26- باب ما جاء في الكهان ونحوهم

 
روى مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ﷺ عن النبي ﷺ قال: من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما.
وعن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ رواه أبو داود.
وللأربعة والحاكم وقال: صحيح على شرطهما عن أبي هريرة: من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ.
ولأبي يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله موقوفا.
وعن عمران بن حصين مرفوعا: ليس منا من تطير أو تُطير له أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سُحر له؛ ومن أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد ﷺ رواه البزار بإسناد جيد. ورواه الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث ابن عباس دون قوله: ومن أتى عرافًا إلى آخره.
قال البغوي: العراف: الذي يدعي معرفة الأمور بمقدمات يستدل بها على المسروق ومكان الضالة، ونحو ذلك. وقيل: هو الكاهن. والكاهن: هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل. وقيل: الذي يخبر عما في الضمير.
وقال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: العرّاف: اسم الكاهن والمنجم والرمال ونحوهم، ممن يتكلم في معرفة الأمور بهذه الطرق.
وقال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم: "ما أرى من فعل ذلك له عند الله من خلاق".

الشيخ:
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فيقول المؤلف وهو أبو عبدالله الشيخ الإمام شيخ الإسلام في زمانه محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي التميمي الحنبلي رحمه الله الداعي إلى الله جل وعلا في هذه الجزيرة، والمجدد لما اندرس من معالم الإسلام في النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري في هذه الجزيرة رحمه الله يقول: باب ما جاء في الكهان ونحوهم.
تقدم أنه ألف كتاب التوحيد لبيان ما وقع فيه الناس من أنواع الشرك والكفر والبدع الكثيرة وأراد بذلك دعوتهم إلى الحق وبيان ما عليه سلف الأمة من توحيد الله والإخلاص له واتباع رسوله والحذر من البدع والمنكرات ووسائل الشرك.

يقول رحمه الله: باب ما جاء في الكهان ونحوهم، يعني من العرافين والمنجمين والرمالين ونحوهم ممن يتكلم في معرفة الأمور الغيبية.
روى مسلم في صحيحه يعني الإمام مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله أبو الحسين في كتابه الصحيح عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة هكذا رواه مسلم في الصحيح: من أتى عرافًا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة بدل يومًا.
وقوله: صدقه، كأن هذه من بعض النساخ غلط من بعض النساخ، والذي في رواية مسلم ليس فيها صدقه مجرد سؤال فقط، من أتى عرافًا فسأله عن شيء، أما إذا صدقه فالأمر أكبر كما يأتي.
لكن متى سأله كان في هذا السؤال في هذا الوعيد الشديد لم تقبل له صلاة أربعين ليلة، هذا وعيد شديد، وإن كان لا يؤمر بالقضاء لكنه متوعد بعدم قبولها، وعدم حصول الأجر له منها.
ذكر النووي رحمه الله وغيره اتفاق العلماء على أنه لا يقضي صلاته فصلاته صحيحة، لكن لا يحصل له فضلها.

وفي اللفظ الآخر: من أتى عرافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ هذا يفيد الحذر من إتيان الكهان والعرافين والمنجمين وسؤالهم، وتصديقهم وأن سؤالهم لا يجوز، وتصديقهم في دعوى علم الغيب كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله هو الذي يعلم الغيب يقول سبحانه: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65] فمن صدق الكهان والعرافين في ادعائهم علم الغيب فقد كذب الله وكفر بما نزل على محمد عليه الصلاة والسلام، فالواجب الحذر منهم والنهي عن إتيانهم وعن سؤالهم هذا هو الواجب على المسلمين، والواجب على ولاة الأمور معاقبتهم والقضاء عليهم إذا وجدوا.

وجاء من حديث عمران بن حصين: ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له يعني يجب أن يحذر ذلك فلا يفعله بنفسه ولا لغيره.
وهكذا أثر ابن مسعود مثل ما تقدم موقوفًا على ابن مسعود وله حكم الرفع، وهكذا رواية عمران بن حصين المعنى واحد كلها تدل على تحريم إتيان الكهان والعرافين والمنجمين وعلى تحريم سؤالهم وتصديقهم، وأن الواجب الحذر منهم لا لنفسك ولا لغيرك؛ لأنهم مجرمون يدعون ما ليس لهم ويضللون الناس ويسببون إدخال الشبه عليهم أو تصديقهم بعلم الغيب فيكفرون.
قال البغوي رحمه الله: "العرّاف الذي يدعي معرفة الأمور، بمقدمات يستدل على المسروق ومكان الضالة، يقال لها عراف. والبغوي هو صاحب التفسير وصاحب فقه السنة الحسين بن مسعود رحمه الله المتوفى سنة 516 .
والكاهن: هو الذي يدعي المغيبات، وقيل: يدعي معرفة ما في الضمير.
وقال أبو العباس ابن تيمية شيخ الإسلام: العرّاف اسم للجميع، اسم للكاهن والمنجم والرمال ونحوهم ممن يتكلم في هذه الأمور بهذه الطرق الشيطانية يسمى عرافًا ويسمى كاهنًا ويسمى منجمًا.
فالواجب الحذر منهم جميعهم وعدم تصديقهم سواء سمي عرافًا أو كاهنًا أو منجمًا أو رمالاً أو غير ذلك ما دام يتكلم في هذه الأمور الغيبية بطرق الخط أو طرق النظر في النجوم أو الحدس والخرص أو ما أشبه ذلك، كلهم يجب الحذر منهم ويجب الإنكار عليهم، ويجب على ولاة الأمور معاقبتهم حتى ينتهوا عن هذا الأمر المنكر، ومن صدقهم في دعوى علم الغيب فهو كافر مثلهم، من ادعى علم الغيب كفر، ومن صدقه كفر.
وقال ابن عباس في قوم يكتبون أبا جاد وينظرون في النجوم: ما أرى من فعل ذلك له عند من الله من خلاق، يعني يكتب الحروف: أ ب ت ث ويزعم أنه بهذا يعرف الغيب ويعرف ما يقع في العالم فهو من جنس العرافين والمنجمين إذا ادعى علم الغيب بذلك بكتبه الحروف إذا صار ج ح صار كذا، وإذا صار ج مع ت صار كذا، وإذا صارت الشين مع كذا صار كذا كل هذا تلبيس، كله خرافات وكله منكر، وإذا ادعى به علم الغيب كفر نسأل الله العافية.
وفق الله الجميع.

الأسئلة:

س: بعض المجلات فيها البروج يقولون: الذي يولد في شهر كذا يكون كذا وكذا؟
الجواب: كل هذا يجب أن ينكر عليهم، وإذا عرفتم من يكتب عنها نمنع دخولها المملكة.
س: ما تقبل له صلاة أربعين يومًا لو قرأ هذه البروج؟
الجواب: من أتى عرافًا فسأله عن شيء، الحديث فيمن أتى العرافين وسألهم.
س: تصديق الكهان يعتبر ردة؟
الجواب: إن كان على دعوى علم الغيب يكون ردة على الإسلام، أما في حادثة من الحوادث وقعت له يقول مثل ما قالوا لا، لكن كونه يصدقهم في دعوى علم الغيب يكون ردة.
س: إذا كان من أتى العراف أو الكاهن جاهلاً تشمله هذه النصوص؟
الجواب: يعلم ويؤدب إذا عاد يؤدبه ولي الأمر أو من له السلطة.