بينها ربك في آيات كثيرات ومواضع كثيرة منها هذه الآيات قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2]، هذه من صفاتهم خشوعهم في الصلاة، بدأ بالصلاة؛ لأنها أعظم عمل، وأكبر عمل بعد التوحيد، أعظم عمل وأهم عمل بعد الشهادتين هذه الصلوات الخمس، ولهذا بدأ به سبحانه في هذه الآيات قبل كل شيء، فليس بعد الشهادتين عمل أعظم من الصلاة، ولهذا جاءت السنة دالة على أن تركها كفر أكبر، وإن لم يجحد وجوبها، أما من جحد وجوبها فإنه كافر بإجماع المسلمين ولو فعلها، لكن من تكاسل عنها وتهاون بها وإن لم يجحد وجوبها فهو كافر في أصح قولي العلماء كفرًا أكبر؛ لأن السنة جاءت بذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر، هذا العهد الذي بين الرسول ﷺ وبين الناس أن يستقيموا على الصلاة مع بقية الدين، وأن من ضيعها كفر، نسأل الله العافية، رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن بريدة .
وخرج مسلم في صحيحه عن جابر عن النبي ﷺ أنه قال: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة تدل على أن تركها كفر أكبر، وإن لم يجحد وجوبها، فكيف بحال من جحد الوجوب فإنه كافر بالإجماع، نسأل الله العافية، ولا تنفعه بعد ذلك أعماله الأخرى، وإن صام وزكى وإن جاهد وإن وإن من ضيع الصلاة ضاع وهلك، ولهذا روى مالك في الموطأ عن نافع مولى ابن عمر أن عمر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كان يكتب إلى أمرائه على المدن والقرى ويقول لهم: "إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها فقد حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع" هذا يدل على السياسة العظيمة الشرعية له ، وأنه يعنى بأمر الناس عناية كاملة بدينهم رضي الله عنه ودنياهم.