شيء منه، وأن جنس التسبيح واجب ولو مرة واحدة في الركوع والسجود؛ لأنَّ النبي فعله وداوم عليه عليه الصلاة والسلام وقال: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي، فلا ينبغي أن يُترك ذلك، بل يجب ولو أقل شيءٍ كالمرة الواحدة في الركوع والسجود: "ربي اغفر لي" بين السجدتين.

وفيه أيضًا من الفوائد كما تقدم: شرعية الدعاء في السجود، وأنه ينبغي أن يخصَّ السجود بمزيد من الدعاء، كما صحَّت به الأخبار، وكما يأتي السجود له حالة خاصة من الخضوع والذل والانكسار، ووضع الجبهة على الأرض، والوجه أشرف شيء في الإنسان، أشرف أعضائه الظاهرة، وإن كان أشرفها القلب، لكنه عضو باطن، أما أشرف الأعضاء الظاهرة فهو الوجه، ومع هذا يضعه في الأرض تواضُعًا وذُلًّا وانكسارًا، فناسب فيه الدعاء؛ لأنه أقرب إلى الإجابة في هذه الحالة -حالة الذل والانكسار- ولهذا قال ﷺ: وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمنٌ أن يُستجاب لكم، وقال: أقرب ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء، فالمؤمن في هذه الحالة حريٌّ بأن يُجاب، فينبغي له أن يلحَّ في الدعاء، وهذا يعمُّ الفرض والنَّفل.

س: الحديث الأول هذا في صلاة الليل؟

ج: نعم في ذكر ..... التسبيح وآيات الرجاء وآيات الدعاء .....، وأنه كان يقف في هذه الأشياء، لكن الأصل أن الفرض والنفل سواء، إلا ما خصَّه الدليل ..... يسأل أو يتعوَّذ، علم أنه أفضل ترك ذلك، قال بعضُ أهل العلم ..... العموم، وأنه عام، وأنه لا بأس أن يقف .....، وفي هذا قول الحنابلة في كتبهم: ولو في الفرض شرط خلاف قوي، ولكن قول مَن قال ..... أظهر؛ لأنه لو فعله في الفرض لنقله الصحابة، ما تركوا شيئًا إلا نقلوه رضي الله عنهم؛ أنه يقف في قراءته في الفريضة: يُسبِّح، يدعو، يستعيذ، لنقلوه؛ لأن هذا قد يكون وسيلةً إلى طول القراءة على المأموم.

س: زاد "وبحمده" في الركوع والسجود في التَّسبيح؟

ج: جاءت، لكن فيها ضعف، الروايات فيها ضعيفة، وإن زادها فلا حرج؛ لأنه وجد في حديث عائشة: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، وهو في "الصحيحين"، ولو قال: "سبحان ربي العظيم" لا يضرّ، لكن الأفضل تركها؛ لأنه ..... بالترتيب: "سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم"، ولو قالها لا ينكر في ذلك، والأمر في هذا واسع.

بَابُ النَّهْيِ عَن الْقِرَاءَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ

739- عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ السِّتَارَةَ وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، أَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ؛ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد.

بَابُ مَا يَقُولُ فِي رَفْعِهِ مِن الرُّكُوعِ وَبَعْدَ انْتِصَابِهِ

740- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُولُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِن الرَّكْعَةِ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي سَاجِدًا، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنَ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمْ: رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ.

741- وَعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إذَا قَالَ الْإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

742- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، ومِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ.

بَابٌ فِي أنَّ الِانْتِصَابَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَرْضٌ

743- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى صَلَاةِ رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

744- وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يُقِمْ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.

745- وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ فِيهَا الرَّجُلُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

الشيخ: هذه الأبواب الثلاثة اشتملت على عدة أحاديث:

الحديث الأول قوله ﷺ: إنه لم يبقَ من النبوة إلا المبشرات، وهي الرؤيا الصالحة يراها المسلمُ أو تُرى له، هذا فيه دلالة على أن الرؤيا الصالحة لها شأنٌ عظيم، وأنها من المبشرات كما قال تعالى: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ [يونس:64]، فالرؤيا الصالحة يراها المسلمُ وتُرى له من بقايا النبوة، وهي جزء من ستٍّ وأربعين جزءًا من النبوة، فيسرّ بها المؤمن، ولا تغره، ولا تخدعه، ولكن يسر بها، ويستعين بها على الاستمرار في طاعة الله، والثبات على الحقِّ، ولا يغترَّ ولا يعجب، بل تزيده نشاطًا، وتزيده قوةً في العمل الصالح.

ثم قال: ألا إني نُهيتُ أن أقرأ القرآنَ راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظِّموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء؛ فقمنٌ أن يُستجاب لكم، هذا يدل على أن القراءة ليس محلها الركوع والسجود، المصلي لا يقرأ في الركوع والسجود، وإنما يقرأ في حال القيام، أو في حال الجلوس عند العجز عن القيام، أو في النافلة، أما الركوع فليس محلًّا للقراءة، وهكذا السجود، الركوع محلّ التعظيم؛ لأنه مقام ذلٍّ وخضوعٍ، فيُناسب فيه تعظيم الله الذي هو المستحق للتعظيم والإجلال، وأنه بعيد عن أي ذلٍّ، وأي ضعفٍ، وأنه القوي العزيز.

