باب ما جاء في الذبح لغير الله
الشيخ: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
يقول رحمه الله باب ما جاء في الذبح لغير الله، تقدم أن هذا الكتاب كتاب التوحيد أراد المؤلف أن يبين فيه كل ما يتعلق بالتوحيد وضده وهو الشرك أو يتعلق بما ينقص من ثوابه من المعاصي والبدع.
يقول رحمه الله: باب ما جاء في الذبح لغير الله يعني من الوعيد، والدلائل على أنه شرك أكبر، فالذبح لغير الله عبادة لغير الله قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162، 163] وقال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] فالعبادة كلها لله وحده، ومن جملتها الذبح كالصلاة كما أن الصلاة لله فالذبح لله ليس لأحد أن يتقرب بذبح ناقة أو بقرة أو شاة أو دجاجة أو عصفور أو ذباب لغير الله؛ لأن المقصود هو التقرب، فإذا تقرب بشيء لغير الله يرجو إحسانه بأن يعتقد أنه ينفعه من الأموات والأشجار والأحجار والأصنام والجن ونحو ذلك كان هذا هو الشرك قال الله جل وعلا: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] والدعاء يشمل دعاء العبادة كالذبح والصلاة ودعاء المسألة انصرني وعافني ونحو ذلك، قال جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5] وقال تعالى: قُلْ يا محمد للناس إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي يعني ذبحي وجميع الأنساك لله رب العالمين لا شريك له، وقال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] فقرن النحر مع الصلاة؛ لأن هذه عبادة مالية والصلاة عبادة بدنية، فكما يجب أن تصرف الصلاة لله وأن لا يصلى إلا لله فيجب أيضاً أن لا ينحر إلا لله.
وكان المشركون يذبحون لأصنامهم ويتقربون إليها بالذبائح فحذر الله من ذلك ومنع من جميع أنواع الشرك، كما قال جل وعلا: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ [المائدة:72]، وقال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] وقال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
وفي الحديث الصحيح يقول ﷺ: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثًا، لعن الله من غير منار الأرض رواه مسلم في الصحيح من حديث علي رضي الله عنه، والشاهد فيه قوله: لعن الله من ذبح لغير الله فدل على أن الذبح لغير الله من أعظم الكبائر وأن صاحبه ملعون لأنه شرك أكبر فالذي يتقربون للبدوي أو الشيخ عبدالقادر الجيلاني أو إلى الرسول أو إلى زيد أو عمرو من الأموات أو للجن أو للأصنام هذا من الشرك الأكبر.
أما الذبيحة للضيف للأكل ما هي من هذا الباب كونه يذبح للضيف يكرم الضيف، يذبح لحاجة أهله يذبح للتوزيع بين الفقراء هذا قربة وطاعة وليس به بأس، فالمقصود الذبح ليتقرب لملك أو جني أو صنم أو ميت أو غير هذا.
فالرسول ﷺ قال: لعن الله من ذبح لغير الله فدل على أن الذبح لغير الله من الكبائر الشركية، لعن الله من لعن والديه لعن الوالدين من أعظم الكبائر؛ لأن حقهما عظيم وبرهما من أهم الواجبات فلعنهما من أعظم الكبائر نعوذ بالله، سواء بلفظ اللعن أو بالسب سبهما وشتمها وظلمهما كله من أعظم الكبائر.
الثالث: لعن الله من آوى محدثًا المحدث الذي يأتي حدثًا في الإسلام فيؤويه إنسان حتى لا يقام عليه الحد، أو لا يعاقب بالعقوبة المستحقة، فهذا ملعون من النبي ﷺ، أخبر أن الله لعنه.
فالذي يؤوي المحدثين يستحق هذه اللعنة، يعني يمنع أن يقام فيهم حد الله من زنا وسرقة أو لواط أو غير هذا يمنع أن تقام عليهم الحدود ويحول بين ولاة الأمور وبينهم.
وروي مُحدَثًا يعني البدعة وإيواء البدعة كذلك أخطر وأشر، فالمحدث الذي أحدث المعاصي والبدع، فالذي يؤويه حتى لا يقام عليه أمر الله وحد الله داخل في اللعنة، وهكذا من أوجد البدع وحماها يدخل في اللعنة نسأل الله العافية.
لعن الله من غير منار الأرض يعني مراسيم الأرض، فالذي يغيرها بزيادة أو نقص ملعون بهذا الحديث؛ لأنه يسبب ظلمًا على الناس وشرًا بين الناس فإذا قدم العلم أو أخره فقد ظلم.
