باب من الشرك النذر لغير الله
وقول الله تعالى: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ [الإنسان:7] وقوله: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ [البقرة:270].وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه؛ ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه
أما بعد:
فهذا الباب في النذر، لما كان الناس يعتادون النذور، ومنهم من يفعلها لأصحاب القبور، ولغيرهم من الجن والملائكة أو الأنبياء أراد المؤلف أن يبين الحكم، وأن النذور لا تكون إلا لله، لأن النذر قربات وطاعات فيكون لله، ولهذا قال رحمه الله: باب من الشرك النذر لغير الله، يعني باب من الشرك الأكبر النذر لغير الله، هذه أمور تقع بين العامة يقول: نذر للسيد البدوي أو للنبي أو للجني فلاني إن حصل كذا أن أفعل كذا وأن أذبح كذا، فهذا من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا مادحًا لمن يوفون بالنذور: يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [الإنسان:7]، وقال تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ [البقرة:270]، يعني فيجازيكم عليه فجعل النذر مثل النفقة، كما أن التقرب بالمال والصدقات لأصحاب القبور أو للأوثان أو للجن أو لغير ذلك من الشرك فهكذا النذر. وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ [البقرة:270] يعني فيجازيكم عليه.
وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي ﷺ أنه قال: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه وفي الحديث الآخر يقول ﷺ: لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئًا، وإنما يُستخرج به من البخيل فالنذر مكروه نذر الأموال والأشياء التي يتقرب بها من الذبائح غير مشروع يتقرب بدون نذر، ولهذا قال: لا تنذروا، فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئًا.
كثير من الناس إذا مرض أو أصابته مصيبة قال: نذر لله إن جرى كذا وإن جرى كذا، هذا ما ينبغي مكروه أقل أحواله الكراهة، لكن متى نذر وجب عليه الوفاء، في النذر للطاعة وجب الوفاء، والله مدح الموفين بالنذور، فإذا قال لله عليّ أن أذبح كذا من الإبل أو من البقر أو من الغنم أو أن أتصدق بكذا أو أن أصلي كذا وجب عليه؛ لقوله ﷺ: من نذر أن يطيع الله فليطعه أو علقه قال: إن شفا الله مريضي فلله عليّ أن أذبح بقرة أو بدنه أو أن أتصدق بكذا، أو إن سلمت من السفر الفلاني فلله عليّ كذا، يجب عليه الوفاء، لقوله عليه الصلاة والسلام: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه فلو قال: لله عليّ أن أشرب الخمر أو أعق والدي هذا نذر معصية لا يجوز الوفاء به، وعليه كفارة يمين عن ذلك مع التوبة، أما النذر المباح فهو مخير، مثل نذرت لله أن أبيت في المحل الفلاني أو آكل طعام فلاني، هذا إن شاء أوفى وإن شاء كفر عن يمينه، أو مكروه مثل: لله عليه أن لا يصلي الضحى أو لا يصلي سنة كذا فهذا نذر مكروه يكفر ويصلي الضحى، وإن أوفى به ولم يصل فلا حرج؛ لأنها نافلة.
فالمقصود: أن النذر خمسة أقسام:
نذر طاعة واجبة.
ونذر طاعة مستحبة هذا يجب الوفاء به.
الثالث: نذر معصية لا يجب الوفاء ولا يجوز الوفاء به وعليه كفارة يمين.
الرابع: نذر مكروه يكره الوفاء به، وإن وفى به عليه كفارة يمين. ويستحب له أن لا يفعل المكروه ويكفر عنه كفارة يمين، وإن وفى به وفعل المكروه فلا شيء عليه.
الخامس: المباح مستوي الطرفين، نذر أن يأكل هذا التمر أو يأكل هذا اللحم إن شاء الله أكلها وإن شاء تركها، إن أكلها فلا بأس، وإن لم يأكلها فعليه كفارة يمين.
وفق الله الجميع.
الأسئلة:
س: في النذر المباح هل يوصى بأن يقول إن شاء الله؟
الجواب: لا ينذر بالمرة، مكروه النذر، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: لا تنذروا فإذا قال إن شاء الله لم يتم النذر، يقول النبي ﷺ: من حلف فقال في يمينه: إن شاء الله فلا حنث عليه.