باب قول الله تعالى: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه}
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب من أهم الأبواب وقصد به المؤلف وهو أبو عبد الله الشيخ الإمام شيخ الإسلام في زمانه محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في هذه الجزيرة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، يقول رحمه الله في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 175]، ويقول جل وعلا: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ [التوبة: 18]، ويقول سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت: 10].
ومراد المؤلف رحمه الله وجوب الخوف من الله، وأن الواجب الخوف من الله وخشيته سبحانه وتعالى وأن يحذر خوف الناس وخشية الناس إذا كان ذلك يحمله على ترك واجب أو فعل محرم، أما خشيتهم في الأمور السرية التي لا يخشى فيها إلا الله فهذا شرك أكبر، وكونه يخشى الناس أن يزيغوا قلبه بسرهم أو يخشاهم أنهم يبطشون بسرهم فهذا شرك أكبر، فهذا لا يخشى إلا الله في ذلك سبحانه وتعالى، أما خوف الناس أنهم يضربون أو كذا أو كذا من دون أسباب؛ فهذا لا يجوز أن تكون هذه الخشية حاملة له على ترك الواجب أو فعل المحرم، كما لو يخشى الكفار فيترك الجهاد، يجب أن يجاهد ويجب على المسلمين أن يجاهدوا وأن لا يخشوا إلا الله جل وعلا، وأن يستعينوا بالله في جهاد الكفار، وهكذا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن لا يخشى الناس بذلك، بل يراقب الله ويأمر بالمعروف وينهَ عن المنكر ولا يخشى إلا ربه ، أما الخوف الطبيعي كأن يخشى البرد فيلبس الشيء الذي يدفأه أو يخشى الحر فيستعمل ما يحصل به التبريد، أو يخشى الجوع فيأكل فهذا لا بأس به، هذه أمور لا إشكال فيها ولا حرج فيها؛ لأنها من الأمور العادية، وهكذا يخشى السراق فيجعل على الباب حرسًا أو يغلق بابه لأجل اتقاء شر السراق، أو طريق فيها سباع أو قطاع طريق فيجتنبها إلى طريق أحسن منها ويخاف شرهم، كل هذا لا بأس، هذه الأمور العادية لا بأس بها.
وقوله في حديث أبي سعيد ، وهو أبو سعيد الخدري : "إن من ضعف اليقين، يعني ضعف الإيمان بالله أن ترضي الناس بسخط الله، أو تحمدهم على رزق الله، أو تذمهم على ما لم يؤتك الله؛ فإن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره"، يعني من ضعف الإيمان أن يرضي الناس بسخط الله، يعني يفعل المعصية لإرضائهم أو يترك الواجب لإرضائهم، هذا من ضعف الإيمان، الواجب أن يتقي الله وأن يؤدي ما أوجب الله ويحذر ما حرم الله وأن لا يجامل الناس في ذلك فيرضيهم مثلاً بعدم إنكار المنكر على من يشرب الخمر وهو يقدر، أو عدم إنكار المنكر على من يعق والديه لأجل إرضائه أو ما أشبه ذلك لا، يجب إنكار المنكر وأن لا يرضي الناس بسخط الله.
كذلك كونه يرضي زيدًا أو عمرًا بالمعصية لأن أباه أو أخاه يحب منه أن يدخن، أو يحب منه أن يشرب الخمر معه، لا يرضي الناس بسخط الله يجب الحذر من ذلك.
كذلك لا يحمدهم على رزق الله، ما رزقه الله جل وعلا من فضله سبحانه وتعالى يشكر الله عليه، لكن من فعل المعروف يشكر، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، لكن كونه إن أعطوه مدح وإن تركوه ذم لهواه لا، بل ينظر في الأمر، فإن كان تركوك لأنك لا تستحق، فلا يستحقون الذم، وإن كانوا أعطوك وأنت تستحق ذلك، فهم يشكرون، لكن الفضل لله، تحمد الله على رزقه وعلى فضله، وتشكرهم على ما فعلوا من الفضل، أما أن تحمدهم على رزق الله لأجل هواك وتذمهم على ما يأتيك الله لأجل هواك؛ هذا لا يجوز، أما ذمهم إذا قصروا في الواجب، أو مدحهم إذا فعلوا الخير فهذا مطلوب.
