05 من حديث: (هو صدقة لله فضعه حيث شئت)

بَابُ النَّظَرِ فِي الصَّلَاةِ إِلَى مَا يَشْغَلُكَ عَنْهَا

67- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَلْقَمَةَ ابْنِ أَبِي عَلْقَمَةَ، عَنْ أُمِّهِ: أَنَّ عَائِشَةَ -زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ- قَالَتْ: أَهْدَى أَبُو جَهْمِ ابْنُ حُذَيْفَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ خَمِيصَةً شَامِيَّةً لَهَا عَلَمٌ، فَشَهِدَ فِيهَا الصَّلَاةَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إِلَى أبِي جَهْمٍ؛ فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلَاةِ فَكَادَ يَفْتِنُنِي.

68- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَبِسَ خَمِيصَةً لَهَا عَلَمٌ، ثُمَّ أَعْطَاهَا أَبَا جَهْمٍ، وَأَخَذَ مِنْ أَبِي جَهْمٍ أَنْبِجَانِيَّةً لَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلِمَ؟ فَقَالَ: إِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا فِي الصَّلَاةِ.

69- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِطِهِ، فَطَارَ دُبْسِيٌّ، فَطَفِقَ يَتَرَدَّدُ يَلْتَمِسُ مَخْرَجًا، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، فَجَعَلَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ سَاعَةً، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صَلَاتِهِ، فَإِذَا هُوَ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى؟ فَقَالَ: لَقَدْ أَصَابَتْنِي فِي مَالِي هَذَا فِتْنَةٌ، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي أَصَابَهُ فِي حَائِطِهِ مِنَ الْفِتْنَةِ، وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هُوَ صَدَقَةٌ للَّهِ، فَضَعْهُ حَيْثُ شِئْتَ.

وهذا يدل على أنَّ السنة تُساعد المصلِّي عمَّا قد يشغله: المصلَّى فيه نقوش، أو الملابس فيها نقوش تشغله؛ لقصة الخميصة التي أشغلت النبيَّ بسبب أعلامها، ثم أهداها لأبي جهم، يدل على أنَّ الأفضل للإمام أن يتحرى، وهكذا المأموم، وهكذا المنفرد في نوافله يتحرى أن يكون مُصلاه وملابسه ليس فيها شيء يشغله، وليس أمامه شيء يشغله؛ حتى يُقبل على صلاته، حتى يخشع فيها، ويطمئن فيها.

والمشهور في عمل طلحة لما سمع قوله تعالى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران:92]، قال: يا رسول الله، إنَّ أحبَّ أموالي إليَّ بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برَّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقد يكون هذا وهذا.

70- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِطٍ لَهُ بِالْقُفِّ -وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ الْمَدِينَةِ- فِي زَمَانِ الثَّمَرِ، وَالنَّخْلُ قَدْ ذُلِّلَتْ، فَهِيَ مُطَوَّقَةٌ بِثَمَرِهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ ثَمَرِهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى صَلَاتِهِ، فَإِذَا هُوَ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى؟ فَقَالَ: لَقَدْ أَصَابَتْنِي فِي مَالِي هَذَا فِتْنَةٌ. فَجَاءَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ -وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةٌ- فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، وَقَالَ: هُوَ صَدَقَةٌ، فَاجْعَلْهُ فِي سُبُلِ الْخَيْرِ. فَبَاعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بِخَمْسِينَ أَلْفًا، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْمَالُ: الْخَمْسِينَ.

 

4- كِتَابُ السَّهْوِ

بَابُ الْعَمَلِ فِي السَّهْوِ

1- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَانُ فَلَبَّسَ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى؟ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ.

2- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنِّي لَأَنْسَى -أَوْ أُنَسَّى- لِأَسُنَّ.

الشيخ: والمعنى أنه ﷺ قد يقع منه النِّسيان ليُشرع للأمة؛ ولهذا قال: إنما أنا بشر، أنسى كما تنسون، فالله جلَّ وعلا يُقدر عليه النِّسيان حتى يُشرع للأمة؛ حتى يتعلم الناسُ، حتى يستفيد الناس في أحكام صلاتهم؛ ولهذا وقعت للنبي ﷺ وقائع عند السَّهو حتى تعلم الناسُ واستفادوا، واستقرَّت السنةُ في ذلك: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، في سجوده لما ترك التَّشهد الأول، ولما زاد خامسةً ولم يُنَبِّهوه حتى سلَّم، نبَّهوه وسجد سجدتي السَّهو، وفي قصة ذي اليدين، وحديث عمران بن حصين، كلها ليَسُنَّ للأمة؛ ليتعلَّموا ويستفيدوا، حتى إذا وقعت لهم عملوا بما فعله ﷺ.

س: ...............؟

ج: المقصود المعنى صحيح: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ، لا شكَّ أنَّ الله قدَّر عليه ذلك ليُشرع للأمة، وتتعلم الأمة في مسألة الصلاة وغير الصَّلاة.

س: ...............؟

ج: ما في الحديث صراحة أنَّ الخميصة من هدية أبي جهم، لكن محتمل أنها منه، دفعها إليه وقال: ائتوني بأنبجانية أبي جهم، تكلم على الخميصة أنها هدية من أبي جهم؟ الأولى ذات الأعلام.

الطالب: قال: (وَأَخَذَ مِنْ أَبِي جَهْمٍ أَنْبِجَانِيَّةً) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَسُكُونِ النُّونِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، وَخِفَّةِ الْجِيمِ، فَأَلِف فَنُون فَيَاء، نِسْبَة كِسَاءٍ غَلِيظٍ لَا عَلَمَ لَهُ.

وَقَالَ ثَعْلَبٌ: يَجُوزُ فَتْحُ هَمْزَتِهِ وَكَسْرُهَا، وَكَذَا الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ.

قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ هَذِهِ النِّسْبَةَ إِلَى مَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: أَنْبِجَانَ، لَا إِلَى مَنْبِجَ –بِالْمِيمِ- الْبَلَدِ الْمَعْرُوفِ بِالشَّامِ، وَبِهِ رُدَّ قَوْلُ أَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ: لَا يُقَالُ: كِسَاءٌ أَنْبِجَانِيٌّ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: مَنْبِجَانِيٌّ.

الشيخ: أصل الحديث عن عائشة؟ أصل الحديث أيش المتن؟ صلَّى في خميصةٍ، الأول.

الطالب: (فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ) لِعَائِشَةَ: (رُدِّي هَذِهِ الْخَمِيصَةَ إِلَى أَبِي جَهْمٍ؛ فَإِنِّي نَظَرْتُ إِلَى عَلَمِهَا).

الشيخ: يظهر من هذا أنَّ أصلها من هدية أبي جهم؛ فلهذا ردَّها إليه، واعتاض عنها تطييبًا لخاطره بأنبجانية، وهذا فيه الدلالة على أنَّ الإنسان إذا أهدى هديةً وردَّها المهدِي لأسبابٍ رآها المهدي؛ فلا بأس أن يقبلها.

س: مَن صلَّى مأمومًا ولم يعقل شيئًا من صلاته، يُشرع له الإعادة؟

ج: الظاهر أنه يستعمل ما شرعه الله ويكفي، ولا يحتاج للإعادة، يستعمل ما شرعه الله من سجود السَّهو في محلاته والحمد لله، ويُجاهد نفسه في المستقبل حتى تبتعد عنه الوسواس؛ لأنَّ الموسوسين الآن مساكين، في خطرٍ عظيمٍ، لو يُقال لهم: تُشرع الإعادة، أعادوا كل ساعةٍ، مساكين! لكن يُجاهدون أنفسَهم حتى يسلموا من الوسواس، ويعملوا ما شرع الله من سجود السهو، والبناء على اليقين، على غالب الظن؛ حتى يسلموا من هذه الوساوس، وإذا غلب على ظنِّه شيء بنى على غالب ظنِّه؛ حتى يكون أسهل، ما عليه إلا أن يبني على غالب ظنِّه وينتهي ويرغم الشَّيطان.

س: مَن استرشد بهذا؟

ج: لا يجوز الاسترسال، يجب عليه ألا يسترسل، ويُعالج الأمور بما عالجها النبيُّ ﷺ حتى لا يفتح البابَ للشيطان على نفسه.

س: هل يُقال له: أكثر من النَّوافل؟

ج: النوافل مشروعة للجميع، ولا سيما مَن عنده تقصير من باب أولى.

س: ..............؟

ج: وجوب، نعم، إذا ترك واجبًا أو فعل مُحَرَّمًا سهوًا يجب عليه السُّجود.

س: ..............؟

ج: والشَّك، يجب.

س: ..............؟

ج: يُجزئ قبل السلام وبعد السلام في جميع الأحوال، إنما هو أفضلية، قبل وبعد أفضليَّة.

3- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: إِنِّي أَهِمُ فِي صَلَاتِي فَيَكْثُرُ ذَلِكَ عَلَيَّ. فَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: "امْضِ فِي صَلَاتِكَ، فَإِنَّهُ لَنْ يَذْهَبَ عَنْكَ حَتَّى تَنْصَرِفَ وَأَنْتَ تَقُولُ: مَا أَتْمَمْتُ صَلَاتِي".

 

الشيخ: نعم، يعني: أرغم الشَّيطان.

5- كِتَابُ الْجُمُعَةِ

بَابُ الْعَمَلِ فِي غُسْلِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ

1- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سُمَيٍّ -مَوْلَى أَبِي بَكْرِ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.

الشيخ: وهذا فيه الحثُّ على الغسل يوم الجمعة، والتَّبكير والمسارعة إليها؛ ليستفيد من الصَّلوات والقراءة والتَّسبيح والتَّهليل والانتظار، وهو في صلاةٍ ما دام ينتظر الصلاة، وأنَّ الذَّهاب إلى الجمعة يتفاوت كما ذكره النبيُّ عليه الصلاة والسلام في التَّبكير.

س: ...............؟

ج: سنة مؤكدة.

س: ...............؟

ج: الأقرب والله أعلم بعد ارتفاع الشمس؛ لأنه يُستحبّ له أن يبقى في مُصلاه إلى ارتفاع الشَّمس.

س: ...............؟

ج: يجب عليه أن يعمل بالتَّنبيه، إذا نُبِّه يرجع، إلا إذا تيقن صواب نفسه، أما إذا نُبِّه وهو ما عنده يقين يرجع للتَّنبيه، إذا نبّه اثنان أو أكثر يرجع ولا يستمرّ في الزيادة إلا إذا كان يتيقَّن أنهم مُخطئون يستمرّ، يعمل بيقينه.

