1- كِتَابُ وُقُوتِ الصَّلَاةِ
بَابُ وُقُوتِ الصَّلَاةِ
1- قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بَنُ يَحْيَى اللَّيْثِيّ، عَنِ مالِكِ بَنِ أَنَسٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِالْعَزِيزِ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، فَأَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا وَهُوَ بِالْكُوفَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ فَقَالَ: مَا هَذَا يَا مُغِيرَةُ؟! أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ فَصَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ صَلَّى، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ قَالَ: بِهَذَا أُمِرْتُ؟ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِالْعَزِيزِ: أَعْلَمْ مَا تُحَدِّثُ بِهِ يَا عُرْوَةُ، أَوَإِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الَّذِي أَقَامَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَقْتَ الصَّلَاةِ؟ قَالَ عُرْوَةُ: كَذَلِكَ كَانَ بَشِيرُ ابْنُ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ.
2- قَالَ عُرْوَةُ: وَلَقَدْ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ -زَوْجُ النَّبِيِّ ﷺ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ فِي حُجْرَتِهَا قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ.
الشيخ: والمعنى أنه ﷺ وقَّت له جبرائيلُ الصَّلوات الخمس، وهذا مبسوطٌ في روايات كثيرةٍ: صلى بهم في أول الوقت، وصلَّى بهم في آخر الوقت، الأوقات الخمسة، ثم قال: الصلاة بين هذين الوقتين، وكان النبيُّ ﷺ بعد ذلك في المدينة يُبين للناس هذا التَّوقيت، لما سُئل عن ذلك صلَّى بهم في أول الوقت يومًا، ثم اليوم الثاني صلَّى بهم في آخر الوقت، ثم قال: الصلاة بين هذين الوقتين.
وكان ﷺ يُصلي الظهر إذا زالت الشمس، والعصر والشمس نقية واضحة غير مُختبئةٍ، والمغرب إذا غابت الشمسُ، والعشاء إذا غاب الشَّفقُ، والفجر إذا طلع الفجر.
وكان ﷺ يُؤخر بعض الشيء حتى يتلاحق الناسُ؛ ليتوضأ مَن يتوضأ، ومَن يكون في شغلٍ، لا يعجل عليه الصلاة والسلام إلا في العشاء: إذا تأخَّروا أخَّرها عليه الصلاة والسلام، وإلا في شدة الحرِّ، كما كان يُؤخر عليه الصلاة والسلام حتى ينكسر الحرُّ؛ ولهذا قالت عائشة: كان يُصلي العصر والشمس في حجرتها لم تخرج، دلَّ على أنه يُبَكِّر بها؛ لأنَّ الشمس إذا نزلت من جهة المغرب خرجت من الحجرة، فلما كانت مرتفعةً بقيت في الحجرة من بابها، فدلَّ على أنه يُصليها والشمس مُرتفعة.
3- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، قَالَ: فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى إِذَا كَانَ مِنَ الْغَدِ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ طَلَعَ الْفَجْرُ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ مِنَ الْغَدِ بَعْدَ أَنْ أَسْفَرَ، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ؟ قَالَ: هَأَنَاذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ.
4- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَات بِمُرُوطِهِنَّ، مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ.
5- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ. وَعَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ. وَعَنِ الْأَعْرَجِ: كُلُّهُمْ يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ.
الشيخ: وهذا يُبين أنَّ العصر يمتد إلى غروب الشمس، وأنَّ وقت الصبح يمتد إلى طلوع الشمس، لكن السنة التَّبكير: أن يُصلي الفجر بغلسٍ، وهو اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل، لا يُبَكِّر بها الغلس كله، ولكن بين بين؛ ولهذا في حديث أبي برزة: كانوا ينصرفون من الصلاة حين يعرف الرجلُ جليسَه من الصبح. وهكذا العصر: يُصلي والشمس مُرتفعة.
وثبت من حديث عبدالله بن عمرو: أنَّ العصر ينتهي وقتها الاختياري إلى أن تصفرَّ الشمسُ، ثم يبقى وقتها الضَّروري إلى غروب الشمس، فمَن أدرك ركعةً من العصر قبل الغروب فقد أدرك الوقت.
وهكذا في الصبح: قبل طلوع الشمس قد أدرك الوقت، لكن ليس له التأخير، لا يجوز له أن يتعمد، بل يجب عليه أن يُصلي في الوقت قبل طلوع الشمس، وقبل غروب الشمس، يجب أن يُبادر بالعصر قبل أن تصفرَّ، ويجب أن يُبادر بالصبح قبل أن يكون خطرُ طلوع الشمس.
والسنة أن يُبَكِّر في العصر حين ارتفاع الشمس في السماء، تكون مرتفعةً، وفي الصبح حين يتَّضح الصبحُ، لكن قبل زوال الغلس، الصبح واضح، مع وجود بعض الغلس.
س: لو صلَّى وقت الاصفرار؟
ج: وقعت في محلِّها، لكن يأثم، وإلا فهي صحيحة، لكن يأثم للتَّأخير.
س: ...............؟
ج: يعني أدركها في الوقت؛ جمعًا بين النصوص، ليس له أن يُؤخِّر، لكن إذا أدرك الركعة فقد أدرك الوقت، ما صلَّاها خارج الوقت؛ لحديث أنه وقَّت العصر إلى أن تصفرَّ الشمس، يدل على أنه لا يجوز تأخيرها، لكن لو أخَّر أثم، وهي في الوقت.
الشيخ: نافع لم يُدرك عمر، لكن هذا مما اشتهر، نافع ..... لم يُدرك عمر، ولكن هذا مما اشتهر؛ ولهذا نقله ..... وجزم به: أنَّ عمر كتب إلى عُمَّاله -إلى أُمرائه وأرضاه- يقول لهم: "إنَّ أهمَّ أمركم عندي الصلاة، فمَن حفظها حفظ دينَه، ومَن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع".
وهذا يُفيد أنَّ الواجب على أمراء المسلمين وعلى أعيان المسلمين وعلى عُلمائهم: أن يُعنوا بهذا الأمر؛ حتى يهتمَّ المسلمون بذلك، وحتى يُؤدُّوها في الوقت، وحتى يحذروا التَّكاسل عنها والتَّثاقل، فمَن حفظها وحافظ عليها -استقام عليها- حفظ دينَه، هي عمود الإسلام، ومَن أضاعها أضاع دينَه.
وفي حديث عبدالله بن عمرو فيما رواه أحمد في "المسند" بإسنادٍ جيدٍ: أن النبي ﷺ ذكر الصلاة يومًا بين الصحابة فقال: مَن حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومَن لم يُحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأُبي بن خلف.
قال الذَّهبي رحمه الله وجماعة: إنما يُحشر مع هؤلاء مَن ضيَّع الصلاة؛ لأنَّ مَن ضيَّعها من أجل الرِّياسة شابه فرعون ويحشر معه يوم القيامة إلى النار، وإن ضيَّعها من أجل الوزارة –الوظيفة- شابه هامان وزير فرعون، ويُحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن أضاعها من أجل المال والشَّهوات شابه قارون الذي خسف اللهُ به وبداره الأرض لما صدَّه ماله وشغله ماله عن اتِّباع الحقِّ، يُحشر معهم يوم القيامة إلى النار، وإن أضاعها من أجل التِّجارة والمعاملات والبيع والشراء شابه أُبي بن خلف تاجر أهل مكة، الذي قُتِلَ يوم أحدٍ، قتله النبيُّ ﷺ بيده، فيكون قد شابهه، ويُحشر معه إلى النار يوم القيامة بسبب اشتغاله عن الصلاة في التِّجارة والمعاملة.
أيش قال الشارحُ على: روى نافع؟
الطالب: ما تكلم.
س: صحة حديث: حُشر مع هامان؟
ج: صحيح، لا بأس، سنده جيد عند أحمد رحمه الله.
س: ................؟
ج: لا، سنده جيد، راجعتُه قديمًا ..... راجعتُه قديمًا: أنَّ سنده لا بأس به، ونافع لم يسمع من عمر، لكن ذكره نافع، مثل هذا يشتهر، يقول نافع: كان عمر. فقط، ما ذكر عبدالله.
7- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى: أَنْ صَلِّ الظُّهْرَ إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَهَا صُفْرَةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَأَخِّرِ الْعِشَاءَ مَا لَمْ تَنَمْ، وَصَلِّ الصُّبْحَ وَالنُّجُومُ بَادِيَةٌ مُشْتَبِكَةٌ، وَاقْرَأْ فِيهَا بِسُورَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ مِنَ الْمُفَصَّلِ.
8- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: أَنْ صَلِّ الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ بَيْضَاءُ نَقِيَّةٌ، قَدْرَ مَا يَسِيرُ الرَّاكِبُ ثَلَاثَةَ فَرَاسِخَ، وَأَنْ صَلِّ الْعِشَاءَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، فَإِنْ أَخَّرْتَ فَإِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ.
9- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ -زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ- أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ وَقْتِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَا أُخْبِرُكَ: صَلِّ الظُّهْرَ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَكَ، وَالْعَصْرَ إِذَا كَانَ ظِلُّكَ مِثْلَيْكَ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَالْعِشَاءَ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَصَلِّ الصُّبْحَ بِغَبَشٍ. يَعْنِي: الْغَلَسَ.
10- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّيَ الْعَصْرَ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْإِنْسَانُ إِلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ فَيَجِدُهُمْ يُصَلُّونَ الْعَصْرَ.
11- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَذْهَبُ الذَّاهِبُ إِلَى قُبَاءٍ، فَيَأْتِيهِمْ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.
12- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَدْرَكْتُ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ بِعَشِيٍّ.
بَابُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ
13- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي سُهَيلِ ابْنِ مَالكٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: كُنتُ أَرَى طِنْفَسَةً لِعَقِيلِ بنِ أَبِي طَالِبٍ يومَ الْجُمُعَةِ تُطْرَحُ إِلى جِدَارِ الْمَسْجِدِ الْغَرْبِيِّ، فَإِذَا غَشِيَ الطِّنْفِسَةَ كُلَّهَا ظِلُّ الْجِدَارِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ.
قَالَ مَالِكٌ وَالِدُ أَبِي سُهَيلٍ: ثُمَّ نَرْجِعُ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَنَقِيلُ قَائِلَةَ الضُّحَى.
14- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عنِ ابْنِ أَبِي سَلِيطٍ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ صَلَّى الْجُمُعَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَصَلَّى الْعَصْرَ بِمَلَلٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ لِلتَّهْجِيرِ وَسُرْعَةِ السَّيْرِ.
بَابُ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ
15- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ.
16- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ كَانَ يَقُولُ: "إِذَا فَاتَتْكَ الرَّكْعَةُ فَقَدْ فَاتَتْكَ السَّجْدَةُ".
17- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَزَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ كَانَا يَقُولَانِ: "مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ السَّجْدَةَ".
18- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُولُ: "مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ السَّجْدَةَ، وَمَنْ فَاتَهُ قِرَاءَةُ أُمِّ الْقُرْآنِ فَقَدْ فَاتَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ".
الشيخ: والأحاديث الصَّحيحة كلها دالة على أنَّ الصلاة تُدرك بالركعة، فإذا جاء وقد صلَّى الإمامُ ركعةً يوم الجمعة فقد أدرك الصلاةَ، يُصلي ركعةً ثانيةً يقضيها، وتُحسب له جماعة، أما إذا جاء وقد ركع الإمامُ فإنه لا يُصلِّي جمعةً، يُصلي ظهرًا؛ لأنها فاتت الجمعة؛ إنما تُدرك الصلاةُ بركعةٍ واحدةٍ، والجمعة تُصلَّى بعد زوال الشمس، هكذا جاءت الأحاديث الصَّحيحة: الصلاة بعد زوال الشمس.
وذهب بعضُ أهل العلم إلى جوازها قبل الزوال؛ لأحاديث جاء فيها بعض الإطلاق، مثل حديث: "ما كنا نقيل ولا نتغدَّى إلا بعد الجمعة"، وما في معنى ذلك.
ولكن ليس بصريحٍ، الأحاديث الصَّريحة كلها دالة على أنه كان يُصليها بعد الزوال: كحديث سلمة بن الأكوع وغيره، كان إذا زالت الشمسُ صلَّاها عليه الصلاة والسلام كالظهر سواء، وقتها وقت الظهر، والصواب أنها لا تُصلَّى إلا بعد الزَّوال، لكن مَن صلَّاها قبل الزوال للخلاف المشهور في هذا صحَّت صلاته إن كان في الساعة السادسة قرب الزوال، ولكن الأحوط للمؤمن أن يبتعد عن ذلك؛ فإنَّ الجمهور على أنها لا تصحّ إلا بعد الزوال.
وذهب أحمدُ في مُفردات مذهبه إلى أنها تجوز قبل الزوال، ولكنه قول مرجوح، والأحوط للمؤمن ألا يُصليها أبدًا إلا بعد الزَّوال، لكن لو صلَّاها مَن اجتهد وأخذ بالقول الآخر صحَّت صلاته؛ لأجل شُبهة مَن تعلَّق ببعض الأحاديث التي جاءت في هذا، وما يُروى عن الصديق وعن عمر أنهما صلَّياها قبل الزوال، لكن المؤمن يحتاط لدينه ويأخذ بالأحاديث الصَّحيحة الدالة على أنه ما كان يُصليها إلا بعد الزَّوال عليه الصلاة والسلام: أنه كان يُبَكِّر بها، كان يُصليها حين تزول الشمس عليه الصلاة والسلام، ثم يذهبون إلى القائلة، هي كالظهر سواء.
س: ................؟
ج: الصواب أنه يُؤجل حتى تزول الشمس في الخطبة وغيرها، كلها بعد الزوال.
س: ................؟
ج: يُصلي معهم الجمعة ويحتاط، ولو صلَّى ظهرًا ما في بأس، يُصلي معهم: الصوم يوم تصومون، والفطر يوم تُفطرون، يُصلي معهم، لا يخلّ بالجمعة؛ لأنه قول قوي، له قوته، له حظٌّ من النظر.
بَابُ مَا جَاءَ فِي دُلُوكِ الشَّمْسِ وَغَسَقِ اللَّيْلِ
19- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: "دُلُوكُ الشَّمْسِ مَيْلُهَا".
20- وحدَّثني عن مالكٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يَقُولُ: "دُلُوكُ الشَّمْسِ إِذَا فَاءَ الْفَيْءُ، وَغَسَقُ اللَّيْلِ اجْتِمَاعُ اللَّيْلِ وَظُلْمَتُهُ".
الشيخ: وهذا إشارة إلى قوله تعالى: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ [الإسراء:78]، دلوكها: زوالها، وغسق الليل يدخل فيه المغرب والعشاء، وأما الدُّلوك فيدخل فيه الظهر والعصر، كله بعد الزوال، أوله للظهر، وآخره للعصر.
بَابُ جَامِعِ الْوُقُوتِ
21- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الَّذِي تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ كَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ.
22- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ فَلَقِيَ رَجُلًا لَمْ يَشْهَدِ الْعَصْرَ، فَقَالَ عُمَرُ: "مَا حَبَسَكَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ؟" فَذَكَرَ لَهُ الرَّجُلُ عُذْرًا، فَقَالَ عُمَرُ: "طَفَّفْتَ".
قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَيُقَالُ: لِكُلِّ شَيْءٍ وَفَاءٌ وَتَطْفِيفٌ.
23- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ الْمُصَلِّيَ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ وَمَا فَاتَهُ وَقْتُهَا، وَلَمَا فَاتَهُ مِنْ وَقْتِهَا أَعْظَمُ -أَوْ أَفْضَلُ- مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ.
قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَدْرَكَ الْوَقْتَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَأَخَّرَ الصَّلَاةَ سَاهِيًا أَوْ نَاسِيًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ: أَنَّهُ إِنْ كَانَ قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ وَهُوَ فِي الْوَقْتِ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ الْمُقِيمِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَدِمَ وَقَدْ ذَهَبَ الْوَقْتُ فَلْيُصَلِّ صَلَاةَ الْمُسَافِرِ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَقْضِي مِثْلَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ.
الشيخ: والصواب أنه يُصلي صلاة المقيم؛ لأنَّ حكم السفر زال، فيُصلي صلاة المقيم أربعًا إذا قدم البلد، مثلما أنه إذا خرج من البلد وهو مُقيم يُصلي صلاة المسافر، ولو وجبت عليه في البلد، فلو أذَّن المؤذن في الظهر أو في العصر وخرج وجاوز البلاد فإنه يُصلي صلاة مسافرٍ، كان النبيُّ ﷺ صلَّى الظهر في المدينة في حجَّة الوداع أربعًا، ثم خرج وصلَّى في ذي الحُليفة ركعتين، فالعبرة بوقت الفعل، فإذا قدم من سفره لم يُصلِّ الظهر أو العصر، صلَّاها أربعًا، هذا هو الصواب.
وقول مالك له وجاهة رحمه الله؛ لأنه وجبت عليه اثنتان، فإذا خرج الوقتُ صلَّى ما وجب عليه، لكن وجبت عليه اثنتان إن صلَّاها في السفر، أما إن صلَّاها في الحضر فهو من أهل الأربع.
س: ...............؟
ج: يُصليها أربعًا، هذا الصواب.
قَالَ مَالكٌ: وَهَذَا الْأَمْرُ هُوَ الَّذِي أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ وَأَهْلَ الْعِلْمِ بِبَلَدِنَا.
وقَالَ مَالِكٌ: الشَّفَقُ: الْحُمْرَةُ الَّتِي فِي الْمَغْرِبِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ الْحُمْرَةُ فَقَدْ وَجَبَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَخَرَجْتَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ.
24- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَذَهَبَ عَقْلُهُ، فَلَمْ يَقْضِ الصَّلَاةَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ ذَهَبَ، فَأَمَّا مَنْ أَفَاقَ فِي الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي.
الشيخ: وهذا الذي قاله مالك صحيح: إذا أُغمي على الإنسان وأفاق في الوقت يُصلي، كالنَّائم إذا استيقظ، والأقرب أيضًا أنه يُصلي حتى ولو بعد الوقت؛ لأنه شبه النوم، الإغماء القليل قد يأخذ يومًا أو يومين، هذا شبه النوم، أو ثلاثًا، النهاية ثلاث، فإذا استيقظ ووعى يقضي ما ترك.
وقال قومٌ: إذا زاد عن اليوم لا يقضي؛ لأنه بعد عن شبه النوم، صار أشبه بالجنون فلا يقضي.
فالمغمى عليه بين النَّائم والمجنون، فإن طالت المدةُ يُلحق بالمجنون، ولا قضاءَ عليه، وإن قصرت أُلْحِقَ بالنائم، والثلاث اعتبرها الشارعُ في أوقات كثيرةٍ، في مسائل كثيرةٍ اعتبرها الشارعُ ثلاثًا، فالأقرب والله أعلم أنه إن أفاق قبل الثلاث قضى كالنائم، وإن طالت المدةُ فلا قضاءَ عليه؛ ولهذا المغمى عليهم الذين تمضي عليهم شهور وهم في إغمائهم لا يقضون، يستيقظون ولا قضاءَ عليهم، أشبه بالمجانين والمعاتيه، زالت عقولُهم، لا تكليفَ عليهم.
س: ................؟
ج: زاد على الثلاث لا قضاءَ عليه، وقال قوم: يكفي يوم واحد. وقال مالك رحمه الله: يكفي الوقت، إذا أفاق بعد الوقت لا يقضي، وإذا أفاق في الوقت يقضي. ولكن هذا ليس بجيدٍ، الأقرب أنه أشبه بالنَّائم إذا أفاق قريبًا. عندك تعليق أو شرح؟
الطالب: هذا متن، كتاب متنٍ.
الشيخ: ما عندك شرح؟
الطالب: لا.
س: ................؟
ج: ولو، ولو، إذا طالت المدةُ؛ لأنه غلب عليه .....، إذا طالت المدةُ فوق ثلاثٍ فهو أشبه بالمجانين والمعاتيه.
بَابُ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ
25- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ حِينَ قَفَلَ مِنْ خَيْبَرَ أَسْرَى، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ عَرَّسَ، وَقَالَ لِبِلَالٍ: اكْلَأْ لَنَا الصُّبْحَ، وَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ، وَكَلَأَ بِلَالٌ مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ اسْتَنَدَ إِلَى رَاحِلَتِهِ وَهُوَ مُقَابِلُ الْفَجْرِ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ، فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَا بِلَالٌ، وَلَا أَحَدٌ مِنَ الرَّكْبِ، حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ، فَفَزِعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخَذَ بِنَفْسِي الَّذِي أَخَذَ بِنَفْسِكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اقْتَادُوا، فَبَعَثُوا رَوَاحِلَهُمْ وَاقْتَادُوا شَيْئًا، ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصُّبْحَ، ثُمَّ قَالَ حِينَ قَضَى الصَّلَاةَ: مَنْ نَسِيَ الصَّلَاةَ فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: أَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي [طه:14].
26- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّهُ قَالَ: عَرَّسَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةً بِطَرِيقِ مَكَّةَ، وَوَكَّلَ بِلَالًا أَنْ يُوقِظَهُمْ لِلصَّلَاةِ، فَرَقَدَ بِلَالٌ وَرَقَدُوا، حَتَّى اسْتَيْقَظُوا وَقَدْ طَلَعَتْ عَلَيْهِمُ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ الْقَوْمُ وَقَدْ فَزِعُوا، فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَرْكَبُوا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا وَادٍ بِهِ شَيْطَانٌ، فَرَكِبُوا حَتَّى خَرَجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي.
ثُمَّ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَنْزِلُوا، وَأَنْ يَتَوَضَّؤُوا، وَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلَاةِ، أَوْ يُقِيمَ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِالنَّاسِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَيْهِمْ وَقَدْ رَأَى مِنْ فَزَعِهِمْ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَنَا، وَلَوْ شَاءَ لَرَدَّهَا إِلَيْنَا فِي حِينٍ غَيْرِ هَذَا، فَإِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلَاةِ أَوْ نَسِيَهَا، ثُمَّ فَزِعَ إِلَيْهَا، فَلْيُصَلِّهَا كَمَا كَانَ يُصَلِّيهَا فِي وَقْتِهَا.
ثُمَّ الْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ أَتَى بِلَالًا وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَأَضْجَعَهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُهَدِّئُهُ كَمَا يُهَدَّأُ الصَّبِيُّ حَتَّى نَامَ.
ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِلَالًا، فَأَخْبَرَ بِلَالٌ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ.
الشيخ: وهذا من رحمة الله جلَّ وعلا حتى يحصل للناس الطُّمأنينة إذا وقعت لهم مثل هذه الوقائع، ويكونوا على بصيرةٍ، فمن رحمة الله وإحسانه أن جعل بلالًا تغلبه عيناه؛ لهذه الحكمة العظيمة التي هي أداء الصلاة متى استيقظوا وانتبهوا، أو ذكروا إن كانوا ناسين، وأنه لا حرجَ عليهم في هذا، فمَن نام عن الصلاة أو نسيها فليُصلها إذا ذكرها، لا كفَّارةً لها إلا ذلك، الله قدَّر هذا، وقدَّر ما قدَّر على بلالٍ، كل ذلك لإظهار هذا الأمر، ولتشييع هذا الأمر، وله الحكمة البالغة سبحانه وتعالى؛ ليعلم الناسُ ماذا يفعلون إذا ناموا أو نسوا، فإنَّ الناس يتأثَّرون ويستفيدون من الوقائع أكثر مما يستفيدون من الكلام، فالواقعة لها شأنٌ عظيم في تأثيرها في القلوب وضبط الناس لها.
فالسنة إذا نام عن الصلاة أن يتحول عن مكانه، ويُصلي كما يُصلي في الوقت بأذانٍ وإقامةٍ وهدوءٍ، ويُصلي سنَّتها معها كما فعل النبيُّ ﷺ: صلَّى سنة الفجر، وأمر بالأذان والإقامة، ثم قال: صلُّوها في الغد في وقتها، وقد وقع هذا للنبي ﷺ مرات، النوم عن الصلاة للتَّشريع والتَّعليم الناس في أشد الحاجة إليه.
س: إذا أفاق قبل طلوع الشمس بوقت فليل هل يترك السنة؟
ج: لا، يبدأ بالسنة: يتوضأ ويُصلي الراتبة، وقتها وقت الاستيقاظ، هذا وقتها، صار الوقتُ الآن هو وقت الاستيقاظ، كفَّارتها أن يُصليها إذا ذكرها، إذا قام قبل طلوع الشمس بقليلٍ فإنه لا يعجل: يتوضأ على مهلةٍ، ويُصلي الراتبة، ويُصلي الفريضة ولو طلعت الشمس.
س: ...............؟
ج: الواجب عليه أن يُبادر إذا استيقظ، إذا ذكر يُبادر؛ حتى لا ينسى مرةً أخرى، يُبادر بالوضوء، يُبادر بالصَّلاة.
س: ...............؟
ج: يُصلي مع الناس، ثم يُصلي الراتبة، إذا أُقيمت الصلاة لا يُصل الراتبة.
س: ...............؟
ج: مأمور أن يُصلي جماعةً مع الناس.
س: ...............؟
ج: لا، الجماعة أهم، والراتبة نافلة، والفريضة أهم، فإذا جاء والناس يُصلون يُكبر معهم، النبي يقول: إذا أُقيمت الصلاةُ فلا صلاةَ إلا المكتوبة، يدخل معهم، والراتبة بعد ذلك، يُصليها بعد طلوع الشَّمس.
س: أليس إدراك الوقت أهم من إدراك الجماعة؟
ج: لا، هذا وقتٌ كله صلاة، واسع، ما صار وقتًا محدودًا بطلوع الشمس، وقته كله واسع، يتوضأ على مهلٍ، ويُصلي الراتبة على مهلٍ، ما عاد هو محدد بطلوع الشمس؛ لأنه غير مُفرطٍ: نائم، أو ناسٍ.
س: ...............؟
ج: لا، هذا مضى الوقت، إذا صلَّى الفجر بعد طلوع الشمس انتهى، الصلاة كافية .....
بَابُ النَّهْيِ عَنِ الصَّلَاةِ بِالْهَاجِرَةِ
27- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ.
وَقَالَ: اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ: يَا رَبِّ، أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ فِي كُلِّ عَامٍ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ.
28- وَحَدَّثَنَا مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ يَزِيدَ -مَوْلَى الْأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ابْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، وَذَكَرَ: أَنَّ النَّارَ اشْتَكَتْ إِلَى رَبِّهَا، فَأَذِنَ لَهَا فِي كُلِّ عَامٍ بِنَفَسَيْنِ: نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ.
29- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ.
بَابُ النَّهْيِ عَنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ بِرِيحِ الثُّومِ وَتَغْطِيَةِ الْفَمِ
30- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرُبْ مَسَاجِدَنَا، يُؤْذِينَا بِرِيحِ الثُّومِ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الْمُجَبَّرِ: أَنَّهُ كَانَ يَرَى سَالِمَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ إِذَا رَأَى الْإِنْسَانَ يُغَطِّي فَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي جَبَذَ الثَّوْبَ عَنْ فِيهِ جَبْذًا شَدِيدًا حَتَّى يَنْزِعَهُ عَنْ فِيهِ.
الشيخ: عليه شيء عندك؟
الطالب: وفي مسلم عن ابن عمر.
(مالك عن عبدالرحمن بن المجبر) بضم الميم، وفتح الجيم، والموحدة الثَّقيلة، القرشي، العدوي، روى عن أبيه وسالم، وعنه ابنه محمد ومالك وغيرهما، ووثَّقه الفلاس وغيره.
قال في "الاستذكار": المجبر هو عبدالرحمن بن عبدالرحمن بن عمر بن الخطاب، وإنما قيل له: المجبر؛ لأنه سقط فتكسر فجبر.
وقال ابن ماكولا: لا يُعرف في الرواة عبدالرحمن بن عبدالرحمن بن عبدالرحمن -ثلاثة في نسقٍ- إلا هذا.
وذكر الزبير بن بكار أنَّ أباه عبدالرحمن الأصغر مات وهو حمل، فلما وُلد سمته حفصة باسم أبيه، وقالت: لعل الله يجبره.
وقال في "الاستيعاب": كان لعمر ثلاثة أولادٍ كلهم عبدالرحمن، أكبرهم صحابي، والثاني يُكنى: أبا شحمة، وهو الذي ضربه أبوه في الخمر، والثالث والد المجبر: بالجيم والموحدة الثقيلة.
(أنه كان يرى سالم بن عبدالله) بن عمر، أحد الفقهاء (إذا رأى الإنسان يُغطي فاه وهو يُصلي جبذ الثَّوب عن فيه جبذًا) بجيم ومُوحدة ومُعجمة (شديدًا)؛ لأنه أبلغ في تعليمه (حتى ينزعه عن فيه).
قال المجد: الجبذ: الجذب، وليس مقلوبه، بل لغة صحيحة، ووهم الجوهري وغيره، كالاجتباذ، والفعل كضرب، ففعل سالم وهو من الفقهاء السبعة دليل على أنَّ كراهة تغطية الفم في الصلاة كان أمرًا مُقرَّرًا عندهم بالمدينة.
الشيخ: هذا من اجتهاد سالم، وهو أحد الفقهاء السبعة، ويُستحب للمؤمن أن يُباشر المصلَّى بوجهه، والفم من الوجه، السنة أن يُباشر من غير أن يجعل على فمه شيئًا، ثم هذا الذي يجعل في الفم قد يعوقه عن التَّسبيح والدُّعاء، ثم يعوقه أو يُضعفه بعض الشيء، فلا شكَّ أنَّ فعل هذا مكروه، خلاف السنة؛ ولهذا كان سالم يجبذه، يُزيله عنه حتى يُباشر بفمه المصلَّى، وحتى يكون ذلك أعون له على الذكر والدُّعاء.
2- كِتَابُ الطَّهَارَةِ
بَابُ الْعَمَلِ فِي الْوُضُوءِ
1- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِاللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ -وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ- هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَتَوَضَّأُ؟ فَقَالَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ: نَعَمْ. فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ، فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ.
2- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أَنْفِهِ مَاءً، ثُمَّ لِيَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ.
3- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ.
4- قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْثِرُ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ: إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
الشيخ: وهذا جاءت به السنة: المضمضة والاستنشاق بغرفةٍ واحدةٍ جاءت بها السنة، وإذا فرق فلا بأس، ولكن السنة أن يتمضمض ويستنشق بغرفةٍ واحدةٍ ثلاث مرات، وإن اقتصر على واحدةٍ فلا حرج، فقد ثبت عنه ﷺ أنه توضأ مرةً مرةً، ومرتين مرتين، وثلاثًا ثلاثًا، فالأفضل ثلاث، إلا في المسح للرأس فمسحة واحدة مع الأذنين، والبقية الأفضل فيها الثلاث: الوجه، واليدان، والقدمان.
وفي حديث عبدالله بن زيد الدلالة على جواز الاختلاف في الأعضاء: يغسل بعضها ثلاثًا، وبعضها ثنتين، لا حرج، كما يجوز أن يغسل بعضها ثنتين، وبعضها واحدةً، وبعضها ثلاثًا، وبعضها واحدةً، وبعضها ثنتين، كل هذا لا حرج فيه؛ لأنَّ الواجب مرة مرة: يغسل وجهه مرة، يتمضمض مرة، يستنشق مرة، هذا الواجب.
يغسل يديه مرة مرة، هذا الواجب، يمسح رأسه مرة واحدة، هذا هو السنة، يغسل رجليه كذلك مرة واحدة يُجزئ، لكن إذا كرر غسل وجهه ويديه ورجليه ثنتين صار أفضل، وثلاث صار أفضل وأكمل، وإن فرَّق بينهم فغسل بعضها ثنتين، وبعضها ثلاثًا، بعضها واحدة، وبعضها ثنتين، كل ذلك لا حرجَ فيه، والحمد لله.
5- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ: أَنَّ عَبْدَالرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ قَدْ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ -زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ- يَوْمَ مَاتَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: يَا عَبْدَالرَّحْمَنِ، أَسْبِغِ الْوُضُوءَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ.
6- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ طَحْلَاءَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَتَوَضَّأُ بِالْمَاءِ لِمَا تَحْتَ إِزَارِهِ.
الشيخ: الشَّارح ما علَّق على هذا؟ ما نبَّه عليه المحشي؟ الصواب: رأى، لفظة "رأى" أصوب.
الطالب: أقرأ الشرح؟
الشيخ: نعم، قال عليه شيئًا؟
الطالب: حدَّثه أنه سمع عمر بن الخطاب يقول.
الشيخ: يقول، طيب.
الطالب: هذا في الشرح.
الشيخ: سقطت (يقول) عند المتن، يقول أيش؟
الطالب: أنه سمع عمر بن الخطاب يقول: (يتوضأ) أي: يتطهر (بالماء لما تحت إزاره) كنايةً عن موضع الاستنجاء تأدُّبًا، أي: إنه بالماء أفضل منه بالحجر.
الشيخ: ..... لأنه ما هو برأيه، يغسل فرجه، يرى عورته ..... فقط سقط (يقول)، مقصوده أنَّ عمر يقول: الأفضل أن يتوضأ لما تحت إزاره، أفضل من الاستجمار، يعني: يغسل دبره وفرجه بالماء؛ لأنه أنقى، والأمر واسع: إن شاء استجمر بالحجارة، وإن شاء استنجى بالماء، كله جائز، والحمد لله، لكن الماء أفضل وأكمل.
وقد ثبت من حديث أنسٍ أنه خرج مع النبي ﷺ بماءٍ، فلما فرغ من قضاء حاجته استنجى بالماء عليه الصلاة والسلام، والحجارة بحمد الله كافية، كما قال ﷺ: ومَن استجمر فليُوتر، ..... إلى الغائط، أو يستجمر بثلاثة أحجار، هو مُخير: إن شاء غسل بالماء، وإن شاء استجمر بالحجارة، وإن شاء جمع بينهما، والجمع بينهما أكمل، لكن لا ينقص عن ثلاثة أحجار، لا بدَّ أن تكون ثلاثة فأكثر، ولا بدَّ من إنقاء المحلِّ، مع الثلاثة لا بدَّ من إنقاء المحلِّ من أثر البول والغائط.
س: ................؟
ج: المناديل كافية إن كانت مناديل طاهرة، ثلاثة فأكثر.
س: ولو استجمر بأقلّ من ثلاثٍ، ثم توضأ وصلَّى؟
ج: يُعيد، لا بدَّ أن يُعيد الاستنجاء، ويُعيد الوضوء.
س: ................؟
ج: الواجب في الثلاث، وما زاد فلا يُستحبّ، أما الثلاث فلا بدَّ منها، وإذا كفت الأربعُ استُحبَّ له أن يزيد خامسةً؛ حتى يقطع على وترٍ، وإذا استنجى بستٍّ استُحبَّ أن يزيد سابعةً.
س: ................؟
ج: يقول النبي ﷺ: يُجزئ أحدكم إذا ذهب إلى الغائط أن يستجمر بثلاثة أحجارٍ، دلَّ على أن الزائد ما هو بلازمٍ، مستحبّ، وقوله: (نهى أن يستجمر بأقلّ من ثلاثة أحجارٍ) دلَّ على أنَّ الزائد ما هو بلازمٍ.
7- قَالَ يَحْيَى: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ، أَوْ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ وَجْهَهُ. فَقَالَ: أَمَّا الَّذِي غَسَلَ وَجْهَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ، فَلْيُمَضْمِضْ وَلَا يُعِدْ غَسْلَ وَجْهِهِ، وَأَمَّا الَّذِي غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ قَبْلَ وَجْهِهِ، فَلْيَغْسِلْ وَجْهَهُ ثُمَّ لْيُعِدْ غَسْلَ ذِرَاعَيْهِ، حَتَّى يَكُونَ غَسْلُهُمَا بَعْدَ وَجْهِهِ، إِذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَكَانِهِ، أَوْ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ.
8- قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ نَسِيَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ وَيَسْتَنْثِرَ حَتَّى صَلَّى. قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ صَلَاتَهُ، وَلْيُمَضْمِضْ وَيَسْتَنْثِرْ مَا يَسْتَقْبِلُ إِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُصَلِّيَ.
الشيخ: هذا ضعيف، هذا القول ضعيف، والصواب أنه يُعيد؛ لأنَّ المضمضة والاستنشاق فرضٌ في الوضوء، والفم والأنف من الوجه، لهم حكم الظاهر، وقد ثبت عنه ﷺ أنه كان يتمضمض ويستنشق لوضوئه، ويقول: صلوا كما رأيتُموني أُصلي، وهو المبين للوضوء الشَّرعي، والله أمرنا بغسل الوجه، وهذا من الوجه، الذي لا يتمضمض ويستنشق قد بطل وضوؤه، وعليه أن يُعيد الوضوء، وعليه الصلاة، هذا هو الصَّواب.
س: مَن اغتسل ولم يتمضمض ولم يستنشق؟
ج: كذلك لا بدَّ من المضمضة والاستنشاق، الغسل ما يجب فيه التَّرتيب ولا الموالاة، فإذا ذكر يتمضمض ويستنشق بنية الجنابة، وإن كان صلَّى شيئًا يُعيد.
س: ...............؟
ج: نعم ما يصلح حتى يمسح الأذنين، يُعيد الوضوء إلا إذا كان قريبًا في الحال، ما بعد طال الفصل، يمسح أُذنيه، ثم يغسل رجليه، أما إن كان قد طال الفصلُ يُعيد الوضوء كله.
س: لو استجمر بحجرٍ واحدٍ له ثلاث جهات؟
ج: يُجزئ.
س: ...............؟
ج: إذا كان الماء موجودًا لا يجوز له التَّيمم.
س: ...............؟
ج: يتيمم ويُصلي في الوقت ..... يتيمم ويُصلي بالتيمم أفضل، ولا يُؤخر إلى آخر الوقت.
س: ...............؟
ج: لا بدَّ أن يُعيد الصلاة، ما تم غسله ولا وضوؤه، لا بدَّ أن يتمضمض ويستنشق.
بَابُ وُضُوءِ النَّائِمِ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ
9- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي وَضُوئِهِ؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ.
10- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: إِذَا نَامَ أَحَدُكُمْ مُضْطَجِعًا فَلْيَتَوَضَّأْ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6] أَنَّ ذَلِكَ إِذَا قُمْتُمْ مِنَ الْمَضَاجِعِ -يَعْنِي النَّوْمَ.
11- قَالَ يَحْيَى: قَالَ مالِك: الْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ مِنْ رُعَافٍ، وَلَا مِنْ دَمٍ، وَلَا مِنْ قَيْحٍ يَسِيلُ مِنَ الْجَسَدِ، وَلَا يَتَوَضَّأُ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ يَخْرُجُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ نَوْمٍ.
الشيخ: أما غسل اليدين إذا قام من النوم فيغسل يديه ثلاثًا، الأمر صريح في هذا، والنهي صريح، فالواجب أن يغسل يديه ثلاثًا قبل أن يُدخلهما في الإناء إذا قام من نوم الليل، وأما في غير ذلك فيُستحبّ غسل يديه ثلاثًا عند كلِّ وضوءٍ، قبل أن يُدخلها في الإناء يغسلها ثلاثًا، كما جاءت به السنة، والنوم ينقض الوضوء مطلقًا، سواء كان عن اضطجاعٍ، أو عن جلوسٍ، إذا نام نومًا مُسْتَغْرِقًا، كما يُروى عن عمر وغيره.
وعن ابن عباسٍ: أن النوم الذي ينقض هو نوم المضطجع، هذا من باب الأغلب، الأغلب أنَّ النوم المستغرق إذا اضطجع، ولكن متى نام نومًا مُستغرقًا ولو كان جالسًا نقض الوضوء؛ لقوله ﷺ: ولكن من غائطٍ وبولٍ ونومٍ؛ لحديث صفوان.
فالواجب على المؤمن في مثل هذه المسائل أن يعتني بما دلَّت عليه السنة الصَّحيحة الواضحة، ولا يتساهل بالرخص التي قد تُفضي به إلى مُخالفة السنة.
وأما هذا فهي مسألة خلافٍ: القيح والصَّديد والرّعاف إن كان يسيرًا فلا حرج .....، كان بعضُ الصحابة يمسح الدم من عينه، ومن أضراسه، ويتوضأ، ومن أنفه، الشيء القليل يُعفا عنه، أما إذا كان الرّعافُ كثيرًا، أو القيح كثيرًا، أو الدم كثيرًا، فالذي ينبغي الوضوء، لا بدَّ على المؤمن أن يتوضأ لكل صلاةٍ كما أمر النبيُّ المستحاضة أن توضأ لكل صلاةٍ؛ لأنَّ الدم معها دائمٌ، لكن يخرج من الفرج، أما هذا فليس من الفرج: جراحات، أو قيح، أو ما أشبه ذلك، الأحوط له الوضوء إذا كثر، أما إذا كان قليلًا فالأمر واسع ولا حرج.
س: .................؟
ج: هذا أحوط؛ خروجًا من الخلاف.
س: .................؟
ج: إذا كان نُعاسًا لا، وإن كان استغرق نومًا، يعني: ما يفهم مَن حوله، ولا يسمع مَن حوله يُعيد الوضوء.
س: .................؟
ج: السنة الوضوء قبل الغسل، يتوضأ ثم يغتسل، هكذا كان النبيُّ يفعل عليه الصلاة والسلام.
س: .................؟
ج: كونه يتوضأ هو الاحتياط، يتوضأ من القيح والصَّديد والرّعاف الكثير، هو الاحتياط.
س: .................؟
ج: محل نظرٍ، والقول بكونه يتوضأ منه احتياطًا هذا واضح، أما القليل يُعفا عنه، والوجوب محل نظرٍ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَنَامُ جَالِسًا ثُمَّ يُصَلِّي وَلَا يَتَوَضَّأُ.
الشيخ: يعني لعله كان ما يستغرق في نومه، يُحمل على أنه كان ما يستغرق، يعني: النعاس، كما جاء عن الصحابة: ينتظرون العشاء وينامون، يعني: ينعسون، أما النوم المستغرق فقد صحَّ عنه ﷺ أنه قال: من غائطٍ وبولٍ ونومٍ.
بَابُ الطَّهُورِ لِلْوُضُوءِ
12- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ -مِنْ آلِ بَنِي الْأَزْرَقِ- عَنِ الْمُغِيرَةِ ابْنِ أَبِي بُرْدَةَ -وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِالدَّارِ- أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنَ الْمَاءِ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا، أَفَنَتَوَضَّأُ بِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ.
13- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ حُمَيْدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ خَالَتِهَا كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ -وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ- أَنَّهَا أَخْبَرَتْهَا: أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ دَخَلَ عَلَيْهَا، فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ لِتَشْرَبَ مِنْهُ، فَأَصْغَى لَهَا الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْ.
قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا ابْنَةَ أَخِي؟ قَالَتْ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّمَا هِيَ مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ -أَوِ الطَّوَّافَاتِ.
قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِهِ إِلَّا أَنْ يُرَى عَلَى فَمِهَا نَجَاسَةٌ.
الشيخ: وهذا مثلما فعل أبو قتادة؛ للحديث الصحيح: ليست بنجسٍ، فإذا شربت من ماءٍ، أو أكلت من طعامٍ، فسؤرها طاهر، إلا إذا كان هناك ..... أو نجاسة مثلما قال مالك: "تُرى عليها النَّجاسة"، فأرة في فمها، والنَّجاسة في فمها يراها، هذه تنجس الماء القليل.
س: ................؟
ج: الفأرة نجسة.
الشيخ: وهذا هو الأصل، الأصل في الحياض التي في البراري الطَّهارة، يتوضأ منها، ويشرب منها، ولو وردت إليها السِّباعُ، الحمد لله: إنَّ الماء طهورٌ لا يُنجسه شيءٌ.
الشيخ: وهذا يدل على الجواز، إذا توضأ الإنسانُ مع زوجته، أو اغتسل، فالماء طهورٌ، لكن الأفضل ألا يتوضأ بفضلها، ولا يغتسل بفضلها، أما إذا اغتسلا جميعًا فلا بأس؛ كان النبيُّ يغتسل جميعًا مع زوجته، والمسلمون كذلك، فالرجل يغتسل مع زوجته، ويتوضأ معها لا حرج، لكن الفضلةَ تركها أولى، فضلته وفضلتها، لكن إذا دعت الحاجةُ إلى الفضلة اغتسل بها ولا بأس ولا حرج، من فضلتها وفضلته، ولكن إذا تيسر غيرها فهو أفضل.
س: ................؟
ج: ..... في الحديث الصَّحيح: نهى رسولُ الله أن يغتسل الرجلُ بفضل المرأة، والمرأة بفضل الرجل، قال: وليغترفا جميعًا، وهو حديثٌ صحيحٌ، فيه الحكم بن عمرو الغِفاري.
بَابُ مَا لَا يَجِبُ مِنْهُ الْوُضُوءُ
16- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ -زَوْجَ النَّبِيِّ ﷺ- فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي، وَأَمْشِي فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ. قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ.
17- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ: أَنَّهُ رَأَى رَبِيعَةَ ابْنَ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ يَقْلِسُ مِرَارًا وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا يَنْصَرِفُ، وَلَا يَتَوَضَّأُ حَتَّى يُصَلِّيَ.
قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ قَلَسَ طَعَامًا: هَلْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ؟ فَقَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ، وَلْيَتَمَضْمَضْ مِنْ ذَلِكَ، وَلْيَغْسِلْ فَاهُ.
الشيخ: القلس: ما يخرج من الشيء اليسير من الجوف، ليس بقيءٍ، حديث عائشة في ذلك ضعيف: مَن أصابه قيءٌ أو رعافٌ أو قلسٌ فليتوضأ ضعيف، فالمقصود أنَّ القلس شيء يزيد على الرِّيق زيادة بعض الشيء، لكنه ليس بقيءٍ، إنما دفعة واحدة يسيرة، هذا يمسح فمه ويكفي.
الطالب: في نسخةٍ أخرى قال: وليتمضمض.
الشيخ: إذا تيسر، لكن في الصلاة بعيدٌ، ما هو متيسرًا، المقصود أنه لا يضرّ الصلاة، ليس بناقضٍ، مثل: النُّخامة ليس بناقضٍ.
س: ................؟
ج: ما ينقض الوضوء ولو تلاعب؛ لأنه قد يغلبه مثل الريق، أما أن يتعمد: لا يتعمد بلعه، إذا تعمَّد يكون أكل في الصلاة، لكن إذا غلبه لا يضرّ.
18- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ حَنَّطَ ابْنًا لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ وَحَمَلَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
الشيخ: أيش قال عليه في الشَّرح؟
الطالب: حنَّط: بفتح المهملة، والنون الثَّقيلة، والطاء المهملة، أي: طيب بالحنوط، وهو كل شيءٍ خُلط من الطيب للميت خاصَّةً.
(ابنًا) اسمه عبدالرحمن، كما في رواية الليث عن نافع عند العلاء بن موسى بن الجهم.
الشيخ: مثلما في الحديث الصحيح: ولا تُحنِّطوه يعني: إذا مات مُحْرِمًا، في الحديث يقول: لا تُطيِّبوه كونه مسّ الطيب، مسّ الطيب مشروعٌ، لا يضرُّ.
قَالَ يَحْيَى: وَسُئِلَ مَالِكٌ: هَلْ فِي الْقَيْءِ وُضُوءٌ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ لِيَتَمَضْمَضْ مِنْ ذَلِكَ، وَلْيَغْسِلْ فَاهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ.
الشيخ: وهذا القيء مسألة خلافية: هل ينقض الوضوء أم لا؟
من الناس مَن ألحقه بالنَّواقض إذا فحش: إذا كثر. ومنهم مَن لم يُلحقه، وجعله كسائر ما يخرج من الجسد من المياه، غير الدبر والقُبل: كالعرق وأشباهه، والبصاق، والمخاط، فلا ينقض الوضوء.
والأحوط الوضوء خروجًا من الخلاف إذا كثر، أما إذا كان قلس قليلًا فلا ينقض الوضوء، فليس فيه وضوء ولا احتياط، أما إذا كثر القيء -ضابطه كونه يخرج مرةً بعد مرةٍ، ما هو مرة، إذا كان مرةً هذا يُسمَّى قلس، إذا كان مرةً بعد مرةٍ فهو القيء، يصبّ من فمه مرةً بعد مرةٍ- فالأحوط الوضوء.
س: ................؟
ج: الغالب أنَّ القيء ما يتعمده الإنسان، يغلبه، هذا الغالب، لكن مَن قال: لا ينقض الوضوء، الظاهر أنه لا فرقَ، يكون قليلًا لا فرق، الظاهر أنه لا فرقَ، سواء تعمد، أو ما تعمَّد، فالقيء هو الذي يتكرر مرتين أو أكثر، بخلاف المرة فيكون قلسًا.
س: ................؟
ج: هذا في الصوم، أما في الوضوء فالنبي ﷺ قاء فتوضأ، حديث ثوبان احتجَّ به قومٌ على استحبابه؛ لأنه فعل، وقوم احتجُّوا به على وجوب الوضوء؛ لأنه خارج كثير، يعني: فاحش، لكن في حديث ثوبان اختلاف: في بعضها: قاء فتوضأ، وفي بعضها: قاء فأفطر إذا كان صائمًا.
س: ...............؟
ج: على الخلاف يعني.
س: ...............؟
ج: المشهور عند كثير من أهل العلم أنه نجس إذا تكرر، أما إذا كان قلسًا فهو من جنس النُّخامة، ومن جنس ..... ليس بنجسٍ، أما إذا تكرر فكثيرٌ يلحقه بالبول؛ ولهذا يقول: يتوضأ منه؛ لأنه فاحش نجس، والمسألة خلافية بين أهل العلم، فالوضوء منه وغسل ما أصاب الإنسان منه يكون هو الأحوط للمؤمن.
بَابُ تَرْكِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْهُ النَّارُ
19- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَكَلَ كَتِفَ شَاةٍ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
20- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ -مَوْلَى بَنِي حَارِثَةَ- عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ خَيْبَرَ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالصَّهْبَاءِ -وَهِيَ مِنْ أَدْنَى خَيْبَرَ- نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ دَعَا بِالْأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلَّا بِالسَّوِيقِ، فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ، فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَأَكَلْنَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
الشيخ: وهذا دليلٌ على أنَّ قوله ﷺ أنَّ مَن أكل ..... فليتوضأ فيما مسَّته النار للاستحباب، وليس للوجوب؛ ولهذا أمر بالوضوء مما مسَّت النار وتركه، فدلَّ على أنَّ الأمر ليس للوجوب، ولكنه للاستحباب، وقال قومٌ: إنه منسوخ. والأصل عدم النَّسخ، لكنه للاستحباب؛ مَن توضأ فهو أفضل، ومَن ترك فلا بأس، إذا أكل لحمًا أو غيره مما مسَّته النار.
21- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ. وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ: أَنَّهُمَا أَخْبَرَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ: أَنَّهُ تَعَشَّى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
22- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ أَكَلَ خُبْزًا وَلَحْمًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَتَوَضَّآنِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ.
الطالب: ...............
الشيخ: نعم؟
الطالب: عندي: يتوضَّآن.
الشيخ: أعد.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدَاللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَتَوَضَّآنِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ.
الشيخ: أيش عندكم؟
الطلاب: لا يتوضَّآن.
الشيخ: لا يتوضَّآن، أيش قال الشارح؟ باب؟
الطالب: باب ترك الوضوء مما مسَّت النار.
الشيخ: هذا هو، ذكر هذا وهذا، أيش قال المحشي؟
الشيخ: ساقطة عندك (لا) في المتن، صلحها، وهو الموافق للترجمة.
23- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ: أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الرَّجُلِ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ يُصِيبُ طَعَامًا قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ، أَيَتَوَضَّأُ؟ قَالَ: رَأَيْتُ أَبِي يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا يَتَوَضَّأُ.
24- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ: أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: رَأَيْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ أَكَلَ لَحْمًا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
25- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دُعِيَ لِطَعَامٍ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَلَحْمٌ، فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أُتِيَ بِفَضْلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ، فَأَكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ.
26- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيِّ: أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَدِمَ مِنَ الْعِرَاقِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو طَلْحَةَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، فَقَرَّبَ لَهُمَا طَعَامًا قَدْ مَسَّتْهُ النَّارُ، فَأَكَلُوا مِنْهُ، فَقَامَ أَنَسٌ فَتَوَضَّأَ، فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ: مَا هَذَا يَا أَنَسُ؟ أَعِرَاقِيَّةٌ؟ فَقَالَ أَنَسٌ: لَيْتَنِي لَمْ أَفْعَلْ. وَقَامَ أَبُو طَلْحَةَ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَصَلَّيَا وَلَمْ يَتَوَضَّآ.
س: ...............؟
ج: قال: حدَّثنا أيش؟
الشيخ: تكلم المحشي عليه؟
الطالب: ............
الشيخ: وعندك؟
الطالب: (عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ) بِتَحْتِيَّةٍ قَبْلَ الزَّايِ، ابْنِ جَارِيَةَ: بِجِيمٍ وَتَحْتِيَّةٍ (الْأَنْصَارِيِّ) أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيِّ، أَخِي عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ لِأُمِّهِ، يُقَالُ: وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ ﷺ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَتِسْعِينَ، وَأَبُوهُ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ.
(أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَدِمَ مِنَ الْعِرَاقِ فَدَخَلَ عَلَيْهِ) زَوْجُ أُمِّهِ (أَبُو طَلْحَةَ).
الشيخ: يكفي، عبدالرحمن بن يزيد، "التقريب" حاضر؟
الطالب: نعم.
الشيخ: انظر: عبدالرحمن بن يزيد، وعبدالرحمن بن زيد، كلاهما.
الطالب: عندنا ابن يزيد.
الشيخ: ابن يزيد، نعم، ماشٍ.
..............
الشيخ: هذا محل وفاقٍ: لا يتوضأ منه، الكلام فيما مسَّت النار فقط، أما الذي ما مسَّته النار ما فيه خلاف، إذا أكلت الفاكهة ونحوها ما في شيء، لكن الخلاف فيما مسَّته النار من لحمٍ ونحوه، أمر النبي ﷺ في عدة أحاديث بالوضوء مما مسَّت النار، وجاء حديثٌ أنه ترك ذلك، فدلَّ على أنَّ الأمر ما هو للوجوب.
س: ...............؟
ج: محتمل، نعم الحديث ثابت، الأحاديث ثابتة في الوضوء من لحوم الإبل خاصةً، مُستثناة من لحوم الإبل، توضأ منها خاصَّةً.
بَابُ جَامِعِ الْوُضُوءِ
27- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ سُئِلَ عَنْ الِاسْتِطَابَةِ فَقَالَ: أَوَلَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ؟.
28- وَحَدَّثَنِي عَنْ مالِكٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ، أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، فَلَا يُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ: أَلَا هَلُمَّ، أَلَا هَلُمَّ، أَلَا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: فَسُحْقًا، فَسُحْقًا، فَسُحْقًا.
29- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُمْرَانَ -مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ- أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ جَلَسَ عَلَى الْمَقَاعِدِ، فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ فَآذَنَهُ بِصَلَاةِ الْعَصْرِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا لَوْلَا أَنَّهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا حَدَّثْتُكُمُوهُ. ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: مَا مِنِ امْرِئٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ، إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصَلِّيَهَا.
قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: أُرَاهُ يُرِيدُ هَذِهِ الْآيَةَ: أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114].
30- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَتَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ، وَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ، قَالَ: ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ.
الشيخ: أيش قال على عبدالله الصُّنابحي؟
الطالب: بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَفَتْحِ النُّونِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، نِسْبَةً إِلَى صُنَابِحَ، بَطْنٌ مِنْ مُرَادٍ. كَذَا لِأَكْثَرِ رُوَاةِ "الْمُوَطَّأ" بِلَا أَدَاةِ كُنْيَةٍ، وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ قَالَ ابْنُ السَّكَنِ: يُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ، مَدَنِيٌّ، رَوَى عَنْهُ عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: عَبْدُاللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ الْمَدَنِيُّونَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ صُحْبَةٌ. وَأَمَّا أَبُو عَبْدِاللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ الْمَشْهُورُ فَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُبَادَةَ، لَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ. وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ الطَّبَّاعِ عَنْ مَالِكٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي عَبْدِاللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ بِأَدَاةِ الْكُنْيَةِ، وَشَذَّا بِذَلِكَ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ بِلَا أَدَاةِ كُنْيَةٍ.
الشيخ: إن كان صحابيًّا فهو متَّصل، وإن كان تابعيًّا فهو مرسل، لكن شواهده كثيرة، الحديث انظر "التقريب"، أيش قال على عبدالله الصُّنابحي؟ شواهده في باب الوضوء كثيرة، وأنه من أسباب تكفير السَّيئات.
الشيخ: عندك عبدالرحمن بن يزيد في "التقريب"؟
الطالب: ..............
الشيخ: أيش قال عندك؟ عبدالله بن زيد وعبدالرحمن بن يزيد.
32- وَحَدَّثَنِي عن مالكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَالْتَمَسَ النَّاسُ وَضُوءًا فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِوَضُوءٍ فِي إِنَاءٍ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ يَدَهُ، ثُمَّ أَمَرَ النَّاسَ يَتَوَضَّؤونَ مِنْهُ.
قَالَ أَنَسٌ: فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّؤُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.
الشيخ: وهذا من المعجزات العظيمة: أنه نبع الماء من بين أصابعه، وتوضأ الناس من هذا الماء، من آيات الله العظيمة، ومن مُعجزات نبيه عليه الصلاة والسلام، الله أكبر، الله أكبر، هذا في السَّفر.
الشيخ: وهذا من جنس حديث أبي موسى: إنَّ أعظم الناس في الصلاة أجرًا أبعدهم فأبعدهم ممشى، فكثرة الخُطى يُكتب بها حسنة، ويُمحا بها سيئة. وفي اللَّفظ الآخر: "يُكتب بها درجة، ويُمحا بها سيئة"، هذا من فضل الله جلَّ وعلا، ولا يزال في صلاةٍ ما انتظر الصلاة ولا يزال في صلاةٍ ما دام سائرًا لها، وما زال في صلاةٍ ما دام في محلِّه حتى يُحدِث أو يُؤذي، كل هذا من فضل الله جلَّ وعلا.
س: مَن مشى إلى مسجدٍ أبعد، وترك المسجد المجاور؟
ج: أفضل، إلا إذا كانت مصلحة في المسجد المجاور؛ لكونه –يعني- يتأسّى به، ويكثر الناس به، في سببه، أو لأسبابٍ أخرى، فالمجاور أولى.
س: ................؟
ج: على حسب بُعد المكان، كلما بَعُد فهو أفضل، مثل: الماشي.
س: ................؟
ج: الأفضل الركوب، والأفضل في المسجد الأدنى، إذا كان يخشى فوت الصلاة ينظر الأقرب، المسجد الأقرب، والسيارة أو الدَّابة.
الشيخ: وهذا من سعيدٍ فيه نظر، بل هو غلط، فالوضوء من الغائط بالماء فعله النبيُّ ﷺ، وفعله المسلمون، لكن يُفيد شُهرة الاستجمار من الغائط عند سعيدٍ، عند العرب كانوا يستجمرون ويكتفون بالاستجمار، والنبي ﷺ اكتفى به في بعض الأحيان، وقال: يكفي أحدكم أن يأخذ ثلاثة أحجارٍ فيستبرأ بها، لكن إذا استنجى بالماء فهو أفضل وأكمل، كما في حديث أنسٍ في "الصحيحين": أنَّ النبي ذهب لقضاء حاجته، فأتاه أنس بقدحٍ فيه ماء، فاستنجى به عليه الصلاة والسلام. فالاستنجاء أفضل، ثم الحجارة، ثم الجمع بينهما، الجمع بينهما أفضل.
35- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِذَا شَرِبَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ.
36- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْمَلُوا، وَخَيْرُ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ.
الشيخ: أيش قال الشَّارح؟ وصله؟
الطالب: جَاءَ هَذَا صَحِيحًا مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عمرو، وَعِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ ..
الشيخ: من حديث ابن عمرو عند ابن ماجه؟
الطالب: وعند ابن ماجه.
الشيخ: الواو تبع عمرو، عندك واوان غلط: عمرو عند ابن ماجه.
الطالب: جَاءَ هَذَا صَحِيحًا مُسْنَدًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عمرو عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيِّ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ: وَاعْلَمُوا أَنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ.
وَمِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَخْرَجَهُ: أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا، وَالْبَيْهَقِيُّ، إِلَّا أَنَّ فِيهِ: وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ، وَسَائِرُهُ بِلَفْظِ "الْمُوَطَّأ": أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: اسْتَقِيمُوا أَيْ: لَا تَزِيغُوا وَتَمِيلُوا عَمَّا سُنَّ لَكُمْ وَفُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَلَيْتَكُمْ تُطِيقُونَ ذَلِكَ. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: أَيِ الْزَمُوا الْمَنْهَجَ الْمُسْتَقِيمَ بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى إِيفَاءِ حُقُوقِ الْحَقِّ.
الشيخ: يكفي، يكفي، المقصود أنه جاء موصولًا عند مَن ذكر، وعند الدَّارمي أيضًا موصول: استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أنَّ خير أعمالكم الصلاة، ولا يُحافظ على الوضوء إلا مؤمن؛ لأنه أمانة، فلا يُحافظ عليه إلا المؤمن بالله واليوم الآخر.
وفيه الحثُّ على الاستقامة، وأنَّ المؤمن يستقيم، لا يتخلَّف عن الحقِّ، بل يستقيم عليه ويستمر، كما قال الله جلَّ وعلا: فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [هود:112]، وقال جلَّ وعلا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا الآية [فصلت:30]، فالواجب الاستقامة على أداء فرائض الله، وترك محارم الله، وألا يكون مُذبذبًا تارةً وتارةً، بل يجب أن يستقيم على الحقِّ حتى يلقى ربَّه.
"ولا يُحصي" يعني: يستكثر من الخير، لا يعجز، كل ما أمكن من الخير: من صلاة النافلة، من الصَّدقة، من التَّسبيح والتَّهليل، ومن غير هذا من وجوه الخير لا يُحصي، بل ينبغي له أن يستكثر ما أمكن.
وفيه فضل الصلاة: خير أعمالكم الصلاة، الاستكثار منها، مثل: الضحى، يستكثر في الليل؛ ولهذا قال النبي في حديث عمرو بن عبسة عند مسلم: إذا ارتفعت الشمسُ فصَلِّ، فإنَّ الصلاةَ محضورة، مشهودة حتى يقف الظلُّ يعني: حتى تقف الشمسُ.
س: حديث: إنك ما ركعتَ ركعةً أو سجدتَ إلا رفعك اللهُ درجةً؟
ج: حديث ثوبان: أكثر من السجود، فإنَّك لن تسجد لله سجدةً إلا رفعك اللهُ بها درجةً رواه مسلم، الإكثار من السجود يعني: من الصَّلاة.
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْمَسْحِ بِالرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ
37- حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَأْخُذُ الْمَاءَ بِأُصْبُعَيْهِ لِأُذُنَيْهِ.
38- وَحَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ، فَقَالَ: لَا، حَتَّى يُمْسَحَ الشَّعْرُ بِالْمَاءِ.
الشيخ: كون ابن عمر يأخذ الماء لأذنيه هذا من اجتهاده، والأفضل أن يمسحهما بماء الرأس، يمسح الرأس والأذنين بماءٍ واحدٍ، هذا هو الأفضل، وكان ابنُ عمر يجتهد ويأخذ ماءً خاصًّا لأذنيه.
وأما ما يُروى عن جابرٍ هذا ليس بثابتٍ، الصواب أنه لا بأس بالمسح عليها، كما رواه البخاري وغيره، ورواه مسلم، المسح على العمامة حقٌّ: كمسح الخفَّين إذا لبسهما على طهارةٍ، أيش قال على أثر جابرٍ؟
الطالب: أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِاللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سُئِلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ فَقَالَ: لَا، حَتَّى يُمْسَحَ الشَّعْرُ بِالْمَاءِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ [المائدة:6]، وَالْمَاسِحُ عَلَى الْعِمَامَةِ لَمْ يَمْسَحْ بِرَأْسِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِالْبَرِّ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى عِمَامَتِهِ، مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ، وَبِلَالٍ، وَالْمُغِيرَةِ، وَأَنَسٍ، وَكُلُّهَا مَعْلُومَةٌ.
وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ عَمْرٍو، وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ إِسْنَادِهِ فِي كِتَابِ "الْأَجْوِبَةِ عَنِ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَغْرَبَةِ مِنَ الْبُخَارِيِّ"، وَأَجَازَ الْمَسْحَ عَلَيْهَا أَحْمَدُ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَدَاوُدُ، وَغَيْرُهُمْ؛ لِلْآثَارِ، وَقِيَاسًا عَلَى الْخُفَّيْنِ.
وَمَنَعَهُ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْآثَارِ، لَا مِنَ الْقِيَاسِ، وَلَوْ كَانَ مِنْهُ لجَازَ الْمَسْحُ عَلَى الْقُفَّازَيْنِ.
وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: فَرَضَ اللَّهُ مَسْحَ الرَّأْسِ، وَحَدِيثُ مَسْحِ الْعِمَامَةِ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ، فَلَا يُتْرَكُ الْمُتَيَقَّنُ لِلْمُحْتَمَلِ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْخُفِّ بَعِيدٌ؛ لِمَشَقَّةِ نَزْعِهِ، بِخِلَافِهَا.
وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْآيَةَ لَا تَنْفِي الِاقْتِصَارَ عَلَى الْمَسْحِ، لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَنْ يَحْمِلُ الْمُشْتَرِكَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: "قَبَّلْتُ رَأْسَ فُلَانٍ" يَصْدُقُ وَلَوْ عَلَى حَائِلٍ. وَبِأَنَّ الْمُجِيزِينَ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَسْحِ الْعِمَامَةِ شَرَطُوا فِيهِ مَشَقَّةَ نَزْعِهَا كَالْخُفِّ.
وَرُدَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْأَصْلَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مَا لَمْ يَرِدْ نَصٌّ صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ، وَالنُّصُوصُ وَرَدَتْ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ فِعْلًا وَأَمْرًا بِمَسْحِ الرَّأْسِ، فَتُحْمَلُ رِوَايَةُ مَسْحِ الْعِمَامَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِعُذْرٍ، بِدَلِيلِ الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ مَعَهَا كَمَا فِي مُسْلِمٍ.
الشيخ: وهذا ليس بجيدٍ، الصواب جواز المسح على العمامة، ثبت في البخاري من حديث ..... عندك؟
الطالب: نعم، وَخَرَّجَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ عَمْرٍو، وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ إِسْنَادِهِ.
الشيخ: وكذلك ثبت من حديث المغيرة في "صحيح مسلم"، المقصود أنَّ المسح على العمامة ثابت، والأمر بمسح الرأس مثل الأمر بغسل الرِّجلين، الله أمر بغسل الرِّجلين، ومع هذا يمسح على الخفَّين، السنة تُفسر القرآن، وأمر بمسح الرأس، والمسح على العمامة مسح على الرأس، كما أنَّ الرسول فسَّر ذلك بالمسح على الخفَّين، وكذلك الرأس سواء بسواءٍ، والتَّوقف في ذلك لا وجهَ له، غلط، إذا كانت العمامةُ مُحنَّكةً ..... النبي ﷺ فيها مشقة، وأيضًا في المسح على العمامة تسهيل وتيسير، كما أنَّ المسح على الخفَّين تيسير وتسهيل.
س: .................؟
ج: المعروف أنه يأخذ لرأسه ماءً جديدًا، هذا المحفوظ، رواه مسلم: يأخذ لرأسه ماءً جديدًا، أما لأذنيه فهو ضعيف.
39- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: أَنَّ أَبَاهُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ كَانَ يَنْزِعُ الْعِمَامَةَ، وَيَمْسَحُ رَأْسَهُ بِالْمَاءِ.
40- وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: أَنَّهُ رَأَى صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ -امْرَأَةَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ- تَنْزِعُ خِمَارَهَا، وَتَمْسَحُ عَلَى رَأْسِهَا بِالْمَاءِ. وَنَافِعٌ يَوْمَئِذٍ صَغِيرٌ.
وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْخِمَارِ، فَقَالَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْسَحَ الرَّجُلُ وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى عِمَامَةٍ وَلَا خِمَارٍ، وَلْيَمْسَحَا عَلَى رُؤُوسِهِمَا.
وَسُئِلَ مالكٌ عَنْ رَجُلٍ تَوَضَّأَ فَنَسِيَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى جَفَّ وَضُوؤُهُ، قَالَ: أَرَى أَنْ يَمْسَحَ بِرَأْسِهِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ.
الشيخ: يُعيد الصلاة، ويُعيد الوضوء أيضًا؛ لأنه طال الفصلُ، فإذا ترك مسح الرأس ناسيًا وجب أن يُعيد الوضوء ويُعيد الصلاة، أما إذا ذكر حالا أعاد مسح الرأس، وأعاد غسل الرِّجلين؛ لوجود الموالاة.
س: إذا وضعت المرأةُ الحميةَ على رأسها، وغطَّت شعرها كاملًا؟
ج: تمسح على الضّمادات مثلما قالت عائشة: كنا نمسح على الضّمادات.
س: ................؟
ج: الظاهر يحطُّونها لتقوية الشّعر وتحسين الشّعر.