ثم قال رحمه الله:
(وليس في النساء طرًّا) يعني: جميعًا (عصبة * إلا التي منَّت بعتق الرَّقبة) يعني: ليس في النساء عصبة بالنفس جميعًا إلا المعتِقة، النساء ما فيهن إلا عصبة بالغير أو مع الغير، أما عصبة بالنفس لا، كل العصبة بالنفس ذكور كما تقدم إلا المعتِقة فقط؛ ولهذا قال:
وليس في النساء طرًّا عصبة | إلا التي منَّت بعتق الرَّقبة |
وهي المعتِقة فقط، أما بقية العصبة بالنفس فكلهم ذكور ما عدا المعتِقة.
تلخص من هذا كله: أن النوع الثاني من نوعي الإرث هو التَّعصيب، وهو لغةً: الشدّ والتَّقوية والإحاطة. واصطلاحًا: هو الإرث بغير تقديرٍ، يُقال له: تعصيب الإرث بغير تقديرٍ.
وسُمي العصبة عصبة لأنهم يُحيطون بقريبهم ويشدون أزره، سموا: عصبة؛ لأنهم يُحيطون به، ويشدون أزره، ويُساعدونه، ويعقلون عنه؛ فلهذا قيل لهم: عصبة، والعصب هو: الإرث بغير تقديرٍ كما تقدم.
والعصبة ثلاثة أقسام: عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير.
أما العصبة بالنفس فهم أربعة عشر صنفًا: الابن، وابن الابن، والأب، والجد، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وأبناؤهما وإن نزلا، والعم الشقيق، والعم لأب وإن عليا، هؤلاء عشرة، وأبناؤهما وإن نزلا، اثنا عشر، والمعتِق والمعتِقة، هؤلاء أربعة عشر.
والمعتِق عصبته كذلك، وعصبة المعتِقة كذلك.
وأحكامهم ثلاثة العصبة بالنفس:
- الأول: أن مَن انفرد منهم حاز جميع المال، إذا مات عن ابنٍ يكون له المال كله، أو أخ، أو عم، له المال كله.
- الثاني: أنه يأخذ ما أبقته الفروض، مثل: زوج وابن، الزوج له الربع واحد، والباقي للابن، زوج وأخ شقيق، من اثنين: الزوج له النصف، والباقي للشقيق، أو للأخ لأب تعصيبًا، هذا حكم العاصب: يأخذ ما أبقته الفروض.
- الثالث: أنه يسقط إذا استغرقت الفروض إلا ثلاثة: الأب، والجد، والابن، فإنهم لا يسقطون باستغراق الفروض؛ لأنَّ الأب والجدَّ إذا ضاقت الفروضُ فُرض لهما، والابن لا يُتصور استغراق الفروض؛ لأنَّ الفروض معه قليلة، فلا يُتصور أنها تستغرق الفروض دونه؛ فلهذا تبقى له بقية، أما مَن سواهم فيسقط: كابن الابن ومَن بعده، إذا استغرقت الفروض سقط: كأبوين وبنتين وابن ابن، الأبوان لهما السدس، كل واحد له السدس، والبنتان فأكثر لهما الثلثان أربعة من ستة، ما بقي شيء؛ سقط ابنُ الابن ومن دونه من باب أولى، فابن الابن أقواهم بعد الابن، وبعد الأب والجد.
والجهات خمسة على الصحيح؛ لأنَّ الصحيح أن الجدَّ يحجب الإخوة، فهو كالأب، فالجهات تكون خمسًا: بنوة، وأبوة، وإخوة وبنوهم، وعمومة وبنوهم، وولاء، خمس جهات: بنوة، ثم أبوة، ثم إخوة وبنوهم، ثم عمومة وبنوهم، ثم ولاء، كل جهةٍ تحجب التي بعدها.
فإذا هلك هالكٌ عن ابنٍ وأخٍ، فالمال للابن؛ لأنه أقدم جهة.
وإذا هلك هالكٌ عن أخٍ وعمٍّ، فالمال للأخ؛ لأنه أقدم جهة من العم.
وإذا استووا في الجهة قُدِّم بعضهم على بعضٍ بالقرب -قرب الدَّرجة- فالابن يُقدم على ابن الابن، والأب يُقدم على الجدِّ، والأخ يُقدم على ابنه، وهكذا، فإذا استووا في الدَّرجة والجهة قُدِّم بالقوة، فالشقيق يحجب الأخ لأب، والعم الشقيق يحجب العم لأب، وابن الأخ الشقيق يحجب ابن الأخ لأب، وابن العم الشقيق يحجب ابن العم لأب من أجل القوة، كما قال الجعبري رحمه الله:
فبالجهة التقديم ثم بقربه | وبعدهما التَّقديم بالقوة اجعلا |
القسم الثاني من العصبة: العصبة بالغير، وهن أربع إناث، جنس إناث، أربعة أصناف: البنات، وبنات الابن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأب، هؤلاء عصبة مع إخوتهن الشَّقائق: البنات مع الابن عصبة بالغير، وبنات الابن مع ابن الابن الذي هو أخوهن أو في درجتهن عصبة بالغير، والأخوات الشَّقائق عصبة مع الإخوة الأشقاء بالغير، والأخوات لأب عصبة مع الإخوة لأب بالغير، يعني: بغيرهن، فالبنت عصبة بأخيها، وبنت الابن عصبة بابن الابن الذي هو أخوها أو ابن عمها الذي في درجتها، والشقيقة عصبة بأخيها الشقيق، والأخت لأب عصبة بأخيها لأب.
القسم الثالث: عصبة مع الغير، وهما صنفان: الأخوات الشَّقائق، والأخوات لأب، هؤلاء عصبة مع إخوتهم الشَّقائق: مع الأشقاء، والأخوات لأب مع الإخوة لأب عصبة، إذا مات ميتٌ عن أخٍ شقيقٍ وأختٍ شقيقةٍ، فالمال بينهما أثلاثًا، للذكر مثل حظِّ الأُنثيين، وهكذا عن أخٍ لأب وأختٍ لأب؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:176].
وليس في النساء عاصبة بالنفس أبدًا، النساء ليس فيهن مَن يعصب بالنفس إلا المعتِقة، وهذا معنى قول المؤلف في آخر الباب: (وليس في النساء طرًّا) يعني: جميعًا (عصبة * إلا التي منَّت) يعني: أحسنت (بعتق الرَّقبة) هذه تعصب بنفسها، فإذا مات إنسانٌ عن مُعتِقة فلها المال كله، ما وراءه إلا هي، عتيق مات ما وراءه إلا التي أعتقته، لها المال كله، يعصبها، وهكذا لو مات عن ابنها أو أخيها أو أبيها له المال.
وفَّق الله الجميع.
الشيخ: ما هو التَّعصيب لغةً واصطلاحًا؟
الطالب: التعصيب لغةً: الشد والإحاطة والتقوية. واصطلاحًا: الإرث بغير تقديرٍ.
الشيخ: كم أقسام العصبة؟
الطالب: ثلاثة أقسام: عصبة بالنفس، وعصبة مع الغير، وعصبة بالغير.
الشيخ: كم عدد العصبة بالنَّفس؟
الطالب: أربعة عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد له وإن علا بمحض الذكورة، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وأبناؤهما وإن نزلا، والعم الشقيق، والعم لأب وإن عليا، وأبناؤهما وإن نزلا، والمعتق والمعتقة.
الشيخ: يعني: وعصبتهم تبعًا لهم؟
الطالب: نعم.
الشيخ: كم جهات العصبة بالنفس على الصحيح؟
الطالب: على الصحيح خمسة: البنوة، ثم الأبوة، ثم الأخوة وبنوهم، ثم العمومة وبنوهم، ثم الولاء.
الشيخ: كل جهةٍ تحجب التي بعدها؟
الطالب: نعم.
الشيخ: أحكام العصبة بالنفس؟
الطالب: أن مَن انفرد حاز كل المال، وأنه يسقط إذا استغرقت الفروض، إلا الابن والأب والجد، وأنه يأخذ ما بقي من الفروض.
الشيخ: إذا اجتمع جماعةٌ من العصبة كيف التَّقديم؟
الطالب: التقديم بالجهة، ثم بالقرب، ثم بالقوة.
الشيخ: فيه بيت؟
الطالب: بيت الجعبري:
فبالجهة التقديم ثم بقربه | وبعدهما التقديم بالقوة اجعلا |
الشيخ: الصنف الثاني من العصبة؟
الطالب: القسم الثاني: العصبة بالغير.
الشيخ: كم هم العصبة بالغير؟
الطالب: أربعة أصناف: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب، مع إخوتهم عصبة بالغير، وهكذا بنت الابن مع ابن الابن في درجتها عصبة بالغير.
الشيخ: القسم الثالث؟
الطالب: القسم الثالث: العصبة مع الغير، وهما صنفان: الأخت الشقيقة، والأخت لأب مع البنات.
الشيخ: مع إخوتهن؛ الشَّقيقات مع الشَّقائق والأخوات لأب؟
الطالب: مع البنات يا شيخ.
الشيخ: مع الإخوة لأب.
الطالب: العصبة مع الغير.
الشيخ: يعني: الأخوات الشَّقائق مع البنات.
الطالب: مع البنات.
الشيخ: مع بنات الابن؟
الطالب: نعم.
الشيخ: هؤلاء العصبة مع الغير؟
الطالب: نعم.
الشيخ: الشَّقائق والأخوات لأب مع البنات أو؟
الطالب: مع البنات أو بنات الابن.
الشيخ: في النساء عصبة بالنفس؟
الطالب: المعتِقة فقط.
الشيخ: الوارث بغير تقديرٍ يُسمَّى: عاصبًا؟
الطالب: نعم.
الشيخ: إذا هلك هالكٌ عن ابنٍ فقط، ووراءه عشرة ملايين؟
الطالب: الابن فقط يأخذ كلَّ المال.
الشيخ: الإخوان يُريدون بعض الشيء؟
الطالب: لا.
الشيخ: ما يُعطون ولو كان مالًا كثيرًا؟
الطالب: ولو كان كثيرًا يأخذه الابن.
الشيخ: وإخوانه ما يُعطونهم شيئًا.
الطالب: لا.
الشيخ: وابن ابنه ما يُعطى؟
الطالب: لا، ولا ابن ابنه.
الشيخ: كله يحوزه الابن؟
الطالب: نعم.
الشيخ: مات ميتٌ عن مالٍ كثيرٍ، وعن ابن ابن وأخ شقيق؟
الطالب: المال لابن الابن، والشقيق يسقط، وهذا محل إجماعٍ بين العلماء.
الشيخ: مثال آخر: خلَّف مالًا كثيرًا، ووراءه أب وجد.
الطالب: للأب.
الشيخ: والجدّ ما يُعطى شيئًا؟
الطالب: ما يُعطى شيئًا، كله للأب.
الشيخ: وهذا معنى الحكم الأول؛ أنه يحوز جميع المال؟
الطالب: نعم.
الشيخ: هلك هالكٌ عن أم، وبنتين، وابن ابن؟
الطالب: المسألة من ستة: الأم لها السدس، والبنتان لهما الثلثان أربعة، والباقي لابن الابن تعصيبًا، أخذ بقية المال.
الشيخ: نفس المسألة: أم، وأب، زيادة الأب، وبنتين، وابن ابن؟
الطالب: الأم لها السدس، والأب له السدس، والبنتان لهما الثلثان، وابن الابن يسقط؛ لاستغراق الفروض.
الشيخ: إذا هلك هالكٌ عن بنتين، وابن ابن، وابن ابن ابن أنزل؟
الطالب: البنتان لهما الثلثان، من ثلاثة، المسألة من ثلاثة، البنتان لهما الثلثان اثنان، ويبقى واحد لابن الابن القريب، ويسقط البعيد.
الشيخ: صورة ثانية: هلك هالكٌ عن بنتين، وابن ابن، وأخ شقيق؟
الطالب: المسألة من ثلاثة: للبنتين الثلثان، والباقي لابن الابن، ويسقط الأخ الشقيق، والسبب لأن ابن الابن أقدم جهة.
