11 من حديث: (تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ)

بَابُ مَا جَاءَ فِي لُبْسِ الْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ وَالسَّرَاوِيلِ

576- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَتَسَرْوَلونَ وَلَا يَأْتَزِرُونَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: تَسَرْوَلُوا وَائْتَزِرُوا وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ رَوَاهُ أَحْمَدُ.

577- وَعَنْ مَالِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: "بِعْتُ من رَسُولِ اللَّهِ ﷺ رِجْلَ سَرَاوِيلَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ فَوَزَنَ لِي فَأَرْجَحَ لِي" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.

578- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: "كَانَ أَحَبّ الثِّيَابِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ القميص" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ.

579- وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: "كَانَتْ يَدُ كُمِّ قَمِيصِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إلَى الرُّسْغِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ.

580- وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَلْبَسُ قَمِيصًا قَصِيرَ الْيَدِ وَالطُّولِ" رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

581- وَعَنْ نَافِعٍ، عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: "كَانَ النبيُّ ﷺ إذَا اعْتَمَّ سَدَلَ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ"، قَالَ نَافِعٌ: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما يُسْدِلُ عِمَامَتَهُ بَيْنَ كَتِفِهِ. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

هذا الباب في لبس القميص والعمامة والسراويل، وقد أجمعت الأمةُ على أنه لا بأس بلبس العمامة والسراويل والقميص وسائر الألبسة التي لا محذورَ فيها، فإنَّ الله جلَّ وعلا خلق لنا ما في الأرض جميعًا، فلا بأس أن يلبس الإنسانُ ما ناسبه مما أحلَّ الله: قميصًا أو عمامةً أو سراويل أو إزارًا أو جبَّةً من الصوف أو غير ذلك، فالألبسة أمور عُرفية ليس لها نهي فيما يتعلق بالعبادة، فالناس لهم أن يلبسوا ما ناسبهم، وما يليق ببلادهم وعُرفهم، ولا يتحدد في هذا شيء معروف، بل لكل أهل بلدٍ ولكل أهل قبيلةٍ عرفهم في ملابسهم، إلا ما حرَّمه الشرعُ: كالحرير في حقِّ الرجال، والذهب في حقِّ الرجال، فيتقيد ذلك بما أباح الله: كالأكل والشرب، كما أنَّ لهم أن يأكلوا ما شاءوا من الأطعمة، وهم يعتادون الأرز، أو يعتادون الذرة، أو يعتادون الحنطة، أو يعتادون الشعير، أو يعتادون أنواعًا أخرى: كالبيض وغيره مما يعتاده كثيرٌ من الناس، كالعدس، وغير هذا، فكلٌّ له عادته، وما أشاع في هذه الأطعمة ما لم يتعدَّ حدود الله بأكل الحرام: كالخنزير، والميتة، أو الخمر، أو يتعدَّى حدوده في اللباس: كأن يسبل، أو يلبس ما حرَّم الله من الحرير، أو مغصوب يأخذه ظلمًا، وما أشبه ذلك.

فالحاصل أنَّ هذا بابه باب للإباحة، إلا ما حظره الشرعُ فيتقيد بذلك، والعمامة: ما يُوضع على الرأس، والقميص: ما يُلبس على البدن كله، والسراويل معروف: ما يُلبس على نصفه الأسفل من المخيط برجلين، والإزار: ما يُلبس على النصف الأسفل، لكن من دون رجلين، فالإزار مُطلق، خرقة مطلقة يشدّها على وسطه، وهي أستر للمؤمن وأحسن من السراويل إذا كان ليس فوقه شيء؛ لأن السراويل قد تُبين حجم العورة، وقد تحصل بها فتنة، لكن الإزار يكون أستر وأكمل؛ لأنه لا يكون بين الرجلين شيء من الفضاء، فلا يحصل بذلك شيء من الفتنة، وكلاهما جائز، إذا كانا ساترين فكلاهما جائز، لكن الإزار أكمل إذا ستر، وإن كانت السراويل أثبت وألزم من عدم السقوط، لكن ذاك أجمل وأكمل فيما يتعلق بكمال الستر.

وكان النبيُّ ﷺ يلبس لباس العرب، وليس له لبس خاص إلا ما حرَّم الله عليه، مثل: زي المشركين، إذا كان لهم زي خاص فلا يتزيَّا بزيِّهم، كانت العرب تلبس هذا مع المسلمين: العمامة والقمص والأزر والسراويل، كل هذا من لبس العرب جميعًا: مسلمهم وكافرهم.

وفي حديث أبي أُمامة -الحديث الأول- أن الصحابة قالوا: يا رسول الله، إنَّ أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون! فقال: خالفوهم تسرولوا وائتزروا، فهذا الحديث رواه أحمد رحمه الله بإسنادٍ حسنٍ من طريق زيد بن يحيى، عن عبدالله بن العلاء بن زبر، عن القاسم بن عبدالرحمن الدمشقي قال: سمعتُ أبا أمامة الباهلي رحمه الله يقول: خرج الرسولُ ﷺ على مشيخةٍ من الأنصار بيض لحاهم، فقال: يا معشر الأنصار، حمِّروا وصفِّروا وخالفوا أهل الكتاب، كما في الحديث الآخر أنهم لا يصبغون فخالفوهم: حمِّروا وصفِّروا وخالفوا أهل الكتاب، فقلنا: يا رسول الله، إنَّ أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون، قال: تسرولوا وائتزروا وخالفوا أهل الكتاب، فقلنا: يا رسول الله، إنَّ أهل الكتاب يتخفَّفون ولا ينتعلون، فقال ﷺ: خالفوا أهل الكتاب، تخفَّفوا وانتعلوا، فقلنا: يا رسول الله، إنَّ أهل الكتاب يقصون عثانينهم. يعني: اللحية، العثنون: اللحية، يقصُّون عثانينهم ويُوفِّرون سبالهم. فقال عليه الصلاة والسلام: خالفوا أهل الكتاب؛ وفِّروا اللِّحى، وقصُّوا السبال.

فهذا الحديث فيه أربع جملٍ مهمَّة، وهو حديث جيد، وإسناده حسن، والقاسم لا بأس به، وقد تكلم فيه بعضهم، لكن كلامهم فيه ليس بجيد، وهو ثقة، وقال بعضهم: صدوق، كالحافظ، وإنما الآفة تأتي من الرواة عنه، الذين يرون عنه: كعلي بن يزيد الألهاني وأشباهه، يأتي الضعف من جهتهم، وأما هو في نفسه فلا بأس به، وقد روى هذا الحديث العظيم، وهو حديث له شواهد في الأحاديث الصحيحة، وهو دالٌّ على أنه لا بأس بالتَّسرول والاتِّزار، وهو الشاهد، فمَن شاء اتَّزر، ومَن شاء تسرول، ولا يقتصر على واحدٍ فقط، إن شاء هذا، وإن شاء هذا.

ويدل على المعنى هذا حديث ابن عمر في "الصحيحين" كما في الإحرام، قال: "المحرم لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا السراويلات، ولا البرانس، ولا الخفاف"، فدلَّ على أنها كلها ملابس لا بأس بها، القمص والسراويل والأزر والبرانس كلها ملابس بها، لكن يُمنع المحرم من القميص والسراويل والبرانس والعمامة حال إحرامه، إلا عند العجز عن الإزار فإنه يلبس السراويل كما هو معروف.

وفي حديث مالك بن عمير الدلالة على أنه اشترى السراويل، وذكر ابنُ القيم ذلك في كتابه "الهدي"، فالإجماع مجمع على حلِّها وأنه لا بأس بها، وإن كان الغالب على العرب الأزر؛ لأنها أستر وأكمل، لكن السراويل جائزة.

وكذلك حديث أم سلمة وأسماء بنت يزيد في القميص، فهما حديثان حسنان لا بأس بهما، ويدلان على أنه ﷺ كان يلبس القميص في بعض الأحيان، وكان كمُّه لا يتجاوز الرسغ، يعني: ينتهي إلى الرسغ، والرسغ: مفصل الذراع من الكفِّ، فهذا هو الأفضل، يكون هذا حدّ الكمِّ.

وكان إذا لبس العمامة سدل ذُؤابتها بين كتفيه، كما في حديث ابن عمر هذا، وأصله في مسلم من حديث جعفر بن عمرو بن الحريث، عن أبيه قال: رأيتُ النبيَّ يخطب على المنبر وعليه عمامة سوداء، قد سدل ذُؤابتها بين كتفيه عليه الصلاة والسلام. رواه مسلم.

وفي "صحيح مسلم" أيضًا عن جابر: أن النبي ﷺ دخل مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء، فدلَّ على جواز لبس الأسود، كما يجوز لبس الأبيض، وهو أفضل الأبيض، لكن لا بأس أن يلبس الأسود.

وفي حديث يعلى بن أمية قال: طاف النبيُّ ببرد أخضر، وفي حديث ..... وعليه حُلَّة حمراء، فدلَّ على جواز هذه الألبسة: الأحمر والأسود والأخضر والأبيض، ولكن أفضلها البياض كما هو معروف.

وجاء في حديث ركانة: رواه أبو داود والترمذي عن ركانة: أن النبي ﷺ صارعه فصرعه، وقال عليه الصلاة والسلام: فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم فوق البرانس، لكنه حديث ضعيف، رواه أبو داود لكنه ضعيف؛ لأن في إسناده جهالة وانقطاعًا، وهو من رواية أبي حسان العسقلاني، وهو مجهول كما في "التقريب" وغيره، عن أبي جعفر ابن محمد بن علي بن يزيد بن ركانة، وهو مجهول، عن أبيه محمد، عن جده ركانة، ومحمد لم يسمع من ركانة، فاجتمع فيه مجهولان وانقطاع، ولو صحَّ لكان الأفضل أن تكون العمامة فوق البرنس.

وذكر ابنُ القيم رحمه الله أنه لبس العمامة وحدها، والبرنس وحده، وجمع بينهما، وتقدم أن الأمر في هذا واسع، وأن هذه المسائل من مسائل العوائد، وليست من مسائل العبادة، بل هي من مسائل العوائد، فلكل قوم في اللباس عادتهم ما لم يتعاطوا ما حرَّم الله من حريرٍ، أو تشبُّهٍ بأعداء الله، أو غير هذا مما حرَّم الله .

أما حديث ابن عباس: أن النبي ﷺ لبس قميصًا قصير اليد والطول، فهذا حديث ضعيف، ولكن معناه صحيح، فإنه لا بأس أن يكون قصير اليد، لا حرج، أو كان كمُّه إلى المرفق لا حرج، أو كان قميصًا إلى نصف الساق لا حرج، فالأفضل من نصف الساق إلى الكعب، وإنما الممنوع الزيادة، لا بأس أن يكون إلى الركبة، لا حرج، لكن الغالب عليه ﷺ أنه كان تكون ملابسه مُشمَّرة فوق الكعب عليه الصلاة والسلام، كان يُشمر، وكانت نهاية قميصه إلى الرسغ كما قالت أم سلمة وأسماء.

س: .... النساء مأخوذ من الكفار، يعني في شكله .... الأزياء الآن، وأصلًا جاءت من الكفار؟

ج: إذا عرف أنها من زيِّ كافر لا تُستعمل، لا للرجال، ولا للنساء، أما إذا اختلط وصار من أزياء المسلمين والكفار فلا بأس.

س: هو الآن اشتهر بين المسلمين؟

ج: ما دام اشتهر بين المسلمين تزول الكراهة، مثل: الطائرة، مركب الكفار أولًا، ثم صارت مركبًا للمسلمين، والسيارات كذلك كانت من مراكب الكفار، ثم صارت مُشتركة.

س: قوله: "فَوَزَنَ لِي فَأَرْجَحَ لِي"؟

ج: هذا يدل على أن المؤمن يكون سمحًا في البيع والشراء، يزيد البائع بعض الشيء، إذا أرجح له يكون من مكارم الأخلاق، هذا من مكارم الأخلاق.

س: هل لبس النبيُّ ﷺ السَّراويل؟

ج: ما أعرف شيئًا، ما بلغني شيء صحيح.

س: ...............؟

ج: يعني: تحقيق أنها ذات رجلين، السراويل معروفة ..... الإزار.

س: ............؟

ج: الله أعلم.

الطالب: قال ابنُ القيم في "الهدي": اشترى ﷺ السراويل، والظاهر أنه إنما اشتراها ليلبسها.

الشيخ: لا يلزم لبسها.

بَابُ الرُّخْصَةِ فِي اللِّبَاسِ الْجَمِيلِ وَاسْتِحْبَابِ التَّوَاضُعِ فِيهِ وَكَرَاهَةِ الشُّهْرَةِ وَالْإِسْبَالِ

582- عَن ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: إنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنًا، قَالَ: إنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْصُ النَّاسِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ.

583- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَرَكَ أَنْ يَلْبَسَ صَالِحَ الثِّيَابِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعًا لِلَّهِ دَعَاهُ اللَّهُ عَلَى رُؤوسِ الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي حُلَلِ الْإِيمَانِ أَيَّتَهُنَّ شَاءَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ.

584- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ فِي الدُّنْيَا أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.

585- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُر اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إزَارِي يَسْتَرْخِي إلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ، فَقَالَ: إنَّك لَسْتَ مِمَّنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ خُيَلَاءَ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ، إلَّا أَنَّ مُسْلِمًا وَابْنَ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيَّ لَمْ يَذْكُرُوا قِصَّةَ أَبِي بَكْرٍ .

586- وَعَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعمَائم، مَنْ جَرَّ شَيْئًا خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُر اللَّهُ إلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

587- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إلَى مَنْ جَرَّ إزَارَهُ بَطَرًا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَلِأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ: مَا أَسْفَلَ مِن الْكَعْبَيْنِ مِن الْإِزَارِ فِي النَّارِ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم ......

قال المؤلف رحمه الله: (باب فضل اللباس الجميل وكراهة الإسبال وثوب الشُّهرة)، هذه الأحاديث الستة تتعلق بأنواع اللباس، واللباس أنواع وأقسام: فمنه ما هو محرم، ومنه ما هو مشروع، ومنه ما هو مباح، ومنه ما هو مكروه، ويدور بين التَّحريم والكراهة.

فلباس الجميل من الثياب أمرٌ مطلوبٌ ومشروعٌ، وكان عليه الصلاة والسلام يلبس الحسن من الثياب، والله يقول: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]، وفي حديث عبدالله بن مسعود هنا يقول: إنَّ الله جميلٌ يُحبُّ الجمال، لما قال عليه الصلاة والسلام: لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مثقالُ حبَّة خردل من كبرٍ، وفي اللفظ الآخر قال: ذرة من كبرٍ، فقال له: يا رسول الله، الرجل يُحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنة. فقال عليه الصلاة والسلام: إنَّ الله جميلٌ يُحبُّ الجمال، فهذا يدل على فضل التَّجمل واللباس الحسن؛ لما فيه من إظهار نعمة الله ، وقد قال عليه الصلاة والسلام: إنَّ الله إذا أنعم على عبده بنعمةٍ أحبَّ أن يرى أثر نعمته عليه.

فإظهار النعم وما أعطاه الله من الخير وعدم التَّشبه بالفقراء الذين حُرموا هذا من شُكر الله ، ومن إظهار نعمة الله ، وهو داخلٌ في قوله: خُذُوا زِينَتَكُمْ، وفي قوله: إنَّ الله جميلٌ يُحب الجمال.

ثم قال عليه الصلاة والسلام: الكبر: بطر الحقِّ، بطر مصدر بطر، يعني: دفعه وردَّه، وغمط الناس بالطاء والصاد، جاء بالطاء "غمط"، وجاء بالصاد "غمص"، ومعناها: احتقارهم، فهذا هو الكبر الذي يترتب عليه ردّ الحق إذا خالف هواه، أو احتقار الناس وعدم تقديرهم؛ لأنه أُعطي مالًا أو جمالًا أو ولايةً أو جاهًا أو غير ذلك، فهذا الكبر المذموم الذي يجب تجنبه والحذر منه، وهو أن يحمله هواه وعظمته في نفسه على ردِّ الحقِّ، أو على احتقار الناس وتنقصهم حتى لا يبدأهم بالسلام، أو لا يرد عليهم السلام، أو يراهم بعينه دونه وهو فوقهم تكبُّرًا وتعاظُمًا، فهذا هو الذي يجب الحذر منه، أما أن يتجمَّل ويلبس الملابس الحسنة التي ليس فيها شهرة، وليس فيها إسراف، فهذا أمر مطلوب ومشروع: إنَّ الله جميلٌ يُحبُّ الجمال، وكان من عادة الرسول ﷺ والصحابة فعل ذلك من غير تكلُّفٍ.

وهكذا حديث سهل بن معاذ يُشعر بأنَّ مَن فعل خلاف ذلك تواضعًا ألبسه الله من حلل الإيمان يوم القيامة، خيَّره الله من حلل يوم القيامة أيَّتهن شاء، والحديث وإن كان في سنده ضعف لكن يُستشهد به، كحديث: البذاذة من الإيمان، فإذا فعل ذلك على سبيل التواضع وكسر النفس بعض الأحيان فهذا حسن؛ لأن النفس قد ترتفع وقد تعظم، فربما جرَّ ذلك إلى التكبر والخيلاء، فإذا كسرها بعض الأحيان بملابس متواضعة حتى يتواضع حتى يبتعد عن أسباب الكبر فلا بأس إذا فعل هذا بعض الأحيان كما يفعله النبيُّ بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام والسلف، فإذا تواضع ولبس لباسًا دون العادة؛ كسرًا للنفس وتواضعًا فهذا حسن لا بأس به، وما ورد في هذا الباب يُشعر بذلك، لكن لا يكون عادةً، إنما يفعله بعض الأحيان، ويكون الغالب عليه أن يتعاطى اللباس المناسب: إنَّ الله جميلٌ يُحبُّ الجمال، إنَّ الله إذا أنعم على عبده نعمةً أحبَّ أن يرى أثر نعمته عليه .

وحديث ابن عمر في لبس الشهرة، وفيه دليل [أنه] لا ينبغي للمؤمن أن يتعاطى الملابس التي فيها شهرة بين قومه، وربما جرَّه إلى التكبر والتَّعاظم، بل يلبس ما يعتاده قومه وأهل بلده؛ حتى لا يقع في هذا المشكل وهذا الخطر، فإذا كان من عادة أهل بلده لباس خاص متواضع فلا يلبس أشياء يُشار إليه عند لبسها ويشتهر بها، وربما رُمي بالتَّكبر، ورُمي جرّه في نفسه إلى التَّكبر، وربما جرَّ غيره إلى التَّكلف، فينبغي له أن يتواضع ولا يلبس ملابس الشهرة بين قومه، وهذا يختلف باختلاف البلدان والأعراف، فقد يكون ثوب في قبيلةٍ أو في قريةٍ شهرة، ولكنه في البلد الأخرى أو في القرية ليس بشهرةٍ؛ لأنهم اعتادوه.

وهكذا قول ..... إنَّ الإسبال يكون في العمامة، وفي الإزار، وفي القميص، كل ما يطول من هذا فهو إسبال، إذا طوّل العمامة حتى سحبت في الأرض، أو طوّل القميص حتى سحب وتجاوز الكعب، أو الإزار، أو السراويل، كله يكون فيه إسبال، وهكذا العباءة والقباء، كل ما لبسه الإنسانُ إذا زاد على الكعب صار إسبالًا؛ ولهذا في حديث أبي هريرة الأخير: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري ..... وخرَّجه مسلم في "صحيحه" من حديث أبي ذرٍّ رضي الله تعالى عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ثلاثة لا يُكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يُزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنَّان بما أعطى، والمُنَفِّق سلعته بالحلف الكاذب، ولم يُقيده بالتَّكبر كما في حديث أبي هريرة أيضًا، فدلَّ على تحريم الإسبال.

وقول المؤلف (للكراهة) فيه تسامح وتساهل، والصواب تحريم الإسبال، وليس بمكروهٍ فقط الكراهة الاصطلاحية، فهو محرم؛ لمجيء الوعيد عليه، فهو من الكبائر، وإذا كان مع التَّكبر صار أعظم، ولهذا في حديث ابن عمر: مَن جرَّ ثوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، وحديث أبي هريرة: بطرًا يعني: تكبُّرًا، فهذا يكون أعظم وأشد، إذا كان عن تكبرٍ وعن قصد التَّعاظم يكون أشدَّ في الإثم، وإذا سحبه تساهلًا واعتيادًا لذلك دخل في الإثم أيضًا، أما مَن غلبه ثوبه بعض الأحيان من غير قصدٍ: كأن ينخلع الرفاع، أو الإزار، كما فعل الصديقُ، فهذا لا يضرُّه إذا تعاهده ولاحظه، وليس الذي يفعل هذا خيلاء، وهذه قصة الصديق: أنه كان قد يسترخي إزاره، فلا يكون مُسْبِلًا في هذا؛ لأنه إنما يقع ذلك بغير اختياره، فلهذا يتعاهده: "إلا أن أتعاهده"، فإن جرَّ ذلك عارضًا وانحدر ثوبه عارضًا ثم تلافاه واجتهد لا يدخل في الإثم، لكن مَن يتعمَّد -كما يفعل الناسُ اليوم- يتعمَّد سحب ثيابه هذا ظاهر فيه الكبر، وإنما يفعل الكبر، ويجرُّه إلى الكبر، ويجرُّ الناس إلى أن يتشبَّهوا به أيضًا.

فالأحاديث عامَّة لهؤلاء الذين يسحبون ثيابهم وبشوتهم عمدًا وقصدًا، ولو زعموا أنهم ما تكبَّروا فالأحاديث عامَّة تعمُّهم وتدل على تحريم فعلهم، والغالب أنهم يكذبون إذا قالوا: ما أردنا التَّكبر، يكذبون، فهم بين تكبر أو بين إسرافٍ وتساهلٍ فيما أمر الله به ورسوله، وهو أيضًا فيه إسراف وزيادة لا وجهَ لها.

وذكر عمر لما طُعِنَ دخل عليه شابٌّ، فرأى ثوبَه يمسّ الأرض بعدما أدبر، فدعاه، وقال: "يا ابن أخي، ارفع ثوبك؛ فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك"، مع أنه في حال مرض وحال شدَّةٍ وأرضاه، "ارفع ثوبك؛ فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك"، أو قال: "أبقى لثوبك"، جاء هذا وهذا.

فالحاصل أنَّ الذي يظهر من الأدلة تحريم الإسبال مطلقًا، ولكن مع الكبر يكون الإثم أكبر، والأحاديث دالة على هذا وعلى هذا.

ثم هناك أمور أخرى مثلما تقدم: أنه فيه إسراف، وفيه توسل إلى الكبر، وطريق إلى الكبر إن لم يفعله كبرًا، والغالب أنهم يفعلونه عن تكبر، وعن خيلاء، وعن تعاظم، ومَن سلم من هذا في بعض الأحيان فهو وسيلة إلى أن يقع منه ذلك، مع ما فيه من الإفساد والإسراف وتعريض ملابسه للنَّجاسات والأوساخ، فلا يليق بالمؤمن ذلك أبدًا، والله المستعان.

الله يهدينا والمسلمين جميعًا، الواجب على المسلمين التَّناصح في هذا، التناصح وإنكار المنكر، الله الهادي، الله الهادي.

س: ............؟

ج: ما أعرفها، المعروف ما أسفل الكعبين من الإزار فهو [في] النار رواه البخاري، وفي روايةٍ أخرى: إلى الكعب، لما وصف لهم الإزار قال: إلى الكعب.

س: إنَّ الله جميل؟

ج: وصف لله بالجمال، والجمال معروف ضد الدَّمامة والقباحة، فهو أجمل شيء سبحانه، وأكرم شيء، وأكمل في كل شيء سبحانه، فهو أكمل في جميع الأوصاف: من علم، وفضل، وحكمة، وحلم، وقوة، وقدرة، وعلم، وغير هذا، فله الجمال من جميع الوجوه، والكمال من كل الوجوه .

س: .............؟

ج: يختلف بحسب أحوال الناس، بحسب البلاد والقرى والقبائل.

س: يشمل النِّساء تحريم ثوب الشُّهرة؟

ج: الظاهر أنه يشملهنَّ، "من" عامَّة.

س: مَن جرَّ ثوبه دائر أمره بين كبيرةٍ صغرى وكبيرةٍ كبرى أكبر منها، يعني: إما إن جرَّ ثوبه خُيلاء كبيرة؟

ج: طبع الكبائر تختلف، حتى الكبائر نفسها تختلف، تتفاوت، أقول: الكبائر تختلف.

س: يعني على كلتا الحالتين تكون كبيرةً؟

ج: نعم، هذا ظاهر النصوص: "النائحة" النياحة كبيرة، والزنا أكبر منها، والعقوق كبيرة، وقطيعة الرحم الأخرى -العقوق لغير الوالدين- أسهل من الوالدين، وهكذا، فالكبائر متفاوتة، والصَّغائر متفاوتة.

س: التَّسمي بصفة جميل؟

ج: نعم؟

س: التَّسمي بصفات الله هل يُتسمَّى بها؟

ج: هذه فيها تفصيل، فالذي لا يليق إلا بالله مثل: خالق الخلق، ومثل: الخلَّاق، ومثل: الرزَّاق، وفي شيء يجوز للمخلوق: العزيز، الجميل، الرحيم، وأشباه ذلك .....

س: .............؟

ج: هذا من أسماء الله، اسم الكريم، عبدالجليل من أسماء الله، مثل: عبدالرحيم.

س: حديث البذاذة من الإيمان ومعناه؟

ج: في غالب ظني أنه لا بأس به، إسناده حسن، لا بأس به، وهو قد يُقوي رواية سهل بن معاذ، وإن كان سهل فيه ضعف، والمحمول على مثل ما تقدم محمول على بعض الأحيان، لا أن تكون سجيةً للمؤمن.

س: حسَّنه الشيخُ ناصر في "الطحاوية".

ج: نعم.

بَابُ نَهْيِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبَسَ مَا يَحْكِي بَدَنَهَا أَوْ تَشَبَّهَ بِالرِّجَال

588- عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: كَسَانِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺقبْطِيَّةً كَثِيفَةً كَانَتْ مِمَّا أَهْدَى لَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا لَكَ لَا تَلْبَسُ الْقبْطِيَّةَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ: مُرْهَا أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهَا غِلَالَةً؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ.

589- وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَخَلَ عليها وَهِيَ تَخْتَمِرُ، فَقَالَ: لَيَّةً لَا لَيَّتَيْنِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

590- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا بَعْدُ: نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ، مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ، عَلَى رُؤوسِهِنَّ أَمْثَالُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَرَيْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِجَالٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ.

591- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَعَنَ الرَّجُلَ يَلْبَسُ لُبْسَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لُبْسَ الرَّجُلِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بملابس المرأة، وتحريم التَّشبه بالرجال، وأنَّ عليها أن تلبس الملابس الساترة التي تستر عورتها وحجم أعضائها؛ لأنها فتنة، كما قال عليه الصلاة والسلام: ما تركتُ بعدي فتنةً أضرّ على الرجال من النساء، فالواجب أن تبتعد عن أسباب الفتنة، وألا تتشبَّه بالرجال في ملابسها، وأن تحذر أيضًا التَّشبه بهم في كلامها أو مشيتها أو غير ذلك؛ لعموم النَّهي عن التَّشبه بالرجال في حقِّ النساء، والتَّشبه بالنساء في حقِّ الرجال، وما ذاك إلا لأنَّ التَّشبه من هؤلاء بهؤلاء وهؤلاء بهؤلاء يُفضي إلى فسادٍ كبيرٍ وشرٍّ عظيمٍ؛ فلهذا لعن مَن فعل ذلك حتى يتميز هؤلاء من هؤلاء.

وفي حديث أبي هريرة: صنفان من أهل النار لم أرهما، وفي رواية أحمد: بعد ..... نساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، ورجال بأيديهم السياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، وهذا فيه أيضًا التَّحذير من التَّساهل بالملابس حتى تُشبه العري، فإن الكسوة القصيرة والرقيقة كالعدم، كالعري، وقال بعضُهم في معناه: كاسيات من نعم الله، عاريات من شكرها، والأظهر هو الأول: كاسيات يعني: كاسيات في الاسم، لا في الحقيقة، إما لقصر الملابس، وإما لرقَّتها وعدم سترها العورة، مائلات مميلات مائلات عن الحقِّ والعفَّة، مُميلات لغيرهن إلى الفساد والفاحشة، رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة ..... هذا مثلما ذكر العلماء أنهن يُضخمن رؤوسهن، ويجعلن عليها ما يُضخّمها حتى تكون كأسنمة البخت المائلة، هذا يدل على أنه ينبغي بل يجب عليها أن تبتعد عمَّا يُظهرها بغير المظهر الحقيقي فيما تجعل على رأسها، كما أنَّ عليها أن تستتر، وأن تبتعد عن أسباب ظهور العورة، أو التَّشبه بالرجال، فلا تشبّه ولا تساهل في الملابس، ولا زيادة لا وجه لها تجعلها في غير الصورة الحقيقية فيما يُضخم رأسها، وتجعله على رأسها.

والبُخت المائلة يشبه سنامها السنامين لضخامته وما بينهما من الفاصل، فهي ..... رأسها تجعل عليه أشياء مما يُضخمه، ولعلَّ هذا لأسبابٍ تقع في عادة بعض البلدان، وعادة بعض القبائل والقرى، يكون لهن أسباب يفعلن هذه الأفعال التي تُضخم الرأس؛ تأسيًا من بعضهن ببعض، واقتداءً من بعضهن بالبعض على عادة الناس في التَّأسي والتَّقليد.

فلا يدخلن الجنةَ، ولا يجدن ريحها فيه وعيد شديد، وتحذير من هذه الأعمال السيئة التي إما أن تكون مشابهةً للرجال، وإما أن تكون من مُشابهة الرجال للنساء، وإما أن تكون من مُشابهة الكفرة، وإما أن تكون مُفضيةً إلى الفتنة؛ لظهور العورة وعدم سترها، وكل ذلك ممنوع يجب الحذر منه.

س: ............؟

ج: يعني هذا ما يُضخّمها إلا إذا جُعل معه شيء، وإلا عقد الرأس ما يُضخمها.

س: يعني لا بأس؟

ج: ما أعلم فيه شيئًا، لكن الأفضل على العادة القديمة كونه مسدولًا: إما على خلفها، وإما على جانبيها، وخلفها هذا هو الأفضل، وهذا هو الجمال، فإذا جُعل عقدًا هكذا، يُعقد هكذا، قد يُفضي إلى تضخيم الرأس في أشياء أخرى، وإن كان هذا لا يثبت .....، لكن تجعل عليها أشياء قد تُفخمه، قد يجرّ إلى التَّضخم.

س: يُعقد للحاجة: للعمل أو نحوه؟

ج: قد يكون هذا، فإن هذا يجوز، هذا يُفعل عند الحاجة .....، مطلق.

س: ما يُنهى عنه؟

ج: ما نعلم فيه شيئًا عند الحاجة ..... الأعمال.

س: الثياب الضَّيقة؟

ج: هي من هذا الباب لا يجوز، بل تكون وسطًا، لا واسعة تُبين عورتها، وضيقة تُبين حجم العورة .....، لا سيما حجم العورة؛ لأنَّ هذا يُفضي إلى ظهورها لحمي –لأخي- زوجها، أو لخادمها، سدَّ الباب أولى حتى تعتاد اللباس الساتر واللباس المتوسط؛ لأنه إذا اعتادت القصير والرقيق في الغالب أنها ..... ظهور هذه عند أخي زوجها، أو عمِّه، أو الخادم، أو السائق، أو نحو ذلك.

س: ............؟

س: لا يدخلن الجنةَ، ولا يجدن ريحها؟

ج: هذا من باب الوعيد، مثل أحاديث الزجر: لا يدخل الجنةَ قاطعُ رحمٍ، لا يدخل الجنةَ نمَّامٌ، كل هذا من باب الزجر والوعيد، وليس معناه أنه كافر، لا.

س: الاحتمالات التي ذُكرت في نساء كاسيات عاريات يعني: التَّشبه بالرجل، أو تفتن الرجال، هذه الاحتمالات في حديث أبي هريرة، أو في حديث أسامة: نهى أن تلبس لبسة الرجل، في حديث أبي هريرة: أن يلبس الرجلُ لبسة المرأة، والمرأة لبس الرجل؟

ج: هذا على ظاهره، في الملابس تلبس لبسته حتى تظنّ أنها رجل أو العكس، وهذا معنى الحديث الآخر: "لعن رسول الله المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء"، قال .....: رواه البخاري رحمه الله، فالمعنى هو هذا: إما في اللباس، وإما في شيءٍ آخر من المشية أو الكلام أو نحو ذلك مما يتأسّى بهؤلاء وهؤلاء بهؤلاء، والواجب أن تمتاز هي عن الرجل، وهو يمتاز عنها في كلامه ومشيته وملابسه وغير ذلك؛ حتى لا يكون هناك اشتباه، واللبسة من ذلك، اللبسة ..... قد تتشبه به في كلامه، تتشبَّه به في المشي.

س: لبس البياض للنساء؟

ج: أصله مباح إذا كان على غير الطريقة التي يلبسها الرجال، لكن بسبب أنه في الغالب من لبس الرجال فينبغي لها تركه، ولهذا يُستنكر منها ذلك؛ لأنه في الغالب يكون فيه شبه ظاهر للرجال؛ لأنَّ الرجال يغلب عليهم البياض، لكن لو لبسته على طريقةٍ خاصةٍ تخصّ النساء ما صار فيه تشبّه، مثلما تلبس الأحمر، وهو يلبس الأحمر والأخضر والأسود، كلهم يلبسونه.

بَابُ التَّيَامُنِ فِي اللُّبْسِ وَمَا يَقُولُ مَنِ اسْتَجَدَّ ثَوْبًا

592- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا لَبِسَ قَمِيصًا بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ".

593- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ؛ عِمَامَةً أَوْ قَمِيصًا أَوْ رِدَاءً، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ لَك الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُك خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ رَوَاهُمَا التِّرْمِذِيُّ.

الشيخ: وهذا يدل على شرعية البداءة بالميامن، والأحاديث هذه صحيحة التي رواها أهلُ السنن: حديث أبي هريرة: إذا توضَّأتم فابدؤوا بميامنكم، وفي الرواية الأخرى: أو لبستُم فابدؤوا بميامنكم، وحديث عائشة: "يُعجبه التَّيمن في تنعله وترجُّله وطهوره وفي شأنه كله"، وحديث: إذا انتعل أحدُكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، والأحاديث في هذا الباب كثيرة، كلها تدل على شرعية البداءة باليمين في اللبس، سواء كان قميصًا أو سراويل أو نعلًا أو غير ذلك مما له يمين وشمال، فالسنة البداءة باليمين في اللبس، وبالشمال في الخلع، وهكذا في الأكل باليمين، هكذا في المصافحة باليمين، وهذا في شأنه كله.

والقاعدة أن اليمين للأخذ والعطاء والمصافحة وما يفضل ويعظم، واليسار لخلاف ذلك؛ للمفضول والقذر ونحو ذلك، فما كان له يمين وشمال يبدأ فيه باليمين: بالوضوء يبدأ باليمين باليدين والرجلين، في القميص يبدأ باليمين .....، والبشت كذلك، والجبة كذلك، في النعل كذلك، في الخفِّ كذلك، في السراويل كذلك؛ عملًا بالسنة.

والسنة لمن استجدَّ جديدًا -من عمامةٍ أو قميصٍ أو بشتٍ أو غير ذلك- أن يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صُنع له، وأعوذ بك من شرِّه وشرِّ ما صُنع له، هذا الحديث رواه أبو داود وجماعة بإسنادٍ صحيحٍ على شرط مسلم، فالسنة أن يقول هكذا.

قال أبو نضرة الراوي عن أبي سعيدٍ هذا الحديث قال: كان أصحابُ النبي ﷺ إذا استجدَّ أحدُهم جديدًا يقول له أخوه: "تُبلي ويُخلف الله"، فهذا يُستحب أن يقال لمن استجدَّ جديدًا: "تُبلي ويُخلف الله"، والنبي ﷺ لما أعطى أمَّ خالد قميصها الذي فيه بعض العلامات الحسنة قال: أبلي وأخلقي، أبلي وأخلقي، فيُستحب أن يُقال له: "أبلي وأخلق"، أو "تُبلي ويُخلف الله"، وهو يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه اعترافًا بفضل من الله، وأنه هو المحسن ، وأنه الذي مَنَّ عليه، وإن كان ذا مالٍ فالمال كله من الله، هو الذي أعطاه المال، وهو الذي مَنَّ عليه بالمال، فيقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك خيره وخير ما صُنع له، وأعوذ بك من شرِّه وشرِّ ما صُنع له، وهذا فيه تجرد من الحول والقوة من كل شيءٍ إلا من الله ، والضَّراعة إليه في أن يُعطيهم خير هذا ويكفيهم شرَّه.

س: ............؟

س: قوله: رجال معهم سياط كأذناب البقر؟

ج: هذا قيل فيهم أنهم الشّرط وأشباههم، وكل مَن يأخذ السياط لظلم الناس، سواء سمّوا شرطًا أو جنودًا أو عساكر أو غير ذلك، فيه وعيدٌ لمن ظلم الناس، أما إذا كانوا بحقٍّ فلا خطرَ عليهم، لكن في الغالب أنهم قد يظلمون الناس؛ ولهذا جاء الحديثُ في ذمِّهم.

أَبْوَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَوَاتِ بَابُ اجْتِنَابِ النَّجَاسَات فِي الصَّلَاةِ وَالْعَفْوِ عَمَّن لم يعلم بِهَا

594- عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: أُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي آتِي فِيهِ أَهْلِي؟ قَالَ: نَعَمْ، إلَّا أَنْ تَرَى فِيهِ شَيْئًا فَتَغْسِلَهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.

595- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ قَالَ: قُلْتُ لِأُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي فِي الثَّوْبِ الَّذِي يُجَامِعُ فِيهِ؟ قَالَتْ: "نَعَمْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَذًى" رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ.

596- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، عَن النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ صَلَّى فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ، فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: لِمَ خَلَعْتُمْ؟ قَالُوا: رَأَيْنَاك خَلَعْتَ فَخَلَعْنَا، فَقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي فَأَخْبَرَنِي أَنَّ بِهِمَا خَبَثًا، فَإِذَا جَاءَ أَحَدُكُم الْمَسْجِدَ فَلْيقلِبْ نَعْلَيْهِ وَلْيَنْظُرْ فِيهِمَا، فَإِنْ رَأَى خبثًا فَلْيَمْسَحْهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ لِيُصَلِّ فِيهِمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

وفيه دليلٌ أنَّ دلك النِّعال يجزي، وأن الأصل أنَّ أمته أسوته في الأحكام، وأن الصلاة في النَّعلين لا تُكره، وأن العمل اليسير معفوٌّ عنه.

الشيخ: هذه الأبواب في اجتناب النَّجاسات ودخول الصلاة في غاية من الطَّهارة من الأحداث والأخباث، فالمؤمن مأمور بأن يدخلها طاهرًا من حدثه وخبثه، قال تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر:4]، قال لأسماء بنت أبي بكر لما ذكرت له ما يُصيب الثوبَ من الدم قال: حتيه، ثم اقرصيه بالماء، ثم انضحيه، ثم صلِّي فيه.

فالمؤمن والمؤمنة مأموران بأن يدخلا الصلاة بطهارةٍ في أبدانهما ومُصلاهما، كما أنهما مأموران بالطهارة من الأحداث، ويجوز للمؤمن أن يُصلي -وهكذا المؤمنة- في الثوب الذي يحصل به الجماع وعلى فرش النساء إذا كانت سليمةً ليس فيها شيء من أذى -يعني: من نجاسةٍ- فلا حرج أن يُصلي في الثوب الذي يأتي فيه أهله، ولا حرج في أن تُصلي في الثوب الذي يُجامعها فيه زوجها، ولا حرج أن يُصلي على فراش وعلى الفرش التي يجلس عليها أو ينام عليها، كل ذلك إذا كانت سليمةً.

وحديث أبي سعيدٍ يدل على هذا المعنى أيضًا، وأن المؤمن يتجنب النَّجاسة فيما يتعلق به وقت الصلاة من ملابس أو نعال، والنعال من جنس الملابس؛ لأنها في الرجل، فيُؤمر عند مجيئه إلى المسجد أن يعتني بنعليه وينظر فيها، فإن رأى فيها أذى أزاله، مسحه بالتراب وأزاله، ولهذا في حديث أبي سعيدٍ أنه ﷺ كان يُصلي في نعليه، ثم خلع نعليه في أثناء الصلاة، فخلع الناسُ نعالهم، فلما سلَّم سألهم: لماذا خلعتُم نعالكم؟ فقالوا: رأيناك خلعتَ نعليك فخلعنا نعالنا، قال: إن جبريل أتاني وأخبرني أنَّ بهما خبثًا فخلعتُهما، فإذا أتى أحدُكم المسجدَ فلينظر، فإن رأى في نعليه أذًى فليمسحه، وفي اللفظ الآخر: فليقلب نعليه، فإن رأى فيهما قذرًا فليمسحه، ثم يُصلِّي فيهما، وفي لفظٍ آخر: إِذَا وَطِئَ الْأَذَى بِخُفَّيْهِ فطهورهما التراب.

هذا يدل على فوائد: منها -وحديث أبي سعيدٍ حديث جيد صحيح على شرط مسلم- منها: أن الإنسان إذا نسي نجاسةً في ثوبه أو في خفِّه أو نعله فلم يعلم إلا بعد الصلاة أو جهلها فصلاته صحيحة؛ فإنَّ الرسول ﷺ لم يُعد أول صلاته، بل استمرَّ في صلاته وخلع نعليه؛ ولعموم قوله جلَّ وعلا: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، فإذا لم يذكر النَّجاسة التي في ثوبه أو في بدنه إلا بعد السلام أو لم يعلمها إلا بعد السلام فصلاته صحيحة، ليست مثل الحدث، الحدث أشد، فهذه أشياء يجب التَّخلص منها واطِّراحها، فإذا جهلها أو نسيها عُفي عن ذلك، أما الحدث فلا بدَّ من طهارة عبادةٍ مقصودةٍ، فإذا صلَّى ولم يتوضأ أو لم يغتسل من الجنابة لزمته الإعادة بلا خلافٍ.

س: لو كان نسي؟

ج: ولو ناسيًا تلزمه الإعادة بلا خلافٍ، أن يُصلي إذا الصلاة التي صلَّاها بغير وضوءٍ أو بغير غسلٍ.

وفيه من الفوائد: أنه إذا تذكر شيئًا في الصلاة لما فيها خلعه وأزاله: في ثوبه، أو في عمامته، أو في نعله، أو في غير ذلك يخلعه ويستمر في صلاته، ومَن دخل في الصلاة ثم تذكَّر أن غترته فيها شيء: أصابتها نجاسة من بول صبي أو غيره، طرحها، أو عباءته، أو نعله، ويكفي ذلك ويستمر في صلاته، كما خلع النبيُّ ﷺ نعليه واستمرَّ.

وفيه من الفوائد: جواز الصلاة في النعلين والخفّين، وأنه لا حرج في ذلك، وكان النبيُّ يُصلي في نعليه كما في "الصحيحين" من حديث أنسٍ، وكما في حديث أبي سعيدٍ هذا، والصحابة يُصلون كذلك في نعالهم، وربما خلعها وجعلها عن يساره عليه الصلاة والسلام، وقد قال عبدالله بن عمر: أنه كان يُصلي حافيًا وناعلًا عليه الصلاة والسلام، فإذا صلَّى في نعليه فلا بأس، وإذا خلعهما فلا بأس، والأفضل أن يجعلهما عن يساره؛ لأنه ثبت عنه أنه لما خلعهما جعلهما عن يساره.

والواجب على مَن أتى المسجد أن يعتني بنعليه؛ حتى لا يدخل بقذرٍ في المسجد، وحتى لا ينجس المسجد أو يُقذره، فالمسلم مأمور بتنظيفه وتطهيره وإزالة الأذى عنه حتى القذاة، فالواجب على مَن أتى المسجد أن يعتني بهذا الشيء، وألا يدخله بنعلٍ أو خفٍّ إلا بعد العناية، وإن وجد فيه أذى مسح ذلك وحكَّ ذلك حتى يزول، ثم يدخل فيُصلي في نعليه إن شاء، أو يجعلهما بين رجليه -يخلعهما ويجعلهما بين رجليه- ولا يُؤذي بهما أحدًا، لا عن يمينه، ولا عن شماله، ولا أمامه، إذا خلعهما يجعلهما بين رجليه عند ركبتيه حتى لا يُؤذي بهما أحدًا، ولا يجعلهما أمامه، لكن لما وجدت الفرش الآن في المساجد، ومعلوم أن أكثر الناس لا يُبالي بنعليه، وليس عندهم من العناية والحيطة ما يجعلهم يعتنون بنظافتها، فالأظهر أنه لا يُصلي فيها حينئذٍ، بل يحفظها في مكانٍ حتى لا يُوسخ المساجد، ولا يقذر الفرش، ولا ينفر الناس من الصلاة في المساجد، بخلاف الحالة الأولى في وجود الرمل والحصى، فإنَّ الأمر أسهل أن يتحمّل ما قد يقع من التراب والأوساخ؛ لأنها تذهب بين الحصباء والرمال والتراب، أما اليوم فإنَّ الفرش تتأثر، وغالب الناس لا يُبالي ولا يعتني ..... النعل، وقد يحصل من ذلك ما يقذر الفرش ويُوسِّخها وينفر الناس من السجود عليها، والله المستعان، والأحكام تدور مع علَّتها.

س: .............؟

ج: الأظهر الاستحباب، ولهذا في الحديث الآخر: إن اليهود لا يُصلون في نعالهم فخالفوهم.

س: الثوب الذي جامع فيه؟

ج: لا بأس إذا كان ...... إذا كان ما فيه ..... إذا ما أصابته نجاسة من بولٍ ولا مذي.

س: وهل ينجس المني؟

ج: المني ليس نجسًا، السنة حكّه إذا كان يابسًا، وغسله إذا كان رطبًا.

س: ..... ألا يدل على وجوب الصلاة في النِّعال؟

ج: لا، ما هو بلزوم، ما في خلاف، ما أحد يقول بالوجوب أبدًا، إنما الخلاف هل يُستحب أو ما يُستحب.

س: ..... خاص بالنعال؟

ج: النعال والخفّ.

س: إذا شقّ عليه نزع الثوب؛ كأن يكون قميصًا تحت الثوب؟

ج: يقطع الصلاة ويروح يُبدل ويرجع يُصلي مع الجماعة، وإلا يُصلي وحده إذا فاتته، أو مثلًا ما عليه إلا ثوب واحد فيه نجاسة، فيقطع الصلاة حتى يُبدل الثوب بثوبٍ طاهرٍ.

س: مَن اعتنى بنعليه يُسنّ له أن يُصلي فيهما؟

ج: إذا لم يكن هناك أذى ولا قذر ولا فتنة من توسيخ الفرش، لكن الآن تحصل به الفتنة وشيء من الشرور وتساهل من أكثر الناس في دخول المساجد بنعالهم وأخفافهم، فتكون فيه فتنة ونزاع وتقذير وأوساخ، وهذه قُصاراها أن تكون مستحبةً، فلا يُحافظ عليها مع وجود ما هو أشرّ منها، لا يُحافظ على شيء مستحبٍّ مع وجود ما يكون شرًّا على الجميع وتنفير الناس.

س: في المقابل الآن نسيت هذه السنة، وأصبح الناس يُنكرونها حتى في البَرِّ لو يُصلي أحدٌ بنعليه؟

ج: لا، في البر طيب، في بعض المساجد فيها التراب، ما فيه شيء إذا اعتنى بها وحثَّ إخوانه على العناية وحرصهم على العناية ..... يعتنون، يُعلَّمون مثلما فعل النبيُّ ﷺ مع الصحابة.

س: إذا وجد نجاسةً في ثوبه هل يُصلي بالفانيلا والسروال أو يُقال له: الأولى أن تخرج .....؟

ج: الله أعلم، في المسجد يغلب على الظنِّ أن قطعه لها أولى من خلعه وجعل المقام فيه ..... فنيلة قد يُستغرب كثيرًا، ويُستحي كثيرًا.

س: عبدالله بن هشام .....؟

ج: سؤال الأعرابي للرجل؟

الطالب: نعم.

الشيخ: لا بأس به، لا بأس بهما.

س: ............؟

ج: لا نعلم فيه شيئًا، ولكن لبس الثياب أحسن ..... ما عنده أحد فيكشف عورته عند أهله، فكشف عورته مثل المتعري، كشف عورته للمجامع مثل المتعري.

س: ..... الدم؟

ج: إذا كان خفيفًا يُعفى عنه، إذا كان دمًا خفيفًا يسيرًا نُقَطًا يسيرةً يُعفى عنها، يُصلي، وإذا كان كثيرًا يقطع الصلاة ويغسله، إلا إذا كان أمكن إزالته –خلعه- كان عليه ثوبٌ آخر.

مداخلة: عبدالله بن هشام بن زهرة بن عثمان التيمي، صحابي صغير، مات في خلافة معاوية، روى له البخاري، وأبو داود.

س: المأموم إذا جهل الإمام الطَّهارة أو نسيها فهل عليه إعادة؟

ج: لا، ما عليه، الإمام يُعيد إذا صلَّى بهم وهو محدث ثم تنبَّه بعد الصلاة، يُعيد الإمام ولا يُعيدون، يستأنف، يستجد أن يُصلي بهم.

مداخلة: شريح الحضرمي قال في "الإصابة": شريح الحضرمي جاء ذكره في حديثٍ صحيحٍ أخرجه النَّسائي من طريق الزهري، عن السائب بن يزيد: أن شريحًا الحضرمي ذكر عند النبيِّ ﷺ فقال له: ذاك رجلٌ لا يتوسَّد القرآن، وهكذا قال أكثرُ أصحاب الزهري، وأخرجه البغوي والطبراني وابن منده وغيرهم، وقال النعمان بن راشد: عن الزهري، عن السائب، ذكر مخرمة بن شريح، وهو وهمٌ منه، كذا قال ابن منده هنا، وأخرج في ترجمة مخرمة بن شريح، عن أبي الطاهر المدائني، عن يونس بن عبدالأعلى، عن ابن وهب، عن يونس، عن الزهري. الحديث، فقال: مخرمة بن شريح، وكأنه وهم من ابن منده، فإنا رويناه في الجزء الثالث عشر من الخلعيات، عن أبي الطاهر شيخه بهذا الإسناد، فقال: ذكر شريح، فأما طريق النعمان فأخرجها الطبراني موصولة بهذا الإسناد، قال أبو نعيم بعد أن أخرجه عن الطبراني: كذا قال النعمان، والصواب: رواه ابن المبارك ومَن تابعه عن يونس، قلت: قد رواه البغوي من طريق الليث، عن يونس، كما قال النعمان بن راشد، فالله أعلم‏.

الشيخ: ...........؟

الطالب: نعم.

الشيخ: ...... ما ذكره البخاري يُعلق عليه، ما ذكره البخاري يُعلق عليه، ما ذكره البخاري يُقال: أخرجه البخاري، أيضًا حديث السائب بن يزيد .....

س: أخرج البخاري؟

ج: ...........

الطالب: هذا في النسائي .....

الشيخ: النسائي أو البخاري؟

الطالب: لا، في النسائي.

الشيخ: والنسائي عندكم؟ النسائي معه؟

الطالب: لا، هو آخر حديث.

الشيخ: هو رواه النَّسائي.

الطالب: ..... لا يتوسد القرآن آخر حديث.

الشيخ: تقول: رواه في البخاري والنَّسائي.

الطالب: في قصة أم سلمة، في قصة الماشطة، ذكرها مسلم في صفة الحوض، في باب إثبات حوض نبينا ﷺ.

الشيخ: فيها عن أم سلمة؟

الطالب: نعم، يقول: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِالْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عروة -وَهُوَ ابْنُ الْحَارِثِ- أَنَّ بُكَيْرًا حَدَّثَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبَّاسٍ الْهَاشِمِيِّ، عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ: "كُنْتُ أَسْمَعُ النَّاسَ يَذْكُرُونَ الْحَوْضَ، وَلَمْ أَسْمَعْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمًا مِنْ ذَلِكَ، وَالْجَارِيَةُ تَمْشُطُنِي، فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: أَيُّهَا النَّاسُ، فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ: اسْتَأْخِرِي عَنِّي، قَالَتْ: إِنَّمَا دَعَا الرِّجَالَ وَلَمْ يَدْعُ النِّسَاءَ! فَقُلْتُ: إِنِّي مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: إِنِّي لَكُمْ فَرَطٌ عَلَى الْحَوْضِ، فَإِيَّايَ لَا يَأْتِيني أَحَدُكُمْ فَيُذَبُّ عَنِّي كَمَا يُذَبُّ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، فَأَقُولُ: فِيمَ هَذَا؟ فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا".

الشيخ: صفحة كم؟

الطالب: في الجزء الخامس عشر، كتاب الفضائل، صفحة ست وخمسين وسبع وخمسين.

الشيخ: الخامس عشر؟

الطالب: نعم.

الشيخ: صفحة ست وخمسين؟

الطالب: نعم، وسبع وخمسين.

الشيخ: ..... يعلّق على "الفتح الرباني" .....

س: ............؟

ج: إذا كان لمصلحةٍ من فريضةٍ أو نافلةٍ ..... ثم رأى جماعةً دخلوا فأحبَّ أن يُصلي معهم فريضته، فجعلها نافلةً لا بأس، أما أن يجعل النافلة فريضة لا، أو ينتقل من فريضةٍ إلى فريضةٍ لا، فقط في هذه الحالة؛ حالة إذا كان في فريضةٍ وهو جعلها نافلةً لمصلحةٍ.

س: نافلة معينة ..... من فريضةٍ إلى نافلةٍ معينة .....؟

ج: لا، ما يصلح، في حالةٍ واحدةٍ إذا حوَّل فريضةً إلى نافلةٍ ليُصليها في جماعةٍ مثلًا أو لقصدٍ آخر شرعي.

س: مما يدل على هذا بهذا .....؟

ج: أيش فيه؟

الطالب: وقال؟

الشيخ: .....، لكن من حيث المعنى واضح، يعني من أجل المصلحة، مثل: إنسان دخل المسجد يُصلي، ففاتته الصلاةُ، فشرع فيها، فدخلت جماعة فقلبها نافلةً فسلَّم من ركعته وصلَّى معهم، يعني المصلحة واضحة في هذا، لكن ما أتذكر الآن –يعني- أثرًا في هذا: حديثًا أو شيئًا، ما أتذكر شيئًا.

س: في هذه الصورة؟

ج: الصورة هذه نصَّ عليها الفقهاء.

س: الإمام يُصلي بهم الوتر، نوى ركعتين كالعادة –يعني- ونسي التشهد، قام للثالثة ..... والعادة أنه يُصلي ركعتين ويُسلم، يُسبِّحون له ..... هل جائز؟

ج: هو يجوز له أن يُصلي الثلاث جميعًا، فيُتابعونه لعله ما نوى الجلوس، أقول: لعله ما نوى ثنتين.

الطالب: هو نواها ثنتين؟

الشيخ: ما يُدريكم عنه؟

الطالب: ..... الحكم يعني؟

الشيخ: لم يضمنه.

الطالب: إذا نويتها ركعتين ثم قمتُ؟

الشيخ: إذا نواها لا يقوم، إذا نواها لا يقوم، يعود فيتشهَّد .....، أما المأمومون ما يدرون، يُتابعونه.

س: هناك واحد صلَّى مع الرافضة يظنّ أنهم من أهل السنة، ولا عرف هذا إلا بعدما انتهى من الصلاة؟

ج: يُعيد، يُعيد، يُعيد لأنه يعلم أنَّ أهل البيت الرافضة يعبدون عليًّا رضي الله عنه.

س: لأنهم ..... بعد الركوع الثاني، بعد الركوع من الركعة الأخيرة صلاة الصبح بعدما رفع قرأ بسورتين بعدما رفع؟

ج: بعد الركوع قرأ سورتين؟

الطالب: نعم.

الشيخ: هذه بدعة، وما عندهم من كفرٍ أشدّ.

س: إذا جاء في الجامع وصلَّى مع الناس العشاء يظنّ أنه .....؟

ج: .....؛ لأنَّ زيادة الركعة ..... مثل: لو قام ....... تُجزئه، ثم يأتي بالعشاء بعد ذلك.

س: ما يُعيد؟

ج: لا، ما يُعيد إذا استمرَّ على نيته .....

س: ولا يقال: إنها تكون عشاء، ويسقط في حقِّه .....

ج: لا، لا ، لا يُعيد، ولكن يتنبَّه، يجلس في الثالثة يقرأ التَّحيات ويُسلم معهم، ثم يُصلي العشاء بعد ذلك، أما إذا لم يتنبَّه ..... تابعهم وهو ناوٍ المغرب تُجزئ، فلو أنَّ الإمام قام إلى رابعةٍ، وفي غير المغرب إلى خامسةٍ وصلَّاها ولم يتنبَّه، ولم يتنبه .....

س: كذلك إذا قصد صلاة المغرب وهو يعلم أنَّهم يُصلون العشاء؟

ج: كذلك يجلس في الثالثة فقط، الصواب أنه يُجزئه.

س: ............؟

ج: محل نظر ..... ثم يُسلم، ينتظرهم ويُسلم معهم ثم يُصلي العشاء.

س: وإذا سلَّم قبلهم؟

ج: محل نظر، الله أعلم.

بَابُ حَمْلِ الْمُحْدِثِ وَالْمُسْتَجْمِرِ فِي الصَّلَاةِ وَثِيَابِ الصِّغَارِ وَمَا شُكَّ فِي نَجَاسَتِهِ

597- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بنت رسول الله ﷺ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

598- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ الْعِشَاءَ، فَإِذَا سَجَدَ وَثَبَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ عَلَى ظَهْرِهِ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ أَخَذَهُمَا مِنْ خَلْفِهِ أَخْذًا رَفِيقًا، وَيضَعهُمَا عَلَى الْأَرْضِ، فَإِذَا عَادَ عَادَا، حَتَّى قَضَى صَلَاتَهُ، ثُمَّ أَقْعَدَ أَحَدَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ، قَالَ: فَقُمْتُ إلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرُدُّهُمَا؟ فَبَرَقَتْ بَرْقَةٌ، فَقَالَ لَهُمَا: الْحَقَا بِأُمِّكُمَا، فَمَكَثَ ضَوْؤُهَا حَتَّى دَخَلَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ.

599- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يُصَلِّي مِن اللَّيْلِ وَأَنَا إلَى جَانبِهِ، وَأَنَا حَائِضٌ، وَعَلَيَّ مِرْطٌ، وَعَلَيْهِ بَعْضُهُ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَابْنُ مَاجَهْ.

600- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنَا". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَلَفْظُهُ: "لَا يُصَلِّي فِي لُحُفِ نِسَائِهِ".

بَابُ مَنْ صَلَّى عَلَى مَرْكُوبٍ نَجِسٍ أَوْ قَدْ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ

601- عَن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ: "رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إلَى خَيْبَرَ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَأَبُو دَاوُد.

602- وَعَنْ أَنَسٍ : أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ وَهُوَ رَاكِبٌ إلَى خَيْبَرَ، وَالْقِبْلَةُ خَلْفَهُ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تدل على جواز حمل المحدِث، وحمل المستجمر، وحمل مَن لا تُعرف به نجاسة، وحمل الأمور على الظاهر والطَّهارة الأصلية وعدم التَّكلف.

وفيه الدلالة أيضًا على جواز العبث: الحركة التي ليست متصلةً، أو حركة لها أسباب وأنها لا تخلّ بالصلاة ولا تُبطلها، ومن ذلك ما ذكر المؤلفُ عن أبي قتادة في قصة صلاة النبي ﷺ بأُمامة بنت زينب، وهو مخرج في "الصحيحين"، وذلك يُبين للأمة تسامح الإسلام، وأنه يُجيز لأهله مثل هذا؛ لما فيه من الرفق بالصغير، والرحمة للصغير، والدلالة على جواز مثل هذا في الصلاة؛ أن يحمل الصغير وهو يُصلي، ولهذا كان يُصلي وهو حامل أمامة، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها، وهي بنت زينب، بنت أبي العاص بن الربيع، فهذا يدل على جواز مثل هذا الحمل، والأصل الطهارة، فلهذا حملها وهي ليست من أهل الطهارة؛ لأنها صغيرة.

كذلك قصة الحسن والحسين في حديث أبي هريرة، وقد رواه أحمد بإسنادٍ فيه نظر؛ لأنَّ في إسناده شخصًا يُقال له ....... أبو كامل، لم أجد له ترجمة، ولكن له شواهد في ارتحال الحسن والحسين للنبي ﷺ في الصلاة، فهذا جنسه في "الصحيحين"، وهو يدل على جواز التسامح في هذه الأمور، وأن المصلي إذا ارتحله ابنه أو ابن بنته أو صبي صغير وهو ساجد أو جلس على رجله وهو جالس أنَّ هذا لا يُؤثر في الصلاة، ولا يضرّ الصلاة، والأصل الطهارة والسلامة والعفو عن مثل هذا.

وفي بعض الروايات -كما في الصحيح- أنه صلَّى ذات يوم فأطال السجود، فلما سلَّم استنكر أصحابُه وسألوه عن ذلك، فقال: إنَّ ابني ارتحلني وأنا ساجد، فكرهتُ أن أُزعجه يعني: فأطال السجود لأجل عدم إزعاجه، وهذا من حُسن خلقه ورحمته وتواضعه عليه الصلاة والسلام، والدلالة على أنَّ مثل هذا لا يضرّ بالصلاة، ولا يُؤثر فيها لو أطال السجود أو إحدى السجدتين لعارضٍ، أو أطال الركوع لعارضٍ، أو أطال القيام لعارضٍ، فلا حرج في ذلك.

وفيه من الفوائد: أن الحركة في الأخذ والعطاء والرفع والحطّ إذا دعا لها حاجة، كما فعل مع أمامة ومع الحسن والحسين، وكما فعل في صلاة الكسوف لما تقدّم وتأخَّر، لما قال: عُرضت عليَّ الجنة والنار، هذه كلها وأشباهها مما يُعفى عنه في الصلاة لأمرين: الأمر الأول: أنَّ فيها مصالح للدلالة على التعليم والتوجيه، والأمر الثاني: أنها قليلة متفرقة غير متصلة ولا مُتتابعة، بخلاف حال العبث الكثير الذي ليس له أسباب تُوجبه، وهو مُتواصل، فهذا ذكر أهلُ العلم أنه يُبطل الصلاة، وحكاه بعضُهم إجماعًا إذا كثر عرفًا وتواصل، وهو عبث ليس لأسبابٍ أوجبت ذلك، بخلاف ما كان لأسبابٍ مثل: خطواته ﷺ متقدّمًا لما عُرضت عليه الجنة، وخُطواته متأخِّرًا لما عُرضت النار، وفتح الباب لعائشة، وحمل أمامة بنت زينب ووضعها، وما أشبه ذلك من الأشياء التي لها أسباب، ثم هي بعضها غير متصل، بل مُتفرق كقصة أمامة، وبعضها متَّصل، لكن لأسبابٍ اقتضت ذلك كتقدمه وتأخّره في صلاة الكسوف عليه الصلاة والسلام.

وفي الحديث الثالث والرابع الدلالة على أنه لا حرج في أن يُصلي وبعض الثوب على أهله وبعضه عليه، مثل: ثوب طويل بعضه على أهله –لحاف- وبعضه قد التحف به هو، لا بأس بذلك، وإن كانت قد تكون حائضًا فإنه لا يضرّ وجود طرفه عليها، لا يضرّ، فلا يُسمَّى: حاملًا للنَّجاسة.

وفي حديث: "أنه كان لا يُصلي في شعرنا أو لحفنا" دلالة على احتياطه؛ أنه إذا كان الثوبُ قد تكون فيه نجاسة أو يُخشى عليه تركه من باب الاحتياط حسن، والشعر قالوا فيها أنها الأزر، جمع شعار، مثل: كتب جمع كتاب، ولهذا قال ﷺ في الأنصار: الأنصار شعار، والناس دثار، فالشعار ما يلي الجسد، وكُن يتَّزرن بالأزر، وكأن السراويل غير مُشتهرة بينهنَّ، كن يستعملن الأزر، ولهذا في حديث عائشة: "كان يأمرني فأتَّزر فيُباشرني وأنا حائض"، فهذا من باب الحيطة؛ لأنه قد يكون في الإزار شيء من الدم مثل الحيض، فلهذا إذا ترك ذلك من باب الاحتياط وإلا فالأصل الجواز، الافتراش بالإزار أو الاشتمال للتَّدفي به إذا كان لا يعلم به بأسًا، وتقدم أنه كان يُصلي في الثوب الذي يُجامع فيه أهله إذا لم يكن فيه شيء، فالأصل الطهارة، فإذا صلَّى في الثوب الذي يُجامع أهله، أو صلَّى على الفراش الذي ينامون عليه وهو سليم لا بأس بذلك.

أما الشعر التي هي الأزر فتركه لذلك من باب الحيطة، ومن باب البعد عن أنه قد يكون فيه شيء من النجاسة، وإن كان الأصل السلامة فلا بأس أن يُصلي فيها، ولكن تركها إذا كان فيها شبهة يكون من باب الأولى والاحتياط فقط.

س: ..... لا يبسطه؟

ج: كي لا يبسطه، يُصلي عليه يعني، أو يتلحف بها، يلتحف بها مثل الرباط ونحوه.

وفي حديث ابن عمر وأنس الدلالة على جواز الصلاة على الحمار، والحمار وإن كان نجسًا لكنه طاهر في الحياة على الصحيح، فعرقه طاهر، وظهره طاهر، وسؤره طاهر على الصحيح، وهكذا البغل، وقال قومٌ: إنه نجس، ولكن صلَّى عليه النبيُّ ﷺ وركبه، بأن يكون عليه بردعة، أو يكون شيء آخر يُوضع على ظهره، شيء يكون واقيًا عن النَّجاسة، والصواب أنه محكوم بطهارته؛ لأنَّ النبي ﷺ كان يستعمله والصحابة كان يشرب في أوانيهم، وكان يركبه وهو عري، والعاري في الغالب عند طول المكث على ظهره يعرق، فدلَّ ذلك على التَّسامح في ركوب الحمر والبغال، وقد ركب النبيُّ ﷺ البغلة في أوقات كثيرة، وركبها يوم حنين عليه الصلاة والسلام.

فالحاصل أنَّ الصواب أن الحمر والبغال طاهرة في الحياة، كالهر طاهر في الحياة؛ لأنه من الطَّوافين علينا، ولا بأس أن يركب عريًّا ليس على ظهره شيء، وإذا صلَّى عليه وليس على ظهره شيء فلا بأس على الصحيح.

وأما إن كان على ظهره بردعة أو لباس آخر فلا إشكال على كلا القولين جميعًا، والنَّجاسة إذا صلَّى عليها وبينه وبينها ساتر كالبساط: كأرضٍ نجسةٍ بسط عليها بساطًا وصلَّى لا يضرّه ذلك، وهكذا سطح الحمام يُصلَّى عليه على الصحيح، لا يضرُّه ذلك؛ لأن النجاسة مفقودة، إنما المنع لأجل النجاسة، فإذا كان بينه وبين النَّجاسة فراش مثل: أرض فيها بول وفرش عليها سجادة وصلَّى، أو بساط وصلَّى، أو أرض فيها نجاسة لكن جعل عليها ترابًا طاهرًا وستر النَّجاسة، فكل هذا لا بأس به.

والحمر تُستعمل ذاك الوقت كثيرًا، وهي من الطَّوافين على الناس، فالصواب فيها أنها طاهرة في الحياة، كالهرّ من الطوافين عليكم، فعرقها طاهر، وسؤرها طاهر، ونفطه، ونحو ذلك، بخلاف البول والغائط فنجس، مثل: بول الآدمي نجس، وغائطه نجس، والهرّ بوله نجس، وروثه نجس، هكذا الحمار والبغل روثه نجس، وبوله نجس، لكن بدنه طاهر، وسؤره طاهر، ..... طاهرة كابن آدم؛ عرقه طاهر، وريقه طاهر، ونفطه طاهرة، ومخاطه طاهر، وعرقه طاهر، فلا فرق في هذا، ولا يُستنكر أن يكون الشيء نجسًا في نفسه، ولكنه طاهر بالحياة، وطاهر الظاهر في الحياة؛ تخفيفًا من الله ورحمةً منه لعباده ، ولا يلزم من نجاسة البول ونجاسة الروث لا يلزم من ذلك نجاسة السؤر والعرق ونحو ذلك، والله أعلم.

أما قول مَن قال: "إنه شاذّ" فليس بشيءٍ، فإن الرسول ﷺ ركب الحمار، وركب المطية، وركب البغل، وركب الفرس، فلا مُشاحة في ذلك، ولا حرج في ذلك، والحمد لله.

س: سؤر البغل والحمار؟

ج: طاهر على الصحيح مثل الهرة، بل من باب أولى، الهرة قد يكون أكلها النَّجاسة أكثر، أما الحمار والبغل يُعلفان علفًا طاهرًا، فإذا كانت الهرة وهي قد تصيد الفأر وغير الفأر ومع هذا النبيُّ ﷺ أذن في استعمال فضلتها، فالبغل والحمار من باب أولى.

س: إذا حمل ابنه وعليه نجاسة، لكنه ليس بينه وبينه حائل؟

ج: نعم؟

س: أقول: لو حمل ابنه وعليه نجاسة عالم بها، لكنه بينه وبينه حائل؟

ج: الأقرب والله أعلم أنه لا يحمله عالمًا بالنجاسة، لا يحمله عملًا بالأصل أن المصلِّي لا يحمل النَّجاسة، لكن إذا لم يدر أو علم أنه طاهر فالحمد لله، أو ما يدري فالحمد لله يحمل، حمل أمامة على أنها طاهرة، أو لم يدرِ عن حالها عليه الصلاة والسلام.

س: الخطوات إلى اليمين أو الشمال في الصلاة إذا مثلًا أُقيمت الصلاة وكان يتنفَّل؟

ج: ما يضرّ، أو مشى ليسدّ الخلل عن يساره، إذا كان في يمين الصف أو عن يمينه إذا كان في يسار الصف يمشي حتى يسدَّ الخلل ما في شيء؛ لأنَّ هذا مشروع للمصلحة.

س: ولو كثر؟

ج: ولو كثر.

س: كأن تعدَّى صفين ثلاثة أحيانًا؟

ج: ما يضرّ؛ لأنَّ هذا لمصلحة الصلاة، لسدّ الخلل.

س: ..... كذلك من هذا الباب؟

ج: الصواب أنه نعم صحيح؛ لأنَّ الطهارة موجودة، والنَّجاسة مفقودة.

س: الأثر الذي في سطح الحمامات؟

ج: نعم؟

س: الأثر الذي فيه اجتناب سطح الحمامات؟

ج: العلَّة ما هي كونه حمامًا، العلَّة كونها محل النَّجاسة.

س: محل نجس المجاري أو كذا؟

ج: المجاري كذلك.

س: والمقبرة؟

ج: لا، المقبرة العلَّة وسيلة الشرك، فلا يُصلَّى فيها، ولا في سطحها.

س: لو رنَّ التليفون وهو يُصلي قريب منه وأخذه وقال: سبحان الله؟

ج: ما يضرّ، ما في شيء إن شاء الله.

مداخلة: ..... علَّق عليه في "الفتح": ووثَّقه ابن معين، وقال ابن عدي في بعض رواياته أشياء أنكرتُها، وأرجو أنه لا بأس به، وقال النَّسائي: ليس بالقوي، وقال في موضعٍ آخر: ليس به بأس. الحديث ابن عساكر.

الشيخ: السياق عند أحمد فيه نظر، السياق سنده عند أحمد فيه شيء من النظر.

س: إذا كان الفراش كبيرًا، وأصابت النَّجاسةُ طرفًا منه؟

ج: يُصلي على الطاهر -الطرف الطاهر- ولا يضرّ.

س: ولو كان متَّصلًا؟

ج: ولو كان متصلًا يُصلي على الطرف الطاهر، ولا يُصلي على الطرف النَّجس، مثل الأرض سواء.

س: الصلاة إلى الحمام؟

ج: ما يضرّ.

س: ما يضرّ؟

ج: ..... الصلاة في المقبرة والحمام، يعني في نفسها، ولهذا قال في الحديث: لا تُصلوا إلى القبور؛ لأنه قد يُخشى منها القصد السيئ، أما إذا فصل بينه وبينها نعم.

س: .............؟

ج: ثبت عنه في الصحيح أيضًا أنه صلَّى ..... مقدمه من العراق عليّ .

س: مرفوع ..؟

ج: حديث مرفوع، وذاك موقوف ..

س: .............؟

ج: نعم، عن أبي هريرة.

بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْفِرَاءِ وَالْبُسُطِ وَغَيْرِهِمَا مِن الفراش

603- عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ.

604- وَعَن الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي عَلَى الْحَصِيرِ وَالْفَرْوَةِ الْمَدْبُوغَةِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُد.

605- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ : أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: "فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حَصِيرٍ يَسْجُدُ عَلَيْهِ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

606- وَعَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي عَلَى الْخُمْرَةِ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، لَكِنَّهُ لَهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما.

607- وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: "مَا أُبَالِي لَوْ صَلَّيْتُ عَلَى خَمْسِ طَنَافِسَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "تَارِيخِهِ".

الشيخ: هذه الأحاديث الخمسة تدل على أنه لا مانع من الصلاة على الحوائل من الأرض، ولا بأس أن يُصلي الفرض والنَّفل على الأرض من دون حائل: كالبساط، والطنفسة، والفراش المبطن، وغير هذا مما يكون يفرشه الناسُ؛ لأن الرسول ﷺ صلَّى على الحصير، وصلَّى على البساط، وصلَّى على الخمرة، والخمرة: حصير من سعف النخل.

وهكذا قال أبو الدرداء فيما رواه البخاري في "التاريخ": "ما أُبالي لو صليتُ على خمس طنافس"، لو كان واحد فوق واحدٍ، لو كان حصير فوق حصيرٍ، والحصير فوقه بساط آخر أو فراش آخر لا بأس بهذا، المهم أن يكون سليمًا ليس به نجاسة؛ فإذا كان طاهرًا فلا بأس أن يُصلي، وليس من اللازم أن يُباشر الأرض نفسها: حصباء أو تراب أو غير ذلك، ليس ..... إن صلَّى في الأرض فلا بأس، فالله جعلها مسجدًا وطهورًا، وإن صلَّى على فراش فقد صلَّى النبيُّ ﷺ على فراش، ولا مانع أن يُصلى على الفرش من أي جنسٍ، سواء كان من الشعر، أو من القطن، أو من الحصير، أو من البواري، أو من غير هذا من أنواع المخلوقات المباحة، وهكذا الجلود المدبوغة التي ليس فيها نجاسة، أو غير مدبوغة وهي سليمة ما فيها نجاسة من مُذكاةٍ.

فالمقصود أنه لا بأس بالصلاة على أي نوعٍ من البسط الطاهرة؛ لأنَّ الرسول عليه الصلاة والسلام فعل ذلك، وقد زار أنسًا كما في "الصحيحين" فصلَّى لهم على حصيرٍ قد اسودَّ من طول ما لبس، قال: فنضحناه بماءٍ وصلَّى عليه عليه الصلاة والسلام.

س: ما الطنافس؟

ج: نوع من البسط، مثل: الزولية وأشباهها ..... "القاموس".

الطالب: بكسر الطاء، وفتح الفاء ..... البساط الذي له خمل رقيق ..... في نهايته.

الشيخ: هذا ..... أهداب خفيفة من جنس ..... الخفيفة.

س: اتّخاذ السجادة في البيوت ولا يُصلي إلا عليها؟

ج: ما في بأس إذا كان لأجل الحرص على الطهارة؛ لأنَّ المحل لا يؤمن، فهذا أسلم له، لا بأس.

س: والتي يجهل حالها مثل الشعر ..؟

ج: الأصل الطَّهارة إذا كان يجهلها، الأصل الطهارة لا بأس، إلا إذا علم، الأمور ثلاثة: طاهر معلوم، ونجس معلوم، وشيء مجهول، فتُصلي على الطاهر وعلى المجهول، أما معلوم النَّجاسة فلا يُصلَّى عليه.

س: الصلاة على المنزل أو على البلاط؟

ج: ما في بأس، على البلاط، وعلى الجبس، وعلى التراب، وعلى الرمل، وعلى الحصاة، ولو كان قد طُبخ بالنار ما يضرّ.

مداخلة: ...........

ج: العمدة على غيره ..... هذا ينجبر بروايته على الصحيح.

س: إذا كانت السجادة فيها بعض الصور ..؟

ج: تصح الصلاة، لكن الأولى أن تكون سادةً ما فيها شيء يُشوش عليه، لا خطوط، ولا نقوش، ولا صور، وإلا الصورة في الأرض التي توطأ تجوز: كالبساط ونحوه، لكن إذا كانت سادةً سليمةً يكون أسلم وأفضل.

س: صور ذوات الأرواح في المكان الذي يُصلي عليه ويسجد عليه؟

ج: ما يضرّ؛ لأنها ممتهنة، في قصة عائشة قالت: "فاتَّخذنا منها وسادتين يرتفق بها النبيُّ ﷺ"، وفي حديث أبي هريرة قال له جبريل: ومُرْ بالستر أن يتّخذ وسادتان مُنتبذتان تُوطآن التي فيها تصاوير يعني.

س: اتِّخاذ السجاجيد في المساجد المفروشة؟

ج: ما أعرف فيه شيئًا، مثل: بقية البسط.