52- باب قول الله تعالى: {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية الأولى}

باب قول الله تعالى: {يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية الأولى}
وقوله: الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ [الفتح: 6].
قال ابن القيم في الآية الأولى: فسر هذا الظن بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وفسر بأن ما أصابه لم يكن بقدر الله وحكمته. ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله، وأن يظهره الله على الدين كله. وهذا هو ظن السوء الذي ظنه المنافقون والمشركون في سورة الفتح. وإنما كان هذا الظن السوء لأنه ظن غير ما يليق به سبحانه، وما يليق بحكمته وحمده ووعده الصادق.
فمن ظن أنه يديل الباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها الحق، أو أنكر أن يكون ما جرى بقضائه وقدره، أو أنكر أن يكون قدره لحكمة بالغة يستحق عليها الحمد، بل زعم أن ذلك لمشيئة مجردة، فذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار.
وأكثر الناس يظنون بالله ظن السوء فيما يختص بهم، وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم من ذلك إلا من عرف الله وأسماءه وصفاته، وموجب حكمته وحمده.
فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا، وليتب إلى الله، وليستغفره من ظنه بربه ظن السوء. ولو فتشت من فتشت لرأيت عنده تعنتا على القدر وملامة له، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا؛ فمستقل ومستكثر.
وفتش نفسك، هل أنت سالم.
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا إخالك ناجيا.

الشيخ: ...........
ثم انتقل إلى العيينة، كلها قريبة من الرياض، ثم انتقل من العيينة إلى الدرعية، بإيواء أميرها محمد بن سعود، ووعده له بالنصر والتأييد والمساعدة في إظهار دين الله والدعوة إليه.
فقد دعا رحمه الله إلى الله إلى الحق في العراق لما سافر إلى العراق، ودرس هناك في البصرة، ودعا إلى الله في الحجاز مكة والمدينة وأخذ عن علمائها، ثم قدم إلى حريملاء ودرس في حريملاء وهي القرية المعروفة هنا في نجد وألف فيها كتابه التوحيد هذا، ثم انتقل إلى العيينة بطلب من أميرها عثمان بن معمر وساعده في الدعوة إلى الله وهدم قبة كانت على قبر زيد بن الخطاب كانت في الجبيلة، كانت قبة تعبد فيها زيد بن الخطاب أخو عمر؛ لأنه ممن قتل في حرب مسيلمة ودفن هناك؛ فخرج عثمان والشيخ محمد وجماعة وهدموا هذه البلية التي على القبر، وأزالوا آثار الشرك.
ثم انتقل من العيينة إلى الدرعية واتفق مع الإمام محمد بن سعود وتبايعا على نصر الله والدعوة إليه واستمر في الدرعية من عام 1158 إلى أن توفاه الله في عام 1206 في ذي القعدة بعدما أكمل تسعين سنة ومات في الحادية والتسعين رحمه الله.
وقد نشر الدعوة وألف كتبه المشهورة كتاب التوحيد وكشف الشبهات وثلاثة الأصول ورسائل أخرى كثيرة أرسلها إلى الآفاق وإلى البلدان في نجد وفي الحجاز وفي الهند وفي باكستان وغيرها، ونشر الله به الدعوة وأيد لهذه الدعوة علماء الحق من أهل الدرعية ومن أهل الرياض ومن أهل السديل ومن غيرهم ومن أهل القصيم ومن غيرهم، وألف كتاب التوحيد في بيان حق الله على العبيد وبيان ما وقع من الشرك بين الناس، ومن ذلك هذا الباب، باب قول الله تعالى: يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ [آل عمران: 154].

هذا الباب بين فيه رحمه الله ما كان يعتقده المنافقون وما كانوا يظنون بالله من ظن الجاهلية أن هذا من سوء معتقدهم ومن فساد عقيدتهم ظنوا بالله ظن الجاهلية، وظنوا أنه لن ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل وأنكروا الحكمة وأنكروا نصر الله لرسوله وتأييده لرسوله، كل هذا من ظن الجاهلية ولا سيما لما وقعت وقعة أحد، وجرى فيها ما جرى نجم النفاق وظهر النفاق، حتى أيد الله رسوله يوم الأحزاب، ثم فتح الله عليه مكة بعد ذلك.
وهكذا قوله في حقهم: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْء [الفتح: 6] ظن السوء هكذا أنهم يظنون ظنًا قبيحًا أن الله لن ينصر رسوله ولا يؤيده ولا يجعل له العاقبة ويظنون أن أمره سيضمحل وإنه إذا أدال الباطل أن هذا الباطل يستقر ويذهب الحق ويضمحل كل هذا من ظن السوء، فأخلف الله ظنهم وأبطل ظنهم ونصر رسوله وأيده وجعل العاقبة له يوم الأحزاب، وهكذا في خيبر، وهكذا يوم الفتح، فصارت الدائرة على أعداء الله وأيد الله رسوله في يوم بدر، ثم بعد أحد لما جرى ما جرى من الهزيمة بأسباب بينها سبحانه وتعالى أيده أيضاً يوم الأحزاب بالريح العظيمة والجنود حتى دمر الله على المشركين وأسقط خيامهم ودمر جنودهم وأكفأ قدورهم حتى رجعوا خائبين ثم هزمهم الله يوم الفتح ونصر رسوله ودخل مكة فاتحًا منصورًا مؤيدًا كل هذا مما يغيظ المنافقين ويغيظ اليهود وغيرهم من الكفرة والله أيد رسوله ووعده بالنصر فأتم له وعده كما قال عز وجل: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الحج: 40]
وقال تعالى: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ۝ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ۝ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات: 171-173]. 
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد: 7]. 
وقال سبحانه: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم: 47] فالله وفى لرسوله بالوعد وأيده وأيد جنده وجعل العاقبة لأهل الإيمان والخيبة والهلاك والدمار والهزيمة على أهل الكفر والنفاق فهذا كله من فضله وإحسانه؛ فالواجب عليك يا عبد الله أن تنظر في نفسك، فإن أكثر الخلق يظنون بالله ظن الجاهلية في أنفسهم وفي غيرهم ويعيبون على الله بعض ما يقع ويظنون أن ذلك صدر عن غير حكمة ويظنون بالله ظن السوء لجهلهم وضلالهم وفساد عقيدتهم، فاحذر أن يصيبك ما أصابهم، وفتش عن نفسك هل أنت سالم من هذه الظنون السيئة، فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة، وإلا فإني لا أخالك ناجيًا، يعني لا أظنك ناجيًا، هذا كله من كلام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد في غزوة أحد.
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والعلم النافع والعمل الصالح، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الأسئلة:

س: .....؟
الشيخ: هذا وعد الله في آخر الزمان، لا يأتي عام إلا الذي بعده شر منه لغربة الإسلام.
س:....؟
الشيخ: الظن السوء أن الإسلام يبيد ويذهب على خلاف ما أخبر به الرسول ﷺ من ظن خلاف ما أخبر به الرسول فقد أساء الظن، فلا تزال طائفة على الحق منصورة حتى تقوم الساعة حتى تأتي الريح التي يرسلها الله على المؤمنين في آخر الزمان بعد طلوع الشمس من مغربها فتقبض أرواح المؤمنين والمؤمنات فلا بدّ من طائفة منصورة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
س:......؟
الشيخ: هذه حال المنافقين وحال اليهود والمشركين بعضهم منافق يظهر الإسلام وهو كاذب فهذا يسمى منافق، وبعضهم صريح الكفر كاليهود والنصارى وأشباههم كفرهم صريح نسأل الله العافية.
س:.....؟
الشيخ: نعم مس الفرج ينقض الوضوء صغير ولا كبير.