13 من حديث: (أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا أَيَقْتُلُهُ؟)

642- عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا؟ أَيَقْتُلُهُ؟ فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَا شَاهِدٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

643- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: "شَهِدْتُ النَّبِيَّ ﷺ أَكْثَرَ مِنْ مِئَةِ مَرَّةٍ فِي الْمَسْجِدِ وَأَصْحَابُهُ يَتَذَاكَرُونَ الشِّعْرَ وَأَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

644- وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ: مَرَّ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ وَحَسَّانُ يُنْشِدُ، فَلَحَظَ إلَيْهِ، فَقَالَ: كُنْتُ أُنْشِدُ وَفِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْك، ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيَّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَنْشُدُك باللَّهِ، أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: أَجِبْ عَنِّي، اللَّهُمَّ أَيِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ؟ قَالَ: نَعَمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

645- وَعَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَمِّهِ : أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

646- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهُوَ شَابٌّ عَزَبٌ لَا أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَأَحْمَدُ وَلَفْظُهُ: "كُنَّا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَنَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَنَقِيلُ فِيهِ وَنَحْنُ شَبَابٌ".

قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ أَبُو قِلَابَةَ: عَنْ أَنَسٍ : قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ، وَقَالَ: قَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ : كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الْفُقَرَاءَ.

647- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: "أُصِيبَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ: حِبَّانُ بْنُ الْعَرِقَةِ فِي الْأَكْحَلِ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ لِيَعُودَهُ مِنْ قَرِيبٍ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

648- وَعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَطْعَمَ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : "دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا أَنَا بِسَائِلٍ يَسْأَلُ، فَوَجَدْتُ كِسْرَةَ خُبْزٍ بَيْنَ يَدَيْ عَبْدِالرَّحْمَنِ فَأَخَذْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إلَيْهِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

649- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: "كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي الْمَسْجِدِ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وقد ثبت أن النبي ﷺ أسر ثمامة بن أثال، فرُبط بساريةٍ في المسجد قبل إسلامه، وثبت عنه أنه نثر مالًا جاء من البحرين في المسجد وقسمه فيه.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث كلها تتعلق بما يجوز في المسجد، وبما لا يُعدّ امتهانًا للمسجد، وتقدّم أنه صان المسجد عمَّا يكون امتهانًا له من قذرٍ وأذى وبُصاقٍ ونحو ذلك، وأنه يُشرع تطهيره وتطييبه وتنظيفه.

وهذه الأحاديث وما قبلها في بيان ما يجوز فعله في المسجد: من ذلك التلاعن في المسجد، إذا رمى امرأته –قذفها- فأنكرت ذلك فلا مانع من التلاعن في المسجد، كما فعل النبيُّ ﷺ مع ..... وصاحبته، فالتلاعن من جنس الحكم، كما أصلح بين كعب وصاحبه ابن أبي حدرد، فالحكم في المسجد لا حرج فيه، والتلاعن من ذلك، كما يُفتي في ذلك، وكما ينصح في ذلك.

ومن ذلك: إنشاد الشعر، أنه لا حرج فيه، والبحث في أمور الجاهلية، كما قال جابر بن سمرة: أنه كان حضر مئة جلسةٍ مع النبي ﷺ، قال ..... الصحابة يتذاكرون في الأشعار، وفي بعض أمور الجاهلية، فلا ينهاهم، وربما تبسَّم عليه الصلاة والسلام إذا ذُكِرَ شيء مما يُوجب ذلك، فهذا يدل على أنه لا مانع من المذاكرة في أمور الجاهلية؛ ليحمد العبدُ ربَّه على ما منَّ عليه من العافية والسلامة والاستقامة على دين الله؛ فإنَّ في أخبار الجاهلية عبرة؛ ولهذا في الحديث: إنما تُنقض عُرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام مَن لا يعرف الجاهلية، فالعلم بأمور الجاهلية تزيد المؤمن ثباتًا على الحقِّ، وبصيرةً في دينه.

وهذا دليل على أنه لا مانع من إنشاد الشعر في المسجد، وأن ما تقدَّم من النَّهي عن ذلك محمولٌ على ما لا ينبغي من الأشعار الماجنة، أو الأشعار التي تذم الحقَّ، أو تمدح الباطل، ونحو ذلك.

أما الأشعار التي فيها فائدة، وفيها توجيه للخير، أو فيها دعوة إلى الله، أو نصر للحق، وهجو لأعداء الله -كما فعل حسان- فلا بأس بذلك، وكما تناشدوا عنده ﷺ وأقرَّهم، وكان يأمر حسانًا أن يهجو المشركين ويقول: اللهم أيِّده بروح القدس يعني: جبرائيل، هذا ثابتٌ في الصحيح كما هنا من حديث أبي هريرة .

وفيه من الفوائد أيضًا -في هذه الأحاديث من الفوائد- النوم في المسجد: لا بأس أن ينام المؤمن في المسجد عند الحاجة، كما كان ابن عمر ينام، وهكذا علي، وغاضب مرةً فاطمة فذهب إلى المسجد فنام فيه، حتى مرَّ عليه النبيُّ ﷺ فإذا هو قد سقط رداؤه وأصابه التراب، فجاءه عليه الصلاة والسلام وقال: قم أبا تراب، قم أبا تراب، كما في الصحيح.

كذلك أهل الصُّفَّة ينامون في المسجد ويأكلون، دلَّ على أنه لا بأس، والصفة حجرة في المسجد مُظللة، يسكن فيها الفقراء والمهاجرون حتى يجدوا مكانًا خارج المسجد، ومعلوم أنهم يأكلون، وهكذا المعتكفون يأكلون، فدلَّ على أنه لا بأس بذلك.

فجميع الأحاديث الواردة في هذا الكتاب وغيره كلها تدل على جواز الأكل والشرب في المسجد، مع العناية، مع الحرص على عدم تقذير المسجد بشيءٍ، بل يصونه عمَّا قد يتساقط من طعامٍ أو غيره، فتكون هناك عناية.

كذلك توزيع المال: لما جاء مال البحرين نثره في المسجد، وقسمه في المسجد عليه الصلاة والسلام، وهكذا في الحديث الصحيح في "صحيح مسلم" أنه وزَّع نبلًا في المسجد على بعض المجاهدين.

فالمقصود من مثل هذا ليس فيه امتهان المسجد، بل هذا من مقاصد المسجد: الإحسان إلى الناس، وتوزيع المال بينهم، وتوزيع السلاح بينهم عند الحاجة، لا بأس بذلك.

كذلك قصة الصديق لما دخل المسجدَ ورأى فقيرًا يسأل، فأعطاه كسرةً وجدها في يد ابنه عبدالرحمن، فهذا يدل على جواز السؤال في المسجد، وأن يُعطى الفقير، لا مانع أن يقوم فيسأل ويتصدّق عليه؛ لأن المسجد يجمع الناس، والفقير يأتي في مجامع الناس حتى يُحسنوا إليه.

فهذه الأحاديث كلها وما جاء في معناها فيها الدلالة على أنَّ هذه الأمور لا تحدث الكراهة في المسجد، ولا تمنع في المسجد.

وهكذا ربط الأسير إذا دعت الحاجةُ، كما ربط النبيُّ ﷺ ثمامة بن أثال ثلاثة أيام في المسجد، ومعلوم أن الأسير يحتاج إلى أكل، ويحتاج إلى شربٍ.

كذلك أنزل وفد ثقيف في المسجد عليه الصلاة والسلام لحاجةٍ.

هذه الأحاديث كلها واضحة في أن مثل هذه الأمور لا حرج فيها في المسجد، وإنما يُصان عمَّا يكون فيه تقذير وأذى للمُصلين، فأما ما لا شيء فيه من ذلك والمسلمون يحتاجون إليه فلا حرج في ذلك، والله أعلم.

