الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها صاحب الفضيلة: الشيخ صالح الفوزان، والشيخ صالح بن ...... في موضوع البدع وشرها وخطرها على الإسلام والمسلمين، وما ينتج منها من شرور ومضار وعواقب وخيمة، وعلى بدعة الاحتفال بالمولد النبوي وبالموالد الأخرى بوجه أخص من شرور أخرى وشركيات ومفاسد لا تحصى، فالبدع كلها كما ذكر الشيخان شرها عظيم، وعواقبها وخيمة، ولكن إذا كانت تتعلق بالأنبياء والصلحاء صار شرها أكثر، والفتنة بها أكبر، لما ينتج عنها من أنواع الكفر والضلال والغلو الذي يوقع أهله في أعمال المشركين وجاهلية المشركين، نسأل الله العافية، ولقد أجاد الشيخان وأفادا ووضحا الكثير من مضار البدع، والأدلة الواسعة الكثيرة على تحريمها، وأن الرسول ﷺ حذر منها، وبين أنها ليست من دين الإسلام، وبين أيضًا الكثير عن مفاسد الاحتفال بالموالد، وما يترتب عليها من الشرور والعواقب الوخيمة التي أقبحها وأشدها الشرك بالله عز وجل، فجزى الله الشيخين خيرًا، وضاعف مثوبتاهما، وزادنا وإياكم وإياهما علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا والمسلمين جميعًا بما سمعنا وعلمنا، ونسأله سبحانه أن يوفق المسلمين في كل مكان للبصيرة في دينه، والفقه في دينه، والاجتماع على الحق الذي بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام، وأن يرد ضالهم وغالطهم وجاهلهم إلى الصواب والحق، كما نسأله سبحانه أن يصلح عامة المسلمين في كل مكان، وأن يولي على المسلمين خيارهم، وأن يصلح قادتهم، وأن يوفق المسلمين جميعًا وحكامهم لتحكيم الشريعة والتحاكم إليها، وإيثارها على ما سواها، ومحاربة ما خالفها، إنه جل وعلا جواد كريم.
والندوة واضحة ولكن لا مانع من بعض الكلمات التي تؤيد ما ذكره الشيخان في موضوع البدع، فقد كتبت في هذا الموضوع كتابات كثيرة من سنوات كثيرة قديمًا وحديثًا نصحا لله ولعباده، وبيانًا لما يجب على طالب العلم من البلاغ والنصيحة لله ولعباده، ولاسيما ما يتعلق بأمور الشرك والبدع، فإنها أعظم من المعاصي، البدع وما يتعلق بوسائل الشرك أعظم من جنس المعاصي؛ لأن المعاصي تحت مشيئة الله، ولكن الشرك الأكبر يفضي إلى الخلود في النار، نعوذ بالله.
وهذه الموالد التي سمعتم عنها تفضي إلى الغلو، والنبي عليه السلام يقول: إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين، ويقول عليه الصلاة والسلام: لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا: عبدالله ورسوله عليه الصلاة والسلام.
ولما قال له بعض الناس: أنت سيدنا، قال: السيد الله تبارك وتعالى، قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان، كل هذا قاله سدًا للذريعة وإلا فهو سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام، هو أفضل خلق الله، وهو القائل: أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، فهو سيد ولد آدم ولا فخر، ولكن من باب سد الذرائع لما خاطبوه وواجهوه، قالوا: أنت سيدنا خاف عليهم، وقال: السيد الله تبارك وتعالى قولوا بقولكم أو بعض قولكم ولا يستهوينكم الشيطان، ثم قال في الرواية الأخرى: إنما أنا عبد فقولوا: عبدالله ورسوله، وقال في الرواية الأخرى: ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله .