فمن تقوى الله أن تعلم ولدك، وتعينه على طاعة الله، إذا كان عندك علوم تعينه على علومه، وتوجهه إلى الخير، وعلى الأقل إذا كان ما عندك قدرة على التعليم لأنك ليست بذي علم على الأقل حرصه وتؤكد عليه أن يعتني بدروسه، وأن يعتني بسماع الدروس من معلمه، وبصحبه الأخيار، وتتفقد أحواله، كما سمعتم في الندوة، وتجتهد في أن يرى منك الخير، من أعظم المهمات أن يرى الولد والديه .......، الأسوة أن يرى والديه في خير حال، يرى أمه تحافظ على الصلوات، يرى أباه يحافظ على الصلوات، يرى أباه لا يتكلم إلا بالخير، لا بالسب والشتم، يرى أمه كذلك بكلامها الطيب، يرى أباه لا يشرب الخمر، لا يدخن، لا يحلق لحيته، لا يسبل ثيابه، يتعلم من أبيه الأخلاق الطيبة، أما إذا رأى أباه يشرب الخمر ولا يصلي كيف تكون حاله؟ إذا كان أبوه هو أول من عصى ربه وهو يشاهده يعصي ربه فالولد إلا ما شاء الله يكون مثل أبيه، ويسلك مسلكه في الخمر والمعاصي والزنا والفواحش.
فعليك -يا عبد الله- أن تتقي الله، وألا يرى منك ولدك إلا صالح الأعمال، وطيب الأخلاق، وعلى المرأة أن تتقي الله، وألا يرى منها ابنها ولا بنتها إلا طيب الأخلاق، وأحسن السيرة، وعليك -يا عبد الله- أن تبلغ الأم ما سمعت من الخير والهدى والعلم، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول إذا حدث الناس يقول: فليبلغ الشاهد الغائب فأنتم كذلك، أكثر النساء لا يسمعن هذا، وقد يسمعن في الإذاعة وفي التلفاز بعض ذلك في نور على الدرب أو في غيره، لكن قد تسمعون ما لا يسمعن مثل هذه الندوات، فعليكم أن تبلغوا زوجاتكم، وأمهاتكم، وأخواتكم، وبناتكم، أن يقومن بالواجب، وأن يكن أمهات صالحات يرعين أولادهن بكل ما يستطعن من الخير من جهة بدنه وحاجته البدنية، ومن جهة أموره الدينية، وهي أهم وأعظم، وأخلاقه فلا تكون معرضة عن مصالحه العاجلة والآجلة، لا يكون همها خاصة نفسها بملابسها وأكلها وشربها ونحو ذلك، بل يجب أن تعنى بولدها العناية التامة، وأن تتقي الله في ذلك من جهة أداء حقه ...... في صغره، وفي طعامه، وبعد كبره، في تحريضه على الخير، وأمره بالخير، وأن يحرص على الذهاب إلى المدرسة في الوقت المناسب، وإذا جاء في البيت يتخلق بالأخلاق الفاضلة، لا يكن سبابًا ولا شتامًا ولا ضرابًا لإخوانه وأخواته، تعينه على طاعة الله، تعينه على الأخلاق الطيبة، وهكذا أبوه إذا حضر شيئًا ورأى شيئًا وتكلم وأدب ووجه وذكر، فيتعاونان جميعًا على إصلاح الأولاد، وعلى توجيههم بالكلام الطيب، والسيرة الحميدة، والأخلاق الفاضلة، وإذا احتيج إلى الضرب ضربا وأدبا، ضربًا ينفع ولا يضر، ضربًا يهذب الأخلاق ويقيم العوج، ولكن لا يضر، لا يكسر عظمًا، ولا يجرح، النبي عليه السلام قال: مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، فأمر بالضرب عند الحاجة، هذا من الأعمال الصالحة أن يتعاهد الأولاد بأمرهم بالصلاة إذا بلغوا سبعًا حتى يعتادوها، وإذا أكملوا العشر ضربوا إذا تأخروا، إن لم ينفع الكلام ضربوا، وهكذا إذا رأيت منهم ما لا ينبغي جاهدتهم في تركه، أي خلق ذميم، وأي كلام ذميم، كذا أوقات الصلاة تلاحظ خروجهم إلى الصلاة، وأن يكونوا معك في الصلاة حتى يعتادوا الخير، فإذا بلغوا فإذا هم قد اعتادوا الخير، وتمرنوا على طاعة الله ورسوله، وعلى أداء الصلاة في الجماعة، فلا يكسلوا بعد ذلك.
ثم التعاون مع الدولة، ومع الحسبة، ومع المدرسة مهم أيضًا، فالواجب ألا يقصر الوالد ولا الوالدة عن كل خير يستطيعه كل منهما وهذا بعد توفيق الله، بهذا يكون الجيل جيلًا صالحًا، وحتى مستقبله طيبًا، ويكون بذلك صلاح المجتمع وقيامه بما ينبغي، أما إذا أهمل هذا الشباب ولم يعتن به ولم يؤد الواجب في تربيته فإن الخطر كبير في المستقبل القريب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.