كذلك حديث أنه استلقى ووضع إحدى رجليه على الأخرى -حديث عبدالله بن زيد- لا بأس به، يدل على أنه لا بأس بذلك، وأما ما رواه مسلم في "صحيحه" عن النهي عن ذلك فهو محمولٌ على إذا كان هناك بدو عورة وعدم تستر وعدم تحفظ، وقال بعضهم: إن النهي منسوخ، ولكن ليس بصحيح؛ لأن القاعدة أن النسخ لا يُصار إليه إلا عند تعذر الجمع، ولا تعذر الجمع هنا، ثم لا يعلم التاريخ أيضًا، وإن كان حديث كونه اضطجع ووضع إحدى رجليه على الأخرى أصحّ، لكن كونه أصحّ لا يمنع من الجمع، وإنما يُصار للترجيح عند تعذر الجمع، وقد فعله الخلفاء بعده، فدلَّ على أنه لا حرج فيه؛ أن يضطجع على ظهره ويضع إحدى رجليه على الأخرى في المسجد أو في غيره لا بأس بذلك إذا كانت العورةُ محفوظةً: عليه سراويل، أو إزار، إذا فرط فيه عورته فلا حرج في ذلك، والله أعلم.

س: يوجد الآن في ..... المساجد كنبات، يأتي الناس بالوسائد والشَّراشف؟

ج: ..... العزب هو الذي ما له زوجة، ويقال: عزِب، كما قال الحافظ.

س: أقول: في رمضان يعتكف الناس في المساجد .....؟

ج: لا حرج إذا ..... المؤن لا بأس، الحديث واضح في ذلك، وقال بعضهم: لا بأس إذا كان ما له أهل، أو ما كان له زوجة مثلًا، لكنه تفصيل ما عليه دليل، قد يحتاج الناسُ للمسجد للمُذاكرة والعلم، وقد يكون الذهابُ إلى أهله يشغله عمَّا هو أهل يذهب إلى المسجد يستفيد من إخوانه، فإذا كان الجلوس في المسجد لا ضررَ فيه فلا حرج.

س: مكوث النساء في الحرم الآن؟

ج: النساء كذلك إن كان ما في ضرر، مع التَّستر ومع البُعد عن الفتنة فلا بأس، كما في قصة سعد بن معاذ لما أُصيب في أكحله يوم الخندق ضرب عليه النبيُّ ﷺ خيمةً في المسجد، وكان في المسجد أيضًا امرأة لها خيمة، عندها خيمة في المسجد، ما لها أهل، وأقرَّها النبيُّ في المسجد عليه الصلاة والسلام، فإذا دعت الحاجةُ إلى ذلك فلا بأس، لكن تكون في محلٍّ مستورٍ .....، وكان بعض نساء النبي ﷺ يعتكفن في المسجد في خيام مستورة، فإذا كان وجود المرأة في المسجد لا ضررَ فيه كخيمةٍ خاصةٍ ..... خاصة، ودعت الحاجةُ إلى ذلك فلا حرج في ذلك .......، لكن لا بد [من] الحذر من إيذاء المسجد، حتى ولو كان بعض الناس يُقيم الأعياد في المساجد، أدركت هذا في هذه البلاد وفي غيرها، يوم العيد يُقدِّمون الطعام في المسجد؛ لأنهم ما عندهم مساكن تتسع للناس .....، فالمسجد أوسع، فإذا جعلوه للطعام وأكلوا فلا بأس عند الحاجة، لكن إذا ..... ألا يقع في المسجد فيه من الأكل.

بَابُ تَنْزِيهِ قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ عَمَّا يُلْهِي الْمُصَلِّي

650- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَدْ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: أَمِيطِي عَنِّي قِرَامَك هَذَا؛ فَإِنَّهُ لَا يزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ لِي فِي صَلَاتِي رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.

651- وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَعَا بَعْدَ دُخُولِهِ الْكَعْبَةَ فَقَالَ: إنِّي كُنْتُ رَأَيْتُ قَرْنَي الْكَبْشِ حِينَ دَخَلْتُ الْبَيْتَ، فَنَسِيتُ أَنْ آمُرَك أَنْ تُخَمِّرَهُمَا، فَخَمِّرْهُمَا؛ فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي قِبْلَةِ الْبَيْتِ شَيْءٌ يُلْهِي الْمُصَلِّي رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

بَابٌ لَا يَخْرُجُ مِن الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ حَتَّى يُصَلِّيَ إلَّا لِعُذْرٍ

652- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا كُنْتُمْ فِي الْمَسْجِدِ فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَخْرُجْ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

653- وَعَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِن الْمَسْجِدِ بَعْدَمَا أُذِّنَ فِيهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : "أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ﷺ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ.

أَبْوَابُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ بَابُ وُجُوبِهِ لِلصَّلَاةِ

654- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -فِي حَدِيثٍ يَأْتِي ذِكْرُهُ- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: فَإِذَا قُمْتَ إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغ الْوُضُوءَ، ثُمَّ اسْتَقْبِل الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ.

655- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: "بَيْنَمَا النَّاسُ بِقُبَا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ إذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ، فَاسْتَقْبَلُوهَا، وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إلَى الْكَعْبَةِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

656- وَعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي نَحْوَ الْمَقْدِسِ، فَنَزَلَتْ: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:144]، فَمَرَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ وَهُمْ رُكُوعٌ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَقَدْ صَلَّوْا رَكْعَةً، فَنَادَى: أَلَا إنَّ الْقِبْلَةَ قَدْ حُوِّلَتْ، فَمَالُوا كَمَا هُمْ نَحْوَ الْقِبْلَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد.

وهو حجة في قبول أخبار الآحاد.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، .....

أما بعد: فهذه الأحاديث: في الحديث الأول الدلالة على أنه ينبغي أن لا يكون في المسجد لدى المصلي ما يشغله ......

بَابُ حُجَّةِ مَنْ رَأَى فَرْضَ الْبَعِيدِ إصَابَةَ الْجِهَةِ لَا الْعَيْنِ

657- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ: وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا يُعَضِّدُ ذَلِكَ.

بَابُ تَرْكِ الْقِبْلَةِ لِعُذْرِ الْخَوْفِ

658- عَنْ نَافِعٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أَنَّهُ كَانَ إذَا سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَصَفَهَا، ثُمَّ قَالَ: "فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَرُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْر مُسْتَقْبِلِيهَا"، قَالَ نَافِعٌ: وَلَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما ذَكَرَ ذَلِكَ إلَّا عَن النَّبِيِّ ﷺ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

بَابُ تَطَوُّعِ الْمُسَافِرِ عَلَى مَرْكُوبِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَ بِهِ

659- عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُسَبِّحُ عَلَى رَاحِلَتِهِ قِبَلَ أَيِّ وِجْهَةٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: "كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَفِيهِ نَزَلَ: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

660- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ النَّوَافِلَ فِي كُلِّ جِهَةٍ، وَلَكِنْ يَخْفِضُ السُّجُودَ مِن الركعة، وَيُومِئُ إيمَاءً". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَفِي لَفْظٍ: "بَعَثَنِي النَّبِيُّ ﷺ فِي حَاجَةٍ، فَجِئْتُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالسُّجُودُ أَخْفَضُ مِن الرُّكُوعِ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

661- وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ خَلَّى عَنْ رَاحِلَتِهِ فَصَلَّى حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد .....

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله.

هذه الأحاديث في الأول منها الدلالة على أنَّ الجهة قبلة لمن لم يُشاهد العين، فمَن شاهد العين -وهي الكعبة- استقبلها في صلاته، ومَن لم يشاهدها كانت الجهة، وهذا هو نص كتاب الله ؛ حيث قال : وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة:150]، فإن القريب منها يستقبل عينها، وأما البعيد فيستقبل الجهة والشطر.

وفي حديث أبي هريرة الذي رواه الترمذي وابن ماجه ..... البخاري رحمه الله: أن ما بين المشرق والمغرب قبلة، يُبين أنَّ الجهة التي فيها الكعبة تكفي، وهذا الذي قاله النبيُّ ﷺ في حقِّ أهل المدينة ومَن كان على ..... من جهة الشمال، وهكذا مَن كان من جهة الجنوب: "ما بين المشرق والمغرب قبلة" بالنسبة إليهم.

وهكذا في حديث أبي أيوب ..... الرسول ﷺ قال: لا تستقبلوا القبلة بغائطٍ ولا بولٍ، ولكن شرِّقوا أو غرِّبوا، هو في هذا المعنى أيضًا أنه إذا شرَّق أو غرَّب انحرف عن القبلة بالنسبة إلى المدينة.

أما بالنسبة إلى الشرق والغرب فإنَّ القبلة ما بين الجنوب والشمال، فإذا استقبل الجهةَ كفى ذلك، ولا يضرّ الميل اليسير الذي يحصل للإنسان في استقبال الجهات.

وحديث ابن عمر وما جاء في معناه فيما يتعلق بترك القبلة عند الخوف الشديد، وهو الذي لا يستطيع معه استقبال القبلة؛ فإن النبيَّ ﷺ صلى صلاة الخوف إلى القبلة، وصلَّى معه الناسُ إلى القبلة، وهو مصافّ للعدو، وجاءت ...... في ذلك كما يأتي إن شاء الله في بيان صلاة الخوف، ولكن حين شدة الخوف والعجز عن استقبال القبلة يُصلي حيث كان وجهه، قال تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239] أي: فصلوا رجالًا على الأقدام، أو ركبانًا، مُستقبلي القبلة، وغير مُستقبلي القبلة، كما قال ابن عمر، وهذا داخلٌ في قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]،  لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

فمثل ذلك لو كان مريضًا ليس عنده مَن يُوجهه إلى القبلة فإنه يُصلي إلى جهته، ولا تلزمه القبلة في هذه الحال للعجز، فإن بعض المرضى قد يكون على سريره أو في بيته وليس عنده مَن يعدله إلى القبلة، ويخشى فوت الوقت، فيُصلي على حاله، ومثل هذا المربوط على خشبةٍ أو نحوها، الذي يُصلب ولا يستطيع أن يتوجَّه إلى القبلة يُصلي على حسب حاله، والآية عامَّة من جوامع الكلم: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا.

وفي الأحاديث الأخيرة الدلالة على أنَّ المسافر تجوز له الصلاة إلى جهة سيره، ولا تلزمه القبلة في التطوع في النوافل: كان يُصلي إلى جهة السير عليه الصلاة والسلام على دابته، سواء في مواجهة القبلة أو إلى غيرها، وهذا من فضل الله؛ لتكثير التطوع ..... يُصلي على الراحلة: بعير أو فرس، بغل أو حمار، إلى جهة سيره؛ ولأنَّ استقباله القبلة يشقّ عليه ويُتعبه ويعوقه في سيره، فكان من رحمة الله أن يسَّر الله في التطوع إلى جهة سيره.

لكن في حديث أنس أنه كان يستقبل القبلة عند الإحرام، رواه أبو داود بإسنادٍ جيدٍ، ثم يُطلق ركابه إلى جهة سيره ويُصلي إلى جهة سيره، وهذا الحديث يدل على أنَّ الأولى والأفضل أن يُحرم إلى جهة القبلة، وهذا الحديث مُخصص للأحاديث العامَّة في تخصيص أن يستقبلها عند الإحرام، ثم يُصلي إلى جهة سيره.

والأحاديث الأخرى ما فيها هذا الشيء: من حديث عليٍّ، وحديث ابن ربيعة، وحديث ابن عمر، وحديث أنس، وغيره في "الصحيحين"، كلها ليس فيها ذكر استقبال القبلة عند الإحرام، ولكن لما استقرَّ ...... فيُشرع للمؤمن عند إحرامه أن يستقبل القبلة.

وقد يُقال: إنه شاذّ مخالف للأحاديث الصحيحة، ولا يُلتفت إليه، ولكن .......، إنما ذكر شيئًا سكت عليه .....؛ لأنهم ما قالوا إنه كان يستقبل القبلة عند الإحرام، ما نصُّوا على الإحرام، بل سكتوا ......، فالأخذ به أولى وأحسن عند الإحرام؛ عملًا بالأدلة كلها.

لكن بقي شيء واحد: هل يلحق بهذا راكب السيارة وراكب القطار وراكب الطائرة؟

ذكر بعضُ أهل العلم أنه لا يلحق؛ لأنه يتمكن من الدوران إلى القبلة في المحطة ونحوها، فيُمكنه أن يدور مع القبلة، وليس مثل راكب المطية وراكب البغل والحمار ونحو ذلك ...... أنه يستقبل في النافلة، وراكب الطائرة وراكب القطار وراكب السيارة ......

س: الطائرة تدور بسرعة، ما يتمكن .....، تدور بسرعةٍ ما يُدركها؟

ج: ..........، وإن كانت طائرةً أو سيارةً، لكن في الدوران تحصل له المشقة؟

س: لا يتمكن؟

ج: الانحراف عن ..... قد يحصل له شيء من المشقة.

س: طائرة عفا الله عنك تدور بسرعةٍ، ما يتمكن ..... تدور بسرعةٍ ما يُدركها؟

ج: لعله .......

س: حمله على الاستحباب، الأصل التأسي بالرسول عليه الصلاة والسلام ..؟

ج: في مسألة الاستقبال؟

الطالب: نعم.

الشيخ: عند الإحرام؟

الطالب: نعم .....

الشيخ: هذا من باب الأحاديث الصحيحة ..... وسكن عن هذا الشيء ..... النصوص الصريحة ..... بقي نصوص الإحرام في حديث أنس، هذا هو ..... القول بالوجوب محلّ نظرٍ؛ لسكوت الأحاديث الصحيحة التي ..... بينهما بالاستحباب ..... أقرب إلى السلامة منهما، وكانت .....

س: ..... بعيد عن جهة القبلة؟

ج: ......

س: الجهة فقط هل في هذا الحكم خلاف؟

ج: لا، ..... نص القرآن.

س: ترجمة المؤلف: (بَابُ حُجَّةِ مَنْ رَأَى فَرْضَ الْبَعِيدِ إصَابَةَ الْجِهَةِ لَا الْعَيْنِ)؟

ج: فيه .....، لكنه ليس بصريح، والعين ما هو ممكن مع البعد، ما هو ممكن، ولا وجه .....

أَبْوَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ بَابُ افْتِرَاضِ افْتِتَاحِهَا بِالتَّكْبِيرِ

662- عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مِفْتَاحُ الصَّلَاةِ الطَّهُورُ، وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ، وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ.

663- وَعَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ ﷺ أنه كَانَ يَفْتَتِحُ بِالتَّكْبِيرِ.

بَابُ أَنَّ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ بَعْدَ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَالْفَرَاغِ مِن الْإِقَامَةِ

664- عَن النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُسَوِّي صُفُوفَنَا إذَا قُمْنَا إلَى الصَّلَاةِ، فَإِذَا اسْتَوَيْنَا كَبَّرَ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

665- وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: "عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلْيَؤُمَّنكُمْ أَحَدُكُمْ، وَإِذَا قَرَأَ الْإِمَامُ فَأَنْصِتُوا" رَوَاهُ أَحْمَدُ.

بَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَبَيَان صِفَتِهِ وَمَوَاضِعِهِ

666- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ مَدًّا". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.

667- وَعَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ : أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِير. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

668- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى تكُونَا بِحَذْوِ مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ يُكَبِّرُ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَهُمَا مِثْل ذَلِكَ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ أَيْضًا وَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِلْبُخَارِيِّ: وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِن السُّجُودِ.

وَلِمُسْلِمٍ: وَلَا يَفْعَلُهُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِن السُّجُودِ. وَلَهُ أَيْضًا: وَلَا يَرْفَعُهُمَا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ.

669- وَعَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما كَانَ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا قَامَ مِن الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد.

670- وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ كَانَ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَذْو مَنْكِبَيْهِ، وَيَصْنَعُ مِثْل ذَلِكَ إذَا قَضَى قِرَاءَتَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، وَيَصْنَعُهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ، وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَإِذَا قَامَ مِن السَّجْدَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ كَذَلِكَ وَكَبَّرَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

وقد صحَّ التكبيرُ في المواضع الأربعة في حديث أبي حميدٍ الساعدي ، وسنذكره إن شاء الله تعالى.

671- وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ أَنَّهُ رَأَى مَالِكَ بْنَ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا صَلَّى كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَنَعَ هَكَذَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ إذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا أُذُنَيْهِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِن الرُّكُوعِ فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَفِي لَفْظٍ لَهُمَا: حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا فُرُوعَ أُذُنَيْهِ.

672- وَعَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ : أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ -أَحَدُهُمْ أَبُو قَتَادَةَ بن ربعي: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ"، فقَالُوا: "مَا كُنْتَ أَقْدَمَ منا لَهُ صُحْبَةً، وَلَا أَكْثَرَنَا لَهُ إتْيَانًا"، قَالَ: "بَلَى"، قَالُوا: "فَاعْرِضْ"، فَقَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ اعْتَدَلَ قَائِمًا، وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَرَكَعَ، ثُمَّ اعْتَدَلَ فَلَمْ يُصَوِّبْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُقْنِعْ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ مُعْتَدِلًا، ثُمَّ هَوَى إلَى الْأَرْض سَاجِدًا، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ ثَنَى رِجْلَهُ وَقَعَدَ عَلَيْهَا، وَاعْتَدَلَ حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ نَهَضَ، ثُمَّ صَنَعَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى إذَا قَامَ مِن السَّجْدَتَيْنِ كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا صَنَعَ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ صَنَعَ كَذَلِكَ حَتَّى إذَا كَانَت الرَّكْعَةُ الَّتِي تَنْقَضِي فِيهَا صَلَاتُهُ أَخَّرَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَقَعَدَ عَلَى شِقِّهِ مُتَوَرِّكًا ثُمَّ سَلَّمَ"، قَالُوا: "صَدَقْتَ، هَكَذَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ". رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيَّ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله .....

هذه الأبواب فيما يتعلق بافتتاح الصلاة، وفي صفة الصلاة مما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام، ثبت عنه ﷺ أنه كان إذا قام إلى الصلاة بدأها بالتكبير، وهذا قد تواتر عنه عليه الصلاة والسلام في الأحاديث الصحيحة: أنه يبدأها بالتكبير، ولهذا في حديث عليٍّ: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم، وهذا الحديث رواه الخمسة -أحمد وأهل السنن- بسندٍ حسنٍ، وهو يدل على أنها تُفتتح بالتكبير، وتختم بالتسليم، وهذا متواتر محفوظ من حديث عائشة، وأبي هريرة، وابن عمر، وأبي حميد، وعلي، وغيرهم.

أما مفتاحها الطهور: الطهارة لا بدّ منها كما تقدَّم، لا صلاة إلا بطهارةٍ، وهذا محل إجماعٍ بين المسلمين، وفيما تقدم في قوله ﷺ: لا تُقبل صلاةُ أحدكم إذا أحدث حتى يتوضَّأ متفق عليه، ويقول ﷺ: لا تُقبل صلاةٌ بغير طهورٍ، ولا صدقةٌ من غلولٍ أخرجه مسلم في "صحيحه"، وهذا أمر محل إجماع.

وكان ﷺ إذا قام إلى الصلاة حثَّهم على الاستواء في الصفوف والتراصّ لإقامة الصف، وينظر إليهم ويُسوي صفوفهم ويأمرهم بالتراص وسدّ الخلل، قال ..... وكان يمسح مناكبنا ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، فإذا رآهم قد اعتدلوا واستقاموا كبَّر عليه الصلاة والسلام بعدما ينتهي المقيم من إقامته ..... المقيم من إقامة الصلاة لاحظهم عليه الصلاة والسلام، وأمرهم بالاستقامة وتسوية الصفوف وسدّ الفُرَج، قال النعمان: ..... أراد أن يُكبر فرأى رجلًا باديًا صدره فقال: عباد الله، لتُسَوّنَّ صفوفكم أو ليُخالفنَّ الله بين وجوهكم ..... تسوية الصفوف من تمام الصلاة .....

وهذا أيضًا قد جاءت فيه النصوص والأحاديث الكثيرة عن النبي ﷺ: من حديث أنسٍ، وحديث النعمان، وحديث أبي مسعودٍ، وغيرهم.

وكثير من الناس ليس عنده تجليل في هذا المقام، ويفرح بأن يكون بينه وبين أخيه فرجة، وهذا من الجهل وضعف الامتثال، فينبغي التراص في هذا والتقارب وعدم الأنفة من ذلك، حتى قال النعمان: وقال أنس: "كان أحدُهم يلصق كعبه بكعب صاحبه، وقدمه بقدم صاحبه"؛ حرصًا على التراصّ وسدّ الخلل؛ لأنَّ النبي ﷺ قال: لا تدعوا فرجات للشيطان، تراصوا، وقال: ألا تصفون كما تصفّ الملائكة عند ربها؟ قالوا: كيف تصفّ الملائكةُ عند ربها؟ قال: يُتمون الصفوف الأول ويتراصون.

فلا ينبغي الأنفة، ولا ينبغي التحرج من التصاقك بأخيك وسدّ الخلل بينك وبين أخيك من غير أذى، فبعض الناس قد يُؤذي مَن حوله بكثرة الحركة، وكثرة المحاكة في قدمه، لا، يرصّ قدمه بقدم أخيه، ويسدّ الفرجة، ولا يحاك ولا يحرك ..... قدم بقدم، إنما هو التراص والتقارب، ولم يفشح ويؤذي مَن حوله، بل يضمّ بعضه إلى بعضٍ، ويجرّ أخاه إليه حتى يتراصوا، فهذا يضرّ هذا، وهذا يضرّ هذا، حتى يتراصوا باللطف واللين والأسلوب الحسن، من غير أذى ولا عنف، حتى تكون صفوفهم مستوية ومستقيمة على النهج الذي رسمه النبيُّ عليه الصلاة والسلام.

وفي هذه الأحاديث الكثيرة الدلالة على أنه ﷺ كان يرفع يديه عند الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، وعند القيام من التشهد الأول، كما جاء هذا في حديث أبي حميد الساعدي، وحديث ابن عمر، ومالك بن الحويرث، وأحاديث أخرى، وما جاء في ...... بالتكبير، فهو إطلاق مخصوص ..... الروايات الأخرى، فإن حديث ابن عمر وأبي حميد وعلي كلها صريحة في الرفع إلا المواضع الأربعة، وليس فيها رفع في السجود: لا النزول إليه، ولا الرفع منه، السجود ليس فيه رفع، وإنما الرفع في الإحرام والركوع والرفع منه والقيام إلى الثالثة، وما جاء في بعض الروايات من حديث وائل أنه كان يرفع يديه مع التكبير، فالمراد مع التكبير إلا في هذه المواضع الأربعة.

والسنة أيضًا من حديث أبي حميد ومن عشرة من الصحابة أنه يُسوي رأسه بظهره، يخفض ظهره، لا يرفع رأسه مقنعًا، ولا يسقطه مصوبًا، ولكن بين ذلك، حتى يكون رأسه حيال ظهره، لا رافعًا ولا خافضًا، هكذا السنة، مع تسوية الظهر والانحناء الكامل إذا استطاع ذلك.

والسنة أن يضع يديه على ركبتيه مُفرَّجة الأصابع حال الركوع، مُعتمدًا على يديه، فإذا رفع من الركوع رفعهما قائلًا: "سمع الله لمن حمده"، الإمام والمنفرد والمأموم يقول عند الرفع: "ربنا ولك الحمد"، ويمد يديه عند الرفع ..... حيال منكبيه، أو حيال أذنيه، جاء هذا وهذا، فالأكثر حيال المنكبين، من حديث مالك حيال أذنيه، والظاهر أن هذا كان يفعله النبيُّ تارةً وتارةً؛ كان إما بالغ أو رفع إلى حيال أذنيه، وربما اختصر فكان إلى حيال منكبيه، وكله سنة، حيال المنكبين أو حيال الأذنين كله سنة، كلها ثابتة عن النبي ﷺ.

وقد يُلاحظ على بعض الناس المدّ الطويل في التكبير، السنة ألا يمد طويلًا، وهذا المد الطويل قد يجعل بعض الناس يُوافقه في ذلك، والسنة خلاف ذلك، إن تابعه قال: "لا تُكبروا حتى يُكبر، ولا تركعوا حتى يركع"، ويقول: الله أكبر، من غير مدٍّ طويل: "اللااااااه" ما حاجة إلى هذا، أو: "سمع اللاااااه" يُطولها، لا، السنة عدم ذلك حتى يلحقه المأموم، بعدما ينتهي يكبر تكبيرًا مُعتدلًا، ليس فيه طول، وليس فيه عجلة مخالفة للسنة، بل تكبير واضح: الله أكبر، سمع الله لمن حمده، من غير إطالةٍ ......

س: ...........؟

ج: ولو بعد الصلاة ..... يجذب هذا إلى هذا حتى يستووا ويسدّوا الخلل ما في بأس، مثلما فعل النبيُّ مع ابن عباسٍ لما صفَّ عن يساره أخذه وجعله عن يمينه وهو في الصلاة، ولما صفَّ عنده ..... وهو يُصلي أخذهما وجعلهما خلفه، العمل اليسير في الصلاة لمصلحة الصلاة أمر مشروع.

س: ............؟

ج: ...... لا يتقدم أحدٌ على أحدٍ، العبرة بالكعب، ما هو بأطراف الأصابع، بعض الناس قدمه طويل يزيد على قدم صاحبه، تكون الأصابع طويلة بعيدة .....

س: التكبير من الرفع .....

ج: الأحسن مع الرفع، التكبير مع الرفع.

بَابُ مَا جَاءَ فِي وَضْعِ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ

673- عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ : أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ رَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَكَبَّرَ، ثُمَّ الْتَحَفَ بِثَوْبِهِ، ثُمَّ وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ أَخْرَجَ يَدَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَهُمَا وَكَبَّرَ فَرَكَعَ، فَلَمَّا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَلَمَّا سَجَدَ سَجَدَ بَيْن كَفَّيْهِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد: ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى كَفِّهِ الْيُسْرَى وَالرُّسْغ وَالسَّاعِد.

674- وَعَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: "كَانَ النَّاسُ يُؤْمَرُونَ أَنْ يَضَعَ الرَّجُلُ الْيَدَ الْيُمْنَى عَلَى ذِرَاعِهِ الْيُسْرَى فِي الصَّلَاةِ"، قَالَ أَبُو حَازِمٍ: وَلَا أَعْلَمُهُ إلَّا يَنْمِي ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ ﷺ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ.

675- وَعَن ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى الْيُمْنَى، فَرَآهُ النَّبِيُّ ﷺ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

676- وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: "إنَّ مِن السُّنَّةِ وَضْعَ الْكَفِّ عَلَى الْكَفِّ تَحْتَ السُّرَّةِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

بَابُ نَظَرِ الْمُصَلِّي إلَى موضع سُجُودِهِ وَالنَّهْيِ عَنْ رَفْعِ الْبَصَرِ فِي الصَّلَاةِ

677- عَن ابْنِ سِيرِينَ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُقَلِّبُ بَصَرَهُ فِي السَّمَاءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:2] فَطَأْطَأَ رَأْسَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ "النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ"، وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي "سُنَنِهِ" بِنَحْوِهِ، وَزَادَ فِيهِ: وَكَانُوا يَسْتَحِبُّونَ لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يُجَاوِزَ بَصَرُهُ مُصَلَّاهُ. وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ.

678- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ.

679- وَعَنْ أَنَسٍ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي صَلَاتِهِمْ، فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: لَيَنْتَهُنَّ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَالتِّرْمِذِيَّ.

680- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا جَلَسَ فِي التَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى، وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى، وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ، وَلَمْ يُجَاوِزْ بَصَرُهُ إشَارَتَهُ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد.

الشيخ: هذه الأحاديث دلَّت على فوائد، منها: أن السنة وضع اليمين على الشمال في حال القيام في الصلاة، فرضًا كانت أو نفلًا؛ لفعله عليه الصلاة والسلام في حديث وائل، وحديث سهل بن سعد، وحديث ابن مسعود، وأحاديث أخرى كلها تدل على أنَّ السنة وضع اليمين على الشمال.

وجاء في حديث وائل عند ابن خزيمة: "على صدره"، وفي حديث قبيصة: ....... على صدره بإسنادٍ جيدٍ، كلاهما بأسانيد حسنة، وجاء في حديث طاووس مُرسلًا بإسنادٍ جيدٍ صحيحٍ: أنه كان يضعهما على صدره عليه الصلاة والسلام، هذا هو المعتمد، وهذا هو الأفضل، ويكون وضعهما على الصدر.

والسنة أيضًا أن تكون اليمنى فوق اليسرى كما في حديث وائل، وفي حديث ابن مسعودٍ، وعلى الرسغ والساعد هكذا.

وفي حديث سهل: كانوا يُؤمرون أن يضع الرجلُ يده اليمنى على ذراعه اليسرى، فهذا يحتمل أن يكون هنا، ويحتمل أنه أراد بذراعه اليسرى من جهة أطراف الأصابع، فلا تحصل مخالفة بينه وبين رواية وائل؛ فإن أطراف الأصابع على الذراع اليسرى، ويحتمل أنه في بعض الأحيان يمدّ يده اليمنى زيادةً حتى تكون على الذراع، ولا مُنافاة، فحديث سهل صحيح رواه البخاري، وهو بمعناه مرفوع؛ لأنَّ هذا ..... ﷺ، ولهذا قال أبو حازم: لا أعلمه ..... النبي ﷺ. فالذي قاله أبو حازم هو المعنى عند جمهور أئمة الحديث، إذا قال الصحابي: نؤمر، أو أمرنا، أو كنا نؤمر، أو من السنة، فمعناه الرسول ﷺ.

ومن هذا ما في "الصحيحين" من حديث عائشة لما سألتها الحرورية قالت: يا أم المؤمنين، هل تُصلي المرأةُ صلاة الحيض؟ قالت: "كنا نُؤمر بقضاء الصوم ولم نُؤمر بقضاء الصلاة"، يعني: يأمرهم النبيُّ عليه الصلاة والسلام.

وهذا يعمّ القيام الذي قبل الركوع والذي بعد الركوع كله، هكذا بعد رفعه من الركوع يضع يده اليمنى على اليسرى، وهكذا قبل الركوع؛ لأنَّ الأحاديث عامَّة، وقوله في حديث سهل: "كانوا يُؤمرون أن يضع الرجلُ يدَه اليمنى على اليسرى في الصلاة" يدل على ذلك؛ لأنَّ لفظة "في الصلاة" تقتضي ذلك؛ لأن وضع اليدين له مواضع في الركوع على الركبتين، وفي السجود على الأرض حذاء المنكبين، أو حذاء الأذنين كما في حديث وائل: "وضع رأسه بين كفيه" يعني: جعل يديه إلى أذنيه، وحديث ابن عمر: كان يضعهما حذاء منكبيه، كله سنة. وفي الجلسة يضعهما على فخذه بين السجدتين والتشهد، فما بقي إلا حال القيام، فدلَّ على أن المراد بحديث سهل القيام، يعني: يضع يده اليمنى على اليسرى –يعني- في القيام، وهذا يشمل القيامين: ما قبل الركوع، وما بعد الركوع.

وهكذا قول وائل فيما رواه النسائي وغيره: أن النبي ﷺ إذا كان قائمًا في الصلاة وضع يده اليمنى على كفِّه اليسرى والرسغ والساعد، فهذا يشمل القيامين: ما قبل الركوع، وما بعد الركوع.

وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنه بعد الركوع يُخيَّر: إن شاء أرسل، وإن شاء وضع كفَّيه، ذكره صاحب "المغني" والفروع عن أحمد، وذكره جماعة أيضًا عن غيره، ولا نعلم أحدًا من السلف قال: إن السنة الإرسال دون الضم. ولا نعلم أحدًا قال: إن الضم بدعة، أو غلط، أو مكروه، سوى ما ذكره أخونا الشيخ ناصر الدين الألباني في كتابه "الصلاة" في حاشيته قال: "إنه بدعة"، وقال: "ضلالة". وهذا غلط عفا الله عنا وعنه، غلط لا وجهَ له، غلط –يعني- كبير، فكتبنا في هذا رسالةً –كلمة- منذ سنوات للتَّنبيه على هذا الخطأ الواضح، وأن قُصارى ما قاله بعضُ أهل العلم الخيار: أن يُخيَّر بين الإرسال وبين الضمِّ بعد الركوع، ولكن الأصل هو الضم قبل الركوع وبعده؛ لأنه قيام، فدخل في أحاديث الضم؛ ولأن هذا الفعل أعظم للمؤمن على الخضوع والذل والاستكانة والانكسار بين يدي الله، والخشوع وعدم العبث، فهذا مما قاله العلماء من حكمة هذا الضم: الخشوع والانكسار والتذلل، وأن يصير كالذليل، صفة القائم الذليل بين يدي ربِّه .

وفي حديث عليٍّ: "من السنة وضع اليمنى على اليسرى تحت السرة"، وحديث عليٍّ هذا أخذ به بعضُ أهل العلم وقالوا: إن اليدين تُوضعان تحت السرة، ولكن عند أهل العلم باتِّفاقهم ضعيف، ومداره على عبدالرحمن بن إسحاق الواسطي، ويقال: الكوفي، وهو ضعيف لا يُحتج بروايته، وقد نبَّه على ذلك أهلُ العلم: منهم الحافظ رحمه الله، والمؤلف والحافظ ابن حجر رحمه الله وغيرهم، فهو حديث ضعيف لا تعارض به السنة الثابتة في وضع اليدين على الصدر -فوق السرة يعني.

وأما الأحاديث الأخرى فيما يتعلق بالنظر إلى موضع السجود: فقد جاء في ذلك أثر ابن سيرين، وهو مرسل، وفيه أن السلف كانوا يحبون طرح أبصارهم إلى مواضع سجودهم، وهذا هو السنة، للقائم في الصلاة أن يطرح بصره إلى موضع سجوده؛ لأنَّ هذا أخشع وأقرب إلى الذل والسكون في الصلاة، وأبعد عن رفع الأبصار؛ ولهذا جاء في حديث أبي هريرة وأنس وجابر بن سمرة وآخرين النَّهي عن رفع الأبصار إلى السماء، والوعيد في ذلك، وأنه قال: لينتهن أو لا ترجع إليهم، وفي اللفظ الآخر: أو لتخطفنَّ أبصارهم، فهذا يدل على أنه لا يجوز الرفع في حال الصلاة، بل الواجب طرح الأبصار وعدم رفعها إلى السماء، وفي بعضها حين الدعاء، فلا مُنافاة بين هذا وهذا، فالسنة للمؤمن حين وقفه في الصلاة أن يطرح بصره، وألا يرفعه إلى السماء؛ للوعيد والتحذير الذي ورد في هذه الأحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.

وفي حال الجلوس للتَّشهد السنة أن يكون نظره إلى موضع إشارته إلى يده اليمنى التي على فخذه، يشير بها ويكون نظره إليها كما في حديث ابن الزبير، وهو حديث جيد صحيح يدل على أن النظر يكون إلى موضع الإشارة حال الجلوس، وفي حال الركوع والقيام إلى موضع السجود.

وقال بعضهم: إلى قدمه، إذا ركع ينظر إلى قدمه، وهذا لا أعلم له أصلًا، ولا أعلم فيه روايةً، وإنما السنة [أن] ينظر إلى موضع السجود؛ لأنه في ذلك يعتدل في ركوعه، ولا حاجة إلى القدم؛ لعدم الدليل.

والخلاصة من هذا كله: أن هذا هو محلّ السنة، وهو مقتضى الذل لله والانكسار والخشوع بين يديه في حال وجوده في الصلاة: في حال القيام ينظر إلى موضع سجوده، وفي حال الجلوس إلى موضع الإشارة.

وأما موضع اليدين في حال الجلوس: بيَّنه حديثُ ابن عمر وابن الزبير وغيرهما؛ أنه على الفخذين هكذا، وجاء في بعضها على الركبتين، وفي بعضها على الفخذ، وأطراف الأصابع على الركبة، فهي ثلاث هيئات، جاءت بهذا كله السنة، إن وضعهما على الفخذين فسنة، وإن وضعهما على الركبتين فسنة، وإن وضعهما على فخذيه قريبًا من الركبة ومدّ أصابعه إلى الركبة ..... الركبتين فسنة، كل هذا ورد في الأحاديث الصحيحة، وكان والله أعلم يفعل هذا تارةً، وهذا تارةً عليه الصلاة والسلام، لكن في حال التَّشهد يقبض أصابعه اليمنى ويُشير بالسبابة كما في حديث ابن عمر، أو يُحلِّق إبهامه مع الوسطى ويُشير بالسبابة كما في حديث وائل، كله سنة والله أعلم.

س: يُحرك السبابة؟

ج: جاء في بعض الروايات تحريكها عند الدعاء ..... وائل لا بأس بها.

س: ما المراد بموضع الإشارة -إشارة الأصبع ..؟

ج: يرجع ......

س: قوله: "ثم التحف بثوبه"؟

ج: هكذا: أدخل يده تحته ..... ثم أخرجها عند الركبة ..... الرداء الذي على كتفيه؛ لأنه .....

س: يذكر الفقهاء مواضع يرفع المُصلي فيها بصرَه إلى السماء عند تكبيرة الإحرام وعند ..؟

ج: ما لها أصل، لا ما لها أصل، لا ليس لهذا أصل.

س: الدليل لمَن قال ..... بعد الركوع في قبض اليدين وعدمه؟

ج: نعم؟

س: الدليل لمَن قال إنه يُخيَّر بين قبض اليدين وعدمه؟

ج: ما أعرف في هذا دليلًا، قول أحمد ومَن وافقه: إن شاء أرسل، وإن شاء قبض، لا أعلم له دليلًا، والسنة أن يقبض فيها كلها قبل الركوع وبعده.

وأما قول الشيخ ناصر ومَن قال بقوله أنه لم يُنقل عن السلف القبض، فهذا حُجَّة عليهم؛ لو كان عدم القبض موجودًا لنُقل، فهذا دليل على أنهم كانوا يقبضون، إذ لو أرسلوا لنُقل عنهم ذلك؛ لأنه يُخالف حالتهم التي قبل الركوع، فلما لم يُنقل عنهم خلاف حالهم قبل الرجوع دلَّ على أنَّ حالهم بعد الرجوع كالركوع ..... سواء، ولو كان هناك إرسال لنُقل، فالأصل عدم الإرسال، الأصل بقاء ما كان على ما كان كما دلَّت عليه السنة، فهو حجَّة عليهم لا لهم، وأما حديث: إذا رفع رجع كل فقارٍ إلى مكانه كذلك حُجَّة عليهم؛ لأنه إذا رفع عاد كل فقارٍ إلى مكانه، فترجع اليد اليمنى واليسرى إلى مكانهما، ومكانهما قبل الركوع على الصدر، فيرجعان إلى مكانهما، فكذلك حُجَّة عليهم.

س: إشارة السبابة .....؟

ج: السنة أن تكون قائمةً، من حين يجلس إلى أن يُسلم وهي قائمة السبابة، لكن فيها انحناء كما في حديث النسائي: رفع النبيُّ ﷺ بانحناء قليلٍ بسبابته من حين جلس إلى أن يُسلم، وقد جاء في حديث وائل بسندٍ لا بأس به تحريكها عند الدعاء بعض التَّحريك، أما ما يفعله بعضُ الناس من الحركة الزائدة فهذا غلط، وإن كان يُروى عن بعض السلف لكنه غلط، إنما تُحرك عند الدعاء، والسنة الإشارة فقط؛ أن تكون واقفةً حتى يُسلم.

س: الرفع بين السَّجدتين وفي التَّشهد؟

ج: ورد في حديث وائل، لكن الذي يظهر أنه شاذٌّ أو سهو، والمحفوظ أنه كان في التَّشهد فقط، وفي غير التشهد يبسط يديه على ركبتيه أو على فخذيه.

س: يعني الحالات الثلاث بين السجدتين وفي التَّشهد ..... أصبعه؟

ج: نعم، نعم.

س: .............؟

ج: عند أحمد سنده لا بأس به .....، لكن الأفضل والظاهر والله أعلم أنها ثالثة؛ لأن القاعدة أنَّ ما رواه الثقة ويُخالف الثِّقات يُعتبر شاذًّا.

بَابُ ذِكْرِ الِاسْتِفْتَاحِ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ

681- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكُوتَك بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ مَا تَقُولُ؟ قَالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِن الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

682- وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِن الْمُشْرِكِينَ، إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أول الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي، وَأَنَا عَبْدُك، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ، لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْك، وَالشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك، أَنَا بِك وَإِلَيْك، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك.

وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَك رَكَعْتُ، وَبِك آمَنْتُ، وَلَك أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَك سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي.

وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ، وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا، وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ.

وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَك سَجَدْتُ، وَبِك آمَنْتُ، وَلَك أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ.

ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ، وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ، وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ الْمُقَدِّمُ، وَأَنْتَ الْمُؤَخِّر، لَا إلَه إلَّا أَنْتَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

683- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ ﷺ إذَا اسْتَفْتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِثْلُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ، وَلِلْخَمْسَةِ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ.

وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، يَقُولُ: "سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك".

وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي "سُنَنِهِ" عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ : أَنَّهُ كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ .

وَقَالَ الْأَسْوَدُ: كَانَ عُمَرُ إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ: "سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك"، يُسْمِعُنَا ذَلِكَ وَيُعَلِّمُنَا. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

واختيار هؤلاء لهذا الاستفتاح وجهر عمر به أحيانًا بمحضرٍ من الصحابة؛ ليتعلَّمه الناس، مع أن السنة إخفاؤه، يدل على أنه الأفضل، وأنه الذي كان النبيُّ ﷺ يُداوم عليه غالبًا، وإن استفتح بما رواه علي وأبو هريرة فحسنٌ؛ لصحَّة الرواية به.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالاستفتاح، والسنة للمؤمن إذا افتتح الصلاة استفتح بشيءٍ مما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام، وقد ثبت عنه ﷺ أنواع، وهذا يُسميه العلماء: اختلاف التنوع، فقد ثبت عنه ﷺ عدَّة أنواع يقولها أول ما يستفتح الصلاة بعدما يُكبر يأتي بها، ثم يستعيذ، ثم يُسمِّي، ثم يقرأ عليه الصلاة والسلام، أصحّها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه: أن النبي ﷺ كان يستفتح، قال له أبو هريرة: أرأيتَ سكوتَك بين التكبيرة والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد.

هذا يدل على أنه يستفتح بهذه الدَّعوات، وأنه يُسِرُّ بها عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا قال: أرأيتَ سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟

رواه أحمد، ورواه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، كما قال المؤلف، ورواه أحمد، ورواه آخرون، وهو حديثٌ عظيمٌ، فيه هذه الدعوات العظيمة، والضراعة إلى الله، والنجدة إليه أن يُباعد بين العبد وبين خطاياه مباعدةً تامَّةً كما باعدتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوبُ الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد، كل هذا مبالغة في السلامة وطلب السلامة من شرِّ الذنوب وعواقبها.

وصحَّ عنه أيضًا استفتاح آخر من حديث ابن عباس رواه الشيخان أيضًا، وهو من أصح الأحاديث عن ابن عباس، ولم يذكره المؤلف هنا، وقد رواه البخاري رحمه الله في التَّهجد، ورواه أيضًا في كتاب "التوحيد" ......، ورواه مسلم في أحاديث "السفر": كان يقول عليه الصلاة والسلام إذا قام من الليل، وفي بعض الروايات: بعد أن يُكبِّر: اللهم لك الحمد، أنت قيّم السموات والأرض ومَن فيهن، وفي لفظٍ: قيم، وورد: قيام وقيوم، اللهم لك الحمد أنت ملك السماوات والأرض وما فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض وما فيهن، وفي روايةٍ زيادة: ولك الحمد لك ملك السماوات والأرض وما فيهن، أنت الحقُّ، ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، والنبيون حق، ومحمد حق، اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنتُ، وعليك توكلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصمتُ، وإليك حاكمتُ، فاغفر لي ما قدمتُ وما أخَّرتُ، وأسررتُ وأعلنتُ، أنت إلهي لا إله إلا أنت، وهو دعاء عظيم، واستفتاح عظيم.

وكذلك روى مسلم من حديث عليٍّ من الاستفتاح، وهو ما ذكره المؤلف: وجهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربِّ العالمين لا شريكَ له، وبذلك أمرتُ وأنا من المسلمين، وفي اللفظ الآخر: وأنا أول المسلمين، اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت .. إلى آخره.

فهو حديث عظيم أيضًا، وفيه طول، وينبغي للمؤمن أن يفعل هذا تارةً، وهذا تارةً، وهذا تارةً، فتارة حديث علي -حديث عظيم- وتارة حديث أبي هريرة، وتارة حديث ابن عباس.

وهكذا النوع الرابع: ما رواه عمر وأبو سعيد وعائشة، ورُوي عن أنسٍ أيضًا، وابن مسعود والصديق وعثمان: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وهو ثابت فيما رواه هؤلاء، وإن كان في بعض روايات هؤلاء ضعف، لكن يشدّ بعضُها بعضًا كما قال أهلُ العلم، ويُؤيد بعضها بعضًا، وبعض أسانيدها صالح، وهو يُؤيد ما رواه الآخرون، ثم ما ثبت عن عمر أنه كان يُعلمه الناس، يعني: مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف عنه أصحّ، وكان يُعلمه الناس، ولا شكَّ أنه لم يُعلمه الناس إلا لأنه ثبت لديه عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، كما هو معروف، كان يُعلمه الناس، ويجهر به بعض الأحيان ليتعلمه الناس، فهذا واضح في أنه ثبت لديه عن رسول الله ﷺ أنه كان يستفتح، وهو أخصرها -أخصر الاستفتاحات- وأفضلها من جهة ذاته: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك؛ لأنه كله ثناء على الله، وتوحيد لله وتمجيده، فهو أفضلها من جهة الذات لذات الكلمات، وأما أصحّها فما تقدم.

ومنها أيضًا نوع خامس رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي ﷺ كان يستفتح: اللهم ربَّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذنك، إنك تهدي مَن تشاء إلى صراط مستقيم، هذا نوع خامس.

وجاءت أنواع أخرى في غير الصحيح، والقاعدة مثلما تقدم أنه اختلاف تنوع، فإذا أتى بواحدٍ منها كما صحَّ عنه ﷺ فقد فعل السنة، وإذا نوَّع في الاستفتاح تارةً كذا وتارةً كذا ليستكمل السنة فهذا حسن، وليُكثر مما هو أصحّ من غيره: كـ اللهم باعد بيني وبين خطاياي، وحديث ابن عباس، حديث ابن عباس كان في الليل؛ لأن الليل يتحمَّل الطول التهجد، وجاء في حديث عائشة أنه كان في الليل أيضًا: اللهم ربّ جبرائيل وميكائيل ..، ولكن ما ثبت في الليل جاز في النهار، وما جاز في النهار جاز في الليل؛ لأنَّ هذا من باب التنوع، والنبي ﷺ يفعل الشيء لتتأسَّى به أمته.

وفي حديث عليٍّ الدلالة على أنه يقول في الركوع: اللهم لك ركعتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي، وفي روايةٍ أخرى: وجميع ما استقلَّت به قدمي.

وكذلك يقول في السجود نحو ذلك: اللهم لك سجدتُ، وبك آمنتُ، ولك أسلمتُ، سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره، وشقَّ سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين، كل هذا مما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام.

وكذلك يقول عند الرفع: ربنا ولك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئتَ من شيءٍ بعد.

وجاء في الصحيح زيادة عن أبي سعيد: أهل الثناء والمجد، أحقّ ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيتَ، ولا مُعطي لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدّ ...... الذكر بعد الركوع، بعد الرفع .....

وجاء في الصحيح أيضًا كما تقدم: أن رجلًا قال بعد الركوع لما قال: "ربنا لك الحمد" قال: "حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه"، فقال النبيُّ ﷺ: مَن قال هذا؟ لما سلَّم، لقد رأيتُ بضعًا وثلاثين ملكًا يبتدرونها: أيّهم يكتبها أولًا، وهذا يدل على فضل هذه الزيادة: ربنا ولك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئتَ من شيءٍ بعد، أهل الثناء، "أهلَ" بالنصب لأنها أخصُّ: "أهل الثناء"، ويجوز الرفع على تقدير: أنت أهل الثناء.

أحقُّ ما قال العبد، وكلنا لك عبد؛ لا مانع لما أعطيتَ، ولا مُعطي لما منعتَ، ولا ينفع ذا الجدِّ، منك الجدُّ.

وفي روايةٍ ..... في الصحيح بعدما قال: ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئتَ من شيءٍ بعد قال بعدها: اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد، هذا أيضًا من الدعاء في هذا المقام، من باب التنوع كما تقدم، فإذا فعل الإنسانُ هذا تارةً وهذا تارةً أو جمعها فهو خيرٌ بعد رفعه واعتداله.

وكان النبيُّ ﷺ يُطيل هذا الرفع حتى يقول القائل: قد نسي، كما قال أنس، يُطيل وقفته بعد الركوع حتى يقول القائل: قد نسي، من شدَّة طوله عليه الصلاة والسلام.

وهكذا بين السجدتين يُطوِّل فيها حتى يظنَّ الظانُّ أنه قد نسي ويدعو بها: "اللهم اغفر لي، ربِّ اغفر، ربِّ اغفر لي"، كما في حديث حذيفة وغيره، وحديث ابن عباس: اللهم اغفر لي، وارحمني، واهدني، واجبرني، وارزقني، وعافني ..... بين السجدتين ويُطوِّل حتى يقول القائل: قد نسي، بخلاف ما يفعله بعضُ الناس من النقر والعجلة، لا، ما ينبغي هذا؛ لأنَّ العجلة تُسمَّى: نقرًا، تُبطل الصلاة، ليس معها طُمأنينة، فلا بدّ من طمأنينةٍ بين السجدتين، ولا بدّ من طمأنينةٍ في حال الاعتدال من الركوع، ويأتي فيها بما نقل من الأذكار في الوقوف، ومن الدعاء بين السَّجدتين.

وأما سبحانك اللهم وبحمدك ظاهر في الثناء على الله: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، يُفيد في حقِّ الله العظمة والكبرياء، أي: تعالى مجدك وعظمتك وكبرياؤك ...... ، والجدّ في حقِّ الناس أب الأب، وأب الأم، يُقال له: جدّ، لكن في حقِّ الله هو العظمة والكبرياء.

ولا إله غيرك هذا معنى ..... خاص، لا إله غيرك أي: لا إله إلا الله، يعني: لا إله حقّ سواك، أو المعنى: لا معبودَ حقّ سواك، هذا الثناء على الله من أعظم الثناء، ومن أفضل الثناء، وهو مخلص للثناء، بخلاف الأخرى فإن فيها دعوات، ولكن هذا كله مخلص في الثناء، والله أعلم.

س: أنه الأفضل بإطلاق: سبحانك اللهم وبحمدك؟

ج: هذا من الاختيار لا شكَّ أنَّ له وجاهةً، كون ..... عمر والصديق -وصحَّ عنه- وعثمان وابن مسعود من حديث عائشة، من حديث أبي سعيد، كل هذا جاء من هذه الطرق يدل على أنه أساس عظيم، وأصل عظيم، ..... يعلمه الناس، قد يفهم ما قاله المؤلف أنه أفضل، لكن ليس بصريحٍ، قد يكون فعله عمر لأنه أخصر يسهل على العامَّة حفظه، هذا الذكر سهل على العامَّة، بخلاف بقية الاستفتاحات، وليس كل أحدٍ يستطيع حفظه، ولا سيما العامَّة، ولعلَّ عمر رضي الله عنه وأرضاه اختاره لأنه ثناء على الله، محل ثناء، والاختصار أيضًا، ويسهل على مَن سمع من العامَّة والخاصَّة حفظه، وليس ذلك لأنه الأفضل، بل لهذا المعنى، وإحدى ما نقله المؤلف، وعلى كل حالٍ فالسنة العمل بالدليل، السنة العمل بالدليل.

س: ما زيادة: اللهم أعطني خطاياي بعد الرفع؟

ج: لم يثبت، الصحيح أن ..... أدلة أخرى.

س: بعد الرفع؟

ج: بعد الرفع؟!

س: زيادة بعد الرفع: لربي الحمد، لربي الحمد؟

ج: هذه جاءت من حذيفة عند أبي داود، لكن ما أعلم، لم أقف عليها إلا باب الشكّ، ما فيها جزم، فقال: وأظنه قال: "لربي الحمد، لربي الحمد"، ما وقفتُ عليها صحيحة ثابتة، فتحتاج إلى جمعٍ والتماس، هي في أبي داود لكن بغير جزمٍ -بالشكِّ.

س: الصلاة الجهرية .....؟

ج: لا، يختصر، الأولى الاختصار، النبي ..... في الفرائض إلا اللهم باعد بيني وبين خطاياي و سبحانك اللهم وبحمدك، أما في الليل فجاء حديث عائشة ..... حديث ابن عباس: اللهم لك ..... في الليل عليه الصلاة والسلام .....

س: الشافعية .....: وجَّهْتُ وجهي، ويُريدون على ظاهره عند المسلمين ..؟

ج: هذا ثابت عن النبي من حديث عليٍّ، لكن ما هو بخاصّ، كلها ظاهرة في الاستفتاحات.

س: نص، نص؟

ج: نعم؟

س: ...... وأنا من المسلمين؟

ج: لا، لا، السنة أن يُكمل، السنة التكميل، ولهذا قال بعضُ ..... كاملًا، بخلاف ما في حديث عليٍّ وابن عباس؛ لأنه قد يختصره .....

س: ............؟

ج: الركوع تعظيم الرب، محلّ تعظيم، ما في دعاء إلا دعاء تابع، تقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم ..... عن تابع التعظيم ..... الدعاء يكون في السُّجود.

س: حديث عليٍّ إذا قام إلى الصلاة ..؟

ج: نعم؟

س: ما يجوز أن نقول قبل تكبيرة الإحرام ..؟

ج: يعني بعد التَّكبير جاء مُصرَّحًا به.

في حديث عليٍّ هنا في دعاء الاستفتاح: اللهم اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئها، لا يصرف سيِّئها إلا أنت، زاد النسائي وجماعة: اللهم اهدني لأحسن الأخلاق والأعمال، زيادة "الأعمال"، وهي داخلة في الأخلاق .....، وهي ثابتة زيادة "الأعمال" ..... وهي داخلة في الأخلاق؛ لأنَّ الخلق يكون قلبيًّا، ويكون عمليًّا، القلبي: كالحلم والصبر، وأحيانًا يكون عمليًّا: كالمحافظة على الصَّلوات، وطيب الكلام، وردّ السلام، وإفشاء السلام، والعناية بما ينبغي من العمل، فذكر الأعمال لا بد إلا بتصريح بما هو داخل في عموم الأخلاق، وزيادة "والأعمال" من طريق أبي أيوب الأنصاري، وأظن [أن] لها شواهد أخرى أيضًا.