بَابُ ذِكْرِ الْإِيمَانِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى
وَأَنَّ كَلَامَهُ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ
اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ لَمْ يُزِغْ قُلُوبَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَوُفِّقُوا لِلرَّشَادِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا: أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، وَعِلْمُ اللَّهِ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ، دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ، وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ ، وَقَوْلُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، لَا يُنْكِرُ هَذَا إِلَّا جَهْمِيٌّ خَبِيثٌ، وَالْجَهْمِيُّ فَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافِرٌ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ [التوبة:6]، وَقَالَ تَعَالَى: وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ [البقرة:75]، وَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ : قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ [الأعراف:158] وَهُوَ الْقُرْآنُ، وَقَالَ لِمُوسَى : إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي [الأعراف:144].
الشيخ: وهذا هو الحق، أن القرآن كلام الله، فمَن قال أنه مخلوق معناه: نسبه إلى غيره؛ لأنه إذا كان مخلوقًا صار كلامًا للمخلوق الذي تكلم به، فإذا كان مخلوقًا في فلانٍ فهو كلام فلانٍ، وإن كان مخلوقًا في جبلٍ فهو كلام الجبل، وإذا كان مخلوقًا في حيوانٍ فهو من كلام الحيوان، فالقول بأنَّ القرآن مخلوقٌ معناه: إنكار كلام الله، وأنه يتكلم، وهذا ردَّة عن الإسلام، وتكذيب للقرآن، وتكذيب للرسول ﷺ، ووصف لله بأنه لا يتكلم، بأنه أبكم لا يتكلم، وهذا غاية التنقص، نسأل الله العافية؛ ولهذا قال أهلُ السنة والجماعة في حقِّ الجهمية أنهم كفَّار؛ لقولهم: إنَّ القرآن مخلوق، فالله - جلَّ وعلا - بصفاته خالق، وما سواه مخلوق، فهو بصفاته من علمه وكلامه وقُدرته وغير ذلك هو الخالق بصفات ذاته وصفاته وما سواه مخلوق.
فمَن قال: إن كلامه مخلوق، أو علمه مخلوق، أو رحمته مخلوقة، فقد نسب ذلك إلى غيره، وجعله خاليًا من ذلك، نسأل الله العافية.
س: القول بخلق القرآن كفر أكبر؟
ج: نعم، ما في شكّ، الجهمية كفرهم كفر أكبر، نسأل الله العافية.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَقَالَ تَعَالَى: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ [آل عمران:61]، وَقَالَ تَعَالَى: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ [البقرة:145].
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَمْ يَزَلِ اللَّهُ عَالِمًا مُتَكَلِّمًا سَمِيعًا بَصِيرًا بِصِفَاتِهِ قَبْلَ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ، مَنْ قَالَ غَيْرَ هَذَا كَفَرَ، وَسَنَذْكُرُ مِنَ السُّنَنِ وَالْآثَارِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ لَا يُسْتَوْحَشُ مِنْ ذِكْرِهِمْ مَا إِذَا سَمِعَهَا مَنْ لَهُ عِلْمٌ وَعَقْلٌ زَادَهُ عِلْمًا وَفَهْمًا، وَإِذَا سَمِعَهَا مَنْ فِي قَلْبِهِ زَيْغٌ فَإِنْ أَرَادَ اللَّهُ هِدَايَتَهُ إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ رَجَعَ عَنْ مَذْهَبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَالْبَلَاءُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ.
155- حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ ذَرِيحٍ الْعُكْبَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالْمَجِيدِ التَّمِيمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ النَّخَعِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ، فَلَا أَعْرِفَنَّ مَا عَطَفْتُمُوهُ عَلَى أَهْوَائِكُمْ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ قَدْ خَضَعَتْ لَهُ رِقَابُ النَّاسِ فَدَخَلُوهُ طَوْعًا وَكَرْهًا، وَقَدْ وُضِعَتْ لَكُمُ السُّنَنُ، وَلَمْ يُتْرَكْ لِأَحَدٍ مَقَالًا إِلَّا أَنْ يَكْفُرَ عَبْدٌ عَمْدًا عَيْنًا، فَاتَّبِعُوا وَلَا تَبْتَدِعُوا، فَقَدْ كُفِيتُمْ، اعْمَلُوا بِمُحْكَمِهِ، وَآمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ.
156- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُاللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ أَبِي الزَّعْرَاءِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، فَلَا تَصْرِفُوهُ عَلَى آرَائِكُمْ.
157- حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ الْأَبَّارُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ، عَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: أَخَذَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ بِيَدِي فَقَالَ: يَا هَنَاهُ، تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّكَ لَسْتَ تَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ.
158- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِاللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ الْبَزْوَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: سُئِلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ الْقُرْآنِ: أَخَالِقٌ أَوْ مَخْلُوقٌ؟ قال: «لَيْسَ خَالِقًا وَلَا مَخْلُوقًا، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى».
159- حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْبَدُ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ ثِقَةٌ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: سَأَلْتُ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حُسَيْنٍ عَنِ الْقُرْآنِ، فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى. وَهُوَ مَعْبَدُ بْنُ رَاشِدٍ، كُوفِيٌّ، رَوَى عَنْ مُوسَى بنِ دَاوُدَ، وَرُوَيْمِ بْنِ يَزِيدَ.
160- وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِاللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ إِدْرِيسَ الْقَزْوِينِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمُّويَه بْنُ يُونُسَ - إِمَامُ مَسْجِدِ جَامِعِ قَزْوِينَ - قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ الرَّأْسِيُّ، رَأْسُ الْعَيْنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ صَالِحٍ - كَاتِبُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ - قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِيِ عِوَجٍ [الزمر:28]، قَالَ: غَيْرَ مَخْلُوقٍ.