فعند ركوعك وذُلِّك يُناسب أن تُعظِّم مَن عبدته سبحانه، وهو الله جلَّ وعلا: "سبحان ربي العظيم، سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، سبُّوح قدوس ربّ الملائكة والروح، سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة"، كل هذا جاء في الركوع والسجود، هذا من تعظيم الرب جلَّ وعلا، وليس محل الدعاء، ولكنه محل التعظيم، إلا الدعاء التابع كما في "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي".

وأما السجود فهو محلّ الاجتهاد في الدعاء مع التَّسبيح، فيُسبِّح ويقول: "سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى"، وناسب فيه "سبحان ربي الأعلى" لأنه مقام ذلٍّ وخضوعٍ وانكسارٍ، فناسب أن يُعظّم ربه بأنه الأعلى فوق جميع الخلق ؛ ولأنه محلّ ذلٍّ فيُناسب فيه الدعاء، يعني: أقرب بابٍ يدخل العبدُ على ربه باب الذل والانكسار بين يدي الله ، والخضوع له، والتَّذلل لعظمته، ويُكثر من الدُّعاء.

وقَمِنٌ يعني: حريٌّ، يقال "قَمِن" بفتح الميم وكسرها: قمِن وقمَن، يعني: حريٌّ أن يُستجاب لكم.

ومن ذلك حديث أبي هريرة عند مسلم: يقول عليه الصلاة والسلام: أقرب ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء، فينبغي إكثار الدعاء في السجود في الفرض والنَّفل.

وكان مما حفظ من دعائه عليه الصلاة والسلام في السجود -رواه مسلم: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقّه وجلّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسرّه، هذا مما حُفظ من دعائه عليه الصلاة والسلام.

وفي الباب الثاني الدلالة على ما يقوله إذا رفع من الركوع، وأن الإمام يقول: "سمع الله لمن حمده"، والمنفرد كذلك، ويقول بعد ذلك: "ربنا ولك الحمد"، وهكذا المأموم إذا رفع يقول: "ربنا ولك الحمد"، ولا يُشرع له أن يقول: "سمع الله"، هذا هو الصواب، وقال بعضُ أهل العلم: يجمع بينهما، والصواب أنه لا يجمع بينهما، المأموم يقول: "ربنا ولك الحمد"؛ لأنه قيل له: إذا قال: سمع الله، فقولوا: ربنا، فدلَّ ذلك على أن "سمع الله لمن حمده" للإمام والمنفرد، أما "ربنا ولك الحمد" فهي للجميع.

والمعنى: ربنا استجب ولك الحمد، جاء بالواو وبحذفها: "ربنا لك الحمد، ربنا ولك الحمد"، وهكذا جاء: "اللهم ربنا لك الحمد، واللهم ربنا ولك الحمد"، فهي أربع صيغ كلها جائزة، كلها مشروعة، وهذا هو الواجب، والأفضل أن يكمل: "ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئتَ من شيءٍ بعد" ......؛ لأن الرسول قال: ربنا ولك الحمد، وقال: قولوا: ربنا ولك الحمد، ولم يأمرهم إلا بهذا، فدلَّ على أن الزيادة مُستحبَّة؛ لأنه فعلها عليه الصلاة والسلام: ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئتَ من شيءٍ بعد، وفي ألفاظٍ أخرى: وملء ما بينهما، الأمر في هذا واسع، ويُستحب أن يزيد: أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيتَ، ولا معطيَ لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجد، الجدّ: الغنى، الجَدّ بالفتح على الصحيح، وهو الغنى والحظّ والرياسة والمال ونحو ذلك، لا ينفع من الله، ولا يُغني من الله، كل الناس فقراء إلى الله جلَّ وعلا.

وضبطه بعضهم بالجد بالكسر، يعني: ولا ينفع ذا الاجتهاد والحرص، ولكن الأول هو المعتمد عند أهل الحديث بالفتح.

فأقل شيءٍ: "ربنا لك الحمد"، أو "ربنا ولك الحمد"، والبقية من الكمال والسنن، والإمام يقول هذا ويقوله المأموم، وإنما يختلفان في "سمع الله"، "سمع الله" للإمام والمنفرد، أما "ربنا لك الحمد" فهي مُشتركة، وثبت عنه ﷺ أنه سمع رجلًا قال لما رفع من الركوع: "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه"، قال: لقد رأيتُ بضعًا وثلاثين ملكًا كلهم يبتدرونها أيّهم يكتبها أولًا، فهذا يدل على فضلها أيضًا، وأنه إذا زاد بعد "ربنا ولك الحمد" قال: "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه" فهذا أفضل وأكمل؛ لما فيه من الخير العظيم ومزيد الثَّناء.

والأحاديث الأخيرة في الباب الثالث -الأحاديث الثلاثة- فيما يتعلق بالاعتدال والطُّمأنينة بعد الركوع وبين السجدتين: لا صلاةَ لمن لم يقم صلبه في ركوعه، بين الركوع والسجود كذلك: لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الركوع والسجود، كذلك لا صلاةَ لمن يقم صلبه في ركوعه وسجوده، هذا معناه كله أنه لا بدّ من الطُّمأنينة بعد الركوع وبين السجدتين، لا بدّ من إقامة الصلب والاعتدال، إذا رفع من الركوع يعتدل حتى يُقيم ظهره ويستقيم، وبين السجدتين كذلك؛ ولهذا كان عليه الصلاة والسلام إذا رفع من الركوع اعتدل حتى يعود كل فقارٍ إلى مكانه، وهكذا في السجود يعتدل حتى يستقرَّ كل فقارٍ في مكانه بين السجدتين، وهذا هو قول جمهور أهل العلم: أنه لا بدّ من هذا الاعتدال، وأنه .....