س: ...............؟

ج: وهم كذلك، الذي يعلم أنه يقين لا يُتابعه في الخامسة، والذي عنده شكّ يُتابع الإمام، أما مَن كان عنده يقين أنها زائدة يجلس حتى ينتظر.

س: ...............؟

ج: يكفي، يكفي، متى اغتسل الحمد لله، ولو واحدة، توضَّأ فقط ويكفي.

2- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ".

3- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ أَنَّهُ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، انْقَلَبْتُ مِنَ السُّوقِ فَسَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَمَا زِدْتُ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ. فَقَالَ عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ؟!

الشيخ: وهذا يُفيد تأكّد الغُسل، وأن السُّنة للمؤمن أن يجتهد في الغسل يوم الجمعة، ولم يأمره عمر بالرجوع للاغتسال، بل الغسل متأكِّد.

وأما قوله في الرِّواية الأخرى: واجبٌ على كل مُحتلِمٍ، قال العلماء: معناه: متأكِّد، بدليل أنه ﷺ قال: مَن توضَّأ يوم الجمعة، ثم أتى المسجدَ فصلَّى ما قدر له، ثم أنصتَ حتى يفرغ من خُطبته، ثم صلَّى، كان له كذا وكذا، ولم يذكر وجوبَ الغسل. وهكذا حديث سمرة: مَن توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومَن اغتسل فالغُسل أفضل، وأخذ من هذا أهلُ العلم أنَّ الغُسل للتَّأكد، أنه يتأكد، ولا يجب، وهذا قول الجمهور.

وقال بعضُهم: يجب. وفي قولٍ ثالثٍ: يجب على أهل المهن ومَن له روائح، ولا يجب على غيرهم. والصواب أنه سنة في حقِّ الجميع، مُتأكد في حقِّ الجميع؛ جمعًا بين النصوص.

س: أئمة الجوامع: إذا كان الإمامُ يدخل وقت الزَّوال لا يُبَكِّر في الدخول له شيء من هذا الأجر؟

ج: الظاهر أنَّ له الأجر كاملًا؛ لأنَّ هذا المشروع في حقِّه، يأتي عند حضور الصلاة، الظاهر أنَّ له أجر السَّابقين؛ لأنَّ الرسول ﷺ -وهو سيد الناس وأفضلهم وأسبقهم إلى كل خيرٍ- كان يأتي إلى الصَّلاة وقت الخطبة، يأتي فيصعد المنبر عليه الصلاة والسلام، فالإمام مُستثنًى، الظاهر أنَّ له فضل السَّابقين وإن تأخَّر.

س: ...............؟

ج: الله أعلم، ما في شيء يُوضح شيئًا، أقول: ما في السنة -فيما أعلم- شيء يجعل الإمامَ يفعل كذا ويفعل كذا في بيته، فإذا اشتغل بالقراءة في بيته أو بالصَّلاة كله طيِّب.

4- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ.

5- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ.

قَالَ مَالِكٌ: مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلَ نَهَارِهِ، وَهُوَ يُرِيدُ بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ الْغُسْلَ لَا يَجْزِي عَنْهُ حَتَّى يَغْتَسِلَ لِرَوَاحِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُعَجِّلًا أَوْ مُؤَخِّرًا وَهُوَ يَنْوِي بِذَلِكَ غُسْلَ الْجُمُعَةِ، فَأَصَابَهُ مَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ؛ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا الْوُضُوءُ، وَغُسْلُهُ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ.

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِنْصَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ

6- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ: أَنْصِتْ، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَدْ لَغَوْتَ.

7- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ، فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ، وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ -قَالَ ثَعْلَبَةُ- جَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ وَقَامَ عُمَرُ يَخْطُبُ أَنْصَتْنَا، فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنَّا أَحَدٌ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَخُرُوجُ الْإِمَامِ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ.

 

الشيخ: نعم، إذا خرج الإمامُ جلس ينتظر المأموم وترك الصلاة إلا تحيَّة المسجد، إذا دخل يأتي بها ولو أنَّ الإمام يخطب، كما قال ﷺ للذي دخل والإمام يخطب: قم فصلِّ ركعتين، أما الجالسون فإذا دخل الإمامُ فقد قربت الخطبة، وجاء الأذان، فمن السُّنة أن يبقى حتى يُجيب المؤذن، ثم يستمرّ، فإذا شرع في الخطبة حرم الكلام.

س: ...............؟

ج: أيش قال الشَّارح.

الطالب: (حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ، فَإِذَا خَرَجَ عُمَرُ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ -قَالَ ثَعْلَبَةُ- جَلَسْنَا نَتَحَدَّثُ) نَتَكَلَّمُ بِالْعِلْمِ وَنَحْوِهِ، لَا بِكَلَامِ الدُّنْيَا.

قَالَ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ: هَذَا مَوْضِعٌ شُبِّهَ فِيهِ عَلَى بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ، كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَنَّ ذَلِكَ حَدَثَ فِي زَمَنِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِالْمَلِكِ. وَهَذَا قَوْلُ مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ.

قَالَ ابْنُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ: كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ ﷺ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ. خَرَّجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَسَمَّاهُ "ثَالِثًا" بِاعْتِبَارِ الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّهَا نِدَاءٌ إِلَى الصَّلَاةِ.

قَالَ: وَقَدْ رَفَعَ الْإِشْكَالَ فِيهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ السَّائِبِ قَالَ: كَانَ يُؤَذَّنُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ زَادَ النِّدَاءَ عَلَى الزَّوْرَاءِ.

قَالَ ابْنُ الْمُسَيّبِ: أَرَادَ أَنْ يَسْعَى النَّاسُ إِلَى الْجُمُعَةِ. فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْأَذَانَ كَانَ بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَام،ِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ بِالْأَمْصَارِ.

(فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُونَ) أَيْ: فَرَغُوا مِنْ أَذَانِهِمْ (وَقَامَ عُمَرُ يَخْطُبُ أَنْصَتْنَا فَلَمْ يَتَكَلَّمْ مِنَّا أَحَدٌ).

الطالب: في روايةٍ .....: وأذَّن المؤذن. ما فيها: المؤذِّنون.

الشيخ: تكلم في شرحه، غير الزرقاني، شرح غير الزرقاني حاضر؟ المعروف أنه أذانٌ واحدٌ، قوله: "أذَّن المؤذِّنون" محل نظرٍ، قد يكون تسامح من بعض الرُّواة، يُراجع "التمهيد".

س: ...............؟

ج: المعروف عند أهل العلم سنة، والقول بالوجوب قول قوي، لو قال أحدٌ بالوجوب قول قوي؛ لأنه أمر، لكن المعروف عند أهل العلم يُسمونها: سنة.

س: الحديث بين الخُطبتين؟

ج: ما في بأس إذا كان في مصلحةٍ، أقول: ما فيه بأس بين الخُطبتين إذا كانت فيه مصلحة: يسأل عن فائدةٍ أو شيء، أو عن حادثٍ حدث.

س: ...............؟

ج: ما يمنع الإجابة، جزاك الله خيرًا، هذا ما هو بصارفٍ، هذا لا يمنع الإجابة، إذا قلت لك: كيف حالك؟ عساك طيب؟ ثم قلت: أشهد أن لا إله إلا الله، يضرّ شيئًا؟ ما يمنع.

س: ...............؟

ج: العبارة فيها نظر، الصواب أن يقول: إذا سكت المؤذِّنُ.

س: ..............؟

ج: لا، ما في بأس، الإشارة لا بأس بها، إذا أشار إليه يسكت، طيب، وقت الخطبة، نعم.

س: ..............؟

ج: ما يضرّ، ليس بكلامٍ.

س: ..............؟

ج: لا يقوم، يجلس في مكانه، ويُجاهد نفسه بالبُعد عن النَّوم.

س: بعض المصلين يستاك أثناء الخطبة؟

ج: لا، ما ينبغي، هذا نوعٌ من العبث ما يصلح، ينبغي له أن يُنصت، ولا يستاك، ولا يعبث.

8- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ -مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ- عَنْ مَالِكِ ابْنِ أَبِي عَامِرٍ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ، قَلَّ مَا يَدَعُ ذَلِكَ إِذَا خَطَبَ: "إِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَمِعُوا وَأَنْصِتُوا؛ فَإِنَّ لِلْمُنْصِتِ الَّذِي لَا يَسْمَعُ مِنَ الْحَظِّ مِثْلَ مَا لِلْمُنْصِتِ السَّامِعِ، فَإِذَا قَامَتِ الصَّلَاةُ فَاعْدِلُوا الصُّفُوفَ، وَحَاذُوا بِالْمَنَاكِبِ، فَإِنَّ اعْتِدَالَ الصُّفُوفِ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ"، ثُمَّ لَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَهُ رِجَالٌ قَدْ وَكَّلَهُمْ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ، فَيُخْبِرُونَهُ أَنْ قَدِ اسْتَوَتْ، فَيُكَبِّرُ.

 

الشيخ: ، هذه عناية عظيمة ، والذي لا يسمع يُنصت حتى لا يُشوش على الآخرين، وإن كان لا يسمع لا يتحدث؛ لأنَّ تحدُّثَه قد يُشوش على الآخرين الذين يُريدون السَّماع، أيش قال عن أبي الفضل مولى عمر؟

الطالب: .............

الشيخ: هذا عثمان، هذا طيب، مهم العناية بالصفوف وترتيب الصفوف، والتأكد من استقامتها مهمٌّ جدًّا، بنظره أو بمَن يُوكِّله، طيب.

س: ...............؟

ج: إذا كان ما يُشوش على مَن حوله يقول له: أنصت، حتى لا يُشوش.

س: ...............؟

ج: اجتهادٌ منه ؛ ليُنبِّه الناس على الجمعة، حتى يستعدُّوا، حتى يُبادروا، والعلة موجودة دائمًا.

9- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَأَى رَجُلَيْنِ يَتَحَدَّثَانِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَحَصَبَهُمَا أَنِ اصْمُتَا.

الشيخ: وهذا يدل على أنَّ التَّسكيت بغير الكلام لا بأس به، المنهي عنه الكلام، فإذا سكَّتهما بحصباء أو بالإشارة فلا بأس.

10- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَجُلًا عَطَسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَشَمَّتَهُ إِنْسَانٌ إِلَى جَنْبِهِ، فَسَأَلَ عَنْ ذَلِكَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ، فَنَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَ: لَا تَعُدْ.