وَقَالَ حَمُّويَه بْنُ يُونُسَ: بَلَغَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ هَذَا الْحَدِيثُ، فَكَتَبَ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ، يَكْتُبُ إِلَيْهِ بِإِجَازَتِهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِإِجَازَتِهِ، فَسُرَّ أَحْمَدُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَقَالَ: كَيْفَ فَاتَنِي عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ صَالِحٍ هَذَا الْحَدِيثُ؟!
س: عدم تكفير أحمد لأمير المؤمنين في وقته؟
ج: يمكن لأجل الشُّبَه التي عرضت له، لأجل الشُّبَه التي شبَّه عليه علماءُ السُّوء، فتوقف في هذا لأجل الشُّبَه، شبّه على المأمون، شبَّه عليه ابنُ أبي دُؤاد وجماعة، وإلا فلا شكَّ أن القول بأنَّ القرآن مخلوقٌ لا شكَّ أنه كفر أكبر، نسأل الله العافية.
س: ومَن عاش في بيئةٍ جهميَّةٍ؟
ج: نسأل الله العافية.
س: يكفر؟
ج: نعم، لا شكَّ أنه كفر أكبر.
س: الشخص يكفر إذا عاش في بيئةٍ جهميةٍ؟
ج: إذا كان يقول أنَّ القرآن مخلوق لا شكَّ أنه كافر، إلا إذا كانت له شُبهة، مثل: عامي ما يفهم، قد يقال: يتوقف في كفره؛ لأنه ليس من أهل العلم.
161- حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخٌ لِي مِنَ الْأَنْصَارِ، عَنْ أَبِي زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنِ يُوسُفَ الزِّمِّيِّ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ إِدْرِيسَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَمَّنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَقَالَ: مِنَ الْيَهُودِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: مِنَ النَّصَارَى؟ قَالَ: لَا، قَالَ: مِنَ الْمَجُوسِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَمِمَّنْ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ، قَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ! هَذَا زِنْدِيقٌ، مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَخْلُوقٌ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:1]، فَالرَّحْمَنُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَالرَّحِيمُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، وَاللَّهُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا، فَهَذَا أَصْلُ الزَّنْدَقَةِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيَّ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدِ اخْتَلَفُوا عِنْدَنَا فِي الْقُرْآنِ، فَمَا تَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مَا نَعْرِفُ غَيْرَ هَذَا.
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ: وَسَمِعْتُ هَارُونَ الْقَزْوِينِيُّ يَقُولُ: لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ وَأَهْلِ السُّنَنِ إِلَّا وَهُمْ يُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، وَيُكَفِّرُونَهُ. قَالَ هَارُونُ: وَأَنَا أَقُولُ بِهَذِهِ السُّنَّةِ.
وَقَالَ لَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عَوْفٍ: وَأَنَا أَقُولُ بِمِثْلِ مَا قَالَ هَارُونُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي عَوْفٍ: وَسَمِعْتُ هَارُونَ يَقُولُ: مَنْ وَقَفَ عَلَى الْقُرْآنِ بِالشَّكِّ، وَلَمْ يَقُلْ: غَيْرَ مَخْلُوقٍ، فَهُوَ كَمَنْ قَالَ: هُوَ مَخْلُوقٌ.
163- وَحَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِاللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حدَّثنا أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمْزَةُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَرْوَزِيُّ - وَكَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا - قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا بَكْرِ ابْنَ عَيَّاشٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا بَكْرٍ، قَدْ بَلَغَكَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ ابْنِ عُلَيَّةَ فِي الْقُرْآنِ، فَمَا تَقُولُ فِيهِ؟ فَقَالَ: اسْمَعْ إِلَىَّ وَيْلَكَ، مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فَهُوَ عِنْدَنَا كَافِرٌ، زِنْدِيقٌ، عَدُوٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، لَا تُجَالِسْهُ، وَلَا تُكَلِّمْهُ.
164- حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْعِجْلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ قَرَأَ شَيْئًا مِنَ الْقُرْآنِ ثُمَّ قَالَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ هَذَا مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ.
165- أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُاللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْبُخَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْعُمَرِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَبِي أُوَيْسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، وَكَلَامُ اللَّهِ مِنَ اللَّهِ، وَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ شَيْءٌ مَخْلُوقٌ.
166- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ، وَيَسْتَفْظِعُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، قَالَ مَالِكٌ: يُوجَعُ ضَرْبًا، وَيُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ.
167- حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ فَقُلْتُ: مَا تَقُولُ فِيمَنْ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ؟ فَقَالَ: لَوْ أَنِّي عَلَى سُلْطَانٍ لَقُمْتُ عَلَى الْجِسْرِ، فَكَانَ لَا يَمُرُّ بِي رَجُلٌ إِلَّا سَأَلْتُهُ، فَإِذَا قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَأَلْقَيْتُهُ فِي الْمَاءِ.
168- وَحَدَّثَنَا ابْنُ مَخْلَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ قَالَ: قَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ: لَوْ كَانَ لِيَ الْأَمْرُ لَقُمْتُ عَلَى الْجِسْرِ، فَلَا يَمُرُّ بِي أَحَدٌ يَقُولُ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، إِلَّا ضَرَبْتُ عُنُقَهُ، وَأَلْقَيْتُهُ فِي الْمَاءِ.
169- حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ: قَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَذَكَرَ الْجَهْمِيَّةَ قَالَ: هُمْ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ زَنَادِقَةٌ، عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ.