ولابن جرير بسنده عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى [النجم:19]، قال: كان يلت لهم السَّويق، فمات، فعكفوا على قبره.
وكذا قال أبو الجوزاء عن ابن عباسٍ، قال: "كان يلت السَّويق للحاجِّ".
قوله: "ولابن جرير" هو الإمام الحافظ محمد بن جرير بن يزيد الطبري، صاحب "التفسير" و"التاريخ" و"الأحكام" وغيرها.
قال ابنُ خزيمة: لا أعلم على الأرض أعلم من محمد بن جرير. وكان من المجتهدين، لا يُقلِّد أحدًا، وله أصحاب يتفقَّهون على مذهبه، ويأخذون بأقواله. ولد سنة أربعٍ وعشرين ومئتين، ومات ليومين بقيا من شوال سنة عشر وثلاثمئة.
قوله: "عن سفيان" الظاهر أنه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، أبو عبدالله الكوفي، ثقة، حافظ، فقيه، إمام، عابد، كان مجتهدًا وله أتباع يتفقَّهون على مذهبه. مات سنة إحدى وستين ومئة، وله أربع وستون سنةً.
قوله: "عن منصور" هو ابن المعتمر بن عبدالله السلمي، ثقة، ثبت، فقيه. مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة.
قوله: "عن مجاهد" هو ابن جبر -بالجيم والموحدة- أبو الحجاج المخزومي مولاهم المكي، ثقة، إمام في التفسير، أخذ عن ابن عباسٍ وغيره ، مات سنة أربعٍ ومئة. قاله يحيى القطان.
وقال ابنُ حبان: مات سنة اثنتين أو ثلاث ومئة وهو ساجد، ولد سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر .
قوله: "كان يلت السَّويق لهم فمات، فعكفوا على قبره".
في روايةٍ: "فيُطعم مَن يمرّ من الناس، فلما مات عبدوه، وقالوا: هو اللات". رواه سعيد بن منصور.
ومناسبته للترجمة: أنهم غلوا فيه لصلاحه حتى عبدوه، وصار قبره وثنًا من أوثان المشركين.
قوله: "وكذا قال أبو الجوزاء" هو أوس بن عبدالله الربعي -بفتح الراء والباء- مات سنة ثلاثٍ وثمانين.
قال البخاري: حدَّثنا مسلم -وهو ابن إبراهيم- حدثنا أبو الأشهب: حدثنا أبو الجوزاء، عن ابن عباسٍ قال: " كان اللَّات رجلًا يلت سويق الحجاج".
قال ابنُ خزيمة: وكذا العُزَّى، وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلةٍ بين مكة والطائف، كانت قريش يُعظِّمونها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: "لنا العُزَّى، ولا عُزَّى لكم".
قوله: "وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: "لعن رسولُ الله ﷺ زائرات القبور".
الشيخ: والمقصود من هذا أنه ﷺ حذَّر أمته مما عليه المشركون سابقًا مع اللات والعزى ومناة، وأزال اللات، وأزال العزى، وأزال مناة؛ حتى لا يقع للشرك آثار، وكان المشركون يغلون في اللات، وفي العزى، وفي مناة، ويعبدونها، فقطع الله دابرها، وأزالها النبيُّ عليه الصلاة والسلام، وبيَّن للأمة أنَّ الواجب عليهم إخلاص العبادة لله وحده، وعدم التَّعلق بغيره: لا باللات، ولا بالعزى، ولو كان يلت السويق للحجيج صلاحه له، وهكذا الشجرة التي هي العزى، وهكذا مناة، وهكذا بقية الأصنام التي يعبدونها: كهُبَل وغيره.
الواجب على جميع الثَّقلين أن يعبدوا الله وحده، وأن يحذروا ما عليه آباؤهم الضَّالون من الشرك، سواء كان الشرك بنبيٍّ، أو صالحٍ، أو شجرةٍ، أو حجرٍ، أو نجمٍ، أو غير ذلك، العبادة حقّ الله وحده؛ ولهذا يقول جلَّ وعلا: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، ويقول جلَّ وعلا: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء:36].