والحديث الثاني: حديث طارق بن شهاب وهو صحابي صغير يقول عن النبي ﷺ: دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب تعجب الصحابة كيف هذا يا رسول الله؟! قال: مر رجلان على قوم لهم صنم، والصنم ما نحت على صورة وعبد من دون الله، فهم مروا على الصنم وكان هذا الصنم عنده سدنة لا يجوز أحد حتى يقرب له شيء، فلما مر الرجلان، قالوا لأحدهما: قرب، قال: ليس عندي شيء أقربه، قالوا: قرب ولو ذبابًا، المهم الموافقة على التقريب لهذا الصنم، فخلوا سبيله فدخل النار؛ لأنه ذبح لغير الله، الثاني موحد قالوا له: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيء سوى الله، يعني لا ذباب ولا غيره، فضربوا عنقه فدخل الجنة، دخوله الجنة ظاهر لأنه أخلص لله وصبر على القتل فكان شهيدًا، وله عند الله الأجر العظيم، أما الأول فقرب فصار من جملة المشركين فاستحق النار.
وهذا يحتمل أن يكون لأنه لم يتوقف فلا يسمى مكرهًا؛ لأنه قال ما عندي ثم بادر ولا امتنع ولا انتظر حتى يلزموه فبادر فكان هذا ليس بمكره لأنه بادر بالإجابة من دون إكراه. ويحتمل أنه دخل النار لأنه كان في شرع الماضين شرع التوراة والإنجيل أنه لا يعذر بالإكراه، أما في شريعة محمد ﷺ فهو معذور بالإكراه كما قال جل وعلا: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ [النحل:106] فهذه قصة الذباب إما أن تكون في حق من قرب ذبابًا وخلوا سبيله أنه ما انتظر حتى يلزموه بل تساهل وأجاب بسرعة، فلا يتعارض مع آية الإكراه، والمعنى الثاني أن هذا العمل في شريعة الماضين غير معذور، المكره غير معذور، ويكون من الآصار التي عليهم والأغلال، أما في شريعتنا فقد وضع الله عنا الآصار والأغلال فصار الإكراه في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم عذرًا، فقد يكره بالضرب أو بالسجن أو بالوعيد بالقتل ممن يظن أنه يفعل يكون هذا عذرًا شرعيًّا.
وقول الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 162، 163] وقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: 2].
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "حدثني رسول الله ﷺ بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله. لعن الله من لعن والديه. لعن الله من آوى محدثا ; لعن الله من غير منار الأرض رواه مسلم.
وعن طارق بن شهاب: أن رسول الله ﷺ قال: دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب. قال ليس عندي شيء أقرب. قالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا، فخلوا سبيله. فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب. فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل، فضربوا عنقه؛ فدخل الجنة رواه أحمد.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "حدثني رسول الله ﷺ بأربع كلمات: لعن الله من ذبح لغير الله. لعن الله من لعن والديه. لعن الله من آوى محدثا ; لعن الله من غير منار الأرض رواه مسلم.
وعن طارق بن شهاب: أن رسول الله ﷺ قال: دخل الجنة رجل في ذباب، ودخل النار رجل في ذباب. قالوا: وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال: مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجوزه أحد حتى يقرب له شيئا، فقالوا لأحدهما: قرب. قال ليس عندي شيء أقرب. قالوا له: قرب ولو ذبابا. فقرب ذبابا، فخلوا سبيله. فدخل النار. وقالوا للآخر: قرب. فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل، فضربوا عنقه؛ فدخل الجنة رواه أحمد.
الشيخ: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
يقول رحمه الله باب ما جاء في الذبح لغير الله، تقدم أن هذا الكتاب كتاب التوحيد أراد المؤلف أن يبين فيه كل ما يتعلق بالتوحيد وضده وهو الشرك أو يتعلق بما ينقص من ثوابه من المعاصي والبدع.
يقول رحمه الله: باب ما جاء في الذبح لغير الله يعني من الوعيد، والدلائل على أنه شرك أكبر، فالذبح لغير الله عبادة لغير الله قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162، 163] وقال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] فالعبادة كلها لله وحده، ومن جملتها الذبح كالصلاة كما أن الصلاة لله فالذبح لله ليس لأحد أن يتقرب بذبح ناقة أو بقرة أو شاة أو دجاجة أو عصفور أو ذباب لغير الله؛ لأن المقصود هو التقرب، فإذا تقرب بشيء لغير الله يرجو إحسانه بأن يعتقد أنه ينفعه من الأموات والأشجار والأحجار والأصنام والجن ونحو ذلك كان هذا هو الشرك قال الله جل وعلا: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] والدعاء يشمل دعاء العبادة كالذبح والصلاة ودعاء المسألة انصرني وعافني ونحو ذلك، قال جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة:5] وقال تعالى: قُلْ يا محمد للناس إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي يعني ذبحي وجميع الأنساك لله رب العالمين لا شريك له، وقال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] فقرن النحر مع الصلاة؛ لأن هذه عبادة مالية والصلاة عبادة بدنية، فكما يجب أن تصرف الصلاة لله وأن لا يصلى إلا لله فيجب أيضاً أن لا ينحر إلا لله.