وذهب بعضُ الأحناف -وعزوه إلى أبي حنيفة، وإلى محمد بن الحسن- إلى أنه لا يجب، قال بعضهم أنه يجب، ولكن ليس بفرضٍ، كل هذا ضعيف ومرجوح، ليس بشيءٍ، والصواب ما عليه الجمهور أنه لا بدّ من هذا الركن -ركن الاعتدال بين السجدتين وبعد الركوع- لأنَّ الأحاديث صريحة من قوله ومن فعله عليه الصلاة والسلام.

وفَّق الله الجميع.

س: ............؟

ج: نعم، هو الصواب، والركن كذلك، والجمهور على أنه سنة كله، لكن الصواب أنه يجب شيء منه ولو قليلًا، ولو مرة واحدة؛ لأنَّ الرسول أمر بذلك وفعله، قال: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي، وأقل شيء واحدة.

س: .............؟

ج: الأفضل كذلك، الأفضل يُسوي ظهره، لكن لو توطَّأ أو رفع يصحّ، لكن الأفضل أن يكون رأسه مُحاذيًا ظهره.

س: إذا قال: لربي الحمد، لربي الحمد، دون أن يقول غيرها من الصِّفات الأربع؟

ج: عند الرفع يعني؟

س: نعم.

ج: لا عليه شيء، لكن الأفضل المعروف في الأحاديث الصحيحة: "ربنا ولك الحمد"، "اللهم ربنا لك الحمد"، ينبغي له أن يُلاحظ الأحاديث الصَّحيحة.

س: ملء السَّماوات والأرض وما شئتَ .....؟

ج: هذا الكلام "ملء السماوات" بالنصب، وضبط بعضهم بالرفع، ولكن الأرجح النصب، يعني .....

س: قوله: "سبحان الله وبحمده"؟

ج: في الركوع والسجود؟

س: نعم.

ج: لا بأس، لكن المعروف "سبحان ربي العظيم"، وإذا قال: "سبحان الله وبحمده" جاز مثلما قال النبيُّ ﷺ.

س: سبحان الله العظيم وبحمده؟

ج: لا بأس، لكن تركها أفضل، "سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم"؛ لأنَّ في ثبوتها نظرًا عند أهل الحديث، أسانيدها ضعيفة، ولو قالها ما يضرّ؛ لأنها موجودة في قوله: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك .." في الحديث الصحيح، فالأمر فيها واسع، وفي الصحيح عن عائشة: كان يُكثر أن يقول في الركوع والسجود: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، هذا في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها.

بَابُ هَيْئَاتِ السُّجُودِ وَكَيْفَ الْهَوِيُّ إلَيْهِ

746- عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ إذا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا أَحْمَدَ.

747- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلَا يَبْرُكْ كَمَا يَبْرُكُ الجمل، وَلْيَضَعْ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ أَثْبَتُ مِنْ هَذَا.

748- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إبطَيْهِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

749- وَعَنْ أَنَسٍ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: اعْتَدِلُوا فِي السُّجُودِ، وَلَا يَبْسُط أَحَدُكُمْ ذِرَاعَيْهِ انْبِسَاطَ الْكَلْبِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

750- وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ الساعدي فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "وإذَا سَجَدَ فَرَّجَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ، غَيْرَ حَامِلٍ بَطْنَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَخِذَيْهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

751- وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ إذَا سَجَدَ أَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِن الْأَرْضِ، وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

بَابُ أَعْضَاءِ السُّجُودِ

752- عَن الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِالْمُطَّلِبِ : أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إذَا سَجَدَ الْعَبْدُ سَجَدَ مَعَهُ سَبْعَةُ آرَابٍ: وَجْهُهُ، وَكَفَّاهُ، وَرُكْبَتَاهُ، وَقَدَمَاهُ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.

753- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "أُمِرَ النَّبِيُّ ﷺ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ، وَلَا يَكُفَّ شَعْرًا وَلَا ثَوْبًا: الْجَبْهَةِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ". أَخْرَجَاهُ.

وَفِي لَفْظٍ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ: عَلَى الْجَبْهَةِ -وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ- وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَأطراف الْقَدَمَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ، وَلَا أَكْفِت الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ: الْجَبْهَةِ، وَالْأَنْفِ، وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ، وَالْقَدَمَيْنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ.

الشيخ: اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الأولى في كيفية الهوي إلى الركوع، وماذا يفعل إذا هوى لركوعه، وكيفية سجوده عليه الصلاة والسلام، وبين حديث وائل أنه كان ﷺ إذا هوى إلى السجود قدَّم ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه، فيسجد أولًا على الركبتين، ثم اليدين على الكفَّين، ثم الجبهة والأنف. خرجه الأربعة -أهل السنن الأربعة- من حديث وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وله شاهدٌ من حديث أنسٍ عند الحاكم وغيره.

فهذا يدل على أن السنة أن يبدأ بركبتيه، ثم يديه، ثم جبهته وأنفه حين يهوي إلى السجود بعد الركوع، والرفع بالعكس: يبدأ بالوجه، ثم اليدين، ثم الركبتين.

وجاء في حديث أبي هريرة أنه ﷺ قال: لا يبرك أحدُكم كما يبرك البعيرُ، وليضع يديه قبل ركبتيه، وجاء له شاهد من حديث عمر أيضًا.

