ثم ما يتعلق بتحكيم الشريعة من جهة حكم من تركها وقد سمعتم في كلام المشايخ وأن من حكم القوانين وآراء الرجال وصرف حكم الله فله أربع حالات لا يخرج عنها: في ثلاثة حالات يكفر، وفي الحالة الرابعة يكون صاحب جريمة وكبيرة عظيمة يستحق عليها العقاب الشديد، ولكنه لا يكفر.
فالأحوال الثلاث التي يكفر فيها:
إحداها إذا حكم بغير شريعة الله وهو يرى أن القوانين أفضل من شريعة الله فهذا كافر كفر أكبر -نعوذ بالله-، يقتل كافرًا، يجب على ولاة الأمور أن يجاهدوه، وأن يقتل كافرًا، نسأل الله العافية.
الحال الثاني: أن يقول: لا القوانين ما هي أفضل لكنها مثل الشريعة، إن نفذ الحدود إن نفذ الشريعة فلا بأس، وإن نفذ القوانين فلا بأس، كله جائز، هذا وهذا كله سواء، هذا كافر أيضًا -نعوذ بالله- ومرتد عن الإسلام -نسأل الله العافية-؛ لأنه استحل ما حرمه الله، وكذب شرع الله.
الحال الثالثة: أن يقول: الشريعة أفضل الشريعة أفضل لا تساوي لكن يجوز الحكم بغير ما أنزل الله، يجوز ولكن شرع الله أفضل وأولى، ولكن لا مانع من تحكيم القوانين، ولا بأس من أن يحكم القاضي بغير الشريعة بهواه ورأيه الذي يخالف الشرع المطهر ويستحل ذلك، فهذا أيضًا كفر أكبر وردة عن الإسلام -نعوذ بالله-، ولو قال: إن الشريعة أفضل ولو قال: إنها مقدمة ما دام يرى أنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله وأنه لا حرج في ذلك فهذا كافر -نعوذ بالله-؛ لأن الله أوجب علينا حكم الشريعة، فمن قال: يجوز خلاف حكم الله، فهو قد كذب الله واستحل ما حرمه الله، ويكون كافرًا.
الحال الرابعة: هي التي لا يكفر فيها كما قال ابن عباس وغيره من الأئمة وهي التي يقول فيها: إن الحكم بغير ما أنزل الله أمر منكر، وأنه جريمة، ولكن يقع في ذلك إما لهوى وإما لرشوة وإما لكونه حكم على عدو له أو ما أشبه ذلك، وهو يعلم أنه مخطئ، ويعلم أنه عاص، وأن القوانين باطلة، أراءه باطلة، وأن الحكم بالهوى أو بالرشوة باطل، ولكنه يحمله الهوى ويحمله مقاصد وأغراض خبيثة على أن يستحل خلاف الشريعة، ويحكم بخلاف الشريعة، ويلغي الحكم الشرعي لهوى في نفسه، أو لرشوة أعطي إياها، أو لأشياء أخرى من الأغراض التي يستحل بها الحكم بالباطل، ويعلم أن حكم غير الله باطل وأنه عاص وأن الواجب تحكيم الشريعة فهذا هو الذي قال أهل العلم عنه: إنه أتى جريمة، وأنه عاص لله، وأتى منكرًا عظيمًا، وأنه أتى كفرًا دون كفر، وظلمًا دون ظلم، وفسقًا دون فسق.
وبهذا تعلم أن الحكم بغير الشريعة منكر مطلقًا، وظلم مطلقًا، وكفر مطلقًا، وفسق مطلقًا لكنه في حال الأقسام الثلاثة كفر أكبر، وظلم أكبر، وفسق أكبر، وردة عن الإسلام -نعوذ بالله-، وفي حال القسم الرابع كبيرة من كبائر الذنوب، وظلم أصغر، وكفر أصغر، وفسق أصغر، لا يرتقي إلى الردة عن الإسلام، نعوذ بالله؛ لأنه لم يستحل ذلك، ولم يرض بذلك، ويعلم أنه عاص، وأنه مخطئ، وأن حكم الله هو الواجب الاتباع، وهو الواجب التنفيذ.
نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.