وهكذا حديث عائشة رضي الله عنها يقول ﷺ: من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس فالمؤمن إذا التمس رضا الله واجتهد في طاعته الله، الله يكفيه مؤونة الناس ويكفيه شرهم ويرضي عنه الناس؛ لأنه قدم حق الله جل وعلا؛ فهو سبحانه وتعالى يعامله بالخير ويرضي عنه الناس، ويكف شرهم عنه، كما في اللفظ الآخر: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، فليتمس رضا الله وليجتهد في طاعة الله وإن سخط الناس والله يكفيه مؤونتهم يسأله أن يكفيه شرهم، يسأله أن يعافيه من شرهم، وهو سبحانه الجواد الكريم جل وعلا، وليحذر أن يلتمس رضا الناس بسخط الله، يحذر المؤمن أن يرضي الناس بسخط الله، يرضي أباه بالمعصية يرضي أخاه بالمعصية يرضي الأمير بالمعصية لا يجوز، الواجب أن تبين له أن هذا لا يجوز لك، وأن تطلب من أبيك إذا طلب منك ما يسخط الله تقول له: لا يا والدي هذا ما يجوز، أبوك يقول لك: احلق لحيتك، تقول: يا أبي هذا ما يجوز، الرسول ﷺ نهانا عن هذا، يقول لك: اشرب الخمر، تقول له لا يا والدي إنما الطاعة في المعروف ما أطيعك في المعصية، وهكذا لا تطع أباك ولا غير أباك في المعصية.
وفق الله الجميع.
وقوله تعالى: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ [التوبة: 18].
وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت: 10].
عن أبي سعيد مرفوعا: إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله. إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره.
وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس رواه ابن حبان في صحيحه.
وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت: 10].
عن أبي سعيد مرفوعا: إن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله. إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره.
وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس؛ ومن التمس رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس رواه ابن حبان في صحيحه.
الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الباب من أهم الأبواب وقصد به المؤلف وهو أبو عبد الله الشيخ الإمام شيخ الإسلام في زمانه محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي التميمي رحمه الله المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في هذه الجزيرة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر، يقول رحمه الله في كتاب التوحيد: باب قول الله تعالى: إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 175]، ويقول جل وعلا: إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ [التوبة: 18]، ويقول سبحانه: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ [العنكبوت: 10].
ومراد المؤلف رحمه الله وجوب الخوف من الله، وأن الواجب الخوف من الله وخشيته سبحانه وتعالى وأن يحذر خوف الناس وخشية الناس إذا كان ذلك يحمله على ترك واجب أو فعل محرم، أما خشيتهم في الأمور السرية التي لا يخشى فيها إلا الله فهذا شرك أكبر، وكونه يخشى الناس أن يزيغوا قلبه بسرهم أو يخشاهم أنهم يبطشون بسرهم فهذا شرك أكبر، فهذا لا يخشى إلا الله في ذلك سبحانه وتعالى، أما خوف الناس أنهم يضربون أو كذا أو كذا من دون أسباب؛ فهذا لا يجوز أن تكون هذه الخشية حاملة له على ترك الواجب أو فعل المحرم، كما لو يخشى الكفار فيترك الجهاد، يجب أن يجاهد ويجب على المسلمين أن يجاهدوا وأن لا يخشوا إلا الله جل وعلا، وأن يستعينوا بالله في جهاد الكفار، وهكذا يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن لا يخشى الناس بذلك، بل يراقب الله ويأمر بالمعروف وينهَ عن المنكر ولا يخشى إلا ربه ، أما الخوف الطبيعي كأن يخشى البرد فيلبس الشيء الذي يدفأه أو يخشى الحر فيستعمل ما يحصل به التبريد، أو يخشى الجوع فيأكل فهذا لا بأس به، هذه أمور لا إشكال فيها ولا حرج فيها؛ لأنها من الأمور العادية، وهكذا يخشى السراق فيجعل على الباب حرسًا أو يغلق بابه لأجل اتقاء شر السراق، أو طريق فيها سباع أو قطاع طريق فيجتنبها إلى طريق أحسن منها ويخاف شرهم، كل هذا لا بأس، هذه الأمور العادية لا بأس بها.