واختلف العلماء في هذه الأحاديث الأربعة: حديث أبي هريرة وابن عمر، وحديث وائل وأنس في كيفية الهوي إلى السجود، وقال قوم: إنه يبدأ بركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه على حديث وائل وما جاء في معناه، وأن هذا هو الأرفق بالمصلي، وهو الأبعد عن مُشابهة البهيمة، عن مشابهة البعير؛ فإنَّ البعير يبدأ بيديه، قالوا: وهذا هو المطابق لما دلَّ عليه حديث أبي هريرة: لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، وأن السنة البداءة بالركبتين وباليدين ثم الوجه في السجود، والعكس في الرفع: يبدأ بالوجه ثم اليدين ثم الركبتين.

وهذا القول أصحّ من حيث المعنى، والدليل أظهر، وهو الذي صحَّحه الخطابيُّ وجماعة من أهل العلم، وإن كان في إسناد وائل شريك بن عبدالله النخعي القاضي المعروف، وفسّر بأنه يُخطئ كثيرًا بعدما تولَّى القضاء، لكنه من رجال مسلم، ومن أهل العدالة والاستقامة، ومثل هذا ليس مما ينسى؛ لأنَّ ذلك يمرُّ عليه في اليوم والليلة خمس مرات، ليس مما يغلط فيه، بل هذا مما يُحفظ، فبعيد أن يكون في حفظه غلط وهو يمر عليه في يومه وليلته مرات كثيرة.

ثم تعضده رواية أنس، وإن كان فيها بعض اللين، لكنها شاهد ومقوي لحديث وائل، أما من حيث المعنى يُوافقه حديث أبي هريرة، وهو موافق له في المعنى: لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير، بروك البعير يكون بتقديم يديه قبل رجليه، وقوله في آخره: وليضع يديه قبل ركبتيه فيه شاذ ونافر مع أول الحديث، ولعله التبس على بعض الرواة وانقلب عليه، وكان الأصل أن يقول: "وليضع ركبتيه قبل يديه"، فانقلب عليه كما أشار إلى هذا ابن القيم رحمه الله.

ثم الأصل أن العمل واحد في سجود النبي ﷺ، مهما أمكن الجمع بين الروايات واتفاق معناها فهو أولى من الاختلاف، وليس مما يُقال فيه: إن هذا من اختلاف التنوع؛ لأن هذا ليس فعلًا حتى يقال: من باب التنوع، تارة كذا، وتارة كذا؛ لأنَّ هذا فيه فعل، وفيه نهي: لا يبرك، فهذا يُبين أنه نوع واحد، وأن القضية واحدة، فالأظهر هو ما ذهب إليه الأكثرون من كون تقديم الركبتين قبل اليدين.

ونسب ابنُ أبي داود إلى أهل الحديث ما دلَّ عليه حديث أبي هريرة، وأنه يُقدم يديه قبل ركبتيه، وهذه النسبة محل نظرٍ، فالأقرب والأظهر هو ما دلَّ عليه حديث وائل، وأن حديث أبي هريرة في المعنى موافق له، ليس مخالفًا له، فالحقيقة أن المعنى واحد، وأن السنة تقديم الركبتين ثم اليدين ثم الوجه في النزول، والعكس في الرفع.

وفي الحديث الثالث: "كان يُجَنِّح في سجوده عليه الصلاة والسلام"، ومعنى "يُجَنِّح" يعني: يُجافي عضديه عن جنبيه حتى يرى بياض إبطه، وهو معنى حديث أنس: اعتدلوا في السجود، ولا يبسط أحدُكم ذراعيه انبساط الكلب، وهو معنى التجنيح، يعني: صار يُجافي ويعتدل، ولا يلصق عضديه في جنبيه.

وهكذا حديث أبي حميدٍ: "رفع بطنه عن فخذيه، وفخذيه عن ساقيه" كل هذا من اعتداله في السجود عليه الصلاة والسلام، وهكذا ما في حديث أبي حميدٍ أيضًا من وضع يديه حيال منكبيه، وجاء معنى ذلك من حديث ابن عمر: أن تُوضع اليدان حيال المنكبين في السجود.

وجاء في حديث وائل في "صحيح مسلم" وضعهما حيال الأذنين، وهذا من باب التنوع؛ لأنه فعل، فتارةً يضعهما حيال منكبيه، وتارة يضعهما حيال أذنيه في السجود عليه الصلاة والسلام، وهكذا في رفع اليدين عند الإحرام والركوع والرفع منه، وعند القيام للثالثة، تارةً يرفعهما حيال منكبيه، ويرفعهما حيال أذنيه عليه الصلاة والسلام، هذا من باب التنوع.

كذلك حديث أعضاء السجود -حديث ابن عباس- قال ﷺ: إذا سجد العبدُ سجد معه سبعةُ آراب: الوجه، والكفَّان، والركبتان، والقدمان خرَّجه الجماعة إلا البخاري، هذا واضح في أنه يجب السجود عليها؛ لأنها إخبار عن سجود المؤمن، وهكذا سجوده.

ويُؤيده حديث ابن عباس: أُمِرْتُ أن أسجد على سبعة أعظم، وألا أكفت شعرًا ولا ثوبًا، فالواجب أن يسجد على الأعضاء السبعة، وأن تكون هذه الآراب كلها ساجدة معه في الفرض والنفل، الوجه وأشار إلى أنفه، الجبهة مع الأنف، هذا هو الصواب، والكفّين، والركبتين، وأطراف القدمين على بطون أصابع القدمين، يعتمد على بطونهما وأطرافها إلى القبلة، وهكذا يداه: أطراف أصابعه إلى القبلة، ضامًّا بعضها إلى بعضٍ حين سجوده، وأطرافها إلى القبلة، وهذا هو الواجب في السجود، وليس له أن يرفع عضوًا من هذه الأعضاء، بل يجب أن يسجد عليها كلها في الفرض والنفل.