فالواجب على جميع الثَّقلين أن يعبدوه وحده، وأن يحذروا ما عليه أسلافهم الضَّالون في التَّعلق على الأشجار، أو الأحجار، أو النجوم، أو الجن، أو غير هذا، نعم.
س: مَن أراد أن يبني مسجدًا في أرضٍ فوجد فيها قبورًا إلى غير القبلة، فهل يجوز نبش هذه القبور كما فعل ﷺ في قبور المشركين؟
ج: هذا ينظر فيه، إن دعت الحاجةُ ينظر فيه ولاة الأمر، فإن ثبت أنها من قبور الكفَّار تُزال، أما إذا كانت من قبور المسلمين تُحترم، تبقى، يبني في مكانٍ آخر، أما إذا كانت من قبور الكفَّار تُزال ويُبنى فيها، مثلما بنى النبيُّ مسجده في محل قبور المشركين، نبشها وأزالها ﷺ.
س: لو كانت قبورًا للمسلمين تُنبش للحاجة؟
ج: لا، ما تُنبش، تبقى على حالها وتُصان ولا يُتعرض لها بسوءٍ.
س: ولو لحاجةٍ: لشقِّ طريقٍ أو كذا؟
ج: الضَّرورة لها أحكامها، الضَّرورات لها أحكامها.
س: ما يُفعل في بعض البلدان: إذا مرَّ على القبر فترةً وصار رميمًا أخذوه على جنبٍ ودفنوا ثانيًا؟
ج: لا، ما ينبغي هذا، ينبغي أن تكون مقابر متعددة بقدر حاجة الناس، ولا تُنبش، الميت محترم، أما إذا كان للضَّرورة فالضَّرورات لها أحكامها، كما دفن النبي يوم أحد الاثنين والثلاثة جميعًا، وإذا كان ..... ضيقة والمكان ضيق ودفنوا هذا مع هذا، إذا دعت الحاجةُ لا بأس.
س: ولو لم يبقَ من عظامه شيء؟
ج: إذا دعت الحاجةُ لا بأس.
قوله: "وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: لعن رسولُ الله ﷺ زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسُّرج. رواه أهلُ السنن".
قلت: وفي الباب حديث أبي هريرة، وحديث حسان بن ثابت:
فأما حديث أبي هريرة فرواه أحمد والترمذي وصحَّحه.
وحديث حسَّان أخرجه ابنُ ماجه من رواية عبدالرحمن بن حسان بن ثابت، عن أبيه قال: "لعن رسولُ الله ﷺ زوَّارات القبور".
وحديث ابن عباسٍ هذا في إسناده أبو صالح مولى أم هانئ، وقد ضعَّفه بعضُهم، ووثَّقه بعضُهم.
قال علي بن المديني عن يحيى القطان: "لم أرَ أحدًا من أصحابنا ترك أبا صالح مولى أم هانئ، وما سمعتُ أحدًا من الناس يقول فيه شيئًا، ولم يتركه شعبة، ولا زائدة، ولا عبدالله بن عثمان".
قال ابن معين: "ليس به بأس؛ ولهذا أخرجه ابن السكن في صحيحه".
انتهى من الذهب الإبريز عن الحافظ المزي.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: وقد جاء عن النبي ﷺ من طريقين:
فعن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ لعن زوَّارات القبور. وذكر حديث ابن عباس، ثم قال: ورجال هذا ليس رجال هذا، فلم يأخذه أحدُهما عن الآخر. وليس في الإسنادين مَن يُتَّهم بالكذب، ومثل هذا حُجَّة بلا ريب.
وهذا من أجود الحسن الذي شرطه الترمذي؛ فإنه جعل الحسن ما تعددت طرقه، ولم يكن فيه متهم، ولم يكن شاذًّا، أي: مخالفًا لما ثبت بنقل الثِّقات.
وهذا الحديث تعددت طرقه، وليس فيها متهم، ولا خالفه أحد من الثقات، هذا لو كان عن صاحبٍ واحدٍ، فكيف إذا كان رواه عن صاحبٍ، وذاك عن آخر؟ فهذا كله يُبين أنَّ الحديث في الأصل معروف.
والذين رخَّصوا في الزيارة اعتمدوا على ما رُوي عن عائشة رضي الله عنها: أنها زارت قبر أخيها عبدالرحمن وقالت: "لو شهدتُك ما زرتُك". وهذا يدل على أنَّ الزيارة ليست مُستحبَّةً للنساء كما تُستحب للرجال؛ إذ لو كان كذلك لاستحبت زيارته سواء شهدته أم لا.
قلت: فعلى هذا لا حُجَّة فيه لمن قال بالرُّخصة.
وهذا السياق لحديث عائشة رواه الترمذي من رواية عبدالله ابن أبي مُليكة عنها، وهو يُخالف سياق الأثرم له عن عبدالله ابن أبي مليكة أيضًا: أن عائشة رضي الله عنها أقبلت ذات يومٍ من المقابر، فقلت لها: يا أم المؤمنين، أليس نهى رسولُ الله ﷺ عن زيارة القبور؟ قالت: "نعم نهى عن زيارة القبور، ثم أمر بزيارتها".
فأجاب شيخ الإسلام رحمه الله عن هذا وقال: ولا حُجَّة في حديث عائشة؛ فإنَّ المحتجَّ عليها احتجَّ بالنَّهي العام، فدفعت ذلك بأنَّ النهي منسوخ، ولم يذكر لها المحتجّ النهي الخاصّ بالنساء الذي فيه لعنهن على الزيارة، يبين ذلك قولها: "قد أمر بزيارتها"، فهذا يُبين أنه أمر بها أمرًا يقتضي الاستحباب، والاستحباب إنما هو ثابتٌ للرجال خاصَّة، ولو كانت تعتقد أنَّ النساء مأمورات بزيارة القبور لكانت تفعل ذلك كما يفعله الرجال، ولم تقل لأخيها: لما زرتُك.
الشيخ: والمقصود أنَّ الزيارة كانت منهيًّا عنها للجميع؛ لأنَّ الناس كانوا حُدثاء عهدٍ بالكفر، فنهاهم الرسولُ عن الزيارة لئلا يقع منهم ما هو شرٌّ، ثم رخَّص لهم في زيارة القبور؛ لما فيها من الذِّكرى والموعظة، قال: زوروا القبور؛ فإنها تُذكركم الآخرة، وكانت زيارةً عامةً، ثم خصَّ النساء بالنَّهي؛ لأنهن قليلات الصبر، ضعيفات في هذا المقام، فكان من حكمة الله أن نهين عن الزيارة؛ لئلا يقع منهن ما لا ينبغي عند القبور، فاستقرت الشريعةُ على أنَّ الزيارة سنة للرجال، ممنوعة من جهة النِّساء.
س: قولها: "ولم يعزم علينا"، "نُهينا عن زيارة القبور ولم يعزم علينا"؟
ج: أم عطية، تبع الجنائز: "نُهينا عن اتباع الجنائز"، والصواب أنهن منهيات عن اتِّباع الجنائز.
س: ولم يعزم علينا؟
ج: يعني: لم يُؤكد علينا في التَّحريم، لكن جاءت الأحاديث باللَّعن، واللَّعن أشدّ، التأكيد خفي عليها هذا.
س: حديث ابن عباسٍ ثابت؟
ج: لا بأس به، جيد.
س: مَن مرَّ بالسيارة على المقبرة؟
ج: السنة أن يزورها قصدًا، وإن سلَّم عليها وهو مارٌّ لا بأس، لكن السنة أن يقصدها بالزيارة لطلب القُربة.
س: المرأة لها أن تدعو للأموات وهي مارَّة؟
ج: تدعو لهم في بيتها، وفي كل مكانٍ، لكن لا تزور القبور، أما الدعاء لا بأس، تدعو للموتى ولو في فراشها.
