ومما نزل في هذا المعنى الآيات الأولى من سورة المؤمنون، فإنها نزلت في بيان صفات أهل الإيمان الوراث الفردوس الأعلى، فينبغي لك يا عبد الله أن تعتني بها وتعقلها، يقول الله في كتابه العظيم:
بسم الله الرحمن الرحيم
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:1-11].
هذه صفاتهم، وهذا جزاؤهم عند ربهم سبحانه وتعالى، فهنيئًا لك أيها المؤمن الموفق القائم بهذه الصفات، هنيئا لك إذا فعلت ذلك صادقًا مخلصًا، هنيئا لك بحسن الثواب وحسن العاقبة، وقد ذكر الله هذه الصفات مجموعة ومفرقة في مواضع كثيرة من كتابه جل وعلا، فالمؤمن حين يقرأ كتاب الله ويتنقل في سوره وآياته يجد أنواعًا كثيرة من الصفات، صفات أهل الإيمان، وأخلاقهم العظيمة، وأعمالهم الجليلة، حتى يعمل بها، يتقلب ويتنقل بين هذه الروضات العظيمة والخيرات الكثيرة.
كما أنه في أثناء ذلك أيضًا يجد صفات الهالكين من الأمم، وصفات الأشقياء، صفات الكفرة والمنافقين الذين عصوا الرسل، وحلت بهم النقمات والعقوبات، يجدها موضحة في كتاب الله حتى يحذرها، ويبتعد عنها.