مضار تأخير الزواج وعدم المبادرة به

أيها الإخوة في الله: إن الأمر الذي أشار إليه الشيخ مناع من جهة المضار الكثيرة في تأخير الزواج وعدم المبادرة به لا ينبغي أن تمر هكذا، بل ينبغي لكل منا أن يبذل وسعه في تذليل العقبات، وتسهيل أسباب النكاح، والتعاون مع أهل بيتك في تسهيل الزواج، فلا ينبغي للعاقل أن يخضع لكلمات النساء، ويأخذها مسلمة في التأخير، بل ينبغي أن يتعاون مع الأم ومع أخوات البنت ومع خالاتها وعماتها في إنجاز الزواج، والمبادرة في تسهيل أسبابه، وعدم التقيد بالتقاليد التي ليس لها أصل في الشرع، ولم يوجبها الشرع، ولو كان لها أصل، بل الشرع المطهر حث على التيسير والتسهيل، وبيان أن خير الصداق أيسره، وأن أبركهن أيسرهن مهورًا، وهو صلى الله عليه وسلم لم يزد في تزوجه لزوجاته على خمسمائة، خمسمائة درهم قليلة تقارب مائة درهم أو شيئًا قليلًا من هذه الدراهم الموجودة، وكذلك بناته في الأغلب كن يزدن على أربعمائة في مهورهن، وبادر في تزويج بنته فاطمة وبناته وهن شباب في غاية الشباب عليه الصلاة والسلام.

وهكذا كان السلف يبادرون ويسارعون في التزويج، ويرضون بالقليل، ولا يتشددون، وسمعتم شيئًا كثيرًا من المضار، منها ما تسمعون وتعلمون من وجود تسكع الشباب في الأسواق، وتعرضهم للنساء بأنواع من الشرور والمغازلات، والفتن والخطف، وغير ذلك كله بأسباب هذا التأخير، وعدم المبالاة بالمبادرة في الزواج، وسمعتم أيضًا وربما رأيتم أيضًا من أنفسكم ما قد يقع على البنات يتعنسن ويتأخر زواجهن من الأمراض المتنوعة التي يعجز الأطباء عن علاجها بأسباب هذا التأخر، وبأسباب ما يعتريهن من الكآبة والوسواس والتفكير الضار، وهكذا الشباب الذكور قد يصيبهم من ذلك أيضًا ما يصيبهم، وقد يبتلون بالعادة السرية كما سمعتم، وهي عادة ضارة خبيثة منكرة، وهي استخراج منيه بيده، فلا يزال يعتاد هذه العادة حتى يصيبه بهذا أمراض وشرور، وربما بطلت هذه العادة بعد ذلك وربما تعسر عليه الزواج ولم يحصل له القوة على النسل بسبب هذه المصيبة، فهي مصيبة كبيرة عظيمة، وهي محرمة ومنكرة عند جميع أهل العلم، قد قال الله جل وعلا: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ۝ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ۝ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7]، والعادة السرية من وراء ذلك ليست زوجة ولا سرية، بل عبث وضرر، فالواجب منع ذلك، والقضاء عليه والحذر، ثم التأخر في الزواج لأسباب تافهة إذا تعقلها العاقل وتفهما العاقل عرف أنه لا وجه لها، تارة أنها في حاجة إلى إكمال الدارسة، وتارة لأنه فقير، وتارة لأنه كذا، وتارة لأنه كذا، وتارة لأنها كذا، تارة لأنه ما قدم مهرًا مناسبًا، فأعذار لا وجه لها ولا قيمة لها، بل ينبغي للأب والأسرة أن يتساعدوا في هذا الشيء، والغني لا خير فيه إذا كان ليس ذا أخلاق كريمة، وليس ذا استقامة، والفقير الذي معروف بالاستقامة خير منه بمرات كثيرة، والغنى من عند الله ، وقد سمعتم قوله سبحانه: إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:32]، وفي الحديث الصحيح: ثلاثة حق على الله عونهم ذكر منهم النكاح يريد العفاف، فالله يعينهم جل وعلا ويسهل أمورهم، فالإنسان يأخذ بالأسباب، ويعينه الله جل وعلا، سمعتم ما ذكره صاحب المحاضرة الإنسان في حال الشباب وحال انفراده قد يضعف عن الأسباب ويرضى بالشيء القليل؛ لأنه ما عنده مسؤولية، لكن متى تزوج شعر بالمسؤولية، وضاعف من جهده، وأخذ بالأسباب، ويسر الله أمره، والرزق من عند الله .