س: بعض الإخوة عندهم في بلادهم إذا حفروا مترًا يخرج الماء، فوضعنا غرفًا على وجه الأرض مبنية يُوضع فيها الميت ويُردم عليه؟
ج: هذا إذا ما تيسرت أرض لا بأس، يردمون عليه، إذا ما تيسرت أرض يُحفر فيها من أجل الماء، يجعلون شيئًا يقيه الماء ويدفنونه ظاهرًا لا بأس: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
س: قال: بنينا غُرفًا ارتفاعها متر ونصف أو قريب من ذلك؟
ج: المقصود: يجعل على محلٍّ ما فيه ماء، بلبنٍ، أو شيءٍ مما يقيه شرَّ الماء، ولا بأس للضَّرورة، أما إذا وجدوا أرضًا يدفنون في الأرض، أما إذا صحَّ كلامه وما وجدوا أرضًا إلا كلها مياه، لكن الظاهر أنَّ هذا باطل، الظاهر أنه ما هو بصحيحٍ، ما هناك أرض كلها ماء، لو كانت كلها ماء ما عاشوا فيها.
س: عائشة لم يبلغها النَّهي بعد الرُّخصة؟
ج: لعله ما بلغها.
س: ..... قالت: ثم رخَّص فيها؟
ج: على المعنى الأول رخَّص فيها بعد النَّهي، ثم نهى النساء خاصَّةً عليه الصلاة والسلام.
واللَّعن صريح في التَّحريم، والخطاب بالإذن في قوله: فزوروها لم يتناول النساء، فلا يدخلن في الحكم الناسخ، والعام إذا عُرف أنه بعد الخاصِّ لم يكن ناسخًا له عند جمهور العلماء، وهو مذهب الشافعي وأحمد في أشهر الرِّوايتين عنه، وهو المعروف عند أصحابه، فكيف إذا لم يعلم أنَّ هذا العام بعد الخاصِّ؟ إذ قد يكون قوله: لعن الله زوَّارات القبور بعد إذنه للرجال في الزيارة، يدل على أنه قرنه بالمتَّخذين عليها المساجد والسُّرُج.
ومعلوم أنَّ اتِّخاذ المساجد والسُّرج المنهي عنها محكم، كما دلَّت عليه الأحاديث الصَّحيحة، وكذلك الآخر.
والصحيح أنَّ النساء لم يدخلن في الإذن في زيارة القبور لعدة أوجهٍ:
أحدها: أن قوله ﷺ فزوروها صيغة تذكير، وإنما يتناول النساء أيضًا على سبيل التَّغليب، لكن هذا فيه قولان:
قيل: إنه يحتاج إلى دليلٍ مُنفصلٍ، وحينئذٍ فيحتاج تناول ذلك للنساء إلى دليلٍ منفصلٍ.
وقيل: إنه يُحمل على ذلك عند الإطلاق.
وعلى هذا فيكون دخول النساء بطريق العموم الضَّعيف، والعام لا يُعارض الأدلة الخاصَّة، ولا ينسخها عند جمهور العلماء، ولو كان النساء داخلات في هذا الخطاب لاستحبّ لهن الزيارة للقبور، وما علمنا أحدًا من الأئمة استحبَّ لهن زيارة القبور، ولا كان النساءُ على عهد النبي ﷺ وخلفائه الراشدين يخرجن إلى زيارة القبور.
ومنها: أنَّ النبي ﷺ علل الإذنَ للرجال بأن ذلك: "يُذكر الموت، ويُرقق القلب، وتدمع العين"، هكذا في "مسند أحمد".
ومعلوم أنَّ المرأة إذا فُتح لها هذا الباب أخرجها إلى الجزع والنَّدب والنياحة؛ لما فيها من الضعف وقلة الصبر، وإذا كانت زيارةُ النساء مظنةً وسببًا للأمور المحرَّمة؛ فإنه لا يمكن أن يحدّ المقدار الذي لا يُفضي إلى ذلك، ولا التَّمييز بين نوعٍ ونوعٍ، ومن أصول الشريعة: أنَّ الحكمة إذا كانت خفيةً أو مُنتشرةً علّق الحكمُ بمظنتها، فيحرم هذا الباب سدًّا للذريعة، كما حرم النظر إلى الزينة الباطنة، وكما حرم الخلوة بالأجنبية، وغير ذلك.
وليس في ذلك من المصلحة ما يُعارض هذه المفسدة؛ فإنه ليس في ذلك إلا دعاؤها للميت، وذلك ممكن في بيتها.
ومن العلماء مَن يقول: التَّشييع كذلك، ويحتج بقوله ﷺ: ارجعن مأزورات غير مأجورات، فإنكن تفتنَّ الحيَّ، وتُؤذين الميت، وقوله لفاطمة: أما إنك لو بلغت معهم الكدى لم تدخلي الجنة، ويُؤيده ما ثبت في "الصحيحين" من أنه نهى النساء عن اتِّباع الجنائز.
ومعلوم أنَّ قوله ﷺ: مَن صلَّى على جنازةٍ فله قيراطٌ، ومَن تبعها حتى تُدفن فله قيراطان هو أدلّ على العموم من صيغة التذكير؛ فإنَّ لفظ "من" يتناول الرجال والنساء باتِّفاق الناس، وقد عُلم بالأحاديث الصَّحيحة أنَّ هذا العموم لم يتناول النساء؛ لنهي النبي ﷺ لهنَّ عن اتِّباع الجنائز، فإذا لم يدخلن في هذا العموم فكذلك في ذلك بطريق الأولى. انتهى مُلخَّصًا.
قلتُ: وعما استدل به القائلون بالنَّسخ أجوبة أيضًا:
منها: أنَّ ما ذكروه عن عائشة وفاطمة رضي الله عنهما مُعارض بما ورد عنهما في هذا الباب، فلا يثبت به نسخ.
ومنها: أنَّ قول الصَّحابي وفعله ليس حُجَّةً على الحديث بلا نزاعٍ، وأما تعليمه عائشة كيف تقول إذا زارت القبور ونحو ذلك، فلا يدل على نسخ ما دلَّت عليه الأحاديث الثلاثة من لعن زائرات القبور؛ لاحتمال أن يكون ذلك قبل هذا النَّهي الأكيد، والوعيد الشديد، والله أعلم.
الشيخ: وهو الصواب؛ لأنه كان قبل ذلك حين كانت الزيارةُ مشروعةً للجميع، ثم نهى النساء عنها.
س: قوله: ما كان أحدٌ من النساء يزرن القبور على عهد النبي ﷺ، وعائشة كانت تزور؟
ج: لا، ما كانت تزور، هذا لما ذهبت إلى مكة مرَّت على قبر أخيها.
س: قوله: "وما علمنا أحدًا من الأئمة استحبَّ لهن زيارة القبور"، قصده من المتقدمين؟
ج: إي نعم.
الشيخ: وهذا كلام الأمير محمد بن إسماعيل كلام طيب، والمقصود من هذا أنَّ البناء على القبور سواء كانت للملوك أو للصَّالحين أو للعلماء أو لغيرهم، كله شرّ، ولا يجوز، ووسيلة إلى الشرك الأكبر، وإن لم يفعله الخواص الذين يعرفون، لكن غالب الناس جهلة، فإذا رأوا قبرًا مشيدًا ومبنيًّا عليه، أو مستورًا، أو كذا ظنُّوا أنه يحصل به كذا وكذا؛ فدعوه، واستغاثوا به، ونذروا له، كما قد وقع مع كثيرٍ من القبور، نسأل الله العافية.
س: هذه المسألة يسع فيها الخلاف: زيارة النِّساء؟
ج: لا، لا، الباب مسدود في هذا، يجب المنع.
س: ما الذي يُقال للفلاحين الذين يقولون بعد متر نجد الماء في كل أرضٍ؟
ج: يُعالجون القبر بما يستطيعون، يجعلون شيئًا يقي الميت والحمد لله.
س: إلا البناء؟
ج: البناء لا يبنون عليه، يجعلون شيئًا من التراب من جهةٍ أخرى أو .... اللَّبن، يفعلون شيئًا يقي الماء، أو ألواح.