الشيخ: نعم؛ لأنَّ الواجب الإنصات، مثل: لو سلَّم ما يردّ عليه، نعم.

س: ...............؟

ج: مستحبّ، سنة، ما لم يمنع المانع، فإذا كان في الصَّلاة لا يُشمت، أو في الخطبة لا يُشمته.

س: هل هو يحمد الله؟

ج: يحمد الله بينه وبين نفسه، لكن لا يشمت، مثل: الذي يعطس في الصلاة يحمد الله، ولكن لا يُشمت.

س: ...............؟

ج: لا بأس، بينه وبين نفسه يُصلي على النبي؛ لحديث: رغم أنف امرئٍ ذُكرتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ، يُصلي بينه وبين نفسه، لا يجهر.

س: ..............؟

ج: يردّ بالإشارة، مثل الصلاة، لكن لا يُسلم عليهم ويشغلهم، بعض الناس قد يكون جاهلًا ما يفهم.

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنِ الْكَلَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا نَزَلَ الْإِمَامُ عَنِ الْمِنْبَرِ قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.

الشيخ: لأنها زالت الخطبة، إذا نزل زالت الخطبة، ولو قبل التَّكبير انتهت الخُطبة.

س: إذا ضاق المسجدُ وصار الناسُ يُصلون خارج المسجد، فهل يلزمهم الإنصات كذلك؟

ج: نعم يلزمهم، إن كانوا يسمعون يلزمهم، أو يُشوشون على مَن يسمع، لا يُشوشون.

س: الخطبة الثانية تابعة للخطبة الأولى؟

ج: نعم.

س: إذا وصل الخطيبُ بين الخُطبتين؟

ج: يجب الفصلُ بينهما.

س: ..............؟

ج: عند الضَّرورة، عند الحاجة، وإذا ليس هناك حاجة يتأمّل، يكون عنده تأمّل، عناية بما هو فيه من أمر الله وذكره وطاعته، لكن الشيء العارض ما في بأس بين الخُطبتين: كمصلحةٍ، كلمةٍ عارضةٍ، يُشمت عاطسًا، أو يردّ سلامًا، أو يفعل شيئًا مهمًّا بين الخُطبتين لا بأس.

س: لو صلَّى بخطبةٍ واحدةٍ؟

ج: لا، ما يجوز له، لا بدَّ من خُطبتين.

س: ..............؟

ج: نعم يُعيد الخطبة والصَّلاة.

س: إذا ناب الخطيب في الخطبة الأولى أمرٌ فنزل عن المنبر وخرج من المسجد، ثم عاد إلى المنبر للخُطبة، يستأنفها من جديدٍ أو يُكمل من حيثما وقف؟

ج: الأقرب والله أعلم: إن كان الشيء يسيرًا ما يستأنف، وإن كان طال الفصلُ يستأنف، وإن كان الفصلُ خفيفًا باعتقاده كفاه أن يأتي بالثانية.

س: ..............؟

ج: يُنصتون ولا يُشوشون على الناس، وإذا ترجمها الإمامُ، أو أمر مَن يُترجمها بعد الصَّلاة فلا بأس، أو في الخطبة إن كان يُحسن اللغة وتكلم في بعض معناها إذا صار الأكثريةُ لا يفهمون فلا حرج إن شاء الله للمصلحة.

س: ..............؟

ج: لو ترجم بينهم في أثناء الخطبة بعض الكلمات طيب، إذا كان يُحسن ذلك، وهم كثرة.

س: ..............؟

ج: لا بأس، إذا جعل واحدًا يُترجم لهم ما في بأس.

س: ..............؟

ج: لا يضرّ إن شاء الله؛ لأنه قد يقع في أناسٍ لا يفهمون إلا الأردية أو الإنجليزية، وما عنده من العرب إلا القليل.

س: ..............؟

ج: يقرأ ويُترجم لهم، أو يجعل مَن يُترجم لهم، هذا أحوط: الجمع بين المصلحتين.

س: ترجمة الخطبة بين الخُطبتين؟

ج: حال الخطبة أحسن، كل واحدةٍ في وقتها.

س: ..............؟

ج: لأنَّ المقصود تذكيرهم ونصيحتهم.

 

بَابٌ فِيمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً يَوْمَ الْجُمُعَةِ

11- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ رَكْعَةً فَلْيُصَلِّ إِلَيْهَا أُخْرَى. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَهِيَ السُّنَّةُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى ذَلِكَ أَدْرَكْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ مِنَ الصَّلَاةِ رَكْعَةً فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ.

قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يُصِيبُهُ زِحَامٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَيَرْكَعُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى يَقُومَ الْإِمَامُ، أَوْ يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ: أَنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ إِنْ كَانَ قَدْ رَكَعَ فَلْيَسْجُدْ إِذَا قَامَ النَّاسُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يَسْجُدَ حَتَّى يَفْرُغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَبْتَدِئَ صَلَاتَهُ ظُهْرًا أَرْبَعًا.

 

الشيخ: الصواب أنه يُكمل وقت الزحام، إذا ركع وزحم إذا قاموا يسجد والحمد لله.

س: ..............؟

ج: لا، يصبر حتى يقوموا ثم يسجد على الأرض، يصبر قليلًا حتى يقوموا ثم يسجد.

س: ..............؟

ج: يخرج من المطاف ويروح يُصلي محل الناس، لا يُصلي أمام الإمام.

س: بالإيماء؟

ج: ولو بالإيماء.

س: ...............؟

ج: ولو، لا يُصلي، لا يدع الركوع والسجود، يخرج والحمد لله إن أمكنه، وإلا يُصلي ولو وحده.

س: لو صلَّى أمام المحراب هل صلاته باطلة؟

ج: ما يُصلي أمام الإمام، يُصلي وراءه، وإلا عن يمينه، أو عن يمينه وشماله جميعًا.

س: مَن صلَّى يُعيد صلاته؟

ج: صلَّى أمام الإمام نعم، ما له صلاة، الصواب ما له صلاة.

س: ..............؟

ج: ما أعرف هذا.

س: إذا ضاق المسجدُ بالناس، وما وجدوا مُتَّسعًا خارج المسجد، اجتمعوا في الخطبة، لكن ما وجدوا مكانًا للصَّلاة؟

ج: إذا وقعت فرَّج اللهُ الأمور إن شاء الله، يسَّر الله لهم الأمر.

بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ رَعَفَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

 

الشيخ: معك البحث يا عبدالله؟ طويل أو خفيف؟ اقرأه.

الطالب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلَّم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

حديث: نهى عن السَّدل في الصلاة، وأن يُغطي الرجلُ فاه.

رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والبيهقي، والبغوي، وابن المنذر، كلهم من طريق ابن المبارك، عن الحسن بن ذكوان، عن سليمان الأحول، عن عطاء، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ. فذكره.

والحسن بن ذكوان -أبو سلمة البصري- ضعَّفه ابنُ معين، وأبو حاتم، وقال النَّسائي: ليس بالقوي. وقال ابنُ عدي: روى عنه يحيى القطَّان، وابن المبارك، وناهيك به جلالةً أن يروي عنه، وأرجو أنه لا بأس به.

ووثَّقه ابنُ حبان، وقال الحافظ في "التقريب": صدوق يُخطئ، ورُمي بالقدر، وكان يُدلس، من السادسة، روى له البخاري، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.

قلتُ: لكنه لم ينفرد به، فقد رواه أحمد والترمذي وابن حبان والبغوي من طريق حماد بن سلمة، عن عسم بن سفيان، عن عطاء به مرفوعًا، دون آخره.

وعسم ضعَّفه ابنُ معين، وقال البخاري: عنده مناكير. وقال النَّسائي: ليس بالقوي. وقال ابنُ عدي: هو مع ضعفه يُكتب حديثه. رواه أحمد والدَّارمي عن سعيد ابن أبي عروبة، عن عسم به.

وفي الباب حديث ابن مسعودٍ : رواه عبدالرزاق، ومن طريقه البيهقي عن بشر بن رافع، عن يحيى ابن أبي كثير، عن أبي عبيدة ابن عبدالله بن مسعود: أن أباه كره السَّدل في الصلاة.

قال أبو عبيدة: وكان أبي يذكر أنَّ النبي ﷺ ينهى عنه. وبشر ضعيفٌ، وأبو عبيدة لا يصحّ له سماع من أبيه.

وفي الباب حديث أبي جُحيفة: رواه الطبراني في معاجمه الثلاثة، والبزار، والبيهقي من طريق حفص ابن أبي داود، عن الهيثم بن حبيب الصيرفي، عن علي بن الأقمر، عن أبي جُحيفة.

ووقع في "الكبير" عن الصيرفي، عن عون ابن أبي جُحيفة، عن أبيه قال: أبصر النبيُّ ﷺ رجلًا يُصلي وقد سدل ثوبَه، فدنا منه، فعطف عليه ثوبه.

وفي "الكبير": مرَّ النبيُّ ﷺ برجلٍ. وفيه: فقطعه عليه.

وحفص هذا هو الكوفي القارئ، قرأ على عاصم، وكان ..... تركه الحافظ: كابن المديني، والبخاري، ومسلم، والجوزجاني، والنَّسائي. وفي "التقريب": متروك الحديث مع إمامته في القراءة.

قال البيهقي: وقد كتبناه من حديث إبراهيم بن طهمان، عن الهيثم، فإن كان محفوظًا فهو أحسن من رواية حفص القارئ.

واختُلف في معنى "السدل": ففسَّره الخطابيُّ بالإسبال.

وفي "النهاية": أن يلتحف الرجلُ بثوبه، ويُدخل يديه من داخلٍ فيركع ويسجد، وهو كذلك، وكانت اليهودُ تفعله، وهذا مُطرد في القميص وغيره من الثياب.

وقيل: هو أن يضع وسط الإزار على رأسه، ويُرسل طرفيه عن يمينه وشماله، من غير أن يجعلهما على كتفيه.

ورجَّح السيوطي القولَ الثاني، وقال: هو الذي اختاره البيهقي والهروي في الغريب، وجزم به من أصحابنا أبو إسحاق في "المهذب"، والشاشي وصاحب "البيان"، ومن الحنفية صاحب "الهداية"، والينابيعي، والزَّيلعي، والزاهدي، وغيرهم، ومن الحنابلة موفق الدين ابن قُدامة في "المغني".

وقوله: (وأن يُغطي الرجلُ فاه) قال الخطابي: إنَّ من عادة العرب التَّلثم بالعمائم على الأفواه، فنُهوا عن ذلك في الصلاة، إلا أن يعرض للمُصلي الثّوباء فيُغطي فمه عند ذلك؛ للحديث الذي جاء فيه.

فائدة: سُئل شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى": هل طرح القباء على الكتفين من غير أن يُدخل يديه في أكمامه مكروه؟

فأجاب: لا بأس بذلك باتِّفاق الفقهاء، وقد ذكروا جواز ذلك، وليس هذا من السَّدل المكروه؛ لأنَّ هذه اللّبسة ليست لبسةَ اليهود، والقباء –ممدود- من الثياب: الذي يُلبَس، مشتقّ من ذلك؛ لاجتماع أطرافه. كذا في "اللسان"، وفي "الوسيط": ثوب يُلبس فوق الثياب أو القميص، ويتمنطق عليه والله أعلم.

الشيخ: في هذا السَّدل لو صحَّت الأحاديث، الأحاديث كلها فيها ضعف، لكن السَّدل: إما أن يخصّ بالثوب الذي يتلفف فيه، وخطر أنه تظهر عورته: كاشتمال الصّماء، أو يضعه على رأسه: أطرافه من هنا، ومن هنا، وقد تبدو عورته؛ لأنَّ المطلوب أن يضبط عورته بالإزار، فإذا جعله على رأسه وطرح طرفيه من هنا ومن هنا قد تبدو عورته، فالذي ينبغي أنه يلويه على وسطه الأسفل، وتكون أطرافه على عاتقيه؛ حتى لا تحصل المخاطرة بظهور العورة، أما قباء ..... لو جعله على الكتفين ما في حرج؛ لأنه ما يُسبب ظهور عورةٍ.

 

بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ رَعَفَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

12- قَالَ مَالِكٌ: مَنْ رَعَفَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ، فَخَرَجَ فَلَمْ يَرْجِعْ حَتَّى فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي أَرْبَعًا.

قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَرْكَعُ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ يَرْعُفُ، فَيَخْرُجُ فَيَأْتِي وَقَدْ صَلَّى الْإِمَامُ الرَّكْعَتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا: أَنَّهُ يَبْنِي بِرَكْعَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ.

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى مَنْ رَعَفَ أَوْ أَصَابَهُ أَمْرٌ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْخُرُوجِ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ.

 

الشيخ: وهذا الذي قاله مالكٌ رحمه الله في أنه يأتي بركعةٍ ضعيف، والصواب أنها بطلت الصلاةُ إذا خرج، يُعيد الصلاة: الظهر أربعًا، فإذا أحدث بعد الركعة أو رعف رعافًا ينقض الوضوء، أو ما أشبه ذلك مما يُبطل الصلاة، فإنه يخرج يتوضأ ويُعيد الصلاة من أولها أربعًا؛ لأنه بطلت صلاته بما حدث له، بخلاف الذي أدرك ركعةً، مسبوق أدرك ركعةً من الجمعة، فهذا يأتي بركعةٍ إذا سلَّم الإمامُ ويكفي، كما في الحديث: مَن أدرك ركعةً من الجمعة ..... فقد تمَّت صلاته، وقال ﷺ: مَن أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة، لكن إنسان خرج ليتوضأ أو لحاجةٍ أخرى بطلت صلاته؛ لكثرة العمل، ولوجود الحدث.

س: ..............؟

ج: الظاهر أنه يجب عليه إذا كان يعلم أنه يُدرك على القاعدة.

بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّعْيِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

13- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ شِهَابٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة:9]، فَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقْرَؤُهَا: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا السَّعْيُ فِي كِتَابِ اللَّهِ: الْعَمَلُ وَالْفِعْلُ، يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: وإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ [البقرة:205]، وَقَالَ تَعَالَى: وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى [عبس:9]، وَقَالَ: ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى [النازعات:22]، وَقَالَ: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [الليل:4].

قَالَ مَالِكٌ: فَلَيْسَ السَّعْيُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِالسَّعْيِ عَلَى الْأَقْدَامِ، وَلَا الِاشْتِدَاد، وَإِنَّمَا عَنَى الْعَمَلَ وَالْفِعْلَ.

 

الشيخ: ومعنى "فاسعوا" فامضوا، مثلما قال عمر، فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ يعني: فامشوا، سيروا، واذهبوا، وليس المراد العدو، المراد به المشي المعتاد؛ ولهذا الرسول نهى عن الإسراع إلى الصَّلاة، والعدو إلى الصلاة، ولكن يمشي المشي المعتاد، ومنها: إِنَّ سَعْيَكُمْ يعني: عملكم، جَاءَكَ يَسْعَى يعني: يمشي، ما هو بركضٍ، المقصود أنَّ السَّعي هنا بمعنى: المشي، السير؛ ولهذا قال عمر: فامضوا. يُوضح لهم المعنى، ليس المراد العدو والرَّكض.

س: ...............؟

ج: نعم، إذا نُودي للصَّلاة يمشي إليها، لا يركض، سواء في الجمعة أو غيرها، لكن الجمعة أهم.

بَابُ مَا جَاءَ فِي الْإِمَامِ يَنْزِلُ بِقَرْيَةٍ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي السَّفَرِ

14- قَالَ مَالِكٌ: إِذَا نَزَلَ الْإِمَامُ بِقَرْيَةٍ تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ، وَالْإِمَامُ مُسَافِرٌ، فَخَطَبَ وَجَمَّعَ بِهِمْ، فَإِنَّ أَهْلَ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَغَيْرَهُمْ يُجَمِّعُونَ مَعَهُ.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ جَمَّعَ الْإِمَامُ وَهُوَ مُسَافِرٌ بِقَرْيَةٍ لَا تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ، فَلَا جُمُعَةَ لَهُ، وَلَا لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ، وَلَا لِمَنْ جَمَّعَ مَعَهُمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَلْيُتَمِّمْ أَهْلُ تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمُسَافِرٍ الصَّلَاةَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا جُمُعَةَ عَلَى مُسَافِرٍ.

 

الشيخ: وهذا فيه تفصيلٌ: إذا كانوا من أهل الجمعة صلّوا جمعةً، وصلَّى معهم المسافر الجمعة لا بأس، وإن أمَّهم جاز، أما إذا كان لا جمعةَ -مثل الواحد والاثنين لا جمعةَ لهم- يُصلون ظهرًا، الصواب أنَّ الثلاثة تنعقد بهم الجمعة إذا كانوا مُستوطنين في القرية، مُقيمين بها جمعوا؛ لأنه ليس هناك دليلٌ على اشتراط الأربعين أو الاثني عشر، الجمعة الجماعة، فإذا كانوا جماعةً وأقلّهم ثلاثة جمعوا إذا كانوا مُستوطنين مُقيمين في البلد، نعم.

س: .............؟

ج: لا حرج، الصحيح لا حرج؛ لأنَّ صلاة القصر مُستحبّة، ما هي بلازمة، المسافر إذا أتم أربعًا فلا بأس، وإذا صلَّى مع الناس جمعةً فلا بأس.

س: .............؟

ج: لا حرج، ولا سيما الإمام أو الكبير فيهم، وإذا احتاط خروجًا من الخلاف وجعل غيرَه يأمّهم من باب الخروج من الخلاف لا بأس.

س: .............؟

ج: يقصر، عليه جمعة ركعتين.

س: .............؟

ج: لا يعجل: لا راكب، ولا ماشي.

س: .............؟

ج: إن قصر فلا بأس، مثلما قصر النبيُّ في غير الجمعة، الجمعة ركعتان، ما يُزاد فيها شيء.

س: إذا صاروا كلهم مُقيمين وهو المسافر فأمّهم؟

ج: يُصلي جمعة.

س: أقصد في غير الجمعة؟

ج: هو مُخيَّر: إن أتمَّ بهم فلا بأس، وإن صلَّى ركعتين سلَّم معه المسافرون، وقام الباقون يُتمون أربعًا.

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ

15- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: فِيهِ سَاعَةٌ لَا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَأَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.

16- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الطُّورِ، فَلَقِيتُ كَعْبَ الْأَحْبَارِ فَجَلَسْتُ مَعَهُ، فَحَدَّثَنِي عَنِ التَّوْرَاةِ، وَحَدَّثْتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَكَانَ فِيمَا حَدَّثْتُهُ أَنْ قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أُهْبِطَ مِنَ الْجَنَّةِ، وَفِيهِ تِيبَ عَلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا وَهِيَ مُصِيخَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ حِينِ تُصْبِحُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ؛ شَفَقًا مِنَ السَّاعَةِ، إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ. وَفِيهِ سَاعَةٌ لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللَّهَ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ.

قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ. فَقُلْتُ: بَلْ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ. فَقَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ: صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَلَقِيتُ بَصْرَةَ ابْنَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيَّ فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنَ الطُّورِ. فَقَالَ: لَوْ أَدْرَكْتُكَ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ مَا خَرَجْتَ؛ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَا تُعْمَلُ الْمَطِيُّ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِلَى مَسْجِدِي هَذَا، وَإِلَى مَسْجِدِ إِيلِيَاءَ -أَوْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ يَشُكُّ.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ثُمَّ لَقِيتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ سَلَامٍ، فَحَدَّثْتُهُ بِمَجْلِسِي مَعَ كَعْبِ الْأَحْبَارِ وَمَا حَدَّثْتُهُ بِهِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَقُلْتُ: قَالَ كَعْبٌ: ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ يَوْمٌ. قَالَ: قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبَ كَعْبٌ. فَقُلْتُ: ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ التَّوْرَاةَ فَقَالَ: بَلْ هِيَ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ. فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: صَدَقَ كَعْبٌ. ثُمَّ قَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: قَدْ عَلِمْتُ أَيَّةَ سَاعَةٍ هِيَ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَخْبِرْنِي بِهَا وَلَا تَضنَّ عَلَيَّ. فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ.

قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: وَكَيْفَ تَكُونُ آخِرَ سَاعَةٍ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يُصَادِفُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ وَهُوَ يُصَلِّي، وَتِلْكَ السَّاعَةُ سَاعَةٌ لَا يُصَلَّى فِيهَا؟!

فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: أَلَمْ يَقُلْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ فَهُوَ فِي صَلَاةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ؟ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: فَهُوَ ذَلِكَ.

 

الشيخ: يعني المنتظر لصلاة المغرب يوم الجمعة في حكم الصلاة، ودعاؤه تُرجا إجابته، يعني: في هذه السَّاعة: ما بين العصر إلى غروب الشمس، وهكذا ما بين أن يجلس الإمامُ في الخطبة إلى أن تُقضى الصلاة يوم الجمعة هي ساعة أيضًا تُرجا فيها الإجابة، وقد صدق عبدُالله؛ لأنه بيَّنه النبيّ ﷺ: أن المنتظر للصلاة لا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصلاة، أعد سندَه.

س: ..............؟

ج: الأحوط أن يجعل الإمام يُصلي؛ خروجًا من الخلاف؛ لأنَّ بعض أهل العلم يرى أنَّ المسافر ما يُصلي بالمقيم، ما يُصلي إمامًا، يصير تبعًا.

س: ..............؟

ج: يُذكرهم بعد الصلاة والحمد لله.

س: ..............؟

ج: إن شاء تصحّ.

س: ..............؟

ج: لا، ترك العصر أحوط، في وقتها؛ لأنَّ بعض أهل العلم يراها ما تصحّ؛ لأنَّ الجمعة ما هي بوقت جمعٍ، الجمعة تُفرد وحدها.

س: ...............؟

ج: إن أعاد فهو أحوط.

س: ...............؟

ج: يُصليها في وقتها، يُصلي العصر في وقتها يوم الجمعة.

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قال: خرجتُ إلى الطُّور.

.............

الشيخ: لا، الذي ينتظر الصَّلاة هو الذي في حكم الصَّلاة.

س: ..............؟

ج: لا تُشدُّ الرِّحال إلى الطور، ولا إلى غيره بنية القُربة والطاعة التَّعبدية، أما شدُّ الرِّحال للتِّجارة أو غيرها كالزيارة فلا بأس، لكن لا تُشدّ الرحال للبقعة من البقاع للصَّلاة فيها أو كذا إلا لثلاثة مساجد، أما مسجد من المساجد غير الثلاثة لا يشدّ الرحال، كأنه رأى أنَّ الطور له مزيَّة.

س: ..............؟

ج: إذا كان للردّ عليها وبيان ما فيها من الشَّر من أهل العلم والبصيرة، ودعت الحاجةُ إلى ذلك، وإلا لا ينبغي ..... الزيادة والكذب، حرَّفوا، وغيَّروا، وقد أغنى الله عنها بالقرآن.

س: ..............؟

ج: أخطأ، يعني: أخطأ.

س: ..............؟

ج: بنية الصلاة، ينتظر صلاة المغرب، أو ينتظر الظهر، أو العصر، أو المغرب، أو العشاء، المنتظر له حكم المصلي، له الأجر، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصلاةَ، كما في الحديث الصحيح، والملائكة تستغفر له كالمريض الذي في بيتٍ.

س: ...............؟

ج: لا، ما يصير مُنتظرًا، يروح المسجد ينتظر.

س: والمرأة؟

ج: في مُصلَّاها كذلك.

س: ...............؟

ج: إذا كان يُصلي في البيت -مريض أو امرأة في البيت، أو مسافر في البر- ينتظرها في المصلَّى.

س: ...............؟

ج: للقادر، المريض في بيته، المريض أو المرأة ما يُسمَّى: مُنتظرًا إلا إذا قصد محلّ الصلاة بعد صلاة العصر، يعني: في أي مسجدٍ، المقصود أن يذهب وينتظر الصَّلاة.

بَابُ الْهَيْئَةِ وَتَخَطِّي الرِّقَابِ وَاسْتِقْبَالِ الْإِمَامِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ

17- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَا عَلَى أَحَدِكُمْ لَوِ اتَّخَذَ ثَوْبَيْنِ لِجُمُعَتِهِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ.

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ لَا يَرُوحُ إِلَى الْجُمُعَةِ إِلَّا ادَّهَنَ وَتَطَيَّبَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَرَامًا.

18- حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ أَبِي بَكْرِ ابْنِ حَزْمٍ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "لَأَنْ يُصَلِّيَ أَحَدُكُمْ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَقْعُدَ، حَتَّى إِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ جَاءَ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ".

قَالَ مَالِكٌ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنْ يَسْتَقْبِلَ النَّاسُ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَهَا.

الشيخ: أيش قال الشَّارح على قول مالك: السنة عندنا؟

الطالب: (قَالَ مَالِكٌ: السُّنَّةُ عِنْدَنَا أَنْ يَسْتَقْبِلَ النَّاسُ الْإِمَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْطُبَ، مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَهَا) لِيَتَفَرَّغُوا لِسَمَاعِ مَوْعِظَتِهِ، وَيَتَدَبَّرُوا كَلَامَهُ، وَلَا يَشْتَغِلُوا بِغَيْرِهِ؛ لِيَكُونَ أَدْعَى إِلَى انْتِفَاعِهِمْ؛ لِيَعْمَلُوا بِمَا عَلِمُوا.

قَالَ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ: لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ، وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ حَدِيثًا مُسْنَدًا، إِلَّا أَنَّ الشَّعْبِيَّ قَالَ: مِنَ السُّنَّةِ أَنْ يُسْتَقْبَلَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ.

وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا خَطَبَ اسْتَقْبَلَهُ أَصْحَابُهُ بِوُجُوهِهِمْ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَخْلُو مِنْ سُبْحَتِهِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ، فَإِذَا خَرَجَ لَمْ يَقْعُدِ الْإِمَامُ حَتَّى يَسْتَقْبِلَهُ.

وَرَوَى نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَخَذَ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اسْتَقْبَلَهُ بِوَجْهِهِ حَتَّى يَخْلُوَ مِنَ الْخُطْبَةِ.

قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ.

وَحَكَى غَيْرُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ وَالْحَسَنِ شَيْئًا مُحْتَمَلًا، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِيهِ شَيْءٌ. يَعْنِي: صَرِيحًا.

وَقَدِ اسْتَنْبَطَ الْبُخَارِيُّ مِمَّا رَوَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَلَسَ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ" أَنَّ جُلُوسَهُمْ حَوْلَهُ لِسَمَاعِ كَلَامِهِ يَقْتَضِي نَظَرَهُمْ إِلَيْهِ غَالِبًا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِي الْخُطْبَةِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَتَحَدَّثُ وَهُوَ جَالِسٌ عَلَى مَكَانٍ عَالٍ، وَهُمْ جُلُوسٌ أَسْفَلَ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ حَالَ الْخُطْبَةِ كَانَ حَالُهَا أَوْلَى؛ لِوُرُودِ الْأَمْرِ بِالِاسْتِمَاعِ لَهَا، وَالْإِنْصَاتِ عِنْدَهَا.

الشيخ: المقصود أنه يكون مُستقبل القبلة، وجوههم إلى القبلة؛ حتى يُصغوا، لا يذهبون هاهنا أو هاهنا، تكون الصُّفوف كلها مُستقبلةً القبلة؛ حتى يُنصتوا للخُطبة ويستمعوا لها.

س: الذي يستند إلى جدارٍ فيكون وجهُه شمالًا أو جنوبًا؟

ج: خلاف السنة؛ لأنَّ هذا أهم: التَّأثر والاستماع والإنصات والرَّغبة فيما يقوله الخطيبُ لا يكون هكذا ولا هكذا.

س: .............؟

ج: كلهم إلى القبلة، وهم على صفوفهم، كان النبيُّ يخطب وهم على صفوفهم، مثلما قال أبو سعيدٍ في "الصحيحين"، لكن وجوههم إلى القبلة، ما هي إلى الشَّمال والجنوب.

بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَالِاحْتِبَاءِ، وَمَنْ تَرَكَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ

19- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ سَأَلَ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ: مَاذَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى إِثْرِ سُورَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: كَانَ يَقْرَأُ: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية].

20- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ. قَالَ مَالِكٌ: لَا أَدْرِي أَعَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَمْ لَا؟ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا عِلَّةٍ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ".

21- وَقال: حَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ: أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَطَبَ خُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَجَلَسَ بَيْنَهُمَا.

 

الشيخ: السنة أن يقرأ. الغالب على "الموطأ" -رحم الله صاحبه- رواية المقاطيع، وعدم الأسانيد الثابتة: مرسلات، ومقطوعات، رحمه الله ما عنده عناية بالمرفوع، يروي المرسلات والمقطوعات والمتَّصلات، مقصوده حفظ الآثار، وذكر الآثار المروية عن السَّلف.

والثابت عنه ﷺ أنه كان يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين، وربما قرأ بسبح والغاشية، وربما قرأ بالجمعة والغاشية جميعًا.

ثلاث صفات: سبح والغاشية، والجمعة والمنافقين، والجمعة والغاشية.

وإن قرأ بغيرها فلا بأس، لكن هذا هو الأفضل؛ اقتداءً بالنبي ﷺ، وربما اجتمع العيدُ والجمعة فقرأ بهما في العيد والجمعة: سبح والغاشية في الجمعة، وسبح والغاشية في العيد، كما قال النُّعمان. كلها رواها مسلم في "الصحيح".

س: ...............؟

ج: ما ذكر شيئًا، لكن الاحتباء يُروى فيه حديث ضعيف في كراهته يوم الجمعة؛ لأنه يجلب النوم، يأتي بالنوم، فتركه أولى، والحديث فيه ضعيف، لكن تركه أولى؛ لأنه قد يأتي بالنوم، قد يأتي بالكسل عند الخُطبة، ينصب فخذيه وساقيه ويقعد على مقعدته.

س: ...............؟

ج: ما هو بلازمٍ.

6- كِتَابُ الصَّلَاةِ فِي رَمَضَانَ

بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الصَّلَاةِ فِي رَمَضَانَ

1- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَائِشَةَ -زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى اللَّيْلَةَ الْقَابِلَةَ، فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ، وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ، وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.

2- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُولُ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ.

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.

 

بَابُ مَا جَاءَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ

3- حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ الْقَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَإِذَا النَّاسُ أَوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ: يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ، وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ الرَّهْطُ. فَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَانِي لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلَاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ أَمْثَلَ. فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.

قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أُخْرَى، وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ قَارِئِهِمْ، فَقَالَ عُمَرُ: نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي تَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ مِن الَّتِي تَقُومُونَ. يَعْنِي: آخِرَ اللَّيْلِ. وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أَوَّلَهُ.

 

الشيخ: لأنه أرفقُ بهم، أول الليل أرفقُ بهم، والنبي قام بهم ثلاث ليالٍ، ثم ترك وقال: إني خشيتُ أن تُفرض عليكم، وقال ﷺ: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، فصلاة التَّراويح سنة وقُربة، ولكن تركها النبيُّ خوف الفريضة، فلما تُوفي النبيُّ ﷺ وصار الأمرُ إلى عمر رأى جمعَهم، بدلًا من أن يكونوا أوزاعًا: ثلاثة يُصلون جميعًا، وخمسة يُصلون جميعًا، جمعهم على إمامٍ واحدٍ، كما فعل النبيُّ في حياته ﷺ؛ لأن الفريضة أُمِنَتْ؛ لما تُوفي النبيُّ انقطع الوحيُ وأُمِنَت الفريضة، فجمعهم.

واستمرَّ المسلمون على هذا: يُصلون التَّراويح جماعةً في أول الليل؛ لأنَّ الرسول رغَّب في قيام الليل في رمضان وقال: مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه؛ فلهذا فعله السَّلف، واستمروا على هذا من عهد عمر إلى يومنا هذا، "ونعمت البدعة" يعني: من جهة اللغة، وإلا فهي سنة وقُربة، يعني: أنه فعلها على غير مثالٍ سابقٍ، البدعة: الشيء يُفعل على غير مثالٍ سابقٍ.

المقصود أنه جمعهم على إمامٍ واحدٍ، وكانوا ليسوا كذلك فيما مضى، سمَّاها "بدعةً" يعني: من هذه الحيثية، من حيث اللغة، لا من حيث الشرع، فهي سنة وقُربة.

س: ...............؟

ج: لعله لأجل أشغاله، مشغول بالولاية، فيُصلي في بيته، أقول: لعله لأجل هذا، والله أعلم.

س: ...............؟

ج: لعله ما كان يُصلي معهم، أو بعض الأحيان ما يُصلي معهم لمشاغل الخلافة رحمه الله ورضي عنه.

س: ...............؟

ج: الضَّعيفة لا بأس إذا كان ذكرها بغير جزمٍ، يقول: يُروى عن رسول الله. يُروى، يُذكر. أما الموضوعة ما يجوز لأحدٍ أن يذكرها، العامَّة ..... يحرم عليهم؛ لأنهم ما يفهمون، يُبين لهم أنَّ هذه موضوعة، كذب، إذا ذكروها يُنكر عليهم ويُعلموا، والأحاديث الصَّحيحة كافية، حتى الضَّعيفة تركها أولى، الصحيحة تكفي والحمد لله.

س: ...............؟

ج: يعني في آخر اللَّيل.

س: ...............؟

ج: يُصلي معهم أحسن، ويقوم آخر الليل، يُصلي معهم إظهارًا للسنة هذه، ويُصلي في آخر الليل ما تيسر بدون وترٍ، يكفي الوتر الأول.

س: ..............؟

ج: نعم، نعم، كان يقنت أُبي.

س: ..............؟

ج: هذا يُروى عن أُبي أنه كان قنت .....، ويُروى أنه كان يقنت في النِّصف الأخير، والأفضل في الجميع.

س: ..............؟

ج: أفضل، وإذا تركه بعض الأحيان لا بأس؛ ليعلم الناسُ أنه ما هو بلازمٍ.

س: ..............؟

ج: كل ليلةٍ، يُروى عن أُبي أنه ربما ترك القنوتَ في النصف الأول، وقنت في النصف الأخير، ولكن تعليم النبي ﷺ للحسن وأمره بالقنوت يدل على العموم، في جميع اللَّيالي.

س: ..............؟

ج: في غير رمضان، نعم، في جميع اللَّيالي.

س: ما حكم مَن قال: أنا ما كذبتُ عن النبي، ولكن كذبتُ له؟

ج: كل هذا كذب، هذا كذب، هو كاذب.

س: هل هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة؟

ج: ما هو بصحيحٍ، لا: كل بدعةٍ ضلالة يقول النبيُّ ﷺ.

4- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِيَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، قَالَ: وَقَدْ كَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالْمِئِينَ، حَتَّى كُنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَمَا كُنَّا نَنْصَرِفُ إِلَّا فِي فُرُوعِ الْفَجْرِ.

الشيخ: يمكن هذا في بعض الأحيان، في بعض الأحيان يتأخَّرون، وإلا فالمعروف عنهم أنه كان يُخفف بهم، ولا يُطول عليهم، لكن لعلَّ هذا في بعض الأحيان، في بعض الليالي، وبعضها كانوا يُصلون ثلاثًا وعشرين .....، وفي بعضها أوتروا بثلاثٍ وعشرين، وفي بعضها بإحدى عشرة.

س: ..............؟

ج: الأفضل التَّخفيف حتى يجمع الناس.

س: المبتدعة يستدلون بقول عمر: "نعمت البدعة هذه"؟

ج: يُبين لهم الصَّواب.

5- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ رَكْعَةً.

6- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ: أَنَّهُ سَمِعَ الْأَعْرَجَ يَقُولُ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يَلْعَنُونَ الْكَفَرَةَ فِي رَمَضَانَ. قَالَ: وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، فَإِذَا قَامَ بِهَا فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً رَأَى النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ خَفَّفَ.

 

الشيخ: لأجل الرَّغبة؛ لشدة الرغبة.

س: ..............؟

ج: القنوت يعني.

س: ..............؟

ج: "لعن الله اليهود والنصارى"، "قاتل الله اليهود"، مثلما كان النبيُّ يفعل ﷺ.

س: لعن المعين؟

ج: ما ينبغي، لا، "قاتل الله اليهود والنصارى"، "لعن الله المشركين"، "لعن الله اليهود والنصارى"، لا يلعن المعيّن.

س: .............؟

ج: الأولى التَّعميم، مثلما كان النبيُّ يفعل ﷺ، لكن إذا وُجد إنسانٌ معروف بالشَّر على المسلمين ولُعن ما يضرّ إن شاء الله، لكن المشهور والأغلب يكون للعموم، وقد وقع للنبي تعيين بعض الكفرة ولعنهم مثل: أبي جهل، ومثل: عتبة بن ربيعة، وغيرهم؛ لشدة عداوتهم، وشدة كُفرهم.

7- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي.

الشيخ: يعني: أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، تابعي، نعم.

يَقُولُ: كُنَّا نَنْصَرِفُ فِي رَمَضَانَ، فَنَسْتَعْجِلُ الْخَدَمَ بِالطَّعَامِ مَخَافَةَ الْفَجْرِ.

 

الشيخ: يمكن هذا في العشر الأخيرة.

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ ذَكْوَانَ أَبَا عَمْرٍو -وَكَانَ عَبْدًا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ فَأَعْتَقَتْهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهَا- كَانَ يَقُومُ يَقْرَأُ لَهَا فِي رَمَضَانَ.

 

الشيخ: وكان يقرأ من المصحف كما في رواية البخاري رحمه الله مُعلَّقًا، كان يقرأ ويُصلي بها من المصحف.

س: ..............؟

ج: هذا وهذا، كله، فعلوا هذا تارةً، وهذا تارةً، إحدى عشرة، وثلاث وعشرين.

س: ..............؟

ج: الأمر واسع، ما في شيء، ما فيها محدد، الأمر واسع في هذا، يصلون عشرًا، أو يُصلون إحدى عشرة، أو ثلاث وعشرين، أو يُصلون ستة وثلاثين، على ما يسَّر الله لهم.

س: ..............؟

ج: ما يضرّ، إذا صلوا في أولها خفيفًا، وفي آخر الليل طوَّلوا قليلًا –يعني- حتى يُنشِّطوا النَّاس.

س: ..............؟

ج: الأمر واسع، يا ولدي، الأمر واسع، هذه الصَّلاة ..... ما فيها تكلُّف.

س: ..............؟

ج: اصطلاح اعتاده الناس، ما فيه شيء، يُسموها "تراويح"، والسلف يُسموها "قيام" والحمد لله.

س: ..............؟

ج: ما في مانع، إذا اتَّفق مع ربعه آخر الليل ما في بأس، وإن قدَّموها فلا بأس، وإن صلوا بعضها في أول الليل، وبعضها في آخر الليل فلا بأس، الأمر واسع.

س: ..............؟

ج: هذا أفضل، كونه يُصلي مع الإمام حتى ينصرف أفضل؛ لقوله ﷺ: مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كتب اللهُ له قيامَ ليلته.

س: ..............؟

ج: في عهد النبي ﷺ أرادهم ..... لما طلبوا منه أن يُصلي بهم بعد الثلاث ليالٍ أمرهم أن يُصلوا في البيوت، وقال: إني أخشى أن تُفرض عليكم، ثم قال: أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، هذا من جهة النَّافلة في البيت أفضل، إلا ما شرع الله له الجماعة: كالكسوف، وصلاة الاستسقاء، هذه في جماعتهم، والتراويح كونها جماعةً في المساجد أفضل.

س: ...............؟

ج: في البيت أفضل.

س: ...............؟

ج: إذا كان ما هو معتادًا، صدفة، أما الاعتياد لا، ما له أصل، أما صدفة مثلما زار سلمانُ أبا الدَّرداء وصلوا جماعةً، ومثلما زار النبيُّ ﷺ أمَّ أنسٍ وصلوا جماعةً ضُحًى، وزار عتبان وصلّوا جماعةً، شيء ما هو مرتَّبًا، شيء صدفة لا بأس، أما المرتَّب لا، لا يصلح الترتيب، الترتيب بدعة.

س: .............؟

ج: الأمر واسع، نافلة، ما هي بواجب، صلوا أو ما صلوا، مَن شاء صلَّى، ومَن شاء ترك، ما هي بفريضة، نافلة، وإن صلَّى مع الإمام إحدى عشرة وانصرف فلا بأس، وإن صلَّى ثنتين فلا بأس، وإن صلَّى عشرًا فلا بأس، وإن ما صلَّى فلا بأس، ما حرم إلا نفسه، هذا فضل ونافلة، إذا صلَّى مع الإمام فهو خير، وإن راح البيت فلا بأس الحمد لله، كل هذا واسع، التَّهجد بالليل نافلة، الفريضة خمس: الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، هذه الفرائض، أما التراويح و..... في رمضان كلها نافلة، مَن فعلها فله الأجر، ومَن ترك فلا حرج.

س: ..............؟

ج: لا، هذا غلط، كونه يقف مع الإمام حتى ينصرف أفضل له، يُصلي مع الإمام حتى ينصرف أفضل له، ولو صلَّى ثلاثًا وعشرين، وإن صلَّى الإمامُ إحدى عشرة لا بأس، وإن صلَّى ثلاث عشرة فلا بأس، إحدى عشرة أفضل، ولكن لو صلَّى ثلاثًا وعشرين لا بأس، مثلما فعلوا في عهد عمر، والنبي عليه السلام قال: صلاة الليل مثنى مثنى، ولم يُحدد عددًا، لو صلَّى مئةً ما حدد: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح صلَّى ركعةً واحدةً، لو صلَّى مئةً ثم أوتر بواحدةٍ ما في بأس، الحمد لله.

س: ..............؟

ج: لا حرج، لا بأس.

س: ..............؟

ج: كمل مع الإمام وزاد ركعةً لأجل أن يُوتر في آخر الليل لا بأس، وإن صلَّى مع الإمام وصلَّى في آخر الليل بدون وترٍ أفضل، أولى من كونه يقوم ويُصلي يُشهر نفسه عند الناس أنه يُصلي آخر الليل، كونه يُسلم مع الإمام ويُصلي آخر الليل بدون وترٍ والحمد لله.

س: ..............؟

ج: الأمر سهل، الأحسن التَّخفيف، الأفضل التَّخفيف، أقول: الأفضل للإمام أن يُخفف القنوت، لا يُطول على الناس، ولا يُؤذيهم، الأفضل له أنه يُخفف القنوت، يكون قليلًا أنفع للناس، وأقرب للخشوع، وأقلّ تكلُّفًا.

الطالب: في الحديث السابق: "وإذا سكت المؤذنون"، أخرج مالك في "موطئه" عن ابن شهابٍ، عن ثعلبة ابن أبي مالك القرظي: أنه أخبره أنهم كانوا في زمن عمر بن الخطاب يُصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر، فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذَّن المؤذِّنون.

الشيخ: ما نعرف إلا أذانًا واحدًا في عهد النبي، وفي عهد عمر، هذا وهمٌ من بعض الرُّواة.

الطالب: أقول: وجَّهتم في درسٍ سابقٍ إلى أن ننقل ما ذكره ابن عبدالبر، أقرأه على فضيلتكم؟

الشيخ: نعم.

الطالب: قال ثعلبة: (جلسنا لنتحدث، فإذا سكت المؤذِّنون قام عمرُ يخطب أنصتنا، فلم يتكلم منا أحدٌ) هكذا وقع في هذا الأثر: و(أذَّن المؤذِّنون)، و(سكت المؤذِّنون) بلفظ الجمع، وفي نسخة محمد فؤاد عبدالباقي، وهي من رواية يحيى بن يحيى كذلك، وكذا في شرح البادي المسمى "المنتقى"، ولكنه لم يتعرض لها بشرحٍ، وكذا في "الاستذكار"، وأعاده في المجلد الخامس وقال: هكذا بلفظ الجماعة: (المؤذنون). ثم قال: ومعلومٌ عند العلماء أنه جائز أن يكون المؤذِّنون واحدًا وجماعة في كل صلاةٍ، إذا كان مُترادفًا لا يمنع من إقامة الصَّلاة في وقتها، أما في "الموطأ" برواية أبي مصعب الزهري المدني، أحمد ابن أبي بكر، فقد وقع بلفظ: "المؤذن"، وكذا في "الموطأ" برواية محمد بن الحسن، وأما في "التمهيد" فبلفظ: "المؤذن".

وكلام ابن عبدالبر في "الاستذكار": وَالَّذِي فِي "الْمُدَوَّنَةِ" مِنْ قول ابن الْقَاسِمِ رِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، قَالَ: "فَإِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ وَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي الْأَذَانِ حَرُمَ الْبَيْعُ"، فَذَكَرَ الْمُؤَذِّنِينَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ، ويشهد بهذا حديث ابن شِهَابٍ، عَنْ ثَعْلَبَةَ ابْنِ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيِّ: أَنَّهُمْ كَانُوا فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُصَلُّونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَخْرُجَ عُمَرُ، فَإِذَا خَرَجَ وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، (وَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ) هَكَذَا بِلَفْظِ الْجَمَاعَةِ.

وَمَعْلُومٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُونَ وَاحِدًا وَجَمَاعَةً فِي كُلِّ صَلَاةٍ، إِذَا كَانَ مُتَرَادِفًا لَا يَمْنَعُ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا.

وَأَمَّا حِكَايَةُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَقَالَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حِينَ يَجْلِسُ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا قَعَدَ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْأَذَانِ، فَإِذَا فَرَغَ قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ. فَذَكَرَ "المؤذِّن" بلفظ الواحد على نحو رواية ابن عَبْدِالْحَكَمِ.

الطالب: وفي "فتح الباري" في باب "المؤذن الواحد يوم الجمعة": (قَوْلُهُ: بَابُ الْمُؤَذِّنِ الْوَاحِدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ) أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ، وَزَادَ فِيهِ: وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّبِيِّ ﷺ مُؤَذِّنٌ غَيْرُ وَاحِدٍ.

وَمِثْلُهُ لِلنَّسَائِيِّ وَأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بن كيسَان، وَلأبي دَاوُد وابن خُزَيْمَة من رِوَايَة ابن إِسْحَاقَ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَفِي مُرْسَلِ مَكْحُولٍ الْمُتَقَدِّمِ نَحْوُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي إِرَادَةِ نَفْيِ تَأْذِينِ اثْنَيْنِ مَعًا، وَالْمُرَادُ أَنَّ الَّذِي كَانَ يُؤَذِّنُ هُوَ الَّذِي كَانَ يُقِيمُ.

قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ: لَعَلَّ قَوْلَهُ: "مُؤَذِّنٌ" يُرِيدُ بِهِ التَّأْذِينَ، فَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ "الْمُؤَذِّنِ"؛ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ. انْتَهَى.

وَمَا أَدْرِي مَا الْحَامِلُ لَهُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ؟! فَإِنَّ الْمُؤَذِّنَ الرَّاتِبَ هُوَ بِلَالٌ، وَأَمَّا أَبُو مَحْذُورَةَ وَسَعْدٌ الْقَرَظُ فَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَسْجِدِهِ الَّذِي رتّب فِيهِ، وَأمَّا ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ فَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ كَانَ يُؤَذِّنُ إِلَّا فِي الصُّبْحِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْأَذَانِ، فَلَعَلَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ اسْتَشْعَرَ إِيرَادَ أَحَدِ هَؤُلَاءِ فَقَالَ مَا قَالَ.

وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: "مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ" أَيْ: فِي الْجُمُعَةِ، فَلَا تَرِدُ الصُّبْحَ مَثَلًا، وَعُرِفَ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مَا ذكر ابنُ حَبِيبٍ: أَنَّهُ ﷺ كَانَ إِذَا رَقِيَ الْمِنْبَرَ وَجَلَسَ أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ، وَكَانُوا ثَلَاثَةً: وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، فَإِذَا فَرَغَ الثَّالِثُ قَامَ فَخَطَبَ، فَإِنَّهُ دَعْوَى تَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ، وَلَمْ يَرِدْ ذَلِكَ صَرِيحًا مِنْ طَرِيقٍ مُتَّصِلَةٍ يثبتُ مِثْلهَا، ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ عَنِ الشَّافِعِي، وكذلك في "فتح الباري" في بَاب: "مَنْ قَالَ: لِيُؤَذِّنْ فِي السَّفَرِ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ"، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا رَوَاهُ عبدُالرَّزَّاق بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ: أَنَّ ابنَ عُمَرَ كَانَ يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ فِي السَّفَرِ أَذَانَيْنِ. وَهَذَا مَصِيرٌ مِنْهُ إِلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ.

وَظَاهِرُ حَدِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْأَذَانَ فِي السَّفَرِ لَا يَتَكَرَّرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الصُّبْحِ وَغَيرهَا، وَالتَّعْلِيل الْمَاضِي فِي حَدِيث ابن مَسْعُودٍ يُؤَيِّدُهُ.

وَعَلَى هَذَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: "مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فِي السَّفَرِ"؛ لِأَنَّ الْحَضَرَ أَيْضًا لَا يُؤَذِّنُ فِيهِ إِلَّا وَاحِدٌ، وَلَوِ احْتِيجَ إِلَى تَعَدُّدِهِمْ لِتَبَاعُدِ أَقْطَارِ الْبَلَدِ؛ أَذَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي جِهَةٍ، وَلَا يُؤَذِّنُونَ جَمِيعًا.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ التَّأْذِينَ جَمِيعًا بَنُو أُمَيَّةَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي "الْأُمِّ": وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ مُؤَذِّنٍ، وَلَا يُؤَذِّنُ جَمَاعَةٌ مَعًا، وَإِنْ كَانَ مَسْجِدٌ كَبِيرٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْهُ مُؤَذِّنٌ يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.

الطالب: وفي "تلخيص الحبير": حَدِيثُ أَنَّ عُثْمَانَ اتَّخَذَ أَرْبَعَةً مِنَ الْمُؤَذِّنِينَ، وَلَمْ تَزِد الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ عَلَى هَذَا الْعَدَدِ، هَذَا الْأَثَرُ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ أَصْحَابِنَا، مِنْهُمْ صَاحِبُ "الْمُهَذَّبِ"، وَبَيَّضَ لَهُ الْمُنْذِرِيُّ وَالنَّوَوِيُّ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ.

وَقَدْ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ فِي "الْمَعْرِفَةِ": أَنَّ الشَّافِعِيَّ احْتَجَّ فِي الْإِمْلَاءِ بِقِصَّةِ عُثْمَانَ فِي جَوَازِ أَكْثَرَ مِنْ مُؤَذِّنَيْنِ اثْنَيْنِ.

الشيخ: المقصود أنَّ الثابت أنه مُؤذِّن واحد، إذا دخل النبيُّ ﷺ أذَّن، ثم إذا فرغ خطب النبيُّ ﷺ، هذا الثابت في الأحاديث الصَّحيحة: مُؤذِّن واحد فقط، أما رواية "المؤذنين" ما لها أساس.

7- كِتَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ

بَابُ مَا جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ

1- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ رَجُلٍ عِنْدَهُ رِضًا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَائِشَةَ -زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ- أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ، يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ، إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاتِهِ، وَكَانَ نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً.

2- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ -زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ- أَنَّهَا قَالَتْ: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَرِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، فَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا. قَالَتْ: وَالْبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ.

3- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ -زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَذْهَبُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ.

 

الشيخ: وهذا يدل على فضل الله جلَّ وعلا وكرمه وجوده ورحمته بعباده، فإنَّ الإنسان قد يأخذه النوم، ويأخذه الوجع، فيكتب اللهُ له ما كان يعمل وهو صحيح مُقيم.

ومن هذا قوله ﷺ: إذا مرض العبدُ أو سافر كتب اللهُ له ما كان يعمل وهو صحيح مُقيم، هذا كانت له نيَّة، وإنما منعه السَّفر والمرض، نيّة العمل الصالح، وهكذا نيَّته أن يقوم الليل ويتهجد، لكن لم يقدر له ذلك، غلبه النوم لأسبابٍ اقتضت ذلك، فيكتب اللهُ له أجر قيامه، ويُصلي من النَّهار ما تيسر.

كان النبيُّ ﷺ إذا غلبه نومٌ أو مرضٌ ولم يقم من الليل صلَّى من النهار ما كان يُصلي في الليل عليه الصلاة والسلام، فيزيد ركعةً، يشفع بركعةٍ، كما قالت عائشةُ رضي الله عنها.

وفي "الصحيحين": أن النبي عليه الصلاة والسلام قال يوم تبوك: إنَّ في المدينة أقوامًا ما سرتُم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا وهم معكم، حبسهم العذر، وفي اللَّفظ الآخر: إلا شركوكم في الأجر.

وهكذا إذا نعس، قام يتهجد ونعس، يستريح حتى يزول عنه النوم، إذا شعرت بالنعاس الصَّلاة ما يحصل بها المطلوب، قد يستغفر ربَّه فيسبَّ نفسه، ما يعقل، فإذا كان عنده ضعفٌ فلينم وليسترح حتى ينشط.

وهكذا فائدة مدِّ المرأة رجليها أمام زوجها أنه لا بأس، وإن كان يُصلي، وأنه لا يضرّ الصلاة، ولا يُعتبر مرورًا، المرور هو الذي يضرّ، أما كونها مدَّت رجليها، أو صلَّى إليها وهي في السَّرير أو نائمة ما يكون هذا مرورًا، ولا حرجَ في ذلك.

س: ..............؟

ج: المرور هو تقطع من جانبٍ إلى جانبٍ، أما كونها مُنسدحة قدَّامه ما تقطع صلاته.

س: ..............؟

ج: إذا تعمَّد يُشرع له القضاء ضُحًى.

س: ..............؟

ج: لا، ما في وتر، يُصلي من النهار ..... إذا أذَّن المؤذنُ انتهى، مثلما قال النبيُّ ﷺ: لا صلاةَ بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر، وفي الحديث: أوتروا قبل أن تُصبحوا.

وفي الحديث الصحيح: فإذا خشي الصبحَ صلَّى ركعةً واحدةً تُوتر له ما قد صلَّى، فإذا طلع الفجرُ يجعل صلاته الضُّحى بعد ارتفاع الشَّمس.

س: ..............؟

ج: هذا سهل، كونه يأتي بالركعة ما يضرّ؛ لأنَّ الغالب ..... لا يضرّ إن شاء الله، ركعة الوتر لا يضرّ؛ لأنَّ الغالب أنه قد يكون عندهم ..... الصلاة، وقد يكون عندهم عناية بالفجر، إنما عُمدتهم على التَّقويمات، والغالب التَّقويم على حسب الظنِّ، ليس يقين الصبح، أما إذا تيقن الصبح الحمد لله.

س: ..............؟

ج: هذا الأفضل ..... كان يُصليها من النهار، لكن إذا صلَّاها في الظهر فلا حرجَ؛ لقول عائشة: "صلَّاه من النهار"، يشمل الضُّحى والظهر، لكن في حديث ابن عمر قال: مَن فاته حزبَه من الليل فقرأه قبل صلاة الظهر كان كمَن أدَّاه بالليل، هذا يُفيد أنه إذا كان في الضُّحى يكون أولى وأقرب إلى أنه أدرك الأجرَ كله.

س: ..............؟

ج: تقول عائشةُ رضي الله عنها: "صلَّاه من النهار"، وأطلقت، لكن خبر عمر الصَّحيح: مَن قرأ حزبه قبل الظهر كان كمَن قرأه بالليل. كونه يُبادر بها في الضُّحى أولى.

الطالب: حديث عائشة هل هو صحيح: أنَّ رسول الله ﷺ قال: ما من امرئٍ تكون له صلاة بالليل يغلب عليه النوم إلا كتب اللهُ له أجر صلاته، وكان نومُه عليه صدقة؟

الشيخ: هذا سنده فيه مُبهم، أيش قال عن المبهم؟ تكلم عليه الشَّارح؟

الطالب: نعم، قال: عن رجلٍ عنده رضًا. قال ابنُ عبدالبر: قِيلَ: إِنَّهُ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ.

الشيخ: أبي جعفر الرَّازي.

الطالب: من طريق أبي جعفر الرازي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَائِشَةَ، بِهِ.

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ عَائِشَةَ بِلَا وَاسِطَةٍ.

وَجَزَمَ الْحَافِظُ بِأَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبِي مُوسَى وَنَحْوِهِمَا مُرْسَلَة.

قَالَ الْحَافِظُ الْعِرَاقِيُّ: وَقَدْ جَاءَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ بِنَحْوِ حَدِيثِ عَائِشَةَ، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالْبَزَّارُ بِإِسْنَادِ الصَّحِيحِ.

الشيخ: هذا هو الصواب، إن كان مُبهمًا، أبو جعفر الرازي يُضعف في الحديث، لكن هذه الشَّواهد تدل على صحَّته، من حيث الشَّواهد يكون حسنًا لغيره، ويشهد له ما تقدم من قوله ﷺ: إذا مرض العبدُ أو سافر كتب اللهُ له ما كان يعمل وهو صحيحٌ مُقيمٌ، يعني: إذا كانت له نيَّة.

وفي قوله في الذين تخلَّفوا عن تبوك: إنَّ في المدينة أقوامًا ما سرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا وهم معكم؛ حبسهم العذر، فإذا كان له عذرٌ كان كمَن صلَّى، كان له أجرُ العمل وإن لم يفعله، وهذا من فضل الله جلَّ وعلا ورحمته وإحسانه، ولكن إذا فعله -مثلًا فاته في الليل وصلَّى في النهار- هذا استدراك للخير، ومُسارعة إلى الخير.

س: ..............؟

ج: الظاهر سنة فات محلها؛ لأنَّ العصر ما هو محل قضاء النَّوافل.

س: ..............؟

ج: الفجر فقط، المعروف الفجر فقط، والبقية .....

س: ..............؟

ج: ما ورد، ما نعرف.

س: ..............؟

ج: يحتاج إلى دليلٍ، الذي نعرف أنَّ قضاء النبي الفجر مع راتبتها، وكان يُصليها حتى في السَّفر عليه الصلاة والسلام؛ لأنها مُتأكدة.

س: ..............؟

ج: الوتر يقضيها مشفوعة، إذا كانت إحدى عشرة يُصلي اثنتي عشرة، وإن كانت عادته سبعًا يُصليها ثمانٍ، يزيد ركعةً.

س: ..............؟

ج: هذا النبي ﷺ نهى الناس أن يفعلوه، لما سألته أمُّ سلمة قال: لا، هذا خاصٌّ به ﷺ، لما قضى سُنَّة الظهر بعد العصر هذا خاصٌّ به.

س: ..............؟

ج: لا، هذا في الفجر.

س: ..............؟

ج: هذا في الفرائض، أما النَّوافل فمحل نظرٍ، إن ثبت عنه ﷺ أنه قضاها وإلا فالأصل عدم القضاء؛ تخفيفًا من الله، ورحمةً من الله، أما الفجر فثابتة فيها .....

............

الشيخ: محل نظرٍ، التفصيل محل نظرٍ، يحتاج إلى تأمُّلٍ؛ لأنَّ القضاء قد يكون فيه مشقّة، ولكن المعروف في الأحاديث الصَّحيحة ما فيها قضاء في النَّوافل إلا ما ثبت به النص، النبي ﷺ لما صامت جويرية في يوم الجمعة قال: صمت أمس؟ قالت: لا. قال: تصومين غدًا؟ قالت: لا. قال: أفطري، ولم يأمرها بقضاء هذا اليوم، على كل حالٍ المقام يحتاج إلى مزيد عنايةٍ وتتبع الرِّوايات في الأحاديث الصَّحيحة.

4- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ أَبِي حَكِيمٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سَمِعَ امْرَأَةً مِنَ اللَّيْلِ تُصَلِّي، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْحَوْلَاءُ بِنْتُ تُوَيْتٍ، لَا تَنَامُ اللَّيْلَ. فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى عُرِفَتِ الْكَرَاهِيَةُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، اكْلفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا لَكُمْ بِهِ طَاقَةٌ.

5- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ أَيْقَظَ أَهْلَهُ لِلصَّلَاةِ، يَقُولُ لَهُمُ: "الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ"، ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132].

6- وَحَدَّثَنِي مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ: يُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا.

7- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى، يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ. قَالَ مَالِكٌ: وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا.

الشيخ: وهذا ثابتٌ في "الصحيحين": صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبحَ صلَّى ركعةً واحدةً تُوتر له ما قد صلَّى.

س: ..............؟

ج: بلى، كان يُصليها وهو جالس، لكن لعلها خاصَّة به؛ لأنه ﷺ قال في "الصحيحين": اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا، لكن إذا صلَّى بعد الوتر، مثلًا: أوتر في أول الليل، ثم قام آخر الليل يُصلي ما تيسر من الشَّفع ويكفيه الوتر: لا وتران في ليلةٍ.

س: .............؟

ج: نعم، صلاة الليل والنهار، رواه الخمسة بإسنادٍ صحيحٍ عن ابن عمر عند الخمسة، أهل السنن والمسند.

س: .............؟

ج: التَّهجد بالليل.

س: معنى قوله: لا يملّ حتى تملوا؟

ج: على الوجه اللائق بالله، شيء يليق بالله، لا يُشابه العباد.

س: .............؟

ج: لا، السنة مثلما قالت عائشةُ: كان النبي إذا فاته ورده من الليل صلَّى من النهار ثنتي عشرة ركعة. يشفعها بواحدةٍ، النهار ما فيه وتر، يزيد فيها واحدةً، يُصلي أربعًا، إن كانت عادته ثلاثًا يُصلي أربعًا بتسليمتين.