وهو مأمور أيضًا ألا يكفَّ شعرًا ولا ثوبًا، يترك ثيابه وشعره عند السجود لا يمنعه، وآخر الأمر الوجوب حتى في الشعر والثياب، وأنه لا يكفّ شيئًا من ذلك؛ لأنه أمر واحد، وهذا مما يدل على أنه ينبغي له أن يحرص على الخشوع والإقبال على الصلاة؛ لأنه إذا اشتغل بكفِّ شعره وثوبه ربما شغله عن المطلوب وهو الخشوع في سجوده، والإقبال على صلاته، وإحضار قلبه، فأُمر أن يسجد على هذه الأعضاء، وألا يشتغل بكفِّ شعرٍ ولا ثوب حتى يكون ذلك أكمل وأوفر لخشوع قلبه وإقباله على صلاته.

والله أعلم.

س: ..... نقل عن مَن، عن ابن أبي داود؟

ج: نعم؟

س: في الكلام في؟

ج: ابن أبي داود نقل عن ..... الحديث تقديم اليدين، وهذا النقل فيه نظر.

س: الحديث الأول رأي الجمهور؟

ج: نعم، وضع الركبتين قبل اليدين.

س: كفّ الكمّ قبل الدخول في الصلاة؟

ج: يحله إذا دخل في الصلاة، لا يكفّه كذا يحله حتى يسجد معه.

س: والغُترة؟

ج: والغُترة كذلك خلها هكذا، خلها على ما هي.

س: لو فعل ذلك؟

ج: لا ينبغي له، أقل أحواله الكراهة.

س: وسط الثوب عفا الله عنك أو وسط البشت إذا كان ينتشر على مَن حوله؟

ج: يتركه على ما هو عليه، هو ساجد، مع هذا كله البشت ساجد معه.

س: لكن في الوسط إذا تركه قد ينتشر على مَن حوله؟

ج: لا، يضمُّه إليه حتى لا يُؤذي أحدًا؛ ولهذا حديث وائل ذكر لما أراد أن يركع أخرج يديه من تحت الرداء ورفع يديه، وإذا رفعهما أدخلهما بعد ذلك في الرداء وجعله فوقهما ..... وقت البرد ونحوه.

س: .............؟

ج: ما أتذكر شيئًا في هذا، أقول: ما أعرف شيئًا في هذا، لكن هذا كافٍ، حديث ابن عباس كافٍ في "الصحيحين".

س: ..........؟

ج: ما تصحّ، الصحيح لا تصحّ؛ لأنَّ الوجه عضو واحد، لا بدَّ منهما.

س: يُعيد الصلاة يا شيخ؟

ج: هذا الصواب.

س: ..............؟

ج: يأتي بركعةٍ ..... يأتي بركعةٍ بدلها، إذا فاته ..... يأتي بركعةٍ بدلها إذا فاته، أما إذا ما فات في الحال يسجد.

س: الأنف قبل الجبهة في السجود؟

ج: الأمر سهل في هذا، الأمر واسع في هذا.

س: السجود على الطاقية وعلى ..؟

ج: ما يضرّ، لو سجد على الطاقية أو على طرف العمامة أو على طرف البشت ما يضرّ، أو على سجادة كله، كان الصحابة إذا اشتدَّ الحرُّ عليهم قدَّموا أطرافَ ثيابهم وسجدوا عليها.

س: ............؟

ج: تركها أولى، بالذات في المصلّى.

س: ...... لا يسجد على شيءٍ إذا تحرَّك ..؟

ج: ما أذكر، ما أعرف هذا ..... لا تتحرَّكوا، ليس بشيءٍ، أقول: ليس بشيءٍ.

س: ..... العقيبين في السجود؟

ج: ..... مثلما رواه مسلم، قال: فقدِّماه .....، وهو أبلغ في المجافاة ..... تفريق الفخذين، إذا تفرَّق الفخذان تفرَّقت القدمان، رواية مسلم أولى وأصح.

س: البعير الذي في يديه يُسمَّى: الركب، والذي في قدميه يُسمَّى: ..... الرجل الركب في رجليه ..... يقدم ركبتيه؟

ج: لكن لا تُسمَّى: يدان، تُسمَّى ..... البعير يدان ..... البعير يبرك على يديه، ويجلس [على] المؤخرة، ولو سُميت: ركب، هي يدان.

بَابُ الْمُصَلِّي يَسْجُدُ عَلَى مَا يَحْمِلُهُ وَلَا يُبَاشِرُ مُصَلَّاهُ بِأَعْضَائِهِ

754- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِن الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ.

755- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ وَهُوَ يَتَّقِي الطِّينَ إذَا سَجَدَ بِكِسَاءٍ عَلَيْهِ يَجْعَلُهُ دُونَ يَدَيْهِ إلَى الْأَرْضِ إذَا سَجَدَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

756- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ قَالَ: "جَاءَنَا النَّبِيُّ ﷺ فَصَلَّى بِنَا فِي مَسْجِدِ بَنِي الْأَشْهَلِ، فَرَأَيْتُهُ وَاضِعًا يَدَيْهِ فِي ثَوْبِهِ إذَا سَجَدَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ وَقَالَ: "عَلَى ثَوْبِهِ".

وقال البخاري: قال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمّيه.

وروى سعيد في "سننه" عن إبراهيم قال: كانوا يُصلون في المساتق والبرانس والطيالسة، ولا يُخرجون أيديهم.

بَابُ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَمَا يَقُولُ فِيهَا

757- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ قَامَ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَوْهَمَ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا: أَنَّ أَنَسًا قَالَ: "إنِّي لَا آلُو أَنْ أُصَلِّيَ بِكُمْ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي بِنَا، فَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ انْتَصَبَ قَائِمًا حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: قَدْ نَسِيَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن السَّجْدَةِ مَكَثَ حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ: قَدْ نَسِيَ".

758- وَعَنْ حُذَيْفَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، رَبِّ اغْفِرْ لِي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

759- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يَقُولُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُد إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: وَعَافِنِي مَكَانَ: وَاجْبُرْنِي.

الشيخ: الأحاديث الثلاثة الأولى في السجود على الملابس: حديث أنس، وحديث عبدالله بن عباس، وحديث عبدالله بن عبدالرحمن، وأثر الحسن وأثر إبراهيم النَّخعي كلها تدل على أنه لا حرج في السجود على بعض الثياب عند الحاجة إلى ذلك: كشدة الحرِّ والبرد والماء ونحو ذلك، وحديث أنس في "الصحيحين" بين في ذلك أنهم كانوا يسجدون على ثيابهم عند شدّة الحرِّ، هذا يدل على جواز ذلك، ولعله موضع إجماع؛ لأنَّ هذا أمر تدعو له الحاجة، والأحاديث واضحة وصحيحة، والآثار كذلك، فالنبي ﷺ والصحابة والسلف الصالح كانوا يتَّقون الحرَّ والبرد ببعض ثيابهم، أو ببساطٍ يبسط على الأرض؛ ليقيهم حرَّها وبردها، لا بأس بذلك، كان يُصلي على خمرةٍ من الحصير من الخوص، المقصود أن هذا كله لا بأس به، ولا حرج فيه، سواء كان من الخوص، أو من القطن، أو من الصوف، أو من غير ذلك من النباتات الطَّاهرة.

والأحاديث الثلاثة الأخيرة: حديث أنس وحذيفة وابن عباس كلها تدل على شرعية الجلوس بين السجدتين، والطمأنينة في ذلك والاعتدال، وقد جاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة: حديث عائشة، وحديث أبي حميد الساعدي، وأحاديث كثيرة تدل على أنه تجب الطمأنينة في الجلسة بين السجدتين، كما تجب الطمأنينة بعد الرفع من الركوع، هذا واجب، وهذا واجب، بل ركن، فعلى المصلي أن يعتدل بعد الركوع ويطمئن ولا يعجل، وهكذا بين السجدتين عليه أن يعتدل ويطمئن ولا يعجل، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وهو مُرادهم في الأحاديث الصحيحة.

وقد جاء عن أبي حنيفة رحمه الله وبعض الحنفية في هذا شيء يُخالف الأحاديث الصحيحة، فلا يُعول عليه، ولا يُلتفت إليه.

والذي عليه جمهور أهل العلم أنه لا بدَّ من الطُّمأنينة في هذا الركن بين السجدتين، وكذا بعد الركوع لا بدّ من الاعتدال والطمأنينة، وقد أمر ﷺ المسيء بذلك، وأمره أن يُعيد لما قصَّر في ذلك.

وفيه أنه يقول بين السجدتين: ربِّ اغفر لي، ربِّ اغفر لي كما في حديث حذيفة، وفي حديث ابن عباس: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجبرني، وارزقني، وفي اللفظ الآخر: وعافني، وزيادة ابن ماجه: وارفعني.

فهي ألفاظ سبعة: في رواية أبي داود: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، وعافني، ورواية الترمذي: واجبرني بدل وعافني، وفي لفظ ابن ماجه: وارفعني بدل ارزقني وعافني، وكل ذلك واسع؛ ولهذا قال النووي رحمه الله: الأفضل أن يجمعها كلها؛ حرصًا على العمل بالروايات كلها.

والحديث رواه أهل السنن ما عدا النَّسائي من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد، عن ابن عباس، وصحَّحه الحاكم كما قال الحافظُ في "البلوغ"، رواه الأربعة إلا النسائي، وصححه الحاكم، وأقرَّه الحافظ ولم يستدرك عليه شيئًا، وهكذا أقرَّه الذهبيُّ رحمه الله في تصحيحه، وسنده جيد، إلا أنه من رواية حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد، وحبيب مرمي بالتدليس، ولكن الأصل في القاعدة والتدليس إلا إذا ما وجد على التدليس؛ ولهذا صححه الحاكم والذهبي رحمهما الله، وأقرهما الحافظ في "البلوغ".

فالحديث جيد، وهو يدل على شرعية هذا الدعاء بين السجدتين: رب اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجبرني، وارزقني، وعافني، وفي رواية ابن ماجه: وارفعني.

كل هذه دعوات طيبة تدل على أن هذه الجلسة محل دعاء، وأنه يدعو بها بما يسَّر الله له، فهي محل دعاء؛ ولهذا ذهب أحمدُ رحمه الله وجماعةٌ إلى أنه يجب الدعاء بالمغفرة مرة واحدة: "ربِّ اغفر لي"، وما زاد فهو مُستحبٌّ، والجمهور على أنه سنة، أن الدعاء كله سنة، وينبغي للمؤمن ألا يدع "ربِّ اغفر" خروجًا من الخلاف؛ لأنَّ حذيفة روى ذلك عن النبي ﷺ، ورواه ابن عباس هنا، وقال ﷺ: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلِّي، فأقل شيءٍ يقول: "ربِّ اغفر لي" كما في حديث حُذيفة.

وفي هذا أنه يُقيم ﷺ حتى يُقال: "قد أوهم" من تطويله للجلسة بين السجدتين، وتطويله للوقوف بعد الركوع ......؛ ولهذا قال في الرواية الأخرى أنس: "حتى نقول: قد نسي"، فهذا يدل على أنه يُستحب للإمام والمنفرد أن يُبالغ في ذلك، وأن يطمئن في هذا الاعتدال حتى يبتعد عن النقر، وتقدمت الأحاديث: لا صلاةَ لمن لم يقم صلبه بعد الركوع والسجود، وحديث: لا ينظر الله إلى رجلٍ لا يُقيم صلبه بعد الركوع والسجود، المقصود أنَّ هذا مهم، فينبغي للمؤمن أن لا يتساهل في ذلك؛ لأن بعض الناس تغلب عليه العجلة فلا يُقيم صلبه بعد الركوع والسجود، وهذا مما تبطل به الصلاة، نسأل الله السلامة.

س: ...........؟

ج: ..... الحديثين السندين يعني ..... في رواية، وعلي في رواية، والفضل في رواية.

س: ...........؟

ج: .....، وأما الحال ..... التشهد ..... فيه نظر، في صحَّته نظر، وأنها جائزة ..... في السجدتين ..... الأحاديث الصحيحة ..... يسبط اليدين، هذا بعض ..... بسط اليدين على الفخذين أو الركبتين.

س: وردت الألفاظ السبع -الكلمات السبع؟

ج: هذا معروف ..... جاء في رواية البيهقي: أجرني .....، ولعلها تصحيف .....

س: يدعو أخرى ما في؟

ج: لا، ما أذكر شيئًا، لكن لو دعا .....

س: ...........؟

ج: الأفضل أن يُباشر المصلَّى، أن يُصلي عليه، لا يقصد به شيئًا إذا كان ..... لا يقصد به شيئًا، ولو قصد ما يضرّ، إذا كان ترابًا يخليه تجاه التراب ..... هذا الأفضل.

س: ............؟

ج: أفضل، أفضل ......

س: ..... يكرر الدعاء أو يأتي ..؟

ج: يعني: يُكرر الدعاء؛ لأن النبي كان يُطيل بين السجدتين، يُطيل بعد الركوع ..... وإذا عليه زيادة فلا بأس.

س: الصلاة عنه دون التَّشهد الأول؟

ج: عموم الأحاديث ......، ولكن يكون هذا خاصّ بالتأخير ..

بَابُ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ وَلُزُومِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ عَنْهُمَا

760- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَل الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ، فَرَجَعَ فَصَلَّى كَمَا صَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ؛ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا، فَقَالَ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُحْسِنُ غَيْرَهُ، فَعَلِّمْنِي، فَقَالَ: إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صلاتِك كُلِّهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِيهِ ذِكْرُ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ الْحَدِيثَ.

761- وَعَنْ حُذَيْفَةَ : أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ حُذَيْفَةُ: "مَا صَلَّيْتَ، وَلَوْ مِتَّ مِتَّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا ﷺ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.

762- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أسوأ النَّاس سَرِقَةً الَّذِي يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يَسْرِقُ مِنْ صَلَاتِهِ؟ قَالَ: لَا يُتِمُّ رُكُوعَهَا وَلَا سُجُودَهَا، أَوْ قَالَ: وَلَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مِثْلُهُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: يَسْرِقُ صَلَاتَهُ.

بَابُ كَيْفَ النُّهُوضُ إلَى الثَّانِيَةِ وَمَا جَاءَ فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ

763- عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَمَّا سَجَدَ وَقَعَتْ رُكْبَتَاهُ إلَى الْأَرْضِ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ كَفَّاهُ، فَلَمَّا سَجَدَ وَضَعَ جَبْهَتَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ، وَجَافَى عَنْ إبطَيْهِ، وَإِذَا نَهَضَ نَهَضَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَاعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

764- وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ : أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي، فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِدًا. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَهْ.

الشيخ: هذه الأحاديث الأولى فيها الدلالة على وجوب الطمأنينة، وأن الواجب على المصلِّي في الفرض والنَّفل أن يطمئن؛ ولهذا لما رأى المسيء في صلاته لم يطمئن أمره أن يُعيد الصلاة، فدلَّ ذلك على وجوب الطمأنينة، وهي الخشوع في الصلاة والسكون فيها، وعدم العجلة، فيطمئن في ركوعه، وفي اعتداله بعد الركوع، وفي سجوده، وفي اعتداله بين السجدتين، والحديث واضح في أنَّ ذلك ركن لا بد منه، فرض لا بد منه، وأنَّ مَن ترك ذلك لم تصحّ صلاته، وهذا الذي عليه جمهور أهل العلم، وهو واضح من الأحاديث، وهو واضح من فعل النبي ﷺ، وقال: صلوا كما رأيتُموني أُصلي، وكان يطمئن في صلاته عليه الصلاة والسلام، وتقدم هذا الحديث في صفة النبي ﷺ، لكن ذكره هنا في مسألة الطمأنينة، فالمقصود أنَّ الطمأنينة -وهي الركود والسكون وعدم العجلة حتى يرجع كلُّ فقارٍ إلى مكانه- أمر لازم وفريضة.

