الرسول ﷺ إنما أوحى الله إليه أن يحذر من البدع لعلم الله بأنها تقع، وأن الناس يبتدعون، والله يعلم كل شيء ، فلهذا أوحى إلى نبيه ﷺ أن يحذر الناس، فقال عليه الصلاة والسلام: من أحدث في أمرنا هذا يعني في ديننا ما ليس منه فهو رد، فهو مردود عليه، وهذا حديث صحيح في الصحيحين، وكان يقول في الجمعة في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة خرجه مسلم في الصحيح، وخرجه النسائي وزاد: وكل ضلالة في النار، وقال في حديث العرباض بن سارية: إياكم ومحدثات الأمور، قال: من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة هذا هو وجه التحذير من البدع أن الرسول حذر منها وأنذر منها؛ لأنها في الحقيقة تعتبر زيادة في الدين، تتضمن أن هذا الدين ناقص وأن هؤلاء أرادوا أن يكملوه، فهي زيادة، والدين قد أكمله الله وأتمه، والزيادة هنا تعتبر نقصًا وضررًا وشرًا، فالدين ليس بحاجة إلى زيادة أحد، بل قد أكمله الله لعباده، وأتمه على لسان نبيه محمد عليه الصلاة والسلام، حيث قال سبحانه في يوم الجمعة والنبي ﷺ واقف بعرفة في حجة الوداع في آخر حياته أنزل الله عليه: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا [المائدة:3]، هكذا قال ربنا لنبيه ﷺ وللمسلمين: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ [المائدة:3]، فالذي يأتي بعد هذا بتشريعات من عند نفسه هذا زائد، وهذه هي البدع، العبادات التي يأتي بها الناس والتشريعات التي يتقربون بها إلى الله هذه هي البدع المنكرة التي نهى عن الرسول ﷺ وحذر منها.
أما كون الناس يأتون بصناعات جديدة طائرات مراكب في البحر كثيرة قنابل صواريخ يعدونها لأعدائهم هذا ليس من البدع، هذه أمور دنيوية تتعلق بالإعداد للأعداء وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، فأمور الدنيا في مآكلها ومشاربها وملابسها ومراكبها ومصانعها ما لها تعلق بالبدع التي تتعلق بالدين تتعلق بالعبادات والقربات من صلوات وغيرها هذه هي البدع، كما يحدثه الناس يتقربون به إلى الله جل وعلا من احتفالات أو غيرها، هذه هي البدع، ومن هذا ما أحدثه الناس من البناء على القبور، واتخاذ المساجد عليها، واتخاذ القباب على القبور، هذه من البدع أيضًا، ومن وسائل الشرك.