والوازع الإيماني هو الوحيد في القضاء على الجرائم، وفي إظهار الفضائل، ونصر الفضائل، فإذا استقام العبد على دين الله وعرف واجبه وعرف ما حرم الله عليه صار لديه وازع من قلبه، وازع من دينه، وازع من إيمانه، يمنعه من الجرائم كلها، ولو كانت بين يديه لم يأخذ منها شيئًا، يمنعه محبته لله، وخوفه من الله، وعلمه باطلاع الله عليه، وإيمانه بأنه مسؤول، يمنعه من الجرائم، يمنعه من الظلم، يمنعه من الزنا، يمنعه من سائر المعاصي، يحمل في ذلك على توحيد الله والإخلاص لله ....... وأداء الواجب، فإذا ذهب ذلك الوازع من القلوب صاروا سباعًا، يأكل بعضهم بعضًا، وهذا هو الواقع، فإن أسوأ الخلق ليس عنده وازع من دين، وليس عنده وازع من إيمان، ولكن قد يردعه الله ببعض الناس، كما قال جل وعلا: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ [البقرة:251]، فجعل الناس هذا عنده قوة، وهذا عنده قوة، وهذا عنده كذا، فيدفع الله بعضهم ببعض رحمة لعباده حتى تمضي هذه الدنيا في سبيلها، وحتى تبلغ أمدها الذي جعل الله لها، فإذا انتهى الأمد قامت القيامة وجعل قوة يصرع بعضها بعضًا ويدفع بعضها بعضًا حتى يتم أمر الله في عباده.
فمن أراد القوة الحقيقية والسعادة الأبدية وإن تجمع عليه الناس فليلزم شرع الله، وليستقم على دين الله، فإن مات مات سعيدًا، وإن عاش عاش حميدًا، إن مات مات على خير وهدى وإلى الجنة والسعادة، وإن قتل قتل شهيدًا كما قال سبحانه: قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ [التوبة:52]، إما النصر وإما الشهادة في سبيل الله، وكلاهما محبب للنفوس وعاقبتهما حميدة.
أما من ضيع أمر الله وركب محارم الله واستهان بحق الله فذلك له الخسارة التامة، إن عاش عاش شقيًا، وإن مات فإلى النار، هذه حال هؤلاء الذين والوا الشيطان، وعصوا الرحمن، واتبعوا أهواءهم، ولم يحكموا شرع الله بينهم.