وكان المشركون يذبحون لأصنامهم ويتقربون إليها بالذبائح فحذر الله من ذلك ومنع من جميع أنواع الشرك، كما قال جل وعلا: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ [المائدة:72]، وقال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] وقال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88] وقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
وفي الحديث الصحيح يقول ﷺ: لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من لعن والديه، لعن الله من آوى محدثًا، لعن الله من غير منار الأرض رواه مسلم في الصحيح من حديث علي رضي الله عنه، والشاهد فيه قوله: لعن الله من ذبح لغير الله فدل على أن الذبح لغير الله من أعظم الكبائر وأن صاحبه ملعون لأنه شرك أكبر فالذي يتقربون للبدوي أو الشيخ عبدالقادر الجيلاني أو إلى الرسول أو إلى زيد أو عمرو من الأموات أو للجن أو للأصنام هذا من الشرك الأكبر.
أما الذبيحة للضيف للأكل ما هي من هذا الباب كونه يذبح للضيف يكرم الضيف، يذبح لحاجة أهله يذبح للتوزيع بين الفقراء هذا قربة وطاعة وليس به بأس، فالمقصود الذبح ليتقرب لملك أو جني أو صنم أو ميت أو غير هذا.
فالرسول ﷺ قال: لعن الله من ذبح لغير الله فدل على أن الذبح لغير الله من الكبائر الشركية، لعن الله من لعن والديه لعن الوالدين من أعظم الكبائر؛ لأن حقهما عظيم وبرهما من أهم الواجبات فلعنهما من أعظم الكبائر نعوذ بالله، سواء بلفظ اللعن أو بالسب سبهما وشتمها وظلمهما كله من أعظم الكبائر.
الثالث: لعن الله من آوى محدثًا المحدث الذي يأتي حدثًا في الإسلام فيؤويه إنسان حتى لا يقام عليه الحد، أو لا يعاقب بالعقوبة المستحقة، فهذا ملعون من النبي ﷺ، أخبر أن الله لعنه.
فالذي يؤوي المحدثين يستحق هذه اللعنة، يعني يمنع أن يقام فيهم حد الله من زنا وسرقة أو لواط أو غير هذا يمنع أن تقام عليهم الحدود ويحول بين ولاة الأمور وبينهم.
وروي مُحدَثًا يعني البدعة وإيواء البدعة كذلك أخطر وأشر، فالمحدث الذي أحدث المعاصي والبدع، فالذي يؤويه حتى لا يقام عليه أمر الله وحد الله داخل في اللعنة، وهكذا من أوجد البدع وحماها يدخل في اللعنة نسأل الله العافية.
لعن الله من غير منار الأرض يعني مراسيم الأرض، فالذي يغيرها بزيادة أو نقص ملعون بهذا الحديث؛ لأنه يسبب ظلمًا على الناس وشرًا بين الناس فإذا قدم العلم أو أخره فقد ظلم.
والحديث الثاني: حديث طارق بن شهاب وهو صحابي صغير يقول عن النبي ﷺ: دخل الجنة رجل في ذباب ودخل النار رجل في ذباب تعجب الصحابة كيف هذا يا رسول الله؟! قال: مر رجلان على قوم لهم صنم، والصنم ما نحت على صورة وعبد من دون الله، فهم مروا على الصنم وكان هذا الصنم عنده سدنة لا يجوز أحد حتى يقرب له شيء، فلما مر الرجلان، قالوا لأحدهما: قرب، قال: ليس عندي شيء أقربه، قالوا: قرب ولو ذبابًا، المهم الموافقة على التقريب لهذا الصنم، فخلوا سبيله فدخل النار؛ لأنه ذبح لغير الله، الثاني موحد قالوا له: قرب، قال: ما كنت لأقرب لأحد شيء سوى الله، يعني لا ذباب ولا غيره، فضربوا عنقه فدخل الجنة، دخوله الجنة ظاهر لأنه أخلص لله وصبر على القتل فكان شهيدًا، وله عند الله الأجر العظيم، أما الأول فقرب فصار من جملة المشركين فاستحق النار.
وهذا يحتمل أن يكون لأنه لم يتوقف فلا يسمى مكرهًا؛ لأنه قال ما عندي ثم بادر ولا امتنع ولا انتظر حتى يلزموه فبادر فكان هذا ليس بمكره لأنه بادر بالإجابة من دون إكراه. ويحتمل أنه دخل النار لأنه كان في شرع الماضين شرع التوراة والإنجيل أنه لا يعذر بالإكراه، أما في شريعة محمد ﷺ فهو معذور بالإكراه كما قال جل وعلا: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ [النحل:106] فهذه قصة الذباب إما أن تكون في حق من قرب ذبابًا وخلوا سبيله أنه ما انتظر حتى يلزموه بل تساهل وأجاب بسرعة، فلا يتعارض مع آية الإكراه، والمعنى الثاني أن هذا العمل في شريعة الماضين غير معذور، المكره غير معذور، ويكون من الآصار التي عليهم والأغلال، أما في شريعتنا فقد وضع الله عنا الآصار والأغلال فصار الإكراه في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم عذرًا، فقد يكره بالضرب أو بالسجن أو بالوعيد بالقتل ممن يظن أنه يفعل يكون هذا عذرًا شرعيًّا.