وقوله في حديث أبي سعيد ، وهو أبو سعيد الخدري : "إن من ضعف اليقين، يعني ضعف الإيمان بالله أن ترضي الناس بسخط الله، أو تحمدهم على رزق الله، أو تذمهم على ما لم يؤتك الله؛ فإن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كراهية كاره"، يعني من ضعف الإيمان أن يرضي الناس بسخط الله، يعني يفعل المعصية لإرضائهم أو يترك الواجب لإرضائهم، هذا من ضعف الإيمان، الواجب أن يتقي الله وأن يؤدي ما أوجب الله ويحذر ما حرم الله وأن لا يجامل الناس في ذلك فيرضيهم مثلاً بعدم إنكار المنكر على من يشرب الخمر وهو يقدر، أو عدم إنكار المنكر على من يعق والديه لأجل إرضائه أو ما أشبه ذلك لا، يجب إنكار المنكر وأن لا يرضي الناس بسخط الله.
كذلك كونه يرضي زيدًا أو عمرًا بالمعصية لأن أباه أو أخاه يحب منه أن يدخن، أو يحب منه أن يشرب الخمر معه، لا يرضي الناس بسخط الله يجب الحذر من ذلك.
كذلك لا يحمدهم على رزق الله، ما رزقه الله جل وعلا من فضله سبحانه وتعالى يشكر الله عليه، لكن من فعل المعروف يشكر، ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله، لكن كونه إن أعطوه مدح وإن تركوه ذم لهواه لا، بل ينظر في الأمر، فإن كان تركوك لأنك لا تستحق، فلا يستحقون الذم، وإن كانوا أعطوك وأنت تستحق ذلك، فهم يشكرون، لكن الفضل لله، تحمد الله على رزقه وعلى فضله، وتشكرهم على ما فعلوا من الفضل، أما أن تحمدهم على رزق الله لأجل هواك وتذمهم على ما يأتيك الله لأجل هواك؛ هذا لا يجوز، أما ذمهم إذا قصروا في الواجب، أو مدحهم إذا فعلوا الخير فهذا مطلوب.
وهكذا حديث عائشة رضي الله عنها يقول ﷺ: من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس فالمؤمن إذا التمس رضا الله واجتهد في طاعته الله، الله يكفيه مؤونة الناس ويكفيه شرهم ويرضي عنه الناس؛ لأنه قدم حق الله جل وعلا؛ فهو سبحانه وتعالى يعامله بالخير ويرضي عنه الناس، ويكف شرهم عنه، كما في اللفظ الآخر: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤونة الناس، فليتمس رضا الله وليجتهد في طاعة الله وإن سخط الناس والله يكفيه مؤونتهم يسأله أن يكفيه شرهم، يسأله أن يعافيه من شرهم، وهو سبحانه الجواد الكريم جل وعلا، وليحذر أن يلتمس رضا الناس بسخط الله، يحذر المؤمن أن يرضي الناس بسخط الله، يرضي أباه بالمعصية يرضي أخاه بالمعصية يرضي الأمير بالمعصية لا يجوز، الواجب أن تبين له أن هذا لا يجوز لك، وأن تطلب من أبيك إذا طلب منك ما يسخط الله تقول له: لا يا والدي هذا ما يجوز، أبوك يقول لك: احلق لحيتك، تقول: يا أبي هذا ما يجوز، الرسول ﷺ نهانا عن هذا، يقول لك: اشرب الخمر، تقول له لا يا والدي إنما الطاعة في المعروف ما أطيعك في المعصية، وهكذا لا تطع أباك ولا غير أباك في المعصية.
وفق الله الجميع.