فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة من صاحبي الفضيلة: الشيخ محمد الراوي، والشيخ محمد لطف الصباغ فيما يتعلق بموضوع الاختلاط، وهو موضوع خطير، سمعتم ما فيه من الشر والبلاء، ولقد أجاد الشيخان فيما بينا وأوضحا، جزاهما الله خيرًا، وضاعف مثوبتاهما، وزادنا وإياكم وإياهما علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وبما علمنا.
كلكم يعلم ما في الاختلاط من الشر الكثير، العامي وغير العامي، طالب العلم والشيخ الكبير والشباب والرجال والنساء كل يعلم ما في هذا من البلاء، ليس أمرًا خافيًا، ولا خاصًا بأحد دون أحد، هذا أمر معلوم ما فيه من الشر الكثير والفساد العظيم، ولكن نسأل الله أن يوفق ولاة الأمور وجميع المسلمين لمحاربة هذا الشر، والنشاط في الحذر منه، والسلامة من مكائده وشره، وإلا فلا شك أن النساء فتنة، يقول ﷺ: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء متفق على صحته، والرب جل وعلا يقول لأزواج النبي ﷺ وهن خير النساء: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33]، والتبرج بين أهل العلم ما هو؟ إنه إظهار المرأة لمحاسنها ومفاتنها، فإذا كان أزواج النبي ﷺ نهين عن ذلك وهن التقيات الخيرات فكيف بحال غيرهن من النساء؟ ويقول لهن جل وعلا: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32].
فإذا خضعت المرأة بالقول ولينت القول طمع أصحاب المرض مرض الشهوة والميل إلى النساء، فإذا كان هكذا مع نساء النبي ﷺ فكيف بغيرهن؟ المقصود أن الأمر عظيم، وخطير من سائر الوجوه، ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب:59]، فأمر بإدناء الجلباب على رأس المرأة وبدنها فوق الثياب؛ لأن ذلك أبعد لها عن الفتنة، وأبعد للرجال عن الفتنة، ثم نهيه النساء عن إبداء الزينة، ومعلوم أن المرأة إذا كانت عند الرجل سكرتيرة أو عاملة عنده وبين يديها وأمامها وعن يمينها وعن شمالها الرجال لا تأتي إلا وهي متحسنة متجملة متزينة قد جعلت كل ما يغري الرجل بها فكيف بعد ذلك ترجى السلامة؟ ويظن السلامة؟ فالأمر لا شك في غاية من الخطورة.