الشيخ: أم، وجد أبو الأب، وأخ شقيق؟
الطالب: الأم تأخذ الثلث، من ثلاثة، والأخ الشقيق ما يمنعها من الثلث؛ لأنه واحد، لها الثلث واحد، والباقي للجد على الصحيح، يحجب الأخ، وإن كان مكان الجد أبٌ كذلك من باب أولى؛ لأنَّ جهة الجد مُقدمة على جهة الأخ على الصحيح.
الشيخ: إذا هلك هالكٌ عن أم، وبنت، وأخ شقيق، وأخ لأب؟
الطالب: المسألة من ستة: الأم لها السدس واحد، والبنت لها النصف ثلاثة، والأخ الشقيق له الباقي تعصيبًا، والأخ لأب يسقط من أجل أن الشقيق أقوى.
الشيخ: فإن كانوا معك: أم، وبنت، وأخ شقيق، وعم؟
الطالب: المسألة كذلك من ستة: الأم لها السدس، والبنت لها النصف، والباقي للأخ الشقيق، والعم يسقط؛ لأنَّ الأخ أقدم جهة منه.
الشيخ: إذا هلك هالكٌ عن بنتين، وأم، وابن أخ شقيق، ومُعتِق؟
الطالب: المسألة من ستة: الأم لها السدس، والبنتان لهما الثلثان أربعة، والباقي لابن الأخ الشقيق؛ لأنه أقدم جهة، والمعتِق يسقط؛ لأن ابن الأخ مقدم جهة؛ في الجهة الرابعة، وذاك في الخامسة.
الشيخ: هلك هالك عن بنتين، وأخت شقيقة فقط؟
الطالب: المسألة من ثلاثة: للبنتين الثلثان، والباقي للأخت الشقيقة عصبة مع الغير.
الشيخ: وإن كان مكانها أخت لأب؟
الطالب: كذلك أحسن الله إليك: عصبة مع الغير.
الشيخ: صورة أخرى: أم، وابنان، وبنت؟
الطالب: المسألة من ستة: للأم السدس واحد، ويبقى خمسة: للذكر مثل حظ الأُنثيين، بينهم.
الشيخ: ما أنت معطٍ البنتين الثلثين ولا شيء؟
الطالب: لا؛ لوجود الابنين.
الشيخ: ما أنت معطٍ البنت فرضًا؟
الطالب: لا، أبدًا؛ لوجود المعصب.
الشيخ: الباقي خمسة، وكم رؤوسهم: ابنان وبنت؟
الطالب: لا أعرف الحساب.
الشيخ: هم أصلهم خمسة: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] للذكر بينهم مثل حظ الأُنثيين.
الطالب: نعم.
الشيخ: خمسة على خمسة تقسم أو لا؟
الطالب: بلى.
الشيخ: كل واحد له اثنان.
الطالب: نعم.
الشيخ: والبنت؟
الطالب: والبنت لها واحد.
الشيخ: هذا معنى قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، هذا من تفسيره؟
الطالب: نعم.
الشيخ: هلك هالك عن أم، وأخوين شقيقين، وأخت شقيقة؟
الطالب: المسألة من ستة: الأم لها السدس، والباقي تعصيبًا للذكر مثل حظ الأُنثيين؛ لقوله تعالى: وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:176]، للأخوين أربعة، وللأخت واحد.
الشيخ: وإن كانوا إخوةً لأب كلهم: أخوين لأب، وأخت لأب؟
الطالب: كذلك الحكم واحد.
الشيخ: صورة ثالثة: أم أم، وابني ابن، وبنت ابن؟
الطالب: كذلك المسألة من ستة: للجدة واحد السدس، والباقي تعصيبًا للذكر مثل حظ الأُنثيين.
الشيخ: مثل الأبناء والبنت سواء بنو الابن وبنت الابن بينهم؟
الطالب: لابني الابن كل واحدٍ منهم اثنان.
الشيخ: وبنت الابن؟
الطالب: لها واحد.
الشيخ: سواء كانوا إخوة لها أو بني عم؟
الطالب: نعم.
الشيخ: لأنهم في درجتها؟
الطالب: نعم.