وهكذا حديث حذيفة فيه الدلالة على أنَّ مَن لم يطمئن في ركوعه وسجوده فلا صلاةَ له، وأنه صلى على غير الفطرة التي فطر الله عليها محمدًا عليه الصلاة والسلام، وكونه يموت على غير الفطرة يكون ما أتى بالأمر الشرعي؛ لهذا قال: "ما صلَّيْتَ"، فدلَّ ذلك على أنَّ مَن لم يطمئن فإنه ما صلَّى.

وهكذا حديث أبي قتادة وأبي سعيد وما جاء في معناهما: أسوأ الناس سرقةً، وفي روايةٍ أخرى: أشرُّ الناس سرقةً الذي يسرق صلاته، سئل عن السرقة؟ قال: لا يُتم ركوعها ولا سجودها، فهذا أسوأ وأقبح من سرقة الأموال، الصلاة هي عمود الإسلام، فلا بدّ من العناية بها، والحفاظ عليها، والطمأنينة فيها؛ حتى تُؤدَّى كما أمر الله، وهذا يعمُّ الفرض والنَّفل، ولكنه في الفرض أشدّ وأهم.

وذُكر عن الحنفية في هذا خلاف: منهم مَن يراه فرضًا، ومنهم مَن يراه واجبًا، ومنهم مَن يراه سنةً، والصواب ما عليه جمهور أهل العلم من أنَّ الطمأنينة لا بدّ منها، وأنه لا بد من الاعتدال بعد الركوع، والاعتدال بين السجدتين، ومَن خالف ذلك فهو قول فاسد يُخالف السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

أما جلسة الاستراحة: فاختلف فيها العلماء؛ حديث وائل المذكور -وفيه ضعف- يدل على تركها، وحديث مالك بن الحويرث يدل على إثباتها، وهكذا جاء من حديث أبي حميدٍ الساعدي في عشرة من أصحاب النبي ﷺ إثباتها، والصواب أنها سنة ومُستحبة وليست واجبةً، فمَن رواها أثبت السنة، ومَن تركها دلَّ أن تركه لها على أنها غير واجبةٍ كما في حديث وائل وغيره ممن روى أحاديث صلاة النبي ﷺ: عبدالله بن عمرو وغيره ممن روى صفة صلاة النبي ﷺ، فمَن لم يذكرها يدل ذلك على أنه تارةً يفعلها، وتارةً يتركها عليه الصلاة والسلام، وهي جلسة خفيفة بعد الأولى والثالثة تُشبه جلسة ما بين السجدتين، فهي مُستحبَّة.

وقال بعضُ أهل العلم: إنها تُستحب لمن شقَّ عليه القيام بسرعةٍ، يستريح: كبير السن والمريض، لكن ظاهر السنة أنها مستحبة للجميع: للإمام والمنفرد والمأموم، حتى ولو ما جلسها الإمامُ فهي مُستحبَّة للجميع، كما أنَّ رفع اليدين مُستحب للجميع: للإمام وللمنفرد والمأموم، ولو لم يرفع الإمامُ سُنَّ للمأموم أن يرفع، هكذا جلسة الاستراحة على الأرجح هي سنة، وإذا تركها الإمامُ لم يتركها المأموم، لكنها خفيفة.

والله أعلم.

س: .............؟

ج: مطلقة، نعم.

س: يتأخَّر لو فعلها المأموم؟

ج: نعم؟

س: أقول: لو فعلها المأمومُ ما يكون تأخَّر؟

ج: سهل، مُغتفر به، سنة، السنة مطلوبة.

س: بعد التَّكبير بالنسبة للإمام؟

ج: نعم؟

س: أقول: بعد التكبير أو قبل التكبير بالنسبة للإمام؟

ج: ما جاء في هذا شيء صريح، لكن مَن فعله بعد التكبير يُنبه المأمومين حتى لا يعجلوا، وإن فعلها قبل التكبير يحتاج تنبيهًا، هي جلسة خفيفة ثم ينهض ويُكبِّر حتى لا يختلفوا عليه.

س: ما تكون فيه مخالفة إذا فعلها المأمومُ ولم يفعلها الإمامُ، تأخَّر عنه؟

ج: معفو عنها، المخالفة معفو عنها من أجل تحقيق سنة، مثل: لو يُخالف رفع اليدين، لو صلَّى ..... ولو لم يرفع الإمامُ، هذا هو السنة، السنة نحافظ عليها، ويجب أن نُخالف .....، أما المخالفة بالسنن مطلوبة، إذا أخلَّ بها الإمامُ لا يُخلّ بها المأموم إذا أمكنه.

س: رفع يديه عند تكبيرة الإحرام؟

ج: سنة: عند الإحرام، عند الركوع، عند الرفع منه، عند الوقوف للثالثة ترفع يديك.

س: الثالثة؟

ج: القيام إلى الثالثة، إذا قام بعد التَّشهد الأول يرفع يديه مع التَّكبير حين ينهض إلى الثالثة.

س: ............؟

ج: السنة تثبت في آخر الحياة ..... ﷺ، أقول: ثبت في حديث أبي حميدٍ وفي حديث مالك ..... ﷺ مطلقًا، الأصل عدم تقيدها ..... قوي ثلاثة وستون عليه الصلاة والسلام.